fbpx
تقديرات

التقارب المصري الإسرائيلي وسيناريوهات المستقبل

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

تمهيد:

شهدت الأسابيع المنقضية من شهر أغسطس 2016، تصريحات مصرية رسمية من قبل السيسي ووزير خارجيته سامح شكرى؛ وفلسطينية من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية في رام الله فيما يتعلق بالعملية السلمية، جاءت هذه التصريحات في ظل أحداث متسارعة أهمها قيام كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس بعرض عسكري ملفت؛ عرضت من خلاله ولأول مرة الوحدة الخاصة المسئولة عن ملف الأسري الصهاينة والمعروفة باسم “وحدة الظل”. ليتبعه بعد ذلك تعرض قطاع غزة لأكثر من خمسين غارة جوية كانت الأعنف منذ حرب 2014م، هذه الأحداث المتلاحقة جاءت في ظل زيارة وفد أمنى صهيوني للقاهرة، ضم 5 مسؤولين إسرائيليين برئاسة اسحاق مولجو، مدير مكتب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي.

ويهدف هذا التقدير قراءة هذا المشهد وتفسيره ورصد أهم الأحداث وردود الفعل عليها.

أولا: تصريحات السيسي:

قال السيسي إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبلغه استعداده لاستقبال «أبو مازن» و«نتنياهو» لمباحثات مباشرة في موسكو.وأكد السيسي خلال حواره مع رؤساء تحرير الصحف القومية المصرية أن الكل مدعو للمشاركة في دفع عملية السلام وهي مفتاح الاستقرار بالمنطقة، وأنه لا بد من إتمام المصالحة الوطنية بين السلطة الفلسطينية وحماس حتى يتهيأ جهد حقيقي لإقامة الدولة.وأضاف «السيسي» أن القناعة بأهمية السلام تتزايد لدى الجانب الإسرائيلي.

ثانيا: تصريحات سامح شكرى:

في فيديو تناولته وسائل الاعلام المختلفة أبدى وزير الخارجية المصرية، سامح شكري تحفظه، على وصف الممارسات “الإسرائيلية” ضد الفلسطينيين بأنها “أعمال إرهابية”. وقال شكري رداً على سؤال أحد الطلاب الأوائل في الثانوية العامة، حول إمكانية وصف ما تفعله إسرائيل بالفلسطينيين، أو أمريكا في العراق، عملاً إرهابياً: إن “وصف أحد بالإرهاب لا بد أن يكون عليه اتفاق دولي”. وتابع: “ما تفعله إسرائيل قد يكون تآمرياً ولكن ليس هناك ما يؤكد ذلك، بحيث أنه لا يوجد هناك علاقة تربط بين إسرائيل ومنظمات إرهابية، ولا مؤشر قاطع للوصول لهذا الاستنتاج”.

ثالثا: تصريحات السلطة الفلسطينية:

أبلغ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس “مصر” بأنه لم يعد يعارض المشاركة في قمة سلام إقليمية أو دولية في القاهرة. ولكنه شدد على أن مبادرة السلام المصرية لن تكون بديلا للمبادرة الفرنسية لإحياء المفاوضات، التي أعلن الفلسطينيون تأييدهم لها إلا أن الصهاينة قد عارضوها بشدة. وورد أن السلطة الفلسطينية طلبت مشاركة فرنسا وروسيا وسويسرا في القمة.

إلا أن الملفت أن عباس مازال مُصراً على الضغط على رئيس الوزراء بينيامين نتنياهو لتجميد البناء الإستيطاني وإطلاق أسرى فلسطينيين قبل الاجتماع في مصر. وأن تكون المفاوضات على خطوط عام 1967 والتعهد مسبقا بتطبيق أي اتفاق يتم التوصل إليه في المحادثات.

