fbpx
دراسات

آفاق التحول الديمقراطي في المغرب بعد انتخابات 2021

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقدمة:

شكل اقتراع 08 سبتمبر 2021 بالمغرب حدث تاريخي طبع المشهد السياسي المغربي، بل هناك من اعتبر نتائج هذا الاقتراع صدمة أو انتكاسة…، وفي ظل هذا التعدد من التأويلات، إذا ما أمعنا النظر جيدا في صناعة السياسات بالمغرب قد نجد ملامح هذه الانتخابات بدأت تتشكل مباشرة بعد بلاغ الديوان الملكي[1] بإقالة السيد “عبد الإله بنكيران” في حكومة 2016 وتعيين السيد “سعد الدين العثماني” بدلا عنه، لا يمكن فصل أي محطة سياسية عن سياقها وما سبقها من سياقات تاريخية لأن هناك “شجرة أنساب”[2]. ومن هذا المنطلق وجب الأخذ بعين الاعتبار تطور المسار الانتخابي في المغرب مع قراءة في سلوك الأحزاب وفق البيئة السياسية.

ساد المجتمع المغربي نوع من الاستياء والسخط من المشاركة الانتخابية وذلك راجع لمنسوب الثقة الذي انخفض بشكل كبير، سواء المؤسسات التمثيلية أو المؤسسات المنتخبية، وأظهر تقرير صدر عن “المعهد المغربي لتحليل السياسات” حول مؤشر الثقة في المؤسسات[3] نتائج غير مرضية و تدق ناقوس الخطر حول ما آلت إليه الأوضاع بالمغرب. حيث لا يمكن الحديث عن انتخابات 08 سبتمبر دون الأخذ بعين الاعتبار هذه الأرقام، فإن كانت الانتخابات آلية لتمثيل الشعب، فمن الضروري معرفة مواقف وآراء هذا المجتمع (أو الناخب إن صح التعبير). كما لا يفوتنا الإشارة إلى مدى التزام الحكومة التي سبقت انتخابات 2021، فتقييم سياساتها و أدائها يلعب دور مهم في فهم براديغمات نتائج الانتخابات.

سنتناول في هذه الدراسة المعنونة بـ”انتخابات 08  سبتمبر 2021 بالمغرب مساراتها وتداعياتها” المشهد السياسي قبل الاقتراع أو تأثيث مشهد 08 سبتمبر 2021 إن صح التعبير، و هذا راجع بالأساس لمعرفة عمل الحكومة السابقة فهو محدد بالدرجة الأولى في السلوك الانتخابي للمواطن، و من جهة أخرى وجب إمعان النظر في سلوك الأحزاب و النخب السياسية بمنطلق جدلي مع الفاعل السياسي الأساسي بالمغرب، و هذا النسق كاملا لا يجب أن يخلوا من ممارسة الفعل الديمقراطي الذي خطى المغرب الحديث خطوته الأولى في بداية الألفية الثانية (حسب الجابري) أو ما يسمى بالمفهوم الجديد للسلطة. و إذا ما اعتبرنا الحديث عن هذه الإشكالات المذكورة أعلاه بمثابة تشخيص لواقع المغرب قبل 2021(أي الانتخابات)، فلا يسعنا إلا الخوض في غمار الانتخابات من خلال قراءة نتائجها ووضع تصور عام للحكومة التي أفرزها هذا الاقتراع، مع الحرص على تأويل هذه المعطيات دائما على ضوء المسار الديمقراطي المغربي، ثم نحاول تشخيص أهم إشارات العمل الحكومي بعد مضي ما يقارب 3 أشهر و نيف.

إن الخوض في هذا الموضوع وفق هذا التصور المطروح يجعلنا نقاربها وفق المنهجية الثنائية، بحيث نتناول في الشق الأول مغرب ما قبل الانتخابات(08 سبتمبر 2021) و في الشق الثاني مغرب ما بعد الانتخابات، و بالتالي سنحاول تأطير هذا النقاش من خلال مبحثين، سنتحدث في المبحث الأول عن ملامح المشهد السياسي المغربي قبل الانتخابات، و سنخصص المبحث الثاني للحديث عن تأويل نتائج الانتخابات و قراءة في تشكيل الحكومة الائتلافية على ضوء المسار الديمقراطي.

المبحث الأول: ملامح المشهد السياسي ما قبل انتخابات 8 سبتمبر 2021

لا يمكن فهم أي نتائج اقتراع سواء في المغرب أو غيره من الدول دون الرجوع إلى الأداء الحكومي السابق، و من هذا المنطلق تتمثل في اعتقادنا قناعة تامة أن حصيلة حكومة2017-2021 برئاسة السيد “سعد الدين العثماني” الأمين العام لحزب “العدالة و التنمية” تشكل عامل مهم في محاولة فهم الاستحقاقات الانتخابية لسنة2021، كما لا يفوتنا الإشارة أن المتتبع للشأن العام قد يستشف بشكل تقريبي الصورة الانتخابية وفق الصورة العامة التي ترسمها الأحزاب السياسية في المشهد السياسي المغربي، وخصوصا الأحزاب المهيمنة عليه، وفق ملاحظات دقيقة لتغيير قياداتها في مؤتمراتها سواء العادية أو الاستثنائية، كما من المفترض أن نمعن النظر جيدا في التحالفات الحزبية غير المباشرة قبل الانتخابات أو عزل أحزاب معينة ومحاولة إخراجها و تهميشها، كل هذه العوامل يجب دراستها لاستيعاب النتائج الانتخابية لسنة2021. وسنحاول ملامسة هذه الإشكالات وفق المطلبين: سنخصص المطلب الأول للحديث عن تقييم موجز لحكومة ما قبل الاقتراع لسنة2021، أما المطلب الثاني سنتناول فيه المشهد الحزبي العام قبل الانتخابات.

المطلب الأول: تقييم موجز لحكومة السيد “سعد الدين العثماني”

قبل الحديث بشكل مباشر عن البرنامج الحكومي وجب النظر في آلية تعيين وتنصيب رئيس الحكومة السيد سعد “الدين العثماني” في حين كان من المفترض بل من الواقعي والديمقراطي أن يترأس هذه الحكومة السيد “عبد الإله بنكيران” الأمين العام للحزب آنذاك، ولصعوبة هذا الأخير تشكل الحكومة الائتلافية تم إعفاؤه وتعويضه بالسيد العثماني، إذ لا يمكن التغافل عن هذا الحدث السياسي الهام الذي يحيلنا إلى زمن ما قبل دستور2011، حيث سنسلط الضوء على هذا الحدث في نقاش دستوري وقانوني و ديمقراطي، كما سنحاول وضع مجموعة من الملاحظات التي قد تؤطر لنا التصور العام لعمل “حكومة العدالة والتنمية” برئاسة “سعد الدين العثماني”، وباعتبار أن برنامج هذا الأخير يحمل مجموعة من الأرقام والمؤشرات الواضحة سنقوم بجرد حصيلة الحكومة و مقاربتها بالأرقام التي وعدت بها الحكومة. وسنقوم بهذه المقاربة في الفقرتين: سنخصص الفقرة الأولى للحديث عن الوضعية الدستورية لإعفاء السيد “عبد الإله بنكيران” وتعيين السيد سعد الدين العثماني” رئيسا للحكومة، و سنخصص الفقرة الثانية للحديث عن المؤشرات الاقتصادية في ولاية هذه الحكومة و مقارنتها مع الوعود التي تقدمت بها.

الفقرة الأولى: التنصيب الحكومي و المنهجية الديمقراطية

عرفت حكومة “سعد الدين العثماني” مرحلة ما قبل تعيينه على رأس الحكومة، حيث عين الملك السيد “عبد الإله بنكيران” لتشكيل الحكومة بعد فوز حزب العدالة و التنمية باستحقاقات الانتخابات التشريعية لسنة 2016، دامت المفاوضات ما يقارب ستة أشهر بدون فرز أي أغلبية نظرا لتشبت التحالف الحزبي الأخر بدخول “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” في حين رفض الأستاذ عبد الإله بنكيران هذا الشرط، حيث عرفت هذه المرحلة انحباس سياسي سمي بـ “البلوكاج”، في هذا السياق أقال الملك رئيس الحكومة السابق(الأمين العام للحزب) و عين بدلا عنه رفيقه في نفس الحزب الأستاذ “سعد الدين العثماني”(رئيس المجلس الوطني للحزب آنذاك). الأمر الذي خلق جدلا دستوريا أحالنا على مجموعة من التأويلات حول مدى دستورية إقالة “بنكيران” و تعيين “العثماني”، فهناك من اعتبر أن للملك أن يعين رئيس الحكومة من الحزب المتصدر نتائج الانتخابات[4] و بالتالي الدستور لا يفرض أن يعين الملك رئيس الحزب لتشكيل الحكومة، بل يتيح له إمكانية تعيين أحد أعضاء الحزب المتصدر نتائج الانتخابات لتشكيل الحكومة، و من هذا المنطلق يعتبر بلاغ الديوان الملكي القاضي بتعيين “سعد الدين العثماني” دستوري. اعتبر الدكتور “أحمد بوز” أن النص الدستوري لما يكون واضحا لا يحتاج إلى تفسير و الفصل 47 له قراءة وحيدة هي : يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب المتصدر للانتخابات، و إن فشل رئيس الحكومة المكلف في هذه المهمة يتم تعيين شخص آخر من الحزب نفسه الذي تصدر الانتخابات. و إلا سيكون حل مجلس النواب و تنظيم انتخابات جديدة هو الحل الوحيد[5].

لكن هذا القرار وفق علته الدستورية يخلق إشكالية بدون جواب… أو يمكن اعتبارها إشكالية تسقط الحجة الأولى، باعتبار أن للملك أن يختار أي شخصية سياسية من الحزب المتصدر نتائج الانتخابات التشريعية وفق الفصل 47 من الدستور، و بالتالي من المفروض أن يعين الملك أحد شخصيات الحزب المتصدر لنتائج الانتخابات مباشرة بعد الفرز، في حين صدر بالجريدة الرسمية قرار تعيين “عبد الإله بنكيران” رئيس الحكومة[6]، و بالتالي هنا انتهت إمكانية اختيار شخصية أخرى من داخل الحزب إلا بعد الجواب على إشكالية؟ و بالتالي يجب أن يكون جواب دستوري حول إقالة أو إعفاء الأستاذ عبد الإله بنكيران حيث نجد لرئيس الحكومة أن يستقيل، لكن إعفاءه غير وارد في الدستور حيث يجب أن يقدم استقالته بمبادرة منه[7]، و الدستور لا يجيب على مجموعة من الإشكالات بخصوص مؤسسة الحكومة و غياب الآثار الدستورية في حالة الإقالة أو العجز.

