fbpx
تقديراتعسكري

ندوات العسكر: رسائل السيسي للجيش والشعب

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

 

تمهيد:

يوم الخميس الموافق 09 فبراير 2017م، شارك قائد الانقلاب العسكري في مصر، عبد الفتاح السيسي في الندوة التثقيفية الرابعة والعشرين التي نظمتها إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة المصرية تحت عنوان “مجابهة الإرهاب -إرادة أمة”1. والذي عمد فيها على إرسال رسائل لقيادات المؤسسة العسكرية من ناحية وللشعب من ناحية أخرى:

أولاً: وقائع الندوة:

عمل السيسي بعد الإنقلاب العسكري علي حضور الندوات التثقيفية التي تنظمها إدارة الشئون المعنوية لإفراد وضباط القوات المسلحة، ويرافقه فيها قادة القوات المسلحة وعدد من قيادات وزارة الداخلية وعدد من الوزراء والإعلامين ورجال الدين، ورافق السيسي تلك المرة في الندوة ال24 كلا من رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء، ووزراء الدفاع والإنتاج الحربي والداخلية وعدد من الوزراء، بالإضافة إلى رئيس أركان حرب القوات المسلحة وقادة الأفرع الرئيسية، وعدد من كبار قادة القوات المسلحة والشرطة، بالإضافة إلى العديد من الاعلاميين والشخصيات العامة.

شهدت الندوة التثقيفية الـ 24 عدة فقرات، كان أبرزها عرض فيلم تسجيلي أعدته إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة تحت عنوان “حرب وجود”، والقاء محاضرتين لكلا من الشيخ “الحبيب بن علي الجفري والكاتب “د. عبد المنعم السعيد” رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام الأسبق، وكلمة القاها الرائد كريم بدر المصاب في أحداث الرفاعي في سيناء في منتصف عام 2015، وعرض قدمه اللواء محمد فرج الشحات مدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع حول الجهود المبذولة لمكافحة الاٍرهاب على مختلف الاتجاهات الاستراتيجية.

1ـ فيلم “حرب وجود”2:

قام بتسليط الضوء على الأحداث الجارية الآن في كل من سوريا والعراق واليمن وليبيا، وعلى ما تتعرض له مصر من مخاطر وتحديات، ودور الجيش والشرطة في مواجهة “الإرهاب”. وهو ما علق علية السيسي بقوله: “أخبث وأدهى وسيلة لتدمير الدول هي الإرهاب، مهم أوي إن إحنا كمصريين نفهم، وإلى بيسمعنا في كل حتة في الدنيا، أخبث وأدهى وسيلة لتدمير الدول مش تدمير أنظمة ده بيدمر الدولة تماما ببلاش”. وأضاف: “مين يقدر يضرب سوريا كده، مين يقدر يضرب ليبيا كده، مين يقدر يضرب العراق كده، مين يقدر يضرب اليمن كده، الإرهاب بس يقدر ويقدر يضرب سنة وأكثر، ده أول رسالة لينا كلنا”. ثم قام بتوجيه كلامه لضباط الجيش بقوله: “الرسالة اللي عاوز أقولها للجيش اللي موجود دلوقتي: عرفت قد إيه عِظم وشرف مٌهمتك؟ عِرفت قد إيه أنت والشرطة قدسية مهمتك؟ إنت مش بتنتصر على عدو، إنت بتحمي شعب، بتحمي دولة من الضياع، بتحمي أمة من التشرذم، بتحمي دين أو فكرة الدين”.

2ـ محاضرة “الحبيب بن علي الجفري”:

كانت تحت اسم “الجند الغربي والنجاة من الفتن”3 والتي فسر فيها حديث الرسول “صلي الله علية وسلم” “تكون فتنة أسلم الناس فيها الجند الغربي” بأن المقصود بالجند الغربي هو الجندي المصري، وتابع الجفري، من الشواهد علي أن “الرسول” يقصد مصر قوله صلي الله عليه وسلم ” أتقوا الله في القبطي”، تم قام الجفري بتوجيه رسالة الي الجيش المصري، حيث قال: “عقيدة الجيش المصري هي الولاء، فأنتم في مصر قد لا تدركون قيمة أن تعيشوا في كنف دولة قائمة وجيش ولائه واحد، أخوكم من بلاد لم تعد فيها دولة، حيث أعيش في دولة دمرت بمشاركة من جيشها الذي انقسم على نفسه”.

وهنا جاء رد السيسي تعقيبا على كلام “الجفري” حيث أكد حرصه في الوقت السابق طوال الوقت على عدم استدعاء مواجهة مع أي أحد من أجل الحفاظ على ثبات مصر، مشيرا إلى أن هناك أشخاص لهم توجهات داخل الجيش، ولكن هذا الأمر ليس مقبولا في الجيش أو الشرطة. وتابع السيسي، “اللي داخل الجيش والشرطة إما يكون مع بلده بس إما بلاش. وداخل الجيش لا يمكن أن نسمح أن يبقى في حد له توجه، واللي هيبان عليه توجه هنمشية وده أمر معمول به منذ أكثر من 30 سنة”.

