fbpx
دراساتاوروبا وامريكا

سياسات ترامب: ضد الإخوان أم ضد الإسلام؟

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

تمهيد

امتلأت الحملة الانتخابية للمرشح الرئاسي الأميركي “دونالد ترامب” بالتصريحات العنصرية الواضحة ضد المسلمين، وضد ما يسمى “بالإسلام الراديكالي”، وهو التعبير الذي زاد استخدامه مؤخرا في الأوساط الغربية بدلا عن التعبير المستخدم من قبل “الإسلام السياسي”، ووصل الأمر إلى تقديم ترامب وعدا انتخابيا بحظر دخول المسلمين بشكل عام إلى الولايات المتحدة.

وقد استفاض أغلب المحللين في استبعاد وصول ترامب إلى الفوز بمنصب الرئاسة، وعندما فاز بالفعل ذهبت الغالبية إلى أن الولايات المتحدة هي في الأصل دولة مؤسسات، وأن ما قيل أثناء الحملات الانتخابية هو فقط من قبيل دغدغة مشاعر اليمين المتطرف بخطاب شعبوي لن يستطيع وضعه محل التنفيذ الفعلي، سواء فيما يتعلق بالمسلمين أو بالكثير من القضايا الأخرى.

إلا أنه منذ لحظة استلامه لمنصبه شرع ترامب في استخدام أحد الأدوات المتاحة له بموجب سلطاته، وهو إصدار أوامر تنفيذية، تكون بمثابة تشريعات يتجاوز فيها الكونجرس لعلمه بصعوبة الموافقة عليها، وقد توسع كثيرا في هذا الأمر خلال الأسبوع الأول لتوليه الرئاسة، وبدأ في استهداف مشروع الرئيس أوباما للرعاية الصحية المعروف بأوباما كير، ثم أوقف اتفاقية التجارة عبر المحيط الهادي المعروفة ب TPTA، وتبعها بإقرار بناء سور ضخم على الحدود مع المكسيك بزعم الحد من الهجرة غير الشرعية مما تسبب في تراشق إعلامي مع الرئيس المكسيكي انتهى بإلغاء الأخير للزيارة التي كان من المزمع قيامه بها للولايات المتحدة. وقد أظهرت هذه القرارات وغيرها أن ترامب جاد في محاولة إنفاذ ما كان يعد به ناخبيه، وأن الأمر خرج عن نطاق الخطاب الشعبوي إلى السياسات الشعبوية التي تلقى تأييدا واسعا في قطاع كبير من المجتمع الأمريكي الذي أعطى أصواته لترامب.

إلا أن الأمر الرئاسي الأكثر إثارة للجدل صدر في نهاية يوم عمل الجمعة 27 يناير 2017 بحظر دخول مواطني 7 دول إلى الولايات المتحدة، وهي سوريا والعراق والسودان وليبيا واليمن وإيران والصومال لمدة 90 يوما (و جميع هذه الدول هي دول ذات أغلبية مسلمة)، فضلا عن إجراءات أخرى مقيدة للهجرة واللجوء للولايات المتحدة، وقد صاحب صدور هذا الأمر تخبطا شديدا في التطبيق مما أثار موجة عارمة من الاحتجاجات. وقد تم لاحقا وقف تنفيذ هذا الأمر1، بواسطة قاض فيدرالي ثم قررت الدائرة التاسعة في محكمة الاستئناف الفيدرالية في التاسع من فبراير 2017 بإجماع الأراء (3 قضاة) باستمرار وقف القرار التنفيذي2 بمنع دخول مواطني 7 دول ذات أغلبية مسلمة إلى الولايات المتحدة، وهو ما يشكل، فضلا عن أثر الحكم الصادر نفسه، ضربة سياسية للإدارة الجديدة ويؤشر إلى كيفية النظرة التي ستنظر بها المحاكم الأمريكية لتوسيع نطاق إصدار الأوامر التنفيذية من المكتب البيضاوي، حيث قالت حيثيات الحكم أن الحكومة “بدلا من أن تفسر مدى الاحتياج لاستصدار الأمر التنفيذي، فقد أخذت موقفا يفيد بأننا لا ينبغي لنا مراجعة قراراتهم على الإطلاق”، وأن “الجمهور له بالطبع اهتمام قوي بالأمن القومي وبقدرة الرئيس على إنفاذ السياسات، إلا أن الجمهور مهتم أيضا بحرية السفر وتجنب الفصل بين الأسر وبالحرية ضد التمييز”.

وعلى صعيد آخر، وحتى قبل تولي ترامب الرئاسة رسميا، سارع كلا من السيناتور الجمهوري والمنافس السابق على ترشيح الحزب الجمهوري تيد كروز بتقديم مشروع قانون لمجلس الشيوخ برقم S.683 وعضو مجلس النواب الجمهوري “ماريو دياز بالارت” بتقديم مشروع لمجلس النواب برقم H.R.3774، يطالب كلا المشروعين وزير الخارجية الجديد بإدراج جماعة الإخوان المسلمين على لائحة المنظمات الأجنبية الإرهابية FTOخلال 60 يوما من إصدار القانون حال الموافقة عليه، أو إصدار تقرير يفسر أسباب عدم التصنيف.

كما قال “ركس تيلرسون” مرشح دونالد ترامب لوزارة الخارجية، في جلسة استماع5 لإقرار ترشيحه من قبل مجلس الشيوخ أنه فور الانتهاء من القضاء على داعش كأولوية أولى يجب مواجهة المنظمات الداعمة للإرهاب على غرارها مثل القاعدة والإخوان المسلمين، وذلك في أول تصريح بهذا الشكل من مسئول أمريكي بهذا الحجم حول جماعة الإخوان المسلمين، رغم أن كل الإدارات الأمريكية السابقة، بما فيها إدارة الرئيس الجمهوري جورج دبليو بوش، قد حرصت على وصفها بالاعتدال وعدم الخلط بينها وبين المنظمات الإرهابية الأخرى.

وقد أثارت هذه القرارات والتحركات العديد من الأسئلة والمخاوف بين المسلمين حول العالم حول توجهات الإدارة الجديدة، فلماذا هذه السرعة في اتخاذ مثل هذه الإجراءات المثيرة للجدل دون ترك المجال لمناقشتها في الحيز العام، بالنظر إلى الإعتراضات الشديدة التي صاحبتها؟ ولماذا يوضع هذا الموضوع ضمن أولويات الأسبوع الأول من الأجندة الرئاسية المزدحمة أصلا بالكثير من الأمور الهامة التي وعد بها ترامب على الساحة الداخلية الأمريكية وكانت السبب الرئيس في وصوله إلى سدة الحكم؟ وهل يساوي هذا الأمر النزاعات القانونية التي ستتمخض عنه، أو النزاعات السياسية حتى داخل معسكر الحزب الجمهوري؟ هل المستهدف الحقيقي من الإدارة بهذه القرارات هو مواجهة الإرهاب بالفعل؟ وهل هذه هي الطريقة التي يحارب بها الإرهاب؟ وهل المستهدف بجانب المنظمات المتطرفة مثل داعش والقاعدة، المنظمات المعتدلة مثل الإخوان وغيرها، أم المستهدف هو العمل الإسلامي المؤثر أيا كان القائمون به، أم أن المسلمين مستهدفون بشكل عام؟

أسئلة كثيرة نحاول الإجابة عنها في هذه الورقة، ومن ثم نحاول تلمس ملامح الاستراتيجية الملائمة للتعامل مع هذه المتغيرات في ضوء فهم التوجهات الحقيقية للإدارة الأمريكية الجديدة.

 

أولاً: تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية: الأسباب والإمكانية

جانب كبير من التساؤلات المثارة يتعلق بحقيقة الهدف وراء استهداف جماعة الإخوان بتصنيفها كجماعة إرهابية من قبل الإدارة الجديدة.

الهدف الأول: يتعلق بالداخل الأمريكي نفسه:

وهو الجانب الذي يوليه ترامب أولوية رئيسية على أية أجندة خارجية باستقراء مجمل خطابه أثناء السباق الانتخابي، ويتمثل في حصار وضرب فعالية المنظمات الإسلامية العاملة في أمريكا، والتي ربما يأتي على رأسها مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية CAIRوالتي ذكرتها مشاريع القوانين المقدمة للكونجرس صراحة، وعدد من المنظمات الأخرى مثل الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية ISNAوالصندوق الإسلامي لأمريكا الشمالية NAIT، والتي أصبح لها نفوذا ملموسا داخل المجتمع الأمريكي.

ويقول أرجون سينج سيثي6 إن هذه المنظمات العربية والإسلامية أصبحت تشكل مجتمعا مدنيا قويا ومنظما بشكل قوي ومؤثر أكثر من أي وقت مضى، حيث ينظمون مسيرات ويقدمون دعما قانونيا مباشرا لكل من تأثروا مثلا بقضية حظر الدخول إلى أمريكا، وتوفر المساجد ملاذا أمنا بشكل مؤقت للمهاجرين، إلخ.

ويقول إن ماكينة الإسلاموفوبيا التي يقدر حجمها حاليا ب 57 مليون دولار أمريكي، مدعومة بجيش من المؤسسات والباحثين غير ذوي الشأن، تدعم صناعة الخوف من هؤلاء بأخبار ملفقة وتحليلات مضللة لدرجة دعمهم لتقديم أكثر من 100 مشروع قانون ضد الشريعة في تشريعات الولايات المختلفة (بزعم أن الإخوان يريدون فرض حكم الشريعه في أمريكا!)، وذلك على غرار حملات الرعب من الزحف الأحمر في الخمسينيات المعروفة بالمكارثية. ويخلص في النهاية إلى أن إصدار أمر تنفيذي بتصنيف الإخوان المسلمين هو في حقيقة الأمر محاولة لإسكات وإرعاب المجتمعات العربية والمسلمة.

وتجدر الإشارة إلى صعوبة الاستهداف القانوني لهذه المنظمات أو دمغها بدعم الإرهاب لأنها لم يثبت عليها شيء، ولا يمكن إدانتها من خلال المنظومة القضائية الأمريكية بمثل هذه التهم التي تفتقر إلى الأدلة، وبالتالي فإن الإدارة الأمريكية الحالية، وكثير ممن يستهدفون هذه المنظمات، يسعون إلى وسيلة أخرى من خلال وزارة الخارجية الأمريكية التي يمكنها وضع منظمات أجنبية على لوائح الإرهاب، ثم استهداف المنظمات أو الأفراد الأمريكيين باتهامهم بوجود علاقة ما لهم بهذه المنظمة أو تلك (الإخوان المسلمين في هذه الحالة)، وبالتالي يمكن تجريمهم أو على الأقل إرباك أعمالهم بتجميد أموالهم وإدخالهم في صراعات قانونية كبيرة تستهدف استنزاف مواردهم وشل فاعليتهم.

 

الهدف الثاني: حصار العمل الإسلامي حول العالم:

حيث يمكن الإدعاء بسهولة بالارتباط بين أي شخص أو مجموعه من الأفراد أو منظمة إغاثية أو حقوقية..إلخ مع جماعة الإخوان بعد تصنيفها كمنظمة إرهابية دولية، وهو ما يترتب عليه آثار كثيرة منها المضايقات الأمنية، سواء بوجود اتهام من عدمه، والحرمان من دخول الولايات المتحدة، وتجميد الحسابات البنكية والممتلكات، وتتبع التحويلات المالية أيا كان الغرض منها، وتوجيه التهم الجنائية، مما يعرقل عمل الكثير من الأفراد والمؤسسات أيا كان مجال عملهم وجنسياتهم، وبصرف النظر عن صحة “الإتهام” بوجود علاقة مع جماعة الإخوان من عدمه.

 

الهدف الثالث: الاستجابة لضغوط الحلفاء فى الشرق الأوسط:

هنا يمكن القول أنه من الناحية السياسية، فإن عملية التصنيف قد تأتي من جانب الإدارة الأمريكية استجابة لطلبات أو ضغوط لبعض حلفائها في الشرق الأوسط مثل السعودية والإمارات ومصر، والتي تتخذ موقفا سياسيا عدائيا من جماعة الإخوان وتضعها على لوائح الإرهاب في دولها، وتريد دعم مواقفها بتصنيف أمريكي، وهذا قد يظهر الولايات المتحدة بمظهر الداعم للأنظمة القمعية التي تستخدم العنف في ملاحقة معارضيها.