وهناك إشكال آخر  بالرجوع إلى مقتضيات القانون التنظيمي رقم 065 .13 الصادر بتاريخ 19 مارس 2015 والمتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها، يلاحظ بأن المشرع أدمج “الحكومة الجديدة التي لم تنصب بعد” في المنظومة المعيارية المؤطرة لحدود اشتغال حكومة “تصريف الأعمال الجارية”، وذلك، من خلال إحالة نص المادة 38 من القانون التنظيمي المذكور على الفقرة الأولى من المادة 37 التي تؤطر حدود صلاحيات حكومة تصريف الأعمال، وهو ما يعنى أنه وحتى إذا تمكن رئيس الحكومة المعين من تشكيل الحكومة والحصول على ظهائر التعيين، فإن هذه الحكومة مع ذلك، تعتبر “حكومة تصريف أعمال” تتكلف فقط بإعداد البرنامج الحكومي وإصدار تفويض الاختصاص أو الإمضاءات الآزمة لضمان استمرارية المرافق العمومية وممارسة باقي الصلاحيات الخاصة بحكومة تصريف الأعمال، وهو ما يستدعي طرح سؤال ملح، ما هو المصوغ والسند الدستوري الذي يبرر تمتيع رئيس أي حكومة بحصانة مطلقة تجاه سلطة الملك في الإعفاء والحال أن رئيس الحكومة لم يشكل بعد حكومته ولم ينل بعد ثقة مجلس النواب؟[8].

وبالتالي أمام هذه الأزمة الدستورية المرافقة للانحباس السياسي الناتج عن البلوكاج الحكومي تكثر التأويلات الدستورية من طرف الفرق السياسية كل من موقعه، و في النهاية عملا بالنقاش الذي رافق التصويت على دستور 2011 بتأويل نصوص الدستور تأويلا ديمقراطيا (رغم أن الإشكالات الدستورية تلزمها حلول و تعديلات) يفترض تنزيل دستوري يحافظ على المنهجية الديمقراطية. فإذا ما افترضنا أن قرار الديوان الملكي بتعيين “العثماني”[9] بدل رفيقه “بنكيران” لتشكيل الحكومة قرار لسد فراغ سياسي(البلوكاج) الذي نتج بإهمال دستوري لدائرة المفاوضات بمعنى أنه لا يوجد نص دستوري و معياري صريح يؤطر للحوادث السياسية التي يمكن أن تقع في الطريق المؤدية لتشكيل الحكومة[10]، أليس من المفروض تنزيل الدستور وفق قراءة ديمقراطية؟ خصوصا في الأزمات السياسية التي تظهر الطبيعة الديمقراطية أو السلطوية للدولة.

الفقرة الثانية : أهم المؤشرات الماكرواقتصادية في حكومة “العثماني”

إن جوهر العمل الحكومي يكمن في نجاحها الاقتصادي “الاقتصاد محرك التاريخ”، كما أن الكتابات الأكاديمية التي تدعم بشكل إيجابي أي عمل سياسي-حكومي يكون غالبا ما حقق نجاحا اقتصاديا، وبالتالي سنحاول بشكل بسيط الاشتغال على مقارنة نتائج العمل الحكومي بوعودها التي قدمتها في البرنامج، ثم سندرس المجالات التي لم تفضي بأرقام مستهدفة. سنستند بخصوص النتائج التي أفضت إلى أرقام مستهدفة إلى الإحصاءات الرسمية المتاحة سنة2021 مع التحفظ على سنة 2021 في حد ذاتها نظرا لغيات الإحصاءات بخصوصها كما أن كتابة هذه المقاربة في السنة نفسها، وغالبا ما يتم نشر الأرقام بعد نهاية السنة.

أولا: النمو و البطالة

أول مؤشر مهم للاقتصاد الكلي بطبيعة الحال هو النمو الناتج المحلي الإجمالي، قد التزمت الحكومة بمعدل بين 4.5 و5.5 خلال الفترة 2017-2021، بحيث كان من المفروض أن يتم الدفع بنفس إيجابي من خلال نمو الناتج المحلي الإجمالي غير الفلاحي، الذي كان من المفروض أن يتطور بنفس المعدل بين 4.5 و5.5، كما تعهدت الحكومة بتقليص معدل البطالة في حدود 8.5، وتضع معدل التضخم في نسبة أقل من 2 والحفاظ على عجز الميزانية في حدود 3%.

الجدول الأول[11] (إعداد الباحث) : مؤشرات الاقتصاد الكلي (الوعود و النتائج) لمرحلة 2017-2020

 

الهدف

2017

2018

2019

2020

المعدل

2017-2020

هل تحققت؟

الناتج المحلي الإجمالي

بين 4.5 و 5.5

4.1

3.1

2.6

6.3 –

0.875

لا

الناتج المحلي الإجمالي غير الفلاحي

بين 4.5 و 5.5

2.7

3.1

3.7

6.0 –

0.875

لا

البطالة

في حدود 8.5%

10.2

9.5

9.2

11.9

10.2

لا

التضخم

أقل من 2%

0.2

1.6

1.3

0.4-

0.675

نعم

عجز الميزانية

في حدود 3%

3.5

3.9

3.7

7.4

4.625

لا

  • معدل النمو

الرسم البياني 1: يعبر هذا الرسم عن معدل النمو(الناتج المحلي الإجمالي) الذي حققته حكومة “سعد الدين العثماني” مقارنة بما تعهدت به هذه الأخيرة في برنامج 2017 – 2021. حيث نجد أن هذه الحكومة لم تصل إلى معدل 4.5(كحد أدنى) الذي تهدف إليه طيلة ولايتها، و بالتالي فشلت هذه حكومة في تحقيق النمو الذي وعدت به بل تم تسجيل معدل نمو جد ضعيف يقدر بـ 0.875 بين2017-2020، حيث حققت الحكومة السابقة(عبد الإله بنكيران) معدل 3.2، كما يمكن اعتبار هذا المعدل تعبير عن الفشل الذي رافق حكومة العثماني. من باب الأمانة العلمية نضع كذلك الأرقام التي نشرتها مؤسسة رئيس الحكومة.

الرسم البياني 1 (المصدر[12]) : معدل النمو(الناتج المحلي الإجمالي)

معدل النمو(الناتج المحلي الإجمالي)

خلال مرحلة 2017-2021 “حكومة العثماني”

– الخط الأحمر: “هدف الحكومة”

– الخط الأزرق: “ما حققته الحكومة في معدل النمو”

الرسم البياني 2: نفس الأمر بالنسبة لهذا المبيان، إذ يعبر هذا الرسم عن معدل النمو(الناتج المحلي الإجمالي غير الفلاحي) الذي حققته حكومة “سعد الدين العثماني” مقارنة بما تعهدت به هذه الأخيرة في برنامج 2017 – 2021. حيث نجد أن هذه الحكومة لم تصل إلى معدل 4.5(كحد أدنى) الذي تهدف إليه طيلة ولايتها، و بالتالي فشلت هذه حكومة في تحقيق النمو الذي وعدت به بل تم تسجيل معدل نمو جد ضعيف يقدر بـ 0.875 بين2017-2020، حيث حققت الحكومة السابقة(عبد الإله بنكيران) معدل 3.2، كما نسجل أن الحكومة فشلت فشلا ذريعا للحفاظ على معدل الحكومة السابقة إذ لم تستطع الوصول إلى الهدف المنشود، بالرغم أن المغرب كان يمر بمرحلة استثنائية في تاريخه و تاريخ العالم تمثلت في أزمة اقتصادية و ركود طال كل القطاعات بسبب جائحة كوفيد-19، ففي السنتين 2017 و 2018 بالرغم أن الحكومة لم تحقق الهدف و ظلت بعيدة عنه إلا أنها أرقام كبيرة بالمقارنة مع السنوات التي شملتها الجائحة.

الرسم البياني 2 (المصدر[13]): معدل النمو (الناتج المحلي الإجمالي غير الفلاحي)

معدل النمو (الناتج المحلي الإجمالي غير الفلاحي)

خلال مرحلة 2017-2021 “حكومة العثماني”

  • البطالة

الرسم البياني 3: يعبر هذا الرسم عن معدل البطالة الذي حققته حكومة ” سعد الدين العثماني” مقارنة بما تعهدت به هذه الأخيرة في برنامج 2017 – 2021.  نلاحظ بشكل ملموس ارتفاع في معدل البطالة، والذي وصل بين (2017-2020) لـ 10.2%، على غرار ما وعدت به هذه الحكومة بتنزيل معدل البطالة في حدود 8.5%. و هنا كذلك لا يمكن إلا أن نستنتج عد على خفض البطالة. صحيح أن الحكومة استطاعت خفض معدل البطالة في سنتي 2017 – 2019 لكن لا يمكن وضعه مكان الإنجازات الإيجابية لأنها لا تصل حتى لتطلعات الحكومة نفسها التي وعدت بـ8.5 (انظر الشكل الثاني)

الرسم البياني 3 (المصدر[14]): تطور معدل البطالة “حكومة سعد الدين العثماني” إلى غاية 2020

تطور معدل البطالة "حكومة سعد الدين العثماني" إلى غاية 2020

  • التضخم

حسب الرسم البياني 4 : نلاحظ أن الحكومة استطاعت أن تحافظ على نسبة التضخم أقل من 2، لكنه أمر اعتيادي إذ يعد انخفاض التضخم إحدى خصائص الاقتصاد الكلي التي تشترك فيه كل بلدان العالم[15] إلا أنه هذه استطاعت الحكومة أن تحققه.

الرسم البياني 4 (المصدر[16]):

عجز الميزانية

  • عجز الميزانية

قبل الحدث عن العجز في الميزانية بالنسبة لحكومة العثماني 2017-2021 لنلقي نظرة بين أرقام العجز في الميزانية بالنسبة للحكومة السابقة وهذه الحكومة

 

حكومة بنكيران

حكومة العثماني

أرقم العجز في الميزانية

الهدف 3%

من7%  إلى 4.4%

الهدف 3%

من 3.5% إلى 7.4%

نتيجة المؤشر

انخفاض العجز في الميزانية

نتائج غير مرضية

ارتفاع كبير للعجز في الميزانية

نتائج جد غير مرضية

الرسم البياني 5 : يعبر هذا الرسم عن العجز في الميزانية (بالنسبة المئوية من الناتج المحلي الإجمالي) الذي حققته حكومة ” سعد الدين العثماني” مقارنة بما تعهدت به هذه الأخيرة في برنامج 2017 – 2021.  نلاحظ أن مؤشر العجز انخفض في هذه حكومة من 3.5 سنة2017  إلى 7.4 سنة2020، وهو أمر سلبي و يبرهن عدم نجاح هذه الحكومة في خفض العجز في الميزانية أو الحفاظ على استقراره.