وأضاف: “منذ أربع سنوات ونصف طلب مني السماح بدخول فئات معينة للجيش، ورفضت وقتها وقلت لن يدخل أحد الجيش سوى المصري الذي ليس له أي توجهات”. وتابع: “قلت وقتها طول ما أنا موجود لن يدخل الجيش المصري سوى المصري فقط، وهذا ما حمى مصر؛ لأنه لو كان بالجيش أحد له توجه معين لوقف مع توجهه هذا”.

3ـ محاضرة عبد المنعم سعيد:

كانت تحت عنوان “أساليب أهل الشر في تثبيط الهمم”4، وحدد، ثلاثة أسئلة ناقشها في كلمته، وهي: «من هم أهل الشر؟ وثانيا: ما التحدي الذي تواجهه مصر؟ وثالثا: كيف يمكن الاستجابة لهذا التحدي؟» وأما عن السؤال الأول أوضح أن مصطلح محور الشر الذي يستخدمه السيسي «يشير إلى الجماعات والدول التي تحارب الدولة المصرية منذ 30 يونيو 2013. وقال إن «محور (أهل الشر) يخوض حربا نفسية مكتملة الأركان ضد الدولة والشعب المصري غرضها تشويه ما تقوم به الدولة، ومحاولة (هز الثقة) لدى الشعب تجاه النظام، وانتقل “السعيد” في كلمته إلى سؤال آخر عن كيفية مواجهة «الحرب التي يشنها محور أهل الشر».

وقال: «إن مواجهة تلك الحرب القائمة على (الدعاية السوداء) لابد أن ترتكز على دعامتين أساسيتين: الأولى دفاعية بمعنى حملة للدعاية المضادة، والثانية هجومية بمعنى الضغط على أهل الشر وإبقائهم في خانة الدفاع عن أنفسهم بشكل مستمر، ودعا في آخر كلمته إلى «تبنى استراتيجية لتسويق مصر، من خلال تبنى عملية طويلة المدى تستعيد فيها الدولة صورتها الإيجابية المستمدة من تاريخها القديم.

وبعد انتهاء “سعيد” من المحاضرة، قال السيسي: “حالة التشكيك مبدأتش قريب ولكنها من فترة كبيرة في ناس عايشه معانا تقلل من أي جهد، أنا بقول على مدى أربعين خمسين عاما وبيقدموا أنفسهم على أنهم أصحاب الحقيقة والحق والمصلحة، وده مش حقيقي لأن التحديات اللي جوه مصر أكبر من أي حد، وأنا قلت الكلام ده قبل كده أثناء الحملة، قلت: إن التحدي اللي جوه مصر أكبر من الرئيس وأكبر من الحكومة ولكن مش أكبر من الشعب المصري، التحدي اللي موجود جوه مصر أكبر من الرئيس لوحده، وأكبر من الحكومة لوحدها وأكبر من المؤسسات، ومن الدولة لوحدها، ولكن مش أكبر من إرادة الشعب المصري كله مع بعض”. وقام بتوجيه دعوة للشعب المصري بأنه يجب أن يكون حذر لتلك المحاولات، وأضاف: “إحنا في حرب حقيقية للحفاظ على هذه الدولة حتى لا تكون مثل الدول الأخرى”.

4ـ مداخلة كريم بدر:

تقدم أحد مصابي هجوم كمين الرفاعي بالشيخ زويد والذي فقد فيها أحد ذراعيه، الرائد مقاتل كريم بدر ليروي تفاصيل الحادث أمام الحضور، وتم عرض فيلم تسجيلي يروى تفاصيل مقتل أحد قتلي حادث كمائن الرفاعي بالشيخ زويد، وهو الملازم محمد أحمد عبده، وحديث والدته عن اللحظات الأخيرة قبل وفاة نجلها في الحادث، وقام كلا من السيسي وصدقي صبحي بالبكاء أمام الكاميرات، تأثراً من كلام كلا من والدة القتيل والمصاب “بدر”5.

وعقب السيسي بعد المداخلتين، وكانت أهم مقولاته: “أحب أفكر المصريين أن معركة كمائن الرفاعي التي وقعت في شهر 7 لعام 2015 كانت معركة فاصلة، وكان الهدف منها إعلان ولاية سيناء، وكان حجم الهجوم على جميع الكمائن في وقت واحد تقريبا، وأيضا حدث تشكيك في هذا الموضوع وقتها، ثم بدأت الحقيقة تظهر بعد إعلان حجم الخسائر والقتلى والدمار الذي ألحق بهذه القوات”.

5ـ مداخلة اللواء أ.ح محمد الشحات:

مدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع، أبرز التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه الأمن القومي، والجهود المبذولة بين القوات المسلحة وكافة الأجهزة المعنية بالدولة لتأمين الجبهة الداخلية والحدود المصرية على كافة الاتجاهات الإستراتيجية.6 وعرض نموذجاً للبيئة الأمنية بمنطقة الشرق الأوسط وتداعياتها على الأمن القومي المصري.