وقد حدث أن مارست مثل هذا الضغط بالفعل أنظمة خليجية على الحكومة البريطانية لتصنيف جماعة الإخوان كجماعة إرهابية، وهي المحاولات التي باءت بالفشل بعد عدة سنوات من الجهد المضني، سواء بصدور تقرير السير جنكنز، المكلف من الحكومة البريطانية بمراجعة ملف الإخوان المسلمين، وتراجعه عن إتهام الجماعة بالإرهاب، أو بصدور التقرير الشامل الذي أصدرته لجنة العلاقات الخارجية7  في مجلس العموم البريطاني في نوفمبر 2016 بعد مراجعة خاصة بها، وانتقدت أعمال لجنة جنكنز انتقادا شديدا، ونفت حتى تهمة التطرف عن جماعة الإخوان بشكل واضح.

إلا أنه يبدو أن مثل هذا التصنيف ليس بالأمر الهين لأسباب كثيرة، سواء من الناحية العملية أو من ناحية الأثار السلبية المترتبة عليه، وقد كتب العديد من الأكاديميين والباحثين الأمريكيين السياسيين والقانونيين حول هذا الأمر، مثل ناثان براون وميشيل دن مؤخرا في دراسة لمعهد كارنيجي8، حيث وضعت الدراسة عددا من المحاذير منها عدم واقعية تصنيف الإخوان دون وضع تعريف واضح بما هي جماعة الإخوان، والتي لا تعتبر جماعة واحدة ذات هيكل واحد أو وظيفة واحدة حول العالم مما يفتح المجال واسعا للاستهداف الانتقائي طبقا لمعايير غير موضوعية بصرف النظر عن وجود علاقة مع جماعة الاخوان من عدمه.

كما تتحدث تحديدا عن جماعة الإخوان في مصر التي تعرضت لقمع شديد منذ الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب د. محمد مرسي، حيث أن هذا التصنيف قد يفتح الباب لتحول عدد من الكوادر الشبابية نحو العنف، بصرف النظر عن محاولة قيادات الجماعة الباقية خارج السجون منع ذلك، إذا أغلقت كافة المنافذ السياسية والقانونية أمامهم، كما سيفسر هذا التصنيف من قبل العديد من المسلمين حول العالم على أنه ليس إعلانا للحرب على الإسلاميين السياسيين الذين لا يتبنون العنف، بل في واقع الأمر على الإسلام ذاته.

وقد أوضح أيضا ياروسلاف تروفيموف في جريدة الوول ستريت جورنال9، عدة سلبيات لتصنيف جماعة الإخوان كجماعة إرهابية أهمها وجود الملاييين من المؤيدين لها، وأن تجريمها سوف يعقد علاقات الولايات المتحدة مع حلفاء على قدر كبير من الأهمية في المنطقة، ومنها تركيا بشكل خاص.

وقد ذكر دانييل لاريسون على موقع “الأمريكي المحافظ – The American Conservative10 أسبابا مشابهة، وأضاف إليها أن هذا من الممكن أن يشكل خطرا حتى على الأكاديميين من دارسي الحركات الإسلامية. كما ذكر أن مثل هذا التصنيف غير مبني على وجود أي دليل على أن الإخوان منخرطون أو حتى مهتمون بالانخراط باستخدام العنف لتحقيق أهدافهم.

وقدمت إفادة من منظمة هيومان رايتس ووتش11 لحقوق الإنسان على لسان لورا بيتر كبيرة مستشاري مجلس الأمن القومي في المنظمة تجميعا مختصرا لخطورة تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية وما يمكن أن يترتب عليه من تبعات تشكل انتهاكات جسيمة للحقوق الأساسية سواء لمواطنين أومنظمات أمريكية أو غيرها. وقد استمرت حتى الان بشكل شبه يومي الكتابات التي تدعم هذا الاتجاه12.

ويقول شادي حميد13 أن السؤال حول إرهابية جماعة الإخوان هو بالأساس سؤال عن الحقائق، ويقول أنه لا يوجد خبير أمريكي واحد متخصص في دراسة جماعة الإخوان يؤيد عملية التصنيف، ويقول أيضا أن عملية إتهام منظمة ما بالإرهاب يتضمن، بالإضافة لأشياء أخرى، أن تقوم المنظمة بإعطاء أوامر لأعضائها بالقيام بأعمال هجوم إرهابية، ولا أحد على الإطلاق يقول أن جماعة الإخوان تفعل ذلك.

وقد نشر حديثا معهد بروكنجز14  مقابلة أجراها شادي حميد مع كاتب هذه الدراسة منذ عدة أشهر، كنموذج لمدى التعقيدات المتعلقة بجماعة مثل جماعة الإخوان والديناميات التي تعمل من خلالها، وذلك في معرض مناقشة حميد لخطأ تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية، بصرف النظر عن الاتفاق أو الاختلاف معها حول ممارساتها السياسية.

وقد استفاضت الكثير من المقالات عن المخالفة الصريحة للقانون الأمريكي بتقرير مثل هذا التصنيف، وعن التبعات القانونية له، ومنها ما كتبه مايكل جيرمان وفايزة باتيل15 من مركز برينان للعدالة في كلية القانون بجامعة نيويورك وكذلك بينجامين ويتيس من معهد بروكنجز على موقع لوفير16 وأعاد نشرها ويليام ماككانتس وبينجامين ويتيس على موقع معهد بروكنجز17.

حيث توجد ثلاث شروط واضحة طبقا للقانون الأمريكي لاعتبار منظمة ما منظمة إرهابية أجنبية، وهي: أن تكون بالفعل منظمة دولية واضحة المعالم، ومتورطة بالفعل أو تملك النية والإمكانيات للقيام بأعمال إرهابية، فضلا عن تهديد ذلك للولايات المتحدة ومواطنيها، وهو ما أفادت الدراسات بعدم توافر أي من هذه الشروط الثلاث بالنسبة للإخوان، مما يعني أن تصنيفها إن تم سيكون بناء على أساس أيديولوجي بحت، وليس على أساس قانوني، وهو ما لا يوجد له سابقة فعلية. وعلى الجانب الاخر، يمكن للمنظمة التي تم تصنيفها استئناف القرار أمام دائرة الاستئناف في واشنطن التي يمكنها إلغاء القرار لعدة دوافع قانونية.

ونظرا لهذه الصعوبات القانونية، فقد برز رأي بإمكانية توجه الرئيس ترامب لاستخدام وزارة الخزانة للتضييق على الإخوان ومؤيديهم كما ذكر جيرمان وباتيل18 وأيضا إد ستاين19على موقع لوفير، حيث يمكن للرئيس استخدام سلطاته بإصدار أمر تنفيذي من خلال ما يعرف ب International Emergency Economic Power Actالمعروفة اختصارا ب IEEPAوذلك بإعلان حالة الطوارئ فيما يتعلق بشأن معين ومن ثم تطبيق عقوبات اقتصادية حال وجود تهديد غير معتاد وغير طبيعي، وفور إعلان جهة ما أنها جهة عالمية مصنفة إرهابية بشكل خاص Specially Designated Global Terroristsأن تجمد الحسابات وتمنع التعاملات لطيف واسع من الهيئات والأفراد المصنفين أو المرتبطين أو المتعاملين حتى يتم إجراء تحقيق للتأكد من أن الحظر كان هو الإجراء المناسب.

ويشكل هذا سلطة تكاد تكون مطلقة للإدارة، حيث أنها غير ملزمة بكشف أية أدلة تعضد قرارها، وتنحصر المراجعة القانونية فقط في التأكد من سلامة الإجراءات الإدارية. وتحتوي هذه القائمة الان على نحو 900 كيان وفرد، وبواسطتها تمكنت وزارة الخزانة منذ 2001 من تدمير تسعة مؤسسات خيرية أمريكية، سبعة منها إسلامية، رغم أنه لم يحدث على الإطلاق إدانة أو توجيه الإتهام لها بتهم تتعلق بالإرهاب، وإنما تم إخراجها من الساحة من خلال تجميد الممتلكات. وقد استخدم الرئيس أوباما هذه الآلية في 16 مايو 2012 فيما يتعلق باليمن حيث أعلن حالة الطوارئ الوطنية فيما يتعلق باستقرار اليمن لما يشكله هذا من تهديد للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة.

ولم يقتصر انتقاد اصدار مثل هذا القرار فقط على المستقلين من الأكاديميين والصحفيين والقانونيين والحقوقيين، بل إن موقع بوليتيكو20 قد نشر مؤخرا أن هناك تقرير داخلي أصدرته وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIAفي 31 يناير 2017 يقول صراحة أن جماعة الإخوان لها ملايين الأتباع وأنها ترفض العنف كسياسة رسمية وتعارض بوضوح منظمات القاعدة وداعش، وقال التقرير أنه حتى لو انخرط بعض الأعضاء في ممارسة العنف، فإن هذا يكون كرد فعل لنظام يمارس القمع، أو بسبب الخضوع للإحتلال الأجنبي. كما ذكر التقرير أيضا أن الكثيرين من العرب والمسلمين حول العالم سينظرون لتصنيف الإخوان كتحد لقيمهم الدينية والإجتماعية الأساسية، ويسترسل التقرير في سرد الكثير من مساوئ التصنيف مما ذكرته الدراسات السابق الإشارة لها. ويذكر هاونشل وتوسي على موقع بوليتيكو أن تقرير ال CIAسيضع الوكالة في مواجهة رئيس تجاهل تقييماتها المخابراتية.

ولا يقتصر رفض لجوء الإدارة الأمريكية إلى تصنيف الإخوان على ذوي التقييم الموضوعي ممن أشارت لهم الدراسات السابقة، بل وصل الأمر إلى أن باحثا مثل “إريك تراجر” المعروف بانتقاداته الشديدة وغير الموضوعية في أغلب الأحيان لجماعة الإخوان، يذكر في نفس تقرير بوليتيكو السابق أن الإخوان من الناحية الأيديولوجية أقرب ما تكون “جماعة كراهية”، وأن أعضاءها ليسوا “أناسا طيبين!”، وليسوا سياسيسن معتدلين، بل “يؤيدون الإرهاب على مستوى أيديولوجي”، ولكن “لا توجد أدلة كافية على أنهم يرسلون أعضاءهم للقيام بأعمال إرهابية، وهذا هو حقا معيار التصنيف”.

ويقول أيضا إن جماعة الإخوان لم تستطع مجرد السيطرة على مصر، وهي معقلها الرئيس ومكان نشأتها منذ أكثر من ثمانين عاما، فكيف يمكن القول أنها ستستحوذ على أمريكا؟!”، ويقول أيضا في مقالة حديثة21 أن جماعة الإخوان الآن في وضع مشتت وضعيف حول العالم، خاصة بعد الإنقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس مرسي، وبالتالي فإن إدارة ترامب إذا حاولت القيام بعملية التصنيف ثم فشلت، وهو المرجح من وجهة نظره لعدم توافر الأسباب، فستعتبر جماعة الإخوان هذا نصرا مبينا، وسيدعم قولهم أنهم لا يتبنون العنف، وسيقربهم من دوائر سياسية كثيرة في واشنطن في ظل مناخ الاستقطاب السياسي الموجود بها مما يجعل الإدارة تسهم في شرعنتهم من حيث لا تنوي! هذا في حقيقة الأمر منطق غريب ومعوج حيث أن الأصل أنه من ناحية المبدأ لا يجوز تصنيف جماعة بأنها إرهابية لعدم وجود أدلة على ذلك، ولكن هذا الكلام يدلل بالرغم من ذلك على مدى معارضة موضوع التصنيف حتى من جانب بعض منتقدي بل وكارهي جماعة الإخوان.

ويبدو أن كل هذه التحفظات والاعنراضات قد ساهمت في تعطيل المضي قدما في تصنيف الإخوان لبعض الوقت. ويذكر بيتر باكر في النيويورك تايمز22 أنه كان من المفترض صدور الأمر التنفيذي بتصنيف الإخوان يوم الإثنين 6 فبراير إلا أن الموضوع يبدو أنه “تباطأ هذه الأيام” نظرا لاعتراضات مسئولين من وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي لعدم وجود أساس قانوني للتصنيف، كما أنه سيعزل عددا من حلفاء أمريكا في المنطقة.

كما يرى توم مالينوسكي أحد مساعدي وزير الخارجية في عهد أوباما أن الإدارة بإصدار هذا الأمر ستبدو ساعية لاستثارة صراع مع طابور خامس وهمي للمسلمين في أمريكا أكثر من حرصها على العلاقة مع حلفاء يقاومون الإرهاب مثل تركيا والأردن وتونس والمغرب، أو على محاربة الإرهاب الفعلي، ويقول بيتر باكر أيضا أن التأخير قد يكون نتيجة رغبة البيت الأبيض لأخذ بعض الوقت في عدم إصدار أوامر تنفيذية جديدة عقب الفوضى التي أعقبت إصدار الأوامر السابقة.

