fbpx
الحركات الإسلاميةكتب إليكترونية

الجزء الثامن: داعش ـ سياقات ومسارات وتساؤلات

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

 

تمهيد:

لمقاربة موضوع داعش والمشروع الذي تحمله نحن أمام ثلاث دراسات رصينة تعمقت في فهم الظاهرة الداعشية وتمكنت من فك رموزها وهي دراسة الدكتور هيثم مناع الصادرة سنة 2014 عن المعهد الاسكندنافي لحقوق الإنسان تحت عنوان “خلافة داعش من هجرات الوهم إلى بحيرات  الدم ” وهي قراءة حقوقية تقارب موضوع داعش من خلال دراسة السير الذاتية للأشخاص وليس للتنظيم كتنظيم لاعتبارات رآها الباحث مهمة ،ودراسة للدكتور معتز الخطيب وهو أستاذ منهجية الأخلاق–مركز التشريع الإسلامي والأخلاق، جامعة حمد بن خليفة المنشور على موقع مركز دراسات الجزيرة سنة 2014 تحت عنوان “تنظيم الدولة الإسلامية: البنية الفكرية وتعقيدات الواقع”ودراسة أيضا للدكتور شفيق شقير – باحث متخصص في المشرق العربي والحركات الإسلامية تحت عنوان :” الجذور الأيديولوجية لتنظيم الدولة الإسلامية،وقد اعتمد الكاتب في إعداد هذا التقرير على تجربته الخاصة في تغطية أحداث أفغانستان عن قرب منذ عام 1992 إلى عام 1998، وعلى تغطية حرب العراق بعد سقوط بغداد التي زارها عام 2004، فضلاً عن متابعته للتيارات الجهادية وإنتاجها. كما اعتمد على مجمل إرث القاعدة وتنظيم الدولة المتوفر على الإنترنت المكتوب والصوتي والمرئي.

وهي دراسات هامة سنحاول مقاربتها وجمع ما تناثر فيها من معلومات لنتمكن من تدقيق النظر حول الظاهرة الداعشية في مسارها التاريخي التأسيسي وفي مسارها العملي سواء في العراق أو في سوريا أو خارج القطرين لان الفحص الأولي يؤكد أن تنظيم الدولة في العراق هو غيره في سوريا وفي باقي الأقطار لاعتبارات تاريخية وسياسية وشخصية وعلاقاتية ومستقبلية فما يقال عن التنظيم في العراق وكيف توسع وانتشر لا يقال عنه في سوريا مثلا .

كيف تحولت فكرة الجهاد من الافغنة الى العولمة

للوقوف على الجذور الأيدولوجية التي يمتاز بها التنظيم، يجب العودة إلى الجذور الأولى التي جاءت بالقاعدة أولاً وميزتها عن عشرات التنظيمات والمجموعات الأخرى إبَّان مرحلة ما سُمِّي بالجهاد الأفغاني، ثم الولوج بعد ذلك في “النزاع بين القاعدة وتنظيم الدولة” وتقرير الفوارق الأيديولوجية بينهما.

ووفق هذا النهج كما قال الدكتور شقيق شقير يمكن تقسيم المراحل التي مرَّ بها التيار الجهادي، مع بعض التجاوز والتحفظ، إلى ثلاث مراحل: مرحلة الحشد للجهاد المهاجِر، ثم مرحلة الجهاد العالمي، ثم مرحلة إمارة الظواهري بعد قتل بن لادن، مع التنويه بأن هذه المراحل قد تتداخل، ومميزاتها قد تتعدد حتى من الناحية الأيديولوجية، ولكن يقوم بناؤها على الغالب وبما يؤدي الغرض من الدراسة، الذي هو تتبع الجذور الأيديولوجية لتنظيم الدولة فحسب.

وسنقتصر على فحص مرحلة الانتقال إلى الجهاد العالمي لأننا تطرقنا إلى مرحلة ماقبل استشهاد عبد الله عزام رحمه الله الذي كان بامتياز رجل تلك المرحلة الجهادية في افغانستان ،والمرحلة التي نحن بصددها يمكن شطرها إلى قسمين، منذ اغتيال عبد الله عزام إلى حين إعلان تنظيم القاعدة (1989-2001)، والأخرى من سقوط الخلافة في كابول إلى حين اغتيال أسامة بن لادن (2 مايو/أيار 2011).

الشطر الأول: 1989-2001

على الصعيد السياسي انخرطت الدول التي كانت تسهِّل قدوم المجاهدين في سياسة معاكسة، أي: في تسهيل ترحيلهم (خاصة بعد عام 1992) ، سواء إلى الجهات التي قَدِموا منها أو إلى دول ترضى باستقبالهم بعد أن كانت سابقًا قد سهَّلت قدومهم إلى أفغانستان -لاسيما وأن السوفيت انسحبوا من أفغانستان عام 1989 وسقط النظام الموالي لهم عام 1992- وعَلَت الأصوات المتذمرة من ثمرات أو تداعيات “الجهاد الأفغاني” في أكثر من دولة؛ ففي هذه الفترة تعولم الجهاد وانتقل إلى عدة مناطق مشتعلة بأطر تنظيمية واسعة، إلى الجزائر بعد الغاء المسار الانتخابي وصعود بعض أنصار الجبهة الاسلامية للانقاذ الى الجبال للدفاع عن الحق السياسي المغتصب منهم حسبهم وبدأت العشرية السوداء(عام 1991- 2001)، وحرب الشيشان خاصة بين عامي 1994-1996، وحرب البوسنة والهرسك ما بين عامي 1992 و1995، وفي هذه الفترة كانت العمليات الأمنية للجماعة(37) الإسلامية في مصر بدءًا من عام 1992 وإلى حين إعلانها مبادرة وقف العنف عام 1997 وما تبعها من مراجعا،هذه العولمة للجهاد لم تكن مرسومة او مخططة او لها قيادة موحدة او زعامة وانما تزامنت مع بعض بفعل ظروف محلية في كل بلاد ،وصارت بعد مدة عندما تفقد مبررات وجودها وفعاليتها ولاسيما عند الراي العام المسلم تعلن ارتباطها بالتنظيم الاكثر بروزا وتأثيرا حيث انتقلت من مبايعة القاعدة ايام بن لادن الى مباعية داعش ايام البغدادي ولاندري تبايع من في المستقبل .

وعلى صعيد القيادة للجهاد، تعزز حضور أسامة بن لادن كوريث فعلي لدور عبد الله عزام -الذي كما سبق الذكر كانت وجهة نظره واضحة من قضية الجهاد الموجه للاحتلال والجهاد الموجه للاحتراب الداخلي -، وإن تأخر نسبيًّا في حسم علاقته مع المملكة العربية السعودية التي لم يرجع إليها وأقام فترة في السودان (1992-1996) وهي نفس الفترة التي نشطت فيها الجماعة الإسلامية في مصر لذا تم اتهامه بأن له يدًا في بعض نشاط الجماعة الإسلامية على الأقل وهو ما نفاه السودان مرارًا وأكَّد أن ابن لان جاء مستثمرًا وليس “مجاهدًا”، وتعرض خلالها للملاحقة من الأميركيين وتم سحب الجنسية السعودية منه عام 1994(38  )، ليعود إلى أفغانستان مرة أخرى “مجاهدًا” ويُتوِّج جهوده بالتحالف مع أمير دولة طالبان الملا عمر، وهو التحالف الذي أعطى القاعدة الصورة والتوجه الذي اشتُهرت به، والذي ترجمته بإعلانها جبهة لمواجهة “الصليبيين والصهاينة” في صيف عام 1998.

وخلال هذه الحقبة لم تتوقف أفغانستان عن ممارسة دورها كمركز للجهاد أو الحاضنة الجاهزة لاستقبال كل من يعود إليها لائذًا أو لأية حاجة أخرى، لاسيما وأنه كان من السهولة بمكان الدخول إليها من باكستان أو الخروج منها، واستمرت الفصائل الجهادية في احتضان العرب رغم الحروب المتنقلة التي نشبت بينهم بعد سيطرة التحالف الشمالي بقيادة برهان الدين رباني على كابول، حتى إن العرب انقسموا على أنفسهم ومن ذلك الانقسام الشهير ما بين جماعتي قلب الدين حكمتيار ورباني. أما بعد سيطرة طالبان على العاصمة كابول عام 1996 أصبحت هذه الأخيرة لاحقًا عاصمة للجهاد الأممي المهاجر.

ويحدد الدكتور شقيق شقير في دراسته أهم سمات هذه المرحلة التنظيمية من مراحل الحركات الجهادية المهاجرة:

  1. أن تنظيم القاعدة أصبح المنظم للفكر الجهادي رغم كل الخلافات التي شغلت الساحة الجهادية الأفغانية، واستطاع استيعاب وتجاوز المراجعات الفكرية والفقهية التي أقدمت عليها الجماعة الإسلامية المصرية طيلة فترة التسعينات، وتكرست كابول في هذه المرحلة مركزًا للتخطيط ولتوجيه العمل الجهادي، بغضِّ النظر عن مدى كفاءتها وفعاليتها في هذا الدور.
  2. أطلقت القاعدة نسختها الجهادية، بحسب اعتقادها، كسبيل وسط بين جماعة الإخوان -بوصفها حركة إصلاحية وليست تغييرية شاملة- ومجموعات إسلامية متعددة كان لها حضورها في البيئة الأفغانية وتحمل أفكارًا “متطرفة” حتى بمعايير القاعدة، وكذلك كحالة تنظيمية وسطية ترفض الصيغة الحزبية المبنية على “العصبية” كما لا تثبت الخلافة العظمى لكل مدَّعٍ لعدم توفر شروطها
  3. لم تستطع القاعدة، التي شكَّلت ذروة التطور التنظيمي والفكري للحركات الجهادية المهاجرة، تجاوز معادلة “القيادة بالفكرة”، حيث إن ترابط الجماعة قد يكون عضويًّا إلى حد بعيد في أفغانستان أو بالقيادة عن بعد في بعض الحالات من خلال إيفاد موفدين وإرسال رسائل إلى ساحات الجهاد في دول أخرى، ولكن بقي نمط القيادة المعوَّل عليه، هو “البيعة” على الجهاد، والقيادة بالفكرة والتوجيه بالكلمة. وربما كان ذلك في سياق اجتناب “العصبية الحزبية”، ومحاولة للملمة التيار الجهادي ما استطاعت إليه سبيلاً.
  4. حسمت القاعدة أمرها “تنظيميًّا” بمواجهة العدو البعيد “أميركا والصهاينة”، مع احتفاظها بدفع الصائل، أي: المعتدي عليها، في حالة العدو القريب، أي: الأنظمة، وذلك بناء على مراجعة للمواجهات التي حصلت مع “الأنظمة” في أكثر من بقعة عربية وإسلامية.
  5. ففي هذه الفترة اتخذت النقاشات منحى تفصيليًّا أكبر، لاسيما مع تطور أدوات التواصل واتساع دائرة المنخرطين في الفعل الجهادي وتعدد ما تراكم لديهم من خبرات وتجارب ودراسات، وبقيت مسائل عدة يمكن وصف بعضها “بالأمهات” -والتي لا تزال حاضرة إلى اليوم- ولم تستطع القاعدة ضبط تأصيلها بحدود واضحة وحاسمة بالنسبة لأعضائها أو مؤيديها لاسيما وأن سلطة التقدير فيها نسبية، من أبرزها: كفر النوع وتكفير المعين، وإعذار المخالف، والإمرة والأمير في الواقع المعاص،فهذه المسائل الثلاث مرشحة دائمًا لأن تتناسل اختلافًا بين الجماعات والرموز الجهادية فهمًا أو تقديرًا، وهذه الثلاث تحتمل سلطة تقديرية تختلف من جهة إلى أخرى، والتشدد فيها تصورًا وإعمالاً وسَّع من صلاحية الجهاديين في تكفير الأعيان من سواهم من الأشخاص والجماعات المخالفة لهم، كما ربط شرعية قيام الجماعة وأميرها بإعلان الجهاد حصرًا، أي: بوجود قتال وأمير قتال أو وجود خليفة طبعًا.

