fbpx
دراساتالخليج

السياسة السعودية والقضايا الإقليمية: الجزء الرابع

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

 (1) تنويه:

تعرض هذه السلسلة، على حلقات، أجزاء من أطروحة علمية بعنوان: “السياسة الأميركية تجاه المملكة العربية السعودية: دراسة في تأثير البعد الديني، قُدمت للحصول على درجة دكتوراه الفلسفة في العلوم السياسية، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية، وتمت المناقشة بتاريخ 19 ديسمبر 2009، وكانت تحت إشراف، الأستاذة الدكتورة: نادية محمود مصطفي، وشارك في المناقشة الأستاذ الدكتور مصطفي علوي رئيس قسم العلوم السياسية الأسبق، والأستاذ الدكتور مصطفي الفقي، رئيس الجامعة البريطانية، وتمت إجازة الأطروحة بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولي والتوصية بالطبع والتبادل بين الجامعات العربية والأجنبية.

الجزء الرابع: السياسة السعودية تجاه قضايا العمل الخيري، (الصفحات 318-338):

يمثل العمل الخيري عنصرًا أساسيًا من عناصر المجتمع السعودي، فقد ترسخ لدى المواطنين أن العمل الخيري، هو نوع من العبادة بما يجعله واجب إسلامي يجب أن يلتزم به المسلم في حياته، وأن هناك أمورًا كثيرة يمكن من خلالها القيام بهذا العمل مثل الزكاة والصدقات والأوقاف، وغيرها، وكلها أمور لا يستطيع المواطن أن يتخلى عنها بحكم تأصل الوازع الديني داخله، فالعمل الخيري جزء من عقيدته وعبادته التي يتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالي.

وعلى المستوى الرسمي، يشكل العمل الخيري جزءًا من سياسة المملكة الخارجية، حيث تأتي في مقدمة الدول المانحة للمساعدات على المستوى الدولي، وتمثل هذه المساعدات أداة مهمة من أدوات تنفيذ تلك السياسات، وتمكنت المملكة بفضل استخدام هذه الأداة فى بناء علاقات قوية مع مختلف دول العالم. كما أن هذه الجمعيات تمثل عنصرًا مهمًا من عناصر المجتمع المدني، الذي يشكل، في جوهره، شبكة من التنظيمات والممارسات والضوابط التي تنشأ بالإرادة التطوعية الحرة لأعضائها خدمة لمصلحة أو قضية أو تعبيرًا عن قيم ومشاعر يعتز بها هؤلاء الأفراد (2).

والمملكة العربية السعودية، شأنها شأن أي دولة، لها مصالحها فى العالم، ثم إنها بصفتها حاضنة الأماكن المقدسة فى الإسلام وشرعية نظامها السياسي، تقوم في جانب منها، على الدين الإسلامى، فإن من الطبيعي أن تسهم فى تقديم مساعدات للدول الإسلامية فى العالم والأقليات الإسلامية ومؤسسات الإغاثة العالمية وفقراء العالم الإسلامي ومؤسساته التعليمية، وفي المقابل فإن الولايات المتحدة تأتى على رأس قائمة الدول الغربية التي تسهم فى دعم التبشير فى العالم، فى محاولة منها لنشر نموذجها الحضاري فى العالم ثقافياً وسياسياً واقتصادياً، بل إن هذا هدف رئيس فى السياسة الخارجية الأمريكية(3).

إلا أن أحداث سبتمبر 2001، أفرزت العديد من التداعيات على العمل الخيري في المملكة، ومن ذلك: النظر بريبة إلى الجمعيات الخيرية ذات الأصول الدينية، وتجميد أرصدة العديد منها، تحت وطأة الضغوط الأمريكية، في إطار حربها ضد الإرهاب، حيث ربطت الولايات المتحدة بين العمل الخيري والإرهاب، وتعرضت العديد من الجمعيات الخيرية السعودية لحملة هجوم وانتقادات واسعة النطاق، واتخذت الولايات المتحدة العديد من الإجراءات ضد فروع هذه الجمعيات في الخارج، شملت التضييق على أنشطتها ومصادرة وتجميد أرصدتها، كما كثفت إجراءاتها العقابية ضدها، من خلال عمليات المداهمات وحملات التفتيش والإغلاق.

وتم الربط بين الضغط الأمريكي على المملكة للحد من عمليات الإغاثة الإسلامية، وضبط وتنظيم العمل الخيري، وبين كونه يهدف في جانب منه إلى تقويض فريضة الزكاة، من ناحية، كما يمنع دولة إسلامية من الترابط مع الشعوب الإسلامية الأخرى وعدم نشر الإسلام، في الوقت الذي تؤكد فيه الولايات المتحدة أن التبشير من حقها وليس من حق غيرها، من ناحية ثانية (4).

ورداً على هذا الربط قال الناطق باسم الخارجية الأمريكية: “لا أعتقد أن بوسع المرء أن يخلص على العموم إلى أن دفع الزكاة كممارسة لأحد الشعائر الدينية، ثم يعزى ذلك بشكل أو بآخر إلى دعم الإرهاب. فهناك الكثير من المنظمات الخيرية حول العالم التي تعمل بنجاح وبصورة لائقة من حيث مساعدة الناس المعوزين، ولا علاقة لها بالإرهاب. والهدف الذي نضعه نصب أعيننا هو التيقن من أن الأشخاص الذين يودون بإخلاص أن يقدموا الحسنات أو يدفعوا الزكاة والذين يودون أن يتبرعوا إلى أعمال الخير، أن أموالهم ستذهب فعلا إلى الناس الذين تحاول هذه المنظمات مساعدتهم، وأنه لا يساء استعمال هذه التبرعات”. وأضاف: إن أحد المساعي الجارية التي نبذلها مع جهات مثل السعودية يتمثل في فحص هذه التنظيمات وكيفية رصدها وكيف تعمل لمحاولة التأكد من أن لدينا أنظمة قائمة بحيث أن الناس الذين يتبرعون لهذه المنظمات بسخاء وفعلا إنما يعرفون أن أموالهم تستخدم بصورة ملائمة”(5).

وبين الاتهام، ونفيه، تعددت المواقف والإجراءات الأمريكية، الرسمية وغير الرسمية، ضد العمل الخيري السعودي، سواء الذي يتم داخل المملكة أو تشارك فيها منظمات وهيئات سعودية خارج المملكة، ومارست الولايات المتحدة العديد من الضغوط، فى إطار حملة منظمة، كان لها تأثيرات كبيرة على حجم وطبيعة وتوزيع العمل الخيري السعودي، داخلياً وخارجياً.

المحور الأول: السياسات الأمريكية تجاه قضية العمل الخيري

تعددت المواقف والإجراءات التي تبنتها الإدارة الأمريكية (التشريعية والتنفيذية) تجاه العمل الخيري السعودي (داخل المملكة وخارجها) وفي إطار هذه الإجراءات يمكن التمييز بين المواقف والإجراءات التي قام بها الكونجرس الأمريكي، والإجراءات التي قامت بها السلطات التنفيذية الأمريكية، وذلك على النحو التالي:

المستوي الأول: الإجراءات التشريعية:

يشمل هذا المستوى المواقف والإجراءات التي تبناها أو قام بها الكونجرس الأمريكي، تجاه العمل الخيري السعودي، داخل الولايات المتحدة وخارجها، سواء كان ذلك من خلال التقارير الدورية أو الخاصة التي يصدرها الكونجرس، أو من خلال جلسات الاستماع وشهادات النواب حول هذه القضية، وأبعادها المختلفة:

أولاً: تقارير الكونجرس:

تمثل التقارير الدورية، والمتخصصة أحد أهم الآليات التي يعتمد عليها الكونجرس الأمريكي، للتعبير عن مواقفه تجاه القضايا محل الاهتمام، وفيما يتعلق بالعمل الخيري، وتمويل الإرهاب ودور المملكة فى ذلك، أصدر الكونجرس، تقريراً مفصلاً، حول السعودية وأمريكا وتمويل الإرهاب بعد سبتمبر، مع التركيز على دور مؤسسة الحرمين السعودية في تمويل الإرهاب (6).

