fbpx
الحركات الإسلاميةتقديرات

حماس والسلفية الجهادية: مسارات ملتبسة

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

تمهيد:

أفاد المتحدث باسم وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة إياد البزم، أن حدثا أمنيا وقع في ساعة مبكرة من فجر يوم الخميس الموافق 17-8-2017م، في منطقة الحدود الجنوبية شرق معبر رفح جنوب قطاع غزة . وأضاف أن قوة أمنية أوقفت شخصين لدى اقترابهما من الحدود، فقام أحدهما بتفجير نفسه، مما أدى إلى مقتله وإصابة الآخر، فيما أصيب عدد من أفراد القوة الأمنية أحدهم بجراح خطيرة (قبل أن يعلن لاحقا عن استشهاده)، وتم نقل الإصابات إلى مستشفى أبو يوسف النجار لتلقي العلاج1.

 

أسباب الخلافات بين حركة حماس والسلفية الجهادية في غزة:

السلفية الجهادية المتواجدة في قطاع غزة والتى تقدر أعداد أفرادها المسلحين ما بين 2000-4000 عنصراً، تنطوى تحت لواء أكثر من تشكيل مسلح أهمها:

  • جيش الإسلام، والذي تعود جذوره إلى عام 2005م.
  • جيش الأمة المؤسس عام 2007م.
  • مجموعة “جلجلت”.
  • مجموعة سيوف الحق التى تأسست عام 2007م.

إضافة الى جماعات أخرى تخرج في أوقات متباعدة، كتنظيم جند الله، والجبهة الاسلامية لتحرير فلسطين، وأبناء أهل السنة والجماعة، وجحافل التوحيد والجهاد… وغيرهم2.

ومن الملاحظ أن ظهور الحركات السلفية الجهادية في قطاع غزة ظهرت بين أعوام 2005م، و2007م، وهي الفترة التى عانى فيها قطاع غزة من غياب المنظومة الأمنية، بسبب الخلافات بين حركتي حماس وفتح، وصولا الى حالة الإنقسام عام 2007م، والتى عززت من وجود الجماعات السلفية لأسباب عدة أهمها:

1ـ وجود بعض العناصر صاحبة الفكر المتشدد من أبناء حركة حماس والتى كانت تمنى نفسها بأن تقوم “حماس” بإعلان الخلافة الاسلامية في قطاع غزة، عقب فوزها في الانتخابات التشريعية عام 2006م، إلا أن هذا لم يحدث. مما جلعهم يتبنون أفكاراً أقرب إلى السلفية الجهادية وتنظيم “داعش”، وهذا ما قد يفسر سقوط قتلى في معارك داخل سيناء لأشخاص قيل عنهم بأنهم كانوا من القسام. مثل محمد أبوعاذرة، ومعاذ القاضى، وخليل الحمايدة، الذين قيل بأنهم من يقفون خلف إعتداء على إحدى نقاط الجيش المصري في 10-7-2017م3.

2ـ التداعيات السلبية التى تركتها حادثة مسجد ابن تيمية عام 2009م، فبعد أن قام الشيخ عبد اللطيف موسى، بإعلان إقامة الخلافة في غزة من على منبر مسجد ابن تيمية في رفح عام 2007م، قتل هو وجماعته على أيدي الجناح العسكري لحماس كتائب القسام4.

3ـ نتائج الأحداث الدموية التى شهدها قطاع غزة عام 2007م، وتسلل عناصر من حركة فتح والسلطة الفلسطينية العسكريين السابقين إلى السلفية الجهادية لحماية أنفسهم من “اعتداءات” حركة حماس بعد أحداث يونيو 2007م، مع احتمالية وجود رغبه في نفوسهم للانتقام من حركة حماس.

4ـ تأثر الشباب الفلسطيني في قطاع غزة بتنظيم داعش سواء بشكل أو غير مباشر عبر وسائل التواصل الاعلامي التى يمتلكها تنظيم الدولة، أو من خلال التواصل المباشر بين شباب غزة وسيناء عبر شبكة الانفاق الواصلة بين مصر وقطاع غزة والتى عملت بنشاط كبير لعده سنوات.

5ـ طريقة تعامل حركة حماس الأمنى والذي وصفته بعض قيادات السلفية الجهادية في أكثر من بيان بأنه “قاسي وحاد” مع بعض عناصر السلفية الجهادية في غزة؛ بعد اعتقالهم إثر أعمال تصفها حماس إما بالتخريبية أو المشبوهة.

6ـ التقارب بين دحلان وحماس برعاية المخابرات المصرية، حيث ترى السلفية الجهادية أنه موجه ضدها في المقام الأول، وسوف ينعكس عليها سلبا.

7ـ دور الموساد الصهيوني، في خلق الأزمات لقطاع غزة عموما، وبين حماس والحركة السلفية الجهادية في غزة. فلا يوجد ما يمنع من وجود عناصر مشبوهة تعمل على تأجيج الصراع بينهما.

 

ما الجديد في الحدث؟

وصول العلاقة بين حركة حماس والسلفية الجهادية بشكل دموي، لم تكن الظاهرة الاولي ؛ ولكن الجديد في هذا الحدث يتمثل في عدة نقاط أهمها:

1ـ طريقة التنفيذ “التفجير” تعد تطورا كبيرا وخطيرا في العلاقة بين الطرفين، ففي الأوقات السابقة كانت تتهرب عناصر السلفية الجهادية من الاعتقال، أو خلافات لفظية، وإن وجدت إشتباكات تكون محدودة وتحت السيطرة، أما قيام شخص بتفجير نفسه هي نقله كبيرة في العلاقة بين الطرفين دون شك.

