fbpx
المشهد الاقتصادي

تطورات المشهد الاقتصادي 22 مايو 2017

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

تمهيد:

يتناول التقرير أهم تطورات المشهد الاقتصادي المصري ودلالات هذا التطور خلال النصف الأول من شهر مايو 2017، وذلك على النحو التالي:

أولاً: التطورات المالية:

  1. البورصة تخسر 6.1 مليار جنيه خلال أبريل ومؤشرها الرئيسي يتراجع 4.32%(1/5)
  2. صعود جمَاعي لمؤشرات البورصة في ختام التعاملات 2/5
  3. مؤشر البورصة الرئيسي يختتم مرتفعا 0.6%( 3/5)
  4. EGX30 يغلق على ارتفاع 0.8% وسط تداولات 746 مليون جنيه 4/5
  5. 1.47 % ارتفاعا بالمؤشر الرئيسي للبورصة خلال جلسات الأسبوع المنتهى 5/5
  6. البورصة تبدأ تعاملات الأسبوع على صعود لتربح 2.5 مليار جنيه 7/5
  7. البورصة تربح ٤.٥ مليار جنيه نهاية تعاملات الاثنين 8/5
  8. EGX30 يغلق مرتفعًا 0.8% بتداولات تتخطى مليار جنيه 9/5
  9. تباين مؤشرات البورصة بختام التعاملات.. وقيمة التداول تتجاوز مليار جنيه 10/5
  10. البورصة تخسر 2.2 مليار جنيه في آخر جلسات الأسبوع 11/5
  11. قانون الاستثمار يُهدي البورصة أرباحا بنحو 7.5 مليار جنيه في اسبوع
  12. البورصة تخسر 2.3 مليار جنيه في ختام تعاملات الأحد 14/5
  13. مشتريات عربية تعرز صعود البورصة لتغلق على مكاسب 1.6 مليار جنيه15/5

دلالات التطورات المالية:

  1. أداء السوق:

الأسبوع الأول

إن ارتفاع مؤشر البورصة الرئيسي في ختام تعاملات جلسات نهاية الأسبوع، جاء على خلفية نجاح غالبية الأسهم القيادية في التماسك أعلى مستويات الدعم بعد التراجعات القوية التي تعرضت لها على مدار الأسبوع قبل الماضي، وعلى رأسها سهم البنك التجاري الدولي، صاحب الوزن النسبي الأعلى، والذي نجح فى التماسك لأعلى مستوى الدعم قرب 74 جنيه ليبدأ الدخول فى حركة تصحيحية لأعلى.

وفيما يتعلق بأداء مؤشر الأسهم الصغيرة والمتوسطة فما يزال المؤشر، تسيطر عليه التحركات العرضية المائلة للهبوط بعد فشله في تجاوز مستوى المقاومة الذي سبق عند 600 نقطة ليغلق مع نهاية جلسة الخميس قرب مستوى 592 نقطة، وذلك على خلفية التحركات العرضية التي تسيطر على أداء بعض الأسهم الصغيرة والمتوسطة، وخاصة تلك الأسهم ذات الوزن النسبي العالي مع انتقائية شديدة في البعض الآخر الذى نجح في مواصلة صعوده مثل مصر لصناعة الكيماويات ومطاحن مصر الوسطى وايجيترانس.

الأسبوع الثاني:

ربح رأس المال السوقى للبورصة المصرية، نحو 7.9 مليار جنيه خلال جلسات الأسبوع المنتهى ليغلق عند مستوى 667.346 مليار جنيه، بنسبة نمو بلغت 1% عن الأسبوع الأول من مايو، وسجل مؤشر البورصة المصرية الرئيسي “إيجى إكس 30” ارتفاعًا بنسبة 1.55% ليغلق عند مستوى 12907 نقطة خلال الأسبوع الثاني من مايو، فيما تراجع مؤشر الأسهم الصغيرة والمتوسطة “إيجى إكس 70” بنسبة 0.79% ليغلق عند مستوى 587 نقطة.

وقد أرجع الخبراء تراجع المؤشر الرئيسي للبورصة، نهاية جلسات الأسبوع بعد صعوده مع بداية الجلسات إلى الاتجاه الي جنى الأرباح والذي كان ضروريا بعد صعوده من مستوي 12350 الي ما يقرب من مستوي 13050 نقطة، بالإضافة إلى التخبط بشأن موعد تطبيق ضريبة الدمغة ، والغموض بشأن التصديق على مدة تعطيل العمل بقانون الأرباح الرأسمالية على البورصة لمدة ثلاث سنوات قادمة بعد تأكيد عمرو المنير نائب وزير المالية انه تم الانتهاء من مناقشة تعديلات مشروع قانون ضريبة الدمغة بالإضافة إلي أنه قال سوف يتم الاجتماع مع مصر للمقاصة لتحديد آليات وسبل تطبيق ضريبة الدمغة.

عموماً توقف الاتجاه الصعودي للبورصة – خاصة بعد الإعلان عن تجهيز 10 شركات للطرح في البورصة قريبا-  يعود في الأساس الي هذا التخبط الذي من شأنه ان يؤثر سلبيا على أداء السوق أكثر من جني الأرباح الطبيعي، لأنه يزرع حالة من القلق وعدم الاستقرار لدي المستثمرين وبالتالي يؤدى إلى وقف تعاملاتهم حتى تتضح الرؤية مما يؤدي الي انخفاض مؤشرات البورصة وتقل أحجام التداول، وبالتأكيد تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية سيؤثر سلبيا على قيم التعاملات خلال الفترة القادمة رغم الحالة العرضية والمتذبذبة للبورصة خلال الشهر الماضي.

