fbpx
تقديراتاوروبا وامريكا

توجهات السياسة الخارجية عند دونالد ترامب

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

 

(1) تمهيد:

أعلن الحزب الجمهوري الأمريكي رسمياً على أن “دونالد ترامب” هو مرشح الحزب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، التي ستجري في نوفمبر 2016، وذلك بعد انسحاب منافسه تيد كروز بعد هزيمته في انتخابات ولاية إنديانا ليفسح المجال لرجل الأعمال ترامب ليصبح أحد الرؤوساء المحتملين للبيت الأبيض، ومع الجدل الكبير المثار داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها حول الطبيعة الشخصية لترامب، ومضامين خطابه السياسي، تأتي أهمية تحليل توجهات هذا الخطاب، وأثره على السياسة الخارجية الأمريكية لو فاز في الانتخابات القادمة؟ وانعكاسات ذلك على الشرق الأوسط وقضاياه الأساسية (2).

أولاً: السمات العامة للسياسة الخارجية لترامب:

من خلال خطاباته الأساسية، والتي تم الاعتماد عليها في هذا التحليل يمكن الوقوف على عدد من المبادئ أو المنطلقات الأساسية للسياسة الخارجية للمرشح الرئاسي دونالد ترامب:

1ـ يتبنى ترامب في سياسته الخارجية مبدأ “أمريكا أولا” كالهدف العام من سياسته الخارجية بمعنى أنه لا يجب على أمريكا أن تؤَّمن مصالح غيرها أو تضعها في اعتبارها بالقدر الحالي، مع ضرورة الالتزام بالمصالح الأمريكية والتعامل معها على أساس أنها الدافع الأساسي لأي تحرك على مستوي السياسة الخارجية. فأمريكا ليس عليها أن تتحمل عبء حماية أو دفاع عن دول أخرى دون مقابل.

2ـ يعد ترامب من أصحاب مبدأ العزلة في السياسة الخارجية “isolationist” حيث يرى أن الولايات المتحدة ليس عليها أن تتدخل في تنظيم شئون العالم من حولها وحل مشاكله، ويتجنب في سياسته الحديث عن العالمية “globalism”. لذا يغلب على خطابه الروح القومية بل ويعظم من أهمية الدولة القومية كما أشار صراحةً في خطابه عن سياسته الخارجية.

3ـ لا يؤمن ترامب بفكرة التدخل الإنساني “Humanitarian intervention” كأساس أو دافع للتدخل في الشأن الداخلي للدول. فطالما الأمر لم يمس المصالح الأمريكية فلا داعي لتورط القوات الأمريكية والسياسة الأمريكية في هذا الشأن. لكن عندما يتعلق الأمر بمصالح الولايات المتحدة يجب عليها التدخل العسكري الأحادي الذي لا تعتمد فيها على أطراف أخري “militaristic and unilateral interventionist”.

4ـ يقف ترامب ضد الهجرة فهو أكثر توجهًا للتأكيد على أن الولايات المتحدة تقتصر على مواطنيها “anti-immigrant and nativist” فهو يسعى إلى تقليص معدل الهجرة إلى الولايات المتحدة بل أحيانا يصل إلى حد منع فئات معينة من الانتقال إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي هذا السياق يرفض ترامب الهجرة للولايات المتحدة ولاسيما من المكسيك وأعلن ترامب أنه سيسعى لتقليص الهجرة بشكل كبير بل إنه ذهب في أحد كلماته إلى الدعوة لبناء سور فاصل بين الولايات المتحدة والمكسيك للحد من الهجرة بل وطالب المكسيك بأن تتحمل نصيبها من تكاليفه المادية. وأشار إلى أنه لابد من تغيير القانون الذي يعطي الجنسية الأمريكية للمولودين على الأراضي الأمريكية والذي يعتبر من أهم دوافع الهجرة. أما بالنسبة لدخول المسلمين فإن ترامب أعلن أنه سيمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة لاعتبارهم تهديد كبير للأمن الأمريكي.

5ـ يتبني ترامب مبدأ الحماية التجارية للسوق الأمريكي “protectionist” بجانب أنه يتشكك في مدي فعالية وتأثير الاتفاقيات والمعاهدات التجارية الدولية والتحالفات التجارية الدولية ويعتبرها أنها غالبًا ما تكون في مصلحة الطرف الآخر على حساب الولايات المتحدة أو على أقل تقدير تنتج عنها سلبيات تضر بالاقتصاد والسوق الأمريكي. وفي هذا الإطار ينتقد بشدة اتفاقيات النافتا واتفاقية الـ “TTP”.

