fbpx
المشهد السيناوي

المشهد السيناوي نوفمبر 2017

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقدمة:

يهدف هذا التقرير الشهري إلى تقديم توثيق وقراءة للأحداث الجارية في شبه جزيرة سيناء، وايجاد منظومة ربط توثيقية ترصد التطورات الأمنية والعسكرية والحقوقية والاقتصادية، وهذا عن طريق رصد  وتتبع يومي للعمليات العسكرية الجارية على الأرض وتطورها، مع احصاء رقمي حول خسائر القوات المسلحة المصرية والمسلحين، بالإضافة لرصد الوضع الحقوقي والإنساني المترتب على هذا المشهد، وقراءة ذلك وفق الاتفاقات والمشاريع الاقتصادية التي يعلن النظام المصري عنها في شبه الجزيرة التى تعاني من حصار وتعتيم اعلامي من قبل النظام العسكري الحاكم في مصر، وحظر التجوال الذي يتم تجديده كل ثلاثة أشهر:

أولاً: التطورات العسكرية والأمنية

رسم بياني يظهر المقارنة بين الخسائر العسكرية بين طرفي الصراع خلال ستة أشهر وفق ما نشر من مصادر الطرفين

1- الخسائر المعلنة في العمليات العسكرية:

وفق بيانات المتحدث العسكري ووزارة الداخلية المصرية:

وفق ما أعلنه المتحدث العسكري للجيش المصري وعبر 13 بيان عسكري (1) (2) (3) (4) (5) (6) (7) (8) (9) (10) (11) (12) (13)، فقد كانت خسائر المسلحين كالتالي: (اكتشاف وتدمير عدد (3 (مخزن عبوات ناسفة ومهمات عسكرية وأسلحة وذخائر، وعدد (2 (مخزن وقود، وعدد (25 (وكر يستخدم لإيواء العناصر المسلحة، و(15) سيارة، (28) دراجة نارية، والاستيلاء على عدد (4) سيارة، وقتل (19) عنصر مسلح بينهم قيادي، وإصابة (6) شخص، واعتقال عدد (35) شخص بتهمة أنهم من العناصر المسلحة أو الداعمة لهم، وعدد (78) مواطن بتهمة الاشتباه).

دلالات الأرقام والأحداث:

يلاحظ ان اعتماد قوات الجيش على القصف الجوي صار مرتكز رئيسي في معظم العمليات، كما أن قدرة قوات الأمن في اكتشاف العبوات الناسفة صارت أكبر وأفضل، ورغم ذلك فلا يمكن اعتبار انخفاض خسائر قوات الأمن المصرية لأول مرة منذ شهرين، انه نجاح للسياسة العسكرية المتبعة في سيناء، حيث أن الشهور السابقة تشهد معدلات متأرجحة ما بين الارتفاع والانخفاض في خسائر كلا الطرفين، ولكن لم يؤثر هذا على وتيرة استمرار العمليات العسكرية، فرغم قيام قوات الجيش بإخلاء وهدم المرحلة الأولى والثانية في رفح سابقاً، ثم المرحلة الثالثة والبدء في المرحلة الرابعة حالياً، إلا أن هذا لم يؤد إلى القضاء على المسلحين بل ساهم في إعادة انتشارهم وبمجموعات أقل، وبالطبع ساهمت عمليات التهجير والقتل العشوائي والاعتقال في استمرار غضب السكان المحليين ضد قوات الأمن المصرية والتي صارت افعالها في نظر أهل سيناء محل مقارنة بينها وبين أفعال الاحتلال الصهيوني قديماً، لذلك لا يرجح على المدى القريب انتهاء العمليات العسكرية في سيناء، في ظل تعمد النظام تجاهل أنه يواجه في الأصل تمرد مسلح له أرضية جزء كبير منها بسبب الانتهاكات الممارسة من قبل النظام مع القمع الممارس على كل المستويات من قبل النظام وأدواته، بل وما زال رأس النظام المصري عبد الفتاح السيسي يستخف بالشعب المصري وهذا عندما أمر خلال كلمته بالاحتفال بالمولد النبوي الشريف عقب مجزرة مسجد الروضة ، بتاريخ 29 رئيس أركان الجيش باستخدام “القوة الغاشمة” لإقرار الأمن في شبه جزيرة سيناء خلال ثلاثة أشهر، وهو الأمر الذي أملاه سابقاً بشكل علني على الفريق أسامة عسكر عندما لاه مسئولية غدارة القوات بالمنطقة الشرقية، والسؤال هنا: هل يجهل النظام المصري أن حل اشكالية سيناء ليس في استراتيجية مكافحة الإرهاب الفاشلة وما يترافق معها من انتهاكات واسعة ممنهجة؟ أم انه يتعمد اتباع تلك الاستراتيجية لمآرب أخرى؟

2- الخسائر المعلنة في العمليات العسكرية:

وفق ما تم رصده من بيانات المسلحين ووسائل الإعلام المحلية والأجنبية:

وفق ما تم رصده من قبل المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية في شهر نوفمبر، فقد انخفضت نسبة القتل لأقل من النصف في صفوف قوات الجيش والشرطة مقارنة بالشهرين السابقين، والتي أصبحت كالتالي: (مقتل عدد (14) فرد عسكري منهم عدد (2) ضباط وعدد (6) صف ضابط منهم عدد (1) تم اغتياله وعدد (4) قتل اثناء مجزرة مسجد الروضة، وإصابة عدد (11) فرد عسكري من قوات الجيش والشرطة بينهم عدد (2) ضابط، وتصفية عدد (5) مواطنين بتهمة التعامل مع قوات الجيش والشرطة، واغتيال عدد (3) أشخاص منهم أحد مشايخ قبيلة التياها “خليل سليمان مراحيل 52 عاماً” داخل مزرعته بمنطقة القسيمة بوسط سيناء، وأحد قيادات الميلشيا 103 المحلية وأيضاً القيادي باتحاد القبائل “محمود محمد سلام 38 عامًا” والشهير بـ “الجن”، بعد أن تم زرع عبوة لاصقة بسيارته وتفجيرها بعد ان استقلها، وعلى مستوى الاشتباكات والهجمات فقد خاض التنظيم أكثر من (32) اشتباك مسلح مع قوات الجيش والشرطة تركز معظمها في منطقة رفح، واستهدف الكمائن والقوات العسكرية والأمنية بعدد (7) عمليات قنص، ايضاً قام المسلحين بزرع أكثر من (16) عبوة ناسفة أسفر انفجار بعضها عن تدمير/ اعطاب (5) آليات عسكرية، وإطلاق عدد (2) صواريخ غراد باتجاه مصنع الأسمنت التابع لقوات الجيش بوسط سيناء.

دلالات الأرقام والأحداث:

اعتمد تنظيم ولاية سيناء على مشاغلة ومحاولة تعطيل عمليات قوات الجيش الثاني الميداني في هدم ما تبقى من المرحلة الثالثة وبداية هدم المرحلة الرابعة، دون نتائج فعالة تذكر، ويلاحظ انه صار يعتمد في مثل تلك العمليات على مجموعات صغيرة جداً من خمسة أفراد إلى فرد واحد، ويلاحظ أن التنظيم يحاول الحفاظ على أفراده وتأمين مناطق تحركه في منطقة رفح، في محاولة لتلافي أن يتم استهدافه من قبل بعض المسلحين التابعين لقبيلة الترابين ممن يطلق عليهم التنظيم مسمى “صحوات موسى الدلح”، بالإضافة إلى العمل على توجيه ضربه لهم وللمسلحين الذين يتحدثون باسم تنظيم جند الإسلام والذين تبنوا عملية هذا الشهر عملية قد استهدفت مقاتلي ولاية سيناء في شهر أكتوبر، وقد رصدنا اختراق للتنظيم بمدينة الشيخ زويد وتنفيذ عمليات فعاله بها، مع استمرار قدرته عل التحرك بمناطق وسط سيناء واستهداف مصنع اسمنت الجيش بطرق مختلفة، ورغم أن الحاضنة الشعبية للتنظيم والهالة التي اكتسبها كمدافع عن حقوق سكان شمال سيناء في مناطق تواجده قد انخفضت نتيجة لبعض أفعال التنظيم وعملياته، بالإضافة إلى تضرر الأهالي من عمليات التهجير التي طالتهم، يضاف إلى هذا تأثر التنظيم سلباً بفقده لبعض قادته الأوائل نتيجة العمليات العسكرية والقصف الجوي، إلا أن استمرار الانتهاكات من قبل النظام المصري وسء الأوضاع الإقليمية ما زلوا يشكلان عامل دعم للتنظيم من حيث استمرار الرغبة في الالتحاق به كوسيلة للرد على سوء الأوضاع محلياً واقليمياً، بالإضافة إلى رؤية بعض الفاعلين المجتمعين أن النظام العسكري أشد سوء وضرراً من أى تنظيم مسلح.