الرسم البياني 5 (المصدر[17]) : نسبة العجز في الميزانية في حكومة العثماني

نسبة العجز في الميزانية في حكومة العثماني

ثانيا: الاستثمارات و العجز و الديون

يعتبر الاستثمار، العجز التجاري و الديون من المؤشرات الماكرواقتصادية التي لم يتناولها البرنامج الحكومي و إذا أحسنا التعبير لم تغامر الحكومة في تقدير أهداف لهم.

الجدول الثاني[18] : المؤشرات الاقتصادية التي لم يستهدفها البرنامج الحكومي بالأرقام

النسب المئوية من الناتج المحلي الإجمالي

2017

2018

2019

2020

معدل الادخار الوطني

28.9

27.9

27.3

معدل الاستثمار

33.3

33.5

32.6

العجز التجاري

17.8-

18.3 –

18.5 –

14.4 –

الدين العام

81.6

82.2

82.3

94.6

دين الخزينة

65.1

65.8

64.9

77.7

  • معدل الادخار الوطني و الاستثمار

معدل الادخار الوطني هو %28,9 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2017، أما في 2018 فكان معدل الادخار 27.9% و بخصوص معدل الادخار الذي يهم سنة 2019 يقدر بـ 27.3% .

معدل الاستثمار في حدود 33.3%  من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2017، أما معدل الاستثمار لسنة 2018 وصل إلى 33.5%، وبالنسبة لسنة 2019 يقدر معدل الاستثمار في حدود 32.6% .

الرسم البياني السادس[19] : معدلات الاستثمار و الادخار في حكومة العثماني

معدلات الاستثمار و الادخار في حكومة العثماني

2ـ العجز التجاري

يقدر عجز الميزان التجاري بــ %17.8-  من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2017، و في سنة 2018 يقدر عجز الميزان التجاري في حدود %18.3-، سنة 2019 فقد ارتفع عجز الميزان التجاري لـ 18.5-%، في حين انخفض كثيرا سنة 2020 وصل لـ (14.4-)% .

الرسم البياني السابع[20] : العجز التجاري في حكومة العثماني

العجز التجاري في حكومة العثماني

3ـ الدين العام و دين الخزينة

يحدد معدل الدين العمومي الإجمالي %81,6  من الناتج الداخلي الإجمالي سنة2017، و ارتفع  المعدل لـ 82.2%  من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2018، أما سنة 2019 فقد ارتفع كذلك معدل الدين العمومي الإجمالي لـ 82.3%، و نلاحظ ارتفاع  لمعدل الدين العمومي الإجمالي من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2020 حيث وصل  94.6% .  

يحدد معدل الدين للخزينة  %65,1 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2017،  و ارتفع المعدل لـ  65.8% من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2018، أما سنة 2019 فقد انخفض بشكل طفيف معدل الدين للخزينة  لـ64.9%، و نلاحظ ارتفاع كبير  لمعدل الدين للخزينة  من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2020 حيث وصل  77.7%.   من خلال نتائج مؤشرات الدين العام و دين الخزينة يتضح مدى فشل الحكومة في تدبير هذا الارتفاع المهول للمديونية.

الرسم البياني الثامن[21] : الدين العام و دين الخزينة في حكومة العثماني

الدين العام و دين الخزينة في حكومة العثماني

الرسم البياني 9 (المصدر[22]) : تطور دين الخزينة بالنسبة المئوية من الناتج الداخلي الخام

تطور دين الخزينة بالنسبة المئوية من الناتج الداخلي الخام

المطلب الثاني: بعض مؤشرات تأثيث انتخابات2021

عرفت مرحلة ما قبل الانتخابات جدلا ونقاشا كبيرا حول ما إن كان الناخب قد يجدد الثقة في الحزب الذي يترأس الحكومة أم لا؟ حيث هناك من كان يعتبر أن لحزب العدالة و التنمية حاضنة شعبية ثابتة تخول له الفوز باستحقاق انتخابات2021 مجددا، و من جهة لآخرى كان هناك سخط المواطن مع احتمالية التصويت العقابي على الحزب الذي ترأس الحكومة السابقة.

لاحظنا في مرحلة تدبير الحكومة السابقة مجموعة من الإشارات على إثر صنع سياسات حكومية معينة تخلق تناقضات فوقية[23] بهدف إرساء تناقضات قاعدية، ونقصد بالتناقضات القاعدية فقدان الحزب لكتلته الشعبية على إثر سياسات تضرب العمق الاجتماعي، من هذا المنطلق سنحاول الحديث عن تجليات عزل حزب العدالة و التنمية.

بالإضافة إلى تشخيص حزب العدالة و التنمية، نلاحظ كذلك أن الوضع الحزبي المغربي يشوبه نوع من التعديلات، بحيث أن هناك العديد من الأحزاب عرفت تراجعا تنظيميا أو تناقضات داخلية انعكست  على الواقع الانتخابي.

سنحاول تشخيص هذا الوضع الحزبي وفق سياقات كل تنظيم من خلال مجموعة من الفقرات، سنخصص الفقرة الأولى للحديث حول عزل حزب العدالة والتنمية عن المشهد الحزبي بالمغرب حيث بدأ ينظر له من طرف جميع الألوان السياسية الأخرى كخصم، وسنتحدث في الفقرة الثانية عن أهم التغيرات التي طرأت على الأحزاب السياسية في سياق ما قبل الانتخابات، ثم نخصص الفقرة الثالثة للحديث عن نزاهة الانتخابات.

الفقرة الأولى: عزل حزب العدالة و التنمية

عرف المشهد الحزبي المغربي نمط مغاير في مرحلة تدبير الحكومي 2017-2021، حيث تجندت الأحزاب السياسية (خصوصا الأحزاب الإدارية[24]) بالتحضير لانتخابات 2021، عرف حزب العدالة و التنمية مجموعة من الاستقالات في صفوفه، كما تراجع دوره على مستوى المجتمع المدني ودراعه الشبيبي والطلابي نتيجة مجموعة من التناقضات و السياسات، كما عرف المشهد الحزبي حملة كبيرة من “الترحال السياسي”[25]. و أمام هذا التشخيص ونظرا لمجموعة أخرى من العوامل تارة تكون ذاتية يمر بها حزب العدالة و التنمية، و تارة تكون نتيجة لسياسات عمومية كان مساهما في صنعها وتارة تكون أجندة أحزاب منافسة له، شهد الحزب نوعين من العزل في المشهد الحزبي، يمكن أن نميز بين العزل البيروقراطي يتمظهر في ابتعاد الأحزاب و النخب عن الاشتغال معه، أو العزل القاعدي الشعبي الذي يأتي وفق سخط المواطن من سياسات عمومية غير ناجعة.

أولا : العزل الفوقي لحزب العدالة و التنمية

على إثر ظهور نتائج انتخابات 07 أكتوبر2016 بفوز حزب “العدالة و التنمية” بـ 120 مقعد و تصدره الاستحقاقات، عين الملك السيد عبد الإله بنكيران رئيسا للحكومة ليقوم بمشاورات مع باقي الأحزاب حتى يشكل الحكومة، وبعد كثير من العراقيل وخطوط حمراء رفعتها بعض الأحزاب لعدم مشاركة أخرى…، صدر بلاغ مشترك لأربعة أحزاب (التجمع الوطني للأحرار، الاتحاد الدستوري، الحركة الشعبية و الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية) بتشكيل حكومة قوية تلتزم بالعمل المشترك من أجل الوصول إلى تقوية وتعزيز التحالف الحكومي، متشبثين بتشكيل الحكومة مع العدالة و التنمية بشكل جماعي. أعلن عبد الإله بنكيران انتهاء المشاورات مع الأمناء العامين لهذه الأحزاب واستمر “البلوكاج[26] الحكومي” إلى حين إعفاء السيد بنكيران في 15 مارس2017 من خلال بلاغ للديوان الملكي. لا يمكن تجاوز هذا المشهد الاستثنائي في التاريخ السياسي المغربي وعدم اعتباره نوع من العزل السياسي لحزب معين وفق أجندات مصلحية للأحزاب الأخرى.

على المستوى البرلماني، بدأت تظهر عزلة حزب العدالة والتنمية عن باقي الفرقاء السياسيين من خلال التصويت على القوانين، فعلى سبيل المثال أثناء التصويت على القانون التنظيمي رقم 04.21  يقضي بتغيير و تتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب. بالرغم أن الحزب هو المشكل للأغلبية الحكومية اعتقد برلمانيو الحزب أن هذا القانون التنظيمي، أو القاسم الانتخابي[27] إن صح التعبير يستهدفهم بشكل مباشر لتحجيم عدد نوابهم في البرلمان المقبل. تمت المصادقة على مشروع القانون التنظيمي 04.21 بـ162 برلمانيا، في حين رفضه 104 برلمانيا عن حزب العدالة و التنمية، و امتنع برلماني واحد عن فيدرالية اليسار الديمقراطي.

لجأ برلمانيو العدالة و التنمية للمحكمة الدستورية، من أجل الطعن في القانون التنظيمي 04.21 لعدم دستوريته، و قررت المحكمة بأن هذا الأخير ليس فيه ما يخالف الدستور[28].

ثانيا : العزل القاعدي و الشعبي لحزب العدالة و التنمية

شكلت مناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني أحد اللبنات الأساسية للترسانة الفكرية لحزب “العدالة والتنمية” منذ تأسيسه سنة 1967(الشبيبة الإسلامية)[29]، حيث شدد هذا التيار السياسي منذ ظهوره في المجتمع المغربي على عدالة القضية الفلسطينية. بل الأكثر من ذلك لم يكن هذا الأمر مجرد شعار يرفعه الحزب في سياقات سياسية بشكل براغماتي، بل كان مدرج في أدبيات الحزب و يتم اعتباره مبدأ أساسي يقوم عليه فكر التنظيم.