وقد نشر معهد ستراتفور23 دراسة حول احتمال تضمين التصنيف لقوات الحرس الثوري الإيراني في ظل التصعيد الذي تشهده التصريحات العدائية المتبادلة مع إيران، وأن مثل هذا التصنيف لن يلقى نفس معارضة تصنيف الإخوان الذي يمكن تمريره في هذه الحالة، إلا أن هذا أيضا لاقى اعتراضا من مسئولي الدفاع والمخابرات. وتذكر الدراسة أن هذا التصنيف قد يعني فعليا دمغ جميع الإسلاميين السنة في المنطقة بنفس التهمة، بل وتذكر أنه حتى “إسرائيل” التي قد ترحب بتصنيف الحرس الثوري الإيراني قد تحذر الولايات المتحدة من تصنيف الإخوان الذي يمكن أن يوحد مؤيدي الجماعة في الأراضي الفلسطينية وهو ما تريد إسرائيل تجنبه.

وحتى تاريخ نشر هذه الورقة لم يصدر أمرا تنفيذيا من ترامب يطلب من وزير الخارجية دراسة موضوع التصنيف، وقد يكون ذلك لعدم وجود من يدرس هذا الطلب بالفعل! فقد تقدم أغلب شاغلي المراكز القيادية في وزارة الخارجية باستقالاتهم عقب ظهور نتيجة الانتخابات أو عقب تنصيب ترامب رئيساً، حيث يقول دافيد واد24 الذي خدم رئيسا للعاملين في وزارة الخارجية في عهد جون كيري أن تفريغ الوظائف القيادية للمكاتب سيكون أكثر إرباكا لأن هذه المكاتب تحتاج قيادات تعرف الأقسام ولديها الخبرة الكافية لإدارة بيروقراطيتها المعقدة، ولا توجد طريقة سهلة لملأ هذه الوظائف من القطاع الخاص.

ويقول نك وادهامس25أنه بعد 3 أسابيع منذ تولي ترامب لمنصبه لم يتم تقديم أية إفادة صحفية من وزارة الخارجية، وهو أمر غير مسبوق، وهناك أكثر من 200 وظيفة من سفراء ووكلاء للوزارة تحتاج للملأ وهو ما سيستغرق وقتا طويلا، مما يضعف كثيرا من قدرات وزير الخارجية الجديد على ممارسة عمله في ضوء خبرته القليلة فيما يتعلق بوظيفته. وتجدر الإشارة إلى أنه حتى المكان الرئيس الحيوي لنائب وزير الخارجية لم يتم ملأه حتى الان، وقد جرى الحديث عن عدد من المرشحين مثل جون بولتون ثم ريتشارد هاس، وصولا إلى إليوت ابرامز الذي عمل في إدارتي رونالد ريجان وجورج دبليو بوش، والذي جرت مقابلته يوم 7 فبراير، إلا أنه وردت أنباء عن رفض ترامب لتعيينه لأنه كان منتقدا له أثناء الحملة الانتخابية.

ولا يقتصر الأمر على وزارة الخارجية فقط، حيث يمتد الاضطراب حتى الآن على مستوى الإدارة بالكامل، ويقول مايكل جيرسون في مقال رأي بالواشنطن بوست بعنوان “بيت أبيض حيث لا يوجد مسئول- A White House Where No One is in Charge26 أن ترامب أدار شركات عائلية لكنه لم يدر أبدا منظمة كبيرة ولم يرى أبدا مثل هذه المنظمة حتى كموظف، وهو غير مجهز لتفهم أهمية وجود سلسلة متماسكة من الأوامر وعمليات اتخاذ القرار، بل على العكس، يسوقه حدسه لإيجاد عدة مراكز قوى صغيرة تتنافس بحدة فيما بينها لمصلحته.

ويقول إنه من الصعب لديه ولأي شخص آخر خارج البيت الأبيض أن يعرف ما الذي يجرى في الجناح الغربي منه، وما يعرف يعتمد فقط على التسريبات، وهناك الكثير منها على أعلى مستوى، مما يظهر هيكلا للإدارة وثقافة تنطوي على أن الهدف الأعلى ليس إظهار الجدارة أو القدرة على الإبداع، وإنما إظهار الولاء. ويقول أنه يبدو الان أن مجلس الأمن القومي في أزمة حقيقية في وجود حالة إحباط في ظل تلمس السياسات الأمريكية من تغريدات الرئيس، ويبدو أن مجلس الأمن القومي الحقيقي تم إضعافه كثيرا في ظل أزمة مستشار الأمن القومي فلين (الذي استقال لاحقا يوم 13 فبراير 2017)، بينما ستيف بانون يطور مجلسا آخر للأمن القومي في الظل ليخدم أجندته القومية. ويقول جيرسون في النهاية أن الرئيس يحتاج مساعدين يعطونه تحليل ومعلومات صادقة، وليس متنافسين لتحقيق مصالحه، ويمكنه أن يكون لديه العدد الذي يريده من مستشارين، لكن الفوضى ستستمر سائدة حتى يكون هناك شخص واحد ذو سيطرة تامة على العملية.

وبدون شك، فإن القصور في استكمال الإدارة والفوضى السائدة التي تم وصفها، كان لها أثر كبير في صدور الأمر التنفيذي حول منع مواطني سبع دول ذات أغلبية مسلمة من دخول أمريكا، والفوضى الكارثية التي صاحبت تطبيقه، ثم وقفه قضائيا، وسيؤدي كل هذا، على الأقل لبعض الوقت، إلى التريث في إصدار أوامر تنفيذية جديدة، ومنها ما يتعلق بموضوع تصنيف الإخوان.

ومن المثير للاهتمام إلقاء الضوء على نظرة الرئيس ترامب ومستشاريه المقربين لسيل الاعتراضات على توجه الإدارة لتصنيف الإخوان كجماعة إرهابية، ونكتفي في هذا المقام بما ذكره وليد فارس27 مستشار ترامب أثناء الحمله الانتخابية، في حديثه مؤخرا مع الإعلامي المصري عمرو أديب على أحد قنوات التلفزيون المصري يوم 11 فبراير الذي سأله عن سبب المعارضة الكبيرة في الولايات المتحدة للتصنيف من قبل مؤسسات صحفية كبيرة مثل النيويورك تايمز والواشنطن بوست ومنظمات حقوقية مهمة مثل هيومان رايتس ووتش وأكاديميين بارزين فضلا عن تقرير المخابرات الأمريكية؟

فأجاب: أن ما تشهده أمريكا الان هو نهاية “العهد البائد” ! Extinctالذي كان يتحكم فيه هؤلاء في الوعي الأمريكي، إلى حقبة جديدة تتشكل فيها نخبة جديدة تأخذ البلاد إلى مسارات مختلفة، وهذه العملية من المنتظر أن تأخذ سنة على الأقل حتى تكتمل، وأن هذه المؤسسات جميعا تتحكم فيها نخب تشكلت في جامعات أمريكية كانت دراسات الشرق الأوسط فيها جميعا يتحكم فيها أساتذة من الإخوان أو المتعاطفين معهم! وأن كل هؤلاء ليس لهم قيمة الان، فالرئيس ترامب يتواصل مباشرة مع الشعب الأمريكي عبر وسائط التواصل الإجتماعي، حيث يوجد له متابعون على تويتر يبلغون 35 مليون شخص.

ومثل هذا الكلام في الحقيقة يظهر مدى عناد الشخصيات التي أتى بها ترامب وتصميمها على إزاحة كافة القواعد والديناميات التي كانت سائدة لعشرات السنين، وخاصة في عهد الرئيس أوباما. كما يكاد يتطابق هذا الكلام مع ما يردده إعلام السيسي عندما يتهم كل من يعارضه بأنهم إخوان أو متأمرين معهم.

وإذا كان كل ما سبق يتعلق بالإدارة الأمريكية والصعوبات التي تواجهها فيما يتعلق بتصنيف جماعة الإخوان كجماعة إرهابية، فماذا عن مشروعات القوانين المقترحة في الكونجرس بهذا الخصوص، والتي تمت الإشارة لها من قبل؟ وهل يمكن أن يؤدي هذا المسار إلى تفعيل عملية التصنيف؟ في البداية يجب إعادة التأكيد أن مشروعات القوانين تلك، إذا مرت، لن تؤدي إلى صدور قوانين بالتصنيف، وإنما هي قوانين تطلب من وزير الخارجية بالنظر في موضوع التصنيف أو إصدار تقرير في خلال 60 يوما من إصدار القانون يحتوي مبررات إغفال هذا التصنيف، فلماذا لم يكون مشروع القانون بالتصنيف مباشرة دون اللجوء لهذا الأمر؟

يبدو لي أن ذلك نابع من عدم ثقة مقترحي المشروعات بمروره من خلال هذا الشكل فأرادوا دفع الإدارة في وقت مبكر للقيام بهذه المهمة من خلال أوامر تنفيذية، وهذا من وجهة نظري قد يكون له عدة أسباب:

1ـ أنه، تقليديا، لا تفضل الإدارات الأمريكية تدخّل الكونجرس في القرارات الخاصة بالسياسة الخارجية، فالرؤساء يفضلون أن تكون لهم الحرية والمرونة للتصرف فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، وهذا بالقطع ينطبق على الرئيس ترامب كما ينطبق على غيره من الرؤساء.

2ـ إن مشروع قانون مثل هذا لن يكون من السهل أن يأخذ أولوية في ظل الأجندة الداخلية المزدحمه لقادة الكونجرس في مجالات الرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتيه.

3ـ إن السيناتور كروز مثلا إذا طلب تقريرا من خدمة الأبحاث بالكونجرس (و هو مركز دراسات خاص بالكونجرس) لدعم مشروعه، فهو يدرك أن هذا التقرير لن يكون مؤداه التوصية بالتصنيف (لكل الأسباب السابق ذكرها من قبل)، حيث أنه مركز غير حزبي.

4ـ قوانين الكونجرس تقتضي طلبا بما يسمى تقييما مخابراتيا عن إنطباق المعايير القانونية لعملية التصنيف على جماعة الإخوان، وقد قامت الإدارات السابقة في عهدي أوباما وجورج دبليو بوش بطلب هذا التقييم حول جماعة الإخوان، وفي بعض الأحيان بالمشاركة مع المخابرات البريطانية بشكل سري، وقد انتهى كل ذلك على عدم وجود ما يدين الجماعة مما سمح لهذه الإدارات بالتواصل مع الإخوان دون مشاكل. وقد سبقت الإشارة للتقرير الداخلي الصادر عن السي أي إيه في نهاية يناير 2017 بعدم وجود ما يدعو إلى مثل هذا التصنيف.

وتجدر الإشارة أيضا إلى صعوبة مجرد صدور قانون بدعوة وزارة الخارجية للقيام بالتصنيف، في ضوء الأغلبية البسيطة التي يحوزها الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ (52/48)، نظرا لعدم تأييد بعض السيناتورز الجمهوريين البارزين لهذا الأمر (من أمثال جون ماكين وليندساي جراهام)، وأيضا لوجود بعض الأليات في مجلس الشيوخ تعطي قوة نسبية للأقلية في إصدار القوانين، على عكس مجلس النواب الذي يعتمد الأغلبية المطلقة منذ البداية. وعلى جانب آخر، ومن خلال بعض التواصلات مع الدوائر القريبة من الكونجرس الأمريكي، يبدو لي أن التيار التقدمي في الحزب الديمقراطي سيتبع نفس التكتيك الذي اتبعته حركة حفل الشاي Tea Partyفي عام 2009/ 2010 حيث قادت مظاهرات قوية في الشارع ضد أوباما لإجبار الجمهوريين في الكونجرس (الذين لم يكونوا أغلبية في كلا المجلسين في ذلك الوقت) على رفض كل ما يعرضه أوباما مما اَضطره ليحكم عن طريق حزب واحد خلال العامين الأولين، وعندما حلت انتخابات 2010 اكتسحها الجمهوريون واكتسبوا الأغلبية مما عوق أوباما كثيرا في سنواته الست الباقيه، وهذا بالضبط ما قد يفكر فيه الديمقراطيون التقدميون الان، خاصة في ظل الأغلبية البسيطة للجمهوريين في مجلس الشيوخ.