رابعا: قصف غزة:

جاء الرد العسكري للجيش الصهيوني على إطلاق صاروخ من غزة نحو مدينة سديروت، مخالفا للمرات السابقة، إذ لم يقتصر على رد فوري وحازم، بل توسّع ليضرب ما يزيد عن 50 هدفا تابعا لحماس. الرد غير المألوف من قبل الجيش الإسرائيلي، ينسب إلى وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان. صاحب عقيدة إلحاق ضربات قاسية ضد حركة حماس، وأنه لم يتخلَ عن إيمانه بأنه يجب على إسرائيل القضاء على حكم حركة حماس في غزة.

القصف العنيف من سلاحي المدفعية والجو الذي استهدف شمال قطاع غزة، رداً على إطلاق صاروخ نحو مدينة سديروت، يحمل العديد من الرسائل الأولى: التي أراد وزير الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير حربه ليبرمان إيصالها أنه قوي وقادر على إدارة ملف الوزارة، والثانية: موجهة للمقاومة في غزة ومفادها أن تكرار إطلاق صواريخ من غزة نحو “اسرائيل” في المرة القادمة يعني مقابلته برد أشد وأعنف. أما الرسالة الثالثة هي أن المنطقة الإقليمية أصبحت لا تشكل عقبة أمام السياسة الصهيونية تجاه غزة خاصة بعد الاتفاق التركي الصهيوني، إلى جانب العلاقات المصرية الصهيونية والتي قد تصل الى درجة التفاهم الكبير؛ وانشغال معظم الدول الإقليمية بإشكالياتها الداخلية.

خامسا: بعثة امنية صهيونية في القاهرة:

ذكرت صحيفة معاريف أن مسؤولين صهاينة التقوا مسؤولين مصريين في القاهرة، لاستئناف عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، فضلا عن مسائل أخرى.وذكرت أن الاجتماع عقد في مناخ جيد وشمل العديد من القضايا الاقليمية التي تهدف الى تعزيز السلم والامن الدوليين. وأن الصهاينة قد لمسوا تغييرا للأفضل في مصر من خلال استعدادهم المنفتح لعلاقات أفضل مع اسرائيل.

سادسا: صورة مسربة من سجن مصري يعتقد أنها لعناصر القسام المفقودين من سيناء:

أظهرت صور بثتها قناة الجزيرة مباشر لاثنين من مفقودي حماس الأربعة الذين تبين فيما بعد أنهم ينتمون الى جناحها العسكري كتائب القسام، وقد عُرف اثنين منهم وهم “ياسر زنون” و”عبد الدايم أبو لبدة” كما ظهروا في الصور المسربة، وأصدرت حركة حماس بيانات صحفية متعددةً طالبت مصر بالعمل على إطلاق سراح المختطفين الأربعة.وقد حمل القيادي في حركة حماس مشير المصري مصر المسؤولية الكاملة عن حياة ومصير الشبان الأربعة المختطفين، وقال: “لا مبرر لحالة الاختطاف لأن هؤلاء يجب أن يكونوا تاج للرؤوس، وليس في التحقيق والسجون المصرية ونحن في انتظار الافراج الفوري عنهم ليعودوا إلى أهلهم.” وقد كشف القيادي في حركة “حماس” صلاح البردويل، أن السلطات المصرية، اشترطت على حركته، ما وصفها بـ”مطالب صعبة، لا تملك حماس أو أي فصيل وغيور تنفيذها أو الضلوع بها من أجل الإفراج عن المختطفين الأربعة”.

ومن المرجح ان تكون الصورة التي بثت؛ في يد عناصر القسام منذ أشهر؛ وهذا ما أكدته بعض التصريحات التي خرجت من قيادات حماس سابقا والتي جاء فيها: بأنها على علم يقيني ان المعتقلين الأربعة موجودين في سجون مصرية على قيد الحياة”.