وذكر التقرير أنه بعد أحداث سبتمبر، قامت الحكومة الأمريكية، بإعداد آلية للتنسيق بين الدوائر الرسمية ذات الصلة بتمويل الإرهاب. حيث التقى تجمع من ممثلي الدوائر الرسمية تحت رعاية مجلس الأمن القومي لمناقشة وتنسيق القضايا المتعلقة بتمويل الإرهاب. وفي مارس 2002 تم تحويل هذا التجمع إلى لجنة لتنسيق السياسات Policy Coordinating Committee (PCC) برئاسة وزارة الخزانة، وتم تشكيل هذه اللجنة لكي تقوم باقتراح مبادرة سياسية وخطوات من شأنها تدمير البنية المالية للإرهاب.

واهتمت اللجنة بكيفية إشراك الحكومة السعودية في مكافحة تمويل الإرهاب. حيث كانت لدى الحكومة الأمريكية سلطات قانونية لذلك، بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224 وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1373.

ولأن استخدام هذه الوسائل ضد المؤسسات السعودية، لن يكون مجدياً دون مساعدة السعودية. كما أن استخدام هذه الوسائل يمكن أن يرسل رسالة مفادها أن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي جادين في محاربة تمويل الإرهاب. وبعد النظر في خيارات تصنيف مؤسسة الحرمين، كمؤسسة إرهابية، قررت لجنة تنسيق السياسات (PCC) أن تحاول إشراك السعودية بشكل بناء في هذه المؤسسة. وطلبت الولايات المتحدة من المملكة معلومات عن خلايا القاعدة التي تتدرب وتعمل فيها، وتبادل المعلومات الاستخبارية، ومقابلة المعتقلين. إلا أن المعلومات الاستخبارية ضد مؤسسة الحرمين لم تكن كافية لممارسة الضغوط على الحكومة السعودية لاتخاذ خطوات صارمة ضد المؤسسة.

كما كان هناك شعور بأن الحكومة السعودية تفضل التعاون مع الولايات المتحدة بشكل سري لأسباب سياسية داخلية. وربما لأنها لا تريد خلق انطباع بأن الجمعيات الخيرية مستهدفة. وقد وافق المسئولون الأمريكيون على التعاون السري، طالما يمكن تحقيق نتائج ملموسة. وبالرغم من أن الولايات المتحدة لم تر نتائج ملموسة حتى عام 2003، إلاّ أنها تمسكت بخطتها في إشراك السعودية بشكل سري في الأمور المتعلقة بتمويل الإرهاب. وقد أثبت هذا النهج المتعاون فاعليته بشأن مؤسسة الحرمين (7).

وقد وافقت المملكة على النظر في القلق الأمريكي حول مؤسسة الحرمين، وفي 5 فبراير 2002م أصدرت الحكومة السعودية بياناً رسمياً اعترفت فيه بوجود تقارير عن انتهاكات من بعض الأفراد المنتمين إلى بعض المكاتب الخارجية لمؤسسة الحرمين والتزمت علناً باتخاذ الخطوات اللازمة لمنع هذه الانتهاكات (8).

وفي 11 مارس 2002م، قامت الحكومتان بتصنيف مكتبي مؤسسة الحرمين في الصومال والبوسنة، ضمن المؤسسات الإرهابية، وتم تجميد أرصدتهما ومنع التعامل معهما. وفي 13 مارس، قامت الأمم المتحدة بإدراج المكتبين في قائمة الهيئات التي تقع تحت العقوبات بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1267 وما تلاه من قرارات في هذا الشأن. وفي ديسمبر 2002م، قامت لجنة نواب الوزراء، التي تشرف بشكل عام على نشاطات لجنة تنسيق السياسات، بالموافقة على برنامج مكون من اثنا عشر خطوة لإعادة تنشيط سياسة الولايات المتحدة تجاه المملكة بخصوص محاربة الإرهاب بشكل عام (9).

وبالتزامن مع الموافقة على هذا البرنامج، قامت لجنة نواب الوزراء، بتقديم ورقة رسمية حول مؤسسة الحرمين. تهدف إلى تجميع المعلومات المتوفرة لدى الحكومة الأمريكية حول مؤسسة الحرمين، ومطالبة السعودية باتخاذ خطوات محددة، ووضع أطر زمنية لهذه الخطوات. ووجهت الدوائر الحكومية بالعمل لإنهاء الورقة بحلول يناير 2003م (10).

وعرضت الورقة علاقات مؤسسة الحرمين بالإرهاب، والتفاصيل عن مختلف الأشخاص، والمكاتب الفرعية، وطرق تحويل الأموال. وأشارت إلى أن الكثير من الموظفين الميدانيين لمؤسسة الحرمين والممثلين العاملين حول العالم، بالإضافة إلى بعض العاملين في مكتبها الرئيسي في السعودية، كانوا يقدمون دعماً هاماً لتنظيم القاعدة. واستشهدت الورقة بالمطالب الأمريكية السابقة للحصول على المعلومات من السعودية، وبعض النقاط الاستخبارية الهامة التي اطلع السعوديون عليها عام 1998م، وأشارت إلى أن الولايات المتحدة أطلعت السعوديين على القليل جداً من المعلومات في الفترة من تاريخ الحصول عليها وحتى الحادي عشر من سبتمبر. وكشفت الورقة عن بعض العيوب في الأسلوب الذي تتبعه الحكومة الأمريكية مع السعودية فيما يتعلق بتمويل الإرهاب.

كما خلص تقرير الكونجرس إلى إن الجهود التي بذلتها الحكومة الأمريكية لمواجهة القضايا التي أثيرت بسبب مؤسسة الحرمين، تكشف عن بعض الملاحظات:

ـ أنه حتى تتمكن الحكومة الأمريكية من دفع الحكومة السعودية للتحرك ضد تمويل الإرهاب، عليها أن تحصل على معلومات استخبارية محددة، ومن ثم تقديمها للسعوديين لكي يتمكنوا من اتخاذ الخطوات الضرورية في هذا الشأن. ولهذا السبب، تمكنت الحكومة الأمريكية من دفع السعوديين لاتخاذ خطوات ملموسة ضد مؤسسة الحرمين، وضد الجمعيات الخيرية بشكل عام، بعد أن قدمت للسعوديين ورقة تحتوي على معلومات استخبارية محددة حول مؤسسة الحرمين ومنسوبيها، في يناير 2003م.

ـ أن جهود محاربة تمويل الإرهاب تشكل جزءاً أساسياً من المنظومة الشاملة لنشاطات محاربة الإرهاب، ويجب أن تتكامل بشكل تام مع الإستراتيجية العامة للولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب تجاه السعودية. إذ أنه بدون هذا التكامل، فإن الذين يعملون في محاربة تمويل الإرهاب، لا يمكنهم إدراك بعض المواضيع الثنائية في محاربة الإرهاب.

ـ أن الحكومة الأمريكية في حاجة إلى لجنة للتنسيق بين الدوائر الرسمية، مهمتها التركيز على تمويل الإرهاب للتأكد من عدم ضياع قضية تمويل الإرهاب في خضم الجهود الواسعة لمكافحة الإرهاب. فقد أثبتت لجنة تنسيق السياسات نجاحها بشكل عام في تركيز جهود الحكومة الأمريكية في مكافحة تمويل الإرهاب.

ولكن يجب أن تعمل لجنة التنسيق في تكامل تام مع الجهد العام لمحاربة الإرهاب، وبذلك يصبح تمويل الإرهاب جزءاً من الدبلوماسية الضرورية لكسب تعاون الحلفاء الأساسيين مثل المملكة. والوسيلة الوحيدة لتحقيق هذا الهدف هى تسليم قيادة لجنة تنسيق السياسات إلى مجلس الأمن القومي، فهو الجهة الوحيدة التي يمكنها العمل على تكامل تمويل الإرهاب مع محاربة الإرهاب، وذلك من خلال قيادته للمجموعة الأمنية لمحاربة الإرهاب، كما يستطيع أن ينظر في كيفية التوافق بين الأدوات المختلفة لمحاربة الإرهاب، وهو الأقدر على توجيه الدوائر الرسمية إلى إعادة توزيع مواردها. وقيادة المجلس هي الأكفأ لذلك لأنها تتمتع بالصلاحية لحل الكثير من القضايا بدلاً من رفعها إلى مجلس نواب الوزراء (11).

