fbpx
قلم وميدان

الأزمات البينية العربية والقضية الفلسطينية

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

 

تعرف الساحة العربية أزمات عميقة وصراعات حادة تُهدد وحدتها الداخلية من جهة وعلاقاتها البينية من جهة أخرى، الأمر الذي انعكس سلبا على القضية الفلسطينية باعتبارها شكلت القضية المركزية الأولى للعـرب منذ نهاية النصف الأول من القرن العشرين.

إن الخلافات العربية -العربية ليست وليدة اليوم، لكن بسبب تراكماتها واستعصاء بعضها عن الحل كالصراعات الأيديولوجية والحدودية ساهمت بشكل أو بآخر في تصدع الجبهة الفلسطينية الداخلية بسبب اختلاف مصالح وأهداف الممولين والمتدخلين العرب في الشأن الفلسطيني الداخلي. فمثلا حركة فتح ورئيسها محمود عباس، لا زالت في صراع مع حركة حماس منذ أكثر من عقد، وهو ما جعل الأراضي الفلسطينية المحتلة بحكومتين إحداهما في الضفة الغربية، وأخرى محاصرة في قطاع غزة.

ومع ظهور الأزمة الراهنة بين قطر من جهة ودول الخليج الثلاث (السعودية والإمارات والبحرين) ومصر من جهة أخرى إلى العلن في يونيو/ حزيران 2017، ساهمت في زيادة الشرخ الفلسطيني من جهة، ومن جهة ثانية أدت إلى ظهور بوادر تطبيع بين الدول الخليجية الثلاث “وإسرائيل”، من منطلق محاربتها ”للإرهاب” والذي تشكل حركة حماس أحد أذرعه ” وداعميه” الرئيسيين المتمثلين في دولة قطر (حسب السعودية والإمارات والبحرين ومصر). فمصر عقب انقلاب يوليو 2013 ومحاربتها لجماعة الإخوان المسلمين بمعية السعودية والإمارات تغيرت مواقفهم تجاه المقاومة الفلسطينية، وأصبحوا يصنفون حركة حماس الفلسطينية (الإخوانية) منظمة إرهابية، وهو ما يساهم في تبرير الغلو الإسرائيلي في انتهاكات حقوق الفلسطينيين ومقدساتهم بحجة مكافحة ”الإرهاب والتطرف”.

إن هذا التراجع في دعم القضية الفلسطينية لم يقتصر على الأنظمة السياسية العربية، بل حتى بعض الشعوب العربية وذلك بسبب متغيرات قاهرة أدت إلى تغير في الأولويات لدى هذه الشعوب، التي أنهكتها الصراعات المسلحة والاحتراب الطائفي الذي اندلع في بعض الأقطار العربية على غرار سورية واليمن وليبيا جراء الانعكاسات السلبية لثورات الربيع العربي، أو بسبب الأزمات السياسية والاقتصادية كالذي تعرفه مصر ولبنان والعراق.

ولو عدنا إلى أبرز محاور القضية الفلسطينية تغييبا على المستور الرسمي العربي نجد أن قضية اللاجئين والقـدس أبرز هذه المحاور. فلم تعد قضية اللاجئين الفلسطينيين تحظى في اجتماعات الجامعة العربية والمسؤولين العرب بالاهتمام إلا ما نذر، وأوضاعهم المعيشية والإنسانية في مخيمات اللجوء كمخيم اليرموك في سورية وعين الحلوة في لبنان صعب للغاية بسبب الفقر والبطالة والتضييق الحكومي.

أما القدس فتعرف نشاطا استيطانيا كبيرا حيث تجاوز عدد المستوطنين اليهود في القدس الشرقية فقط 350 ألف نسمة، إضافة إلى مشاريع تهويد المقدسات الإسلامية والمسيحية التي تنتهجه سلطات الاحتلال. وفي سلسلة التضييق الذي تعرفه القدس والمقدسيين، أقدمت سلطات الاحتلال على غلق الأقصى في 14 تموز/ يوليو 2017، ومنع إقامة الصلاة فيه عقب قتل شرطيان من قوات الاحتلال، وهي سابقة لم تحدث منذ حرب 1967، ولم تحرك الأنظمة العربية وجامعتها ساكنا إزاء هذا التصعيد، واكتفت بعض الشعوب العربية بمظاهرات باهتة نصرة للأقصى والمقدسيين الذين وجدوا أنفسهم وحدهم في مواجهة آلة الاحتلال وعدوانه على أرضهم ومقدساتهم. ورغم ذلك استطاعوا إرغام قوات الاحتلال بعد أسبوعين من الرباط والمظاهرات الحاشدة إلى إلغاء إجراءاته التعسفية في المسجد الأقصى والمتمثلة في إلغاء البوابات الالكترونية من على أبواب الأقصى.

ما هو مؤكد أن هذه الحادثة لن تكون الأخيرة في استفراد الكيان الإسرائيلي المحتل بالشعب الفلسطيني وقضيته، ما دامت النزاعات العربية الداخلية من جهة، والخلافات العربية -العربية من جهة ثانية في تزايد ( 1 ).

——————————————–

الهامش

(1) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close