fbpx
الشرق الأوسطندوات ومؤتمرات

المصالحة الفلسطينية: التطورات والتداعيات

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

نظّم المعهد المصري للدراسات السياسية والإستراتيجية ، في مقره بالعاصمة التركية اسطنبول ، الاربعاء الموافق 25 اكتوبر ندوة سياسية بهدف متابعة تداعيات موضوع المصالحة الفلسطينية . وذلك بحضور عدد من الأكاديمين الفلسطينيين وهم: الدكتور الدكتور سامي العريان “مدير مركز الإسلام والشئون الدولية، جامعة صباح الدين زعيم”، ود. أحمد العطاونة “مدير مركز رؤية للتنمية السياسية”، ود. سعيد الحاج ” الباحث الفلسطيني”، والأستاذ محمد أبو سعدة “الباحث في المعهد المصري”، وبمشاركة فريق الباحثين بالمعهد.

وأدار الندوة الدكتور عمرو دراج “رئيس المعهد المصري” ؛ وقد استهلت الندوة بعرض نتائج استطلاع رأى كان قد أجراه مركز رؤية للتنمية السياسية “المختص في الشأن الفلسطيني”، خلال الفترة 20-22 آب 2017م بالأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث تناول تأثير الأطراف الفاعلة على توجهات الجمهور الفلسطيني.  حيث بلغ حجم عينة الإستطلاع نحو 1360 شخصاً وقد كان من أهم نتائجه :  53.9% أن أداء السلطة سيتحسن إذا تغيرت قيادتها . بينما أفاد 70.9% من أفراد العينة بأنهم غير مطمئنون لمستقبلهم الإقتصادي والمالي في ضوء سياسة السلطة الإقتصادية .

وقد رأى 49% بأن عباس يتحمل مسؤولية عودة دحلان للمشهد السياسي . بينما أيد51.7% من أفراد العينة رد المقاومة في غزة على الإعتداءات الإسرائيلية حتى لو أدى إلى حرب . وقد رفض 71.7% من أفراد العينة تقديم تنازلات سياسية لإسرائيل لتجنب المعاناة الإنسانية الفلسطينية . وقد عبّر 59.6% عن رفضهم أي تسوية إقليمية ودولية تتجاوز الحقوق التاريخية للفلسطينيين. وأخيراً وافق 38.0% من أفراد العينة بأن الفصائل الفلسطينية مازالت تحمل مشاريع وطنية حقيقية . بينما وافق 32.4% بأن قيادات الفصائل تعبّر عن تطلعات الفلسطينيين. .

وقد تمت الإشاده بنتائج إستطلاع الرآى من قبل المختصين لملامستها للواقع المعاش في الأراضي الفلسطينية ( الضفة الغربية و قطاع غزة ). ومن أهم خلاصات استطلاع الرآى ، وعلى الرغم بأنه تم عقب الإعلان عن تفاهمات حماس – دحلان في القاهرة ، وقبل إعلان المصالحة الفلسطينية مؤخراً بين عباس وحماس:

1-أن الشعب الفلسطيني غير منقسم حول المقاومة وأدواتها المختلفة بأغلبية الثلثين.  وكذلك جدد الشعب الفلسطيني تمسكه بحقوقه  وأنه لا يقبل التنازل عن القضايا الرئيسية والجوهرية في قضيته . كما أنه غير منقسم في الرآي أن عملية التسوية السياسية مع الكيان الصهيوني قد وصلت الى طريق مسدود.

2-إنخفاض درجة ثقة الشعب الفلسطيني في الفصائل الفلسطينية وإنخفاضها إلى الثلث فقط ، إلا أن الإستطلاع عكس عن وجود رغبة قوية في تشكيل حكومة وحدة وطنية و إعاده تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية  على أسس مناسبة . وأن المزاج الفلسطيني العام بات يميل إلى شخصيات تميل لحركة فتح بنسبة تتراوح ما بين ( 50-60%) .

3- أن محمد دحلان يتمتع بشعبية جيدة في قطاع غزة تصل إلى الربع تقريبا 24% ، بينما شعبيته  في الضفة الغربية لا تزال ضعيفة تقدر بـ 5%فقط.

وقد استغرب عدد من الحضور من نتائج الإستطلاع بقولهم كيف يريد الفلسطينين مصالحة وحركة فتح ، وكيف يريدون مقاومة ويرفضون التسوية السلمية ؟ وهي لا تتماشي مع رؤية الرئيس الفلسطيني محمود عباس وكذلك موقف الدول الاقليمية و الدولية ؟

وقد كان الرد على هذه التساؤلات أن عناصر و كوادر حركة فتح لا تختلف تماماً عن موقف حركة حماس من المقاومة . وأن المزاج العام لحركة فتح يريد المقاومة ، والدلائل على ذلك كثيرة، منها  أن معظم المعتقلين في السجون الإسرائيلية هم من أبناء حركة فتح وهم أيضا أصحاب المحكوميات العالية ” المؤبدات”. وأن الشعب الفلسطيني يبحث عن أوضاع شبيه بالأوضاع التى كان يعيشها الفترة الممتده ما بين 2000- 2004 م، مقاومة ناجعة مؤلمة لإسرائيل؛ و سلطه تدير شئون البلاد والعباد .

