fbpx
تقديراتعسكري

مصر: دلالات ترقية قائد الحرس الجمهوري

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

 

تمهيد:

في 17 ديسمبر 2016، أصدر عبد الفتاح السيسي قراراً بتعيين الفريق عبد المنعم إبراهيم التراس، مستشاراً لرئيس الجمهورية للشؤون العسكرية، وتعيين اللواء أركان حرب علي، قائدا لقوات الدفاع الجوي بدلا من التراس، وتعيين الفريق أسامة منير نائباً لرئيس هيئة قناة السويس، وتعيين اللواء أركان حرب بحري أحمد خالد حسن قائدا للقوات البحرية بدلا عن منير، كما تم تغيير اللواء توحيد توفيق رئيس هيئة العمليات بالقوات المسلحة، واللواء محمد سليمان الزملوط قائد المنطقة الشمالية العسكرية والمتحدث العسكري العقيد محمد سمير، وهو ما تم تناوله بالتحليل في تقرير نشره المعهد المصري للدراسات بعنوان “مصر: المجلس العسكري ـ أبعاد التفكيك والتركيب“، ولم يمر شهر على هذه التغييرات حتى قام السيسي بالتصديق في 18 يناير 2017 على ترقية اللواء أركان حرب محمد أحمد زكى، قائد الحرس الجمهوري إلى رتبة فريق1.

وهو ما أثار العديد من التساؤلات حول أبعاد ودلالات هذه الترقية، وتوقيتها، وهو ما يتناوله هذا التقرير.

أولاً: دور قائد الحرس:

يمكن التمييز في إطار الدور الذي قام اللواء محمد زكى منذ 25 يناير 2011 وحتى تمت ترقيته بين مرحلتين أساسيتين:

الأولي: بين 11 فبراير 2011 وحتى الانقلاب العسكري:

كان اللواء زكي يشغل منصب قائد وحدات المظلات في الفترة التي تولي فيها المشير طنطاوي إدارة الحكم في مصر بعد ثورة يناير 2011، قبل أن يُنتدب للعمل كقائد لوحدات الحرس الجمهوري في العام الأول من حكم الدكتور محمد مرسى2، وكانت المهمة المعلنة لكتائب قوات المظلات بعد أحداث محمد محمود في نهاية عام 2011م، هي تأمين مباني مجالس الشعب والشورى والوزراء بالإضافة إلى مبنى “المجمع العلمي”.

ولكن الدور الذي قامت به كان مغايراً لما تم الإعلان عنه، فهذه القوات قامت بدور خطير في قمع الثورة وقتل الثوار والمعتصمين وسحلهم وتعذيبهم وتعرية البنات والتحرش بهم جنسياً بشكل ممنهج، بالإضافة لإقامة سلخانات للتعذيب داخل قبو وممرات مباني مجلسي الشعب والشورى، فيما عُرف بموقعة مجلس الوزراء ديسمبر 2011.

ووفق العديد من التقارير والشهادات التي ظهرت آنذاك، كان اللواء محمد زكى هو المتهم الأول في إحراق المجمع العلمي3، بصفته المكلف بتأمين المبنى والمثبت بالفيديوهات أن قواته قد اعتلت سطح المبنى الأثري والقت الحجارة وكسر الرخام والمولوتوف على المتظاهرين، وأن خبر إحراق المجمع تمت إذاعته على لسان خيري رمضان قبل حرقة ب 24 ساعة، وجاء في تقرير المعمل الجنائي الذي أعلنته النيابة أن حريق المجمع العلمي جاء من الداخل وليس من الخارج. وقد رفض اللواء محمد زكى المثول أمام قاضى التحقيق في قضية إحراق المجمع العلمي حتى يومنا هذا، وتوارت القضية عن المباشرة وحفظت في الأرشيف (إلى حين).

وفى 8 أغسطس 2012 قام الرئيس محمد مرسى، بتعيين اللواء زكي قائداً لوحدات الحرس الجمهوري التي من المفترض أنها تتلقي أوامرها كن الرئيس مرسى فقط، وقد تمت تزكيته من طنطاوي وعنان. لكن في حقيقة الأمر أن محمد زكي كان شديد الولاء لمبارك وطنطاوي ومن بعدهم السيسي لذلك تفاني في قمع الثورة وقتل الثوار تنفيذاً لأوامر المجلس العسكري.