الشطر الثاني: بين سقوط كابول واغتيال بن لادن

ما بين سقوط كابول عام 2001 واغتيال أسامة بن لادن (2 مايو/أيار 2011) جاء سقوط بغداد عام 2003 ليوفر ساحة حرب جديدة مع واشنطن تقاطعت مع حرب تحرير لفصائل عراقية وطنية وإسلامية متعددة انتهت بانسحاب أميركي من العراق في نهاية 2011.

وبالعودة لأهم المميزات التي طبعت هذه المرحلة، فقد امتازت بتعدد الساحات -اليمن والخليج والعراق والمغرب الإسلامي- وبالميل نحو عسكرة الصراع أكثر وعدم الاكتفاء بالعمليات الأمنية التقليدية للقاعدة؛ حيث بدأت فروعها تسيطر على أراض وتتحمل مسؤولية أمنها أو تتحرك فيها بحرية كما هو شأن قاعدة بلاد المغرب الإسلامي أو العراق على سبيل المثال. وفي هذه المرحلة فقدت القاعدة كابول بوصفها المركز والمرجع الذي كان يحتضن التفاعل في الخبرات والآراء والاجتهادات والنقاش ليصبح التشظي في ترجيح فكرة على فكرة أو اجتهاد على اجتهاد منوطًا بالجماعة المسيطرة على الأرض رغم انتمائها جميعًا للفكر الجهادي أو للقاعدة ولكن رمزيًّا في الغالب.

ويمكن الجزم بأن أهم تطور في مسيرة القاعدة في هذه المرحلة هو فتح جبهات جديدة وأساسية للجهاد بعيدة عن القيادة التي كانت تعيش ظروفًا صعبة وبدا كأن تأثيرها أحيانًا ضعيف على الساحات البعيدة عنها، ولمع أثناءها في العراق نجم أبو مصعب الزرقاوي (أحمد الخلايلة) الذي اختط لنفسه سبيلاً مختلفًا عمَّا اعتادت عليه القاعدة سواء في التفكير أو العمل واستوجب ذلك نقدًا متبادلاً بينه وبين أبي محمد المقدسي (عاصم محمد البرقاوي)( الذي كان يوصف بأنه شيخه، وقُتل الزرقاوي الذي كان يوصف بأنه من الجيل الثاني من التيار الجهادي، في جوان/حزيران 2006 لكنه خلَّف إرثًا جهاديًّا خاصًّا ترك بصماته في الحالة الجهادية العراقية، ويبدو أنها اشتدت وتكرست بعد مقتل ابن لادن واستلام الظواهري زمام القيادة في القاعدة.

كما اتسم نهج الزرقاوي بالإسراف في العنف وبدا أقرب إلى النموذج الجزائري(الجيا) الذي رأت فيه قيادة القاعدة نموذجًا شابته انحرافات ما أفقده الشرعية ففشل، لاسيما وأنه كان يستعدي حاضنته الشعبية؛ فالزرقاوي شكَّل نتوءًا في مسيرة القاعدة أكثر منه تطورًا طبيعيًّا:

  1. عزَّز من “سُنَّة” القتل ذبحًا للمخطوفين والأسرى وبثها للإعلام بقصد الترويع، بل ربما قد يكون أول من جعلها طريقة متبعة في التيارات الجهادية.
  2. بالغ في استهداف السنة من الصحوات أو ممن رضي بأن يكون جزءًا من النظام العراقي الجديد بأي شكل من الأشكال، فضلاً عن إذكاء الصراع والنزاع مع الجماعات الأخرى التي تشاركه الحرب ضد الأميركيين وضد النظام العراقي.
  3. تكفير الشيعة بالجملة واستهداف جمهورهم في العراق دون تمييز بين مدني وغير مدني، بسبب تحالفهم مع أميركا ونتيجة لمطاردتهم المقاومة العراقية ضد الأميركيين من المجاهدين العراقيين والمهاجرين.
  4. تعرض للنقد من قيادة القاعدة، بسبب تكفيره عامة الشيعة واستهدافهم عشوائيًّا وبسبب المبالغة في القتل للسنة إضافة إلى الحروب الجانبية التي أشعلها مع الفصائل الجهادية الأخرى بدلاً من التركيز على المحتل.

قراءة في الشخصيات المؤسسة لتنظيم الدولة داعش :

يعرض هيثم مناع مقاربة جد هامة عبر دراسته حول داعش من خلال اربع عناوين هامة اخترنا ان نفحص موضوعين فقط وهو موضوع داعش وصناعة التوحش وموضوع من هجرات الوهم الى بحيرات الدم ،حيث يستعرض السير الذاتية لاهم رموز داعش حيث توصل من متابعة تجربة داعش، من خلايا الزرقاوي إلى خلافة البغدادي، إلى ضرورة تناول التجربة عبر الأشخاص بعد أن تبين لنا تأثير الأشخاص على طبيعة وتركيب ووظيفة الإيديولوجية التي يعلنون عنها. فمن الصعب اعتبار تأثير الإيديولوجية على مكونات أصحاب القرار في هذه التجربة حاسما. ولعل هذا ما يفسر الغلو المتعمد والمشهدي الذي يحمل في طياته كل عناصر الهدم دون امتلاك أي تصور خلاق لإعادة البناء بغض النظر عن نمط الحياة المطلوب في هذا البناء.ونوردها فيما يلي

أبو مصعب الزرقاوي  … التأسيس المتوحش

اسمه أحمد فاضل نزال الخلايلة، أردني من الزرقاء. لا يتحدث أصحابه عن الفترة التي سبقت وصوله لأفغانستان في 1989 رغم أهميتها الكبيرة في التكوين النفسي لهذا الشاب الذي ولد في عائلة من عشرة أبناء في 1966 . توفي والده وهو في سن المراهقة فترك الدراسة لينضم لعصابة أشقياء وكان أول حكم قضائي عليه بتهمة حيازة المخدرات والاعتداء الجنسي وعمره 19 عاما.

في عام 1989 ، سافر الزرقاوي إلى أفغانستان للانضمام إلى ما يعرف اليوم بالأفغان العرب ضد الغزو السوفيتي، ولكن السوفيت كانوا يغادرون بالفعل في الوقت الذي وصل إليه. وهناك التقى بأبي محمد المقدسي الذي شكل بالنسبة له أول معلم سلفي جهادي. رجع بعدها إلى الأردن، واعتقل عام 1993 بعد العثور على أسلحة ومتفجرات في منزله. أمضى ست سنوات في سجن أردني مع أبي محمد المقدسي بعد الحكم عليهما بالسجن خمسة عشر عاما في قضية “بيعة الإمام” انتهت بعفو ملكي.

بعد إطلاق سراحه من السجن وفي عام 1999 عاد لأفغانستان وأقام معسكرا للتدريب برضا القاعدة ليعود للمنطقة في عام 2000 . من المفيد الإشارة إلى أن الزرقاوي قد تزوج من ثلاث نساء إحداهن في سن الرابعة عشرة من العمر. وقد سمع به العالم أول مرة على لسان كولن باول وزير الخارجية الأمريكي الذي تحدث عن تحالف بين القاعدة التي أوفدت الزرقاوي للعراق وصدام حسين.

في العام 2004 قام أبو مصعب الزرقاوي بذبح أحد الرهائن الأمريكيين في العراق، ويدعى يوجين أرمسترونغ، وذلك بجز عنقه بسكين في فيديو مصور قامت جماعة “التوحيد والجهاد” بنشره على الإنترنت لتبدأ سنّة جزُّ وقطع الرؤوس عند هذه المجموعة.

. أسس ما سمي بتنظيم “التوحيد والجهاد” وظل يتزعمه حتى مقتله في يونيو 2006  كان الزرقاوي يعلن مسؤوليته عبر رسائل صوتية ومسجلة بالصورة عن عدة هجمات في العراق بينها تفجيرات انتحارية، وإعدام رهائن. ويسجل محاضرات صوتية لأتباعه.

وإذا ما تركنا ما قاله في فريضة الجهاد جانبا نجد أساس ما عنده يعتمد موقفا تكفيريا من الشيعة يمكن متابعته في عدة محاضرات ومواقف أبرزها “حقيقة الرافضة رفض الله”. كذلك كان يتحدث بحقد عن الديمقراطية ويعتبرها سبيل المجرمين كما يتضح من مداخلته (ولتستبين سبيل المجرمين: الديمقراطية). بايع تنظيمه أسامة بن لادن في 2004 وصار اسم التنظيم إلى “قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين”.

تميز تنظيم القاعدة بعمليات استهدفت النجف وكربلاء والحجاج الشيعة وأماكن العبادة الإسلامية والمسيحية واليزيدية. وقد بدأ هذه العمليات بعملية استهدفت رئيس المجلس الإسلامي الأعلى محمد باقر الحكيم في 29 آب/أغسطس 2003 في مدينة النجف وقتل فيها ما لا يقل عن ثمانين ضحية. وفي آذار 2004 أدت تفجيرات استهدفت ذكرى عاشوراء إلى مقتل 271 شخص ومئات الجرحى.