ويمكن التأكيد على أنه على الرغم من حالة التخبط السائدة فى السوق الا أنه مازالت الرؤية العامة ايجابية والمؤشرات صاعدة على المدي المتوسط وطويل الأجل وقد نشهد قريبا قفزات غير مسبوقة مع بداية طرح الشركات العامة الذي من المتوقع أن يُمثل حقناً إضافياً لأسباب التصاعد الحالية قد يصل بالسوق الي مؤشرات غير مسبوقة.

ملاحظات على إدارة البورصة المصرية خلال الفترة السابقة:

(أ) قرار التعويم جعل البورصة المصرية تحقق أرقامًا تاريخية جديدة، بعد قيام المستثمرين الأجانب بدور البطولة في عملية الصعود، فقد بلغت مشتريات المستثمرين الأجانب خلال شهرين بعد قرار التعويم ما يقارب نحو 6 مليارات جنيه، في حين بلغت مشترياتهم في العشر أشهر الأولي من 2016 نحو 300 مليون جنيه، مام أدي إلى تحقيق المؤشر الرئيسي EGX30 قمة جديدة وتخطية الـ 12000 نقطة.

وكان السبب الرئيس في ارتفاع الشراء صعود الدولار مقابل الجنيه، ما خلق فرصًا استثمارية جيدة، وتسبب في زيادة القوة الشرائية للمستثمرين الأجانب لاستغلال تراجع قيمة الأصول بالجنيه، في حين لو تم حساب أداء البورصة بالدولار، فسنجد أن المؤشر الرئيسي حقق خسائر بنحو25%.

(ب) إن احتفاء البورصة المصرية بالربط مع البورصات الأخرى، جاء لاعتبارات ظاهرية فقط كالانضمام إلى الاتحاد الأفروآسيوي أو الأفريقي الذي لن يكون له تأثير واقعي سوى التفاخر به، وهذا أمر لا يدرج في اعتبار المستثمرين الأجانب عند اختيارهم سوق معينة لضخ استثماراتهم، لأنهم يقيمون السوق بحسب رأس المال السوقي وحجم التداول والاستقرار السياسي والأمني، كما أن البورصة المصرية لم تستفد من الربط مع البورصات عربية سابقا، حيث أنه في ضوء العولمة لم يصبح انتقال الأموال بالأمر الصعب، فالصناديق الاستثمارية تعمل على مستوى العالم دون أهمية تذكر لعملية الربط بين البورصات.

(ج) تدخل البورصة في إيقاف عمليات وإلغاء طلبات وعروض “بمزاجها” وأشهرها حالة سهم شركة بلتون التي أصدرت الرقابة المالية قوانين مخصوصة لها أضرت بشركات أخرى لكونها تخشى من شخص واحد فقط ولا تستطيع معاقبته، ورغم امتلاك البورصة، صلاحيات وقف كود المتلاعب في الأسهم وتحويله إلى النيابة وهو ما تعجز إدارة البورصة الحالية عن فعله، عاقبت الجميع بهذا القرار”.

(د) تركت البورصة أسهما لترتفع إلى 300% في حين أنها أوقفت أسهما أخرى مثل سهم القلعة وأجواء لمجرد أنها ارتفعت ب نحو20%، فالبورصة قامت خلال الأسبوع الماضي بإلغاء عمليات البيع والشراء على سهم القلعة بعد صعوده ب نحو25% خلال أسبوع بحجة أن إرسال الميزانية رغم أنها معلنة منذ ديسمبر الماضي”.

(هـ) مصر تطبق معايير مؤشر “الداوجونز” على معايير المؤشر الرئيسي للبورصة علي  الرغم من اختلاف طبيعة السوقين، ففي بورصة نيويورك يوجد 30 سهمًا عملاقًا يمكنهم وزن المؤشر بعكس مصر التى يوجد فيها سهمين فقط يمتلك أحدهم 40% ومن ثم يجب مراعاة عدم وجود عمق في السوق، كما أن الاقتصاد المصري ناشئ، وبالتالي معادلة حساب المؤشر يجب أن تكون سعر السهم السوقي مضروبًا في عدد أسهم الشركة مضروبًا في نسبة التداول الحر مع إضافة عدد المتعاملين على السهم يوميًا مضروبًا فيما سبق.

وبذلك، فان التعبير عن السوق يجب أن يضم أسهم ومتعاملين، لا أسهم فقط، حتى لا يكون المؤشر الرئيسي صاعد والمستثمرين خاسرين، وهذا ما حدث خلال الفترة الماضية، ومن ثم التعديل الجديد يجب أن يقوم بتعديل أوزان الأسهم.

 

ثانياً: القطاع النقدي

  1. البنك الأهلي: 27 ألف حساب خلال أسبوع الشمول المالي
  2. البنك العقاري: 7500 حساب خلال 5 أيام منذ بداية أسبوع الشمول المالي
  3. البنك الدولى: مصر تحصل على مليار دولار قيمة الشريحة الثالثة ديسمبر المقبل
  4. البنك المركزي: ارتفاع الاحتياطي النقدي لـ28.64 مليار دولار نهاية أبريل
  5. الاتصالات: 184 مليار جنيه حجم ايداعات المصريين بدفاتر توفير البريد
  6. البنك المركزى: ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج لـ8 مليارات دولار خلال 5أشهر
  7. البنك الأهلى يدرس تمويلًا مشتركًا بقيمة 38 مليار جنيه لقطاع الكهرباء

دلالات القطاع النقدي

1ـ ارتفعت مديونية القطاع المصرفي المصري بنحو 55.6% خلال عام واحد فقط لتسجل نحو 4.2 مليار دولار في نهاية 2016، مقابل 2.7 مليار دولار بنهاية عام 2015، حيث قامت بنوك مصرية مؤخرا بتكثيف اقتراضها من المؤسسات الدولية مؤخراً، لتعزيز السيولة الدولارية. وتلجأ البنوك المحلية للأسواق الخارجية لتدبير العملة الصعبة لندرتها داخل البلاد، خاصة أن التمويلات الخارجية تعد أحد المصادر غير المكلفة للبنوك، بجانب طول مدتها التي قد تتخطى 15 عاماً.

