fbpx
أسيا وافريقياالمشهد التركي

تطورات المشهد التركي 24 مايو 2016

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

 

(1)يتناول هذا التقرير تطورات المشهد التركي خلال الفترة من 16 إلى 22 مايو 2016، والتي جاءت أحداثها كالتالي:

أولاً: حدث الأسبوع: الحصانة البرلمانية

سيطرت السياسات الداخلية في تركيا على المشهد العام في البلاد، بعدما وافق البرلمان على مشروع قانون لرفع الحصانة عن عدد من نوابه بأغلبية 376 نائبًا من أصل 550 نائباً، مما سمح للبرلمان بتبنيه مباشرة، وهو ما يفتح الباب أمام مقاضاة نواب من مختلف الأحزاب وعلى رأسها حزب الشعوب الديموقراطي (الجزيرة.نت).

وتأتي هذه الخطوة ضمن المراحل النهائية للعبة عض الأصابع التي يمارسها أردوغان مع المعارضة الداعمة للإرهاب من وجهة نظر العدالة والتنمية، وعلى رأسها حزب الشعوب الديموقراطي والكيان الموازي، فهذه الخطوة تمهد لمحاكمة نواب حزب الشعوب الديمقراطي ومن ثم طردهم من البرلمان في حالة إدانتهم، وهو ما قد يفقد الحزب عتبة العشرة بالمائة التي أهلته لدخول البرلمان، ومن ثم يكون الاختيار إما بإعادة الانتخابات في دوائر المفصولين من البرلمان، أو بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، حيث إن أردوغان يرى أن بلاده في حالة حرب حقيقية في الداخل، وأن داعمي حزب العمال الكردستاني يجب أن يدفعوا ثمن دفاعهم عنه سياسيا وتعزية منتسبيه الذين قاموا بعمليات إرهابية، أو من النواب الذين هربوا سلاح لمقاتليه، وإثر رفع الحصانة سافر اثنان من نواب الحزب (“فيصل ساري يلدز” النائب عن حزب الشعوب الديمقراطي في ولاية شرناق، و”طوبى هزير” النائبة عن الحزب ذاته في ولاية “فان”) إلى أوروبا (ترك برس).

وليس هذا بمعزل عن التحولات الإقليمية في المنطقة، فبعد تغير الظروف الإقليمية التي أدت إلى انهيار الدولة السورية، وكذلك التدخلات الأجنبية في الإقليم والتي سعت إلى دعم الاكراد ككيان يستطيع أن يقف أمام تنظيم الدولة، والنجاحات التي حققها أكراد سوريا بدعم غربي وروسي، وسيطرتهم على الشريط الحدودي المتاخم لتركيا بحيث أصبحوا يمثلون تهديدًا لأمنها.

كل هذه الاعتبارات شجعت حزب العمال الكردستاني وبعض داعميه في الداخل التركي على استغلال ذلك التحول في السياسات الإقليمية وتدفق السلاح على المنطقة، في تسليح عناصره وإعادة إدخالهم إلى الشرق التركي مرة ثانية، بعدما كانت الانفتاحة الكردية قد قطعت هذا الطريق وأعطت الأكراد حقوقًا ثقافية وسياسية كبيرة، مكنتهم من إنشاء قناة ناطقة بالكردية وكذلك أحزاب سياسية، وهي الاستراتيجية التي دشنها حزب العدالة والتنمية من أجل استيعاب الأكراد تحت مظلة الوطن الواحد، ضمن المقولة التي يرددها أردوغان دائمًا: “أمة واحدة، علم واحد، وطن واحد، دولة واحدة”.

لذلك فإن استخدام القوة من الأكراد تحت غطاء سياسي من حزب الشعوب الديموقراطي اعتبره العدالة والتنمية بقيادة أردوغان نكوصًا عن موافقتهم على استيعابهم داخل الوطن التركي تحت علمه وضمن حدوده، وهو ما استدعى من أردوغان استخدام القوة لدفعهم إلى أحد خيارين:

الأول: الرجوع عن خط العنف ومن ثم استيعابهم داخل منظومة الدولة التركية والقبول بهم تحت وحدتها الوطنية وعلمها الوطني.