وبالنسبة لموضوع المصالحة ، فإنها قد عرضت وجهات نظر مختلفة ، منها ما يدعو إلى ضرورة السعي إليها ، ومنها من تتخوف كثيراً من استدراج حماس للقبول بما قبلت به حركة فتح.

 

لماذا عقدت المصالحة بين عباس و حماس في هذا التوقيت ؟

(أ) أسباب تتعلق بالداخل الفلسطيني:

  1. الوضع  المأساوى الذى وصل إليه قطاع غزة في كل شئ ؛ وهناك تقارير دولية  وتقارير لمنظمات أهلية تشير إلى كارثية الوضع في غزة . والذي يتزامن مع وجود رئيس المكتب السياسي لحركة حماس السيد إسماعيل هنية في قطاع غزة ، مما جعله يخضع لضغوط محلية داخلية قوية تدفعه للتوجه إلى المصالحة . إلى جانب ضغوط دولة الاحتلال.
  2. أن المقاومة الفلسطينية رأت أن البديل عن المصالحة الفلسطينية هي حرب جديدة مع إسرائيل ،والتى لن تحقق أي مكاسب سياسية في ظل حالة الإنقسام الفلسطيني و المتغيرات الإقليمية والمواقف الدولية كنموذج حرب 2014م.
  3. تفاهمات حماس – دحلان ، والتى تزامنت مع إجراءات مصرية هدفت إلى تخفيف الحصار عن غزة من خلال تقديم تسهيلات في الكهرباء و المحروقات ، أقلقت عباس عن طبيعة الدور المصري .
  4. خشية الرئيس الفلسطيني محمود عباس من قيام حماس بتشكيل دولة مستقلة في غزة ، والتى قد ترضى طموح عدد من الدول الإقليمية و الدولية ، خصوصاً أن إداره ترامب تحضر لما تسمى ( صفقة القرن)  والتى هي في الحقيقية صنيعة إسرائيلية خالصة .
  5. شعرت حماس أن غزة المحاصرة لم يبقى أمامها سوى الحرب فقط . كما أن الضفة الغربية أصبحت أكثر تمزقاً ، وأن مخططات تصفية القضية الفلسطينية تسير بخطى ثابتة. إلى جانب رغبة حماس في إعاده روح المقاومة الفلسطينية إلى الضفة الغربية .
  6. رغبة حماس في كسب ثقة الشارع الغزى ، من خلال تقديم تنازلات تهدف لتخفيف الحصار عنهم ، وهو ما قد يشكل عامل ضغط على محمود عباس بأنه من سيتحمل نتائج فشل المصالحة أمام الشعب الفلسطيني، وكذلك أمام دولة مصر الراعية للإتفاق.
  7. أن ما تم الإتفاق عليه ليس بجديد وإنما هو إحياء لإتفاقيات سابقة ، وتحديداً إتفاقية عام 2011م، وقد قدمت حماس تنازلات قابلها أيضا تنازلات من عباس . فشروط عباس السابقة لم تذكر هذه المره ومنها على سبيل المثال ( الإعتذار للشعب الفلسطيني  على أحداث يونيو 2007م) .
  8. رغبة حماس في الدخول لمنظمة التحرير الفلسطينية وإصلاحها من الداخل وتبنيها لمواقف المقاومة ، ويأتي تصريح رئيس المكتب السياسي لحماس في غزة السيد  يحيي السنوار مؤخرا حول سلاح المقاومة في هذا المسار. علما أن حركة حماس لا تزال تضع أمامها نموذج ( حزب الله ) مع الإختلاف الكمي .

 

(ب)أسباب متعلقة بالإقليم:

وكلها تشكل تخوفات حقيقية من دافعية الضغط الدولي و الإقليمي لتحقيق هذه المصالحة ومنها :