من هذا المنطلق لا يمكن أن ننكر وجود عطب على مستوى مرجعية الحزب، و إن كانت الأحزاب في المغرب التي تعيش هامش من الديمقراطية الداخلية (بالرغم من قلتها) تعالج أعطابها في المؤتمرات والحوارات الداخلية مع قواعدها، إلا أن العدالة والتنمية عاش منذ 2017 تباين وتباعد بين القيادة الحزبية والقواعد، بل حتى بين القيادة مع بعض أبرز قادة الحزب، خصوصا بعد فشل السيد عبد الإله بنكيران بتشكيل الحكومة وقاد بلوكاج حكومي لمدة ستة أشهر تقريبا نتج عنه بلاغ للديوان الملكي أبعده عن المشهد السياسي، وتعيين سعد الدين العثماني بدلا عنه مما خلف تناقضات بين قادة الحزب انعكست على الحزب بشكل كلي. فقد ظل الحزب في حالة من الركود كما عرف مجموعة من الانسحابات من صفوفه خاصة فئة الشباب، لكن ما زال أغلب المثقفين يعتبرون أن للحزب قاعدة شعبية ثابتة.

في الزمن الذي يمر فيه الحزب بتصدعات داخلية و يحاول الخروج منها، وقع الأمين العام للحزب السيد سعد الدين العثماني رئيس الحكومة السابق بتاريخ 22 ديسمبر2020 اتفاقية التطبيع مع إسرائيل، تسبب هذا القرار أو التصرف في زلزال شعبي خاض في الأثناء قيادات حزب العدالة والتنمية ومستشاروه نقاشات ومحاورات تمخضت عن بروز خلافات حادة وانقسامات أسفرت عن الإعلان عن عدة استقالات. وكان من بينها إعلان النائب البرلماني “المقرئ الإدريسي أبو زيد” قرار تجميد عضويته في الحزب، وذلك احتجاجاً على قرار التطبيع، تلا ذلك إعلان عدة قيادات بالحزب ومنها مشاركة في الائتلاف الحكومي عن استقالتها. وبات الحزب يعيش تصدعا داخليا غير مسبوق، وذلك قبل فترة وجيزة من تنظيم الانتخابات التشريعية، أضعفت تأثيره وصداه في الشارع المغربي.

الفقرة الثانية: ملامسة تغيرات المشهد الحزبي

عرف المشهد الحزبي مجموعة مهمة من التغيرات التي طرأت على الأحزاب السياسية في مرحلة ما قبل الانتخابات، وقبيل الانتخابات اكتملت الصورة حيث نجد أن أغلب الأحزاب غيرت زعمائها لتأتيت المرحلة المقبلة، فبمجرد الإعلان عن نتائج الانتخابات لسنة2016 اختار حزب “التجمع الوطني للأحرار”[30] السيد عزيز أخنوش رئيسا له بالإجماع، و في مؤتمر حزب “العدالة و التنمية” ساهم تعيين السيد سعد الدين العثماني على رأس الحكومة في التأثير على البيت الداخلي للحزب مما كان التنظيم ملزما (سواء بشكل مباشر أو غير مباشر) في وضع الثقة في رئيس الحكومة ليكون الأمين العام لحزب العدالة و التنمية.

كذلك اختار حزب “الاستقلال”[31] السيد نزار بركة أمينا عاما رغم كل المشاكسات التي قام بها السيد حميد شباط.

وعرف حزب “الأصالة و المعاصرة”[32] الكثير من التغييرات ليلائم المرحلة باعتباره حزب الدولة، كما يمكننا أن نشير لفشل تجميع أحزاب اليسار الحديث بالمغرب (فيدرالية اليسار الديمقراطي[33]) حيث باءت التجربة بالفشل قبيل الانتخابات مباشرة مما انعكست على نتائجهم، و ذهب حزب الاشتراكي الموحد في طريق بمعزل عن مشروع الاندماج، وانشق عن الاشتراكي الموحد تيار يسمى “التيار الوحدوي”، واختار التحالف مع حزبي المؤتمر الوطني الاتحادي والطليعة الديمقراطي الاشتراكي، ودخل للانتخابات باسم “تحالف اليسار الديمقراطي”. وحصل الحزب الاشتراكي على مقعد برلماني واحد كما حصل تحالف اليسار الديمقراطي على مقعد برلماني واحد في انتخابات 2021.

المبحث الثاني: قراءة في نتائج الانتخابات و تشكيل الحكومة

من غير الموضوعي مقاربة الانتخابات بمعزل عن المسار الديمقراطي الذي انطلق سابقا رغم مجموعة من الإرهاصات أو الأعطاب إن صح التعبير، بحيث إن أغلب من يتناول الانتقال الديمقراطي على ضوء الانتخابات بالمغرب يعالج إشكالية الانتقال الديمقراطي على مستوى الدساتير السلطوية من جهة، ومن جهة أخرى يتناولون الانتقال الديمقراطي في ظل دستور الانتقال الديمقراطي(القصد هنا دستور الصادر سنة 2011 في سياق حركة 20 فبراير). إلا أن الأقلام التي تتناول الانتخابات(انتخابات 2011 السابقة لأوانها و انتخابات2016)  بالمغرب بعد دستور 2011 – رغم إيجابيات هذا الدستور عن سابقيه- تأخذ الموضوع من باب الانتظارية، بحيث أن شروط ممارسة الفعل السياسي اختلفت عن الماضي على مستوى الدستور وعلى مستوى نزاهة الانتخابات لكنها ليست شروط ديمقراطية، فيمكن اعتبارها شروط توفر هامش ديمقراطي[34]، ومن هذا المنطلق ينتظر من نتائج التي تفرزها الانتخابات أن تحقق الانتقال على مستوى العمل الحكومي بنخب تتوفر على وعي بهذا الانتقال. من هذا المنطلق نكون أمام مجموعة من الإشكالات أبرزها… أي قراءة ممكنة لنتائج انتخابات 08 سبتمبر 2021؟ ما طبيعة الحكومة التي ستفرزها نتائج هذا الاقتراع؟ و أخيرا علاقة بالسؤالين السابقين، انتظارية الانتقال الديمقراطي على ضوء نتائج الانتخابات و تشكيلة هذه الحكومة؟

بعد هذه التوطئة والأخذ بعين الاعتبار التشخيص أعلاه في المحاور السابقة سنحاول الإجابة على الإشكالات المطروحة من خلال المطلبين. سنتناول في المطلب الأول نتائج إنتخابات2021 و محاولة فهمها، وسنخصص المطلب الثاني للحديث عن الانتقال الديمقراطي على ضوء الانتخابات و السيناريوهات الممكنة.

المطلب الأول: انتخابات 8 سبتمبر 2021: النتائج والتأويلات

تصدر حزب التجمع الوطني للأحرار نتائج انتخابات 2021 بحصوله على 102 مقعد برلماني في مجلس النواب من395، في حين حقق حزب العدالة و التنمية تراجعا غير مفهوم، إذ انتقل من الحزب المتصدر لنتائج انتخابات 2016 إلى حصوله على الرتبة الثامنة ب13 مقعد من أصل395. كما حصل حزب الأصالة و المعاصرة على الرتبة الثانية بـ87 مقعد برلماني، في حين تصدر حزب الاستقلال المرتبة الثالثة بـ81 مقعد نيابي. كما حصل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على 34 مقعدا متصدرا المرتبة الرابعة، وتلته الحركة الشعبية في المرتبة الخامسة بـ28 مقعد، تصدر حزب التقدم و الاشتراكية المرتبة السادسة بـ22 مقعد و الاتحاد الدستوري 18 مقعدا. تمثل حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية بـ5 مقاعد و جبهة القوى الديمقراطية بـ3 مقاعد، و مقعد واحد لكل من تحالف فيدرالية اليسار و الاشتراكي الموحد.

رسم بياني[35] : يوضح هذا الرسم البياني تمثيلية الأحزاب السياسية في انتخابات 2021

الهيئة السياسية

عدد المقاعد المحصل عليها

النسبة المئوية

التجمع الوطني للأحرار

102

25.82%

الأصالة و المعاصرة

87

22.03%

الاستقلال

81

20.51%

الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية

34

8.61%

الحركة الشعبية

28

7.09%

التقدم و الاشتراكية

22

5.57%

الاتحاد الدستوري

18

4.56%

العدالة و التنمية

13

3.29%

الحركة الديمقراطية الاجتماعية

5

1.27%

جبهة القوى الديمقراطية

3

0.76%

تحالف فيدرالية اليسار

1

0.25%

الاشتراكي الموحد

1

0.25%

المجموع

395

%100

شكلت حصيلة حزب “العدالة و التنمية” حالة استثنائية عند المتتبع المغربي أو المغاربي، الكل توقع تراجع المكانة الإنتخابية للحزب، لكن لم يتوقع أحد هذا التراجع المهول من المرتبة الأولى في انتخابات 2016 إلى المرتبة الثامنة في انتخابات 2021. وبعد ظهور نتائج الانتخابات اتجه الرأي العام إلى اعتبار هذه الحصيلة نتيجة للتصويت العقابي ضد حزب قاد الحكومة لولايتين بدون الوصول إلى تطلعات المواطن المغربي، لكن إذا كان التصويت العقابي سبب حصول الحزب على المرتبة الثامنة كيف نفسر نتائج حلفاء هذا الحزب في الفشل في الانتخابات السابقة؟

سنحاول في هذا المطلب تفسير هذا الإشكال ثم سنمر لمقاربة تشكيلة الحكومة وفق النتائج المعلنة في استحقاقات 2021، و ذلك من خلال الفقرتين، سنخصص الفقرة الأولى للحديث عن قراءة في نتائج هذه الانتخابات و خاصة تأويل حصيلة الحزب الذي ترأس الحكومة السابقة، أما الفقرة الثانية سنخصصها للحديث عن التشكيلة  الحكومة و القراءة الديمقراطية لها.

الفقرة الأولى: أي تأويل لحصيلة الحزب العدالة و التنمية في انتخابات 2021؟

هناك مجموعة من العوامل التي يمكن أن تساعدنا في تأويل النتائج التي أفرزتها الانتخابات التشريعية لسنة 2021، أولا هناك سياق دولي عنوانه “عالم ما بعد الإسلام السياسي”، هناك من هذه النتائج ما هو موضوعي مرتبط بالفشل الذريع للسياسات الحكومية لهذا الحزب في ولاية 2017-2021 كما يمكن إدراج العلاقة غير الجيدة بين الحزب و السلطة المركزية من بين الأسباب الموضوعية، و هناك ما هو ذاتي.