وطبقا لكل هذا، يبدو لي أن طريق الكونجرس مغلق لإصدار أي شيء بخصوص تصنيف الإخوان، وهذا بالتأكيد ما دعى الإدارة لطرح هذا الأمر بقوة من جهتها منذ البداية لولا العقبات الكثيرة التي تواجهها وتم شرحها في هذه الدراسة.

وطبقا لما تم استعراضه، فأنا لا أرجح أن تقوم الإدارة الأمريكية الان بالمضي قدما في موضوع تصنيف الإخوان بشكل سريع كما كانت تخطط، إلا أنه، وبرغم كل العوائق المذكورة والتي عطلت الإدارة الأمريكية عن إصدار قرار تنفيذي، سواء ذاتيا أو بطلب من الكونجرس، يقضي بتصنيف جماعة الإخوان، فإنه لا يمكن استبعاد هذا الأمر بشكل نهائي، فقرارات ترامب ونوعية مستشاريه المقربين، والطريقة التي يتصرفون بها، هي غير قابلة للتنبؤ، وهناك العديد من الدوافع الذاتية لدى الإدارة الحالية للمضي قدما في موضوع التصنيف، كما سيظهر في الجزء التالي من الورقة، إلا أن المرجح من وجهة نظري طبقا للمعطيات المذكورة أن يتعطل ذلك الأمر لبعض الوقت.

 

ثانياً: الإدارة الجديدة والتوجهات المناهضة للإسلام

في ظل غياب المبررات السياسية والقانونية والعملية الكافية للمضي قدما في الإجراءات التي حاولت الإدارة الأمريكية الجديدة اتخاذها، سواء بحظر دخول مواطني 7 دول ذات أغلبية مسلمة، أو بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية أجنبية بهدف تقييد حركة المنظمات الإسلامية النشطة في أمريكا، أو الإسلاميين حول العالم بشكل عام، لابد من التساؤل عن الأسباب الدافعة لذلك رغم كل ما ترتب عليه من تعريض الإدارة الجديدة لحرج بالغ وهزائم قانونية واعتراضات مجتمعية، بل وصراعات وتجاذبات مع بعض مؤسسات الدولة خاصة المخابراتية والقضائية منها في شهرها الأول؟

لا يمكن إغفال أن العامل الأيديولوجي وما يعرف بالإسلاموفوبيا لدى ترامب ومعاونيه الرئيسيين تشكل الدافع الرئيس لهذه التوجهات، وهذا ظهر بشكل واضح في الكثير من تصريحات المسئولين الأمريكيين الجدد، والمعبرة عن توجهاتهم وقناعاتهم منذ زمن ليس بالقصير، وهو ما سنحاول إلقاء الضوء عليه بشكل مجمع ومختصر في هذه الدراسة.

يلقي سكوت شين وماثيو روزنبرج وإريك ليبتون الضوء في مقال هام في صحيفة النيويورك تايمز28 تحت عنوان كاشف: “ترامب يدفع برؤية ظلامية حول الإسلام إلى مركز صناعة السياسات الأمريكية” ، حول هذا التوجه سواء عند الرئيس ترامب نفسه منذ حملته الإنتخابية التي أظهرت رؤية ظلامية لأمريكا تحت حصار ما يسمى “بالإسلام الراديكالي”، فضلا عن أهم معاونيه وعلى رأسهم مايك فلين مستشار الأمن القومي (الذي قدم استقالته لاحقا) وستيف بانون كبير المسئولين عن الاستراتيجية في البيت الأبيض، والعضو الثابت في مجلس الأمن القومي (وهي الميزة التى لم يحظى بها حتى وزير الدفاع ولا مدير المخابرات المركزية)، والمسئول عن حملته الانتخابية للرئاسة عام 2016، وأقرب مستشاري ترامب إليه، والذي وصفته النيويورك تايمز أنه الرئيس الفعلي للولايات المتحدة، وأخرين، ممن ينتمون إلى المدرسة الجيوبوليتيكية التي تستعير مفهوم صدام الحضارات لهنتنجتون، وتتبنى المفاهيم التى يدعو إليها المؤرخ الأمريكي برنارد لويس بإظهار تهديد الإسلام للميراث الحضاري “اليهودي – المسيحي”، وتعرض الإسلام كأيديولوجية عدائية بالضرورة، وتخلط بين الجماعات الإرهابية مثل داعش والقاعدة، وبين الجماعات التي لا تتبنى العنف أساسا مثل الإخوان المسلمين، وفي بعض الأحيان بين 1.7 مليار مسلم يعيشون حول العالم.

لقد أصر الرئيس ترامب على أن أمره الرئاسي الخاص بحظر الدخول ليس حظرا على المسلمين (رغم أن هذا ما كان قد وعد به بالفعل أثناء حملته الانتخابية)، إلا أن رودي جولياني29، الحاكم الأسبق لولاية نيويورك وقت وقوع أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والذي كان أحد المرشحين المحتملين لوزارتي الخارجية والعدل في إدارة ترامب، ويعمل حاليا كمساعد للرئيس، وهو من أهم المعروف عنهم المواقف العدائية تجاه المسلمين، صرح بوضوح لقناة فوكس نيوز أن الرئيس كلفه بتشكيل لجنة لتفعيل حظر على دخول المسلمين بشكل يعمل قانونيا، وكان هذا هو أصل الأمر التنفيذي الرئاسي.

وهناك الكثير من الانتقادات الموجهة صراحة للإسلام كدين، وليس للإرهابيين فحسب، من قبل مايك فلين مستشار الأمن القومي المستقيل، فقد أصدر تغريدة تحتوي على فيديو مضاد للإسلام وقال فيها “أن الخوف من المسلمين هو شيء معقول”، وقال في مقابلة تلفزيونية أن “الإسلام ليس بالضرورة دينا، ولكنه نظام سياسي من ورائه عقيدة دينية”.

وقال أيضا30 أن “ما تغير هو مجئ هذا الشخص محمد، وبمنتهى الأمانه نحن نتعامل مع نص قديم لا يساعد مجتمعا يعيش عليه، ولا يمكنه أن يتوافق مع الحداثة”، وأن “المدعوين بعلماء الإسلام يوجهون رسائل معقدة لخلق الفوضى وإمكانية التحكم، وبينما كان بول بوت وستالين وموسوليني واضحين، فإن الشريعة هي قانون عنيف مختفي أسفل قناعات بربرية”، وأنهم “يريدون فرض نظام عالمي مبني على نسختهم من الشريعه والتي تنكر حريات الفكر والاختيار والحريات الأخرى”، وأن “المسلمين يريدون تطبيق قانون الشريعه باستخدام نظامنا القانوني لتقوية ما يؤمن الكثيرون من الأمريكيين بأنه قانون ديني عنيف ليس له مكان في الولايات المتحدة”.

أما ستيف بانون، أكثر الأشخاص تأثيرا في إدارة ترامب، فيبدو دوره في التوجهات الأمريكية الجديدة بشكل أكثر عمقا، فقد قال من قبل في اجتماع بالفاتيكان عام 2014، أن الغرب المسيحي اليهودي في حرب مع الإسلام وأنه في أزمة و”نحن في المراحل المبكرة من صراع وحشي دموي” وقد جمع تشارلز أنتوني31 الكثير مما قاله بانون، موثقا، في هذا المضمار.

فعلى سبيل المثال قال بانون في برنامجه الإذاعي على راديو موقع أخبار بريتبارت اليميني الشعبوي الذي كان يديره، أن “الإسلام ليس دين سلام وإنما دين خضوع” وحذر من نفوذ المسلمين في أوروبا حيث قال: “بصراحة مفزعه، المسيحية تموت في أوروبا والإسلام في صعود”، ويذكر أنتوني بأن بانون هو كاتب سيناريو فيلم “الولايات الإسلامية الأمريكية”، ويقول أن ما يقوم به بانون في الأسابيع الأولى للإدارة الأمريكية “سيؤدي إلى عاصفة قوية من الإسلاموفوبيا سيكون لها تبعات كارثية على المجتمع المسلم الأمريكي”.

وتوضح مقالة النيويورك تايمز السابق ذكرها32 أن كلا من سيباستيان جوركا نائب مستشار الأمن القومي وزوجته كاثرين التي رأست مراكز تفكير تركز على أخطار الإسلام، وتعمل الأن في وزارة الأمن الداخلي، وتيرا داهل المسئول الحالي في مجلس الأمن القومي، ووليد فارس33 مستشار ترامب أثناء الحملة الانتخابية (أول من أعلن أن ترامب يعتزم تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية أجنبية)، جميعهم كتبوا بانتظام لموقع بريتبارت الذي كان يديره بانون، وجميعهم يعكسون الأراء المتشددة التي يتم وصفها بصناعة الاسلاموفوبيا (كما أشرنا سابقا).

ذلك بالإضافة لثلاثة من أكثر المتحدثين سلبا عن الإسلام مثل باميلا جيللر (أوقفوا أسلمة أمريكا)، وروبرت سبينسر (مراقبة الجهاد)، وفرانك جافني (مركز سياسات الأمن، ومن أسوأ منظري الاسلاموفوبيا سمعة في أمريكا، والذي قال عن بانون وفلين بعد تعيينهما أنهما من سيقودوننا لإنقاذ الجمهورية!)، وكلهم تم استضافتهم كثيرا في البرنامج الذي كان يقدمه ستيف بانون قبل توليه مسئولية حملة ترامب.

ومن اللافت للانتباه أنه حتى فليمنج روز34، والذي نشر الرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم منذ نحو 10 سنوات في صحيفة دانماركية، نشر مؤخرا مقالا ذكر فيه أنه في لقاء جمعه مع ستيف بانون في مايو 2016 ذكر له أننا لسنا في حرب مع الإسلام، إختلف معه بانون في ذلك، ويقول روز أن بانون قال أنه إذا أريد انقاذ أوروبا فلا يمكن تجنب نزاعا مسلحا، وأن قوة الإسلام لا يمكن وقفها بوسائل سلمية، وأنه باختصار، وبشكل مؤكد أخبره بانون أن الغرب في حرب مع الإسلام، وأن ما أزعج روز هو الإيمان الذي يبدو على بانون أن العنف والحرب لها أثارا منظفه، وأنه يمكن الاحتياج لهدم كل شيء لكي يمكن إعادة بنائه من جديد!

و نظرا لخطورة ما يقوله بانون، ولأهمية موقعه بالقرب من ترامب، ولأنه أصبح يتحكم حتى في التعيينات الأساسية في الإدارة، فقد قام جوين جيلفورد ونيخيل سونّاد35 بنشر دراسة مطولة ومتميزة بعنوان: “ماذا يريد ستيف بانون حقيقة؟”، وهي تصل بوضوح لموقع الإسلام في الاستراتيجية التي تنفذها الإدارة الأمريكية حاليا. وتقول الدراسة أن مؤيدي دونالد ترامب وحزبه وحتى هو لا يعرفون ما يريده ترامب لأمريكا، ولذلك فإن الشخص المناسب لاستكشاف أرائه بخصوص ذلك هو ستيف بانون والذي نجح حسب الدراسة في إقامة علاقة مع ترامب جعلته المدبر الأول للاستراتيجية الشعبوية التي أوصلت ترامب للبيت الأبيض.

وتقول الدراسة أن فلسفة بانون تتمحور حول أن أمريكا وأي بلد غربي أخر لكي ينجح، يجب عليه علاج الأزمات المتعلقة بثلاث أمور رئيسية: أزمة الرأسماليه، أزمة القومية وأزمة القيم المسيحية اليهودية، وأن هذه الأمور هي التي تشكل فلسفة الحركة الشعبوية المسماة “حفل الشاي”، وأن الأزمات التي تحيط بهذه الأمور الثلاث تحتاج خوض صراع عنيف يؤدي إلى حلها، وإذا كان هذا الصراع بالضرورة حربا مسلحة واسعة النطاق، فينبغي على بانون البحث عن عدو للدخول معه في صراع وجودي، وقد قال بانون بالفعل في الفاتيكان، بمنتهى الوضوح، عام 2014 “أعتقد أننا في أزمة تقويض الرأسمالية، وفوق هذا أعتقد أننا في المراحل الأولى من حرب عالمية ضد الإسلام الفاشي”.