3- مجزرة مسجد الروضة:

بتاريخ الجمعة 24 نوفمبر 2017، كانت قرية الروضة الواقعة بمركز بئر العبد في محافظة شمال سيناء، على موعد مع مجزرة مروعة لا يعتقد أن مجرى الأحداث بعدها ستكون كقبلها، فبعد اعتلاء خطيب الجمعة منبر المسجد بالقرية، اقتحمت مجموعة من المسلحين القرية ومسجدها، ليطلقوا النار على كل من صادفهم من رجال خارج وداخل المسجد، مستهدفين أيضاً المصلين وبشكل جماعي، ترافق هذا مع حرق مجموعة من سيارات السكان المحليين المحيطة بالمسجد لمنع اسعاف أي من الناجين، مما أسفر عن مقتل 313 مواطن بينهم 26 طفل، وهو ما يشكل نسبة 25% من الذكور بالقرية، ونظراً لما تمثله المجزرة من منعطف خطير في الأحداث خصوصاً في ظل تأكيد المتحدث العسكري على أنه سيتم قتل كل من شارك دون الحرص على القبض على أي شخص، بينما اكتفى تنظيم الدولة بصمت من تورط في الفعل ويخشى العاقبة “مجزرة الروضة: عندما يغيب الشهود“.

4- أبرز العمليات العسكرية بين أطراف الصراع خلال شهر نوفمبر:

استمر تركيز المجهود الحربي لقوات الجيش المصري في هذا الشهر على تأمين استكمال تنفيذ المرحلة الثالثة وبدء المرحلة الرابعة من المنطقة العازلة بمدينة رفح، ترافق هذا مع محاولات استنزاف لاتذكر قام بها تنظيم ولاية سيناء ضد تلك القوات وهو ما أدى إلى اندلاع اشتباكات متعددة واعطاب وتدمير بعض الآليات العسكرية، ولكن دون تأثير حقيقي أو فعال على عمليات الإخلاء وتدمير المنازل بالمنطقة العازلة المستهدفة، واستمر التنظيم في هذا الشهر محاولاته لتعطيل مصنع الأسمنت التابع لقوات الجيش بوسط سيناء، وقد كان أبرز العمليات كالتالي:

  • هجمات مدينة العريش قام التنظيم بعمليتي اشتباك داخل مدينة العريش، الأولى كانت بتاريخ 2 نوفمبر عندما هاجم أفراد للتنظيم كمين العتلاوى بوسط العريش واصاب مجندين في الكمين الأول، ووفق شهود عيان وتسجيل صوتي للاشتباكات، فلقد حدث تبادل لإطلاق النار عند كمين توتال والسنترال والكمين الجديد اللي عند مدرسة الفيروز بحي المساعيد، ولكن الأخطر كان الهجوم الثاني والذي تم بتاريخ 27 نوفمبر عندما هاجم عناصر من التنظيم بسيارة منطقة المربع الأمني أحد أكثر المناطق تأميناً داخل مدينة العريش، حيث اشتبكوا مع قوات الأمن بتلك المنطقة قبل انسحابهم، وقد صرحت مصادر أمنية حينها أنه لم تحدث اصابات في قوات التأمين بينما قتل ثلاثة من المهاجمين.
  • هجمات الشيخ زويد: حيث قام التنظيم لأول مرة منذ أكثر من 10 شهور باستهداف قسم شرطة الشيخ زويد بقذيفة RPG ،  بتاريخ 3 نوفمبر، الهجوم جاء كرسالة تحدي يعلن فيها التنظيم فشل قوات الأمن بالمدينة، ويعتقد أن الهجوم تم من قبل عنصرين فقط وهو ما يدل على مدى استطاعة التنظيم على الاستمرار في عمليات الضرب السريع والاختفاء، بل والإيلام وهو ما سيظهر في هجمتين تاليتين، الأولى بتاريخ 8 نوفمبر عندما استهدف التنظيم حملة عسكرية ضخمة خرجت من معسكر الزهور لتمشيط مناطق جنوب الشيخ زويد، وسط تمهيد نيراني قوي، ليقوم أحد مقاتلي التنظيم بالهجوم على الحملة بعد توقفها بمنطقة التومة جنوب الشيخ زويد، ويستهدف قائد الحملة المقدم أركان حرب/ أحمد محمود شعبان قائد الكتيبة 224 مدرعات، ويقتله بطلق ناري بالرأس، وهي العميلة التي تبناها التنظيم وقال أن منفذها مقاتل انغماسي اسمه “عمار الأنصاري”، انطلق واشتبك مع قوات الجيش المصري التي كانت تستعد للهجوم على مناطق جنوب مدينة الشيخ زويد مما ادي الي مقتل واصابة عدد من القوات ومنهم مقتل قائد الكتيبة، قبل ان يقتل الشاب، وقد قامت قوات الجيش بالفعل بقتل الشاب والتمثيل بجثمانه على احدى الدبابات، وقد نشر المتحدث العسكري صورة الشاب ضمن بيان عسكري بتاريخ 16 نوفمبر.
  • الهجمة الثانية للتنظيم بنفس مستوى الإيلام، هو ما قام به التنظيم بتاريخ 19 نوفمبر، عندما قام بزراعة وتفجير عبوة لاصقة بسيارة “محمود محمد سلام 38 عاما” والشهير باسم “الجن” أحد قيادات اتحاد قبائل سيناء ومن مؤسسي ميلشيات المجموعة 103 المحلية سيئة السمعة والتي تدعم قوات الجيش، مما ادى إلى مقتله واصابة اثنين من ابنائه.
  • هجمات مصنع أسمنت الجيش: صعد التنظيم من استهدافه لمصنع أسمنت القوات المسلحة بوسط سيناء، حيث لم يعد يكتفي بتهديد السائقين وحرق السيارات، بل قام أعضاء من التنظيم بتاريخ 9 نوفمبر بحرق مجموعة من سيارات النقل الثقيل بعد خروجها من المصنع على طريق الحسنة بوسط سيناء، وقام بقتل 9 سائقين، بالإضافة لقتله المقدم/ إبراهيم حسين سيد أحمد، قائد عمليات الكتيبة 351 مشاه، والجندي/ محمد ممدوح السيد الروبي من محافظة الفيوم، أثناء مرورهم وقت الحادثة، ولقد كان من المستغرب أن يتبني التنظيم حادثة قتل المقدم ويصمت عن حادثة قتل السائقين، ولقد عاد التنظيم بعدها بتاريخ 14 نوفمبر وأعلن عن استهداف مصنع الأسمنت بصاروخي غراد، ونشر صور الإطلاق، ولكن ووفق مصادر محلية فإن الصاروخ سقط في منطقة صحراوية بعيدة عن المصنع.