    نلخص العوامل في:

  • سياق دولي رافض للحكومات الإسلامية المعتدلة
  • عدم تحقيق الانسجام بين مكون العدالة و التنمية مع السلطة المركزية
  • انبطاح الحزب للتأثيرات السياسية الخارجية التي تؤثر في التناقضات الداخلية للحزب
  • ضعف الديمقراطية الداخلية للحزب[36]
  • أزمة بنيوية في مرجعية الحزب المتداخلة مع الجانب الدعوي
  • بروز تيار الإستوزار بقوة فوق الحزب مما تم تمرير سياسات مناقضة لفلسفة الحزب
  • إخراج عبد الإله بنكيران من المشهد السياسي في حكومة2017-2021
  • تراجع حقوقي مهول
  • اعتقالات كثيرة في حكومة العثماني(صحافيين و نشطاء)
  • فشل الحكومة في تنزيل المسار الديمقراطي
  • فشل الحكومة في تنزيل الأهداف الاقتصادية المسطرة في برنامجها[37]
  • تناقضات بالجملة داخل الحزب

لا يمكن أن ينكر أي متتبع فشل الحكومة السابقة برئاسة حزب العدالة و التنمية، لكن كذلك من غير الموضوعي اعتبار أن حصيلة الحزب في انتخابات 2021 لها ربط مباشر بفشل الحزب في مسؤوليته الحكومية، بل إذا ما اعتبرنا أن التصويت كان عقابيا (من المواطن) على حزب العدالة و التنمية لسياساته غير الناجعة، فمن المفروض أن يطال هذا العقاب شركاء هذا الحزب في الحكومة (حزب التجمع الوطني للأحرار و الاتحاد الدستوري والحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية) لأنها حكومة ائتلافية. لكن حصل عكس ذلك شهدت هذه الأحزاب تقدما على مستوى النتائج حيث تصدر حزب التجمع الوطني للأحرار نتائج الانتخابات (التشريعية والترابية) و كذلك عرف حزب الاتحاد الاشتراكي تقدما على مستوى عدد المقاعد المحصل عليها. من هذا المنطلق يمكن اعتبار أن هذا العقاب كان من السلطة بدرجة كبيرة ثم عقاب المواطن تجلى في عدم تحمس الناخب من المشاركة في هذه الانتخابات.

الفقرة الثانية: قراءة في التحالف الحكومي

يعرف المجتمع السياسي المغربي نقاش دائم منذ تشكيل الحكومة على مر التاريخ المغربي الحديث، بالرغم أنه نقاش نخبوي يقتصر على متتبع الشأن السياسي و الحزبي لكنه إيجابي في عمومه، بعد تصدر حزب “التجمع الوطني للأحرار” انتخابات 08 سبتمبر 2021 عين الملك رئيس الحزب “عزيز أخنوش” رئيسا للحكومة ليبدأ مشاورات تشكيل الحكومة. وبعض مشاورات عديدة استقبل فيها الرئيس كل الأحزاب الممثلة في البرلمان أفرز لنا تحالف ثلاثي يضم (حزب التجمع الوطني للأحرار وحزب الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال) وتشكلت الحكومة وفق التشكيلة التالية.

الجدول[38]: تشكيلة الحكومة 2021-2026 بالمغرب بعد الاستقلال مع ذكر جميع أعضاء الحكومة

والإشارة للهيئات السياسية التي ينتمون إليها ومسؤولياتهم الحكومية

الاسم

الهيئة السياسية

الصفة الحكومية

عزيز أخنوش

التجمع الوطني للأحرار

رئيس الحكومة

عبد الوافي لفتيت

تكنوقراط

وزير الداخلية

ناصر بوريطة

تكنوقراط

وزير الشؤون الخارجية و التعاون الإفريقي و المغاربة المقيمين بالخارج

أحمد توفيق

تكنوقراط

وزير الأوقاف و الشؤون الإسلامية

محمد حجوي

تكنوقراط

الأمين العام للحكومة

عبد اللطيف وهبي

الأصالة و المعاصرة

وزير العدل

نادية فتاح العلوي

التجمع الوطني للأحرار

وزيرة الاقتصاد و المالية

فوزي لقجع

تكنوقراط

وزير منتدب لدى وزيرة الاقتصاد و المالية مكلف بالميزانية

محمد صديقي

التجمع الوطني للأحرار

وزير الفلاحة و الصيد البحري و التنمية القروية و المياه و الغابات

رياض مزور

الاستقلال

وزير الصناعة و التجارة

نزار بركة

الاستقلال

وزير التجهيز و الماء

محمد عبد الجليل

الاستقلال

وزير النقل و اللوجستيك

فاطمة الزهراء عمور

التجمع الوطني للأحرار

وزيرة السياحة و الصناعة التقليدية و الاقتصاد الاجتماعي التضامني

يونس السكوري

الأصالة و المعاصرة

وزير الإدماج الاقتصادي و المقاولة الصغرى و الشغل و الكفاءات

شكيب بنموسى

التجمع الوطني للأحرار

وزير التربية الوطنية و التعليم الأولي و الرياضة

عبد اللطيف ميراوي

الأصالة و المعاصرة

وزير التعليم العالي و البحث و الابتكار

محمد مهدي بنسعيد

الأصالة و المعاصرة

وزير الشباب و الثقافة و التواصل

عواطف حيار

الاستقلال

وزيرة التضامن و الإدماج الاجتماعي و الأسرة

فاطمة الزهراء المنصوري

الأصالة و المعاصرة

وزيرة إعداد التراب الوطني و التعمير و الإسكان وسياسة المدينة

نبيلة الرميلي

التجمع الوطني للأحرار

وزيرة الصحة و الحماية الاجتماعية

ليلى بنعلي

الأصالة و المعاصرة

وزيرة الانتقال الطاقي و التنمية المستدامة

غيثة مزور

الأصالة و المعاصرة

وزيرة منتدبة لدى رئيس الحكومة مكلفة بالانتقال الرقمي و إصلاح الإدارة

مصطفى بايتاس

التجمع الوطني للأحرار

وزير منتدب لدى رئيس الحكومة مكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة

محسن جازولي

التجمع الوطني للأحرار

وزير منتدب لدى رئيس الحكومة مكلف بالاستثمار والالتقائية و تقييم السياسات العمومية

عبد اللطيف لوديي

تكنوقراط

وزير منتدب لدى رئيس الحكومة مكلف بإدارة الدفاع الوطني

تحمل هذه التشكيلة الحكومية مجموعة مهمة من المميزات الإيجابية، لعل أبرزها هو حجم التحالف الحكومي الذي ضم ثلاثة أحزاب وبالتالي نكون بصدد أصغر تحالف حكومي في تاريخ الحكومات المغربية مما يسهل عملية التجانس البرنامجي وتسهيل عملية الاستقرار السياسي(فالاستقرار السياسي جزء منه متعلق باستقرار العمل الحكومي)، كما لا يمكن أن نتجاوز أمر إيجابي هو تقليص عدد أعضاء الحكومة (الوزراء)  يعتبر أمر في غاية الأهمية حيث أن حكومة السيد عبد الإله بنكيران ضمت 32 وزيرا، و حكومة السيد سعد الدين العثماني ضمت 39 وزيرا، في حين اقتصرت حكومة السيد عزيز أخنوش على 25 وزيرا فقط. ضمت هذه الحكومة تمثيلية النساء مهمة بلغت 28% و هي نسبة مهمة.

    يضم التحالف الحكومي ثلاثة أحزاب[39] (حزب التجمع الوطني للأحرار و حزب الأصالة و المعاصرة و حزب الاستقلال) بالإضافة إلى مجموعة من التكنوقراط، فإذا ما أمعنا النظر في هذا الشكل الائتلافي الحكومي جيدا نجد أن طروحات الأحزاب الثلاث تتماهى بشكل جد تقريبي و طروحات السياسة العامة التي يسهر على وضع منطلقاتها الاستراتيجية القصر الملكي، و بالتالي ستكون الدولة المركزية غير ملزمة بوضع أي توافقات و لو بشكل نسبي أو تقريبي، كما تضمن عدم انفلات سياسي الذي قد يشوش على الفاعل السياسي الحقيقي بالمغرب.

تتجه أغلب الكتابات في الحقل السياسي المغربي إلى اعتبار أن حزبي التجمع الوطني للأحرار و حزب الأصالة و المعاصرة أحزاب إدارية لعدة اعتبارات تطرقنا لها سابقا، بالإضافة لحزب الاستقلال الحليف الاستراتيجي للقصر منذ استقلال المغرب الحديث كما لا ينازع السلطة في الثوابت و يصنف من أكثر الأحزاب علما بالتقاليد المخزنية، من هذا المنطلق يمكن أن نستشف غياب التدافع السياسي (أو التناقض السياسي بلغة جدلية) في صنع السياسات العمومية، و هذا المنطق يحلينا إلى أخد النظام الدستوري المغربي شكل النظام الدستوري الرئاسي على ضوء نتائج الاقتراع و تشكيلة الحكومة.

    النظام الدستوري المغربي قريب نوعا ما من النظام شبه الرئاسي لكنه يحتفظ بمجموعة من العناصر والسمات التي تميزه عن الطبيعة الجامدة للأنظمة الدستورية، لكن المغرب مر بمجموعة من المحطات السياسية اقترب فيها شكل النظام الدستوري نحو النظام البرلماني(خصوصا في الحكومة التي شاركت فيها أحزاب لها تاريخ في معارضة النظام، حكومة التناوب الأولى برئاسة الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية السيد عبد الرحمان اليوسفي، و التناوب الثاني برئاسة الأمين العام لحزب العدالة و التنمية السيد عبد الإله بنكيران)، لا نقصد أن النظام أصبح برلماني، فطبيعة دستور2011 بالأساس يركز الاختصاصات الكبرى في يد الملكية و ليس الحكومة، بل يمكن القول قراءة أو تأويل برلماني للمشاركة السياسية.

ذهب بعض كتاب القانون الدستوري لاعتبار أن دستور 2011، دستور يؤسس للانتقال الديمقراطي عن طريق ممارسة حكومية تترجم القراءة البرلمانية للدستور، لكن مع بداية اشتغال الحكومة واجهت نفس الإشكالات التي انتقدها السيد عبد الرحمان اليوسفي في محاضرة بروكسيل بعد استقالته من العمل السياسي. و على مستوى تنزيل الدستور يتم ترجمة المقاربة الرئاسية أو الشبه رئاسية في صنع السلوك السياسي المغربي، و هذه الحكومة التي يترأسها السيد عزيز أخنوش (و التي لا يمكن تقييمها قبل اشتغالها لكن نتناول الحكومة من حيث الشكل) لا تخرج عن دائرة هذا التأويل الدستوري.