ثانياً: جلسات الاستماع وشهادات النواب حول المملكة:

تعددت جلسات الاستماع التي عقدها الكونجرس حول علاقة المملكة بدعم الإرهاب، وتَقَدَم العديد من النواب بشهاداتهم حول هذه القضية، ومن ذلك:

1ـ جلسة استماع حول التمويل السعودي للإرهاب (يونيو 2003): ففي جلسة استماع برلمانية حول التمويل السعودي للإرهاب، ضمّت عدداً من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، وفريق من خبراء الإرهاب، حول إنفاق مسئولين سعوديين كبار ومؤسسات سعودية كبيرة مبالغ طائلة لنشر وترويج الأفكار المتشددة والمتطرفة، قال النائب “جون كيل”، رئيس الجلسة، “إن المشكلة التي نواجهها اليوم هي قيام دولة برعاية وتمويل أيديولوجية متطرفة توفر مكان التجنيد والبنى التحتية والمصدر المالي لإرهابيين دوليين”.

وأعلن النائب الديمقراطي “تشارلز شومر” “إن الإسلام دين رائع ومسالم يتبنى أفكار التسامح والأخلاق والمحبة. إن غالبية المسلمين يتبعون هذه المبادئ إلا أن الأيديولوجية الوهابية المتشددة تُحرِّف للأسف هذه الرسالة عبر الدعوة إلى الحقد والعنف وعدم التسامح حيال الإسلام المعتدل والعالم اليهودي والمسيحي”. وقال: “إن العائلة السعودية المالكة تقدم الحماية والتمويل لرجال الدين الوهابيين مقابل أن يمتنع هؤلاء عن السعي إلى زعزعة استقرار السلطة السياسية القائمة، وهذا الأمر ليس سوى عهد مع الشيطان”.

وقال النائب “ريتشارد شلبي”، الرئيس السابق للجنة المخابرات في مجلس الشيوخ الأمريكي: هناك عدد كبير من الشخصيات السعودية الكبيرة ساعدت وحرضت أسامة بن لادن ومجموعة من خلال المؤسسات الخيرية وبصورة مباشرة”. أما النائب الديمقراطي “كارل ليفن”، فقال: “من الواضح وجود تمويل سعودي لأسامة بن لادن ومجموعته التي يقودها وأعتقد أنه يجب أن نشرع في مواجهة هذه الحقيقة، كما يجب على السعوديين مواجهتها وإنهائها (12).

2ـ شهادة ماثيو ليفيت (سبتمبر 2003): في 10 سبتمبر 2003، أدلى “ماثيو ليفيت” (وكيل وزارة المالية الأمريكية السابق، لشئون الاستخبارات والتحليل)، بشهادته أمام اللجنة القضائية الفرعية لمجلس الشيوخ الأمريكي، عن الإرهاب والتكنولوجيا والأمن الوطني، وتناول فيها الاتهامات الموجهة للمملكة بتمويل الإرهاب، ومن بين ما جاء في شهادته: إن السعودية عاصمة التمويل الإرهابي الدولي، وتستمر بشكل قوي في دعم الإرهاب. عبر جماعات مثل رابطة العالم الإسلامي، وهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية، ومؤسسة الحرمين الإسلامية، وكذلك عبر الشؤون الإسلامية في السفارات السعودية والقنصليات على مستوى العالم، ويستمر السعوديون في تمويل الجماعاتالإسلامية الراديكالية التي تدعم أو تنخرط في الإرهاب الدولي، وطاقم الموظفين الدبلوماسيين السعوديين الموجود في الخارج يلعب دوراً حاسماًفي تمويل المنظمات الإسلامية المتطرفة في الغرب، وعلى الأخص في الولايات المتحدةوأوروبا. وبدلاً من اتخاذ إجراءات لمواجهة هذه المشاكل، يجند السعوديون على نحو دوري خبراءفي العلاقات العامة للدفاع عن وجهة نظرهم في الإعلام (13).

3ـ رسالة لجنة التمويل بمجلس الشيوخ: في 22 ديسمبر 2003، أرسلت لجنة التمويل بمجلس الشيوخ رسالة إلى مصلحة الإيرادات الداخلية الأمريكية، تطلب فيها معلومات عن 25 منظمة تعمل في الأراضي الأمريكية، ومشتبه في قيامها بتمويل الإرهاب. وكانت من بين هذه المنظمات، مؤسستين مقرهما في السعودية، هما مؤسسة الحرمين، وهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية.

4ـ شهادة “دانيال جلاسر”: في 8 نوفمبر 2005، أدلى “دانيال جلاسر”، عضو مكتب مكافحة تمويل الإرهاب والجرائم المالية، بشهادة أمام اللجنة القضائية بمجلسالشيوخ الأمريكي، وقال فيها: “لقد اتخذت المملكة بعض الخطوات للسيطرةعلى منظماتها غير الحكومية ومؤسساتها الخيرية. غير أننا ظللنا وبشكل متكرر نثير موضوع ما يسمى بالمنظمات غير الحكومية، وهي على وجه التحديد هيئة الإغاثة الإسلاميةالعالمية، والندوة العالمية للشباب الإسلامي، ورابطة العالم الإسلامي. وأجابنا السعوديون بأن المنظمات الخيرية والمنظمات غير الحكومية، قد تم منعها فعلاً من تحويل الأموال إلى الخارج، غير أنه ليس واضحاً بالنسبة لنا ما إذا كان لهذا المنعتأثير فعلي، ونحن لا زلنا نشعر بالقلق حيال هذا الأمر”(14).

5ـ شهادة أنتوني وينر (يوليو 2007): قال النائب الديمقراطي أنتوني وينر، إن السعودية هي رقم واحد في تمويل الإرهاب في الشرق الأوسط وتمويل حماس، وتقوم بتصدير المقاتلين إلى جبهة الحرب في العراق. وأن السعودية تصدر أسوأ مشاكلها الإرهابية، وتقوم بالقليل للتخفيف من ذلك”. وأضاف: “إن السعوديين كانوا محرك التمويل لكل ما يجري في المنطقة ولم يبدوا أي قدرة أو رغبة لمساعدة الأمريكيين على مواجهة التحديات التي تواجههم بل زادوا في تفاقهما. وتابع “كنا في طور الاعتقاد بأننا كلما سلحنا المنطقة كلما كانت الأمور أفضل، لكن ذلك غير صحيح”. وأوضح أنه “إذا أراد السعوديون مساعدة أمريكية فعليهم أن يكونوا أهلا لها وعليهم البدء بتغيير سلوكهم وبمساعدة الولايات المتحدة بوقف تمويل الإرهاب ووقف تصدير الوهابية عبر العالم وأن يبدأوا بالتصرف كحلفاء أفضل لأمريكا لأنهم كانوا يعملون بوجهين سابقا”(15).

وهذه الشهادات وغيرها تعكس وجود تيار قوى ومؤثر داخل الولايات المتحدة مضاد للمملكة، يقف خلفه العديد من المؤسسات البحثية، ومراكز الضغط الأمريكية، الكثير منها موالي للوبي الإسرائيلي فى المجتمع الأمريكي، والذي يرى فى المملكة عائقاً كبيراً أمام طموحات إسرائيل فى المنطقة، وهذا الضغط وإن كان يقوم فى جانب منه على تحقيق مصالح أمريكية ـ إسرائيلية، فإنه يقوم فى الجانب الآخر على اعتبارات قيمية، دينية وحضارية، ترتبط بالتحدي الحضاري الذي تمثله المملكة لهاتين الدولتين ومنطلقاتهما الدينية والثقافية.

المستوى الثاني: الإجراءات التنفيذية:

وتتمثل فى الإجراءات التي تنبتها الإدارة الأمريكية، ممثلة فى البيت الأبيض والوزارات المعنية، وأجهزتها الفرعية، والتى جاءت على النحو التالي:

1ـ التدقيق المالي:

قام مكتب التحقيق الفيدرالي (FBI) بالتدقيق في حسابات السفارة السعودية وكافة ملحقياتها في الولايات المتحدة، لمعرفة ما إذا كانت الأموال التي تصرفها السفارة، تصل في النهاية إلى أيدي متشددين إسلاميين كما يشير بذلك مسئولون أمريكيون وسعوديون. وذكر المسئولون الأمريكيون أن المكتب طلب سجلات الحسابات المصرفية للعشرات من السعوديين للتحقق من أن الأموال الحكومية السعودية مولت المتشددين في الولاياتالمتحدة. وكانت هذه هي المرة الأولى التي تستهدف فيهاالتحقيقات بشكل مباشر التمويل الحكومي السعودي، والمرة الأولى التي يتم فيها طلب سجلات حسابات أية سفارة.