دلالات التطور:

  • تأتى هجمات العريش والشيخ زويد في مناطق تشهد استعداداً قتالياً مستمر بل وتحدث في أوقات حظر التجوال أو أثناء حملات عسكرية، حيث من المفترض أن تكون القوات في أعلى معدلات الاستنفار والجهوزية القتالية، بل وفي معظم الهجمات ينجح مقاتلي التنظيم من الإنسحاب بأمان دون ترك قتلى أو مصابين خلفهم، وهو ما يعني فشل الحل العسكري المعلن من النظام المصري في الحل أو الحسم، أيضاً يحاول التنظيم وعبر هذه الهجمات من كسب مزيد من التعاطف والمقاتلين بالإضافة إلى دعم الروح المعنوية لعناصره، تظهر ايضا الحوادث كلها حالة من الخوف القتالي لدي قوات الجيش والشرطة والتي تخشى من تتبع المهاجمين عند الانسحاب وتفضل دائماً إبلاغ الطيران الحربي لمتابعة المهاجمين عند انسحابهم.
  • يستمر التنظيم في محاولة خلق حالة استنزاف اقتصادي لأحد منشآت الجيش والمتمثلة في مصنع الأسمنت، والتي سبقها باستهداف معدات رصف الطرق الخاصة بأنشاء وتطوير طرق جديدة بشمال سيناء في أطار مشاريع دعم خليجية ومشاريع تنمية عليها علامات استفهام، وقد تطور تعامل التنظيم من التهديد تارة إلى حرق معدات الرصف وسيارات نقل أسمنت تارة أخرى، ثم بمحاولة اقتحام وتفجير الحاجز الرئيسي لمصنع الأسمنت بسيارة مفخخة، ثم قتل بعض السائقين الذين لم يتوقفوا عن نقل الأسمنت، ثم قصف المصنع بصاروخين من نوع غراد
  • نتيجة تلك الاستهدافات تعطلت عمليات نقل الأسمن وبيعه داخل المصنع نتيجة خوف السائقين، وهو ما دفع قوات الجيش إلى تحديد وقت للسير على الطريق الأوسط بسيناء لجميع السيارات التابعة للمصنع، وهذا من الساعة الثامنة صباحًا وحتى الثانية بعد الظهر، على أن تجمع سيارات النقل الثقيل بعد ذلك في باحة المصنع وتحمل بالأسمنت ويتم السماح لها بالخروج في الثامنة صباحًا باليوم التالي برفقة قوات تأمين، وإنه خلال الساعات المحددة صباحًا للتسيير، تنفذ قوات الجيش دوريات متواصلة على طول الطريق الأوسط لتأمين جميع السيارات، وبعد انقضاء تلك الساعات يمنع السير على الطريق لأي مركبة مدنية تابعة لمصنع الجيش، وكذلك يحظر خروج الأفراد من البوابة الرئيسية بعد الساعة الثانية بعد الظهر وتغلق البوابات بالكامل، وهو اجراء يظهر حقيقة فشل السياسة العسكرية والأمنية للنظام المصري في سيناء.

5- تنظيم ولاية سيناء والبيئة المحلية:

ارتكب التنظيم في هذا الشهر عدة أفعال قد تكون ذات دلالة على ظهور توجه قيادي جديد في التنظيم لا يعبأ بالحاضنة الشعبية أو الدماء، ومن آثار هذا ما حدث يوم الجمعة 3 نوفمبر منطقة النقيزات بجنوب رفح وقت صلاة الجمعة واختطافه لمجموعة من المواطنين بدعوى التحقيق، وهي ليست المرة الأولى ولا يمكن قراءة هذه الحادثة بمعزل عن حادثة قتل السائقين والتي لم يتبناها التنظيم رغم أنه من نفذها، وأخيراً ووفق ما توصلنا له في الدراسة حول مجزرة الروضة، من تورط مجموعة من التنظيم في المجزرة، كل هذا يأتي في ظل تصعيد تمارسه مجموعات تظهر تبعيتها للتيار السلفي، والقاعدة في سيناء ضد التنظيم وكان منها:

–  التسجيل الصوتي الذي نشرته قناة “منبر سيناء” على موقع التليجرام، بتاريخ 5 نوفمبر لشخص يدعى “أبو محمد السلفي السيناوي” يهاجم فيه تنظيم ولاية سيناء، تحت عنوان “حقيقة خوارج البغدادي في سيناء”، التسجيل ركز على عدة نقاط وهي:

رفض التنظيم التحاكم الشرعي مع قبيلة الترابين، والاستهتار بدماء جنود التنظيم الأسرى لدى القبيلة ودماء المسلمين، سفك الدماء المعصومة ومنهم سالم أبو خطاب الرميلي بعد ان سجنه أمنيي التنظيم لأيام، وعبد الباسط الأسطل الذي أعترض على مسيرة للتنظيم ثم قيام التنظيم برميه بالعمالة دون تحقيق، مقتل أبو عجاج شيخ مسن وشاب صغير بعد خروجهم من مسجد بقرية الطايرة بسبب اعتراضهم على اطلاق نار من فوق منزلهم، قتل عبد الله عبيد أبو سنجر الترباني وسرقة سيارته وأمواله وهو يدعو التنظيم للجلوس للشرع، مهاجمة منزل راشد أبو عقل اثناء سفره للعلاج والاستيلاء على مصوغات للنساء من منزله، وقتل طفل عمره 10 سنوات، وشاب، وخطف شاب ابكم لا يسمع ولا يتكلم، سرقة بعض المراكز الصحية والسيارات الحكومية، ومنع الأهالي من حرث أراضيهم وجني المحصول، وطرد عمال الكهرباء، ومحاصرة ومنع المواد الغذائية والطبية عبر الأنفاق لغزة، والاستيلاء على السجائر من قبل عناصر الحسبة وبيعها، ومقتل عوام للمسلمين نتيجة العبوات الناسفة والسيارات المفخخة دون ديات أو اعتذار، وخطف مصلين من المساجد.

وقد رد أنصار التنظيم على التسجيل بما يلي:

بأن منزل راشد أبو عقله جنوب رفح لم يكن فيه نساء بل كان يوجد به اجتماع لما يسمى صحوات موسى الدلح وكان بوجد في محيط المنزل 6 سيارات دفع رباعي، بخصوص سيارات إسعاف فإن هذا تم بغرض نقل الجرحى وعلاجهم وأنه لا صحة بتأثر الأهالي بذلك حيث أن قوات الجيش تمنع تحرك سيارات الإسعاف لنجدة المدنيين عند اصابتهم، بخصوص إغلاق الأنفاق مع قطاع غزة ومنع المستلزمات المستشفيات والطعام والشراب عن غزة، فإن هذا لم يحدث حيث يتم عبور مستلزمات المستشفيات والطعام والشراب وما تم منعه فقط عبور المعدات التابعة لحركة حماس تقوي حماس وحكومتها التي تستهدف المتعاطفين مع التنظيم، أما بخصوص الاستيلاء على المحاصيل الزراعية فإن هذا لم يحدث وأن ما حدث هو طلب بعض الأهالي من مقاتلي التنظيم جني الثمار خوفاً من استهدافهم من قبل قوات الجيش، مقابل أن يحصل التنظيم على ثلث المحصول، وبخصوص حرق سيارات القمامة فإن هذا تم من أجل وضع عبوات في القمامة تستهدف تفجير مدرعات الجيش، قبل أن يتوقفوا الآن وتعود سيارات رفع القمامة، بخصوص اقتحام المساجد نفوا قيامهم بذلك. واعترافهم أن هذا قد تم عقب صلاة الجمعة وليس اثنائها بدعوى ان تلك المنطقة هي منطقة احتكاك بين مقاتلي التنظيم ومقاتلي موسى الدلح، وأم بخصوص سيارات الدخان فلقد ردوا بأنه ثابت أن التنظيم يحرقها جميعاً.

ورغم ايراد التسجيل لوقائع حقيقية، إلا أنه خلط الأوراق في أكثر من حالة وتحديداً في مسألة سيارات الإسعاف وحرق السجائر، خصوصاً أن القناة التي نشرته والمتحدث يتبنون خطاب معارض مسلح ضد قوات الجيش والنظام العسكري في سيناء، على الجانب الآخر تلافي أنصار التنظيم الرد على حوادث قتل “سالم أبو خطاب الرميلي، عبد الباسط الأسطل، أبو عجاج، عبد الله عبيد أبو سنجر الترباني”، وهو اما انهم لا يعلمون شيء عنها، أو انها حدثت والتنظيم لا يريد الحديث عنها وهو ما يعني صحتها.