  1.  إنحسار ثورات الربيع العربي ، وما تبعها من إشكاليات أضعفت موقف القضية الفلسطينية .مع وجود رغبة إسرائيلية تهدف إلى تسكين الجبهة الجنوبية ( قطاع غزة ) في ظل تزايد احتمالية نشوب حرب في الجبهة الشمالية مع حزب الله و سوريا .
  2. رغبة الأطراف الإقليمية و الدولية في فرض حلول على القضية الفلسطينية ، تنهي فكرة وجود حل الدولتيين (فلسطينية وإسرائيلية) ، وكذلك فكرة دولة واحدة لشعبين ، وإنما المنظومة الإقليمية و الدولية تتبني فكرة كيان فلسطيني عبارة عن كنتونات فلسطينية لديها حكم ذاتي لا أكثر ( دولة أبارتيد).
  3. قد تكون هناك محاولات أمنية تهدف إلى إستدراج  حماس إلى صراع مع تنظيم الدولة في سيناء.
  4. محاولة تطويع حركة حماس وإستيعابها ، لكى لا تكون حجر عثره أمام المشاريع الإقليمية و الدولية الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية .
  5. القضاء على سلاح المقاومة وذلك ليس بالضرورة من خلال سحبه ، وإنما تحييده و تغييب فعاليته ، بالشكل الذي يقلل من قيمته و بالتالي اختفاؤه تدريجيا.
  6. هناك رغبة مصرية حقيقية بأن يكون لها دوراً إقليمياً كبيراً عبر البوابة الفلسطينية ، في ظل الحديث عن صفقة القرن التى ينوى الرئيس ترامب تقديمها في الأيام القادمة .
  7. الموقف الإقليمي لبعض الدول – الصديقة لحماس- كان أقل من المتوقع في دعمها لكي تنجح في مواجهة أزماتها. مما جعلها قابلة للإستجابة للضغوط التى تعرضت لها في ملف المصالحة الفلسطينية ، وإدارة غزة . خاصة في ظل وجود تشابه بين الضغوط التى تعرضت لها حركة فتح سابقا والذي دفعها لتوقيع اتفاقية اوسلوا 1993م.

 

معيقات المصالحة :

  1. إن ما جرى ليس ( مصالحة ) وإنما ( تسليم سلطة) وهنا فرق كبير في المفهومين . فحماس تركت الحكم ولكنها لم تترك سلطتها عبر قدارتها العسكرية التى تمتلكها. إلى جانب وجود عدد كبير من موظفين حماس سيبقون على رأس عملهم.
  2. إسرائيل قادرة في أي وقت إفشال المصالحة الفلسطينية و هي لن تجد صعوبة في إحداث ذلك .
  3. ملف السلاح بالنسبة لفصائل المقاومة الفلسطينية من الملفات الحساسة التى يصعب مناقشتها، وكذلك مسأله الاعتراف بإسرائيل . إلا أنه يجب استمرار المتابعة لملف المصالحة ، لمعرفة هي سنشهد تنازلات استراتيجية في هذه الملفات.
  4. إن المشكلة الحقيقية بين فتح وحماس في أساسه صراعا حول تمثيل الشعب الفلسطيني ، في هذا التوقيت وليس مقاومة العدو ، وهو ما يشير إلى إمكانية إشتعال الخلافات مره أخري ، خاصة أن حركة حماس تمتلك قوة عسكرية في قطاع غزة قادرة على إفساد أى مصالحة ، وكذلك حركة فتح في الضفة الغربية . لذا فإن المطلوب هنا هو تجاوز هذا الأمر والتركيز على هدف المقاومة و إستعادة الحقوق.
  5. في حال طلب عباس من حركة حماس المزيد من التنازلات وهو ما سترفضه حماس . سيشكل تهديداً حقيقيا للمصالحة الفلسطينية .
  6. الشعب الفلسطيني هو الرهان الحقيقي دائما في القضية الفلسطينية ، وهو قادر أن يقلب الطاولة على الجميع إذا شعر أن المصالحة أو غيرها ستشكل خطراً على القضية الفلسطينية . وتحديداً في القضايا الرئيسية اللاجئين و القدس و الأراضي ..الخ.
  7. إذا كان الهدف من المصالحة هو تصفية حماس على أن يكون البديل هو تنظيم الدولة ، ستحرص كافة القوى عدم وصول تنظيم الدولة و المحافظة على حركة حماس.

 

ختاماً :

وضح المشاركون تفهمهم  لتخوفات البعض حول القضية الفلسطينية، مؤكدين بأنها تخوفات مشروعه . إلا أنه يجب الفهم بأنه لا يوجد مسار سياسي لا يحتمل على مخاطر ، كما أن القول بأن حماس تسير على خطي فتح فهو كلام غير دقيق. مع الوضع في الإعتبار أن القضية الفلسطينية ليست غزة فحسب فالضفة الغربية وما تتعرض له يحمل الكثير من المخاطر وهي حاضرة في المشهد الفلسطيني. وأن غموض المشهد أمام العالم العربي والإسلامي عن المصالحة الفلسطينية هو ناتج عن ضعف المكانة الإعلامية في التعامل مع موضوع المصالحة الفلسطينية . مما يقضي المعالجة ، كما أن أهم ما يجب أن تحافظ عليه حماس هو مؤسسيه القرار و ليس التفرد به حيث أن الشورى والمشاركة هي أكبر ضمان للثبات على الطريق الصحيح وتجاوز العقبات.

—————————

الهامش

1  لقراءة المزيد حول الاستطلاع، مركز رؤية للتنمية السياسية ، الرابط.

 

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close