2ـ وقع بنك مصر، ثاني أكبر بنك حكومي في مصر، في 15 مايو الجاري، اتفاقاً لاقتراض 500 مليون دولار مع بنك التنمية الصيني، لمدة ثماني سنوات. وأعلن البنك ان القرض سيجري استخدامه لتمويل المشروعات التي يساهم فيها شركات صينية بمصر، منها الطاقة والمعدات والإنشاءات والبنية التحتية.

ويقدر إجمالي القروض الخارجية التي اتفق البنك بشأنها، أو خاضعة للتفاوض خلال العام الجاري بنحو 2.5 مليار دولار، متضمنة الاتفاق الصيني الجديد بقيمة 500 مليون دولار، بالإضافة إلى قرضين بقيمة 750 مليون دولار من المصرف السويسري (كريدي سويس)، والصيني (آى. سى. بي. سى)، بواقع 250 مليونًا من الأول، و500 من الثاني، وتمويل بقيمة 50 مليون دولار من مصرف أبو ظبي الإسلامي، وبنوك خليجية مقرر التوقيع عليها خلال الشهر الحالي، و200 مليون دولار من البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد (أفريكسم بنك)، و500 مليون دولار من بنك الاستثمار الأوروبي.

ويسعى بنك مصر وفقا لـ”عاكف المغربي نائب رئيس مجلس ادارته” لجمع مليار دولار أخرى خلال الفترة المقبلة من الأسواق الخارجية، ويفاضل بين 3 أدوات لتحقيق ذلك، وتضم هذه الأدوات، أما طرح سندات دولية، أو الحصول على قروض مشتركة من مؤسسات دولية، أو عبر التوريق.

3ـ نمت أرصدة الديون الخارجية المستحقة على البنوك المحلية بنحو 56.5 %على أساس سنوي، لتصل إلى 4.2 مليار دولار بنهاية ديسمبر الماضي، مقارنة بـ2.7 مليار دولار عام 2015. وتشكل مديونية البنوك نسبة %6.3 من إجمالي رصيد الدين الخارجي لمصر المقدر بحوالي 67.3 مليار دولار، في ديسمبر الماضي.

4ـ يدرس البنك الأهلي المصري، أكبر بنك حكومي في مصر، طرح سندات دولية بقيمة 600 مليون دولار خلال العام الجاري، بعدما حصل على قرض بقيمة 300 مليون دولار من الأفريقي للتصدير والاستيراد لتمويل المشروعات التنموية. وقد أكد يحيى أبو الفتوح، نائب رئيس البنك في مارس الماضي، أن مصرفه يتفاوض بشكل مستمر مع جهات، ومؤسسات التمويل الدولية، للحصول على قروض خارجية لتعزيز سيولته الدولارية.

5ـ لم يقتصر اللجوء للمؤسسات الدولية لتعزيز السيولة الدولارية مقصورا على البنوك الحكومية فقط، حيث وقع بنك الإمارات دبي الوطني – مصر في فبراير 2017، اتفاقا مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية للحصول على قرض بقيمة 125 مليون دولار لتعزيز رأس ماله ودعم استراتيجيته بالسوق. ومن المتوقع في ظل أزمة الحالية للعملة الأجنبية في مصر أن تتجه بنوك أخرى في مصر للسوق الخارجية خلال الفترة المقبلة، لندرة العملات الحرة داخل البلاد وقد يكون أيضاً لتمويل استثمار أجنبي ذي عوائد دولارية، كما أنه من المتوقع خلال الفترة المقبلة التوسع من جانب البنوك المصرية في استخدام آلية السندات الدولية، للحصول على الدولار، لا سيما بعد نجاح السلطة المصرية في طرح سندات بقيمة 4 مليارات دولار في مطلع العام الجاري.

ويرى العديد من المراقبين أن توقف البنك المركزي المصري عن طرح العطاءات الدولارية الأسبوعية، بالتزامن مع تعويم الجنيه، هو أحد أهم الأسباب الدافعة للبنوك المصرية لمواصلة الاعتماد جزئيا على الخارج في تدبير العملة الصعبة.

عموماً: التمويلات الخارجية تعد أحد مصادر العملة غير المكلفة للبنوك، بجانب طول مدتها التي قد تتخطى الـ 15 عاما وهو ما يسمح للبنوك بمنح تمويلات دولارية بآجال طويلة”، ولكن المشكلة الحقيقية أن الفترة المقبلة ستشهد إطلاق العديد من المشروعات العملاقة وعلى رأسها العاصمة الإدارية الجديدة وتنمية محور قناة السويس، وهي تتطلب تمويلات دولارية بجانب التمويلات المحلية،  ولو استخدمت تلك القروض في تمويل مشروعات بنية أساسية فسيعني ذلك تجميدها وتحميل المودعين لأقساط وفوائد هذه القروض وهو ما سيؤثر بشدو علي الميزانيات المستقبلية للبنوك.

6ـ ليس هناك ما يمنع البنوك من التوجه للخارج للحصول على الدولار، شريطة أن يتمكن البنك من تشغيل أمواله بشكل جيد وصحيح، وذلك من خلال استخدام تلك القروض في الاستثمار، خاصة الذي يدر عائدا بالعملات الأجنبية حتى لا يقع البنك في مأزق تدبير العملة عند الاستحقاق، بمعني ان البنوك يجب ألا تعتمد على استخدام هذه القروض في تمويل استيراد سلع استهلاكية.