بدأ الزرقاوي بعد إصابته يفكر جديا بنقل قيادة التنظيم إلى أحد الأعضاء العراقيين، وهو ما حدث بالفعل عقب مقتله، حيث أعلن عن أبي عبد الرحمن العراقي نائب أمير التنظيم، زعيما للقاعدة وكان قد وجه بدوره رسالة إلى أبي مصعب الزرقاوي في وقت سابق لقتله بعنوان “لبيك لبيك يا أبا مصعب”، وتولت قيادات عراقية ميدانية قيادة التنظيم بعد الزرقاوي، معتمدة سياسة الاستشهاد للمهاجرين والتمكين للعراقيين.

حاول تنظيم القاعدة في العراق جمع شتات الجماعات الجهادية من خلال إعلان مجلس شورى المجاهدين في العراق، وكان عبارة عن تجمع لعدد من الجماعات الجهادية، وتم الإعلان عنه في 15 يناير 2006 ، وتم اختيار عبد الله رشيد البغدادي لإمارة المجلس، وضم المجلس كلا من تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين وجيش الطائفة المنصورة، سرايا أنصار التوحيد، سرايا الجهاد الإسلامي، سرايا الغرباء، إضافةًُ إلى كتائب الأهوال وجيش أهل السنة والجماعة، وكان الغرض المعلن للمجلس “إدارة الصراع في مواجهة الاحتلال الأمريكي وما وصفهم بالعملاء والمرتدين “.ولكن سرعان ما تم حله في منتصف أكتوبر من العام نفسه، لصالح النواة الصلبة المحيطة بأبي عمر البغدادي التي اعتبرت نفسها الأكثر تأهيلا شرعا وجهادا لإعادة تأسيس الخلافة الإسلامية .

أبو عمر البغدادي :الضابط السلفي الحرفي  الذي عرقن داعش

هو حامد داوود محمد خليل الزاوي من مواليد قرية الزاوية التابعة لمدينة حديثة في ولاية الأنبار عام 1964 . ولد وعاش حياته في ولاية الأنبار. تخرج من كلية الشرطة في بغداد وكانت بداية عمله ضابطا في الشرطة العراقية. وقد كان معروفا في حديثة بتزمته الديني وبدأ ذلك يزداد بعد حرب الخليج الثانية في بداية تسعينيات القرن الماضي حتى انه تعرض اثر ذلك إلى مضايقات كثيرة من أجهزة النظام التي لم تكن في مواجهة وقتئذ مع السلفيين لضعف تواجدهم ولكنها وبسبب وجوده في جهاز أمني قررت فصله دون اعتقاله بتهمة الوهابية في 1993 . بعد تركه لوظيفته عمل في محل لتصليح الأجهزة الكهربائية بالقرب من منزله وكان كثير التردد إلى جامع العساف المجاور لمنزله إلى أن أصبح إماما للمصلين فيه.

يروي شهود من حديثة بأنه كان يعطي الدروس في العقيدة السلفية بموافقة ضمنية من السلطات التي لم تدخل في مواجهة مع السلفيين أو الإخوان المسلمين في التسعينيات. لم يكن الجهاد على أجندة الحلقة التي أحاطت بالبغدادي بقدر ما كان التركيز على تشذيب العقيدة من البدع والدعوة لإلغاء تعدد الأذان والسنة القبلية في صلاة الجمعة وغير ذلك مما يعتبره السلفيون مخالفة للسنة النبوية. يروي مؤيدوه أنه قد كتب مخطوطا فيه سبعين دليلا على كفر صدام حسين ولو أنه لا يظهر في أي موقع أو اقتباس. باشر التدريب مع عدد من إخوانه في حديثة بعد الاحتلال وشكل مجموعة من المقاتلين.

تواصل مع أبو محمد اللبناني وأبو أنس الشامي وانضم عبرهما إلى جماعة التوحيد والجهاد. تسلم عدة مهام وانتقل بين الولايات ثم صار مسئولا عاما عن تنظيمها. ويقول أبو أسامة العراقي في وصف أسلوب عمله “كان لا يقبل انضمام اي جندي للتنظيم إلا بعد معرفة عقيدته واختباره فكان رحمه الله يرفض انضمام من يحمل فكرا وطنيا يقاتل من أجل الديمقراطية”. في 30 ديسمبر 2007 دعا أسامة بن لادن إلى مبايعة أبو عمر البغدادي أميرا على “دولة العراق الإسلامية” وكانت معظم التشكيلات السلفية الجهادية في العراق قد بايعته.

في يوم الاثنين 19/4/2010 أعلنت قوات الاحتلال الأمريكية عن مقتل أبو عمر البغدادي وأبو حمزة المصري في منطقة الثرثار بعد مواجهات مسلحة لعدة ساعات.

لخص أبو عمر البغدادي طبيعة وأهداف تنظيمه في رسالة صوتية (منشورة في كتاب السلفية والإخوان وحقوق الإنسان ص 217 وما بعدها) وقد كان موقفه من عموم الشيعة وغير أهل السنة تكفيريا وعنيفا. كذلك كان له موقفا حادا من الحزب الإسلامي العراقي (الإخوان المسلمين) حيث جاء في مقال له: “إننا نحبُ الصراحةُ وإن كانتُ أحياناً مرَّة، ولكنُ ينبغي على أمتنا الغراءُ أن تدرك أن “الإخوانُ المسلمينُ” في بلادُ الرافدينُ وعلى رأسهمُ الحزبُ الإسلاميُ يمارسونُ اليومُ أشنعُ حملةُ لطمسُ معالمُ الدينُ في العراق، وخاصةُ ذروةُ سنامه الجهادَ؛ فبينما نجدُ الأكرادُ يعملونُ جاهدينُ لبناءُ دولتهمُ الكردية، والروافضُ الحاقدينُ لترسيخُ سيطرتهم على طولُ البلادُ وعرضها، وخاصةُ مناطقُ الوسطُ والجنوبُ ـ نجدُ الإخوانُ المسلمينُ بقيادتهم لجبهةُ “التوافقُ”، يعملونُ بكَدُ وجدُ لصالحُ الاحتلال، ضاربينُ عرضُ الحائطُ كلُّ الدماءُ التي أزهقَتُ والأعراضُ التي هتكَتُ والأموالُ التي أنفقَت، وطالبينُ بإلحاحُ فريدُ بَقاءُ الاحتلالُ ريثما تتوطدُ أركانُ دولةُ الرافضةُ بالعراقُ ويَتمُ بناءُ مؤسساتها العسكريةُ والأمنيةُ.”

يمكن القول أن أبو عمر كان يعيش الأشهر الأخيرة لما يمكن تسميته القيادة المشتركة العراقية الدولية للتنظيم. فقد بدأت قضية دور العراقيين في القيادة وإدارة العمليات وتحديد السياسات تبرز في العام الأخير قبيل مقتله. وقد لعبت النقاشات والمراجعات في سجن بوكا كذلك عمليات الانتساب والاستقطاب في الأنبار وصلاح الدين دورا كبيرا في ضرورة “عرقنة” مشروع دولة العراق الإسلامية وضرورة وجود كوادر عراقية في كل مواقع المسئولية مع الاستفادة القصوى من المقاتلين غير العراقيين. خاصة وأن استراتيجية الزرقاوي وما بعدها لم تحمل أي مشروع يتناول مشاكل الناس واحتياجاتهم. ولا نجد أية تصورات تتناول مستقبل الناس وقضايا معيشتهم بل تركيز على شحن الأحقاد المذهبية وتغيير نمط تفكير الناس في شعائرهم وعقائدهم. يقول أحد المخطوفين من قبل التنظيم في شهادة له “خلال أشهر لم أسمع عندهم موضوعا خارج التعبئة المذهبية ورفض الاحتلال. من يمت ذاهب للجنة ومن يعش حسبه الله ونعم الوكيل”.

هنا يمكن الحديث عن جيل قيادي جديد نال فيه العديد من ضباط الجيش العراقي السابقين والعديد ممن همشتهم سياسة “ترتيب أوضاع البيت الشيعي في الدولة” مكانا هاما ليس فقط في التنظيم العسكري وإنما في مجلس الشورى أيضا (نذكر للمثل لا للحصر ممن التحق بالتنظيم كل من العقيد حجي بكر) واسمه الحقيقي سمير الخليفاوي (والعقيد أبو عبد الرحمن البيلاوي) واسمه الحقيقي عدنان إسماعيل نجم (والعميد محمد الندى الجبوري )الملقب بالراعي( والعميد إبراهيم الجنابي والعقيد عدنان لطيف السويداوي (أبو مهند) والعقيد فاضل عبد الله العفري (أبو مسلم) والعقيد فاضل العيثاوي (أبو إلياس) والعقيد عاصي العبيدي والعقيد مازن نهير والمقدم نبيل عريبي المعيني (أبو عفيف) والمقدم محمد محمود الحيالي (أبو بلال) والمقدم ميسر علي موسى عبد الله الجبوري ” أبو ماريا القحطاني“ والأخير صار شرعي عام جبهة النصرة.ُُ

مع هذا الجيل دخل في قاموس التنظيم موضوع “عراقية القيادة” وقضية التمويل المتعدد المصادر والعمليات العسكرية ذات المردود الاقتصادي وجمع الإتاوات وسرقة موارد الدولة وخطف الرهائن وتهديد رجال الأعمال في أرزاقهم إن لم يدفعوا إتاوات يحمون بها حياتهم.

كذلك استنفار رجال أعمال سلفيين من داخل وخارج العراق والاستفادة من الطاقات المالية لأشخاص من النظام السابق لتغطية تكاليف ومصاريف التنظيم المتعددة الخ.

أبو بكر البغدادي :الخليفة العام الذي سخر جنرلات صدام لبناء قوة داعش

إبراهيم بن عواد بن إبراهيم البدري السامرائي، ولد في الجلام من أعمال السامراء العراقية عام 1971 م، ينحدر من عائلة متدينة تأخذ بالمنهج السلفي في فهم العقيدة الإسلامية، من عشيرة البوبدري العراقية، هو خريج الجامعة الإسلامية في بغداد، درس فيها البكالوريوس، والماجستير وأعد أطروحة دكتوراه حول التجويد، عمل أستاذاُ ومعلماُ وداعية.