إعلان تنظيم “جند الإسلام” بتاريخ 11 نوفمبر عن قيامه باستهداف تنظيم “ولاية سيناء” بعملية بتاريخ 11 أكتوبر الماضي، وهذا في بيان صوتي حمل عنوان (بيان عسكري: تبني عملية أمنية لدفع صيال خوارج البغدادي بسيناء)، وذكر البيان أنه وفي تمام الساعة السادسة والنصف مساء الأربعاء الموافق من 11 أكتوبر 2017، أعدت إحدى السرايا الأمنية كمينًا لخوارج البغدادي، بهدف أسر عناصر من التنظيم للتحقيق معهم بعدما قاموا باستهداف الجماعة، مما أدى لمقتل عدة عناصر من تنظيم ولاية سيناء”، البيان أيضاً طالب بتسليم بعض اعضاء التنظيم لأنفسهم ومنهم ” أبو أسامة، أبو صالح، فهد، أبو صخر”.

ورصد تقرير شهر أكتوبر عن سيناء، حدوث اشتباكات محلية مرتين بين مسلحين من قبيلة الترابين وتنظيم ولاية سيناء، وأن التنظيم شن حملة اعتقالات استهدفت افراد من القبيلة بمنطقة النقيزات، ولكن جاء إعلان تبني تنظيم جند الإسلام لهذه العملية ليثير عدة تساؤلات وعلامات استفهام حوله أهمها على الإطلاق هو تاريخ العملية، حيث توافقت العملية مع ما أعلنته صفحة اتحاد قبائل سيناء والمعروفة بولائها للنظام المصري، حيث نشرت بتاريخ 12 أكتوبر وعبر هذا الرابط، عن قيام مجموعة تابعة لها باستهداف تنظيم الدولة وقتل وبعض عناصره، وهذا في اطار عمليات اطلق عليها (نار الترابين) وهي سلسلة من العمليات أطلقتها مجموعات تابعه لموسى الدلح وإبراهيم العرجاني وهم من مشايخ قبيلة الترابين المعروفين بارتباطهم الأمني والاقتصادي مع قوات الجيش والمخابرات، وهذا ضد تنظيم ولاية سيناء.

العملية وطريقة تبنيها جاءت لتعزز الشكوك حول عملية اعادة احياء تنظيم جند الإسلام ومن يقف ورائها، ووفق مصادر محلية تواصلنا معها لمعرفة طبيعة ما حدث فقد علمنا أن مجموعة كانت تنتمي لتنظيم جند الإسلام قديماً من عائله العرجاني أحد أفرع قبيلة الترابين، قامت بالاشتراك مع مجموعة أخرى من عائلة العرجاني معروف ولائهم للمخابرات الحربية المصرية، بعمل كمين لمسلحي تنظيم ولاية سيناء جنوب مطار الجوره، وهذا هو السبب في تبني الاشتباك من قبل المجموعتين.

ولكن وبافتراض صحة رواية المصدر، فإن هذا يدفعنا للتساؤل حول دور الأجهزة الأمنية المصرية في الدفع لمثل هذه الاشتباكات؟ وهل تحاول خلق حالة من الصراع المسلح بشكل مصغر لما حدث ما بين بعض التنظيمات الجهادية في سوريا ومن قبلها العراق وافغانستان؟ وما علاقة رجل الأعمال التابع للنظام “إبراهيم العرجاني” بما حدث؟ وهل يحاول بهذا تعزيز من نفوذه وحظوته لدى الأجهزة الأمنية بعد التصدع الذي حدث في اتحاد قبائل سيناء بعد انسحاب موسى الدلح منه ومحاولته بناء كيان آخر منفصل؟

ولقد لاحظت احتفاء مجموعات وشخصيات محسوبة على تنظيم القاعدة ببيانات جماعة جند الإسلام، بشكل يغلب عليه العاطفة والثأر الشخصي الذي يحملوه ضد تنظيم الدولة وممارساته ضدهم، ويبدو أن النظام يسمح يحاول الاستفادة من هذا الحدث بل وتوجيهه حتى ان بعض الأسماء بدأت بالظهور والتحدث تحت اسماء مثل” أبو عبد الله السيناوي” الذي نشرت له تلك المجموعات خطاب يقول فيه أن جند الاسلام هي الجهة الممثلة للقاعدة على أرض سيناء، وإن جماعة جند الاسلام لديها معلومات عن طبيعة عمل تنظيم الدولة في سيناء واماكن تواجدهم، ولن يرضى التنظيم الا بالقضاء عليهم، او اخراجهم من سيناء .

وبشكل عام فإن في حالة تأجج مثل تلك الصراعات فإن نتائج هذا ستكون في خلق عملية استنزاف فعالة ضد تنظيم الدولة والموالين له من جهة والمحركين لتنظيم ججند الإسلام والمتعاطفين معه من جهة أخرى، أيضاً قد يساهم هذا في خلق حالة صراع قبلي يؤدى إلى تورط القبائل في الصراع بعد حالة من الحياد كانت قد اختارته، وهو ما سيمثل حالة نجاح تؤدي إلى استنزاف مطلوب لإضعاف القبائل في سيناء، فإذا ما وضعنا ذلك جنباً إلى جنب بجوار عمليات التهجير والإخلاء القسري الممارس ضد سكان رفح من قبل قوات الجيش المصري، وحادثة مجزرة مسجد الروضة وما خلفته من حالة الرعب والخوف، يمكن حينها معرفة أن كل ما يجري في سيناء لا يمكن أن يكون في صالح أهلها أو أن يخلق حالة تعمير حقيقية.

6- تأثير تغيير المشهد السياسي في قطاع غزة على المشهد السيناوي

ساهم الوضع الاقتصادي المتردي في قطاع غزة نتيجة الحصار الذي فرض عليها منذ سيطرة حركة حماس على القطاع عام 2007، بالإضافة إلى تقييد حركة حماس عملية اطلاق الصواريخ من القطاع باتجاه الأراضي المحتلة إلى بإذنها وفي حالات مقصورة، ساهم كل ذلك في ايجاد تربة خصبة لتنامي السلفية الجهادية داخل قطاع غزة مع رغبة داخل شباب القطاع إلى تركه والرحيل إلى أرضاي يستطيعون من خلالها مهاجمة قوات الاحتلال الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، وقد مثلت سيناء لهم أحد أهم الفرص في ذلك، ومع وجود عداء مسبق مع قوات الجيش المصري نتيجة حصاره المطبق على القطاع واستهداف مواطنيه، فلم يكن عند هؤلاء الشباب في أن ينضموا لتنظيم أنصار بيت المقدي ثم ولاية سيناء في قتالهم ضد قوات الجيش المصري وخصوصاً أنهم يروا أنه قد صار حاجز صد يحول بينهم وبين استهداف الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ولكن وبعد التفاهمات الأخيرة ما بين حركة حماس والنظام المصري، فلقد زادت الحركة من عملية تضييق الخناق على ابتاع السلفية الجهادية بالقطاع، وزادت من عمليات ضبط الحدود مع مصر، وهو ما أدى على سبيل المثال في هذا الشهر على القبض على اثنين من سكان القطاع أثناء محاولتهم التسلل لداخل سيناء، عبر احد الأنفاق، وحتى الآن يستمر “هدوء الجمر” ما بين التنظيم في سيناء وعناصره داخل القطاع وما بين حركة حماس، وهو هدوء لا يخلو من حوادث متفرقة تدل على انه لا يمكن ضمان استقراره أو استمراره، بل وقد يتم استغلاله في خلق حالة صدام تستنفز طرفيه، وتستدعي تدخل قوات عربية لحفظ الأمن.

7- تقاطع المشهد الصهيوني مع شبه جزيرة سيناء:

أمران لا ينتهيان في هذا المشهد وهما (مطالب توطين الفلسطينيين في جزء من أراضي سيناء، والتدخل الاستخباراتي والعسكري للقوات الصهيونية داخل الأراضي المصرية في سيناء)، ولقد صرحت هذا الشهر وزيرة المساواة الاجتماعية الإسرائيلية “جيلا غامليل” للقناة السابعة العبرية بانه يمكن السماح بإقامة دولة فلسطينية فقط في سيناء، وهو ما سيحسن من الوضع الاقتصادي المصري، ويزيل تهديد تنظيم الدولة منها، مع قدرة الدول العربية على الدفع بقبول هذه الفكرة وخلق نشاط اقتصادي كبير في سيناء، مع تقديم الإسرائيليين حلول في مجالات الزراعة والتكنولوجيا والأمن، وهي أطروحة لا يمكن قراءتها بشكل منفصل عن مشاريع الدعم الاقتصادي المقدمة من صندوق التنمية السعودي والكويتي لمحافظة شمال سيناء، مع مشاريع التنمية التي يقوم عليها النظام المصري، مع مشروع نيوم السعودي وارتباطه بسيناء، وهو ما فردنا له جزء في المشهد الاقتصادي في ختام التقرير، ويذكر أن الوزيرة قد تم دعوتها واستقبالها في أحد المؤتمرات في العاصمة المصرية هذا الشهر.

