fbpx
كتب إليكترونية

القواعد القانونية لإدارة الأنهار الدولية

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

 

في العصور السابقة لم يعن المجتمع الدولي بصياغة اتفاق دولي حول القانون الذي يحكم الاستخدامات غير الملاحية تلك الموارد المائية. غير أن التغييرات التي طرأت على المجتمع الإنساني من حيث التزايد المضطرد في السكان وتنوع الاستخدامات الجديدة للأنهار الدولية استلزمت ان يتولى خبراء القانون الدولي المهتمين بقواعد إدارة الأنهار الدولية صياغة بعض القواعد في هذا المجال بدأت بما أسموه “قواعد دبروفنيك” التي تقوم على أساس أن حوض النهر الذي يمر بأكثر من دولة يجب اعتباره كوحدة واحدة دون النظر للحدود الدولية، كما عقدت الدول الشاطئة لنهر الدانوب اتفاقية لحماية وصيانة استخدامات النهر أنشأت لجنة دولية لذلك الغرض.

وفي سنة 1966 ذهبت قواعد هلسنكي إلى أن البحيرات والأنهار التي تعبر الحدود الدولية أو تعتبر محددة لها دن ان تحكمها اتفاقيات ثنائية أو متعددة الآطراف تخضع لاعتبارات سيادة الدول تسببت في عدم اعتماد الأمم المتحدة لقواعد هلسنكي 1993 وأخرجتها من دائرة الإلتزامات الدولية.

كانت قواعد هلسنكي تعني بمنابع الأنهار أكثر من مجراها، وقد كان من نتائج ذلك أنها اهتمت وأرست قاعدة الفرص المتساوية، ونصت قواعد هلسنكي بوجه خاص علي أن كل الدول الشاطئة للأنهار أو البحيرات المائية من حقها الحصول علي قدر معقول ومتوازن من المياة و لكن برز خلاف حول تفسير هذا المعيار، كما أن قاعد هلسنكي القت أهمية علي ضرره تفادي أي أضرار جسيمة لدول المصب ولكن اختلفت التفسيرات الاجتماعية لهذا المصطلح إلا أن الجوانب الجغرافية والاقتصادية والديموغرافية والتاريخية قد وضعت في الحسبان في الصياغة الأصلية للقواعد دون كثير من الاهتمام بنوعية المياه أو البيئة.

ولذلك أحيلت قواعد هلسنكي إلى لجنة القانون الدولي بالأمم المتحدة، ومن هنا نستشعر أن هناك اهتماما قانونيا بالمشاركة في الموارد المائية عبر تاريخ طويل في العلاقات الدولية. وهكذا يتبين أنه يجري من زمن طويل جهد في مجال القانون الدولي، ومن وثيقة elmosa 1993b تبرز خمسة عوامل حاكمة في تحديد مفهوم الفرص المتساوية والضرر الجسيم: طبيعة مكونات جزء النهر في كل دولة، واستخدامات المياه في الماضي والوقت الراهن، واحتياجات السكان الاجتماعية الإقتصادية، والموارد البديلة، وتفادي الأضرار بالجزء التالي من مجري النهر، وتفادي الإضرار عبر الحدود.

وقد اهتم مؤتمر إستكهولم 1972علي البيئة الإنسانية. بحيث لا تتخطي الأضرار حدود دولة إلي أخري من الدول الشاطئة. وبينما أكد مؤتمر mara del plata في الأرجنتيني 1977 على سيادة الدول فقد نادي أكثر من مؤتمر إستكهولم ببذل العناية بمبدأ المشاركة والتأثيرات الاجتماعية وعدم الأضرار بمياه وبيئة الغير، ولأول مرة يركز مؤتمر دولي نظمته الأمم المتحدة سنة 1993 هو مؤتمر مالطة على المياه فقط وعلاقتها بالقيم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بما في ذلك من مؤثرات سياسية وانتهي بإعداد خطة للعمل للحفاظ على البيئة Action Agenda، Enabling Environment ووضع المؤتمر عدة مبادئ للاستهداء بها في التعامل مع قضية المياه هي:

1ـ الماء ضرورة ماسة للحفاظ على الحياة التنمية والبيئة تقتضي إدارتها مدخلا تاريخيا يربط بين الجوانب التنمية الاقتصادية بدواعي الحفاظ على الأنظمة الطبيعية ecosystem.

2ـ أن إدارة وتنمية المياه يجب ان تؤسس على شراكة مستخدمي المياه ومخططي تنميتها وواضعي القرار السياسي.

3ـ دور المرأة الهام في الحفاظ على المياه.

4ـ للماء قيمة اقتصادية وفي هذا السياق ينبغي الاعتراف بحاجة كل أنسان لاستهلاك المياه.