وجاء التحري عن حسابات السفارة، بموافقة مجموعة مجلس الأمن القومي التي تعمل فيتتبع التمويلات المالية للإرهابيين وذلك بطلب من مجموعة من أعضاء الكونجرس الأمريكي، وتركزت التحقيقات على النشاطات المالية للشؤون الإسلامية في السفارة وكذلك الملحقية الثقافية التابعة للسفارة بالإضافة إلى نشاطات القنصليين السعوديين فيأنحاء الولايات المتحدة (16).

2ـ تعيين مستشار لشؤون التمويل الإسلامي بوزارة المالية الأمريكية:

فى 2 يونيو 2004، أعلنت وزارة المالية الأمريكية تعيين باحث مقيم في شؤون التمويل الإسلامي. ليقوم بتقديم المشورة لكبار المسئولين بوزارة المالية، وليكون حلقة الوصل بين الوزارة والمنظمات الدولية التي تسعى لوضع قواعد للتمويل الإسلامي ومتابعته. وتكون له اتصالات وتعاملات مع عدة وكالات بالحكومة الأمريكية ليقدم لها وجهة نظره في أحدث التطورات الخاصة بصياغة القواعد الدولية الجديدة، وكيفية تحقيق التوافق بينها وبين المعايير الدولية المعمول بها حاليا، وإعداد وإدارة ورش عمل أو دورات تدريبية عن التمويل الإسلامي، تتضمن نظرة عامة على هذا القطاع، والإشراف عليه بأسلوب اقتصادي سليم والقواعد المنظمة له، ومعايير وقواعد عمليات المحاسبة التي تجرى خلاله، وكيفية ممارسة السلطة، وإدارة الدين (17).

3ـ عمليات اقتحام مقرات المنظمات الخيرية:

في إطار هذه العمليات، تم اقتحام مكتب رابطة العالم الإسلامي، في مارس 2002، وذلك من قبلوكلاء إدارة الخزينة كجزء من التحقيق في شبكة جمعيات خيرية وشركات، ممولة سعودياً، تحوم الشكوك حول ارتباطها بالقاعدة. وكانت رابطة العالم الإسلامي ومنظمة الإغاثة الإسلامية، موضع اتهام فيالتحقيقات الخاصة بتمويل الإرهاب في الولايات المتحدة الأمريكية وفي عدة بلدان أخرى. وقد ضغط مسئولي الإدارة الأمريكية على المملكة لوقف نشاط وملاحقة أعضاء رابطةالعالم الإسلامي والندوة العالمية للشباب الإسلامي، والمتهمين بقضايا مدنية مقامة عليهم من قبل عائلات ضحاياالهجوم.

وقامت قوة إدارة الخزانة الأمريكية بتفتيش مكاتب شمال فرجينيا التابعة للرابطة وفروع منظمة الإغاثة الإسلامية الدولية، للبحث عن دليل على إنشاء تمويل أو غسل تمويل لمصلحة القاعدة، وحماس أو الجهاد الإسلامي الفلسطيني. وفي يونيو 2004، قامت عناصر من مكتب التحقيقات الفيدرالي، ودائرة الهجرة، ولجنةالعمل المشتركة لمكافحة الإرهاب، بمداهمة مكاتب الندوة العالمية للشباب الإسلام بولاية فيرجينيا الشمالية (18).

4ـ تصنيف المنظمات كإرهابية أو داعمة للإرهاب:

أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية، بياناً تضمن معايير وعواقب إدراج منظمة ما على لائحة الإرهاب الأمريكية، وتتمثل المعايير القانونية للتصنيف في: أن تكون منظمة أجنبية، وأن تكون متورطة في النشاط الإرهابي، أو الإرهاب، أو تكون لديها القدرة والنية على الانخراط في نشاطات إرهابية أو في الإرهاب. وأن تهدد نشاطات المنظمة أمن رعايا أمريكيين أو الأمن القومي الأمريكي كالدفاع القومي، أو العلاقات الخارجية، أو المصالح الاقتصادية الأمريكية (19).

وفي إطار هذه المعايير، وغيرها، اتخذت الإدارة الأمريكية عدة إجراءات تجاه المنظمات الخيرية السعودية، ومن ذلك:

أ) تصنيف الجمعية الإسلامية لأمريكاالشمالية: وصفت السلطات الأمريكية الجمعية في حيثياتالمحكمة: “بأنها آلة قوية للمجموعات التي تقوم بنشر التعاليموالفتاوى الدينية التي تجيز العنف ضد الولايات المتحدة الأمريكية الصادرة عن رجلي دين متشددين في السعودية (هما: سفر الحوالي وسلمان العودة). وقام المحققون بالتركيز على معرفة وسائل الاتصالبين المنظمات والأفراد ممن تربطهم علاقة بالجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية التيقامت بإنشاء ما يزيد على اثني عشر موقعاً على شبكة الإنترنت والتي تهدف، حسب ما قال الادعاء في أوراق المحكمة، إلى نشر الأيديولوجية الإسلامية المتشددةوغرسها في النفوس وتجنيد الأعضاء والتحريض على أعمال العنف والإرهاب.

ب) تصنيف مؤسسة الحرمين الإسلامية: في 11 مارس 2002، قامت وزارة الخزانة الأمريكية بتصنيف فرعي مؤسسة الحرمين، في البوسنة والصومال، وبالتزامن مع هذه الخطوة قامت الحكومة السعودية بتجميد حسابات هذه الفروع وإيقافها. وكان فرع الصومال مسئولاً، وفق تقرير الكونجرس (20)، عن إرسال الأموال إلىتنظيم القاعدة وإلى جماعة الاتحاد الإسلامي الإرهابية التابعة له.

ج) تصنيف مؤسسة الإحسان الدولية: أنشئت عام 1987، تحت اسم “لجنة البر الدولية”، ولها فروع في السعودية وباكستان. ووفقاً للحكومة الأمريكية فإن أحدأهداف اللجنة استثمار التحويلات في السعودية لتقديم الدعمللمجاهدين الذين كانوا يقاتلون في أفغانستان، ولتوفير غطاء للمقاتلين للسفرمن وإلى باكستان والحصول على وضع هجرة (21).

د) تصنيف فرع طيبة في البوسنة: في 6 مايو 2004، تم تصنيف فرع جمعيةطيبة في البوسنة بواسطة وزارة الخزانة الأمريكية، واتهمته بتحول الأموال إلى تنظيمالقاعدة.

هـ) تصنيف فرعي هيئة الإغاثة في الفلبين وإندونيسيا: فى 3 أغسطس 2006، أعلنت وزارة المالية الأمريكية أنها صنفت المكاتب الفرعية لمنظمة الإغاثة الإسلامية السعودية الدولية بالفلبين وإندونيسيا، ككيانات ساهمت في جهود جمع التبرعات للقاعدة وجماعات إرهابية أخرى مرتبطة بها (22). وأعلن مكتب مكافحة الإرهاب واستخبارات تمويله، التابع للوزارة تصنيف المدير التنفيذي لفرع منظمة الإغاثة الإسلامية في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية كممول للإرهاب، وأنه استغل منصبه للمساعدة في تمويل عمليات وأنشطة شبكة القاعدة في منطقة جنوب شرق آسيا (23).

ومن خلال رصد هذه الإجراءات، يمكن القول أن الإدارة الأمريكية، لم تتحرك منفردة، فى مواجهة ضبط وتحجيم ورقابة العمل الخيري، فالكثير من إجراءاتها، المالية والتنفيذية والعقابية، تم بتنسيق مع المملكة، ولم يقتصر هذا التعاون والتنسيق على الداخل الأمريكي، ولكنه امتد إلى الداخل السعودي، فى تأكيد على تأثير الداخلين على السياسة الخارجية للدولتين، وإن كان التأثير الأكبر للداخل الأمريكي، باعتباره الفاعل والمحرك للعديد من السياسات والإجراءات التي تبنتها الولايات المتحدة ضد العمل الخيرى السعودي، خارج المملكة وداخلها.