 

ثالثا: المالية العامة:

  1. وزارة المالية: عائد أذون الخزانة يرتفع لـ19.2%.. وطرح 12.2 مليار جنيه اليوم
  2. الحكومة تنفى “تغيير شكل العملة” .. الجارحى : ما يتم تداوله بهذا الشأن غير صحيح
  3. وزارة المالية تطرح غدًا أذون خزانة بقيمة 12.2 مليار جنيه 14/5
  4. المالية تطرح أذون خزانة بقيمة إجمالية بقيمة 12.2 مليار جنيه اليوم 11/5
  5. ارتفاع الاستثمارات الأجنبية في الأوراق المالية الحكومية إلى 103.6 مليار جنيه
  6. الحكومة مديونة لبنك الاستثمار القومي بـ 250 مليار جنيه
  7. وزارة المالية تطرح أذون خزانة بقيمة 12.2 مليار جنيه اليوم 4/5
  8. الحكومة تُخصص «ثُلث» ميزانية الصحة لـ«فوائد الديون»

دلالات الأخبار حول المالية العامة:

1ـ الموازنة وبنود الإنفاق:

الموازنة هي عبارة عن تقديرات لبنود الإنفاق التي ستنفقها الحكومة بالعام المالي الجديد، الذي يبدأ أول يوليو القادم وحتى نهاية يونيو من عام 2018، وعلى الجانب الآخر عرض الموارد التي تستهدف الحكومة تحقيقها خلال نفس العام المالي الجديد، وهي الموارد التي لن تكفي لمواجهة بنود الإنفاق مما ينتج عنه عجز بالموازنة، الأمر الذي سيدفع الحكومة لاقتراض ذلك القدر من العجز.

جانب الإنفاق أو الاستخدامات بالموازنة يتوقع بلوغه 1488 مليار جنيه، وهي موزعة على ثمانية أبواب أو بنود، هي أولا أجور العاملين بالحكومة، وثانيا نفقات شراء مستلزمات إدارة دولاب العمل الحكومي من مياه وإنارة وصيانة وكتب مدرسية وأدوية وغيرها، وثالثا الدعم الذي تقدمه الحكومة على بطاقات التموين والمنتجات البترولية وغيرها. ورابعا الاستثمارات الحكومية في صورة خدمات صحية وتعليمية وبنية أساسية، وخامسا الإعانات التي تقدمها الحكومة لبعض الهيئات الاقتصادية، وسادسا نفقات القوات المسلحة ونفقات اشتراك مصر بالمؤسسات الدولية، وسابعا وثامنا فوائد وأقساط الديون الخاصة بالحكومة.

وفي الأحوال الطبيعية لأي بلد يخصص لما يستفيد منه الناس من أجور واستثمارات ودعم على النصيب الأكبر من الإنفاق، لكن التوزيع النسبي للإنفاق بالموازنة الجديدة يشير إلى حجم الخلل بها، حيث النسبة الأكبر منه تتجه لفوائد وأقساط الديون بنسبة 43%. بينما الدعم بأنواعه يحصل على 22% والأجور للموظفين 16% والاستثمارات 9%، ونفقات الجيش والاشتراك بالمؤسسات الدولية 4%، ومستلزمات دواوين الحكومة 3.5% والإعانات لبعض الهيئات الاقتصادية 1%.

وهكذا يخصص 646 مليار جنيه لفوائد وأقساط الديون التي تسببت فيها الحكومة والحكومات السابقة، بينما حصلت بطاقات التموين التي يمن المسؤولين بها على المواطنين دائما، على أقل من 18 مليار جنيه، تساهم في تحقيق السلام الاجتماعى وإطعام الجياع والفقراء وتحسين الصحة العامة. كما تشير تفاصيل بنود الدعم المختلفة إلى ثبات معظم تلك البنود بنفس مخصصاتها بالعام المالي الحالي، رغم نسبة التضخم المرتفعة التي لحقت بالسوق.

2ـ ميزانية وزارة الصحة:

أعلنت الحكومة موازنة الإنفاق على قطاعات الصحة في العام المالي 2017/ 2018، بمبلغ 54 مليار جنيه بزيادة قدرها 6 مليارات جنيه عن العام الماضي، وقد نص الدستور في المادة رقم 18 على ألا يقل الإنفاق العام على الصحة عن 3% من الناتج القومي بما يقارب 82 مليارًا بعجز 28 مليار جنيه في الموازنة العامة.

ولم تكتف الحكومة بذلك بل خصصت جزءاً كبيراً من الميزانية الجديدة “لصالح تسديد فوائد الديون” والإنفاق على بنود ليست من صميم عمل قطاع الصحة بنحو 20 مليار جنيه، وذلك نفس ما حدث العام الماضي مع قطاعي الصحة والتعليم بما يقارب استقطاع 20% من الميزانية المخصصة للصحة

وبنود ميزانية الصحة تشير إلى أن الأجور والمرتبات تلتهم نحو 24 مليار جنيه، بينما خصصت 7 مليارات للإنشاءات وتطوير المنشآت الصحية، أما الجزء الثاني من الميزانية، فإنه يتعلق بالإنفاق على التأمين الصحي المخصص له نحو 4 مليارات، بالإضافة إلى 4 مليارات و200 مليون جنيه لتغطية تكلفة قرارات العلاج على نفقة الدولة، و3 مليارات لعلاج غير القادرين، و20 مليار جنيه فوائد ديون القطاعات والمؤسسات الأخرى التي سيتم إضافتها على ميزانية وزارة الصحة، هذا بالإضافة إلى ميزانية الأدوية والمستلزمات الطبية والأمصال والتطعيمات والصيانة وبرامج التدريب التي تُقدر بـ 6 مليارات و700 مليون جنيه ويجري النظر في زيادتها لاحقًا. وكانت الميزانية لا تزيد في العام الماضي عن 48 مليار جنيه، وارتفعت هذا العام إلى 54 مليار جنيه بزيادة قدرها 6 مليارات جنيه.