2ـ وجود أكثر من طرف في المشهد، فلا يمكن تصور المشهد بأنه حدث فلسطيني داخلي. وإنما قد يمكن وصف الحدث بأنه إقليمي، فالمكان كان بجوار الحدود المصرية الفلسطينية، والتوقيت جاء في ظل فتح مصر لمعبر رفح لأهل غزة بعد شهور من الإغلاق، وفي ظل الحديث عن تفاهمات ما بين مصر وحماس تغضب تنظيم الدولة في سيناء من جانب، وتقارب بين دحلان وحماس يغضب عناصر فتح التابعين للرئيس الفلسطيني محمود عباس من جانب آخر.

3ـ بيان السلفية الجهادية واحتوائه على عبارات قاسية، بوصفهم من فجر نفسه أنه “شهيد”، وأن الحادثة كانت نتيجة طبيعة ” ردا على سلوكيات حماس في حق مجاهديها”. مهددين “الدم الدم والهدم الهدم”.

 

مسارات العلاقة بين حماس والسلفية الجهادية

في إطار هذه المسارات يمكن التمييز بين عدة سيناريوهات

السيناريو الأول: توتر شديد

ربما تشهد الأيام القادمة توتر كبير بين حركتي حماس والسلفية الجهادية، فمن المتوقع أن تقوم حماس بتنفيذ حملة اعتقالات في حق عناصر السلفية الجهادية في غزة. ومصادره بعض أسلحتها، مما يعزز من حدوث اشتباكات متفرقة ومحدودة من فترة لأخرى بين رجال أمن حركة حماس وعناصر السلفية الجهادية.

السيناريو الثاني: إنفجار الأوضاع فى غزة

ربما تصل الأمور في غزة الى النقطة التى لا يحمد عقباها، وقد يأتي ذلك نتيجة لثلاث أسباب، الأول، خطوات تصعيدية تقوم بها حركة حماس في حق عناصر الجهادية، يترتب عليها سقوط بعض عناصر السلفية الجهادية، مما يدفعها للرد بالمثل. الثاني، في حال وصلت قناعات لعناصر السلفية الجهادية بعدم التحاور مع حماس، وعدم قبول مسألة الاعتقال، والدفاع عن أنفسهم. الثالث، الدور الخفي الذي قد تلعبه بعض الأطراف الاقليمية والدولية في غزة والتى من شأنها تأجيج الصراع بين حماس والسلفية الجهادية.

السيناريو الثالث: بقاء الوضع على ما هو عليه

حيث تشير التفاصيل الأولية أن حادثة “رفح” والمتمثلة بقيام أحد عناصر السلفية الجهادية أنه حادث عرضي عفوى غير مخطط له. لذلك فربما تتخذ حماس قرارات “رشيدة” يساعدها في ذلك بعض مشايخ السلفية في غزة تساعد على إحتواء الموقف ومروره بسلام.

 

ختاما:

على الرغم من ان احتمالية حدوث السيناريوهات الثلاثة كبيرة، إلا أن السيناريو الأول “توتر شديد بين حماس والسلفية الجهادية “، قد يكون هو الأقرب في المنظور القريب، وربما يتدحرج الى السيناريو الثاني وذلك يرجع للأسباب الاتية:

  • وجود حالة ارتباك في قرارات حركة حماس على المستوى السياسي في الآونة الأخيرة قد تدفعها إلى إتخاذ قرارات خاطئة.
  • أن السلفية الجهادية قد إكتسبت أفكاراً وسلوكيات أكثر تشددا بعد إختلاطها مع تنظيم الدولة في سيناء. مما قد يجلعها لا تقبل بحلول “تحول” بينها وبين الساحة السيناوية. وهي أمر من الصعب أن تقبل به حماس الآن في ظل الحديث عن تفاهماتها مع دحلان وبرعاية المخابرات المصرية مؤخراً.
  • من مصلحة الأطراف الناقمة على المقاومة الفلسطينية وصمود شعبها، أن تحاول زعزعة الوضع الأمنى في قطاع غزة من خلال زرع بعض العناصر التى من شانها أن تؤجج الصراع بين حماس والسلفية الجهادية ( ).

——————-

الهامش

(1)  موقع صحيفة الرسالة، “استشهاد قائد ميداني ومقتل انتحاري بتفجير شرق رفح“،تاريخ النشر 17-8-2017م، تاريخ الزيارة 17-8-2017م، الرابط.

(2)  محمد أبو سعدة، المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، “حماس والحركة السلفية في قطاع غزة: الواقع والآفاق“، تاريخ النشر 8-2-2016م، تاريخ الزيارة 17-8-2017م، الرابط.

(3)   مروة عبدالله ومحمد مجدى،مفاجأة: 3 من المشاركين فى هجوم رفح الإرهابى تدربوا فى معسكرات «القسام»، تاريخ النشر 10-7-2017م، تاريخ الزيارة 17-8-2017م، الرابط.

(4)  موقع دنيا الوطن، “الداخلية تعلن مقتل عبد اللطيف موسى برفح: عدد القتلى وصل إلى 22 قتيلاً“، تاريخ النشر 15-8-2009م، تاريخ الزيارة 17-8-2017م، الرابط.

(5) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close