الثاني: استخدام القوة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، على المستويات السياسية والاجتماعية والعسكرية، من أجل فصل مؤيدي الانفصال عن أولئك المؤيدين للبقاء تحت علم الدولة التركية.

وفي هذا الإطار فإن استراتيجية أردوغان هي دفع الأكراد إلى معرفة الثمن الباهظ الذي سيدفعوه نظير إعادة استخدام القوة ورفع الشعارات الانفصالية من جديد، في الوقت الذي يبذل فيه الحزب قصارى جهده لاستكمال إنشاءات البنية التحتية داخل المناطق الكردية، وافتتاح العديد من المشروعات الخدمية للسكان هناك، لكي يظهر للسكان الأكراد التباين الشاسع بين الاختيارين.

وبهذه الاستراتيجية فإن حزب العدالة والتنمية يمكنه تحقيق هدفين، الأول: استعادة أصوات الأكراد الذين صوتوا لحزب الشعوب الديموقراطي، بما يصب في خانة العدالة والتنمية، ومن ثم يدعم خططه لتغيير الدستور والنظام السياسي إلى نظام رئاسي. الثاني: أن الحزب سينزع شوكة ما يسميه “الإرهاب” في الداخل عن طريق رفع تكلفة العنف على مرتكبيه، وذلك باستخدام مفرط للقوة ضد كل من يحمل السلاح، حيث تستنفر قوات الجيش والشرطة لاستهداف المسلحين في تلك المناطق، بل إن الطيران التركي يضرب حزب العمال الكردستاني في عمق أراضيه داخل إقليم كردستان العراق، وفي الأسبوع الماضي قتل في غارة جوية 30 مسلحًا من تنظيم بي كا كا شمال العراق في منطقة جبال قنديل (الأناضول).

كما أن أردوغان في هذا السياق يستقطب أصوات القوميين كذلك الذين لم يجدوا بدا من التصويت على مشروع القانون في البرلمان؛ كما أن تلك الإجراءات تتماشى مع عقيدة الجيش التركي التي تهدف إلى الحفاظ على وحدة أراضي البلاد التي استعادها مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، والضرب بيد من حديد على كل من يهدد ذلك، لاسيما عندما يتعلق الأمر بأطراف تتلقى دعمًا خارجيًا من أطراف عدة إقليمية ودولية كلها تهدف إلى زعزعة استقرار الدولة التركية.

وبعد رفع الحصانة أصبح عدد من قادة حزب الشعوب الديموقراطي تحت الملاحقة القانونية والقضائية، ومن المتوقع أن يتم توجيه تهم بدعم الإرهاب إلى عدد منهم، بعد إقرار القانون، وهروب بعض رموزه إلى أوروبا يعد مؤشرًا على طبيعة المرحلة القادمة التي سيدخلها الحزب، والذي من المتوقع أن يستعين بداعميه الإقليميين والدوليين من أجل الضغط على الدولة التركية؛ حيث أعلن الحزب على موقعه الرسمي أن عضويه سافرا إلى أوروبا لشرح انتهاكات حقوق الإنسان وما وصفه موقع الحزب بالمذابح التي تجري في المناطق الكردية على يد الجيش التركي (الموقع الرسمي للحزب).

ثانياً: تطورات المشهد الداخلي:

1ـ التطورات السياسية:

من أبرز التطورات الداخلية المؤتمر الذي عقده حزب العدالة والتنمية الحاكم لإعلان رئيسه الجديد، والذي تم فيه اختيار “بين علي يلدرم” بالتزكية، واللافت أن الحزب حرص على وضع صور أردوغان وأغلو ويلدرم إلى جوار أتاتورك مؤسس الدولة التركية، كما جاءت خطبة أوغلو حماسية وعاطفية، أكد فيها على أن ترك المناصب لا يعني ترك القضية التي آمن بها وعمل من أجلها، كما أكد أردوغان أن علاقته العاطفية لا تزال ممتدة ومتواصلة مع كل قادة الحزب سواء من في الداخل أو في الخارج.

وأضاف أوغلو: “لا أعتبر هذا المؤتمر مؤتمر وداع بالنسبة لي بل مؤتمر وفاء للوطن ولحزب العدالة والتنمية. حافظنا على وحدة الحزب ومضينا فيه ومن أجله وحافظت على علاقتي الأخوية مع السيد الرئيس نفتخر بكم ونفتخر بكل أفراد شعبنا وحزبنا نتخلى عن مواقعنا ولكن لا نتخلى عن فكرتنا ومبادئنا” (يني شفق).