في زمن النظام العراقي السابق كان إمام جامع أحمد بن حنبل في سامراء وعمل إماما وخطيبا لجامع الكبيسي في منطقة الطوبجي في بغداد، وإمام وخطيب أحد المساجد في الفلوجة عام 2003 . وجه اهتماماته بتجربة التيارات السلفية الجهادية مع احتلال بغداد. مرُّ البغدادي قبل تزعمه لتنظيم داعش على العديد من التنظيمات السلفية الجهادية في العراق، فأنشأ أول تنظيم أسماه “جيش أهل السنة والجماعة” بالتعاون مع بعض رفاقه في الخط والنهج الجهادي، ونَشَّط عملياته في بغداد وسامراء وديالى وبعض المناطق السنية الأخرى، اعتقلته قوات التحالف بتاريخ 04/01/2004 وأطلق سراحه في شهر كانون الأول عام 2006 . انضم مع تنظيمه إلى مجلس شورى المجاهدين، وعمل على تشكيل وتنظيم الهيئات الشرعية في المجلس المذكور، وشغل أبو  بكر البغدادي منصب عضو في مجلس الشورى. وجمعته بأبي عمر البغدادي علاقة وثيقة، فكان يعتبر اليد اليمنى له والرجل الثالث في التنظيم. وكان والي الولاة والمشرف العام على الولايات والمشرف على إدارة العمليات عام 2008 . عمل كعضو بمنصب الأمير الشرعي للأنبار، أمير الفلوجة، أمير ديالى ثم ولاية بغداد القاطع الشمالي، فالأمير الشرعي لسامراء، وبهذا عمل في كل أنحاء غرب ووسط العراق. قتلت زوجته من قبل عشائر الفلوجة من عشائر البوفراج. وقد أوصى أبو عمر البغدادي قبل مقتله بأن يكون أبو بكر البغدادي خليفته في زعامة الدولة الإسلامية في العراق، وهذا ما حدث في السادس عشر من أيار/ مايو 2010 م. حيث نصّب أميرا للدولة الإسلامية في العراق.

تابع أبو بكر البغدادي عملية بناء نواة عسكرية صلبة من العراقيين معتمدا على حجي بكر وعبد الرحمن البيلاوي وعدد من الضباط السابقين الذين احتلوا مفاتيح مفصلية في التنظيم. وقد حرص على منح غير العراقيين دورا أساسيا في التركيبة الشرعية لتأمين الضخ الدائم للتنظيم بالمهاجرين. ويلاحظ التركيز على السعوديين مثل أبي بكر القحطاني (عمر القحطاني) و(تركي البنعلي) و (تركي بن مبارك بن عبد الله) من البحرين والسعودي عثمان آل نازح العسيري إضافة لأسماء عدة لسعوديين وكويتيين يلاحظ أنها مغمورة في معظمها ولا يعتد بها حتى في الأوساط السلفية الجهادية. ويلاحظ اعتماد البغدادي على حلقة تلعفر التركمانية في المواقع الأمنية الأساسية. إضافة لاعتماده الإعلامي على السوري أبو محمد العدناني الذي عايش مختلف مراحل التنظيم في العراق.

يعتمد البغدادي في مشروعه على ستة عناصر نضجت خلال عملية استعادة تنظيم داعش لبناء نفسه بعد تجربة الصحوات:

الأول: الاستفادة القصوى من خبرة ضباط الجيش العراقي السابق الذين أصبحوا في موقع تحديد السياسات العسكرية.

الثاني: تأمين موارد مالية ضخمة تسمح للتنظيم بامتلاك القدرة على تحقيق برنامجه.

الثالث: اعتماد الإعلام وسيلة مركزية من وسائل النصر والتأكيد عبر الإعلام على صورة الجبروت والقسوة والرهبة لتحييد وإخضاع كل المخالفين لمشروع الخلافة.

الرابع: إتباع سياسة المفاوضات مع العشائر والبنيات الاجتماعية المحلية مستفيدا من درس “الصحوات”.

الخامس: عدم التهاون مع أي تنظيم جهادي يريد التعاون مع داعش على قاعدة الندية (البيعة أو القتال).

والسادس: الغلو في التعامل مع أية مجموعات سكانية غير “سنية” لتطهير أماكن تواجد التنظيم ممن يمكن أن يشكل قاعدة احتجاج أو رفض لممارسات التنظيم.

أبو عبد الرحمن البيلاوي : مقدم من حرس صدام صنع في سجن بوكا

اسمه الحقيقي عدنان اسماعيل نجم يلقب ايضاُ بأبي أسامة البيلاوي وأبو البراء، من مواليد 1973 في محافظة الأنبار. خريج الكلية العسكرية الدورة 77 انضم لصفوف الحرس الجمهوري وتدرج لرتبة رتبة مقدم. كان الساعد الأيمن لأبي مصعب الزرقاوي (قتل الزرقاوي في غارة أميركية في 7 يونيو العام 2006) خلال سنوات ثلاث وتركزت مهامه على تحديد المواعيد الخاصة بالأخير، كما كان مقرباُ من كبار قادة التنظيم في محافظة الأنبار. أعد الانتحاري الذي نفذ عملية الطارمية التي استهدفت وزارة العدل، أشرف على عمليات الهجوم على التجمعات الانتخابية، استهداف الجوامع والكنائس والحسينيات وأربعينيات الحسين، التخطيط لاقتحام سجن صلاح الدين الإصلاحي وجامعة الإمام الصادق، اقتحام سجن الطوبجي والتاجي وأبو غريب. رئيس المجلس العسكري وعضو مجلس الشورى.

في العام 2007 ، تم اعتقاله في مدينة البصرة (جنوب العراق)، وتم سجنه في سجن بوكا الذي كان يديره الجيش الأميركي، وبعد خمسة أعوام تم تسليمه إلى السلطات العراقية التي أودعته في سجن أبو غريب الواقع في العاصمة العراقية بغداد. في يوليو العام 2013 ، استطاع الهرب من السجن، بعد هجوم تنظيم القاعدة على السجن وتهريبه السجناء.

ذهب بعدها مباشرة إلى الأراضي السورية، وتولى قيادة عدة عمليات لتنظيم داعش ضد القوات السورية النظامية.

عاد بعد ذلك إلى العراق بعد شن الجيش العراقي عملياته العسكرية في محافظة الأنبار (غرب العراق)، ضد مسلحي داعش.

أقام في الموصل باسم مزوّر وتزوج فيها ثانية لتغطية تحركاته ومتابعة نشاطه كرئيس للمجلس العسكري العام لتنظيم داعش. تولّى منصب القائد الثاني في التنظيم بعد مقتل حجي بكر ،في 5 حزيران/جوان 2014 ، أعلنت قيادة عمليات الجيش العراقي في محافظة  نينوى، مقتله بحزام ناسف إثر مداهمة منزله واعتقال سائقه (ابن عمه). وذكر مصدر أمني أن “قوات الرد السريع قتلت الرجل الثاني، والقيادي في تنظيم داعش الإرهابي والمدعو عدنان إسماعيل البيلاوي، وهو يرتدي حزاماُ ناسفاُ في منطقة حي المزارع بالجانب الأيسر من مدينة الموصل (شمال العراق) مركز محافظة نينوى” .وتؤكد

العديد من الشهادات أنه مهندس فكرة السيطرة على مدينة الموصل للانطلاق منها لبغداد . وقد أطلقت داعش اسمه على عملية اجتياح الموصل.

عدة شهادات شخصية جمعناها عن المرحلة السابقة للاحتلال تتحدث عن ضابط بعثي معجب بالرئيس العراقي السابق ومن المخلصين في صفوف الحرس الجمهوري. ولم نتمكن من الحصول على شهادات محايدة أو موضوعية عن التحولات التي عاشها البيلاوي في العقد الأخير من حياته. وقد شكل احتلال العراق بالنسبة له زلزالا على الصعيدين الشخصي والسياسي. الأمر الذي دفعه للتواصل مع المجموعات المسلحة الأكثر تطرفا رغم ابتعادها عن قناعاته وطريقة حياته. ويقال بأنه وضع تجربته العسكرية في خدمة تنظيم “التوحيد والجهاد” وكان ينسق ذلك مباشرة مع الزرقاوي حتى مقتل الأخير واعتقال البيلاوي في سجن بوكا. وضع بنفسه خطط عمليات استهدفت مرافق الدولة وأماكن العبادة. يختصر أحد من اعتقل معه في السجن تحوله للتيار الجهادي بجملة “أسلم وحسن إسلامه وجهاده”. ولا شك بأنه من الكوادر العسكرية الأمنية التي رفعت مستوى الأداء العسكري لداعش.

العقيد حجي بكر : عقيد سابق كان سبب دخول عسكريين بعثيين الى داعش

اليد اليمنى لأبي بكر البغدادي حتى مطلع 2014 واسمه الحقيقي سمير عبد حمد العبيدي الدليمي وعرف بأسماء حركية كثيرة مثل أبو بلال المشهداني وحجي بكر. ولد في الخالدية (الأنبار) في مطلع الستينيات وترعرع ونشأ فيها حتى أكمل الدراسة الإعدادية. التحق بالكلية العسكرية وتخرج ضابطا وتدرّج بالرتب حتى وصل لمرتبة عقيد قبيل الاحتلال الأمريكي.

يؤكد لنا أحد مؤسسي جماعة التوحيد والجهاد مبايعته لأبي مصعب الزرقاوي مع عدد من الضباط السابقين. حافظ على علاقة جيدة بالجيش الإسلامي في العراق وكان يساعدهم بخبرته العسكرية. اعتقل في سجن بوكا. كلّف مبكرا بمتابعة انتاج السلاح الكيماوي وتطوير الاسلحة في تنظيم الدولة الإسلامية في العراق. تسلم مسؤولية المجلس العسكري للتنظيم وتسلم عام 2012 وزارة التصنيع العسكري للتنظيم .

كذلك تولى إدارة العمليات العسكرية وإدارة المعسكرات في الشام. قتل في سوريا في شهر كانون الثاني/يناير 2014 في مواجهات بين جبهتي النصرة والإسلامية مع داعش في مدينة الأتارب شمال حلب.

جمع حجي بكر بين التخطيط العسكري والتواجد الميداني. وقد شكلت خسارته ضربة هامة للتنظيم. إلا أن المعلومات التي حصلنا عليها تؤكد دوره الكبير في انتساب واندماج عدد كبير من الضباط البعثيين في صفوف داعش. ويمكن القول أن الهيكل العسكري الذي أقامه مع البيلاوي ما زال يشكل النواة الصلبة لتنظيم داعش العسكري.