هناك من تساءل حول تناقض الأمين العام لحزب الأصالة و المعاصرة السيد “عبد اللطيف وهبي” عندما صرح الانتخابات أن حزب الأصالة و المعاصرة لن يشارك في حكومة لا يترأسها، و بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات شارك في حكومة يترأسها السيد “عزيز أخنوش”، و هذا التصريح يضعنا أمما فرضيتين:

  • تصريحات السيد “وهبي” تنطلق من معرفة مسبقة باتفاق على المشاركين في الحكومة لكنه يهدد بعدم المشاركة لضمان مكتسبات أكثر.
  • تصريحات السيد “وهبي” تنطلق من معرفة مسبقة بالأحزاب المتصدرة للانتخابات فيوجه رسالته لمهندسي الانتخابات بالمغرب ليتصدر الانتخابات.

وجميع هذه الفرضيات تحتاج لضمانات ملكية للحفاظ على ائتلاف هذه الأحزاب في نسق واحد حفاضا على الحكومة.

المطلب الثاني: فرضية الانتقال الديمقراطي على ضوء المشهد الحالي

تلعب الانتخابات دور مهم لفهم مؤشرات “الانتقال الديمقراطي”[40] في أي نظام وعلى مستوى أي نطاق جغرافي، لكن قبل الخوض في أي ربط بين الانتخابات و الانتقال الديمقراطي، أو بين تشكيلة الحكومة والانتقال الديمقراطي. نرجع لصفحات محاضرات المفكر محمد عابد الجابري بخصوص الانتقال الديمقراطي معتبرا أن “المغرب الآن يمد رجله ليخطو نحو الجديد، ومعلوم أن الذي يمد رجله ليخطو ليس له إلا أن يتبعها بالثانية ويتابع الخطى. إن الخطو في هذا المجال لا يقبل الانعكاس. ليس هناك وراء، فإما إلى الأمام وإما السقوط”[41]. بحث كان يتناول المغرب في خضم مرحلة التناوب التوافقي، بحث فسر الخطوة الأولى بطريقة مغربية للانتقال الديمقراطي، والمعروفة بالتراضي، وذلك يعني أن المعارضة رضيت بأن تجلس على مقاعد الحكومة، مع القبول بإجراء إصلاح بدون هزات، وكما عبر الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي: “نحن نحاول أن نلين المفاصل.” ومن جهة أخرى قبلت الجماعات التي كانت في الحكومات السابقة أن تترك الحكومة إلى المعارضة وتتعلم كيف تعارض. المهم هو أن الجميع قبل أن يتعايش، ويجتمع في البرلمان، ويخلق تقاليد جديدة للاعتراف بالاختلاف. وهذه ميزة مغربية من الصعب وجودها في بلد آخر في العالم الثالث.[42]

يحصر الجابري أسئلة الانتقال الديمقراطي في الواقع المغربي في ثلاثة رئيسية، وهي من أين؟ وإلى أين؟ وكيف؟، أما السؤال من أين فهذا هو المسكوت عنه غالبا باعتبار أن الانتقال يكون من الوضعية التي ” نحن فيها والتي يفترض أنها معروفة، فيوظف الجابري آليته الحجاجية المفضلة والمقارنة، والتي هي في الحقيقة أشبه بآلية قياس الشاهد على الغائب، التي طالما وجه لها نقدا لاذعا، باعتبارها لم تعد صالحة ولا مجدية، ومن ثم لابد من قطيعة ابستيمولوجية معها. وأما سؤال “إلى أين؟” بخصوص موضوعنا فالعنوان يجيب عنه ولكن يبقى أن نحدد مضمون الديمقراطية التي نريد الانتقال إليها. غير أن المسكوت يصبح غير محتمل بل غير ممكن، عندما يطرح السؤال الثالث نفسه كيف؟؛ إذ كيف يمكن تحديد كيفية الانتقال بدون معرفة دقيقة وصحيحة للوضع الذي يكون منه هذا الانتقال؟ وتزداد المسألة تعقيدا عندما تكون المسافة بين الوضع الذي يراد الانتقال إليه والوضع الذي يراد الانتقال منه تفتقد إلى عناصر الاتصال التي تقيم جسورا بين الوضعين، مما يجعل من مطلب الانتقال إشكالية نظرية وعملية، وليست مجرد مشكل.[43]

سنحاول قراءة الوضع الحالي على ضوء هذا المنطلق النظري، حيث من خلال هذه المقاربة المرتبطة بدور الانتخابات و المؤسسات المنتخبة من جهة، ومن جهة أخرى الأحزاب والحركات المؤمنة بالخيار الديمقراطي، سنقوم بتشخيص واقعنا (خصوصا انتخابات 08 سبتمبر 2021 وتشكيل الحكومة و بداية عملها) من خلال الفقرتين. سنتحدث في الفقرة الأولى عن المسار الديمقراطي على ضوء الانتخابات وتشكيل الحكومة، ثم نتناول بداية العمل الحكومة في الفقرة الثانية.

الفقرة الأولى: انتظارية التحول الديمقراطي على ضوء نتائج انتخابات 2021

منذ أن وضع المغرب الخطوة الأولى نحو الديمقراطية والمتتبع المغربي والعربي والديمقراطي في غرفة انتظار خروج هذه التجربة بمظهر نهائي، وإذا كانت هذه التجربة بالتراضي مع أحزاب المعارضة وتشكلت حكومة 1998 برئاسة السيد عبد الرحمان اليوسفي أو ما يعرف عنها بحكومة التناوب التوافقي التي جاءت مباشرة بعد إصلاح دستوري أثمر لنا عن دستور1996، يمكن اعتبار هذه الخطوة الأولى بداية مسار ديمقراطي في ظل غياب دستور الانتقال الديمقراطي، بعد مغادرة السيد عبد الرحمان اليوسفي حكومة 2002، بتعيين السيد إدريس جطو(تكنوقراط) وزيرا أولا، تم اعتبار ذلك المشهد تراجعا عن الإصلاح، وهناك من اعتبره ليس تراجعا بل توقف عن استمرار المسلسل الديمقراطي، فقد ظل المشهد الديمقراطي بدون أي مشاركة للكتلة التاريخية بمنطلق المفكر الجابري. جاء الربيع الديمقراطي و أسفر عنه إصلاح دستوري (دستور2011) و تم تنظيم انتخابات سابقة لأوانها فتصدر حزب العدالة والتنمية نتائجها وتشكلت حكومة السيد عبد الإله بنكيران التي اعتبرها الأستاذ محمد الساسي بالتناوب الثاني في تاريخ المغرب، كما اعتبرها البعض خطوة إيجابية نحو استمرار المسلسل الديمقراطي.

فقد حدد المفكر الجابري طبيعة الكتلة التي قد تساهم في عملية الانتقال الديمقراطي، ولم يستثني منها أحد إلا إذا استثنت نفسها من الكتلة، بحيث هذه الكتلة من المفترض أن تنطلق من إجابات واضحة لإشكالات الانتقال الديمقراطي.

إجابة على إشكالات الانتقال الديمقراطي وهي من أين؟ وإلى أين؟ وكيف؟، بمنطلق تشخيص الواقع ومعرفة ما نريد، ثم البحث عن آليات الانتقال من الواقع إلى ما نريد. اعتبر الفيلسوف الجابري أن آلية هذا الانتقال تكمن في تشكيل “كتلة تاريخية”[44] ليس مجرد جبهة بين الأحزاب بل هي كتلة تتكون من القوى التي لها فعل في المجتمع أو القادرة على ممارسة ذلك الفعل، ولا يستثنى منها بصورة مسبقة أي طرف من الأطراف، إلا ذلك الذي يضع نفسه خارجها وضدها. وهكذا يمكن القول، إن القوى المرشحة لهذه الكتلة في بلد مثل المغرب هي:

  • الفصائل المنحدرة من الحركة الوطنية والتنظيمات والمجموعات المرتبطة بها من نقابات عمالية وحرفية وتجارية وفلاحية وجمعيات ثقافية ومهنية ونسوية…
  • التنظيمات والتيارات التي تعرف اليوم باسم الجماعات الإسلامية التي يجب أن يفتح أمامها باب العمل السياسي المشروع كغيرها من التنظيمات ذات الأهداف السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية الواضحة التي لا تمس لا وحدة الوطن ولا وحدة الشعب ولا الوحدة الروحية للأمة ولا الانتماء العربي الإسلامي للبلد.
  • القوى الاقتصادية الوطنية التي تشارك بنشاطها الصناعي والتجاري والزراعي والسياحي والمالي في خدمة اقتصاد البلاد ككل وتطويره وتنمية قدراته.
  • جميع العناصر الأخرى التي لها فاعلية في المجتمع بما في ذلك تلك التي تعمل داخل الهيئة الحاكمة، والمقتنعة بضرورة التغيير في اتجاه تحقيق الأهداف التاريخية المذكورة. الكتلة التاريخية ليست جبهة معارضة لنوع من الحكم قائم، ولا ضد أشخاص معينين، بل هي من أجل الأهداف الوطنية المذكورة. وهي لا تستثني من صفوفها إلا من يضع نفسه خارجها. هي لا تلغي الأحزاب ولا تقوم مقامها، ذلك لأن ما يجعل منها كتلة تاريخية ليس قيامها في شكل تنظيم واحد، بل انتظام الأطراف المكونة لها انتظاما فكريا حول الأهداف المذكورة والعمل الموحد من أجلها.

وبالتالي يمكن القول إن هذه الكتلة التاريخية التي تتوفر فيها هذه الشروط تحمل آليات ديمقراطية لتنزيل مشروع الديمقراطية عن طريق مسلسل ديمقراطي، وذلك بعدما فتح الملك الراحل الحسن الثاني باب التراضي مع المعارضة لبداية هذا المسلسل حيث ظهرت الإرادة السياسية للإصلاح، وباعتبار أن الإصلاح الديمقراطي لا يأتي إلا بآليات ديمقراطية عن طريق الديمقراطيين، فيفترض أن يكون البناء بهذا المنهج وبشكل تدريجي تصاعدي في الحكومات اللاحقة، وكذا الانخراط أكثر في هذا المشروع الديمقراطي، والذي يفترض فيه أن يكرس تربية ديمقراطية للمجتمع السياسي والمدني. لكن حدث انتكاسة أو توقف جزئي لهذا المشروع وذلك بإبعاد فصائل هذه الكتلة من حكومة لأخرى، وفي بعض الأحيان يكون مشاركة بعض فصائل الكتلة جد ضئيل، فنأخذ أبرز الحكومات التي عرفت انخراط واسع وحضور قوي جزئي لفصائل الكتلة التاريخية في حكومتي 1998-2002 و 2012-2016، ومع ذلك نلاحظ أن الدولة حرصت على مشاركة جزئية للقوى الوطنية أو ما اعتبرها الجابري فصائل الكتلة التاريخية عن طريق مشاركة بعض الأحزاب المصنفة في الوسط السياسي الحزبي بأحزاب إدارية تأسست بتدخل من الإدارة و الوزراء التكنوقراط.