 

ثانياً: رسائل السيسي خلال الندوة:

استغل السيسي وجوده وسط قيادات وضباط وأفراد القوات المسلحة وعمل على إرسال بعض الرسائل بعضها لقيادات المؤسسة والبعض الآخر للشعب المصري برمته وكانت على النحو التالي:

1ـ تحذير الشعب المصري من أن البديل لنظامه سيكون حال الدولة المصرية كما حال الشعوب في تلك الدول “إستراتيجية أنا أو الفوضى”.

2-إعادة تذكير الشعب المصري أن البلاد تواجه حرباً في سيناء بصورة ممنهجة ومن قبل تنظيم له امتداده الداخلي والخارجي، حيث أراد السيسي أن يرسل للشعب المصري رسالة مفادها أن مواجهة نظامه لتلك الأحداث هي الأولي الآن من كل الأمور الأخرى، كي يبرر فشله في مواجهة التحديات الاقتصادية، التي تمر بها البلاد وحتى لا ينشغل الشعب بتلك الأمور، ويحاول أن يكسب تعاطف مؤيديه مرة أخرى.

3-حديث الشيخ “الجفري” عن تعدد الولاءات وأن سبب ما حدث في اليمن كان بسبب انشقاق الجيش علي نفسه، لم يكن محض الصدفة، بل كان الخيط الذي من خلاله قام السيسي بإرسال رسالته الأهم في اللقاء لقيادات المؤسسة العسكرية بأنه قام بإبعاد من ولاءهم ليس “للسيسي”، وأنه ليس بالضرورة ان ولاء تلك المبعدون كان لتنظيم او جماعة أو توجه، ولكن من الممكن أن يكون توجههم لطرف إقليمي أو دولي كان مؤيد للسيسي من قبل ولكن يريد الآن تغيير السيسي كشخص وليس كمنظومة عسكرية”.

حيث قال نصاً: “اللي داخل الجيش والشرطة إما يكون مع بلده بس إما بلاش، وداخل الجيش لا يمكن أن نسمح أن يبقى في حد له توجه، واللي هيبان عليه توجه هنمشية”.

 

خلاصة

رسائل السيسي في هذا التوقيت وبهذا الشكل لها عدة تفسيرات ودلالات:

التفسير الأول: القول بوجود صراعات واضطرابات داخل المؤسسة العسكرية، وصفها البعض أنها وصلت إلى مطالبة البعض بعدم ترشح السيسي لفترة رئاسية ثانية حفاظاً علي مصالح المؤسسة العسكرية التي أصبحت مهددة بسبب ممارسات السيسي الحالية، وهنا يعمل السيسي علي كبح جماح تلك المجموعة التي ربما لقيت آذاناً تسمع لها داخل الجيش المصري، ومحاولة إبعادها والإطاحة بها وهو ربما ما قام به بالفعل، وأيضا يعمل علي تخويف وترهيب الآخرين الذين يفكرون بنفس تفكير المطاح بهم، بأنه ماضي في عملية إبعاد كل من ولاءه ليس له، حتي يستحوذ علي المؤسسة العسكرية، ويبقي فقط من ولاءهم بالكامل للسيسي، مما يشير إلى أن هناك قيادات أخري داخل المؤسسة سيتم الإطاحة بهم وربما نري ذلك في الأيام المقبلة.

التفسير الثاني: القول إنه ربما جاءت رسائل السيسي في ذلك التوقيت وتصدير مشهد الإرهاب بهذه الصورة، كي يحاول أن يستعيد شعبيته التي تراجعت في الفترة الأخيرة بسبب الفشل الاقتصادي الذي تشهده الدولة المصرية.

التفسير الثالث: القول أنه ربما حرص السيسي علي إظهار صورة الإرهاب، بتلك الصورة وفي ذلك التوقيت حتى يظهر للعالم الخارجي أن مصر ما زالت تواجه الإرهاب بشكل متزايد وبصورة ممنهجة حتى يضمن إستمرار داعميه الإقليميين والدوليين في إمداده بالأموال والسلاح (7).

———————————–

الهامش

(1) تحت عنوان “مجابهة الإرهاب.. إرادة أمة”.. السيسي يشهد تثقيفية القوات المسلحة/ الربط

(2) بالفيديو..الشئون المعنوية تعرض فيلماً بعنوان “حرب وجود” خلال الندوة التثقيفية/الرابط

(3) الحبيب على الجفرى بالندوة التثقيفية: الجيش المصري ليس متكلفا وإيمانه فطرى، الرابط

(4) د. عبد المنعم سعيد في الندوة «التثقيفية»: مصر تخوض واحدة من أكبر المعارك في تاريخها، الرابط

(5) تفاصيل الندوة التثقيفية الـ 24 للقوات المسلحة بحضور السيسي، موقع محيط، 9/2/2017، الرابط.

(6)مدير المخابرات الحربية يكشف أسرار الحرب على الإرهاب/ الرابط

(7) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close