وتصل الدراسة السابق ذكرها إلى استنتاج مؤداه أن الأسبوعين الأولين من إدارة ترامب يعكسان بوضوح أن قيادة الرئيس ترتكز على تدعيم واضح من نظرة بانون للعالم؛ صحيح أن الأوامر التنفيذية الصادرة قد تكون مجرد تحشيد للشعبوية والتأييد للإدارة الجديدة، إلا أنه من الوارد جدا أن يكون بانون موجها لترامب نحو رؤية “الرأسمالية المستنيرة36، ذات البعد القومي المسيحي اليهودي” والتي يعتقد أن أمريكا تحتاجها.

إن خطورة ما يحدث الان من قبل إدارة ترامب، وخصوصا بتوجيه من ستيف بانون، أن الأفكار المتطرفة المرتكزة على الإسلاموفوبيا التي كانت محصورة في دوائر معينة ومعروفه من قبل انتخاب ترامب (على شاكلة فرانك جافني37 الذي كان يقول أن أوباما هو أول رئيس أمريكي مسلم وأن الإخوان المسلمين اخترقوا الحكومة الأمريكية)، قد تمكنت بالفعل من الوصول إلى البيت الأبيض، وإلى قلب عملية صنع القرار فيه. لقد تحدثت عدة دراسات بعد انتخاب ترامب وقبل توليه منصبه عن الحرب القادمة مع “الإسلام الراديكالي38مثلا، أو حتى دعت إلى محاربة الإسلام السياسي39، إلا أن اتخاذ الخطوات التي توحي ببدأ هذا الموضوع عمليا فور تولي ترامب ينبأ بالكثير من الخطر الذي يجب التنبه إليه.

وتخلص صحيفة النيويورك تايمز في مقال منشور باسم مجلسها التحريري40 أن الحديث عن وصم جماعة الإخوان بأنها جماعة إرهابية قد أوقد مخاوف أكثر ظلامية من إدارة لا تنوي فقط استهداف الإرهابيين، بل الإسلام ذاته. وقد تساءل جوناثان فريدلاند41 في صحيفة الجارديان، بعدما استعرض توجهات بانون الدموية وأراءه المتطرفة حول ما يسميه “الحرب الوجودية”، إذا كان على أجندة البيت الأبيض أولا انهيار النظام العالمي، هل سيكون التالي هو الحرب؟

و من أهم المحيطين بدونالد ترامب حاليا وأكثرهم نفوذا ستيفن ميللر ذو الواحد والثلاثين عاما، والذي يعمل كبيرا للمستشارين في البيت الأبيض، وكان الكاتب الرئيس لكلمات ترامب اعتبارا من يوليو 2016 أثناء الحملة الانتخابية، وكان قبل ذلك يعمل في مساعدة السيناتور المحافظ جيف سيشنز من ألاباما، والذي أصبح بعد ذلك مدعيا عاما في إدارة ترامب. وقد مثل تعيين ميللر، اليميني المتطرف، في موقعه في البيت الأبيض صدمة عند الكثيرين ممن عرفوه أثناء عمله لسبع سنوات في مجلس الشيوخ نظرا لقلة خبرته، إلا أنه طبقا للكثيرين فهو مخلص بضراوة لترامب42 ويفهم رؤيته جيدا، ربما أفضل من أي شخص آخر.

وقد عمل ميللر، اليهودي الأصل، من قبل مع النائبة ميشيل باكمان من مينيسوتا، وهي المعروف عنها التأييد الكبير للجنرال السيسي والعداء للإسلاميين، قبل أن ينتهي به المقام مع سيشنز عام 2009. وقد برزت أهمية ميللر قبل تولي ترامب لمنصبه مباشرة، حيث عكف في الجزء الأخير من الفترة الانتقالية مع ستيف بانون وأندرو بريمبرج في التخطيط لخريطة بروتوكول “الصدمة والرعب” المكون من أكثر من 200 أمر تنفيذي، ومنها بالطبع أمر حظر الدخول، حيث تم إرسالها لوكالات فيدرالية للمراجعه، ومنهم بالطبع ممن كانت معينة في إدارة أوباما مما دفع لتسريب بعضها43.

ومن أهم من يقدمون النصح لترامب أيضا، إريك برينس، والذي يصفه جيريمي سكاهيل44 بأنه أسوأ مرتزقة أمريكا سمعة. برينس هو مؤسس شركة الأمن الخاصة سيئة السمعه “بلاك ووتر” والتي ارتكبت الكثير من الجرائم في العراق بدءا من سبتمبر 2007، وكان برينس قد عمل في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر مع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية على برنامج سري للاغتيالات، وباع بلاكووتر لاحقا وأسس شركة خاصة للطيران في هونج كونج وذلك في إطار خططه لإقامة قوات جوية خاصة، وله أيضا علاقات خاصة مع المخابرات الصينية، ومن أواخر خططه مقترح لإرسال متعهدين من القطاع الخاص للعمل مع قوات الأمن الليبية لوقف تدفق اللاجئين إلى أوروبا.

وقد اختار ترامب شقيقة برنس، البليونيرة بيتسي ديفوس لمنصب وزيرة التعليم، ولبرنس علاقة قوية أيضا بستيف بانون، وله العديد من التصريحات والأقوال التي تعكس توجهاته المتطرفه، فقد قال مثلا لستيف بانون وقت أن كان مسئولا عن موقع بريتبارت، أن إدارة ترامب إذا فاز يجب أن تعيد خلق نسخة من برنامج فينكس، وهي شبكة الاغتيالات التابعة لوكالة الاستخبارات الأمريكية في زمن حرب فيتنام، وذلك لمحاربة داعش، وقال في هذا الإطار أن مثل هذه الشبكة يجب أن تقتل أو تأسر ممولي الإرهاب الإسلامي، وهذا أيضا يشمل بليونيرات الإسلاميين المتطرفين من ممولي الإرهاب الإسلامي في الشرق الأوسط، وأية أنشطة أخرى يمارسونها، وهذا بالطبع كلام شديد الخطورة إذا ما اتسع تعريف الإسلاميين المتطرفين على النحو الذي ينتهجه أصحاب مثل هذه الأراء الشاذة المتطرفة.

وبالطبع يرى برينس في سعي ترامب لاستعادة ممارسات التعذيب والاختطاف من قبل المخابرات، والتحقيقات الممتدة، فضلا عن التزامه بملأ معتقل جوانتنامو بالمساجين، كفرصة ذهبية لشخص مثله يعمل كمحارب سري خاص لحساب الأمن القومي الأمريكي. وقد أيد برينس سعي ترامب للتقارب مع روسيا حيث يقول: “فكروا بهذا: لو أمكن لفرانكلين روزفلت التعامل مع ستالين لهزيمة الفاشية الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية، فمن المؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية تستطيع أن تعمل مع بوتين لهزيمة الفاشية الإسلامية”! ويقول سكاهيل45 في نهاية دراسته أنه “حتى ترامب ليس وقحا بما يكفي لإعطاء شخص مثل برنس منصبا عاما في إدارته، لكنه يعمل في الظل كما كان دائما في الوطن”.

وبالإضافة لمعاوني ترامب ذوي الدور الحيوي والذين تم الإشارة لأدوارهم وتوجهاتهم المتطرفة بشيء من التفصيل، فلا يمكن إغفال الكثيرين الأخرين ممن تحتشد بهم إدارة ترامب من ذوي التوجهات المماثلة ولا يسمح المجال بزيادة التفصيل في ذلك، ويأتي على رأسهم مايك بينس نائب الرئيس والذي كان سيناتور عن ولاية إنديانا، والمعروف بنشاطه في مجموعة حفل الشاي اليمينية المتشددة، والجنرال جيمس ماتيس وزير الدفاع، والسيناتور مايك بومبيو الذي عين مديرا لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وجاريد كوشنر زوج ابنة ترامب إيفانكا ذو الميول الصهيونية والذي يعد من أقرب المقربين منه، وجيف سيشنز الذي عين مدعيا عاما، وغيرهم.

وقد تواترت الكتابات الدالة على تطرف وفشل إدارة ترامب، وأكتفي هنا بمقال الرأي الهام الذي نشره دافيد بروكس46 مؤخرا في النيويورك تايمز بعنوان: “أي فشل تبدو عليه إدارة ترامب”، والذي يفصل فيه عوامل ومظاهر الفشل في الإدارة مما يشكك في إمكانية بقاؤها لمدة رئاسية كاملة، إلا أنه في نفس الوقت لا يرى كيفية انتهائها، فالإدارة كما يقول في حرب مع نفسها، دون توافر عوامل القوة التي تستطيع إسقاطها، ومن هنا يرجح استمرار إدارة ستفشل سياسيا وأخلاقيا دون أن تسقط فعليا، ويوضح أن دائرة الثقة عند ترامب تضيق يوما بعد أخر بحيث لن يبقى فيها إلا ابنته وزوجها وستيف بانون!

ويقول أيضا أن استنتاجه الرئيس أن هذه الإدارة تتصرف كمملكة من العصور الوسطى وليس كدولة حديثة، كما أن ترامب يسهل التلاعب به، مما سيجعل أمريكا ذات قوة إقتصادية وعسكرية، دون قوة سياسية (و كما يقول تخيل الإمبراطورية الرومانية تحكمها إمارة موناكو!)، وهذا مثير للرعب47.

ولا يمكن للمرء إلا أن يتفق مع ما يقوله بروكس في ضوء ما استفضنا في شرحه عن ترامب وإدارته الجديدة، والتي يبدو أنها ستستمر في توجهاتها الكارثية في ظل أيديولوجيا متطرفة وقوة عسكرية وإقتصادية مع غياب الوعي والعقل السياسي الرشيد، والعدو الأول فيما يبدو هو الإسلام.

وهنا يبرز التساؤل: هل ترتكن الأفكار المتطرفة الصادمة حول الإسلام والمسلمين التي عرضتها هذه الدراسة فقط لمجموعة من الأشخاص المتطرفين استطاعوا في غفلة من الزمن تكوين ظهير شعبوي والوصول إلى قلب عملية صنع القرار في البيت الأبيض، مما يحمل تهديدا جديا بتطبيق بعض هذه الأفكار على أرض الواقع، إلا أنه ينتهي بخروج هذه المجموعة من دائرة صناعة القرار؟ أم أن هناك أساس فكري أكثر عمقا يجعل مثل هذه التوجهات أكثر خطورة؟

في أثناء بحثي لإجراء هذه الدراسة، وقعت على مقال هام كتبه جورج فريدمان، أحد أهم علماء الجيوبوليتكس والمستقبليات في الولايات المتحدة، وتلقى كتاباته صدى واحتراما كبيرا في الأوساط الأمريكية، وذلك في 25 يناير 2017 على موقع “مستقبليات الجيوبوليتكس48، وذلك تعليقا على خطاب تنصيب ترامب في منصب الرئاسة، وقد وجدت هذا المقال صادما وصريحا بشكل مرعب، حيث يلقى الضوء بشكل واضح على الطريقة التي يمكن أن تتعامل بها الولايات المتحدة مع الإسلام.

يتساءل فريدمان في البداية عن أهمية داعش في فكر ترامب من واقع خطاب تنصيبه، ويوضح أن ترامب يرى أنه لو نجحت داعش في مخططاتها لتوحيد العالم الإسلامي تحت قيادة “الخلافة” فإن هذا سيشكل تهديدا عالميا، وأن دولة موحدة بهذا الشكل تحت حكم الشريعة في نطاقها الجغرافي ستشكل تحديا حقيقيا للمصالح الأمريكية، إلا أن فريدمان يقول أن احتمال تحقق هذا التهديد ضئيل جدا، ويشرح تحليلا مؤداه أن داعش تشكل فقط تهديدا إقليميا، وأن الولايات المتحدة لا تحتاج الحديث عن هذا الأمر في استراتيجيتها العالمية إلا بعد زمن طويل، وقد لا يأتي هذا التحدي أبدا.

بعد ذلك يبدأ فريدمان في استعراض تحليله الصادم، فيقول أنه من الخطأ النظر لمنطقة الشرق الأوسط بمفردها، ولكن يجب التفكير في العالم المسلم الممتد من المغرب إلى الفلبين، ومن أسيا الوسطى إلى إفريقيا، وهو عالم يتشكل من أكثر من 1.6 مليار شخص، يشكلون تقريبا ربع الإنسانية، ويذكر كيف كانت القوى الإسلامية قوى إقليمية كبيرة، ثم بدأ التوازن يتحول ناحية أوروبا منذ القرن الثامن عشر تقريبا، وكيف تم تمزيق “الإسلام السياسي” حول العالم بواسطة قوى أوروبية بدءا من هولندا مرورا ببريطانيا وفرنسا ثم روسيا وصولا للسيطرة التامة على الشرق الأوسط بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية، وبالتالي فإن الإمبريالية الأوروبية مزقت “القوة السياسية للمسلمين”، إلا أنها لم تمزق المبادئ الدينية خلف الإسلام السياسي، أي أن “القلب لم يتم كسره”.