جدول[45] : الأحزاب المشكلة لحكومتي التناوب الأولى و الثانية وحجم مشاركة الكتلة التاريخية

الحكومة

الحزب الذي يرأس للحكومة

الأحزاب المشكلة للحكومة

شروط الكتلة التاريخية للجابري

حكومة “عبد الرحمان اليوسفي” سنة 1998

الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (يساري من أصول الحركة الوطنية)

– الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (يساري من الحركة الوطنية)

– الاستقلال (يميني من الحركة الوطنية)

– التقدم و الاشتراكية (يساري من الحركة الوطنية)

– الاتحاد الدستوري (يصنف حزب إداري قريب من السلطة)

– الحركة الوطنية الشعبية (يصنف حزب إداري قريب من السلطة)

– التجمع الوطني للأحرار (يصنف حزب ليبرالي إداري قريب من السلطة)

– بعض تكنوقراط

تواجد جزئي لأحزاب الكتلة وفق نظرية محمد عابد الجابري

حكومة “عبد الإله بنكيران” سنة 2011

العدالة و التنمية

(إسلامي، يميني)

– العدالة و التنمية (إسلامي)

– حزب الاستقلال (يميني من الحركة الوطنية)

– الحركة الشعبية (يصنف حزب إداري قريب من السلطة)

– التقدم و الاشتراكية (يساري من الحركة الوطنية)

– وزراء تكنوقراط

تواجد جزئي لأحزاب الكتلة وفق نظرية محمد عابد الجابري

لم يكن الرجوع إلى حكومتي التناوب الأولى(للسيد عبد الرحمان اليوسفي) و لا الثانية (للسيد عبد الإله بنكيران) ترفا في النقاش حول حكومة 2021-2026 للسيد (عزيز أخنوش)، بل لها دور جوهري في فهم المسار الديمقراطي وفق المنهجية التي حددها الجابري، و التي تنطلق بالإجابة عن الإشكالات الثلاثة: وهي من أين؟ وإلى أين؟ وكيف؟ و مدى حضور فصائل الكتلة التي تقدنا (حسب الجابري) للانتقال إلى المغرب الديمقراطي. ومن هذا المنطلق إذا ما أمعنا النظر في حكومة السيد عزيز أخنوش نلاحظ هيمنة البيروقراطية على الحكومة، وحضور قوي جدا للأحزاب الإدارية، ومشاركة ضعيفة للأحزاب الوطنية التي يفترض فيها تنزيل مسلسل الديمقراطية. مما يجعلنا نستنتج التعثر الذي يمر به هذا الانتقال نحو مغرب ديمقراطي، وهذا التعثر يلزمه تشخيص لأنه يرجع لعدة عوامل منهما ما هو ذاتي تعيشه الأحزاب الديمقراطية.

جدول: يوضح المشاركة النسبية والضئيلة للقوى الوطنية[46]:

والكتلة التاريخية التي يفترض فيها أن تفعل مسلسل الانتقال الديمقراطي

الحكومة

الحزب الذي يرأس للحكومة

الأحزاب المشكلة للحكومة

شروط الكتلة التاريخية للجابري

حكومة “عزيز أخنوش” سنة 2021-2026

التجمع الوطني للأحرار (يصنف حزب ليبرالي إداري قريب من السلطة)

– التجمع الوطني للأحرار (يصنف حزب ليبرالي إداري قريب من السلطة)

– الأصالة و المحاصرة (يصنف حداثي إداري قريب من السلطة)

– حزب الاستقلال (يميني من الحركة الوطنية)

– وزراء تكنوقراط

تواجد ضئيلة جدا لأحزاب الكتلة وفق نظرية محمد عابد الجابري

الفقرة الثانية: برنامج وحصيلة 100 يوم من حكومة السيد “عزيز أخنوش”

التزمت حكومة السيد “عزيز أخنوش” بعشر نقاط اعتبرتها أولوية في ولاية 2021-2026 وتأتي هذه الالتزامات[47] على الشكل التالي:

  • الرفع من وتيرة النمو إلى معدل 4% خلال الخمس سنوات المقبلة.
  • إحداث مليون منصب شغل صافي على الأقل خلال الخمس سنوات المقبلة.
  • رفع نسبة نشاط النساء إلى أكثر من 30% عوض 20% حاليا.
  • تفعيل الحماية الاجتماعية الشاملة.
  • إخراج مليون أسرة من الفقر والهشاشة.
  • حماية وتوسيع الطبقة الوسطى وتوفير الشروط الاقتصادية والاجتماعية لبروز طبقة فلاحية متوسطة في العالم القروي
  • تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية إلى أقل من 39% عوض 46,4% حسب مؤشر جيني
  • تعبئة المنظومة التربوية – بكل مكوناتها – بهدف تصنيف المغرب ضمن أحسن 60 دولة عالميا (عوض المراتب المتأخرة في جل المؤشرات الدولية ذات الصلة).
  • تعميم التعليم الأولي لفائدة كل الأطفال ابتداء من سن الرابعة مع إرساء حكامة دائمة وفعالةلمراقبة الجودة.
  • تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، خاصة من خلال إحداث صندوق خاص و ضخه بميزانية تصل لمليار درهم بحلول سنة2025.

 من خلال هذا البرنامج يتضح أن أمام الحكومة مجموعة مهمة من التحديات والإكراهات المطروحة خصوصا في سياق تداعيات جائحة كورونا، و بعد مرور أزيد من 100 يوم من عمل الحكومة يجب على الأقل ظهور إشارات واضحة لبداية تنزيل هذه الالتزامات. رغم أن ثلاثة أشهر ونيف غير كافية لتقييم العمل الحكومي الذي يرتبط بشكل علمي بمؤشرات مبنية على أرقام علمية، و كذلك نهاية المشاريع والأوراش التي فتحتها، و بالتالي ما نحن بصدده الآن ليس بتقييم 100 من عمل الحكومة، ويمكن أن نسميه أبرز الملاحظات التي تشكل الانطباع العام للمؤسسة التنفيذية، و من هذا المنطلق نسجل غياب التواصل بين الحكومة والبرلمان الذي نلمسه في غياب رئيس الحكومة الذي لم يظهر في الجلسات منذ تنصيبها سوى في مناسبتين، وكذلك غياب تواصل الوزراء مع الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وهذا يسبب مشاكل على مستوى اتخاذ بعض القرارات بدون أي تفسير. وكذلك غياب تجاوب الحكومة مع مقترحات مشاريع قوانين التي تطرحها “المعارضة”[48] و المنصوص على ضرورة تفاعل الحكومة مع مقترحات المعارضة وفق الدستور والقانون التنظيمي للعمل الحكومة.

خاتمة

هناك احتمالان يمكن أن يشكلا المرحلة المقبلة، أولا باعتبار أن للدولة المركزية (النظام السياسي) إرادة قوية لبقاء هذه الحكومة، وذلك بطريقة صنع المشهد وتبسيطه أمام الحكومة، أكبر دليل على ذلك، نلاحظ كيف تخلصت الدولة من قوة العدالة والتنمية التي قد تشكل مصدر إزعاج كبير للحكومة إذا حصلت على عدد كبير من النواب، فتم تحجيم قوتها البرلمانية بعوامل ذاتية وموضوعية، وكذلك معارضة هذه الحكومة داخل البرلمان جد مبلقنة، فحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في موقف محرج بتولية “إدريس لشكر” الكتابة الأولى للولاية الثالثة في المؤتمر11 للحزب بالرغم أن المسألة عرضت على القضاء الإداري لعدم قانونية الترشيح لولاية ثالثة في الحزب، ومرور المؤتمر بطريقة سلسة لصالح الدولة حيث قد يصدر قرار بعدم شرعية المؤتمر في أي زمان يصبح فيه الاتحاد مصدر عد ارتياح للحكومة، وبخصوص حزب التقدم والاشتراكية فمزال في صمت، والأحزاب الإدارية لم تلعب دور ريادي في المعارضة منذ تاريخ المغرب الحديث، وبخصوص تحالف فيدرالية اليسار والحزب الاشتراكي الموحد بالرغم من وجود عضوة واحدة من كل هيئة داخل البرلمان ربما يشكلون مصدر إزعاج لهذا السبب مازالت النائبة ممنوعة من دخول البرلمان بمبرر عدم تلقي جرعات من لقاح الكوفيد، كل هذا التشخيص الذي يطال المعارضة يضعنا أمام سيناريو واحد هو بسط الطريق أمام هذه التجربة الحكومة من خلال وضع الثقة الكاملة فيها وفي غالب الأحيان تجديد الثقة في نفس الحكومة بصيغة أخرى أو مع بعض التعديلات.

 أما السيناريو الثاني ما زالت مؤشراته غير واضحة وهو مستبعد في هذه المرحلة إلا إذا جاء سياق دولي بعثر الأوراق الداخلية، إن المتتبع للتاريخ السياسي الحديث للمغرب يعرف أن علاقة المجتمع السياسي المغربي غير جيدة مع أحزاب الإدارة والحكومات التكنوقراطية، وبالتالي أمام هذه الحكومة تحدي كبير خصوصا فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي، فأي إخفاق أمام الغياب الكبير لمؤسسات الوساطة يضعنا أمام غضب شعبي والذي ظهر في موضوع إجبارية التلقيح، وبالتالي اعتماد سياسات غير شعبية باستمرار وعدم تحقيق نجاح اقتصادي سيؤدي بشكل حتمي لاحتقان اجتماعي(خصوصا مع هذه الفوارق الاجتماعية) قد يطالب بإسقاط الحكومة والإصلاح، آنذاك سيضطر النظام لإعادة إدخال لاعبين جدد في الحقل الحزبي أو تقوية أحد الأحزاب الضعيفة حاليا.


الهامش

[1] – ظهير شريف رقم 1.17.04 صادر في 18 من جمادى الآخرة 1438 (17 مارس2017) بتعيين السيد سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة

[2] – “شجرة أنساب” تعبير استخدمه رئيس وزراء المغرب (1958-1960) السيد عبد الله باراهيم، معتبرا أن الحاضر لا يمكن فصله عن الماضي بل يعتبر امتداد موضوعي أو عضوي له، حيث لا يمكن أن نفصل بين الحاضر و الماضي.