ثانياً: توجهات دونالد ترامب حول القضايا الدولية:

في إطار توجهاته نحو العلاقات الدولية للولايات المتحدة مع القوى الكبرى، يمكن رصد عدة مؤشرات أساسية:

1ـ العلاقات الأمريكية ـ الأوربية:

يرى ترامب أن على دول أوروبا تحمُل عبء الدفاع عن نفسها وتكاليفه المادية وأن الولايات المتحدة ليس عليها أن تنفق تلك المبالغ الهائلة لتأمين أوروبا وإنشاء القواعد العسكرية على الأراضي الأوروبية، فالاتحاد الأوروبي عليه أن يتحمل تكلفة الأمن التي يريدها “security burden”. لذا فإنه يعترض على تحمل الولايات المتحدة النصيب الأكبر من ميزانية حلف الناتو الذي يضم الكثير من دول أوروبا والتي لا يصل معدل إنفاقها العسكري من إجمالي الناتج المحلي إلى 2% سوى أربع دول من 28 دولة بجانب الولايات المتحدة. ومن هذا المنطلق يشير صراحة إلى ضرورة الابتعاد الأمريكي عن تحالفاته مع الدول الأوروبية إذا لم تلتزم بتحمل نصيبها من الإنفاق العسكري بل ويهدد بالانسحاب من الناتو إذا لم يلتزم أعضاؤه بالحد المتفق عليه للإنفاق العسكري.

لكن هذا لا يتعارض في وجهه نظر ترامب من ضرورة الحفاظ على التفوق العسكري الأمريكي بل الحفاظ على معدل الإنفاق العسكري الذي يضع الولايات المتحدة في المرتبة الأولي عالميًا بل يتجاوز حسب قوله مجموع إنفاق الدول الستة التالية لها.

2ـ العلاقات الأمريكية الروسية:

ينادي ترامب بتعزيز التقارب الأمريكي الروسي، ولكن من موقع قوة لا ضعف فعلينا إعادة العلاقات مع روسيا مرة أخري والتعامل معها من منطلق أن هناك خلافات بينها وبين الولايات المتحدة وليس من منطلق العداء. فيرى أن في التنسيق مع روسيا مكاسب كبيرة يمكن تحقيقها لأمريكا فهو يرى في نفسه القدرة على عقد الاتفاقيات التي تحقق المصلحة الأمريكية. أما فيما يتعلق بالسياسات الروسية الأخيرة سواء في أوكرانيا أو في سوريا فإنه يري أن أوروبا، وأشار إلى ألمانيا على وجه التحديد، عليها أن تتولي الأمر بخصوص أوكرانيا.

3ـ العلاقات الأمريكية ـ الصينية:

يميل ترامب إلى التقارب مع الصين ويرى أن العلاقات معها تحتاج إلى تعديل فأمريكا بحاجة لاستغلال مصادر قوتها لتجاوز تلك الفجوة في العلاقة بين البلدين لتقوم على علاقة احترام مبنية على القوة في شكل مقايضة بين البلدين ما بين العجز في الميزان التجاري الأمريكي مع الصين وإفساح الولايات المتحدة المجال لنفوذ الصين في شرق آسيا في المقابل. ويؤكد ترامب على أنه سيستخدم الصين كأحد الفواعل المؤثرة على السياسات الكورية الشمالية، وتملك التأثير عليها وسيجعل الصين تُلزم كوريا الشمالية وتُحجم نشاطها النووي وفقًا لما تريده الولايات المتحدة على حد تعبيره.

ثالثاً: توجهات السياسة الخارجية لترامب في منطقة الشرق الأوسط:

من أهم المبادئ الحاكمة لتوجهات ترامب في السياسة الخارجية تجاه الشرق الأوسط أمن إسرائيل وتحقيق مصالحها في المنطقة ومواجهة الإرهاب واحتواء الإسلام السياسي واعتباره أحد أهم التهديدات التي تواجه الولايات المتحدة الأمريكية وتحقيق الاستقرار في المنطقة ومنع حدوث تغييرات جذرية. وانطلاقًا من هذه المبادئ، أعلن ترامب عن عدد من السياسات التي سيتبناها حال وصوله للبيت الأبيض كالآتي:

1ـ السياسة الأمريكية تجاه إيران:

يحدد ترامب ثلاث نقاط للتعامل مع الملف الإيراني وهي:

(أ) لابد من الوقوف أمام المحاولات الإيرانية لدفع المنطقة لحالة عدم الاستقرار والسيطرة عليها. فإيران تمثل خطرًا على المنطقة وتهدد استقرار العديد من دول المنطقة كالعراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا والمملكة السعودية العربية؛ وتدعم تنظيمات إرهابية كحزب الله في لبنان وحماس في غزة.