أبو أيمن العراقي : ضابط سابق جند الف مقاتل في سوريا

أبو أيمن العراقي أو أبو مهند السويداوي، أهم مسئول لـ”داعش” في سوريا اليوم، من منتسبي الجيش في عهد الرئيس السابق صدام حسين، إذ كان ضابطا برتبة مقدم، عضو أول مجلس عسكري لداعش والمكون من 2 أشخاص. كانت كنيته في العراق أبو مهند السويداوي. من مواليد 1965 . كان والي الأنبار وتولى إدارة قاطع الكره الشمالي، . اعتقل من قبل قوات الاحتلال عام 2007 وأطلق سراحه من سجن بوكا عام 2010 تولى مسؤولية الأمن في داخل التنظيم، ثم ارسل كداعية للبغدادي الى مدينة دير الزور  في سوريا عامي 2011 -2014. كان المسئول العسكري الأول في مدينة ادلب وجبل اللاذقية وريف حلب، يروي إعلام داعش أنه استطاع خلال تواجده في سوريا تجنيد أكثر من ألف مقاتل لصالح تنظيم الدولة الإسلامية، وكان لهؤلاء دورا أساسيا في بناء التنظيم في سوريا . وقد نجح في التأثير على عدد من الجماعات غير السورية وجذبها لخط داعش. وفق شهادات مقاتلين من كتيبة المعز بن عبد السلام “كان تحت تصرف أبو أيمن العراقي إمكانيات مالية كبيرة وقد قتل بنفسه عددا من المقاتلين والشرعيين منهم للمثل لا للحصر أبو بصير الطرطوسي (كمال حمامي) وقتل الشيخ جلال بايرلي ويوسف عشاوي”. وفي شهادة لإسلامي قابل أبو أيمن عدة مرات كتب يقول “اعتبر أبو أيمن كل من يتعامل مع الائتلاف والجيش الحر أو المعارضة العلمانية أو يرفض مبايعة داعش أو يتلقى التمويل والسلاح من الإقليم أو الغرب كافرا وقد قام بقتل أبو بصير بعد اجتماعه بنائب لبناني من كتلة المستقبل وكان يتحدث عن قائمة من مائة شخص للاغتيال والقتل”.

لعل أبو أيمن العراقي أكثر شخص أعلن عن مقتله في داعش فقد أعلن الجيش السوري خبر قتله مع أبي حمزة السعودي وآخرين في 04/10/2013 . في 24/04/2014 أعلن الجيش العراقي عن مقتله جنوبي الرمادي في العراق وفي 08/05/2014 أعلن مصدر في جبهة النصرة خبر قتله  في الحسكة، وفي  17/06/2014أعلن مصدر أمني عراقي عن مقتله في الموصل. إلا أن اسمه يعود للظهور في كل منطقة تسعى داعش لدخولها من دير الزور إلى الغوطة الشرقية.

أبو علي الأنباري : عين البغدادي داخل جبهة النصرة قبل الاختلاف

أبو علي الأنباري: من أهم قيادات التنظيم. اسمه علاء قَرداش التركماني. ولد في تلعفر من أسرة تركمانية. استخدم ألقاباُ عدة، منها أبو جاسم العراقي، وأبو عمر قرداش، وأبو علي الأنباري. كان مدرساُ لمادة الفيزياء، وفي الوقت نفسه ناشطاُ بعثيّاُ ومسئول فرقة حزبية أيام النظام السابق. مع الغزو الأميركي للعراق، التحق بجماعة أنصار الإسلام. وبعد فترة قصيرة انفصل عن التنظيم، و يقال إنه طرد بعد إدانته بتهم مالية وإدارية. التحق بعدها بقاعدة الجهاد، وبعد ثلاثة أشهر عيّن مندوب تنسيق بين المجموعات، ثّم عزل بعد أقل من عام.

التحق بتنظيم دولة العراق الإسلامية، وبدأ نجمه في الصعود منذ تولي أبو بكر البغدادي إمارة التنظيم.

مسئول شرعي في التنظيم، متواجد في مدينة الرقة، يقوم بإعطاء دروس دين في جامع الإمام النووي بين صلاة المغرب والعشاء. ورد اسم الأنباري في ويكيليكس دولة البغدادي وفي موقع وزارة الداخلية العراقية كأحد كبار قادة التنظيم وكمقرّب جداُ من البغدادي، خاصة بعد مقتل القيادي الآخر في التنظيم العقيد حجي بكر. كان يعتبر عين البغدادي المخلصة داخل جبهة النصرة قبل الخلاف وكان يرفع التقارير لزعيمه البغدادي بخصوص تصرفات الجولاني وجبهة النصرة وحال دون قتل الجولاني على يد أبو أيمن العراقي بدعوى أن الأوضاع لا تتحمل ذلك. تسلم مهمات أساسية في الرقة خاصة بعد التذمر العام من سلوك أبو لقمان الذي تولى أمر الرقة لزمن طويل. ينسب له التخطيط لعملية اغتيال الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي ومحاولة اغتيال رياض الأسعد. قاد نقاشات مع جبهة النصرة بحضور أبو فراس السوري وأبو حسن تفتناز وأبو عبيدة التونسي وأبو همام الشامي انتهت بالفشل.

يمثل أبو علي الشخصية الأمنية بامتياز. وينسب له تكرار القول “إما نثنيهم أو يثنونا” في التعامل مع كل الجماعات المقاتلة الأخرى. وهو يعتبر أخذ البيعة من الجيش الحر أو الجبهة الإسلامية ردة. ويكرر لسامعيه جملة أوردها الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم: “من لم يدفع شرّه إلا بالقتل يقتل”.

أبو محمد العدناني : الانتحاري المتحدث باسم داعش ضد الظواهري

في ريف إدلب، ومن مواليد ” بنش ” اسمه الحقيقي هو طه صبحي فلاحة، من قرية عام 1977 . تأثر بالسلفية الجهادية مبكرا ويقول الداعشيون بأنه بايع الزرقاوي قبل احتلال العراق مع 35 شخصا للقتال في سورية إلا أنه التحق بالعراق بعد دخول قوات التحالف والتحق بالزرقاوي هناك. تشير سيرته المنشورة من جماعته لانحصار ثقافته وقراءاته بالكتب الإسلامية القديمة أو الجهادية. وقلما يذكر كتبا تنويرية أو إصلاحية قرأها. له مواقف تكفيرية مبكرة ويعتز صحبه بقصة حدثت معه قبل مغادرة سورية للعراق: “قال لأحد أقرانه في الطلب: “ما هي مصادر دستور سوريا؟” فأجابه، ثم قال: “ما هي السلطة التشريعية؟” فأجابه، ثم قال: “ما هي السلطة القضائية… التنفيذية؟” كل ذلك وصاحبه يجيبه بما تعلمه في المدرسة، فقال له الشيخ: “يا فلان يعني حكومتنا كلها كافرة!”. كان العدناني من أوائل الملتحقين بالقاعدة في العراق،وممن عاصر ما يسمى في الخطاب الداعشي بالحقب الثلاث (التوحيد والجهاد، القاعدة، الدولة). ومن الأعضاء المبكرين في مجلس شورى المجاهدين .

نشط في ولاية حديثة في فترة الزرقاوي وعمل مدربا. اعتقل العدناني في 31 مايو / أيار2005 في محافظة الأنبار العراقية من قبل قوات التحالف الدولي في العراق حيث كان يستخدم اسما مزورا هو. ” ياسر خلف حسين نزال الراوي”  . أفرج عنه في عام 2010.  وهو يحمل عدة ألقاب بينها  “أبو محمد العدناني طه البنشي” و “جابر طه فلاح” و”أبو الخطاب” و”أبو صادق الراوي”.  « وبعكس ادعاءات إعلام داعش فقد  كان الحقوقي محارب عبد الله الجبوري المولود في الضلوعية عام 1971 وليس العدناني المتحدث باسم دولة العراق الإسلامية. وعندما قتل الجبوري في 2007 كان العدناني في السجن.

شكل مع الخارجين من السجن أحد المشاركين في السياسة القائمة اعتماد العمليات الانتحارية والتفجيرات في المدن أساسا لاستعادة هيبة التنظيم. الأمر الذي جرى التعبير عنه في مطلع نوفمبر بالهجوم على كنيسة النجاة في بغداد والذي أودى بحياة أكثر من 12 قتيلا وقرابة مائة جريح. وقد سميُّ متحدثا لدولة العراق الإسلامية في فترة تصاعد العمليات الدموية العشوائية ضد المدنيين بدعوى جواز قتل “عوام الرافضة”. إلا أن ظهوره الإعلامي جاء بعد إرسال أبو محمد الجولاني ومجموعة من المقاتلين لتشكيل تنظيم في سورية بعد انطلاقة 18 آذار 2011 بأشهر وقرار التنظيم الانتشار في الأراضي السورية. وكان المكلف عبر مداخلاته الإعلامية بقطع الحبل السري مع أيمن الظواهري والقاعدة وتقديم قراءة داعش لقصة الخلاف بين الطرفين.

ضباط الجيش  العراقي المنحل :القوة الضاربة

يشكل ضباط الجيش العراقي (الذي أصدر بول بريمر قرارا بحلّه في 2003 ) مركّب القوة العسكرية والأمنية الأساسية في “الدولة الإسلامية في العراق والشام”. وقد تمكنا من ترميم قائمة من أكثر من مائتي عنصر من ضباط وصف ضباط الجيش تولوا مسئوليات عسكرية وولايات منذ ولادة دولة العراق الإسلامية حتى اليوم، قتل منهم قرابة النصف في العراق وسورية. ولا يعود توقفنا عند هذه الكتلة الأساسية والنواة العسكرية الصلبة للتنظيم فقط لدورها العسكري وإنما لقناعتنا بأنها قد وضعت بصماتها على الإيديولوجية والموقف الشرعي والموقف السياسي والغلو في مواجهة مكونات المجتمع الطبيعية.

أبو لقمان : رجل التنظيم الاول في سوريا

أمير الدولة الإسلامية في الرقة، السوري علي الحمود (أبو لقمان)، يوصف بأنه رجل التنظيم الأول في سوريا بعد أمير الجماعة وقائدها أبو بكر البغدادي .علي الحمود الشواخ من مواليد عام 1973 وهو من عشيرة العجيل (فخذ الكبيسات)، وينحدر من قرية السحل الواقعة غرب مدينة الرقة . تخرج الحمود من جامعة حلب عام 1999 حائزاُ على شهادة في الحقوق، وعمل بمهنة التدريس ثلاث سنوات (بريف الرقة) وكان من ضمن السوريين الذين توجهوا لمشاركة العراقيين في حربهم ضد القوات الأمريكية، كما لوحق من قبل فروع الأمن في سوريا بسبب تدينه .اعتقل علي الشواخ في العام 2004 بعد مضايقات وملاحقات انتهت بالقبض عليه من قبل أحد الفروع الأمنية، وتنقل في العديد من السجون قبل أن يستقر في سجن صيدنايا .أفرج عنه في أيار 2011 ، فكان من ضمن من شملهم العفو أمثال قادة جيش الإسلام وصقور الشام وأحرار الشام (زهران علوش وعيسى الشيخ وحسان عبود) .