ولا يمكن انتظار أي تحسن في الخدمات الصحية المُقدمة للمواطنين دون زيادة حقيقية في الموازنة، فشراء الأدوية والمستلزمات الطبية الجديدة وإصلاح الأجهزة المعطلة تعني أموالًا إضافية وميزانية أكبر، وعموماً تحميل موازنة الصحة لسداد جزء من ديون مصر هو منطق غير مفهوم فضلا عن عدم، ولكن يبقي المهم هو ليس زيادة الإنفاق فقط ولكن لابد من وجود خطة محكمة لترشيده وتحسين الأوضاع بالفعل.

3ـ الموازنة وجانب الموارد

هذا الجانب مكون من خمسة أبواب، أولها الضرائب والرسوم التي تحصلها الحكومة من الأفراد والشركات، وثانيها المنح التي تحصل عليها الحكومة من جهات دولية وإقليمية. وثالثها إيرادات الحكومة من الجهات التي تملكها من هيئات اقتصادية وشركات وعامة وبنوك عامة، وما تفرضه من غرامات وما تحصله من إيرادات للخدمات التي تقدمها، ورابعها متحصلات الحكومة مما أقرضته وحصيلة مبيعات أية أصول حكومية، وخامسها هو الاقتراض الذي تسد به الحكومة عجز الموازنة خلال العام.

ويتبين المأزق الحقيقي للموازنة عندما نعرف أن الإيرادات المستهدفة تبلغ 852 مليار جنيه، من البنود الأربعة موزعة ما بين: 604 مليار جنيه من الضرائب، و230 مليار جنيه من إيرادات الجهات التي تملكها الحكومة، و18 مليار جنيه من متحصلات أقساط الإقراض ومبيعات الأصول و1 مليار جنيه من المنح.

وفي ضوء بلوغ إجمالي الإنفاق بالموازنة 1488 مليار جنيه، وبلوغ الإيرادات المستهدفة 852 مليار جنيه، فإن العجز الذي ستقرضه الحكومة خلال العام المالي الجديد يبلغ 636 مليار جنيه، وقد حددت الحكومة بالتفصيل من أين ستقترض هذا المبلغ. حيث ذكرت أنه سيتم اقتراض 631 مليار جنيه من الداخل، و5 مليار جنيه من الخارج، وسيكون التمويل المحلى موزع ما بين 450 مليار جنيه من سندات الخزانة و180.5 مليار جنيه من أذون الخزانة.

وفي ضوء هذا الاحتياج الضخم للاقتراض لن تتحقق الأرقام المعلنة للاستثمارات العامة والمقدر لها حوالي 135 مليار جنيه، مثلما حدث خلال السنوات المالية السابقة التي لم يتحقق بأي منها ما تم ذكره من استثمارات ببدايات السنوات المالية. وكالعادة لن تجد الحكومة مسارا لتحجيم العجز إلا بالجور على أجور الموظفين، أو تقليص أعداد حاملي البطاقات التموينية أو رفع أسعار المشتقات البترولية والكهرباء، أو سداد معجل للأثمان المشتريات الحكومية، ويدعم ذلك التزام الحكومة ببنود روشتة صندوق النقد الدولي التي طلبت صراحة ترشيد أجور الموظفين وأعدادهم وتقليل الدعم بكل أنواعه وزيادة الضرائب.

والغريب أن الحكومة لم تذكر شيئا عن عوائد خصخصة الشركات العامة ومساهمتها في سداد هذا العجز (أعلنت شركة ام آي كابيتال التابعة لبنك الاستثمار القومي والتي تعد شركات الحكومة للخصخصة عن انتهائها بالفعل من ملف عشر شركات جاهزة للخصخصة خلال شهر يوليو القادم) وهذه إشارة واضحة لاستخدام تلك العوائد في سداد الديون الخارجية.

وتحاول الحكومة تضخيم أرقام الناتج القومي لتخفيض نسبة العجز فتتحدث عن عجز متوقع يبلغ 9.1%، بينما نسبة إجمالي الاقتراض إلى الناتج المحلى تصل بالنسبة إلى 15.6%. لكن الأدهى من العجز ونسبته المتزايدة هو عدم طرح السلطة لأي خطة واضحة للتعامل سواء مع الديون القديمة والتي أوشكت على الثلاثة تريليونات جنيه للديون المحلية، أو حتي في التعامل مع العوار الدستوري للموازنة العامة.

 

رابعاً: القطاع الخارجي:

  1. سحر نصر توقع خطابات الشراكة المصرية اليابانية فى التعليم بقيمة 90 مليون دولار
  2. اتحاد الصناعات”: 2 مليار دولار زيادة فى حجم الصادرات بعد تعويم الجنيه

دلالات حول القطاع الخارجي:

أدى قرار تحرير سعر الصرف لزيادة حجم الصادرات المصرية للخارج بمبلغ يصل إلى 2 مليار دولار، نتيجة إعطاء فرصة أكبر للمصانع المصرية لزيادة إنتاجها فى ظل ارتفاع تكلفة استيراد المنتجات من الخارج. وارتفع حجم الصادرات من 18 مليار دولار خلال عام 2015 إلى 20 مليار دولار عام 2016

وطبقا لتصريحات وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، زادت الصادرات المصرية من الحاصلات الزراعية هذا العام بمعدل 25% عن العام الماضي، وخصوصًا البطاطس، والموالح، وهو ما اعتبره الوزير مؤشرًا جيدًا لسمعة الحاصلات الزراعية المصرية في الخارج.