ويقول بعد ذلك أنه بعد انهيار الإمبراطورية الأوروبية بقيت الدول المسلمة ومن خلفها طبقة من الإسلام السياسي التي لم تنتهي أبدا، وأن هذه الطبقة بعد تحررها من العوائق دفعت إلى بروز حركات مثل داعش والقاعدة وطالبان وغيرها في العالم السني لاستعادة الإسلام إلى وضعه التاريخي السابق، ويتطرق من ذلك إلى الجدل الدائر للتفرقة بين المسلمين العاديين والمتطرفين، وأن ذلك هو السؤال الخطأ لأن “الإسلام السياسي هو الإسلام”، حيث أن الإسلام ذاتيا دين سياسي، وأن الإسلام في هذه النقطة من التاريخ يمر بمرحلة من التحول الثوري لإعادة تشكل “مجتمع مسلم كئيب!”، وأن الضغط الخارجي ليس هو الذي يدفع المسلمين للتطرف وإنما عملية إعادة التموضع تلك تعتبر مستحيلة بدون تطرف المجتمع المسلم! لأن العملية تحرر المعتقدات المكبوتة للإسلام، ويضرب الأمثلة بالمسارات البربرية للثورات الروسية والألمانية والفرنسية، وهو كما يقول أمر لا يبعث على الراحة لما ستتحمله الإنسانية بالمثل جراء خلق دولة إسلامية.

ومن هنا يقول أن الولايات المتحدة ينبغي ألا تسمح باستمرار هذه العملية، والتغاضي عنها، أو تركها مثلا للسعودية أو تركيا لمواجهتها، فهذه البلدان نفسها معرضة للتطرف، وأنه يجب إدراك أن الإسلام لا يراوح بين الإعتدال والتطرف وإنما يسعى للأصالة، ويقول بكل وضوح أن بروز دولة أسلامية أصيلة كقوة “ليس من المصلحة الأمريكية”، فكيف إذن يمكن التعامل مع هذا؟

يقول فريدمان أن حرب الخمسة عشر عاما التي بدأت في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر لن يترتب عليها إلا تقوية صعود الإسلام السياسي، ومن الممكن أن يعتمد على توازن القوى مع إيران وإسرائيل، لكن المشكلة تكمن في أنهما من الممكن أن يقررا ألا يستعملا، كما أن أوروبا الان ليست في وضع يسمح لها بتكرار ما فعلته من قبل. فما الحل إذن؟

من وجهة نظر فريدمان، أن مفتاح الحل يكمن في “كسر الثقة المتنامية للعالم الإسلامي في نفسه”، فبالنسبة لترامب العدو هو الثقة المتنامية، والإسلام السياسي لا يمكن القضاء عليه، بينما يمكن ذلك بالنسبة لثقته. إن الغضب واستخدام الشدة ليس هو الذي يؤدي للتطرف، وإنما الفخر والأمل في المستقبل هو الذي يفعل، ولذلك يجب أن “يتم جعل هذا المستقبل بعيدا جدا”، وبالتالي فإن الاستخدام الضخم للقوة الأمريكية لا يجب أن يوظف فقط لتمزيق حركة معينة، وإنما لتكريس يأس الإسلام السياسي من تأسيس نفسه لقرن أخر! هذا ما فعلته أوروبا في أوج عظمتها وهذا ما يجب على أمريكا أن تفعله الان، وبدون مثل هذا اليأس لا توجد أية فائدة من الاعتدال. وقال فريدمان أيضا أنه : لا يظن أن هزيمة داعش سوف تحل هذه المشكلة، فالجذور تكمن في عامة السكان، وهؤلاء يجب إقناعهم بأن أمالهم لا يمكن تحقيقها”…….. هكذا! وأنا شخصيا لم أرى كلاما واضحا وصادما بل ومروعا أكثر من هذا من أحد أهم علماء الجيوبوليتيكس والمستقبليات الأمريكيين ممن يلقون قبولا واحتراما عاليا، وإن دل على شيء فإنما يدل على أن المشكلة أعقد بكثير من مجرد وصول عدد من المتطرفين لقيادة البيت الأبيض.

وقد نشر فريدمان على موقع مستقبليات الجيوبوليتيكس مقالا أخر49 في 8 فبراير 2017، نستطيع أن نستشف منه أحد الأليات التي تمكن للأفكار التي نشرها، ولأليات إشعال الحروب المدمرة التي يسعى إليها ستيف بانون ورفاقه، حيث يناقش في معرض تجربة إطلاق الصاروخ الباليستي التي أجرتها إيران مؤخرا، وتعرض سياسة الولايات المتحدة للمراجعة من قبل إدارة ترامب، الذي أعلن في الوقت نفسه عزمه سحق تنظيم “الدولة الإسلامية”، ويرى جورج فريدمان أن واشنطن لا يمكنها أن تعادي الجميع في وقت واحد، وبالتالي يجب عليها أن تختار بين التحالف مع السنة أو مع إيران الشيعية وحلفائها.

وبعد الحديث عن الفشل الأمريكي الذي أوصلت إليه سياسات الولايات المتحده في العراق، وأنه بعد حرب الخمسة عشر عاما غير الفعالة، أمامها ثلاث خيارات استراتيجية، أولها قبول الهزيمة في المنطقة والانسحاب منها وترك خيارات المنطقة لها، وهذا وإن كان خيارا مريحا الان فسوف ينتج عنه مواجهة الولايات المتحدة لعالم سني قوي وإيران شيعية قوية في المستقبل، وهذا قد يتحول إلى صداع لا يطاق كما يقول فريدمان. الخيار الثاني هو استخدام الجيش الأمريكي في سحق كلا من تنظيم الدولة وعزل إيران، إلا أن فريدمان يقول أن أمريكا لا تمتلك القوة الكافية لشن حرب واسعه من البحر المتوسط إلى إيران، وفي أفغانستان أيضا، حيث أن الهدف من مثل هذه الحرب سيكون أيضا “تدمير إرادة العالمين العربي والفارسي لخلق منظمات جديدة من رماد القديمة”، إلا أن الولايات المتحدة لم تدخل أبدا حربا أجنبية كبيرة دون تحالف قوي، ويعني بعدها عن الساحة الأوروأسيوية ضرورة الحصول على الدعم اللوجيستي، ولهذا السبب يوجد نقاش للتحالف مع روسيا، إلا أن روسيا ليس لديها نفس المصالح بالنسبة لإيران، ولا تسعى لنفس النتيجة.

ولا يبقى بالتالي أمام أمريكا، في رأي فريدمان غير الخيار الثالث، وهو استغلال الانقسامات الموجودة حاليا بين الشيعة والسنة، وبين العرب وغير العرب كنقطة ضعف، ومن ثم التحالف مع فصيل واحد لمنحه ما يرغب به وهو هزيمة الأخر، وهو خيار غير أخلاقي كما يقول فريدمان، لكن ماذا كان يحمل التاريخ غير ذلك؟ إن “تقسيم أعدائك هو مبدأ أساسي في الاستراتيجية، أما توحيدهم فهو أمر غير منطقي”، وينبغي أن يكون الهدف هو التحالف مع العدو الأضعف، وفي هذه اللحظه السنة أضعف من الإيرانيين، لكن “هناك الكثير من السنه”، ويغطون مساحات شاسعة من الأرض ويتمتعون بنشاط أكثر من إيران، و”حاليا إيران أكثر قوة لكن قد يكون السنة أكثر خطرا”، لذلك يقترح فريدمان50 تحالفا مع الإيرانيين.

و بقليل من التأمل يظهر لنا من هذا الكلام عدد من الحقائق البسيطة: اعتبار كلا من الشيعة والسنة (بعمومهم) أعداء للولايات المتحدة، وأن خيار أمريكا هو إشعال حربا بين الطرفين لإضعافهما حتى لا يتحول أحدهما أو كلاهما لقوة كبيرة تهدد أمريكا في المستقبل، وأنه ليس المهم من تساند أمريكا (قد يكون إيران كما يقترح فريدمان أو يكون السنة لأنها الطرف الأضعف الان، لا يهم)، المهم اتباع سياسة فرق تسد ومساندة أحدهما ليهزم الأخر.

ويبدو لي أن مثل هذا الصراع سيكون الحرب التي يبحث عنها ستيف بانون ومشاركوه، كبداية على الأقل، ومؤشراته تلوح في الأفق، والتصعيد في التصريحات على أشده، وهذا خيار غير مكلف كثيرا للولايات المتحدة، بل بالعكس قد يتيح ابتزاز الخليج والحصول على ما تبقى لديه من موارد، مع استنزاف إيران ووقف قوتها المتنامية، وتكرار سيناريو الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات بالدفع إلى صراع يكون المسلمون وقوده، وينصرف الجميع عن أي تهديد لإسرائيل، بل يمكن أن يتحالف العالم السني معها ليواجه العدو المشترك، إيران، كما يقول نتينياهو، وتتاح الفرصة للولايات المتحدة بالتركيز بشكل أكبر على العدو الاستراتيجي المتنامي الأخر وهو الصين. سيناريو شيطاني، هل يندفع أهل المنطقة إليه على غير بصيرة؟

وفي النهاية، هل يمكن القول أن الأفكار التي تم استعراضها هنا هي فقط أفكار نخبوية، أم أن لها قاعدة مجتمعية مهمه؟ في واقع الأمر هناك صدى مجتمعي واسع متصاعد لهذه الأفكار، والدليل الأكبر على ذلك هو انتخاب ترامب نفسه، ولا يعني ذلك بالطبع أن كل من انتخبوا ترامب يفكرون هكذا، إلا أنه يمكن القول أن نسبة كبيرة منهم تتبنى هذه التوجهات، وهي ليست توجهات مستبطنة، ولكنها تجد قطاعات كبيرة من النشطاء يعملون على الترويج لها.

ولنأخذ مثالا واحدا على ذلك فيما كتبته أبيجيل هاوسلونر على الواشنطن بوست51 حول منظمة أكت من أجل أمريكا ACT for Americaالتي أسستها بريجيت جابرييل، اللبنانية الأصل، والتي نشر لها موقع بريتبارت العديد من المقالات، وعمل مايك فلين مستشار الأمن القومي المستقيل على مجلسها الاستشاري، وتحدث مايك بومبيو مدير المخابرات الأمريكية الذي اختاره ترامب في مؤتمراتها ورعا اجتماعا لها في مقر الكونجرس في العام الماضي.

هذه المنظمة يقع مقرها في فيرجينيا بيتش، ولديها شبكة من 17,500 متطوع، فضلا عن قاعدة من 500,000 “محارب لا يهدأون” كما تقول جابرييل. ومنذ نشأتها، نجحت أكت في تحقيق 22 انتصار تشريعي في مجالس الولايات، تدور في معظمها ضد الإرهاب وإبعاد “النفوذ الإسلامي” عن المحاكم، كما قادت حملة ناجحة لتنقية الكتب المدرسية في ولاية تكساس من “الأخطاء” التي تحمل تأييدا للإسلام، وتعتبر ضد المسيحية والغرب. وتصف المنظمة نفسها بأنها أكبر منظمة مجتمعية تنافح عن الأمن القومي في أمريكا، وتهاجم على الدوام ما تراه التهديد الزاحف للشريعه والمتمثل في المنظمات الإسلامية، والمساجد، واللاجئين، والسياسيين المؤيدين.

وتسوق هاوسلونر52 عددا من الأمثلة من أهم ما يقوله المنتمون لهذه المنظمة، فمثلا يخاطب روي وايت ضابط القوات الجوية المتقاعد ورئيس فرع سان أنطونيو بولاية تكساس في المنظمة، في حديث يحاول به إقناع مشرعي الولاية، عن منظمة كير أنهم “جهاديون يرتدون البدل”، ويأمل أن يشمل الحظر على السفر الذي أصدره ترامب دولا أخرى مثل السعودية ومصر، و”سوف نلقي القبض على أولئك الذين يروجون للتحريض، وهذا يعني كل مسلم ملتزم بالشريعه”، ويقول بيل زيدلر أحد مشرعي ولاية تكساس الجمهوريين، “سواء هي القاعدة أو كير أو الدولة الإسلامية، هم فقط يستخدمون أساليب مختلفة لتدمير الحضارة الغربية”، ويقول تريفور لودن الذي أنتج فيلما بعنوان: الأعداء من الداخل – Enemies Withinأن انتخاب ترامب هو “فرصة من الله”، “لدينا أهم أربعة سنوات في حياتنا لمضاعفة جهودنا، لو أضعناها سيعيش أبناؤنا في استعباد، وإذا نجحنا سنمتلك عصرا ذهبيا جديدا، ليس فقط في أمريكا، ولكن في كل أنحاء العالم”.