(ب) يجب إعادة النظر في الاتفاق النووي مع إيران لأنه اتفاق كارثي، على حد وصفه، فلابد من إلغاء الاتفاق أو إعادة النظر فيه مرة أخرى لتعديله لأنه لا يمثل المصالح الأمريكية ويضر بأمن إسرائيل ومصالحها بشكل مباشر. وعلى أقل تقدير فلابد من وضع محددات بخصوص الاتفاق تضمن وضع إيران تحت المساءلة بشكل تام ويعزز من عدم محاولة إيران اختبار أسلحتها والذي لم ينص الاتفاق على منعه.

(ج) تفكيك شبكات إيران الإرهابية العالمية فإذا كانت إيران تملك شبكة قوية فالولايات المتحدة تستطيع بقوتها السيطرة على إيران.

2ـ السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل:

يرى ترامب أن إسرائيل هي الحليف الأول للولايات المتحدة في الشرق الأوسط ولابد من العمل على تأمين مصالحها وتدعيم أمنها القومي فالتعامل مع إسرائيل كأمر ثانوي أو يأتي فيما بعد لا يجب أن يستمر كما كان هو الحال في عهد أوباما وكلينتون، طبقًا لما أشار إليه ترامب في حديثه أمام مؤتمر الإيباك، لذا أعلن عن 3 نقاط يقدمها لإسرائيل وهي: الإجراءات السابقة بشأن التعامل مع إيران وردعها لدعم أمن إسرائيل القومي، ومعارضة محاولة التسوية بين إسرائيل وفلسطين لأنها تفقد إسرائيل شرعيتها وتكافئ الإرهاب الفلسطيني بدلا من مواجهته، ونقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس العاصمة الأبدية لليهود، والإعلان عن أن إسرائيل هي الدولة اليهودية “ The Jewish State” وستستمر الدولة اليهودية في إشارة إلى التوجه الإسرائيلي الداخلي لهذا الإعلان ورغبتهم في تضمينه في نص الاتفاق وإجبار الفلسطينيين على الاعتراف بها كدولة اليهود وهو ما تم رفضه.

3ـ السياسة الأمريكية تجاه سوريا:

تناول ترامب القضية السورية بنفس التوجه العام القائم على رفض مبدأ التدخل الإنساني، ويفضل عدم إقحام الولايات المتحدة في نزاعات لا تمثل مصالحها. وعلى هذا الأساس فهو لا يحبذ التدخل المباشر في سوريا وبالأخص التدخل العسكري. ويتبني ترامب في رؤيته للمشهد السوري نظرية “الركوب بالمجان”، أي تحقيق المنفعة دون أن يتدخل بشكل مباشر في الأمر ففي حديثه عن النظام السوري حاليا فهو يحارب قوات تنظيم داعش لذا يقول “علينا أن ندعهم يحاربون بعضهم البعض وتتدخل الولايات المتحدة في نهاية المطاف إذا ما رأت أهمية ذلك للقضاء على تنظيم داعش”.

ولذلك لا يعارض ترامب التدخل الروسي في سوريا معلنًا أن تنظيم داعش الذي تحاربه روسيا نحن نسعى للقضاء عليه لذا فإنه علينا ترك روسيا تقضي على هذا التنظيم بمعنى أن المنفعة مشتركة فلماذا الاعتراض إذن على التدخل الروسي؟

وفيما يتعلق بمصير الأسد، أشار ترامب إلى أن الإبقاء على رجال أقوياء في منطقة الشرق الأوسط أفضل من الفوضى، وربط ترامب هذا التوجه بسياق الحرب على العراق _ التي عارضها حسب قوله _ والوضع في مصر وليبيا وكأنه يريد أن يقول إن الإبقاء على القذافي وصدام على سبيل المثال ربما كان أفضل مما وصلت إليه المنطقة من فقدان السيطرة وعدم الاستقرار. “Strongmen better than chaos”.

وبخصوص مسألة اللاجئين السوريين، يقترح ترامب إقامة مناطق آمنة “safe zones” في الداخل السوري يعيش فيها السوريون بحيث يعودون لتعمير بلادهم عند انتهاء الحرب. وبالنسبة لما يمكن أن يقدمه من دعم لهذا، يعلن ترامب أنه يمكن أن يدعم هذا اقتصاديا لكن لم يتعرض للحديث عن الدعم العسكري لتأمين تلك المناطق.

4ـ ترامب والإسلام السياسي:

يشير ترامب بوضوح إلى ضرورة الوقوف بوجه ما اسماه “الإسلام السياسي المتطرف”، ويرى أن احتواء الإسلام السياسي لابد أن يكون أحد أهداف السياسة الخارجية الأمريكية والعالم أجمع، مؤكداً أن تطورات الأحداث تحتاج لتدخل عسكري وفي هذا الإطار يشبه ترامب التعامل مع “الإسلام السياسي المتطرف” بالكفاح الفلسفي في الحرب الباردة.