وطبقا لتقرير لجنة تقصي الحقائق4 التي شكلها الرئيس مرسي عقب توليه السلطة في 30 يونيو 2012، حول أحداث ثورة يناير، وما تلاها، فإن التقرير قال إن قوات المظلات بالجيش “التي يرأسها اللواء محمد زكي” وقوات من الشرطة استخدموا “القوة المفرطة” ضد المتظاهرين، خلال أحداث محمد محمود الأولى ومجلس الوزراء “نوفمبر – ديسمبر 2011”.

 

المرحلة الثانية: ما بعد انقلاب 3 يوليو 2013:

قام قائد الحرس الجمهوري بقتل 61 من مؤيدي الرئيس محمد مرسى يوم 8 يوليو2013 وادعى السيسي في ذلك الوقت أنهم كانوا ينوون اقتحام نادى الحرس الجمهوري وإخراج مرسى، بينما كان تم نقل مرسى من الحرس الجمهوري يوم 5 يوليو2013.

وقد عمل اللواء “محمد زكي” بعد ما أبقي عليه السيسي قائداً للحرس الجمهوري على إعادة هيكلة الحرس الجمهوري، حيث شكل لواءين، كل لواء يضم 6 كتائب، الكتيبة بها قرابة 600 جندي، وأشرف على كل مراسم تأمين واستقبال السيسي، وكان في استقباله في حفل التسليم والتسلم، ويتولى فتح القصر قبل وصول السيسي، ويعرف عن “زكي” أنه منذ قدوم السيسي وهو يتلقى موعد ومكان زيارة السيسي قبل موعدها بمدة 3 أيام، ويتولى بنفسه استطلاع المكان أولا، ثم يرسل في اليوم التالي فريقًا شاملًا من وحدة مهندسي الحرس الجمهوري المتخصصين في كل المجالات من مفرقعات وكشف تنصت واتصالات ومفرقعات وحرب إلكترونية وغيرها لمسح الموقع وتأمينه، ضد أي أخطار ويرفع تقريرًا، وبعدها ويتسلم المكان.

 

ثانياً: تفسيرات ودلالات ترقية زكي:

هناك عدة تفسيرات برزت خلف ترقية قائد الحرس الجمهوري في ذلك التوقيت، من بينها:

التفسير الأول: محاولة من السيسي طمأنة رجاله داخل المؤسسة العسكرية الذين وقفوا ونفذوا معه الانقلاب العسكري، حيث يدار داخل المؤسسة العسكرية مقولة أن السيسي يطيح بشركائه في المجلس العسكري، الذين يمكن أن يشكلوا خطراً مستقبلياً عليه، وكنوع من فرض السيطرة على المجلس العسكري والمؤسسة العسكرية ككل، وبترقية “محمد زكي” يعطي السيسي إشارة تطمين إلى من ينتمون له داخل المؤسسة العسكرية أنه مازال يحافظ على شركائه والذين لا يفكرون بعيدا.

 

التفسير الثاني: تكريم زكي نتيجة الدور الذي قام به في خيانة الدكتور محمد مرسي، حيث تخاذل في حمايته في أكثر من موقف، الموقف الأول أثناء أحداث الاتحادية في شهر ديسمبر 2012 وبناء عليه تعرض الرئيس “مرسي” للخطر، والموقف الثاني كان يوم 3 يوليو الذي انقلب فيه السيسي علي الرئيس محمد مرسي، وكان زكي من ضمن المشاركين في الانقلاب.

 

التفسير الثالث: أن السيسي يعمل على تصعيد الشخصيات الضعيفة داخل المؤسسة العسكرية نوعا ما كي يستطيع التحكم فيها وإخضاعها وكي لا تكون عندها تطلعات سياسية، وذلك تماشيا مع مصالح السيسي الشخصية ورغبته في إحكام هيمنته على المؤسسة العسكرية.