كان أبو لقمان وفق نشطاء محليين المسئول عن إعلان العمليات العسكرية، وتعيين أمراء المناطق، وتوزيع المقاتلين على الجبهات، وهو على اتصال مباشر بأبي بكر البغدادي .تسلم الحمود إمارة الدولة الرقة بعد السيطرة عليها، قبل أن يصبح الرجل الأول للتنظيم  في المنطقة ( اعلن عن مقتله في07/01/2014 من خصومه). وهو المسئول عن كل عمليات الإعدام التي جرت في الرقة، وأهمها إعدام أبو سعد الحضرمي أمير جبهةالنصرة في الرقة .

ومن خلال استعراض اهم القيادات المؤسسة لتنظيم داعش يتبين لنا ان النواة الصلبة للتنظيم تكونت من التحالف الظرفي بين قيادات جهادية عراقية وضباط الجيش العراقي السابق الذين تجمعوا في سجن بوكا ،وكان التاسيس عراقيا بحتا يدل على ذلك الانتشار السهل للتنظيم في كل اراضي السنة حيث يقدر بعض الخبراء النسبة بــ 70 بالمئة منها، كما ان انتشار التنظيم في سوريا بشكل ملفت ومنافس لباقي التنظيمات الجهادية يدل على استراتيجية جديدة في المنطقة غامضة الهدف وغير معلومة الوجهة وتطرع العديد من التساؤلات .

 البناء التنظيمي للدولة الإسلامية الداعشية (الخلافة)

جاء في بعض الدراسات المنشورة*عن تنظيم داعش انه يعتبر تنظيم الدولة الإسلامية من أكثر الحركات الجهادية العالمية تطورًا على المستوى الهيكلي التنظيمي والفعالية الإدارية؛ فقد تطورت أبنيته التنظيمية بالاستناد إلى المزاوجة بين الأشكال التنظيمية الإسلامية التقليدية، التي تكونت مع مؤسسة الخلافة، وتنظيرات الفقه السلطاني الذي يؤسس لمفهوم الدولة السلطانية؛ إذ يقوم على مبدأ الغلبة والشوكة والإمارة، إلى جانب الأشكال التنظيمية الحداثية لمفهوم الدولة الذي يستند إلى جهاز عسكري أمني وآخر أيديولوجي بيروقراطي(كما حدث بالضبط مع الجماعة الاسلامية المسلحة “جيا” في الجزائر سنة 1994 بإعلان الدولة من طرف جمال زيتوني).

ومنذ السيطرة على الموصل تضاعف عدد أعضائه ليصل إلى أكثر من 35 ألف مقاتل، من العراقيين والسوريين، ويضم في صفوفه أكثر من 9 آلاف مقاتل عربي ومسلم أجنبي، إلا أن البنية الأساسية لقوات النخبة تصل إلى حدود 15 ألف مقاتل.

أولاً: الخليفة: يقوم الهيكل التنظيمي للدولة الإسلامية على أسس فقهية شرعية وضرورات حداثية؛ إذ يتولى “الخليفة” الذي يجمع شروط الولاية كالعلم الشرعي والنسب القرشي وسلامة الحواس، سائر الوظائف الدينية والدنيوية المذكورة في التراث السياسي الإسلامي السني وفقه الأحكام السلطانية، كقائد ديني وسياسي له حق الطاعة بعد اختياره من قبل مجلس الشورى وأهل الحل والعقد.

ويتعامل التنظيم في إدارة شؤونه وتدبير حكمه باعتباره دولة إسلامية مكتملة الأركان والشروط، وكان الأمير السابق للتنظيم أبو عمر البغدادي هو من أرسى الهيكلية العامة لـ”الدولة الإسلامية”، وقد عمل الزعيم الحالي “أبو بكر البغدادي”، على تطوير البناء الهيكلي من خلال ترسيخ مبدأ البيعة والطاعة؛ الأمر الذي يضمن مركزية التنظيم وسيطرة الخليفة على كافة مفاصل التنظيم.

وتعتمد البنية التنظيمية لـ”الدولة” على هيكلية هرمية يعتبر “الخليفة” رأسها، ويُشرف إشرافًا مباشرًا على “المجالس”، وهي تسمية استخدمها أبو بكر البغدادي عوضًا عن تسمية الوزارات التي اعتمدها سلفه أبو عمر البغدادي، وتعتبر “المجالس” المفاصل الأساسية لتنظيم الدولة التي تشكِّل “القيادة المركزية”، ويتمتع البغدادي بصلاحيات واسعة في تعيين وعزل رؤساء المجالس بعد أخذ رأي “مجلس الشورى”، الذي تبدو استشارته معلِمة وغير ملزمة؛ فالقرار الأخير والفصل النهائي بعد التداول للبغدادي، إبراهيم عواد إبراهيم البدري السامرائي، وهو عراقي الأصل، وبفضل سلطاته “الدينية” الواسعة يتحكم في سائر القضايا الاستراتيجية؛ فهو صاحب “الأمر والنهي” في معظم القرارات الحاسمة.

عمل أبو بكر البغدادي على الاعتماد على العنصر العراقي في معظم المفاصل الرئيسية للتنظيم، وعلى الأعضاء العرب والأجانب في إدارة الوظائف المساندة؛ كالشورى والإعلام والتجنيد وجمع التبرعات، واحتفظ بصلاحيات شبه مطلقة في إعلان الحرب وتسيير الغزوات، واعتنى بتأسيس المجلس العسكري وألغى منصب وزير الحرب، وتحكم البغدادي بالمفاصل التنظيمية المهمة من أمن واستخبارات الولايات ومتابعة التنظيم، ومجلس الشورى، والمجلس العسكري، والجهاز الإعلامي، والهيئات الشرعية، وبيت المال، ويتمتع البغدادي بسلطة تعيين قيادات وأمراء الولايات في العراق وسوريا.

دخل التنظيم مع حقبة أبي بكر البغدادي في طور تنظيمي عسكري أمني شديد السرية والارتياب؛ إذ أسهم، منذ توليه إمارة التنظيم، في إعادة هيكلته، معتمدًا في الجانب العسكري على ضباط عراقيين سابقين سلفيين، وفي مقدمتهم: حجي بكر وعبدالرحمن البيلاوي، فأصبح الجناح العسكري أكثر احترافًا وأشد تماسكًا على الصعيد الأمني، ومعظم قياداته من العراقيين.

وفي الوقت نفسه استثمر البغدادي الجهاديين العرب والأجانب في الأجهزة الشرعية، وخصوصًا أبناء دول الخليج العربي، أمثال: أبي بكر القحطاني (عمر القحطاني)، وأبي همام الأثري، المعروف بتركي البنعلي (تركي بن مبارك بن عبد الله) من البحرين، والسعودي عثمان آل نازح العسيري، وغيرهم.

فيما اعتمد البغدادي على “حلقة تلعفر التركمانية” في المواقع الأمنية الأساسية، وفي مقدمتهم أبو علي الأنباري، واعتمد على العرب والأجانب في المؤسسة الإعلامية، وفي مقدمتهم السوري أبو محمد العدناني الناطق باسم الدولة الإسلامية.

ومع توسع التنظيم وإعلان الخلافة عقب السيطرة على الموصل في يونيو/حزيران 2014، بدأ البغدادي يدمج العرب والأجانب بصورة أكبر، إلا أن المكون العراقي لا يزال يتمتع بأرفع المناصب وأخطرها.

ثانيًا: مجلس الشورى: وهو من أهم المؤسسات التابعة للتنظيم، وعلى الرغم من التطورات التي شهدها المجلس منذ إمارة الزرقاوي مرورًا بأبي عمر البغدادي وصولاً إلى الزعيم الحالي أبي بكر البغدادي، إلا أن مؤسسة الشورى كانت حاضرة دومًا.

ويترأس مجلس شورى الدولة حاليًا أبو أركان العامري، ويتسع المجلس ويضيق بحسب الظروف والحاجة، كما يجتمع للنظر في القضايا المستجدة واتخاذ القرارات المهمة ورسم السياسات العامة، ويضم في عضويته عددًا من القيادات التاريخية وخصوصًا الشرعية، ولا يوجد ثبات في عدد أعضائه، وغالبًا ما كان يضم من 9 إلى 11 عضوًا يختارهم البغدادي بتزكية من الأمراء والولاة.

ويتمتع المجلس الشرعي، داخل مجلس الشورى، بأهمية خاصة نظرًا لطبيعة التنظيم الدينية، ويترأسه البغدادي شخصيًّا، ويضم في عضويته ستة أعضاء، ومن مهامه الأساسية مراقبة التزام بقية المجالس بـالضوابط الشرعية، وترشيح خليفة جديد في حال موت الخليفة الحالي أو تعرضه للأسر أو عدم قدرته على إدارة التنظيم والدولة لأسباب طارئة كالمرض والعجز.

ثالثًا: أهل الحل والعقد: ويُطلق عليهم أحيانًا “أهل الشورى”، وفي تنظيم الدولة الإسلامية يمثلون طيفًا واسعًا من الأعيان والقادة والأمراء، بالإضافة لمجلس شورى الدولة، وهم من يقومون ببيعة وتنصيب الخليفة، فبحسب أبي محمد العدناني، الناطق باسم الدولة، تم اختيار البغدادي خليفةً للمسلمين بعد أن: “اجتمع مجلس شورى الدولة الإسلامية، وتباحث هذا الأمر، بعد أن باتت الدولة الإسلامية بفضل الله تمتلك كل مقومات الخلافة، والتي يأثم المسلمون بعدم قيامهم بها، وأنه لا يوجد مانع أو عذر شرعي لدى الدولة الإسلامية؛ يرفع عنها الإثم في حال تأخرها أو عدم قيامها بالخلافة؛ فقررت الدولة الإسلامية، ممثلة بأهل الحل والعقد فيها؛ مِن الأعيان والقادة والأمراء ومجلس الشورى: “إعلان قيام الخلافة الإسلامية”، وتنصيب خليفة للمسلمين، ومبايعة الشيخ المجاهد، العالم العامل العابد، الإمام الهُمام المجدد، سليل بيت النبوة، عبد الله: إبراهيم بن عواد بن إبراهيم بن علي بن محمد، البدري القرشي الهاشمي الحسيني” وهي أوصاف وردت في تصريح العدناني .