 

ثالثاً: ما العمل، وهل من فرص؟

قد يبدو من العرض المكثف من خلال هذه الدراسة أن الوضع شديد الظلامية، خاصة في ضوء تولي ترامب وإدارته المتطرفه، والتأييد الشعبوي النسبي الذي تتمتع به، وهذا بالفعل صحيح، والمسلمون حول العالم حقيقة في أضعف أحوالهم، إلا أنه لا يمكن إلا أن يطرح السؤال، وماذا يمكن أن يفعل المسلمون في ظل هذه الرؤية السوداوية؟ إن الإجابة الوافية عن هذا السؤال تخرج عن نطاق هذه الدراسة، وتحتاج دراسات أخرى معمقة، وأفكارا خارج الصندوق لما يمكن عمله، إلا أنه يمكن طرح عددا من الأفكار من واقع مراقبة ما يحدث من ردود أفعال أعقبت تولي ترامب الرئاسة، سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها.

بداية، فردود الأفعال على قرارات ترامب الأولى كانت أيضا قوية بشكل لافت للنظر، وأهمها المظاهرات الشعبية التي اندلعت في عدد من المدن الأمريكية، وفي بعض مطاراتها بشكل خاص، على الأمر التنفيذي بحظر دخول مواطني الدول السبع ذات الأغلبية الإسلامية، وبرز هتاف “لا كراهية – لا خوف – المسلمون مرحب بهم هنا” وغيره من الهتافات المعبرة عن التضامن مع المسلمين فيما اعتبره الكثيرون هجمة مباشرة ضدهم، كما خرجت مظاهرات احتجاجية كبيرة في عدد من المدن الأوروبية، وكذلك ظهر التضامن والدعم الفوري عند إضرام حريق في مسجد بضاحية فيكتوريا بالقرب من هيوستون في ولاية تكساس حيث تم جمع مبلغ 440 ألف دولار أمريكي من المجتمع المحيط في خلال 20 ساعة فقط، وهو نصف المبلغ المستهدف لإعادة تأهيل المسجد، وكتب عدد من مشاهير الفكر والفن والمجتمع تغريدات مضادة لهذه الأوامر، ومنها على سبيل المثال تغريدة لمادلين أولبرايت، وزيرة الخارجية الأمريكية في عهد بيل كلينتون، تقول فيها أنها تربت ككاثوليكية واكتشفت لاحقا أصول عائلتها اليهودية، لكنها مستعدة لتسجيل نفسها كمسلمة إذا نفذ ترامب وعده بهذا الخصوص، تضامنا مع المسلمين، وهو ما قال مثله المخرج الأمريكي الكبير مايكل مور (و الذي كان قد تنبأ بوصول ترامب للرئاسة قبل ثلاثة أشهر من إجراء الانتخابات).

و قد وصل الأمر أن قال حاكم ولاية واشنطن53 في أحد التغريدات أن دونالد ترامب “عدو للولايات المتحدة”، وتضامن رئيس وزراء كندا جاستن ترودو مع كل من يغلق في وجهه باب الهجرة من اللاجئين بأنهم مرحب بهم في كندا، وأصدر عدد من الساسة الأوروبيين تصريحات منتقدة لقرارات ترامب منهم المستشارة الألمانية ميركل ورئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي ووزير خارجية فرنسا وأخرون، ونشر الأمين العام الجديد للأمم المتحدة جويتيريز مقطع فيديو ينتقد فيه القرارات بصراحه54، كما أن هذه الأوامر الرئاسية تم وقفها قضائيا (و كان القاضي جمهوريا)، وأيضا تم رفض استئناف الحكومة بإجماع القضاة الثلاثة كما ذكرنا سابقا، ويؤشر هذا على أن القضاء يتمتع بالقوة والاستقلالية الكافية لوقف القرارات الهوجاء لإدارة ترامب طالما خرجت عن إطار القانون والدستور.

وقد امتلأت أيضا الصحف الأمريكية والعالمية بالانتقادات اللاذعة للقرارات الرئاسية كما سبق ذكره، فضلا عن ذهابها لمدى أبعد في انتقاد النظام الأمريكي الجديد برمته، وعلى سبيل المثال نشير للمقال المتميز الذي كتبه كارل شاررو على موقع بوليتيكو55 تحت عنوان لاذع: “أمريكا، إنك تبدين الأن كدولة عربية”، معددا فيه بشكل ساخر أوجه التشابه بين ما تبدو عليه أمريكا الأن وبين الدول العربية العريقة في الدكتاتورية وفوضى الحكم، وأيضا ما نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية56 نقلا عن التقرير السنوي لوحدة استخبارات الإيكونوميست، في تقرير تحت عنوان:”الولايات المتحدة لم تعد ديمقراطية كاملة بعد انتصار ترامب الانتخابي” وذلك بسبب، كما تقول الصحيفة، التأكل السريع في الثقة بالمسئولين المنتخبين.

وتأتي أكثر التقييمات الصادمة من وجهة نظري في المقال الذي نشره يوشكا فيشر وزير الخارجية الألماني الأسبق، أحد أهم المفكرين السياسيين في الغرب، والذي اشتهر بمعارضته للحرب على العراق عام 2003 أثناء توليه الوزارة، وذلك على موقع الجزيرة نت57 تحت عنوان دال: “وداعا للغرب!”، الجملة الأولى فيه كالتالي: “الان بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، أصبحت نهاية ما كان يسمى حتى الأن – الغرب – مؤكدة”، وبعد أن يمضي في تحليله ينهي المقال بجملة مماثلة: “و بالتالي، يكاد يكون من المؤكد أن العالم الغربي كما يعرفه كل من هم على قيد الحياة اليوم تقريبا سوف يتلاشى أمام أعيننا”.

ومن الأمور المثيرة للاهتمام في إطار الهجمة على الإسلام الدراسة التي نشرها البروفيسور شبلي تلحمي الأستاذ بجامعة ميريلاند الأمريكية، وذلك على صحيفة الواشنطن بوست58 تحت عنوان:”كيف غير ترامب نظرة الأمريكيين للإسلام – للأفضل!”، حيث يرصد فيها أن غالبية الأمريكيين لا يشاركون ترامب رؤاه المتطرفة، ففي قلب الحملة الانتخابية، وفي ظل عدد من الحوادث الإرهابية قال 59% من الأمريكيين أنهم مستعدون لاستقبال مهاجرون من مواطن الصراع في الشرق الأوسط، بعد المرور بالفحوص الأمنية اللازمة. إلا أن النتيجة الأهم تبرز في مقارنة نتائج أربعة استطلاعات جرت فيما بين نوفمبر 2015 وأكتوبر 2016 (أي على مدار الحملة الانتخابية)، حيث ارتفعت نسبة النظرة الإيجابية تجاه المسلمين في نوفمبر 2015، مايو 2016 (قبل حادثة أورلاندو الإرهابية)، يونيو 2016 (بعد حادثة أورلاندو)، ونوفمبر 2016 من 53% إلى 58%، 62% حتى 70% على التوالي، كما انخفضت النظرة السلبية من 46% إلى 41%، 38% حتى 28% على التوالي. وفي نفس الأوقات ارتفعت النظرة الإيجابية للإسلام (التي تكون عادة أقل منها نحو المسلمين) من 37% إلى 42%، 44% حتى 49% على التوالي، وفي المقابل انخفضت النظرة السلبية نحو الإسلام من 61% إلى 57%، 55% حتى 49% على التوالي.

ويقول البروفيسور تلحمي أن هذه التحولات الكبرى في عام واحد لا تحدث إلا بسبب أحداث فوق العادة، كما أن مثل هذه الأحداث في هذا العام كان من المفترض أن تؤدي إلى العكس (إرهاب باسم الإسلام في سان بيرناردينو وأورلاندو، فضلا عن حملة انتخابية ساخنة من عدد من المرشحين الجمهوريين كانت مليئة بالأقوال المناهضة للإسلام والمسلمين). وبالتالي ما سبب هذا؟

يقول تلحمي أن التحولات في المعسكر الديمقراطي كانت طاغية بحيث أثرت بشكل كبير على النتائج الكلية، حيث ارتفعت النظرة الإيجابية للمسلمين بينهم من 67% إلى 81%، وللإسلام من 51% إلى 66%. وبالتالي يرجع تلحمي التغيرات لتعمق الحزبية، وأيضا لأن الكثيرون ببساطة غيروا من بعض توجهاتهم فقط لأن ترامب يقول بالعكس (و من هنا جاء أثر ترامب الإيجابي على النحو المذكور في عنوان المقال). وقد يكون هذا التفسير صحيحا، ولكن هذا، من وجهة نظري صحيح فقط بشكل جزئي، فأنا أرى الهجوم المبالغ فيه على الإسلام والمسلمين قد يكون دفع الكثيرين من الأمريكيين للتعرف على الإسلام والمسلمين بأنفسهم مما غير من نظرتهم السلبية السابقة نتيجة خبرات ومعارف حقيقية، ولأنهم اكتشفوا كم التضليل الذي يطرح في هذا الإطار (و قد حدث شيء مشابه لهذا جزئيا في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر). وتجدر الإشارة إلى أن كل هذا قد حدث قبل تسلم ترامب لمهامه، لذلك فقد تكون النسب المذكورة قد ارتفعت بشكل أكبر في الوقت الحالي.

 

ماذا تقول لنا إذن ردود الأفعال ونتائج الاستطلاعات التي ذكرناها هنا؟

باختصار تقول لنا أن أمريكا ليست فقط ترامب وفريقه، وليست فقط عامة الناس المضللين كنتيجة للخطاب الشعبوي وخلط الأوراق الذي يقوم به الساسة والنشطاء ممن يتبنون أيديولوجيا عنصرية معادية للإسلام والمسلمين والأجانب بشكل عام، صحيح أن المجموعة المتطرفة اكتسبت موقعا مؤثرا بالتواجد في قلب البيت الأبيض يتيح لها التسبب في الكثير من المتاعب للمسلمين خاصة في أمريكا، إلا أن المقاومة لتلك التوجهات المتطرفة قوية وحية، بل وتشكل أكثرية الشعب الأمريكي، فضلا عن الكثيرين من المؤثرين من الساسة والإعلاميين والأكاديميين والفنانين وغيرهم، سواء داخل أمريكا أو في باقي العالم الغربي. بالطبع لا تدفع كل هذه المعارضة فقط توجهات متعاطفة مع المسلمين وقضاياهم، فهناك من يدافعون بالأساس عن القيم التي نشأ على أساسها المجتمع الأمريكي، وهناك من يدافعون عن الدور والمكانة الأمريكية في العالم والتي تتعرض للتأكل بفعل توجهات الإدارة الجديدة، وهناك من يخشون من تنامي نفوذ اليمين المتطرف حول العالم، فضلا عمن يتنافسون سياسيا مع ترامب وحزبه.

إلا أنه في نهاية المطاف فإن هناك جبهة عريضة متشكلة ومتنامية في الولايات المتحدة وحول العالم تعمل بجد في إطار صراع مع التوجهات العنصرية الفاشستية المتنامية، وهذه تشكل فرصة ذهبية للمسلمين للانخراط في هذه الجبهة ليس فقط للاستفادة بالحمائية النسبية التي توفرها، ولكن لتشكيل تحالفات جديدة سياسية وشعبية حول العالم على أساس الدفاع عن قيم الحرية والعدل والمساواة، ومحاربة العنصرية والتطرف أيا كان مصدره، ورعاية المظلومين والمقهورين في كل مكان، وهذه ليست قيم دخيلة على الإسلام بل من صميم رسالته.

إن العالم الجديد الذي يتشكل الآن في حاجة لمن يتبنى هذه القيم ويدافع عنها في وجه القوى الظلامية التي تريد إغراق العالم في موجات من التعصب والعنصرية والدمار، وبالتالي هي فرصة للمسلمين للتفاعل مع أحرار العالم وإظهار الصورة السمحة الحقيقية للإسلام تزيل بها الانطباعات الكاذبة الناشئة عن حملات التشويه الظالمة وعن ممارسات البعض من المسلمين ممن يتسببون في طمس الصورة الحقيقية للإسلام وإظهار المسلمين بمظهر همجي متعطش للدماء بما يسمح لأعداء الإسلام بالاستناد إلى هذه الاستثناءات وتعميمها لتشمل الجميع.