وهنا يوضح نقطتين في آلية مكافحة انتشاره واحتوائه، الأولي: التنسيق والتعاون مع الحلفاء في الشرق الأوسط الذين يعانون من “الإرهاب” لمحاولة تضييق النطاق قدر الإمكان، بشرط، كما يقول ترامب، “أن يقدر حلفاؤنا هذا ويردوا لنا الجميل”، والثانية: منع وتحجيم “الإرهاب” في الداخل الأمريكي والذي يتمثل في المهاجرين مؤخرًا ذوي الميول المتطرفة وارتفاع معدل وجودهم بكثرة في الولايات المتحدة فلابد من إعادة النظر في سياسات الهجرة غير المقننة لأمريكا والتي يجب أن تمنع توريد الإرهاب إلى نفسها حتي تمنع تكرر أحداث إرهابية كما كان في 11 سبتمبر أو سان برناردينو.

5ـ ترامب وتنظيم الدولة الإسلامية:

على رأس أولويات ترامب، كما أشار في أكثر من مناسبة، محاربة تنظيم “داعش بهدف” القضاء عليه وبشكل نهائي وسريع. ففي مشهد جماهيري ووسط تصفيق حاد أعلن ترامب أنه فور وصوله لرئاسة الولايات المتحدة سيقضي على تنظيم داعش وبسرعة ويقول بشكل ربما ليس مناسبا لرئيس دولة كالولايات المتحدة “لن أقول لهم أين ومتى سأقضي عليهم ولكني سأقضي عليهم. لا بد أن نكون غير مُتوقَعين لأعدائنا”. وفي إطار سياساته لمحاربة داعش أشار ترامب في مجمل حديثه أنه سيستعين بالدور العسكري لروسيا في سوريا وفي محاربة تنظيم الدولة وأن ليس من المنطقي في ظل حاجتنا للقضاء على تنظيم داعش ومحاصرته أن نعارض تدخل روسيا الذي يخدم أحد أهداف سياستنا. بجانب استغلال دور نظام الأسد في محاربة داعش، مع ضرورة التعاون مع الحلفاء في الشرق الأوسط الذين يعانون من هجمات إرهابية ودور متعاظم للتنظيم في أكثر من دولة.

6ـ ترامب وثورات الربيع العربي:

تعرض ترامب لحركات التغيير في الشرق الأوسط بشكل مختصر في خطابه، وفي أحد تصريحاته انتقد، ما قال عنه، الموقف الأمريكي لإدارة أوباما الداعم لإسقاط حكم نظام يعد حليف استراتيجي للولايات المتحدة بل ومساعدة جماعة الإخوان المسلمين على تصدر المشهد والوصول للسلطة في مصر. وانتقد كذلك الموقف من الأحداث في ليبيا “أحداث بنغازي” ورد فعل إدارة أوباما ووزيرة خارجيته آنذاك هيلاري كلينتون الذي لم يكن على قدر الحدث، على حد وصفه.

وأشار ترامب إلى أهمية التعاون مع دول الخليج التي لا تملك سوي المال، وِفق قوله، ثم أوضح أنه لا يجب على الولايات المتحدة أن تدرب أي أفراد أو معارضين أو ثوار دون معرفة ما الذي سيفعله هؤلاء فيما بعد دون ضمانات لتحركاتهم القادمة. لذا لا يُحبذ ترامب أية تغييرات جذرية في المنطقة، ويدعو لدعم الاستقرار وإحكام السيطرة على المنطقة، مؤكداً أن بقاء رجال أقوياء، حتى وإن كانوا مستبدين، أفضل من الفوضى التي صنعتها الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة.

رابعاً: عوامل التغير والثبات في سياسة ترامب:

بالنظر لمضامين السياسة الخارجية عند دونالد ترامب، من واقع الخطابات مصدر التحليل، فإن هناك مجموعة من عوامل التغير عن سياسة إدارة أوباما ومجموعة من عوامل الثبات، يمكن من خلال استعراضها، فهم طبيعة التحولات المحتملة في السياسة الخارجية الأمريكية، حال وصول ترامب للسلطة، بعد انتخابات نوفمبر 2016:

المجموعة الأولي: عوامل التغير بين ترامب وأوباما:

1ـ السمة العامة أو النزعة الأساسية التي يعمل من خلالها ترامب تعتمد على عقلية قومية بخلاف العقلية العالمية التي يستند إليها أوباما فترامب يمجد الدولة القومية ويعتبرها أساس التحرك في سياسته وأن المصالح القومية فوق كل اعتبار.