رابعًا: الهيئة الشرعية: تعتبر أحد أهم مفاصل تنظيم الدولة الإسلامية نظرًا لطبيعته الدينية، وكان أبو علي الأنباري يتولى مسؤولية الملف الأمني والشرعي، ويتولى منصب رئيس الهيئة حاليًا أبو محمد العاني، وقد كان أبو أنس الشامي أول من تولى هذا المنصب في عهد الزرقاوي وتأسيس جماعة “التوحيد والجهاد”، وفي عهد أبي عمر البغدادي تولى المنصب عثمان بن عبد الرحمن التميمي.

تقوم الهيئة بإصدار الكتب والرسائل وصياغة خطابات البغدادي والبيانات والتعليق على الأفلام والأناشيد والمواد الإعلامية الخاصة بالتنظيم، وتنقسم الهيئة الشرعية إلى قسمين رئيسيين، الأول: يتعلق بتنظيم المحاكم الشرعية ومؤسسة القضاء للفصل في الخصومات وفض النزاعات وإقامة الحدود، والقيام بوظيفة الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والثاني: يقوم بوظيفة الوعظ والإرشاد والتجنيد والدعوة ومتابعة الإعلام.

ويعتمد التنظيم على العرب والأجانب بشكل كبير في عضوية الهيئة الشرعية، وخصوصًا المكوِّن العربي الخليجي.

خامسًا: الهيئة الإعلامية: يتمتع الإعلام بأهمية كبيرة داخل هيكلية تنظيم الدولة الإسلامية، وهو من أكثر التنظيمات الجهادية اهتمامًا بشبكة الإنترنت والمسألة الإعلامية؛ فقد أدرك منذ فترة مبكرة من تأسيسه الأهمية الاستثنائية للوسائط الاتصالية في إيصال رسالته السياسية ونشر أيديولوجيته السلفية الجهادية، فأصبح مفهوم “الجهاد الإلكتروني” أحد الأركان الرئيسية في فترة مبكرة منذ تأسيس جماعة “التوحيد والجهاد”، ثم القاعدة في بلاد الرافدين.

كان أبو ميسرة العراقي يتولى رئاسة القسم الإعلامي، وفي حقبة “دولة العراق الإسلامية” عام 2006 تولى المنصب أبو محمد المشهداني تحت اسم وزير الإعلام، وكان أبو عبد الله محارب عبد اللطيف الجبوري ناطقًا باسم تنظيم الدولة، وفي عام 2009 أصبح أحمد الطائي وزيرًا للإعلام، ويقود المؤسسة الإعلامية لتنظيم الدولة الإسلامية اليوم هيئة موسعة بقيادة أبي الأثير عمرو العبسي.

شهدت الهيئة الإعلامية لتنظيم الدولة تطورًا كبيرًا بالشكل والمحتوى، وتتمتع بدعم وإسناد كبيرين، وتعتبر مؤسسة “الفرقان” الإعلامية الأقدم والأهم، وقد ظهرت مؤخرًا مؤسسات إعلامية عديدة تتبع التنظيم، مثل: مؤسسة “الاعتصام” ومركز “الحياة”، ومؤسسة أعماق، ومؤسسة البتار، ومؤسسة دابق الإعلامية، ومؤسسة الخلافة، ومؤسسة أجناد للإنتاج الإعلامي، ومؤسسة الغرباء للإعلام، ومؤسسة الإسراء للإنتاج الإعلامي، ومؤسسة الصقيل، ومؤسسة الوفاء، ومؤسسة نسائم للإنتاج الصوتي، ومجموعة من الوكالات التي تتبع الولايات والمناطق التي تسيطر عليها، كوكالة أنباء “البركة” و”الخير” وغيرها.

كما صدر عدد من المجلات بالعربية والإنجليزية أمثال: “دابق” و”الشامخة”، وأنشأت الهيئة إذاعات محلية، مثل: إذاعة “البيان” في مدينة الموصل في العراق، وإذاعة أخرى في مدينة الرقة في سوريا.

ويواصل التنظيم نشاطه الإعلامي من خلال العمل في المدونات، ومن أهمها مدونات باللغتين الروسية والإنجليزية؛ إذ تقوم الهيئة بترجمة الإصدارات الإعلامية إلى لغات أجنبية عديدة، كالإنجليزية والفرنسية، والألمانية، والإسبانية، والأوردو، وغيرها.

يسيطر التنظيم على عدد كبير من المواقع والمنتديات الإلكترونية، التي تحتوي على مكتبة هائلة وواسعة تختص بالأيديولوجيا والخطاب وآليات التجنيد والتمويل والتدريب والتخفي والتكتيكات القتالية وصنع المتفجرات وكل ما يلزم “الجهاديين” في عمليات المواجهة في إطار حرب العصابات وسياسات الاستنزاف.

تؤكد الأشرطة والمواد الدعائية التي تصدرها المؤسسات الإعلامية التابعة للتنظيم كمؤسستي “الفرقان” و”الاعتصام”، على التحول الكبير في بنيته وقدراته الفائقة، وتكتيكاته العنيفة، واستراتيجيته القتالية المرعبة؛ فقد أصدر سلسلة من الأفلام المتقنة، أطلق عليها:

“صليل الصوارم”، بدءًا من صليل الصوارم 1 يوليو/تموز 2012، وصليل الصوارم 2 أغسطس/آب 2012، وصليل الصوارم 3 يناير/كانون الثاني 2012، ثم صليل الصوارم 4 مايو/أيار 2014.

وبعد سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على الموصل في 10 يونيو/حزيران 2014، قام بنشر سلسلة من الأشرطة الترهيبية تختص بعمليات “قطع الرؤوس”، بدأها بشريط مصور بعنوان “رسالة إلى أميركا”، يقوم فيه عضو ينتمي إلى التنظيم بقطع رأس رهينة أميركي يُدعى جيمس فولي، ثم قام التنظيم بعد أيام قليلة في 2 سبتمبر/أيلول 2014، بنشر شريط آخر يحمل العنوان نفسه يتضمن قطع رأس رهينة أميركي ثانٍ يدعى ستيفن سوتلوف، وكلا الرهينتين صحفيان أميركيَّان، ثم بثَّ التنظيم شريطًا مصورًا آخر بعنون “رسالة إلى حلفاء أميركا” في 14 سبتمبر/أيلول 2014، يقوم فيه أعضاؤه بقطع رأس رهينة بريطاني لدى التنظيم، يدعى ديفيد هينز، وفي 3 أكتوبر/تشرين الأول بثَّ التنظيم شريطًا يقوم فيه بقطع رأس رهينة بريطاني آخر يدعى آلن هينينغ، ويهدد فيه بقطع رأس رهينة أميركي يدعى بيتر كاسيغ.

ومن أهم الإصدارات التي كان لها وقْع كبير على موقع “يوتيوب”: إصدار “كسر الحدود” بتاريخ 29 يونيو/حزيران 2014، و”خطبة البغدادي في الموصل” بتاريخ 5 يوليو/تموز 2014، وسلسلة إصدارات بعنوان: “رسائل من أرض الملاحم”، وهي سلسلة توثق إنجازات وعمليات التنظيم تصدر تباعًا بلغت حتى الآن 50 إصدارًا، وكذلك سلسلة إصدارات بعنوان: “فشَرِّد بهم مَنْ خَلْفَهم”، ويغطي الجزء الأول معركة تحرير اللواء 93 في ولاية الرقة السورية بتاريخ 23 أغسطس/آب 2014، والجزء الثاني يغطي معركة تحرير مطار الطبقة في ولاية الرقة السورية بتاريخ 7 سبتمبر/أيلول 2014. وهنالك إصدار “على منهاج النبوة”، بتاريخ 28 يوليو/تموز 2014.

يعتبر فيلم “لهيب الحرب”، من أضخم الإصدارات والأكثر دقة ورعبًا، ويتضمن تغطية لمعارك عديدة لتنظيم الدولة ورسالة موجهة لدول التحالف المشاركة في الحملة على التنظيم، وقد أصدره الجناح الإعلامي التابع للتنظيم الخاص باللغة الإنجليزية “مركز الحياة”، بتاريخ 17 سبتمبر/أيلول2014.

سادسًا: بيت المال: يعد تنظيم الدولة الإسلامية الأغنى في تاريخ الحركات الجهادية، وقد تفوق على تنظيم القاعدة المركزي والفروع الإقليمية للقاعدة، فتمكن منذ عهد الزرقاوي من بناء شبكات تمويل ممتدة، ونوَّع في مصادره التمويلية؛ فقد أنشأ لجنة مالية فعَّالة منذ تأسيس جماعة “التوحيد والجهاد”، تقوم بجمع الأموال اللازمة لتمويل الأنشطة المختلفة، تعتمد على شبكة من الناشطين المتخصصين في مجال جمع التبرعات من خلال التجار والمساجد، وخصوصًا الدول الخليجية الغنية وأوروبا، فضلاً عن عمليات جمع الأموال داخل العراق، ومصادر التمويل الخاصة بالغنائم التي يحصل عليها من خلال الاستيلاء على المناطق المحررة، وفرض الضرائب المختلفة.

ومع تنامي نفوذ التنظيم والإعلان عن تأسيس “دولة العراق الإسلامية” أعلن في تشكيلته الوزارية الأولى عام 2006، عن وزارات عديدة تختص بالموارد النفطية والثروات الطبيعية، وفي عام 2009، سمَّى في تشكيلته الوزارية الثانية يونس الحمداني وزيرًا للمالية.

يشرف البغدادي اليوم على إدارة “بيت المال”، وهي التسمية الإسلامية التاريخية للمؤسسة المالية، ويتولى المسؤولية الرئيسة فيها موفق مصطفى الكرموش.