إلا أن هذا التفسير يعني أن ما يقوم به السيسي من تغييرات من شأنه أن يخلق حالة من القلق وعدم الاستقرار داخل المؤسسة العسكرية وتحديدا على مستوي القيادات العليا كقادة الأفرع الرئيسية وقادة الجيوش الثاني والثالث الميداني وقادة المناطق العسكرية لأن السيسي لم يقم بترقية أي منهم لرتبة فريق بل معظمهم حاصلين على رتبة لواء فقط، بخلاف وزير الدفاع صدقي صبحي والحاصل على رتبة فريق أول ورئيس الأركان محمود حجازي والحاصل على رتبة فريق وقائد القوات الجوية الفريق يونس المصري وبترقية “زكي” يصبح أكبر رابع رتبة عسكرية داخل المؤسسة العسكرية والأيام القادمة ستبين لنا إلي مدي ستصل هذه البلبلة بين القيادات داخل المؤسسة العسكرية.

ويوضح الجدول التالي أكبر خمسة قيادات عسكرية داخل المؤسسة العسكرية حالياً:

التفسير الرابع: يقوم على أن هذه الترقية تأتي مقدمة لدور قريب للفريق “محمد زكي” في منصب أعلي آخر داخل المؤسسة العسكرية يمكنه بأن يكون أحد أعضاء المجلس العسكري، لأن قائد الحرس الجمهوري ليس عضواً بالمجلس العسكري. وبالعودة للتاريخ نجد أن عدداً من قادة سلاح الحرس الجمهوري، تمت ترقيتهم من رتبة اللواء إلى الفريق منتقلين لقيادة رئاسة الأركان، وهؤلاء هم: اللواء مجدي حتاتة الذي تولي رئاسة الحرس بين عام 1993 وعام 1995، ثم رقي لرتبة “فريق” وتولي رئاسة الأركان بين عامي 1995 و2001، واللواء حمدي وهيبة الذي تولي رئاسة الحرس بين 1999 و2001، ثم رئاسة الأركان من 2001 إلى 2005، وقبلهما تولى المشير محمد حسين طنطاوي، رئاسة الحرس الجمهوري للرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، ثم تولى رئاسة هيئة عمليات القوات المسلحة، ثم قائدا عاما للقوات المسلحة ووزيرا للدفاع في 1991 برتبة فريق.

التفسير الخامس: أن مسئولية حماية السيسي هي المسئولية الأولي للفريق “محمد زكي” لأنه من ضمن مهام قائد الحرس الجمهوري واختصاصاته، تولى مسئولية تأمين رئيس الجمهورية وأسرته ومقار الإقامة والقصور الرئاسية، وجميع تحركات رئيس الجمهورية، ومن هنا جاءت الترقية من باب حرص السيسي علي كسب مزيد من ولاء زكي، وخاصة مع وجود تقارير تشير إلى حالة من الصراع الخفي بين القيادات العسكرية داخل الجيش المصري، كان من مؤشراتها القادة العسكريين الذين أطاح بهم السيسي في الفترة الأخيرة. وإن صحت تلك التقارير فإن السيسي يعمل على كسب أقرب رجل إليه وإلى عائلته خوفاً على حياته، إذا أرادت مجموعة ما عمل أي شيء داخل المؤسسة العسكرية.

 

خلاصة:

التعدد في التفسيرات لا يعني صلاحية أحدها دون الآخر، ولكن تبقى كل الاحتمالات والتفسيرات قائمة، مع إمكانية أن تكون جميعها تمت مراعاتها عند اتخاذ قرار بهذا الحجم وفي هذا التوقيت (5).

—————————————-

الهامش

(1) السيسي يصدق على ترقية قائد الحرس الجمهوري لرتبة فريق، بوابة الأهرام، 18 يناير 2017، الرابط

(2) مرسي يعين قائدا جديدا للحرس الجمهوري/ الرابط

(3) تعرف على اللواء محمد احمد زكي قائد وحدات الحرس الجمهوري/ الرابط

(4) الجيش تورط في قتل متظاهري محمد محمود (مسرب) /الرابط

(5) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close