ولا شك ان هناك أثرا إيجابيا لتعويم الجنيه على قيمة الصادرات بصفة عامة لا سيما الزراعية منها، وتوجد في ذلك بعض الملاحظات:

1ـ في ظل اعتماد مصر على استيراد معظم الخامات من الخارج، فان ارتفاع أسعار هذه الخامات مقومة بالدولار سيأكل الكثير من الميزة النسبية، وستبقي أجور العمال بالجنيه لتكون ما تبقي من هذه الميزة، لذلك يفضل التريث في الحكم علي قدرة الصادرات المصرية على غزو الأسواق حتى يعود السوق المصرية بصفة عامة الي وضعية التوازن خاصة فيما يتعلق بأجور العمال، وتصريف المخزون المستخدم في الإنتاج المصدر ما قبل التعويم.

2ـ زيادة الصادرات الزراعية بهذه النسبة الكبيرة أمر متوقع، بسبب التعويم، خاصة أن هذه الأرقام تعود الي الربع الأول من العام الحالي، وبالتالي كان المحصول المصدر في الأرض بالفعل عند اصدار قرار التعويم بمعني أن تكلفته لم تأخذ الأسعر الجديدة لعناصر الإنتاج في الاعتبار.

3ـ زيادة الصادرات الزراعية أمر مهم ولا شك ولكن هل من المعقول أن يحصل الأجانب والعرب على السلع المصرية بسعر أرخص مما يحصل به المصريون على سلعهم؟

 

خامساً: القطاع الحقيقي

  1. الموانئ تخسر 700 ألف حاوية في 2016
  2. فتحي: مصر للطيران خسرت مليار جنيه خلال موسم العمرة
  3. الحكومة مديونة لبنك الاستثمار القومي بـ 250 مليار جنيه
  4. نجيب ساويرس: 90% من مشاكل الاستثمار بسبب تعدد جهات منح الأراضى
  5. الإحصاء: ارتفاع التضخم في أسعار السلع الاستهلاكية لـ 32.9% خلال أبريل
  6. “منجم السكرى”: 13% تراجع في إنتاج الذهب بالربع الأول
  7. «الصناعات الهندسية»: ارتفاع الخامات المحلية سبب غلاء الأجهزة الكهربائية
  8. تقرير حكومي: استثمارات المناطق الحرة الخاصة فى مصر تجاوزت 11.3 مليار جنيه
  9. الغرفة التجارية تختصم الحكومة بسبب التوريد المستشفيات
  10. شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة: صادراتنا ارتفعت إلى 3 ملايين دولار شهريا

دلالات اقتصادية حول القطاع الحقيقي

1ـ ديون الحكومة لبنك الاستثمار القومي، ومخطط اعادة هيكلته:

بنك الاستثمار القومي، بنك حكومي مهمته الرئيسية تمويل المشروعات التنموية المدرجة في الخطة الاقتصادية والاجتماعية للحكومة، ويقوم باستثمار أموال الجهات الحكومية، ويسهم في تمويل نحو 13 شركة وهيئة خاصة، وتم نقل تبعيته فى 2012 إلى وزارة التخطيط بعد 10 سنوات من التبعية لوزارة المالية.

وقد أعلن بنك الاستثمار القومي عن خطة تهدف الي تخفيض ديون بحوالي 250 مليار جنيه متراكمة عند عدد من الوزارات والشركات الحكومية، طبقاً لآخر ميزانية كشفت عنها وزارة المالية في 2014. الديون منها 19 مليار جنيه ديون علي16 شركة مقاولات، أغلبها حكومية، ويصل حجم أعمال تلك الشركات مع الدولة خلال إلى 15 مليار جنيه.

وتصل ديون اتحاد الإذاعة والتليفزيون للبنك إلى 27 مليار جنيه، وفقاً لما صرح به أسامة هيكل، رئيس لجنة الإعلام والثقافة بمجلس النواب، والذي أشار إلى أنه يضاف إلى تلك المديونية 221 مليون جنيه تصرف شهريًا كمرتبات للموظفين في المبنى، مما يعني تضاعف المديونية.

وقد أعلن وزير التخطيط السابق أشرف العربي أن شركة «إم آى كابيتال» للاستشارات، والمملوكة بالكامل لبنك الاستثمار، تعد دراسة كبيرة لإعادة هيكلة البنك بشكل كامل، لكي يلعب دوراً جديدا خلال الفترة المقبلة.

ويري خبراء اقتصاديون إن دور البنك ليس مفهومًا، ولا يخضع لمراقبة البنك المركزي، وليس له جمعية عمومية، وليس عضوًا في اتحاد البنوك، وإنما يدار عن طريق تعيين مجلس إدارة يقوم بتعينه رئيس الحكومة، مشيرين إلى أن البنك هو المشرف على حركة أموال الدولة بالكامل، وإنشاء المشروعات القومية، كما أن البنك عانى من المشروعات الحكومية، والتي أثقلت كاهله بالديون نتيجة تعثر هذه الشركات

والحقيقة ان إعادة هيكلة البنك أعلن سببها الرئيسي خيري الفقي الخبير السابق بصندوق النقد الدولي وهي علي حد قوله ( ليلعب دوراً أكثر في عجلة التنمية من خلال إدارة الأصول المملوكة للدولة من شركات الأعمال العام والهيئات الاقتصادية التابعة للدولة، والتي تبلغ حوالي 125 شركة و51 هيئة اقتصادية، خاصة أن هذه الأصول المملوكة للدولة تحتاج إلى إدارة ترشيدية عن طريق البنك في تعزيز معدل الناتج المحلي وتعظيم إنتاجية الشركات وتوظيف وتشغيل قطاع الأعمال) إذاً فالدور المخطط للبنك هو الاعداد لخصخصة ما تبقي من القطاع العام وقطاع الأعمال العام، وتراكم الديون هو المبرر التسويقي للهدف الرئيس.