لقد تضخمت مالية تنظيم “الدولة الإسلامية” منذ سيطرته على الموصل في يونيو/حزيران 2004، وسيطرته على مساحات واسعة في العراق وسوريا، وتقدر بعض الدراسات رأس مال التنظيم بحوالي 2 مليار دولار، وباتت مصادر تمويله متعددة وواسعة، ومن أهم المصادر:

  1. التبرعات والهبات: تحدثت تقارير صحفية عديدة عن وجود عدد كبير من الأثرياء والشخصيات الخليجية التي دعمت وموَّلت التنظيم في كل من العراق وسوريا.
  2. أموال الصداقات والتبرعات والزكاة: حيث عملت المنابر والقنوات الإسلامية خلال عامي 2011/2012 على تشجيع المسلمين على توجيه أموال الزكاة والتبرعات والصدقات لتأييد الجهاد والمقاومة في سوريا، وهي الأموال التي وجدت طريقها بصورة مباشرة إلى كل من تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة وغيرها.
  3. عوائد تحرير الأجانب المختطفين: فقد دأب التنظيم على اختطاف المواطنين الأجانب، والموظفين الدوليين، والصحفيين الغربيين، ومساومة ذويهم ودولهم على الإفراج عنهم مقابل ملايين الدولارات كفدية.
  4. الاستيلاء على الموارد والسلع من الأماكن التي يسيطر عليها: من مستشفيات، ومراكز تسوق، ومطاعم، ومرافق الكهرباء والمياه في هذه المناطق، وهي المرافق التي توفر لها عوائد تُقدر بالملايين شهريًّا.
  5. عوائد الثروات الطبيعية والمعادن: من النفط والغاز، التي استولى عليها التنظيم في العراق وسوريا؛ إذ يسيطر التنظيم على أكثر من 80 حقلاً نفطيًّا صغيرًا، ويقوم ببيعها محليًّا، أو خارجيًّا عن طريق التجار، وتقدر بنحو 2 مليون شهريًّا، فضلاً عن سيطرته على مناجم الذهب في الموصل.
  6. فرض الضرائب والرسوم: وهي أحد المصادر المهمة التي تُفرَض على التجار والمزارعين والصناعيين، وعلى المواطنين الأثرياء في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، وكذلك فرض الجزية على غير المسلمين، وهناك ضرائب شهرية على الشركات والمؤسسات المحلية تُقدَّر بحوالي 6 ملايين دولار شهريًّا.
  7. الأموال الحكومية: فقد تمكن التنظيم من الاستيلاء على كميات من الأموال التي كانت موجودة في المصارف والمؤسسات الحكومية، بعد سيطرته على الموصل، تُقدَّر بعشرات الملايين من الدولارات.
  8. عائدات الزراعة والغلال والحبوب: حيث يسيطر التنظيم على حقول واسعة في العراق وسوريا؛ إذ يستحوذ على حوالي ثلث إنتاج العراق من القمح.

سابعًا: المجلس العسكري: يعتبر المجلس العسكري الأهم داخل تنظيم الدولة الإسلامية، نظرًا لطبيعة التنظيم العسكرية، ولا يوجد عدد محدد لأعضائه بحسب قوته وتوسعه وقوته وضعفه ومساحة نفوذه وسيطرته، ويتكون تاريخيًّا من 9 أعضاء إلى 13 عضوًا، وقد بدأ استخدام تسمية الجهاز بالمجلس العسكري عقب مقتل نعمان منصور الزيدي، المعروف بأبي سليمان الناصر لدين الله، الذي شغل منصب وزير الحرب في مايو/أيار2011.

ويشغل قائد المجلس العسكري منصب نائب البغدادي، وكان الزرقاوي يحتفظ بالمنصبين، ثم تولى منصب القائد العسكري أبو حمزة المهاجر كوزير للحرب في حقبة دولة العراق الإسلامية وإمارة أبي عمر البغدادي، وفي ولاية الأمير الحالي أبي بكر البغدادي تولى منصب القائد العسكري حجي بكر، وهو سمير عبد محمد الخليفاوي، ثم شغل المنصب بعد مقتله في سوريا في جانفي/كانون الثاني 2014 أبو عبد الرحمن البيلاوي، وهو عدنان إسماعيل البيلاوي، الذي قُتل في جوان/حزيران 2014؛ حيث تولى رئاسة المجلس العسكري الحالي أبو مسلم التركماني، وهو فاضل الحيالي.

ويتكون المجلس العسكري من قادة القواطع، وكل قاطع يتكون من ثلاث كتائب، وكل كتيبة تضم 300-350 مقاتلاً، وتنقسم الكتيبة إلى عدد من السرايا تضم كل سرية 50-60 مقاتلاً.

وينقسم المجلس إلى هيئة أركان وقوات الاقتحام، والاستشهاديين، وقوات الدعم اللوجستي، وقوات القنص، وقوات التفخيخ، ومن قيادات المجلس العسكري أبو أحمد العلواني وليد جاسم، وكذلك عمر الشيشاني، ويقوم المجلس بكافة الوظائف والمهمات العسكرية، كالتخطيط الاستراتيجي، وإدارة المعارك، وتجهيز الغزوات، وعمليات الإشراف والمراقبة والتقويم لعمل الأمراء العسكريين، بالإضافة إلى تولي وإدارة شؤون التسليح والغنائم العسكرية.

ثامنًا: المجلس الأمني: وهو أحد أهم المجالس في تنظيم الدولة الإسلامية وأخطرها؛ إذ يقوم بوظيفة الأمن والاستخبارات، ويتولى رئاسته أبو علي الأنباري، وهو ضابط استخبارات سابق في الجيش العراقي، ولديه مجموعة من النواب والمساعدين، ويتولى المجلس الشؤون الأمنية للتنظيم، وكل ما يتعلق بالأمن الشخصي لـ”الخليفة”، وتأمين أماكن إقامة البغدادي ومواعيده وتنقلاته، ومتابعة القرارات التي يقرها البغدادي ومدى جدية الولاة في تنفيذها، ويقوم بمراقبة عمل الأمراء الأمنيين في الولايات والقواطع والمدن، كما يشرف على تنفيذ أحكام القضاء وإقامة الحدود، واختراق التنظيمات المعادية، وحماية التنظيم من الاختراق، كما يقوم بالإشراف على الوحدات الخاصة كوحدة الاستشهاديين والانغماسيين بالتنسيق مع المجلس العسكري.

ويشرف المجلس على صيانة التنظيم من الاختراق، ولديه مفارز في كل ولاية تقوم بنقل البريد وتنسيق التواصل بين مفاصل التنظيم في جميع قواطع الولاية، كما أن لديه مفارز خاصة للاغتيالات السياسية النوعية والخطف وجمع الأموال.

تاسعًا: التقسيم الإداري: يقسِّم تنظيم الدولة مناطق نفوذه إلى وحداتٍ إدارية يطلق عليها اسم “ولايات”، وهي التسمية الإسلامية التاريخية للجغرافيا السكانية، ويتولى مسؤولية “الولايات” مجموعة من الأمراء، وهي التسمية المتداولة في التراث السياسي الإسلامي التاريخي.

يبلغ عدد الولايات التي تقع ضمن دائرة سيطرة التنظيم أو نفوذه 16 ولاية، نصفها في العراق، وهي: ولاية ديالى، وولاية الجنوب، وولاية صلاح الدين، وولاية الأنبار، وولاية كركوك، وولاية نينوى، وولاية شمال بغداد، وولاية بغداد، ونصفها الآخر في سوريا، وهي: ولاية حمص، وولاية حلب، وولاية الخير (دير الزور)، وولاية البركة (الحسكة)، وولاية البادية، وولاية الرقة، وولاية حماة، وولاية دمشق.

وتُقسَّم “الولايات” إلى “قواطع”، وتضم المدن، وفق تسمياتها المُعتمدة قبل سيطرة التنظيم عليها؛ فولاية حلب على سبيل المثال تنقسم إلى “قاطعين”، هما: “قاطع منبج” وتتبع له مدن منبج وجرابلس ومسكنة، و”قاطع الباب” وتتبع له مدينتا الباب ودير حافر، ويمثل السلطة العليا في كل “ولاية” مسؤول معين من قبل تنظيم الدولة يحمل لقب “والي”، ويعاونه مجموعة من المسؤولين يحملون صفة “أمير”، أمثال: “الأمير العسكري”، و”الأمير الشرعي”، الذي يرأس “الهيئة الشرعية”، والأمير الأمني”، فيما يُعتبر “أمير القاطع” السلطة الأعلى في كل “قاطع”، ويعاونه كذلك مجموعة من الأمراء في المجال “العسكري والشرعي والأمني”؛ الأمر الذي يسري ويُتبع في المدن كافة، ويُشرف “الولاة” ومعاونوهم من “الأمراء” على “أمراء القواطع” ومعاونيهم، ويُشرف هؤلاء بدورهم على “أمراء المدن” ومعاونيهم.

الأراضي المحررة

يوجد تأييد فكري واجتماعي وسياسي للدولة و ذلك بسبب حالة السنة المزعومة* في العراق وسورية، و يجب الأخذ بعين الاعتبار مساهمة بقايا النظم البعثي سواء كان متمثلا بقوات الجيش العراقي المنحل وأجهزته واستخباراته ما بين أغسطس 2014 و أبريل 2015، خسر داعش ما بين 25% إلى 30% من الأراضي التي يُسيطر عليها في العراق.

الولايات : قسمت داعش مناطق سيطرتها إلى عدة مناطق سميت بالولايات وتشمل :

1ـ مصر: ولاية سيناء (مناطق سيطرة محدودة شرق محافظة شمال سيناء)

2ـ القسم الليبي: ولاية برقة(درنة، بنغازي)، ولاية طرابلس، ولاية فزان

3ـ القسم النيجيري: حركة بوكو حرام على لسان زعيمها أبو بكر شيكاو تعلن الولاء لأبي بكر البغدادي خليفة داعش، وأطلق مؤيدو التنظيم إسم ولاية نيجيريا على المناطق الخاضعة لسيطرة بوكو حرام ولم يصدر شيء رسمي عن التنظيم ينفي أو يثبت هذا الإسم.

4ـ القسم العراقي :ولاية نينوى(الموصل، حمام العليل)، ولاية كركوك(الحويجة، الرياض، الرشاد)، ولاية الأنبار(الرطبة، هيت، القائم، كبيسة)، ولاية الفلوجة(الفلوجة، كرمة الفلوجة)، ولاية صلاح الدين(بيجي)، ولاية شمال بغداد (لا سيطرة فعلية)، ولاية الجنوب (زوبع)، ولاية الجزيرة(البعاج، تلعفر، المحلبية)، ولاية دجلة(الشرقاط)

5ـ القسم السوري: ولاية الرقة(الرقة، الطبقة)، ولاية الخير(دير الزور، الميادين)، ولاية حلب(منبج، الباب)، ولاية دمشق (حي الحجر الأسود، 35 % من مخيم اليرموك)، ولاية حمص، ولاية حماة، ولاية البادية، ولاية الفرات ( مشتركة تشمل البوكمال السور)

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close