وجاء المؤتمر ليؤكد على وحدة الصف داخل الحزب، لتفنيد التوقعات التي كانت ترمي إلى تفكك الحزب، وهو ما كان له أثر إيجابي على الساحة السياسية (الأناضول). وجاء مؤتمر الحزب احتفاليًا وتم دعوة العديد من الشخصيات المحلية والأجنبية، ليرسل رسالة استقرار أوضاع الحزب، ويعطي كذلك مؤشرات إيجابية للاقتصاد الذي بدأ يتأثر بالتجاذبات السياسية الداخلية، حيث هبط سعر الليرة أمام الدولار الأسبوع الماضي، ومن المتوقع أن يعطي مؤتمر العدالة والتنمية دفعة للاقتصاد في الأيام القادمة؛ حيث صرح الرئيس الجديد للحزب ورئيس الوزراء “بين علي يلدرم” أن بلاده بحاجة إلى الانتقال إلى النظام الرئاسي (الأناضول).

كما أظهر تماهيًا مع آراء أردوغان في مختلف الملفات، وعلى رأسها التعامل مع (بي كا كا) ومع الاتحاد الأوروبي، وهو ما يرمي إلى توحيد توجهات صانعي القرار في البلاد، وبصرف النظر عما يعنيه ذلك على الساحة السياسية، إلا أنه اقتصاديًا قد يؤدي إلى طمأنة المستثمرين بعد حالة من التشكك في أعقاب أحاديث الكواليس بعدم توافق أردوغان مع رئيس وزرائه السابق أحمد داود أوغلو، وتواتر الأخبار حول وجود صراع في صنع القرار، وهو ما تم حسمه في الأيام الأخيرة، بما يصب في صالح الاستقرار الاقتصادي، حتى ولو على المدى القريب.

أما على المدى البعيد، فإن الساحة السياسية من المتوقع أن تشتعل حول عدة قضايا في الفترة القادمة، وعلى رأسها بدء محاكمة نواب حزب الشعوب الديموقراطي، والنواب الآخرين المتهمين في قضايا مختلفة، كما أن قضية تعديل الدستور وتبني النظام الرئاسي من المتوقع أن تشهد هي الأخرى صراعات سياسية عنيفة؛ لاسيما بعد تصريح زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليغدار أوغلو الذي قال فيه إن “النظام الرئاسي لا يتم بدون إراقة الدماء”.

وجاء رد أردوغان عليه بقوله: “إن القرار ليس قراره ولكن قرار الشعب، وعندئذ يجب عليه أن يرضخ ويمشي وراء اختياره” (روسيا اليوم). وكان حزب العدالة والتنمية قد دعا حزب الشعب الجمهوري إلى مؤتمره الاستثنائي، فيما لم يدع حزب الشعوب الديموقراطي (يني شفق).

2ـ التطورات الاقتصادية:

من مؤشرات الثقة في النظام السياسي وبالتبعية في الأوضاع الاقتصادية في البلاد، شهدت تركيا حدثين هامين في الأسبوع الماضي فيما يتعلق بالاستثمارات الأجنبية داخل البلاد، أولاها كان مؤشرات إيرانية بعودة بنوكها للاستثمار مرة ثانية في البلاد، والحدث الثاني كان مؤتمر للاستثمار العربي في مناطقة كوتاهيا غربي البلاد بمشاركة 16 دولة عربية.

إيرانياً، تقدم اثنان من البنوك الإيرانية بطلبات إلى الجهات المختصة التركية للسماح لها بالحصول على ترخيص للقيام بأعمالها على الأراضي التركية، في الوقت الذي تسعى فيه البلدان إلى رفع مقدار التجارة بينهما إلى 50 مليار دولار سنويا، وأفادت المصادر التركية أن وزارات المالية، والتنمية، والتجارة والجمارك، قد تلقت طلبات من بنكي “تجارة” و”باساغراد” الإيرانيين للحصول على تراخيص عمل، أسوة ببنكي “مللت” و”سمان” الإيرانيين في تركيا.