ولكن يتبقى لهذا المشهد عدة عوائق على رأسها مدى ملائمة الوضع الإقليمي والدولي لبدء تنفيذ هذا المشهد، وإن هذا لا يمنع البدء في خطواته استعدادا للحظة المناسبة، خصوصاً أنه ويتضح ووفق الوثائق السرية البريطانية والتي قامت شبكة (BBC ) بنشرها  بعد رفع السرية عنها أن طرح قيام دولة فلسطينية في جزء من أراضي سيناء هو مطلب قديم منذ مفاوضات كامب ديفيد، النقطة الثانية من العوائق هو القدرة على الحد من خطر التنظيمات الإسلامية والمسلحة على الأرض سواء داخل قطاع غزة أو سيناء، وهو ما يأتي بطرق متعددة سياسية وعسكرية، وفيما يخص سيناء فإن قوات الاحتلال الصهيوني تقوم بفحص مستمر لجاهزية أجهزتها الأمنية لمواجهة أي تهديد يأتي من تنظيم الدولة عبر الحدود المصرية، وكان منها الزيارة التي قام بها جلعاد أردان، وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، لجنوب الأراضي المحتلة الفلسطينية مع مصر.

ومن جهة أخرى اصيب جندي صهيوني بجروح طفيفة بتاريخ 20 نوفمبر، إثر تعرض مركبته العسكرية لإطلاق نار، على الحدود مع مصر ولقد صلاح جيش الاحتلال إن إطلاق النار كان نتيجة “نيران طائشة” من القتال الداخلي بين الجيش المصري ومجموعة تابعة لتنظيم الدولة في سيناء، وشهد هذا الشهر استمرار تنفيذ طائرات تابعة لسلاح الجو الصهيوني لطلعات جوية داخل الأراضي المصرية في سيناء تحديداً في مناطق رفح والشيخ زويد، وهو ما يرصده السكان المحليون ويتحدثون عنه بشكل صريح، وكان أبرز تلك الطلعات ما حدث بتاريخ 28 نوفمبر، عندما قامت طائرات حربية وطائرات بدون طيار، قادمة من داخل الأراضي المحتلة الفلسطينية بشن هجوم جوى على أهداف مجهولة بمناطق متفرقة من الشيخ زويد ورفح، ولقد أعلن تنظيم الدولة عبر وكالته الإخبارية “أعماق” أن الغارات تمت من قبل طائرات اسرائيلية ضد مواقع جنوب مدينة الشيخ زويد، وهو ما يعني أن الطائرات الإسرائيلية استهدفت مواقع بها تمركزات لعناصر من التنظيم.

وحدوث هذه الضربات ليس بالأمر المستغرب خصوصاً في ظل اعتراف مصادر أمنية اسرائيلية في شهر يوليو 2016 ، بتنفيذ ضربات عسكرية بدون طيار في سيناء وفق ما نشرته الصحف العبرية “يديعوت أحرنوت ، هآرتس الإسرائيلية” حينها.

ورغم إدانة رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو، الهجوم الإرهابي الذي حدث على مسجد الروضة بمحافظة شمال سيناء، وتعازيه للشعب المصري، رغم ذلك فإن مازال هناك قناعة لدي أهالي سيناء بأن اسرائيل هي العدو، وانها متورطة فيما يعانوه من مآسي، وهو الأمر الذي دفع الشيخ عارف أبو عكر، في برنامج العاشرة مساء على قناة دريم، باتهام الموساد الإسرائيلي بأنه هو من يقف وراء مجزرة مسجد الروضة، من أجل تهجير سيناء (فيديو).

ثانياً: التطورات الحقوقية

كان شهر نوفمبر 2017 هو الشهر الأكثر دموية في تاريخ محافظة شمال سيناء، حيث لقي 312 مواطن حتفهم رمياً بالرصاص داخل مسجد الروضة بمركز بئر العبد أثناء صلاة الجمعة، في أكبر حادث إرهابي يستهدف مدنيين، وهو الحادث الذي لم تتبناه أي جهة حتى الآن مع توجيه البعض بأصابع الإتهام بشكل صريح لتنظيم ولاية سيناء والذي اكتفى بالصمت حتى الآن، ولم تكن هذه المجزرة هي الأولى في هذا الشهر فلقد ارتكب التنظيم مذبحة بحق مجموعة من سائقي النقل الثقيل بتاريخ 9 نوفمبر، حيث قام بإعدام 9 من سائقي سيارات النقل مع احراق سيارتهم بدعوى العمل مع مصنع أسمنت تابع للجيش المصري، ولم يتبنى التنظيم العملية بشكل رسمي ولم يتطرق اليها، واكتفي بذكر قتله لمقدم بالجيش في نفس الحادثة، ويبدوا أن أهل سيناء على أعتاب مرحلة جديدة من الآلام في ظل تصريح رئيس النظام المصري بتاريخ 29 نوفمبر، والذي طلب فيه من رئيس أركان الجيش باستخدام القوة الغاشمة ضد العناصر المسلحة، ولكن وبالنظر إلى التعامل الأمني والعسكري للنظام المصري مع الملف السيناوي من بعد اجلاء الاحتلال “الإسرائيلي” فإن تلك القوة دائماً ما كان يتم ترجمتها إلى سلسلة من الانتهاكات ترتكب بحق المدنيين في سيناء، وتأتي تلك الأحداث في ظل دلائل عن قرب بدء تنفيذ عملية إزالة المرحلة الرابعة من المنطقة العازلة بمدينة رفح ، وبشكل عام فلقد استمرت الانتهاكات المرتكبة ضد المدنيين خلال هذا الشهر من قبل قوات الجيش والمسلحين بمختلف انتماءاتهم، وقد رصدت وحدتي الرصد الميداني والإعلامي بـ مركز الندوة للحقوق والحريات انتهاكات قوات الجيش والشرطة المصرية والمسلحين بحق السكان المدنيين، على الوجه التالي:

أ: محاكمات غير عادلة:

  • استمرار  حبس الطفل/ مهدي حماد سلمي عليان 14 عاما، على ذمة القضية رقم 357 جنايات شرق العسكرية لسنة 2016، وكانت قوات الجيش والشرطة قد اعتقلت الطفل من منزله بقرية زراع الخير غرب مدينة العريش بتاريخ 4/3/2016 بعدما لم يجدوا أي رجال بالمنزل غيره، ليتعرض للاختفاء القسري، وق فوجئ قاضي محاكمته هذا الشهر بعمر الطفل حيث ظن أنه ابن أحد المتهمين، فقام بتوبيخ الحراسة على كيفية ادخاله القفص، ليفاجئ أنه متهم في القضية، يذكر أن الطفل يقضي فترة حبسه الآن في المؤسسة العقابية، وهي احدى مؤسسات الأحداث سيئة الصيت في مصر.
  • المحكمة العسكرية العليا تصدر بتاريخ 13 نوفمبر حكما نهائيا بإعدام 15 من أبناء شمال سيناء، بالقضية رقم 411 لسنة 2013 جنايات كلى عسكري الاسماعيلية جزئي شمال سيناء، والمحكوم عليهم بالإعدام هم: (أحمد عزمي حسن محمد عبده، عبد الرحمن سلامة سالم سلامة أبو عيطة، علاء كامل سليم سلامة، مسعد حمدان سالم سلامة، حليم عواد سليمان، إبراهيم سالم حماد محمد السماعنة، إسماعيل، عبد الله حمدان فيشاوي، حسن سلامة جمعة مسلم، دهب عواد سليمان، يوسف عياد سليمان عواد، محمد عايش غنام، سلامة صابر سليم سلامة، فؤاد سلامة جمعة، محمد سلامة طلال سليمان، أحمد سلامة طلال سليمان)، يذكر أن المتهمين قد تم القاء القبض عليهم في الفترة التي تلت فض اعتصام رابعة العدوية بشهر أغسطس 2013، في اطار حملات الاعتقال السياسي حينها، وتعرضوا للإخفاء والتعذيب.