المحور الثاني: الاستجابة السعودية للسياسات الأمريكية تجاه العمل الخيري

في مواجهة الضغوط والاتهامات الأمريكية لمؤسسات ومنظمات العمل الخيري السعودية، سواء التي تعمل داخل المملكة أو خارجها، تعددت الإجراءات التي تبنتها المملكة، لضبط وتنظيم العمل الخيري، وفى إطار هذه الإجراءات، يمكن التمييز بين مستويين:

المستوى الأول: الإجراءات الداخلية:

على مستوي الداخل السعودي، تبنت المملكة عدداً من الإجراءات التنظيمية والمالية والعقابية، لضبط وتنظيم العمل الخيري، وذلك على النحو التالي:

أولاً: الإجراءات التنظيمية:

تعددت الإجراءات التنظيمية التي تبنتها المملكة، لتنظيم وإعادة تنظيم العمل الخيري ومؤسساته الداخلية وذات النشاط الخارجي، وشملت هذه الإجراءات إحكام الرقابة والتفتيش على جمعيات ومؤسسات العمل الخيري، وإصدار اللوائح التنظيمية وتشكيل الهيئات والجهات الرقابية، وذلك على النحو التالي:

1ـ إحكام الرقابة والتفتيش على الجمعيات الخيرية: وذلك عبر عدة أساليب، أهمها: تغيير طرق التبرع بحيث تكون تحت رقابتها، ومن خلال طرق واضحة وشفافة وإجراء مراجعات محاسبية على حسابات وموازنات تلك الجمعيات. حيث حظرت الحكومة السعودية استخدام الكوبونات والصناديق لجمع التبرعات واشترطت الحصول على موافقتها لجمع الأموال والتبرعات داخل المملكة، وأكد المشرف العام على الجمعيات الخيرية في وزارة الشئون الاجتماعية أن جميع مشروعات العمل الخيري تمول من خلال المبالغ النقدية التي تودع في حسابات الجمعيات الخيرية لدى البنوك، أو من خلال التبرع الموثق بسجلات رسمية في مقرات الجمعيات المتبرع لها (24).

إلى جانب ذلك قامت لجان رقابية أنشأتها وزارة الداخلية السعودية في جميع مناطق ومحافظات المملكة بإجراء مسح ميداني وسحب صناديق التبرعات الخاصة بعدد من الجمعيات والمنظمات من المراكز التجارية والمستشفيات والصيدليات ومراكز الرعاية الصحية والمساجد أو أي مكان توجد فيه تلك الصناديق. كما اتجهت المملكة إلى مراقبة حسابات الجمعيات الخيرية من خلال التدقيق الرسمي لهذه الحسابات من خلال شركات محاسبية معتمدة من الحكومة (25).

2ـ تشكيل اللجان والوحدات المتخصصة: قامت وزارة الداخلية بتشكيل وحدة لمكافحة غسل الأموال تابعة للوزارة، وقامت وزارة المالية بتشكيل لجنة خاصة لمعالجة قضية غسيل الأموال، تحت مظلة مؤسسة النقد العربي السعودي، وتم تكليف اللجنة بإعداد مشروع نظام لمكافحة غسل الأموال تراعى فيه الأحكام الواردة في أنظمة دول مجلس التعاون الخليجي.

3ـ اللوائح التنظيمية والتوضيحية: قامت مؤسسة النقد العربي السعودي، فى مايو 2003، بتوزيع بيان بالأنشطة المصرفية غير المشروعة المستهدفة والمرتبطة بالمنظمات الخيرية، تحت عنوان: “قوانين مكافحة غسيل الأموال ومحاربة تمويل الإرهاب”. كما أصدرت وزارة التجارة تعميمًا تضمن التأكيد على الشركات والمؤسسات والمكاتب المهنية وفروعها بوجوب التقيد بالنظم والتعليمات الصادرة من الوزارة المتعلقة بضوابط ممارسة الأنشطة التجارية والمهنية واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمكافحة الأنشطة غير المشروعة وخاصة الإجراءات المتعلقة بإثبات الهوية وإجراءات التبليغ والإجراءات الرقابية وإجراءات التعاون الأمني والقضائي والمؤشرات الدالة على وجود شبهة غسل الأموال والتي يمكن أن تقع فيها المحال أو المؤسسات أو الشركات التجارية أو من خلال الأنشطة المهنية (26).

4ـ الهيئات الرقابية: في 29 فبراير 2004، صدر مرسوم ملكي بإنشاء “الهيئة السعودية الأهلية للإغاثة والأعمال الخيرية في الخارج”، لتتولى القيام بجميع النشاطات الخيرية بالمملكة، ونص المرسوم على أن تضم الهيئة في عضويتها، 24 عضواً من قيادات العمل الخيري في المملكة، وتخضع لإشراف مباشر من وزارة الخارجية السعودية (27).

ثانياً: الإجراءات المالية:

أقر مجلس الوزراء السعودي (18/8/2003) نظاماً لمواجهة ظاهرة غسيل الأموال، ووافق على إنشاء وحدة للتحريات المالية، وحدد النظام الجديد الأفعال التي تعتبر جريمة غسل أموال، مثل إجراء أي عملية لأموال أو متحصلات مع علم الفاعل بأنها ناتجة عن نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي وكذلك تمويل الإرهاب والأعمال الإرهابية والمنظمات الإرهابية.

وألزم النظام الجديد المؤسسات المالية بعدة شروط منها: عدم إجراء أي تعامل مالي أو تجاري، باسم مجهول أو وهمي، وعليها التحقق من هوية المتعاملين استنادًا إلى وثائق رسمية، ووضع إجراءات احترازية ورقابة داخلية للكشف عن أي من الجرائم المبينة في هذا النظام، وإحباطها والالتزام بالتعليمات الصادرة من الجهات الرقابية المختصة في هذا المجال. كما نص على إنشاء وحدة لمكافحة غسل الأموال (وحدة التحريات المالية) يكون ضمن مسؤولياتها تلقي البلاغات وتحليلها وإعداد التقارير عن المعاملات المشبوهة. ولها عند التأكد من قيام الشبهة أن تطلب من الجهة المختصة بالتحقيق القيام بالحجز التحفظي على الأموال والممتلكات والوسائط المرتبطة بجريمة غسل الأموال لمدة لا تزيد على عشرين يوماً (28).

ثالثاً: الإجراءات العقابية:

اتجهت الحكومة السعودية لمعاقبة الجمعيات والمؤسسات المخالفة لضوابط ولوائح العمل الخيري داخل المملكة وخارجها، ومن بين الإجراءات التي تبنتها فى هذا السياق: إزالة صناديق التبرعات من المساجد، ومراكز التسوق، ومنع جمع التبرعات النقدية في المساجد، وإلقاء القبض على العناصر المعروفة بانتمائها لتنظيم القاعدة، ووسطائهم الماليين، والممولين لهم في المملكة.

وكذلك تجميد أصول مالية لأفراد ومؤسسات يشتبه في علاقتها بتنظيمات إرهابية، وإنشاء وحدات ولجان دائمة من أجل مراقبة التحركات المالية التي يمكن استخدامها في عمليات إرهابية، وللتصدي للتهديدات التي يسببها الإرهابيون، كما أمرت السلطات السعودية كافة الجمعيات الخيرية السعودية بإبلاغ وزارة الخارجية قبل البدء في مشروعات خارج المملكة، هذا بجانب إغلاق مؤسسة “إدارة المساجد والمشاريع الخيرية”(29).

المستوى الثاني: الإجراءات الخارجية:

يرتبط هذا المستوى بعمليات وإجراءات التنسيق والتعاون المشترك بين الولايات المتحدة والمملكة، فى إدارة قضية العمل الخيري السعودي، فقد ذكر تقرير الكونجرس حول تمويل الإرهاب، أنه بعد أحداث سبتمبر، أنكر المسئولون السعوديون تدفق أي أموال من المملكة إلى تنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية ذات العلاقة، كما أنكروا أية مسئولية للحكومة فيما يتعلق بتدفق هذه الأموال. وقال بعض المسئولين السعوديين إن عملية حفظ سجلات الجمعيات الخيرية والرقابة الحكومية عليها لم تكن كافية بالنسبة للحكومة السعودية حتى تكون على علم بعلاقات مؤسسة الحرمين بالمنظمات الإرهابية.

وأن العمليات الخارجية للجمعيات الخيرية لم تكن منظمة حتى عام 2002م، عندما تم تكليف وزارة الشئون الإسلامية بالإشراف عليها. وفي صيف عام 2002م، أعلنت المملكة أن جميع الأنشطة الخيرية خارج البلاد يجب تبليغها لوزارة الخارجية، وأنها قامت بإخضاع كل الجمعيات الخيرية المحلية للمراجعة في عام 2002م. ولكنها لم تتخذ أي خطوات، ولم تخطر الولايات المتحدة بأي نتائج حصلت عليها، حتى أن الأنشطة السرية، وفقاً لتقرير الكونجرس، كانت مستمرة.