2ـ التعامل مع أوروبا يشهد تحولًا عن إدارة أوباما، فاستراتيجية أوباما في 2015 أكدت على ضرورة العمل مع الحلفاء في أوروبا ودعمهم بل أشارت إلى مساعدتهم فيما يتعلق بالتوسع الروسي وتأمين احتياجاتهم من الغاز والاحتياجات النفطية بدلا من الاعتماد على روسيا وذلك بتوفير تكنولوجيا الغاز الصخري “shell oil”، في المقابل يتبني ترامب لهجة حادة بصدد أوروبا وبصدد التعاون معهم وبصدد الإنفاق العسكري لأعضاء الناتو، وبالرغم من أن إثارة هذا الأمر ليس جديداً في أروقة صنع السياسة الخارجية الأمريكية، إلا أن ما ذهب إليه ترامب يتجاوز التعامل السابق، بالرغم من أن هناك تعديلات في معدل الإنفاق مؤخرا يقارب الحد الذي تطلبه الولايات المتحدة.

3ـ روسيا في إدارة أوباما لم تقابل بهذا الترحيب والرغبة في التعاون بشكل واسع بل وصل إلي فرض العقوبات والتعامل معها بشكل عدائي على خلفية أزمة أوكرانيا. ولم يتم بالتنسيق معها إلا في حدود الضرورة التي تحتم عليه التنسيق ولاسيما في الشأن السوري.

4ـ توجه ترامب نحو الشرق الأوسط أكثر ميلًا لإسرائيل ودول الخليج على عكس التوجه نحو إيران كما كان الوضع من إدارة أوباما. كما أن التعامل مع الحلفاء من الأنظمة في المنطقة ربما يكون أبرز في سياسة ترامب، بحيث يختلف فيه عن تأخر أوباما في تعاونه مع تلك الأنظمة كالنظام المصري على وجه الخصوص وعدم إظهار عداء مباشر لثورات الربيع العربي كما هو الحال مع ترامب. كما أن الموقف من القضية الفلسطينية في عهد أوباما، المعلن منها فقط، يعتبر مغايرا للموقف المعادي الذي أعلنه ترامب صراحة ورفضه للتسوية الفلسطينية الإسرائيلية.

5ـ توجهات ترامب ضد تنظيم الدولة أكثر حدة وعنفا ورغبة في القضاء السريع بخلاف موقف أوباما الذي لم يتخذ خطوة عسكرية ضد التنظيم، وإن كانت سياسة أوباما قد حققت أهدافها فيما يتعلق بحماية المصالح الأمريكية في المنطقة.

6ـ الإسلام السياسي حتى كمفهوم شهد تغيرا في خطاب ترامب. فأوباما كان يتعامل مع الإسلام السياسي بتعريف مستقل عن الإرهاب على خلاف ترامب الذي غالبا ما يجعلهم مترادفين. فأوباما لم يعادي كل تيارات الإسلام السياسي ويتعامل معها على أنها تنظيمات إرهابية أما ترامب فهو يُدين الإسلام السياسي ويتهم أوباما أنه ساند وصول الإخوان المسلمين للحكم.

7ـ يشهد الملف السوري عدة اختلافات بين توجهات ترامب، وسياسات أوباما، أولها فكرة التدخل العسكري، التي لم يقم بها أوباما ولكنه أعلن عنها في وقت من الأوقات، وهو ما يخالف موقف ترامب الذي يرفضها تماما ويري أنه يجب تركهم يحاربون بعضهم البعض دون تحمل أعباء تدخل عسكري. وثانيها، الموقف من بشار الأسد، فترامب ظهر أكثر وضوحًا بقبول الأسد وتفضيله على مشهد الفوضى الذي يخلفه وطالما أن الأسد يحارب تنظيم الدولة فهو لا يري ضرورة رحيله. وثالثها الموقف من التدخل الروسي في سوريا فهناك معارضة، على الأقل علنية، من قبل إدارة أوباما، لكن ترامب يبدو وكأنه مرحب بهذا التدخل في ظل أنه يحارب تنظيم الدولة ويخدم أهم أهدافه في سياسته نحو الشرق الأوسط.

المجموعة الثانية: عوامل الثبات بين ترامب وأوباما:

تبدو هذه العوامل في أن المضمون في الأغلب متشابه ولكن يختلف من حيث التضخيم أو الجانب الدعائي. فالسياسة المتبعة نحو إسرائيل ثابتة ولن تتغير، وطالما سعت كل الإدارات الأمريكية إلي تعزيز أمن إسرائيل في المنطقة وخدمة مصالحها، ويتم التضخيم في هذا الجانب في الفترات الانتخابية بهدف الحصول على دعم وتأييد اللوبي الصهيوني القوي والمؤثر في الداخل الأمريكي، كما أن السياسة نحو الحلفاء في المنطقة ربما كانت حذرة ولكنها لم تختلف في التنسيق على المستوى الكلي، أي أن التوجهات تكاد تكن متقاربة ولكن الفارق في الآلية التي سيتم بها تنفيذ هذه الاستراتيجية، وهو اختلاف مستقر أيضاً بين الإدارات الجمهورية والإدارات الديمقراطية.