وقد تحمل الصورة المسربة العديد من التفسيرات أهمها:

  1. ان الصورة قد حصلت عليها حركة حماس من خلال تسريب لأحد أفراد لشرطة العاملين في الحجز وهو مايعد تعد بمثابة ضربة للأجهزة الأمنية المصرية والتي كانت تؤكد سابقا بأنها لا تمتلك أي معلومات عن المختطفين.
  2. أن الصورة قد سربت من قبل أحد إحدى الأجهزة الأمنية المصرية. وهذا ربما يشير الى وجود خلافات داخل الأجهزة الأمنية المصرية.
  3. أن الصورة المسربة قد سربت من قبل الأجهزة الأمنية المصرية “عمدا” بهدف الضغط على حركة حماس، وقبولها بعض الشروط المصرية التي تحدث عنها القيادي في حماس صلاح البردويل، والتي وصفها بالصعبة، وقد تكون هذه الشروط تنحصر في: أن يتدخل القسام في سيناء لمواجهة تنظيم الدولة، أن تتنازل حماس عن سلطتها الفعلية في غزة لصالح السلطة الفلسطينية، أن تقوم حماس بتسليم بعض الشخصيات الفلسطينية المطلوبة لدي الأجهزة الأمنية المصرية، أن تقدم حماس تنازلات في ملف الاسري الصهاينة لديها، أن تقدم حماس تنازلات كبيرة ودخولها في مصالحة مع حركة فتح ومن ثم تقبل فكرة اتفاق سلام مع الصهاينة، أن تقبل حماس فكرة الحد من التسلح لديها ودخولها في اتفاق سلام شامل أو هدنة طويلة الأمد.

وفي إطار هذه التفسيرات تبرز عدة احتمالات، من بينها:

1ـ أن يكون هناك تحضير حقيقي لمؤتمر سلام إقليمي أو دولي برعاية مصرية مع تزايد احتمالية أن يكون لفرنسا وروسيا والأردن دوراً كبيرا فيه، ويتم التجهيز له بشكل جيد بحيث يخرج المؤتمر بنتائج إيجابية أقلها إزالة حالة الجمود التي تعيشها العملية التفاوضية بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني.

2ـ أن تكون هناك قنوات اتصالات مكثفة من أجل عقد صفقة تبادل أسري ما بين المقاومة الفلسطينية والكيان الصهيوني وتحاول كافة الأطراف العربية التقليل من عنصر تأثير المقاومة في اتخاذ القرار؛ بحيث يعد نجاح هذه الصفقة لكافة الأطراف المشاركة فيها وليس للمقاومة فحسب؛ وذلك استمراراً للنهج التفاوضي الذي كان سائدا اثناء حرب 2014 على غزة ما بين المقاومة الفلسطينية والصهاينة. فعلي الرغم من حضور ممثلين للمقاومة الفلسطينية – حماس والجهاد الإسلامي – لمفاوضات القاهرة وقتذاك إلا أن الوفد كان باسم منظمة التحرير الفلسطينية.

3ـ ربما يتم التحضير لحرب جديدة على قطاع غزة، للقضاء على المقاومة الفلسطينية، وتعيد السلطة الفلسطينية الى القطاع، وأن تحظي هذه الحرب بمباركة إقليمية ودولية وربما عربية.

4ـ محاولة النظام العسكري الحاكم في مصر ترسيخ شراكاته مع الكيان الصهيوني خاصة في ظل حالة الارتباك التي يشهدها المشهد السياسي المصري.

6ـ أن يكون هذا التسسريب محاولات إعلامية لا أكثر تهدف إلى تسليط الاعلام بعيدا عن الأوضاع الداخلية في مصر، وتركيز الانتباه على السياسة الخارجية لمصر.

خلاصة:

ليس بالأمر اليسير اختزال كافة التحركات والتصريحات المصرية الفلسطينية الصهيونية في تفسير واحد؛ فقد يتطلب الأمر تعدد والجمع بين هذه التفسيرات من أجل قراءة هذه التحركات، وخاصة في ظل تسارع الخطي وتشابك الممارسات على أكثر من مستوى عبر حدود الإقليم.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close