  • استمرار قيام المحكمة العسكرية بالهايكستب، بتأجيل محاكمة 292 متهمًا، في القضية رقم 357 لسنة 2016 جنايات شرق العسكرية والتي كانت مقيدة برقم 502 لسنة 2015 حصر أمن دولة عليا والمعروفة إعلامياً بـ “ولاية سيناء”، حيث تم تأجيل الجلسة ليوم 12 ديسمبر، يذكر أن المحكمة لم تقم بالتحقيق في وقائع التعذيب والانتهاكات التي تم تقديمها للمحكمة.

ب: الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي:

  • ظهور 7 اشخاص من أهالي سيناء أمام نيابة أمن الدولة العليا، بعد القبض عليهم واخفائهم قسرياً، وهم (موسى حمدان صالح إبراهيم “من حي المساعيد بمدينة العريش” ظهر بتاريخ 7 نوفمبر، محمد جبريل “من مدينة العريش” ظهر بتاريخ 8 نوفمبر، إبراهيم عبد الله رباع “من حي السمران بمدينة العريش” ظهر بتاريخ 14 نوفمبر، الطفل “عبد الله حسن خليل” من حي المساعيد بمدينة العريش، ماهر سالم زيتون إسليم “من مدينة العريش” ظهر بتاريخ 14 نوفمبر، إبراهيم عبد الله رباع، وماهر سالم زيتون إسليم “ظهروا بتاريخ 20 نوفمبر”).
  • اعتقال واخفاء قسري ثم افراج عن 13 مواطن من أهالي محافظة شمال سيناء وهم (أحمد سعيد عبد الله، المهندس/ ممدوح سعد، محمد عبد الحليم “قتل لاحقاً بمجزرة مسجد الروضة”، يوسف عطا 50 عاما، حمزة غراب “ونجليه”، سليم عابد، عيد عبد الكريم الباشا، السيد عبد الكريم الباشا، محمد عبد الكريم الباشا، ابراهيم محمد عبد المالك، جرير سالم حسن).
  • شهد هذا الشهر توسيع دائرة الاشتباه السياسي، مما نتج عنه ارتفاع عدد الموقفين بتهم الاشتباه والمختفين قسرياً في شمال سيناء بأكثر من الضعف مقارنة بشهر أكتوبر، وقد تعذر حصر وتوثيق الكثير منها نظراً للاستهداف الأمني، ورغم ذلك فإن ما تم رصده من خلال وسائل الإعلام الحكومية والصحف المصرية بالإضافة إلى الرصد الميداني، كان أكثر من 594 حالة احتجاز تعسفي واخفاء قسري كحد أدنى، لمواطنين كلهم من حملة الجنسية المصرية، وهذا على يد قوات الأمن والجيش المصري.
  • ايضاً شهدت تلك الفترة قيام مسلحين باختطاف مواطنين، بالإضافة إلى قيام مسلحين يعتقد انتمائهم لتنظيم ولاية سيناء باقتحام مسجد بمنطقة النقيزات بجنوب رفح، واختطاف عدة أشخاص من قبيلة الترابين من داخل المسجد أثناء صلاة الجمعة، وهذا بتاريخ 3 نوفمبر.

ج: القتل خارج إطار القانون:

  • بتاريخ 24 نوفمبر قامت مجموعة من المسلحين، باقتحام مسجد قرية الروضة أثناء خطبة صلاة الجمعة، وارتكاب مذبحة بحق المصلين بشكل جماعي أسفر عنها مقتل 312 مواطن منهم 26 طفل، وهو ما يشكل نسبة 25% من ذكور القرية، ووفق رواية شهود العيان: فإن المجزرة بدأت بعد اعتلاء خطيب الجمعة المنبر وبدء الخطبة، حيث اقتحم مسلحون القرية وبدأوا بإطلاق النيران على كل الذكور الذين يصادفوهم، قبل أن يقتحم بعضهم المسجد ويطلقون النيران على جميع المصلين، مع القاء ثلاثة قنابل يدوية عليهم أثناء تكدسهم للهروب عن طريق النوافذ، ثم مطاردة الفارين، ثم العودة للمسجد للتأكد من قتل كل من فيه عبر إعادة إطلاق الرصاص عليهم مرة أخرى، وقد استغرق الحادث ما يقارب النصف ساعة، وقد أصدرت جميع التنظيمات المسلحة في مصر بيان استنكار وتبرأ ماعدا تنظيم ولاية سيناء حتى تاريخ صدور هذا التقرير، وهو ما يقوى من حجية الاتهام لها في ظل تهديدات سابقة نشرها التنظيم، عبر جريدة النبأ التابعة لتنظيم الدولة باستهداف الصوفيين إن لم يتوبوا، وتم ذكر فيها قرية الروضة، يعزز من ذلك ايضاً  اقتحام عناصر للتنظيم لمسجد بمنطقة النقيزات واعتقال بعض المصليين بتاريخ 3 نوفمبر ووقت صلاة الجمعة، ايضاً قيام تنظيم الدولة باستهداف مساجد للصوفيين في دول أخرى في العالم، ولكن يظل كل ما سبق قرائن دون معرفة على وجه اليقين من الذي ارتكب هذه المجزرة.
  • على جانب آخر فلقد أدى تبني التنظيم لمقتل مقدم في الجيش بتاريخ 9 نوفمبر بوسط سيناء، إلى ثبوت مسئوليته بارتكاب جريمة اعدام جماعي بحق 9 من سائقي سيارات النقل مع احراق سيارتهم بدعوى عملهم مع مصنع أسمنت تابع للجيش المصري، وهي نفس الحادثة التي قام فيها التنظيم بإيقاف سيارة المقدم إبراهيم حسين محمد وقتله هو وسائقه العسكري، ايضاً قام المسلحين التابعين لولاية سيناء بقتل وتصفية 6 مواطنين، ومندوب مدني لميلشيات المجموعة 103 يعمل مع قوات الجيش، وهذا بسبب ما اسماه التنظيم مساندة هؤلاء أو تعاونهم مع قوات الأمن والجيش.
  • قيام قوات الجيش المصري بقتل 33 شخص، بدعوى أنهم عناصر مسلحة أو تكفيرية.
  • رصد ميداني وإعلامي لـ 7 حالة قتل كحد أدنى، بينهم ثلاث سيدات، نتيجة إطلاق النار والقصف الجوي أو المدفعي لقوات الجيش والشرطة المصرية، هذا مع وجود حالات قتل أخرى تعذر الحصول على التفاصيل وعدد الضحايا نظراً للخطورة الأمنية والتعتيم الإعلامي من قبل قوات الجيش المصري.
  • رصد ميداني وإعلامي لإصابة 14 مواطن بينهم 7 أطفال وامرأتين كحد أدنى، نتيجة إطلاق النار والقصف الجوي أو المدفعي لقوات الجيش والشرطة المصرية، وهذا مع وجود أعداد أخرى من المصابين، ولكن تعذر الحصول على أرقام نتيجة الحصار والتعتيم العسكري المفروض على محافظة شمال سيناء.