وأضاف التقرير: “استجاب السعوديون للضغوط الأمريكية المتزايدة، من خلال تبني بعض السياسات لمكافحة الإرهاب. وقد شملت تلك المعايير الحصول على تصريح مسبق من وزارة الشئون الإسلامية لتحويل الأموال الخيرية للخارج، وكذلك الحصول على موافقة الحكومة بالنسبة لجميع الأموال الخيرية التي تجمع داخل المملكة، ومراقبة حسابات الجمعيات الخيرية من خلال التدقيق الرسمي لهذه الحسابات، وكذلك تقديم تقارير عن الإنفاق وزيارات المواقع، ووضع برنامج للتدريب الفني بالنسبة للقضاة والمحققين يتعلق بتمويل الإرهاب وغسيل الأموال، كما أن الحكومة السعودية بدأت في إجراء بعض التحقيقات حول مؤسسة الحرمين، وكانت تقوم بمراقبة الحسابات الشخصية لكبار الموظفين. ولكن السعوديين رفضوا اتخاذ أي خطوات تجاه المسئول التنفيذي الأعلى للمؤسسة بالرغم من طلب الولايات المتحدة.

وفي أبريل 2003، قالت الحكومة السعودية بأنه سيتم تعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة الحرمين، ولن يسمح بفتح مكاتب جديدة للمؤسسة، ولن يتم توظيف موظفين من بلد ثالث غير الموظفين السعوديين والموظفين من البلد المضيف، وأن جميع المكاتب الفرعية في الخارج يجب أن يكون لها محاموها المحليين وحساباتها البنكية الخاصة، وسيتم تطبيق إجراءات جديدة للحصول على التصديق. وفي 8 مايو 2003م أفادت السفارة الأمريكية في الرياض بأن الحكومة السعودية ستغلق عشرة من المكاتب الفرعية لمؤسسة الحرمين بعد الفراغ من مراجعة مواردها المالية. وقد تكرر هذا الادعاء عدة مرات بواسطة بعض المسئولين السعوديين أو مسئولين في مؤسسة الحرمين طيلة صيف 2003م، وفشلت الحكومة السعودية في الوفاء بالعديد من الخطوات التي تعهدت بها”(30).

وحول الأمور التي تقف وراء تردد الحكومة السعودية في القيام بأية خطوات تجاه الجمعيات الخيرية التي تقوم بتحويل الأموال إلى الإرهابيين، ذكر تقرير الكونجرس:

ـ أن الحكومة السعودية لم تنظر إلى تنظيم القاعدة على انه تهديد داخلي. ولم تعتقد أنه قد يهاجمها، وذلك بالرغم من كراهية التنظيم للنظام السعودي، وأن كل الدلائل كانت تشير إلى ذلك، حتى أن الحكومة الأمريكية حذرت السعوديين من احتمال اندلاع الهجمات في المملكة.

ـ أن جهود الحكومة السعودية في مكافحة تمويل الإرهاب لم تكن مقبولة في الداخل. فقد كانت راضية عن تفويض المؤسسة الدينية، للإشراف على جميع النشاطات الدينية، بما في ذلك تلك التي تقوم بها الجمعيات الخيرية، ولذلك كانت مترددة في تحدي المؤسسة الدينية، ونظراً لأن الحكومة السعودية لم تكن تنظر، في ذلك الوقت، إلى تنظيم القاعدة على أنه تهديد داخلي، لم تستطع تبرير الحقد الداخلي الذي يمكن أن ينتج عن تبني برنامج قوي ضد تمويل الإرهاب. وكان التحدي يكمن في إيجاد وسيلة لممارسة الرقابة على الجمعيات الخيرية والمساجد والزكاة والصدقات، دون المساس باستقرار البلاد.

ـ أن الحكومة السعودية لا تملك الكفاءات الفنية التي تمكنها من وقف تدفق الأموال من الجمعيات الخيرية في المملكة إلى الإرهابيين، وكانت الحكومة الأمريكية ترغب في تزويد السعوديين بالتدريب الكافي، وتقدمت بعدة عروض في هذا الشأن. لكن السعوديون كانوا مترددين في استضافة مدربين من بعض الدوائر الرسمية في الولايات المتحدة، في المواضيع المتعلقة بتمويل الإرهاب. وكان لهذا التردد بعده الثقافي والديني (31).

إلا أنه رغم هذه الاعتبارات، فقد تعددت مظاهر التنسيق والتعاون المشترك بين الولايات المتحدة والمملكة لضبط العمل الخيري، ومن بين هذه المظاهر:

1ـ التعاون مع لجان المراقبة الأمريكية:

حيث وصل إلى المملكة، في أغسطس 2003، فريق من مكتب التحقيقات الفدرالي (FBI) والخزانة الأمريكية لمطالبة الحكومة السعودية بإيقاف الدعم والتبرع للجماعات الإسلامية وتنظيم القاعدة بشكل محدد. وقال جون بيستول (مسئول بدائرة مكافحة الإرهاب في (FBI) أن الولايات المتحدة طلبت من السعودية إيقاف الدعم المالي لعدد محدد من الجمعيات الخيرية أو المنظمات غير الحكومية التي من المؤكد أن أموالها تصل إلى هذه الجماعات أو يشك بوصولها لها. وأكد أن واشنطن طلبت من السعودية إيقاف عدد من الجمعيات الخيرية ووضع قيود على عدد من المتبرعين السعوديين، كما طلب الوفد من الحكومة السعودية التأكد أن الأموال لا تخرج بدون علمها من المملكة (32).

وقد وصف مسئولي مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي التعاون السعودي في مكافحة تمويل الإرهاب بأنه “جيد” منذ تفجيرات الرياض (12 مايو و8 نوفمبر 2003م). حيث قام السعوديين باستجواب الناس في سجونهم بشكل صارم حول الأمور المالية، بما في ذلك طرح بعض الأسئلة التي وجهتها الحكومة الأمريكية في هذا الشأن، وقدموا للولايات المتحدة معلومات استخبارية يمكن الاعتماد عليها. كما اعترف مسئولو مكافحة الإرهاب بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بأنه “كان هناك تقدم في تعاوننا مع السعوديين”. ووصف هذا التعاون بأنه “كان دون المستوى المطلوب”، ولكنه تحسن عما كان عليه الحال قبل أحداث سبتمبر. وأنه كدليل على ثقة الولايات المتحدة في الجهود السعودية، فإن الحكومة الأمريكية الآن تُطلع السعوديين على معلومات استخبارية شديدة الحساسية فيما يتعلق بتمويل الإرهاب والجهات المتورطة فيها، وطبيعة الأنشطة التي تقوم بها، والمناطق التي تمارس فيها هذه الأنشطة”(33).

وفى السياق نفسه سمحت الحكومة السعودية لفريق من لجنة “المهام المشتركة للعمليات المالية الأمريكية”، بزيارة المملكة، لتقييم قوانين وإجراءات مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وبدأت اللجنة في مباشرة مهام عملها في سبتمبر 2003، وتكونت اللجنة من فريق عمل تم تشكيله من مسئولي الدولتين، وسعت اللجنة للتعرف على الأشخاص والهيئات المشتبه فيها بتقديم الدعم المالي للجماعات الإرهابية، والتحقيق حولها.

وقال مسئولو اللجنة أنه على الرغم من أن المملكة تمكنت من تحقيق تقدم كبير فى تحجيم قدرة الإرهابيين فى استغلال آليات التمويل التي كانوا يستفيدون منها فى السابق، إلا أن المملكة، لم تستوف بعد متطلبات الأمم المتحدة فى إنشاء وحدات للتحقيقات المالية لملاحقة أموال الإرهابيين (34).

2ـ فرق العمل المشتركة:

في أغسطس 2003م أنشأت السعودية والولايات المتحدة فريق عمل للحيلولة دون تمويل الإرهاب، ونتيجة لنشاطات هذا الفريق جمّدت المملكة 5.7 مليون دولار أمريكي، وبالتنسيق مع وزارة الخزانة الأمريكية تم تحديد العديد من الأشخاص السعوديين كممولين للقاعدة، وتم الحجز على حسابات العديد من المؤسسات المالية وفروعها بتهمة التورط في دعم الإرهاب.