كما تم التواصل حول المشروع مع السفارة التركية في إيران (تركيا الآن)؛ حيث إن إيران تعتبر تركيا منفذًا هامًا لتنويع مصادر اقتصادها لاسيما بعد الاتفاق النووي مع الغرب، وجاءت سياسة النظام التركي الاستيعابية للجمهورية الإيرانية بالرغم من الاختلاف في التوجهات الإقليمية كخطوة براجماتية من أجل احتواء إيران والقدرة على امتلاك عدد من الخيوط للضغط عليها مستقبلاً من أجل تطبيع العلاقات ونزع محفزات الصراع في المنطقة.

وكان مسؤول في وزارة السياحة التركية قد أعلن أن إيران سمحت لمستثمرين اتراك ببناء 10 فنادق على الاقل في إيران، وأن البلدين يسعيان لتوطيد العلاقات الاقتصادية بينهما بعد رفع العقوبات الدولية عن طهران، وسيتم بناء الفنادق في عدة مدن منها العاصمة طهران وأصفهان وشيراز وتبريز ومشهد بناء على بروتوكول تعاون اقتصادي وقعه الطرفان خلال زيارة وفد تركي لإيران (بي بي سي).

وعربياً، شهدت تركيا اختتام فعاليات “ملتقى طاوشانلي الدولي” بتوقيع اتفاقيات شراكة تركية – عربية بولاية “كوتاهيا” غربي تركيا، بمشاركة نحو 150 من رجال وسيدات الأعمال من تركيا و16 دولة عربية، وأثمر الملتقى عن توقيع اتفاقيات شراكة بين عدد من رجال الأعمال العرب وشركات تركية، عقب جلسات ثنائية جمعت المشاركين فيه، حول مجالات التعاون بين الطرفين والمجالات التي يمكن للعرب الاستثمار فيها، وسعى منظمو الملتقى للفت نظر السياح ورجال الأعمال العرب إلى المقومات السياحية وإمكانيات الاستثمار في المنطقة(تركيا بوست).

واقتصادياً أيضًا، أعلنت الحكومة التركية عن تقديم دعم قيمته 60 ألف دولار لكل مؤسسة تركية للانفتاح على الأسواق العالمية؛ حيث أعلن وزير الصناعة والعلوم والتكنولوجيا فكري إشيق عن أن الوزارة تعد برنامج لدعم المؤسسات الصناعية الصغيرة ومتوسطة الحجم والتي تعتمد في صناعاتها ومنتاجاتها على التقنيات التكنولوجية الحديثة التي تسعى للدخول إلى الأسواق العالمية بدعم يصل إلى ستين ألف دولار للمؤسسات يوزع على ثلاث سنوات، وسيشمل هذا البرنامج دعم المؤسسات التي تعتمد في برامجها على مراكز التطوير وعلى التسويق الخارجي (ترك برس)، ويأتي هذا الإنفاق الحكومي لدعم المؤسسات التركية في إشارة على توفر السيولة المالية للحكومة وإداركها كذلك لقيمة وأهمية المشروعات الصغيرة، وقيمة دعم النواحي التقنية لها لمساعدتها على المنافسة في السوق العالمي.

ثالثاً: تطورات السياسة الخارجية:

1ـ القمة الإنسانية:

تستضيف تركيا القمة العالمية للعمل الإنساني في أسطنبول؛ حيث سيشارك في المؤتمر الأمين العام للأمم المتحدة، الذي سيلقي الكلمة الافتتاحية، إلى جانب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ويشارك في القمة التي تعقد بمبادرة أمين عام منظمة الأمم المتحدة، ويشرف على تنظيمها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، نحو 60 رئيس دولة أو حكومة، وأكثر من 6 آلاف من المسؤولين وممثلي الهيئات الدولية، ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، وتتضمن القمة عقد 7 اجتماعات طاولة مستديرة، و15 جلسة خاصة، و120 فعالية جانبية، ليتم في نهايتها إعداد تقرير يقدمه الأمين العام كي مون، للجمعية العامة للأمم المتحدة (الأناضول).