إن رد الفعل المطلوب اليوم من الإسلاميين، ومن المسلمين بشكل عام، لا يتمثل في التقوقع على الذات أو اتخاذ موقف معاد للغرب بأكمله بعد الشعور بالمؤامرة على النحو السابق التفصيل فيه، ولا في الدخول في حروب وصراعات كلامية مع المتطرفين الذين لن يغير الحوار من مواقفهم العنصرية شيئا، وإنما المطلوب المزيد من التفاعل والانفتاح على ذوي الفطرة السليمة، وتبني قضاياهم مع قضايانا، وشرح المفاهيم الحقيقية المتعلقة بالإسلام ورسالته السماوية الجامعة، بعيدا عن التنظيمات والجماعات التي قد تدفع البعض للتموضع السياسي ضدها، وإنما في إطار المجتمع المدني الواسع الرحب، المحب للخير والناشر لقيم الفطرة الإنسانية النبيلة، وبذلك تتحول المحنة إلى منحه، تفتح أفاقا للعمل كانت مغلقة وتقدم حلولا لمعالجة الطبيعة المضطربة للعالم اليوم.

 

خلاصة

لقد ترتب على وصول دونالد ترامب إلى موقع الرئاسة في البيت الأبيض تعرض الإسلاميين بشكل خاص والمسلمين بشكل عام لتهديدات مباشرة وسريعة تمثلت أولا في منع دخول مواطني سبع دول ذات أغلبية مسلمة إلى الولايات المتحدة (و هو القرار الذي تم وقفه لاحقا قضائيا)، وثانيا في مشروعات قرارات تطلب من الإدارة الأمريكية تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية أجنبية، ولا تحتاج الإدارة في الواقع لمثل هذه الطلبات بل بدأت في التجهيز لاستصدار هذا التصنيف بشكل سريع، وكانت الأهداف السياسية الظاهرة خلف هذه التوجهات بالأساس تحجيم نفوذ وأثر المنظمات الإسلامية الأمريكية الصاعدة، وتحجيم العمل الإسلامي حول العالم، فضلا عن الاستجابة للضغوط الواقعة من بعض حلفاء الولايات المتحدة ممن يحملون عداوات سياسية مع الإخوان المسلمين بشكل خاص والإسلاميين بشكل عام.

وقد تعطلت القرارات الرئاسية المتعلقة، حتى حين، بضغط قانوني وحقوقي وسياسي وشعبي كبير، إلا أن البحث العميق في خلفية الرئيس ترامب ومعاونيه الرئيسيين أظهرت توجها أيديولوجيا عنصريا هاما ومعاد للإسلام، وقد يصل هذا التوجه نحو السعي لإثارة صراعات وحروب إقليمية وعالمية كما كان يقول ستيف بانون قبل التحاقه بالفريق الرئاسي، وتلقى هذه التوجهات تأييدا شعبيا معتبرا، فضلا عن رؤى عميقة جيوبوليتيكية ومستقبلية من بعض أهم الأكاديميين المؤثرين مثل جورج فريدمان، مما سيدفع في اتجاه مواصلة السعي الحثيث لإنفاذ الخطط الأولية التي تم إجهاضها.

وبذلك يمكن القول بأن الهجمة المرتقبة على المسلمين وعلى الإسلاميين مدفوعة بخليط من الأيديولوجيا ومن رؤى ساعية للهيمنة الامبراطورية، ومن رؤى سياسية منافسة، ويرى أصحاب هذه الرؤى والدوافع أن البيئة الدولية والإقليمية في الوقت الحالي مهيئة لشن مثل هذه الهجمة والانتصار فيها، خاصة في ظل ضعف وتمزق المسلمين حول العالم، والثورات المضادة التي أجهضت الموجة الأولى للربيع العربي، فضلا عن تنامي الصراعات الطائفية والعرقية، خاصة التنازع السني – الشيعي الذي ستعمل الإدارة الأمريكية الجديدة على تصعيده وتحويله إلى صراع دموي يستنزف الموارد ويجر المنطقة لعشرات السنين إلى الوراء.

إلا أن ردود الأفعال الأمريكية والدولية على كافة المستويات تظهر فرصا كثيرة أمام المسلمين للتفاعل بشكل أفضل مع كل القوى الداعمة للحرية ومقاومة الظلم، ومن ثم تكوين تحالفات تستطيع أن تواجه بشكل جاد الهجمة الشرسة الناتجة عن تصاعد اليمين المتطرف حول العالم، فضلا عن إظهار الصورة الحقيقية الناصعة عن الإسلام بدلا من الصورة الدموية الخادعة التي يروجها المتطرفون لكسب الدعم الشعبوي لأجندتهم العنصرية.

ومن أهم ما يمكن التوصية به في هذا المقام ألا تنجر الدول الإسلامية لصراعات طائفية دموية عسكرية جديدة ستدفع إليها الإدارة الأمريكية الجديدة دفعا، خصوصا بإثارة حروب جديدة بين دول الخليج وإيران تعيد للأذهان ذكرى الحرب العراقية الإيرانية، وما جرته بعد ذلك من ويلات تعاني منها المنطقة حتى يومنا هذا، فهذا السيناريو ينبغي تجنبه بشتى الطرق، أيا كانت أخطاء الأطراف المختلفة، وذلك لإجهاض مخططات من يريدون إثارة صراعات دموية طاحنة ليغيروا بها وجه العالم طبقا لرؤيتهم.

———————————————

المصادر:

(1). Ariane de Vogue and Laura Jarrett, Trump furious after court upholds block on travel ban, CNN, February 10, 2017.

(2). Connor Sephton, ‘See you in court’: President Trump loses travel ban appeal, SKY NEWS, February 10, 2017.

(3). S.68 – Muslim Brotherhood Terrorist Designation Act of 2017, 115th. Congress 1st. Session, January 9, 2017.

(4). H.R.377 – Muslim Brotherhood Terrorist Designation Act of 2017, 115th. Congress 1st. Session, January 9, 2017.

(5). Sam Knight, Trump Secretary of State Pick Compares Muslim Brotherhood to Al-Qaeda, The District Sentinel, January 11, 2017.

(6)Arjun Singh Sethi, Calling the Muslim Brotherhood a terrorist group would hurt all American Muslims, the Washington Post, February 8, 2017.

(7). Amr Darrag, between two ‘reviews’: A reading of the UK parliamentary report into political Islam, Middle East Eye, November 7, 2016.

(8). Nathan Brown and Michele Dunne, Designating the Muslim Brotherhood a Foreign Terrorist Organization may actually backfire, Carnegie Middle East Center, January 25, 2017.

(9). Yaroslav Trofimov, Blacklisting Muslim Brotherhood carries risks, The Wall Street Journal, January 26, 2017.

(10). Daniel Larison, the U.S. shouldn’t label the Muslim Brotherhood as terrorists, The American Conservative, January 26, 2017.

(11). Human Rights Watch, US: Don’t target Muslim Brotherhood, February 8, 2017.

(12). Ishaan Tharoor, why listing the Muslim Brotherhood as a terror group is a bad idea, the Washington Post, February 10, 2017.

(13). Shadi Hamid, The Muslim Brotherhood and the question of terrorism, The Atlantic, February 12, 2017.

(14). Shadi Hamid,Islamists on Islamism today: An interview with Amr Darrag, leading Muslim Brotherhood figure, Brookings,February 9, 2017.

(15). Michael German and Faiza Patel, What does it mean to designate the Muslim Brotherhood a Foreign Terrorist Organization? Just Security, January 26, 2017.

(16). Benjamin Wittes, Should the Muslim Brotherhood be designated a terrorist organization?, Lawfare, January 27, 2017.

(17). William McCants and Benjamin Wittes, Should the Muslim Brotherhood be designated a terrorist organization? Brookings,January 30, 2017.

(18). Michael German and Faiza Patel, Obcit

(19). Ed Stein, Could President Trump use the Treasury Department to go after the Muslim Brotherhood? Lawfare,February 8, 2017.

(20). Blake Hounshell and Nahal Toosi, CIA Memo: Designating Muslim Brotherhood could ‘Fuel Extremism’, Politico Magazine, February 8, 2017.

(21). Eric Trager, The U.S. should be wary about overplaying its hand, The Cipher Brief,February 9, 2017.

(22). Peter Baker, White House weighs terrorist designation for Muslim Brotherhood, The New York Times, February 7, 2017.

(23). Washington considers expanding its list of Foreign Terrorist Organizations, Stratfor, February 10, 2017.

(24). Josh Rogin, The State Department’s entire senior administrative team just resigned, the Washington Post, January 26, 2017.

(25). Nick Wadhams, Trump State Department in cone of silence for lack of staff, Bloomberg, February 7, 2017.

(26). Michael Gerson, A White House where no one is in charge, the Washington Post, February 13, 2017.

(27) حديث مع وليد فارس ، برنامج “كل يوم” –عمرو أديب _قناة أون تي في، 11 فبراير 2017

(28). Scott Shane, Matthew Rosenberg and Eric Lipton, Trump Pushes Dark View of Islam to center of U.S. policy-making, The New York Times, February 1, 2017.

(29). Rob Tornoe, Rudy Giuliani: President Trump asked me to create a legal ‘Muslim ban’, Philly, January 29, 2017.

(30). Eli Clifton, Flynn: Prophet Muhammad and Quran are “incompatible” with modernity, LobeLog foreign policy, December 6, 2016.

(31). Charles B. Anthony, Steve Bannon is preparing Trump for a holy war. No, really, Middle East Eye, February 9, 2017.

(32). Scott Shane, Matthew Rosenberg and Eric Lipton, Obcit.

(33) ترامب يعتزم تصنيف الإخوان المسلمين كـ”جماعة إرهابية”، روسيا اليوم، 9  نوفمبر 2016

(34). Flemming Rose, I Told Steve Bannon: ‘We are not at war with Islam.’ He Disagreed, The World Post, February 13, 2017.

(35). Gwynn Guilford and Nikhil Sonnad, What Steve Bannon really wants, Quartz, February 3, 2017.

(36). Gwynn Guilford and Nikhil Sonnad, Obcit.

(37). Matthew Rozsa, Donald Trump’s administration could be planning a witch hunt against “political Islam”, SALON, November 30, 2016.

(38). Uri Friedman, The coming war on ‘Radical Islam’, Defense One, November 30, 2016.

(39). David Reaboi and Kyle Shideler, Combating Political Islam, the Claremont Institute, December 9, 2016.

(40). The Editorial Board, All of Islam isn’t the enemy, The New York Times, February 9, 2017.

(41). Jonathan Freedland, First on the White House agenda – the collapse of the global order. Next, war?, The Guardian, February 4, 2017.

(42). Glenn Thrush and Jennifer Steinhauer, Stephen Miller is a ‘true believer’ behind core Trump policies, The New York Times, February 11, 2017.

(43). Glenn Thrush and Jennifer Steinhauer, Obcit.

(44). Jeremy Scahill, Notorious mercenary Erik Prince is advising Trump from the shadows, ​The Intercept, January 17, 2017.

(45). Jeremy Scahill, Obcit.

(46)David Brooks, What a failed Trump administration looks like, The New York Times, February 17, 2017.

(47). David Brooks, Obcit.

(48). George Friedman, Thinking through Trump’s views on the Islamic State, Geopolitical Futures, January 25, 2017.

(49). George Friedman, US strategies in the Middle East, Geopolitical Futures, February 8, 2017.

(50). George Friedman, Obcit.

(51). Abigail Hauslohner, This group believes Islam threatens America: ‘It’s a spiritual battle of good and evil’, The Washington Post, February 18, 2017.

(52). Abigail Hauslohner, Obcit.

(53). The Governor of Washington, Groopspeak, January 25, 2017.

(54) رسالة الأمين العام للأمم المتحدة: مكافحة التمييز ضد المسلمين وكراهيتهم، 17 يناير 2017.

(55). Karl Sharro, America, you look like an Arab country right Now, Politico, January 22, 2017.

56(). Gabriel Samuels, United States no longer ‘full democracy’ after Donald Trump election victory, says UK think-tank, The Independent, January 26, 2017.

(57) يوشكا فيشر، وداعا للغرب، موقع الجزيرة نت، 7 ديسمبر 2016

(58). Shibley Telhami, How Trump changed Americans’ view of Islam – for the better, The Washington Post, January 25, 2017.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close