2ـ قانون الاستثمار الجديد

(أ) يعيد العمل بنظام المزايا الضريبية التي تفتح أبواب التلاعب والفساد، وتضيع على البلد موارد ضريبية هي في أمس الحاجة إليها لمواجهة تحديات التنمية في ظل عجز الموازنة العامة وفرض ضرائب باهظة على المواطنين. والامتيازات الضريبية لم تعد جاذبة للاستثمار، وإن كانت مكوناً من مكونات قراره، لكن المستثمر الأجنبي بات على قناعة بأن ما لن يدفعه في هذا البلد من ضرائب سيدفعه في بلده، في بادرة كريمة من دولة فقيرة للتخلي عن جانب مهم من إيراداتها الضريبية.

إلي جانب منح المستثمر الأرض بالمجان، وإعفاؤه من الضرائب 10 سنوات، منحه القانون للمستثمر 50% دعما للطاقة التي يستخدمها، بجانب إعفاء الآلات والمعدات والسلع الرأسمالية اللازمة للمشروعات من كافة الرسوم والجمارك والضرائب.

(ب) القانون أعفي المستثمر من سداد ضريبة الدخل بنسبة 50 % من الضرائب المقررة على الأفراد والشركات لمدة 10 سنوات، كما أعطي للمستثمر الحق في تحويل الأرباح إلى الخارج دون قيود، كما أن القانون يعفي المستثمر من تحمل حصة صاحب العمل من نسبة التأمينات على العمالة لديه لمدة 10 سنوات، وتتحملها الحكومة نيابة عنه، وفي نفس يعطيه القانون حق استقدام عمالة من الخارج بنسبة 20 في المئة، إلى جانب الحق في تصفية مشروعه في أي وقت.

(ج) القانون سيؤدي إلى مزيد من التعقيد في نظام منح التراخيص وتخصيص أراضي الاستثمار بسبب التنازع في الصلاحيات بين الوزارات والهيئات المختلفة، أما النافذة الواحدة فتجمع خلفها ممثلو ما يزيد على خمسين جهة، لا لشيء إلا لتلقّى الطلبات، ثم يعود كل «مندوب» إلى جهته ليمر عبر دورة عمل عقيمة ومربكة لم يفكر أحد فى محاولة تلخيصها، الشركة سوف تنشأ فى يومين أو ثلاثة كما هو الحال حالياً، لكن تصاريح وموافقات التشغيل سوف تصطدم بذات المعوقات التي لم يقل أحد كيف سنعالجها.

(د) أعطي القانون أحقية للمستثمر في ملكية الأرض، والإعفاءات الضريبية على صافي المال، وبالتالي سيأخذ إعفاء ضريبي على الأرض التي حصل عليها مجاناً، بالإضافة إلى منحه الإقامة، وبعد 5 سنوات يمكنه الحصول على الأرض، ثم يمكنه استقدام 20% عمالة متدربة. كما أن القانون يغير من طبيعة هيئة الاستثمار بجعلها هيئة رقابية وتابعة لوزارة الاستثمار بعد أن كانت من قبل هيئة مستقلة ومعنية فقط بالترويج وتيسير المعاملات الاستثمارية.

أخيرا يمكن القول إن العوائق والمشكلات الكبرى التي تعترض تدفق الاستثمارات إلى مصر ليست مما يمكن معالجته في إطار قانون الاستثمار، بل تتعلق بقوانين وسياسات أخرى على رأسها عدم وضوح التوجه الاقتصادي للدولة، وضعف نظام التقاضي، والتدخل الواسع للدولة بأجهزتها المدنية والعسكرية في منافسة القطاع الخاص حتى فيما لا يمس الأمن القومي أو السلع الاستراتيجية. كما أن قانون الاستثمار لم يحقق الغرض المعلن، بل كان فرصة لجماعات المصالح المختلفة لفتح مواد بعينها تحقيقاً لمصالحهم، هذا من ناحية.

ومن ناحية ثانية، فإن مصر في حاجة أكبر من القانون إلى حوكمة الجهات المتعاملة مع المستثمر على نحو يضمن حقوقه، ويضمن أيضاً لمصر أكبر استفادة ممكنة من عوائد هذا الاستثمار، وكذلك في حاجة إلى ضبط سلوك الموظف الصغير والكبير لدى تعامله مع طلبات الاستثمار، لوقف نزيف الفساد والبيروقراطية المعوّقة، بالإضافة إلى الحاجة إلى ما يعرف بـ “الخريطة الاستثمارية” والمعاملات التفضيلية لبعض الأقاليم والأنشطة، ومراعاة قواعد وأصول الاستدامة، وتحسين آلية فض المنازعات، وميكنة العمليات.

 

سادسا: أخري:

المشروعات العاملة في المناطق الحرة:

عدد المشروعات العاملة بنظام المناطق الحرة الخاصة فى مصر بلغ حتى 31 مارس الماضي 209 مشروعا، برؤوس أموال تجاوزت 5 مليارات دولار، وتكاليف استثمارية تجاوزت 11.3 مليار دولار، وتُوفر مشروعات المناطق الحرة ما يقرب من 83 ألف فرصة عمل مصرية مباشرة بأجور سنوية تقدر بـ 95 مليون دولار، بخلاف فرص العمل غير المباشرة التي تستفيد من خدماتها هذه المشروعات.