وفي عام 2003، أمرت الحكومة السعودية بإغلاق جميع فروع مؤسسة الحرمين خارجالبلاد، وفي 22يناير 2004، تم تصنيف فروع المؤسسة في إندونيسيا وكينيا وتنزانياوباكستان في خطوة مشتركة بين وزارة الخزانة الأمريكية والحكومة السعودية. وعقد مؤتمر صحفي مشترك فى العاصمة الأمريكية، بين مسئولين أمريكيين وسعوديين، للإعلان عن مطالبة الدولتين للجنة الأمم المتحدة للعقوبات بتصنيف هذه الفروع كمنظمات داعمة للإرهاب. وفى 29 يناير وافقت الأمم المتحدة على الطلب.

وفي 2يونيو 2004، قامت الدولتان بتصنيف فروع مؤسسة الحرمين في كل من أفغانستان وألبانياوبنجلاديش وإثيوبيا وهولندا. كما تم تصنيف رئيس مؤسسة الحرمين، كأحد المتورطين في دعم وتمويل الإرهاب.

وفى هذا الإطار قال “وان زراتى Juan Zarate”، مساعد وزير الخزانة الأمريكية لمكافحة تمويل الإرهاب: “إن المملكة شرعت فى إنشاء وحدة للتحقيقات المالية، وأشاد بالخطوات الهامة التي اتخذتها الحكومة بالتعاون مع الولايات المتحدة لوقف تمويل الإرهاب. كما قال: إن القيود الجديدة التي فرضت على النشاطات المالية للمنظمات الخيرية تمثل خطوة ملموسة من جانب الحكومة للتعامل بفعالية مع قضية تمويل الإرهاب”(35).

وبين الضغوط الأمريكية، ممثلة فى السياسات التي تم الإعلان عنها، والمواقف التي تبنتها الإدارة الأمريكية، بركنيها (الكونجرس والإدارة التنفيذية) وشقيها (الرسمي وغير الرسمي) والإجراءات العقابية التي قامت بها، من ناحية، وأنماط الاستجابة السعودية، من ناحية ثانية، يمكن القول أن ساحة العمل الخيري كانت أكثر الساحات التي مارست من خلالها الولايات المتحدة ضغوطها، كما كانت أكثر الساحات فيما يتعلق بالاستجابة السعودية، ولعل تفسير ذلك يمكن رده لامتداد تأثير العمل الخيرى السعودي إلى الداخل الأمريكي، من خلال شبكة واسعة من المنظمات والمؤسسات والهيئات الخيرية وفروعها، وتعدد النشاطات التي تقوم بها والأعمال التي تقف وراءها، والتى يدركها الكثير من الأمريكيين وتستشعر خطورتها العديد من التيارات الفكرية والثقافية والدينية المضادة للمملكة.

ومن ناحية ثانية، فقد اكتسبت ساحة العمل الخيرى أهميتها، من كونها العنصر الحاسم فى القضاء على الإرهاب، وفق الرؤية الأمريكية، التي تقوم على أن الإرهاب لن تقوم له قائمة إذا فقد الشبكة الواسعة التي تقف وراء تمويله، ومن هنا فإن العنصر الحاسم فى القضاء على الإرهاب يرتبط بالقضاء على روافد تمويله، والتى تمثلت، وفق هذه الرؤية، فى العمل الخيرى السعودي، ومن هنا تصاعدت الضغوط الأمريكية على المملكة، ومع تصاعدها تعددت أنماط الاستجابة السعودية، والتى كانت هذه الضغوط هي المحرك الرئيسي لها، وليس كما ذكر عدد من المسئولين السعوديين، أنها جاءت نتيجة إدراك داخلي بحاجة العمل الخيرى للضبط والتقنين، وأن الإجراءات التي تبنتها المملكة هي رغبة داخلية فى إصلاح منظومة العمل الخيرى، بما يتفق وتوجهات السياسة الخارجية للمملكة.

——————————————-

الهامش

(1) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

(2) د. سعد الدين إبراهيم: المجتمع المدني في دول الخليج العربية، في، جمال سند السويدي (تحرير)، مجلس التعاون لدول الخليج العربية على مشارف القرن الحادي والعشرين، أبو ظبي، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، 1999، ص242.

(3) أشارت أرقام عام 2000، على وجود 4000 محطة تلفازية وإذاعة تبشيرية و6ملايين مبشر، وحسب مخطط التنصير حتى عام 2015 سوف يصل الإنفاق على التبشير فى العالم إلى 870 مليار دولار و10 آلاف محطة إذاعية وتلفزيونية و7 ملايين منصر و250 دورية وكتابا. أنظر: د. أحمد البرصان، انعكاسات أحداث 11 أيلول 2001 على العلاقات الأمريكية السعودية، مجلة دراسات شرق أوسطية، عمان، مركز دراسات الشرق الأوسط، عدد 21، خريف 2002، ص 35 ـ 39.

(4) عمرو عبدالكريمسعداوي، العملالخيريوالإغاثيالإسلاميبعد١١سبتمبر: استحكامسياسةتجفيفالمنابع، حولية أمتي فى العالم، القاهرة، مركز الحضارة، عدد 2002، ص ص 723 ـ 744.

(5) ريتشارد باوتشر: السعودية تتعاون بصورة تامة مع مكتب التحقيقات الفدرالي، المؤتمر الصحفي لوزارة الخارجية الأمريكية، الاثنين، 25/11/2003، نشرة واشنطن، عدد 26/11/2003. النص متاح على الرابط

(6) تقرير الكونجرس الأمريكي حول تمويل الإرهاب، مؤسسة الحرمين ـ حالة دراسية، ترجمة النص متاحة على الرابط

(7) ذكر التقرير أنه في نوفمبر 2001م، قام مساعد وزير الخارجية الأمريكي، وليام بيرنز بزيارة المملكة وتبادل وجهات النظر مع المسئولين السعوديين حول المخاوف من تمويل الإرهاب. ولم تكن مؤسسة الحرمين الموضوع الرئيسي للمحادثات، ولكنها كانت ضمن قائمة النقاط ذات الاهتمام التي دارت حولها المحادثات. وفي 17 يناير 2002م قام بيرنز والسفير روبرت جوردان بتقديم اقتراح إلى ولي العهد السعودي، الأمير عبد الله، ووزير الخارجية، الأمير سعود الفيصل، بتجميد الحسابات المصرفية لثمانية من الهيئات والأفراد السعوديين، بما فيهم المكاتب الفرعية لمؤسسة الحرمين في كل من البوسنة والصومال.

(8) ذكر التقرير أنه في هذا الإطار قام وزير الخزانة الأمريكي بول أونيل Paul O’Neill بإثارة الموضوع أثناء زيارته للمملكة العربية السعودية في مارس 2002م.

(9) ذكر التقرير أن هذه الإستراتيجية تضمنت عدة خطوات، منها: تسمية كبار المفاوضين حول تمويل الإرهاب، وتبادل المزيد من المعلومات الملموسة والإيجابية للتحرك مع السعوديين، وتقديم الخبرات في مجال غسيل الأموال، وتقنيات التحقيق، وتشجيع المزيد من النقاش العام حول المخاطر التجارية الناجمة عن الأنظمة المالية المبهمة، ودفع المنظمات السعودية غير الحكومية إلى تطبيق إجراءات رقابية أفضل، وتشجيع استخدام وسائل الإعلام بشكل أفضل لمحاربة تمويل الإرهاب.

(10) ذكر التقرير أن اثنين من المسئولين، هما، كوفر بلاك (منسق وزارة الخارجية لمكافحة الإرهاب، والمساعد الخاص للرئيس) وراند بيرز (مدير مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي)، قام بتقديم تلك الورقة حول مؤسسة الحرمين إلى المسئولين السعوديين أثناء زيارتها في نهاية يناير 2003م.

(11) تقرير الكونجرس الأمريكي حول تمويل الإرهاب، مؤسسة الحرمين ـ حالة دراسية، ترجمة النص متاحة على الرابط

(12) تقرير حول روابط السعودية مع تنظيم القاعدة، شبكة CNN الإخبارية، الموقع العربي، 13/7/2003م.

(13) أنظر ماثيو ليفيت، التخريب من الداخل: التمويل السعودي للجماعات الإسلامية المتطرفة في الولايات المتحدة الأمريكية، 3/4/2004. النص متاح على الرابط

(14) Adrian Morgan, Exclusive: Saudi Arabia’s Export Of Radical Islam, The Family Security Foundation, Inc, January 25, 2007, link

(15) نائب أمريكي، السعودية الممول الأول للإرهاب، شبكة CNN الأمريكية، الموقع العربي على شبكة الإنترنت، بتاريخ 31/7/2007.