لأنه مهما كانت الاختلافات، ومع أهمية الدور الذي يقوم به الرئيس في النظام السياسي الأمريكي، إلا أنه تأتي أهمية التأكيد على أن السياسة الخارجية الأمريكية، تساهم في صناعتها وصياغتها مجموعة معقدة من المؤسسات، وتتنوع فيها الأدوار والتأثيرات، كما تتسم بالثبات الاستراتيجي، في ظل توجهات واضحة وأهداف محددة، وتظهر الاختلافات أحياناً في الإجراءات والأدوات، وفي بعض الأحيان في ترتيب الأولويات.

خامساً: أثر وصول ترامب للحكم على الشرق الأوسط:

في إطار ما تم الوقوف عليه من مضامين خطابات ترامب حول توجهات سياسته الخارجية، تبرز مجموعة من الاحتمالات لسياسته الخارجية، في حال فاز ترامب في الانتخابات الرئاسية، وفي حال التزم بما أعلنه من توجهات، وقدرته على تنفيذ هذه الالتزامات في إطار ما قد تفرضه التحولات الدولية على الولايات المتحدة من ناحية، وما يفرضه الواقع الداخلي في المجتمع الأمريكي:

1ـ ترامب وإدارة العلاقة مع الحلفاء في المنطقة:

وصول ترامب للبيت الأبيض قد يحدث تغيرًا في المشهد في الشرق الأوسط، من حيث إعادة ترتيب الأوراق والتحالفات في المنطقة، ويمكن أن نشهد تحولاً في الانتقال من التحالف مع إيران إلى العودة مرة أخري للتنسيق مع الأنظمة العربية التي قد يكون لها علاقة تقارب قوية مع الولايات المتحدة وعلى رأسهم دول الخليج ومصر، وسيتم بناء هذه العلاقات على أولوية حماية أمن إسرائيل، وربما ينتج تحالف ثلاثي “أمريكي إسرائيلي سعودي” ينسجم مع ما توارد مؤخرًا عن تطورات في العلاقات السعودية الإسرائيلية، وربما يكون رباعي “أمريكي إسرائيلي سعودي مصري”.

وهو ما يعني أن ثنائية إيران ـ الخليج، يمكن أن تميل في حال فوز ترامب والتزامه بما أعلن عنه، نحو دول مجلس التعاون الخليجي على حساب إيران في مخالفة لتوجه أوباما في أثناء فترة حكمه ولاسيما الأخيرة. هذه النقلة قد ينتج عنها إعادة توازنات القوى في المنطقة بشكل واضح بما ينعكس على الدور الإيراني المتزايد في أكثر من بقعة خاصة إذا تعاملت إدارة ترامب مع إيران كأحد روافد دعم الإرهاب كما أشار ترامب في خطابه أكثر من مرة؛ أي أن العلاقات بين إيران وإدارة ترامب ربما تعود لنقطة الصفر، وفي المقابل سيكون على رأس قائمة الحلفاء في المنطقة إسرائيل لأن الولايات المتحدة لن تُخرج إسرائيل من أي محاولة تنسيق في الشرق الأوسط حسب توجه ترامب.

2ـ الأزمة السورية:

وفقًا لما أعلنه ترامب سيتم تجاهل هذه الأزمة، من قبل ترامب على الأقل مؤقتًا فهي لا تشكل له مصلحة مباشرة وإنما هي ورقة مهمة لعدة حلفاء قد يسعي ترامب لتوثيق علاقاته معهم، فسوريا تمثل نقطة هامة لروسيا والسعودية ولعل ترامب سيرى أيهما يُقدم له المنفعة الأكبر فيدعمه. فما يشغل اهتمام ترامب في الأراضي السورية هو التنظيمات الإرهابية ولاسيما داعش ففي حال أن روسيا والسعودية تحاربان داعش فالأكثر فاعلية سينال الدعم الأكبر. وهذا الدعم لن يكون عسكريًا لأنه يرفض التدخل العسكري في سوريا ويفضل تركها لروسيا بما أنها تحارب تنظيم داعش. والدعم هنا سيكون بمثابة الضوء الأخضر للتحرك، وأقصي دعم يشير إليه ترامب هو الدعم الاقتصادي للمناطق الآمنة التي اقترح إنشاءها في الداخل السوري. بمعنى آخر أن سوريا ستخرج من دائرة الاهتمام الأمريكي ويتم القبول بانتقالها إلى روسيا ضمن تنسيق علاقات أمريكية روسية أو ربما مع السعودية أو كلاهما ضمن تنسيق التحالفات الجديدة التي ستسعى لها إدارة ترامب.