د: الانتهاكات الاقتصادية والاجتماعية:

  • الاستعداد لبدء تنفيذ المرحلة الرابعة من المنطقة العازلة برفح، حيث أعلن رئيس مجلس مدينة رفح المهندس/ خالد كمال، عن بدء حصر البيوت والشقق السكنية الموجودة في المرحلة الرابعة، والتي تتركز في حي الصفا، وابني بيتك، على أن تتم عملية الإزالة الفعلية خلال 30 يوما من عملية الحصر، وهذا بالرغم من طلب المواطنين تأجيل عملية الإزالة لحين الانتهاء مما يسمى مدينة رفح الجديدة، أو رفع قيمة التعويض المتدنية والتي توافق ما تم صرفه للمتضررين من المرحلة الأولى والثانية في عام 2014، وهو مالم يتم حتى الآن.
  • رصد (31) حالة قصف منها (7 جوي، 22 مدفعي، 2 إطلاق نار عشوائي) “كحد أدنى”، نفذتها قوات الجيش المصري ضد مناطق سكنية مدنية.
  • رصد حرق وتدمير عدد (28) دراجة نارية، و(17) سيارة، ومصادرة عدد (5) سيارة، وتدمير 8 منازل سكنية لمواطنين، ومسجد من قبل قوات الجيش المصري.
  • رصد قيام مسلحون تابعين لولاية سيناء بتاريخ 9 نوفمبر، بحرق 9 سيارات نقل ثقيل، تابعة لمدنيين على طريق الحسنة بوسط سيناء بدعوى العمل مع قوات الجيش المصري.
  • انقطاع التيار الكهربائي والمياه، عن مدينتي رفح والشيخ زويد بشكل تام لمدة 23 يوم من أصل 30 يوم، بالإضافة لانقطاع المياه بحي سوق الخميس وعدة أحياء بمدينة العريش.
  • استمرار استغاثات سكان المرحلة الثالثة من المنطقة العازلة، وتحديداً من سكان حي الإمام علي حيث وجهوا استغاثة إلى رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، وركزت الاستغاثة على ما قام به محافظ شمال سيناء بالتشريد بهم بعدما قرر محاسبة المتر في المنزل بمبلغ ٧٠٠ جنيه فقط بحجة ان المباني علي حوائط حاملة رغم ان السقف خرساني، ورغم علمه بان سكان الحي جميعهم من العامين بالدولة، وهم في امس الحاجة لتعويض يحفظ لهم كرامتهم ويحفظ اسرتهم من التشريد، بالإضافة لرفضه محاسبة الأهالي علي المبني الاضافي التي اقرته اللجنة في سنة ٢٠١٥، ما دام المبني داخل كردون المبني بحجة ان البناء بدون ترخيص رغم اننا تقدمنا للحصول علي الترخيص وتم الرفض.
  • استمرار أزمة انابيب البوتجاز بمحافظة شمال سيناء، نتيجة قلة المعروض بالمستودعات وزيادة الطلب من المواطنين.
  • استمرار انقطاع شبكات المحمول الثلاثة بمدينتي الشيخ زويد ورفح، مع رفض الشركات اصلاح أبراج المحمول المتوقفة منذ أكثر من عام.
  • استمرار التضييق والتعنت الممارس من قبل كمين الريسة العسكري شرق مدينة العريش، ضد المواطنين، وهو ما يؤدي إلى زحام شديد وتكدس للسيارات المتجهة إلى الشيخ زويد.
  • قطع شبكات الاتصال المحمول والأرضي وشبكات الإنترنت لأكثر من 16 مرة خلال الشهر، على مناطق محافظة شمال سيناء.
  • قيام قوات الأمن والجيش بفرض حصار وتضييق أمني وعسكري على مواطني قري ابو العراج والجورة والظهير بجنوب مدينة الشيخ زويد، لمدة 8 أيام عبر اغلاق الطرق ومنع أي شخص من العبور او الخروج من تلك القري، بالتزامن مع حملة عسكرية استهدفت قرية التومة والمناطق المحيطة بها.
  • استمرار اغلاق محكمة العريش، ومعاناة المواطنين نتيجة ذلك، ونواب شمال سيناء بالبرلمان، يتقدمون بطلب عودة العمل بالمحكمة إلى اللواء ممدوح شاهين وزير الاتصال لشئون النواب، والمستشار القانوني للحكومة.
  • فساد المحليات يؤدي إلى غرق جميع شوارع العريش، نتيجة هطول الأمطار، حيث أدى الفساد إلى رصف الشوارع ثم القيام بتركيب مواسير الصرف الصحي، مما حول الشوارع الرئيسية والفرعية والميادين العامة ومداخل ومخارج كباري العريش، إلى برك ومستنقعات من الطين بعد سقوط الأمطار عليها.
  • شكوى من موظفي مديريات التعليم والصحة ومجلس المدينة بالعريش والشيخ زويد، الى محافظ شمال سيناء/ اللواء عبد الفتاح حرحور، بسبب النقص الحاد في عدد الحافلات التي تقلهم من المدينتين باتجاه المديريات والاقسام بمدينة رفح، حيث يبلغ عدد الحافلات التي تقلهم ثلاث حافلات فقط، بحمولة 40 راكب لكل حافلة، وهو ما يؤدي إلى تكدس الموظفين في الحافلات ليصل الركاب الى 70 شخصا، جميعهم من موظفي الدولة، سواء من العاملين في مجلس المدينة او المدارس التعليمية او مستشفى رفح.
  • وفاة (8) مواطنين وإصابة (25) مواطن في حوادث السيارات، وقد لاحظنا تزايد الحوادث بطرق مركز الحسنة بوسط سيناء.

دلالات التطور:

شهد هذا الشهر مأساتين في سيناء:

  • الأولى حدوث أكبر مجزرة جماعية تحدث في شبه جزيرة سيناء، حيث أدى اقتحام مجموعة مسلحة لقرية الروضة ومسجدها  بمركز بئر العبد، إلى مقتل 312 مواطن، وهو ما تسبب في حالة من الخوف محلياً من موجات عنف أكبر تطال المدنيين في شمال سيناء، بحيث يتم استخدامها كأداة إرهاب لتهجير السكان بالإضافة إلى مبرر من قبل السلطات لتنفيذ عمليات تهجير جماعية للمواطنين بالمحافظة شمال سيناء، وقد اتت هذه العملية لتثبت استمرار فشل المنظومة السياسية والأمنية المصرية، من وجهين الأول أنه يقع على مسئوليتها تأمين المواطنين وسرعة حمايتهم وهو عكس ما حدث في المذبحة، ثانياً مسئوليتها في الدفع للبلاد في هذا العنف نتيجة ممارساتها القمعية الوحشية وتغييبها لمناخ الحرية والعدل، وبشكل عام ورغم أن اصابع الاتهام تشير وبقوة إلى تورط تنظيم الدولة وعبر فرعه في سيناء في هذه المجزرة، إلا أننا لاحظنا أيضاً أن التصريح الرسمي الذي صدر على صفحة المتحدث العسكري لقوات الجيش المصري، جاء ليرسل رسالة واضحة وهي حرص النظام المصري على قتل كل المتورطين في الحادثة والبحث عن من تبقى حياً للقضاء عليه، أي انه .. لا شهود.
  • الثانية الحكم بالإعدام نهائياً على 15 مواطن من ابناء سيناء في القضية رقم ٤١١لسنه ٢٠١٣جنيات العسكرية كلي الإسماعلية ٤٥لسنه ٢٠١٣ من شمال سيناء، ولتبيان حجم الانتهاكات في تلك القضية نأخذ الشاب “يوسف عيادة سليمان 37 عاما” كمثال، هذا الشاب متزوج ولديه ثلاث أبناء وهو من ابناء قبيلة السواركة، قامت حملة أمنية بمنطقة المزرعة بالعريش باعتقاله من منزله بتاريخ 28 أغسطس 2013، دون اسباب أو أدلة أو احراز، ليتم الاحقه بالقضية كمتهم دون ايضاً تقديم أى حرز أو أدلة قطعية ضده هو والآخرين، وهو ما مثل حالة صدمة لذويهم وابنائهم، ليصبح السؤال هل سياسة الاحكام الجماعية والاعتماد فقط على محاضر التحقيق ستسهم في حفظ الأمن؟ أم ستكون وقود يزيد من اشعال نيران المجني عليهم بوجوب القصاص العادل ممن غيب العدالة؟

ايضاً شهد هذا الشهر كشف صحيفة (Haaretz ) “الإسرائيلية” عن مرور عام من انتهاء عقوبة الحبس للأسير المصري “أحمد سليمان سلمان السواركة 33 عاما”، وأن تل أبيب ترفض الإفراج عن معتقل مصري؛ لأسباب تتعلق بقضايا البيروقراطية بين إسرائيل ومصر التي لا تهتم بعودته، وقضية الشاب بدأت في مارس 2009، بعد تسلله للأراضي المحتلة الفلسطينية والقاء جهاز الأمن “شين بيت” القبض عليه واتهامه بالتنسيق مع حماس، إما لتنفيذ عمليات استشهادية في إسرائيل أو أسر جندي إسرائيلي ونقله من غزة إلى سيناء، ليتم الحكم عليه بالحبس 7 سنوات ونصف، وهو الحكم الذي انتهي في سبتمبر عام 2016، وتوضح تلك القضية رؤية النظام المصري لأى مشتبه به من ابنائها في محاولة استهداف الكيان الصهيوني، وبالطبع فإن السفارة المصرية في تل أبيب لم تعلق على ما ذكرته الصحيفة الإسرائيلية.