(16) صحيفة الحقائق، عدد 26/11/2003، النص متاح على الرابط التالي

http://www.alhaqaeq.net/defaultch.asp?action=showarticle&secid=3&articleid=14166

(17) أنظر: وزارة المالية الأمريكية تستحدث منصباً جديداً لباحث مقيم في شؤون التمويل الإسلامي، نص البيان متاح على الرابط

(18) أنظر: سوزان سميث، نشر الأصولية السعودية في الولايات المتحدة الأمريكية، صحيفة واشنطن بوست، عدد 2أكتوبر 2003، ص 10. الترجمة العربية متاحة على الرابط

(19) وزارة الخارجية الأمريكية، بيان حقائق بأسماء المنظمات المدرجة على اللائحة، منسق شؤون مكافحة الإرهاب، واشنطن العاصمة، 8 إبريل 2008. النص متاح على الرابط

(20) تقرير الكونجرس الأمريكي حول تمويل الإرهاب، مؤسسة الحرمين ـ حالة دراسية، ترجمة النص متاحة على الرابط

(21) ماثيو ليفيت، مكافحة تمويل الإرهابيين بالرغم من السعوديين، معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، سلسلة متابعات سياسية، العدد رقم 673، بتاريخ 1/11/2002. النص متاح على الرابط

(22)  شهادة آدم زوبن (Adam Szubin)، مدير مكتب الرقابة على الممتلكات الأجنبية بوزارة الخزانة الأمريكية (OFAC)، أمام لجنة البنوك والإسكانوالشؤون الحضرية بمجلس الشيوخ الأمريكي، بتاريخ 28 سبتمبر 2006. النص متاح على الرابط: http://www.ustreas.gov/press/releases/hp92.htm

(23) قال ستيوارت ليفي (وكيل وزارة المالية الأمريكية لشؤون مكافحة الإرهاب واستخبارات تمويله): “إن من المعيب بصفة خاصة أن تعلن جماعات عن أنها منظمات خيرية أو دينية، ثم تخدع المتبرعين لها بتحويل أموال لدعم الجماعات الإرهابية .. لقد كان القلق يساورنا منذ مدة طويلة تجاه مكاتب منظمة الإغاثة الإسلامية الدولية تلك؛ والآن نتخذ إجراء علنيا من أجل قطع هذا الخط من سلسلة التمويل في شبكة القاعدة”. أنظر: سوزان كروز، منظمة خيرية سعودية في الفلبين وإندونيسيا مرتبطة بتمويل الإرهاب، نشرة واشنطن، مكتب برامج الإعلام الخارجي بوزارة الخارجية الأمريكية، واشنطن، 4 أغسطس، 2006.

(24) من بين القيود التي فرضتها الحكومة السعودية كذلك: ضرورة فتح الحسابات الخيرية بالريال السعودي فقط، وتقوية الإجراءات اللازمة للتحقق من هوية العميل بالنسبة للحسابات الخيرية، وضرورة تجميع كل جمعية خيرية لجميع حساباتها في حساب رئيسي واحد، مع السماح ببعض الحسابات الفرعية، ولكن للإيداع فقط، بينما تتم جميع عمليات السحب والتحويل من خلال الحساب الرئيسي، وكذلك منع دفع المبالغ النقدية من الحسابات الخيرية، والصرف بدلاً من ذلك من خلال شيك مصرفي تدفع قيمته للمستفيد الأول ويودع في أحد البنوك السعودية، وكذلك حظر استخدام الصراف الآلي والبطاقات الائتمانية من قبل الجمعيات الخيرية، وكذلك منع تحويل الأموال من حسابات الجمعيات الخيرية إلى خارج المملكة.

(25) في أغسطس 2003، كشف المشرف العام على الجمعيات الخيرية في وزارة الشئون الاجتماعية السعودية أن الوزارة تعتزم مراجعة الحسابات المالية الخاصة بالجمعيات الخيرية التي تشرف عليها، وهذه المراجعات ستكون وفقًا لمحاسبين قانونيين تنتدبهم الوزارة للتأكد من صحة المستندات، كما أكد أن الجمعيات ستبدأ في تقديم تقارير ربع سنوية عن ميزانياتها الخاصة لوزارة العمل وذلك تحت إشراف مكاتب محاسبية متخصصة للقيام بتدقيق حساباتها. أنظر: صحيفة القبس الكويتية، عدد 3/8/2003.

(26) مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية، بعد إقرار قانون مكافحة غسيل الأموال ـ السعودية تتبنى إستراتيجية متكاملة لمكافحة تمويل الإرهاب، القاهرة، تقرير التحليلات الأسبوعي، عدد 23/8/2003.

(27) فواز محمد، السعودية ـ حل مؤسسة الحرمين الخيرية، موقع إسلام أون لاين. نت، 5/10/2004.

(28) جاء إقرار هذا النظام استكمالاً للإجراءات التي اتخذتها المملكة في مواجهة هذه الظاهرة، فقد وقعت (29/11/2001) على الاتفاقية الدولية لمنع تمويل الإرهاب، واتخذت العديد من الخطوات لضمان تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1373 لعام 2001، الخاص بمكافحة الإرهاب وتجميد حسابات الأشخاص والمنظمات الإرهابية، كما فرضت نظاماً متشدداً على التحويلات المالية، بحيث لا يُسمح بها إلا من خلال البنوك ولا يُسمح للجمعيات الخيرية بالعمل في المملكة إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك وإخضاع أعمالها وحساباتها للمراقبة والمراجعة من قبل الجهات الحكومية المختصة. وإتباع بعض المعايير القانونية والاقتصادية والإشرافية، مع تقليل الطلب على الحوالات التي لم يصرح لها بالعمل. وقد أصدرت لجنة المهام المشتركة للعمليات المالية الأمريكية، تقريراً أشارت فيه إلى أن المملكة أضحت مستوفية للمعايير الدولية، أو تكاد أن تكون كذلك، في جميع المؤشرات بالنسبة للأدوات الفعالة لمحاربة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

(29) مؤسسة خيرية غير ربحية مقرها الرياض أنشئت عام 1411 هـ، بهدف الدعوة إلى الله، وبناء المساجد والمدارس والمراكز الإسلامية، وكفالة الأئمة والمدرسين والدعاة والأيتام. وإقامة الدورات في العلوم الشرعية وتوزيع الكتب، وإقامة حلقات تحفيظ القرآن، وحفر الآبار، وبناء المستوصفات الطبية، والقيام بأعمال إغاثية مختلفة. وتعتمد المؤسسة في تمويلها على التبرعات ومشاريع الوقف الخيري، حيث أنفقت على بناء ما يزيد على ألف وخمسمائة مسجد، إضافة لبناء ما يزيد على 520 مدرسة، وحفر أكثر من 230 بئرًا، وكفالة نحو 650 داعية و1000 يتيم. وقامت المؤسسة بطبع نحو مليون وسبعين ألف مطبوعة في العقيدة. وسبق للمؤسسة أن حازت على تزكية جمع من كبار العلماء بالمملكة، كالشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي المملكة الأسبق، والشيخ محمد بن صالح العثيمين المفتي السابق.

(30) تقرير الكونجرس الأمريكي حول تمويل الإرهاب، مؤسسة الحرمين ـ حالة دراسية، مصدر سابق.

(31) تقرير الكونجرس الأمريكي حول تمويل الإرهاب، المصدر السابق.

(32) أنظر: وفد من أف بي أي والخزانة الأمريكية في جدة لمناقشة قيود جديدة على العمل الخيري، صحيفة القدس العربي، لندن، عدد 2/8/2003.

(33) جوش لفكوتز وجوناثان ليفين، مبالغة في تصوير الإجراءات التي اتخذتها السعودية ضد الإرهاب، مجلة ناشونال ريفيو أون لاين  (National Review Online) 9/3/2004.

(34) أنظر: نص شهادة توماس هارينجتون Thomas J. Harrington، نائب مساعد مدير قسم مكافحة الإرهاب بمكتب التحقيقات الفيدرالي، أمام لجنة العلاقات الدولية للشرق الأوسط وآسيا الوسطى بمجلس النواب الأمريكي، 24/3/2004م).

(35) أنظر: أنتوني كوردسمان، ونواف عبيد، مصدر سابق، ص 32 ـ 34.

 

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close