2ـ العلاقات التركية ـ الأوربية:

على هامش زيارتها لتركيا للمشاكرة في أعمال القمة الإنسانية، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن “الاتفاق الذي أبرمته دول الاتحاد الأوروبي مع تركيا حول اللاجئين السوريين، هدفه حماية أرواح البشر، وتقاسم الدول الأوروبية فيما بينها بشكل عادل، أعباء اللاجئين مع تركيا، وحماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي”. واعتبرت ميركل أنَّ الاتفاق المبرم بين دول الاتحاد الأوروبي وتركيا يصبُّ في مصلحةِ الطرفين، قائلة: “أنا على ثقة أنَّ الاتفاق، سيصب في مصلحة أولئك الذين يفرُّون من الحربِ ويقعون في شراك تجار البشر، فتركيا دولة جارة مباشرة لأوروبا وشريك هام لها” (الأناضول).

وعلى صعيد العلاقات مع الغرب أيضًا انتقد الرئيس التركي بعض الصحفيين الذين يأتون إلى تركيا من دول غربية، كفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، ويتجولون في “ديار بكر” ويلفّقون أخبارًا كاذبة عن سير عمليات الجيش والقوى الأمنية التركية، في المنطقة ضد عناصر منظمة “بي كا كا” الإرهابية، ويصفون تلك العمليات بأنها “حربًا أهلية”. وأضاف موجهًا خطابه لهؤلاء الصحفيين: “ماذا تفعلون هنا؟ تلفّقون أخبارًا وفق أهوائكم، طبعًا فالسيناريو الذي ستطرحونه معلوم، وتجرون مقابلات مع أشخاص وفق هذا السيناريو” (يني شفق).

وعلى صعيد الشراكات الاستراتيجية والتحالفات الإقليمية التي تعقدها أنقرة وقعت تركيا وأوكرانيا اتفاقية إنتاج مشترك للطائرات في مجمع أنتونوف للطيران في أوكرانيا، وبحث الجانبان كذلك إمكانية انضمام أوكرانيا إلى مشروع ممر الغاز الجنوبي الذي يهدف إلى جلب الغاز من بحر قزوين إلى أوروبا، واتفقت أنقرة وكييف على إنتاج وتطوير ثلاثة أنواع من الطائرات. ويتناول الاتفاق رؤية للتجارة الحرة، وتسهيل الضرائب، ودعم الأعمال والمشاريع الصناعية المشتركة (ترك برس).

3ـ العلاقات التركية ـ السعودية:

أعلنت السعودية عن وصول مجموعة من القوات الجوية الملكية السعودية إلى تركيا للمشاركة في تمرين “نسر الأناضول- 4 الذي يعد “أعرق وأكبر المناورات العسكرية المشتركة القتالية الجوية على مستوى العالم”، بالإضافة إلى مشاركة قوات بحرية وبرية سعودية في التمرين العسكري (EFES 2016) الذي بدأ فاعلياته في ولايتي أنقرة وإزمير التركيتين قبل أسبوع، ويستمر شهرًا، بالمشاركة مع قوات قطرية (الأناضول).

4ـ السياسة الأمريكية:

قام قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط، الجنرال جوزيف فوتيل، بزيارة سرية السبت (21 مايو) إلى سوريا، للاطلاع على الجهود الرامية لبناء تحالفات متماسكة مع مقاتلي المعارضة من العرب والأكراد والفصائل المحلية لدحر تنظيم الدولة الإسلامية، حيث التقى مستشارين عسكريين أميركيين يعملون مع مقاتلين سوريين عرب ومسؤولين في قوات سوريا الديمقراطية، وهي تحالف لمقاتلين أكراد وعرب تدعمه الولايات المتحدة (أخبار العالم).

بما يشير إلى استمرار سياسة الولايات المتحدة في التعامل مع الأكراد باعتبارهم عنصر هام من معادلة مواجهة تنظيم الدولة، بالرغم من الاعتراضات التركية، التي هددت بالمضي قدمًا في تحقيق مصالحها بعيدًا عن الدول التي لم تتعاون معها، في إشارة إلى الغرب، وكذلك هدد الرئيس التركي بالقيام بعملية عسكرية برية لوقف هجمات تنظيم الدولة التي تستهدف المدن التركية الحدودية.