كما تساهم في تنمية موارد الخزانة العامة من النقد الأجنبي من الرسوم التي قامت الهيئة العامة للاستثمار بتحصيلها من مشروعات المناطق الحرة الخاصة وتم إيداعها بالبنك المركزي المصري بقيمة بلغت 30.8 مليون دولار خلال عام 2016، بخلاف حصيلة الصادرات المودعة بحسابات مشروعاتها بالجهاز المصرفي للدولة. وساهمت في تجهيز ما يزيد على 10 آلاف فدان (تعادل 4 أضعاف المساحات الإجمالية للمناطق الحرة العامة التي تتحمل الدولة تكلفة تجهيزها بالمرافق والبنية التحتية) بتكلفة تجاوزت 11 مليار دولار بالبنية الأساسية وخطوط الإنتاج والتجهيزات التي تمكن مشروعات المناطق الحرة الخاصة من مزاولة نشاطها. كذلك ساهمت مشروعات المناطق الحرة الخاصة فى الحد من العجز فى ميزان المعاملات الخارجية للبلاد (الميزان التجاري) خلال عام 2016 بفائض (ما بين وارداتها وصادراتها) بلغ قيمته 188 مليون دولار.

وقد استحوذت المناطق الحرة الخاصة على نسبة 9.4% من حجم الصادرات السلعية غير البترولية الخارجية للبلاد بقيمة بلغت 1560 مليون دولار خلال العام المالي 2015/2016، كما استحوذت على نسبة 13.8% من إجمالي الصادرات الصناعية الخارجية للبلاد بقيمة بلغت 1532 مليون دولار خلال العام المالي 2015/2016، كما استحوذت على نسبة 15.3% من الصادرات الخارجية للبلاد من الملابس الجاهزة.

هذا بالإضافة إلى مساهمتها بحصيلة العملات الحرة من صادرات مشروعات المناطق الحرة الخاصة إلى خارج البلاد والسيولة التي تستخدمها هذه المشروعات في إدارة رأسمالها العامل، التي يتم إيداعها بالبنوك داخل البلاد وتصب في زيادة احتياطي النقد الأجنبي وبخزانة البنك المركزي، والحصيلة التي تسدد بالسعر الحر (قبل الدعم) لما تقوم باستهلاكه مشروعات المناطق الحرة من خدمات ومرافق الدولة (كهرباء، مياه وصرف صحي، غاز طبيعي، وقود… الخ) والتي قُدرت عام 2015 بما يقرب من 1.8 مليار دولا.

أما المشكلة الرئيسية التي بسببها نادي البعض بإلغاء المناطق الحرة من قانون الاستثمار الجديد هي أن المصانع التي تعمل في هذه المناطق تعمل في نشاط التجميع، فتدخل سلع علي شكل قطع، معفاة من الجمارك او بقيم جمارك منخفضة – مثل التوكتوك وشاشات التليفزيون والثلاجات وغيرها مما لا يتطلب تجميعها جهدا او تقنية أو وقتاً، مما يعتبره الكثيرين تهربا من الجمارك، خاصة في ظل تمتع بعض هذه المشروعات بنفوذ احتكاري من بعض مؤسسات الدولة، وبالتالي تضيع علي الخزانة العامة الكثير من الأموال علاوة علي ضياع أموال وجهد استثماري دونما إضافة تذكر للإنتاج او نقل خبرات وتكنولوجيا للعمال.

 

قراءة في توقع معدل التضخم في مصر في النصف الثاني لعام 2017

شهد معدل التضخم الشهري لشهر ابريل الماضي تراجعا من 2.1% في مارس إلى 1.8% في إبريل، روغم ذلك، تباطأت وتيرة التراجع شهرياً نظراً للعوامل الموسمية المتعلقة بشهر رمضان وارتفاع اسعار الخضروات والتي أدت إلى رفع أسعار السلع الغذائية بشكل طفيف. أما عن احتمال استمرارية صعود معدل التضخم فتوجد ثلاثة عوامل تشكل المخاطر الصعودية لمعدلات التضخم يمكن مناقشتها كما يلي:

1ـ رفع تسعيرة الكهرباء: من الملاحظ أن “الإسكان، الماء، الكهرباء، الغاز وغيره من الوقود” يمثلون 18.4% من الوزن النسبي لسلة متوسط الاستهلاك في معادلة حساب التضخم، من ثم، فإن رفع تعريفة الكهرباء سيكون له تأثير محدود وقصير المدى على المستوى العام للأسعار، إضافة إلى ذلك، يستهدف رفع تعريفة الكهرباء الشريحة عالية الاستهلاك الي حد كبير، مما يساعد على الحد من آثارها التضخمية على الشرائح منخفضة الاستهلاك.

2ـ زيادة ضريبة القيمة المضافة من 13% إلى 14%: من المتوقع أن يكون أثرها محدوداً على الأسعار مقارنة بالعام الماضي عندما فُرضت لأول مرة على الكثير من الخدمات بمعدل مرتفع (بلغت الضريبة على السلع والخدمات 10%).

3ـ الزيادة الجديدة في أسعار الوقود: في ضوء الحصول على حزمة جديدة من قرض صندوق النقد الدولي، مع المستوى الحالي لسعر صرف الجنيه المصري، إلى جانب الرؤية المستقبلية لأسعار النفط، وطبقا لتصريحات متواترة عن وزير البترول ونوابه، فانه من المتوقع تعديل أسعار الوقود للمستهلكين. ولأن أسعار منتجات الوقود تؤثر على أسعار منتجات مختلفة، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، فستؤدي إلى ارتفاع التضخم بوقع زيادة التكاليف، وكذلك، فإنه قد يدعم الضغوط التضخمية من على جانب الطلب كذلك.

إذا يمكن القول أننا بصدد الحديث عن زيادة لمعدل التضخم، وحتي لو أجلت زيادة أسعار الوقود لأسباب سياسية فذلك يعني التأجيل لأشهر وليس إلغاء الفكرة، وبالتالي فإن أي حديث عن تراجع الأسعر في النصف الثاني من العام الحالي لا يعدوا كونه لعبا علي مشاعر الجماهير، التي الهبتها الأسعار، ويعتبر الحفاظ علي المستوي الحالي السائد للأسعار هو أكبر الطموحات الممكنة في ظل الأزمة الحالية (1).

———————————–

الهامش

(1) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close