3ـ تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”:

تعتبر النقطة الوحيدة التي أشار فيها ترامب إلى احتمالية تدخل عسكري مباشر من قبل الولايات المتحدة فهو يعلن أنه سيحاربهم ويقضي عليهم. وعملية التدخل من أجل القضاء على داعش قد تكون ذريعة لتدخل عسكري في عدد من الدول بحجة محاربة الإرهاب وتنظيم داعش في تلك الدول التي تتمدد فيها كالعراق وسوريا وليبيا ومصر بالرغم من أن هذا قد يتناقض مع فكر ترامب الذي لا يميل إلى التدخل العسكري ولكن ترامب أعلنها صراحة أنه عند الحاجة للتدخل من أجل مصلحة الولايات المتحدة فإنه لابد من التدخل وبشكل حاسم يحقق نصرًا للولايات المتحدة الأمريكية.

لذا قد تكون ورقة داعش هي الورقة التي يستخدمها ترامب عندما يقرر التدخل العسكري في الشرق الأوسط. لكن من ناحية أخرى فإن سيناريو التدخل الأمريكي في هذه الدول التي تتمدد فيها داعش، تشوبه عدة مخالفات أو تحديات، فسوريا تركها لروسيا، وليبيا لمن تمثل له مصلحة من دول أوروبا لاسيما إيطاليا ثم فرنسا، ومصر هو يتقارب معها كأحد الحلفاء في المنطقة لذا فإن إحتمالية التدخل في هذه الدول ضعيفة إلا إذا زال المانع الذي يعوق التدخل سواء من التواجد الروسي في سوريا أو تدهور العلاقات الروسية الأمريكية، أو تغير النظام في مصر بنظام غير حليف للولايات المتحدة ولعلها تغيرات من ناحية المنطق على الأقل ليست بقريبة.

4ـ الإسلام السياسي في المنطقة:

وفقاً لتوجهات ترامب نجد أن معظم تصريحاته وتعبيراته تبالغ إلى أن تصل إلى القول بأن “كل” جماعات الإسلام السياسي متطرفة. وجماعة الإخوان المسلمين ذكرت في حديث ترامب في سياق يهاجم إدارة أوباما التي قال عنها، إنها ساعدت في وصول الإخوان للحكم في مصر، ويظهر ترامب مُعاداة شديدة من جانب ترامب للإخوان بشكل كبير. بالإضافة إلى أن ترامب لم يذكر جماعات من الإسلام السياسي إلا داعش وحماس وحزب الله والإخوان المسلمين في مصر وهذا ربما يدل على أن ترامب يضع جماعة الإخوان في نفس مرتبة العداء مع تلك الجماعات ولعله يصنفها على كونها تشترك معهم في سمة الإرهاب وأنهم يستحقوا نفس المعاملة والتي تقتضي أحيانا الحرب كما الحال مع غيرهم.

وبناءً على هذا فمن المتوقع أن يكون هناك تصعيد ضد جماعة الإخوان المسلمين في حال وصول ترامب للحكم يصل إلى تصنيف الجماعة على إنها إرهابية وإعلان الحرب عليها. يدعم مثل هذه التوجهات، ما أعلنه ترامب في أنه لابد من النظر إلى المسلمين المتواجدين على الأراضي الأمريكية وينتمون لجماعات إرهابية أو ممن لا نعرف خلفياتهم وتوجهاتهم، في إشارة إلى وجوب التعامل مع كل الرموز التي قد تنتمي إلى تيارات الإسلام السياسي على رأسهم تلك الجماعات التي خصها بالذكر ومنها الإخوان المسلمين.

5ـ محاولات التغيير في المنطقة وثورات الربيع العربي:

عارض ترامب محاولات التغيير في المنطقة فهو يميل إلى دعم الاستقرار وإعاقة أي تحولات جذرية ويفضل الإبقاء على حكام أقوياء بدلا مما قال عنه “الفوضى” لذا قد يتحول هذا إلى دعم لعدة نظم في الشرق الأوسط، مثل السيسي في مصر والسبسي في تونس وحفتر في ليبيا أو على أقل تقدير الحكومة المدعومة أمميًا أو المقبولة من قبل أوروبا، بجانب دعم استقرار الوضع في اليمن مع تغليب التوجه السعودي في حل الأزمة اليمنية لأن البديل من وجهة نظره سيكون إرهابيًا.

ووفقاً لهذه الاحتمالات، يمكن القول أن أكبر المستفيدين في الشرق الأوسط من وصول ترامب للحكم هم السعودية والإمارات ونظام السيسي في مصر والنظام التونسي. وفي المقابل فإن أكثر المتضررين من وصوله ستكون إيران ثم جماعات التغيير الثوري والإسلام السياسي في المنطقة. مع الوضع في الاعتبار أن التوجهات الأمريكية تجاه جماعات الإسلام السياسي لها نفس الطابع تقريبا ولكن الوضع في هذه الحالة سيكون أشد وأكثر تضييقًا بما يتضمن الحرمان من الحيز الضيق الذي كان مسموحاً به لهذه الجماعات بالتحرك فيه تحت شعار حماية الحريات الذي تبنته الولايات المتحدة، ولكن مع نقل هذه الجماعات إلى خانة “الإرهابيين” فإن هذا الحيز المحدود سيتلاشى، لأنها بهذا ستكون قد فقدت شرعيتها في السياسة الأمريكية.