رابعاً: تطورات العلاقات التركية المصرية

استمرارًا للتدهور في العلاقات بين القاهرة وأنقرة لم يدع حزب العدالة والتنمية الحاكم ممثلي السفارة المصرية في تركيا إلى حضور مؤتمر الحزب الاستثنائي، بالرغم من دعوة كافة السفراء المعتمدين في البلاد، وكانت مصر من بين خمس دول لم يتم دعوتهم، إلى جانب روسيا وسوريا وبنجلاديش وإسرائيل(يني شفق)، وذلك لاستمرار توتر العلاقات بين الدولتين من جهة، وبين الحزب الحاكم التركي والنظام الحاكم المصري من جهة أخرى.

وفي أعقاب حادث الطائرة المصرية أعربت وزارة الخارجية التركية عن تعازيها في ضحايا الطائرة المصرية المفقودة، التي تم الإعلان عن اختفائها فوق البحر المتوسط فجر الخميس 19 مايو 2016، أثناء توجهها من مطار شارل ديغول بباريس إلى مطار القاهرة، وقالت الخارجية التركية في بيان لها: “تلقينا بحزن عميق نبأ سقوط الطائرة التابعة للخطوط الجوية المصرية شرقي البحر المتوسط، ووفاة ركابها وطاقمها” (الأناضول).

وهو ما يعبر عن اقتصار العلاقة بين الجانبين على الجانب البروتوكولي الخاص بتقديم التعازي والتهنئة بالأعياد الوطنية، حيث أعرب الطرفان في عدة مناسبات عن إدانتهم للإرهاب في كلا البلدين وتقديم التعازي في حال سقوط ضحايا، كما تحافظ البلدان على العلاقات الاقتصادية والتجارية في حدها الأدنى، بالإضافة إلى مشاركة قوات تركية في مجهودات البحث عن حطام الطائرة المصرية، حيث ذكرت صحيفة “لاكسبرس” الفرنسية أن طائرات تركية انضمت للطائرات الفرنسية واليونانية للبحث عن حطام الطائرة المصرية التي سقطت في البحر المتوسط (محيط).

واقتصادياً، ألغت تركيا فرض رسوم إغراق على صادرات مصر من “البولي بروبلين”؛ حيث أصدرت سلطات التحقيق التركية قرارًا نهائيًا بإنهاء تحقيق مكافحة الإغراق المقام ضد الصادرات المصرية من صنف أفلام خام البولي بروبلين ثنائي الشد Bopp، وذلك لعدم وجود علاقة سببية بين الضرر الواقع على الصناعة المحلية التركية، وبين الواردات من الدول محل التحقيق وبموجب هذا القرار سيسمح بنفاذ الصادرات المصرية من هذا الصنف إلى السوق التركي والتي تصل قيمتها إلى حوالى 14 مليون دولار سنويًا دون أي معوقات (المصري اليوم).

وفي إطار التحالفات العسكرية الإقليمية تشهد تركيا هذه الأيام مناورات نسر الأناضول 4 التي تشارك فيها عدة دول والتي تعد واحدة من أعرق وأكبر المناورات العسكرية المشتركة القتالية الجوية على مستوى العالم”، وكانت مصر في عهد الرئيس مرسي قد شاركت في مناورة “بحر الصداقة” مع القوات البحرية التركية، ولكن تغير التحالفات بعد الثالث من يوليو 2013 جعل مصر تذهب في اتجاه ترسيخ علاقاتها مع محور إسرائيل اليونان قبرص لمواجهة النفوذ التركي الذي أصبح معاديًا للنظام المصري بعد الانقلاب العسكري، وفي المناورات الحالية فإن مصر لم تشارك في هذه المناورات فيما شاركت قوات من السعودية وقطر، إلى جانب دول غربية أخرى (ترك برس).

وتشارك في التدريبات، التي تجري منذ العام 2001 وتعد من أكبر التدريبات العسكرية الجوية على مستوى العالم، قوات جوية من الولايات المتحدة ودول حلف شمال الأطلسي “ناتو”، وكذلك من الأردن والإمارات، إضافة إلى القوات الجوية السعودية (روسيا توداي)، في حين شاركت مصر في مناورة رعد الشمال إلى جانب السعودية وقطر وتركيا وعدة دول أخرى (العربية.نت).

—————————–

الهامش

( 1) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.
لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close