أما فيما يتعلق بالأخطار المسبق والذي مؤداه وجوب قيام الدولة المشاطئة للنهر والتى قد تعتزم إنشاء مشروع عليه قد يسبب ضرراً لدولة مشاطئة أخرى بإخطار الأخيرة بالبيانات العلمية الدقيقة المتعلقة بذلك المشروع، وأن تمنحها فترة زمنية مناسبة لدراسة المشروع وإبداء ملاحظاتها واعتراضاتها عليه إن وجدت، وذلك بهدف درء الأضرار المحتملة أو تخفيضها إلى أدنى حد ممكن، أو السماح بها بالاتفاق بين الدول المعنية مع التزام الدولة المستفيدة بدفع التعويضات الأزمة.

ومن ثم فإنه لا يجوز لأية دولة مشاطئة أن تقوم أو تسمح بتنفيذ أية مشروعات مائية على النهر إلا بعد أخطار الدول الأخرى المشاطئة لذات النهر والتشاور معها إن كان لذلك مقتضي، إذ أن مبدأ الاشتراك فى المياه الذي يحكم الانتفاع بمياه الأنهار الدولية لا يمكن أن يكون فعالاً دون وجود واجب الإخطار والذي يؤدى إعماله إلى تجنب كثير من المنازعات التي قد تثور بين الدول المشاطئة للأنهار الدولية.

وفقاً لإجراءات الإخطار التي اعتمدها البنك الدولي فى هذا الشأن، فضلاً عن وجوب أن يكون تعديل الاتفاقية أو أي من بنودها ليس بالأغلبية المطلقة وإنما بالتوافق العام أو بالأغلبية الموصوفة التي تشتمل على كل من مصر والسودان، هو موقف سليم تماماً من الناحية القانونية.

ومصر فى تمسكها بمبدأ الإخطار المسبق وفقاً للإجراءات التي يجري عليها العمل فى البنك الدولي، وفى ضوء الخبرات الطويلة التي تثبت أن لم تعترض على أي مشروع يمثل فائدة لدول المنابع ولا يترتب عليه ضرر حقيقي لها، تكون غير متعسفة في استعمالها للحق ويكون تمسكها بواجب الإخطار المسبق، والذي تؤكد عليه الوثائق الدولية ذات الصلة، أمراً له ما يبرره.

أما فيما يتعلق بمسألة التصويت فى شأن تعديل الاتفاقية أو أي من بروتوكولاتها، فإنه من البدهى أن اختلاف المصالح القائم أو المحتمل فى المستقبل بين دول المنابع، وهي الأكثرية الساحقة فى حالة نهر النيل، ودول المصاب، وهي الأقلية الضئيلة هنا، والتى تقتصر على السودان كدولة ممر ومصر كدولة مصب، سيجعل دول المنابع قادرة دون شك على تغيير ما تشاء من بنود الاتفاقية وبروتوكولاتها إذا ما كان التصويت بالأغلبية. ومن ثم فإن مصر والسودان سيكونان فى موقف شديد الضعف عند التفكير فى تعديل للاتفاقية تقترحانه أو تقترحه دول المنابع أو بعضها.

والحق أن اتفاقية على هذا القدر من الأهمية لا يمكن التسليم فيها بمثل هذا النمط من أنماط التصويت وإنما يتعين، كما طلبت مصر، أن يكون التصويت موصوفاً بشكل يحقق التوازن بين أطراف المعادلة.

والواقع أن الممارسة الدولية تشهد العديد من الأمثلة لأنماط تصويت تغاير التصويت بالأغلبية، تهدف إلى تحقيق التوازن وضمان المصالح المتعارضة، أو إيلاء دول معينة وضعاً متميزاً فى هذا الصدد لسبب أو لآخر.

وتتراوح هذه الأمثلة بين التمتع بحق الفيتو (مجلس الأمن) والوزن النسبي للأصوات (بعض المؤسسات الاقتصادية والمالية) والتوافق العام، والأغلبية الموصوفة بعدد معين كالثلثين أو الثلاثة أرباع مثلاً، أو ـ أي الموصوفة ـ باشتراط تضمنها لأطراف بأعينهم كما هو الاقتراح المصري الأخير الخاص بالأغلبية التي تتضمن صوتي مصر والسودان.

ونتيجة لتلك أشار رجال القانون ونشير منهم إلي بحث الدكتور أنور الفقي أنه قد تم مؤخراً إبرام عدد من الاتفاقيات الدولية من بينها معاهدة هلسنكي حول حماية واستخدام المجاري المائية العابرة والبحيرات الدولية لسنة 1992. وعلى الرغم من تلك الاتفاقية لم تدخل حيز التنفيذ حتى تاريخه إلا أن أهميتهما قد أكدتها محكمة العدل الدولية عام 1997م بعد أشهر فقط من تاريخ إجازتها وعلماً بأن تلك القضية كانت هي القضية الأولى في التاريخ التي يطلب فيها من محكمة العدل الدولية بحل نزاع بين دولتين حول مجرى مائي دولي وهو نهر الدانوب.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close