لذا فإنه من المتوقع أن تدفع الدول ذات القدرة الاقتصادية في اتجاه دعم ترامب في الفترة القادمة لأنه يتوافق معها في عدة نقاط. أهمها بالنسبة للسعودية إعادة التناغم الأمريكي السعودي وترجيح كفة القوة السعودية في معادلة توازن القوى الإقليمية بعد تغليب إيران في حكم أوباما. أما بالنسبة للإمارات فهو داعم لتوجهاتها بمحاربة كل أشكال الإسلام السياسي.

الخلاصة:

في ظل الاعتبارات والمحاور السابقة، تأتي أهمية التأكيد على أن خطابات ترامب تتسم بنوع من عدم الوضوح وتحتوي على عدد كبير من التناقضات في المضمون في أكثر من موضع ليس هذا وحسب بل إن هناك عدداً لا بأس به من المغالطات في خطاباته، كما أن جانباً كبيراً منها يتسم بالحدة والطبيعة الهجومية في عدد من القضايا، مع تراجع المكون الدبلوماسي بشكل خطير، وهو ما يمكن إرجاعه إلى عدة عوامل منها:

1ـ غياب الممارسة السياسية لترامب في تاريخه المهني وعدم ممارسته للدبلوماسية.

2ـ غلبة شخصية رجل الأعمال على توجهاته وتفكيره وحساباته في كل الأمور، فهو يري كل موقف من منظور المكسب والخسارة ويسعى إلى تعظيم مكاسبه بل يصل أحيانا أن تسيطر عليه النظرة الصفرية للأمور” Zero-sum Game” فيرى أنه لابد من تحقيق المكاسب بشكل أحادي وأن انتفاع أي طرف في أي اتفاق يعني فشل الاتفاق كما وصف في ذلك الاتفاق النووي مع إيران.

3ـ احتمالية تعمد هذا التوجه لأنه وإن كان غير مقبولًا من قبل النخب السياسية الأمريكية إلا أنه بالنسبة للمواطن الأمريكي العادي قد يكون أكثر جاذبية من الخطاب التقليدي. فخطابات ترامب برأي الكثير من المتابعين سياسية شعبوية أكثر من كونها دبلوماسية. وهذا الرأي يعززه أن ترامب في خطابه حول السياسة الخارجية لم يكن ارتجالًا بل كان مكتوبًا مسبقًا.

4ـ غلبة العنصر الدعائي التعبوي على خطاباته، لاسيما في خطابه في المؤتمر الذي نظمه الأيباك، فهو يسعى لتأمين الكتلة الصلبة الداعمة له وبالأخص أنه كان في هذه الفترة بخوض الانتخابات الأولية الخاصة بتحديد المرشح الجمهوري الرسمي للانتخابات الرئاسية.

5ـ افتقار ترامب للخبرة السياسية يضعف من موقفه في مقابل كلينتون ذو التاريخ السياسي الطويل؛ لذا يتبنى خطاباً يُقوي به موقفه ويُظهر نفسه على أنه مخالف للتوجهات الرئاسية الحالية التي تضر بمصلحة أمريكا والتي في أغلب الظن ستسير عليها المرشحة الديموقراطية، سيراً على نهج سلفها الديموقراطي، باراك أوباما، وخاصة أنها كانت وزيرته للخارجية في فترته الرئاسية الأولي.

——————————————-

الهامش

() الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

() اعتمد التحليل بشكل أساسي على مصدرين رئيسين: الأول، خطاب ترامب حول السياسة الخارجية الأمريكية في واشنطن العاصمة بـ “Center of National interest” والثاني خطاب ترامب في مؤتمر منظمة الأيباك في 21 مارس 2016 بالعاصمة واشنطن، أنظر:

– Donald Trump speech, “Donald Trump delivers speech on foreign policy plans”, YouTube, URL.

– “Transcript: Donald Trump’s Foreign Policy Speech”, International New York Times, 27 April 2016, URL

– Donald Trump speech, “LIVE Donald Trump AIPAC Policy Conference Speaks”, YouTube, URL.

Thomas Wright, “Five things we “learned” from Trump’s foreign policy speech”, Brookings, 27 April 2016, URL, date of access: 2 May 2016.

For more detail look on: “The candidates and the world”, Council on Foreign Relations, Campaign 2016, and URL.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close