على جانب آخر يحرص النظام المصري على التسريع بعمليات اتمام اخلاء المرحلة الثالثة، والبدء في المرحلة الرابعة من المنطقة العازلة، رغم استغاثات أهالي وسكان المرحلة الثالثة، بأن يتم تأجيل هدم منازلهم، حتى يتم الانتهاء بما يسمى مدينة رفح الجديدة، وهو ما لم يستجب النظام له، وهي مؤشرات تشير إلى ارتباط تلك العمليات من تهجير وغيرها إلا وجود أغراض سياسية أخرى للنظام في سيناء، ويتم التعتيم عليها تحت شعار “مكافحة الإرهاب”.

وبشكل عام ففي حالة استمرار تجاهل ضرورة ايجاد آلية تجنيب مخاطر واتفاق يسعي لوضع اطر حماية للمدنيين بمحافظة شمال سيناء، سينتج عنه تزايد في عمليات القتل والاستهداف بشكل يساهم في تفكك النسيج المجتمعي في شمال سيناء، بل وقد يساهم في عمليات تستهدف تغيير التركيبة الديموغرافية لتلك المنطقة.

ثالثاً: التطورات الاقتصادية والتنموية:

يلاحظ أن النظام المصري يسير على خطة منهجية تهدف إلى إخلاء وتهجير قسري لسكان مدينة رفح، وقد أنهي في شهر نوفمبر اخلاء وتدمير المرحلة الثالثة من المنطقة العازلة برفح، ليبدأ بعدها في المرحلة الرابعة والتي ستشمل مناطق حي الصفا وابني بيتك، مع حرصه على تسجيل تعويضاته غير العادلة لسكان تلك المراحل بحيث لا يستطيع هؤلاء السكان المطالبة بأراضيهم تلك مرة أخرى.

يترافق مع مسار التفريغ والهدم في مدينة رفح، مسار تعمير آخر يسير بوتيرة متسارعة حيث أعلن الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس ورئيس المنطقة الاقتصادية للقناة، عن انتهاء المرحلة الأولى من تطوير ميناء العريش بإقامة رصيف شحن واستقبال للبضائع بقدرة استيعاب 80 ألف طن، بدلا من 7 آلاف طن وربطه بالمنطقة اللوجستية، لربطه بمصانع الأسمنت والرخام، والبدء في إنشاء نفق جديد مواز لنفق الشهيد أحمد حمدي بالسويس، منتصف ديسمبر 2017، على جانب آخر وقعت وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي الدكتورة/ سحر نصر، اتفاقيتين بقيمة إجمالية 17.5 مليون دينار كويتي، لدعم المشروعات بشمال سيناء مع مدير عام الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، حيث سيخصص ما قيمته  12.5 مليون دينار كويتي، لتمويل مشروع توصيل شبكات وروافع مياه الشرب بمدينة العريش في إطار تطوير البنية الأساسية لمنظومة مياه الشرب لتتواكب مع التزايد السكاني حتى عام 2037، والاتفاق الثاني هو ملحق لاتفاقية تمويل مشروع استصلاح 400 ألف فدان بشمال سيناء بقيمة 5 ملايين دينار كويتي، وهذا في إطار البرنامج التمويلي الذى يبلغ قيمته نحو 900 مليون دولار على مدار ثلاث سنوات.

أيضاً أعلن محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والري، الانتهاء من أعمال إنشاء سحارة ترعة السلام تحت قناة السويس بنسبة 100%، والسحارة عبارة عن 4 بيارات لاستقبال ودفع مياه بعمق 60 متر، من خلال بيارة قطرها الداخلي 18 مترا، و4 أنفاق قطر النفق 4 أمتار، في عمق 54 مترا تحت منسوب المياه، لنقل مياه النيل لمساحة 70 ألف فدان في سيناء، وطول النفق 420 مترا، ويأخذ المياه من امتداد ترعة السلام شرق القناة القديمة لشرق القناة الجديدة، ويخدم منطقة شرق السويس والبحيرات والإسماعيلية الجديدة، وهذا بالإضافة إلى ترعة الشيخ جابر الصباح والتي ستغذي 9 ترع فرعية بمنطقة سهل الطينة وترعة جنوب القنطرة شرق الرئيسية وفروعها ومآخذ الري بمنطقتي رابعة وبئر العبد، وبهذا تكون المساحات المستصلحة موزعة على مناطق سهل الطينة زمام 50 ألف فدان، وجنوب القنطرة شرق زمام 75 ألف فدان، ورابعة زمام 70 ألف فدان، وبئر العبد زمام 86.5 ألف فدان، منطقة السر والقوارير والمناطق البديلة بالمزار والميدان زمام 118,5 ألف فدان، بالإضافة إلى ربط طريق (بالوظة – بور فؤاد) الدولي بطريق ( القنطرة شرق – العريش ) لتسهيل الحركة من وإلى ميناء شرق التفريعة شرق بورسعيد، يضاف إلى هذا إعلان الهيئة الهندسية بالبدء في إنشاء مدينة “بئر العبد الجديدة” على مساحة 1940 فدانا شمال مدينة بئر العبد وعلى بعد 500 م من بحيرة الرواق.

دلالات التطور:

يمكن الربط بين مشروعات الإخلاء والتهجير مع مشروعات التنمية في شمال سيناء، حيث يلاحظ قيام النظام المصري بتطوير ميناء العريش بقدرة استيعابية تتجاوز الاحتياج الحالي إلا لو أن هناك تطورات سياسية خلال الفترة القادمة ستؤدي إلى زيادة أعمال الشحن والتفريغ في الميناء، يترافق مع هذا تطوير شبكة المياه بمدينة العريش، وانشاء سحارة سرابيوم ومشاريع تمويل اقتصادي لمدة ثلاث سنوات ومستهدفات تنمية تصل إلى منطقة بئر العبد مع بناء مدينة جديدة بها، فهل يعد هذا اعادة تأهيل لتلك المنطقة بحيث تصبح مستعدة لاستقبال من سيتم تهجيرهم في اطار صفقة القرن؟ أيضاً هل يمثل الاهتمام بالبنية الأساسية لمياه الشرب في مدينة العريش ورفع كفاءتها المتدنية بالفعل، هل يشمل هذا الأمر تخطيط أكبر من هذا لتأهيل شبكات المياه للتوسع مستقبلاً باتجاه منطقة رفح في إطار دعم من سيتم تسكينهم في تلك المناطق بعد ان انتهاء عملية التهجير؟

قد لا تتوفر إجابات واضحه بشكل محدد حتى الآن، إلا أن المشهد التنموي في سيناء لا يمكنني قراءته بمعزل عن ما أعلنه ولي العهد السعودي/ محمد بن سلمان، من تصريحات حول مشروع “نيوم” وارتباطه بمصر، وأقامه منطقة حرة في شمال سيناء، وربط هذا مع تحركات وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي المصرية “سحر نصر”، مع الصندوق الكويتي والسعودي للتنمية، والخطوات المتسارعة في حصول مصر على باقي شرائح تمويل المشروعات في شبه جزيرة سيناء.

وبالنظر إلى المدد الزمنية للمشروعات، يمكن قراءة أن شبه جزيرة سيناء، اصبحت جزء اساسي في إطار عملية تغيير سياسي في منطقة الشرق الأوسط، وان تلك العملية تهدف إلى دعم وصول محمد بن سلمان لكرسي الحكم السعودي، وتستلزم بقاء عبد الفتاح السيسي على رأس السلطة المصرية لمدة رئاسية اخرى على الأقل.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
Close
زر الذهاب إلى الأعلى
Close