[3] – رشيد أوراز و فرانشيسكو كولين. مؤشر الثقة في المؤسسات 2020 (البرلمان و ما وراءه في المغرب تجديد الثقة من خلال بحث جذور نقصها). صادر عن “المعهد المغربي لتحليل السياسات”. سنشير هنا لبعض الأرقام الصادرة في هذه الدراسة و التي تهم الثقة في المؤسسات التمثيلية والمنتخبة و سنركز على الأحزاب السياسية كمؤسسات تمثيلية و البرلمان و الحكومة:

الأحزاب السياسية : من خلال الرسم البياني 32 المتعلق بمتابعة السياسة و الثقة في الأحزاب السياسية (ص:80) نجد أن الدراسة استهدفت المتتبعين للعمل الحزبي و غير المتتبعين للعمل الحزبي. و أفرزت النسب التالية بخصوص المتتبعين، حيث نجد 18.52% لا يثقون بتاتا في الأحزاب السياسية و 33.33% لا يثقون و 44.44% يثقون إلى حد ما و 3.71% يثقون تماما في الأحزاب السياسية. أما بخصوص غير المتتبعين نجد النسب التالية 43.04% لا يثقون بتاتا و 35.44% لا يثقون و 16.03% يثقون إلى حد ما و أخيرا 5.49% يثقون تماما في الأحزاب السياسية.

الحكومة : من خلال الرسم البياني 29 المتعلق بالثقة في الحكومة و الرضا عن اتجاه البلد (ص:76) نجد أن هذه المؤسسة تحظى بأدنى مستوى الثقة مقارنة مع المؤسسات المشمولة في الاستطلاع. بخصوص نتائج الاستطلاع المرتبطة بالفئة غير الراضية على الإطلاق عن اتجاه البلد نجد 70.68% لا تثق بتاتا في الحكومة و 20.48% لا تثق و 8.03% تثق إلى حد ما و 0.81% لا تثق تماما. وإذا أخدنا الفئة الراضية بدرجة كبيرة على اتجاه البلد نجد 26.87% لا تثق بتاتا و 37.31% لا تثق و 22.39% تثق إلى حد ما و أخيرا 13.43% لا تثق تماما في مؤسسة الحكومة.

البرلمان : من خلال الرسم البياني 44 المتعلق بمعرفة دور البرلمان و الثقة فيه (ص:101) نجد من خلال الفئة التي تعرف دور البرلمان أن 28.71% لا تثق فيه بتاتا و 28.12% لا تثق فيه و 33.67% تثق إلى حد ما و نسبة 9.50% تثق تماما في مؤسسة البرلمان. أما بخصوص النسب المرتبطة بعدم معرفة دور هذه المؤسسة نجد 48.11% لا تثق بتاتا و 24.43% لا تثق، و نسبة 18.39% تثق إلى حد ما و أخيرا نسبة 9.07% تثق في البرلمان.

[4] – الفصل 47 من دستور المملكة المغربية الصادر سنة 2011

[5] – أحمد بوز. أحزاب تثير الانتباه إلى بياضات في الفصل 47 من الوثيقة الدستورية. هسبريس – عبد السلام الشامخ. بتاريخ 02 سبتمبر 2021

[6] – ظهير رقم 1.16.160 الصادر بتاريخ 17 أكتوبر 2016 صدر بالجريدة الرسمية تحت عدد 15.6509 بتاريخ 17 أكتوبر 2016

[7] – أمين السعيد. “إعفاء الملك محمد السادس رئيس الحكومة غير دستوري”. هسبريس – محمد بلقاسم. بتاريخ 16 مارس 2017

[8] – عبد المنعم لزعر. “إعفاء بنكيران و تعيين العثماني… نقاش دستوري”. هسبريس – بتاريخ 20 مارس 2017

[9] – ظهير رقم 1.17.04 الصادر بتاريخ 17مارس2017. صدر بالجريدة الرسمية تحت عدد6554-24 بتاريخ 23 مارس 2017).

[10] – عبد المنعم لزعر. المرجع السابق.

[11] – تم اقتباس المعطيات الموجودة في الجدول الأول من البرنامج الحكومي(المرجع السابق) لسنة 2017-2021، و التقارير الرسمية التالية :

تقرير المندوبية السامية للتخطيط بعنوان “مذكرة إخبارية حول الحسابات الوطنية المؤقتة لسنة 2017”

تقرير المندوبية السامية للتخطيط بعنوان “ندوة صحفية حول: الوضعية الاقتصادية لسنة 2017 و آفاق تطورها خلال سنة2018”.

تقرير المندوبية السامية للتخطيط بعنوان “الميزانية الاقتصادية التوقعية لسنة 2019 ندوة صحفية حول: الوضعية الاقتصادية الوطنية لسنة 2018 و آفاق – تطورها خلال سنة 2019”.

تقرير المندوبية السامية للتخطيط بعنوان “الميزانية الاقتصادية التوقعية لسنة 2020 الوضعية الاقتصادية الوطنية لسنة 2019 و آفاق تطورها خلال سنة 2020”.

تقرير المندوبية السامية للتخطيط بعنوان “الوضعية الاقتصادية الوطنية خلال سنة 2020”

مذكرة إخبارية للمندوبية السامية للتخطيط حول المميزات الرئيسية للسكان النشيطين العاطلين والنشيطين في حالة الشغل الناقص خلال سنة 2020.

تقرير المندوبية السامية للتخطيط بعنوان “الميزانية الاقتصادية الاستشرافية لسنة 2021”.

[12] – مصدر الرسم البياني 1 : إعداد الباحث مع اعتماد معطيات جدول المؤشرات الماكرو اقتصادية أعلاه

[13] – مصدر الرسم البياني 2 : إعداد الباحث مع اعتماد معطيات جدول المؤشرات الماكرو اقتصادية أعلاه

[14]– مصدر الرسم البياني 3: مذكرة إخبارية للمندوبية السامية للتخطيط حول المميزات الرئيسية للسكان النشيطين العاطلين والنشيطين في حالة الشغل الناقص خلال سنة 2020.

[15] – نجيب أقصبي. ضمن مؤلف جماعي بعنوان “20 فبراير ومآلات التحول الديمقراطي في المغرب”. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. الطبعة الأولى نوفمبر 2018. ص458-459

[16] – مصدر الرسم البياني 4 : إعداد الباحث مع اعتماد معطيات جدول المؤشرات الماكرو اقتصادية أعلاه

[17] – مصدر الرسم البياني 5 : إعداد  الباحث مع اعتماد معطيات جدول المؤشرات الماكرو اقتصادية أعلاه

[18] – تم اقتباس المعطيات الموجودة في الجدول الثاني من التقارير الرسمية التالية :

تقرير المندوبية السامية للتخطيط بعنوان “ندوة صحفية حول: الوضعية الاقتصادية لسنة 2017 و آفاق تطورها خلال سنة2018”.

تقرير المندوبية السامية للتخطيط بعنوان “الميزانية الاقتصادية التوقعية لسنة 2019 ندوة صحفية حول: الوضعية الاقتصادية الوطنية لسنة 2018 و آفاق – تطورها خلال سنة 2019”.

تقرير المندوبية السامية للتخطيط بعنوان “الميزانية الاقتصادية التوقعية لسنة 2020 الوضعية الاقتصادية الوطنية لسنة 2019 و آفاق تطورها خلال سنة 2020”.

تقرير المندوبية السامية للتخطيط بعنوان “الوضعية الاقتصادية الوطنية خلال سنة 2020”

تقرير المندوبية السامية للتخطيط بعنوان “الميزانية الاقتصادية الاستشرافية لسنة 2021”.

[19] – مصدر الرسم البياني 6 : إعداد الباحث من خلال أرقام الجدول الثاني أعلاه

[20] – مصدر الرسم البياني 7 : إعداد الباحث من خلال أرقام الجدول الثاني أعلاه

[21] – مصدر الرسم البياني 8 : إعداد الباحث من خلال أرقام الجدول الثاني أعلاه

[22] – مصدر الرسم البياني 9 : التقرير الاقتصادي و المالي – مشروع قانون المالية لسنة2022. ص68

[23] – نقصد بالتناقضات الفوقية عندما تحدث تشنجات بين ألوان سياسية سواء في الحكومة أو داخل البرلمان من أجل لي دراع حزب معين، و خصوصا عندما يتعلق الأمر بسياسة معينة تتناقض و مرجعية الحزب. مثلا إذا كانت مرجعية حزب العدالة و التنمية يمينية و إسلامية نجد مجموعة مهمة من السياسات التي صنعت في الحكومة السابقة تمس عمق هذه المرجعية، بل وصل الحد لمعارضة برلماني هذا الحزب سياسة الحكومة التي يترأسها و الأمر يتعلق بتطبيع العلاقات مع إسرائيل و كذلك قانون تقنين القنب الهندي. كما نجد بعض السياسات التي قد لا تضر مرجعية الحزب لكنها تضر مصالحه البرغماتية، مثلا ما سمي بالقاسم الانتخابي الصادر في سياق تعديل قانون الانتخابات حيث اعتبر برلمانيو الحزب أن القانون يستهدف مصالحه الشخصية عن طريق تحجيم عدد مقاعده البرلمانية.

[24] – يقصد بالأحزاب الإدارية الأحزاب التي صنعتها السلطة حسب المفهوم الذي بلورته المدرسة الاتحادية في لحظات تاريخية كان يقاومها. و هي الأحزاب التابعة للدولة و التي تناهض إقامة النظام الديمقراطي. انظر بهذا الخصوص مقال عبد السلام المساوي *الأحزاب الإدارية* في جريدة الاتحاد الاشتراكي الصادر بتاريخ 07-06-2019

[25] – يقصد بـ”الترحال السياسي” انتقال النخب من حزب لآخر وفق السياسي و المرحلة و المصلحة و له عدة دوافع، قد تكون أيديولوجية أم براغماتية. لكن في التجربة المغربية غالبا ما نشاهد حالات من الترحال السياسي قبيل الانتخابات لتأتيت مشهد معين

[26] – “البلوكاج” أي انسداد و هي حالة أطلعت في الوسط السياسي المغربي على تعثر ولادة حكومة بنكيران الأمين العام لحزب العدالة و التنمية.

[27] – القاسم الانتخابي آلية لتقسيم المقاعد على اللوائح عن طريق قسمة عدد الناخبين المقيدين في الدائرة الانتخابية المعنية على عدد المقاعد البرلمانية المخصصة لها، و توزع المقاعد الباقية حسب قاعدة أكبر البقايا و ذلك بتخصيصها للوائح التي تتوفر على أرقام القريبة من القاسم الانتخابي

[28] – المحكمة الدستورية. ملف عدد 21/067، قرار رقم 21/118. القاضي بأن القانون التنظيمي04.21 ليس فيه ما يخالف الدستور.

بخصوص الفقرة الثانية: “القاسم الانتخابي” حيث إن الفقرة المذكورة، من المادة 84 المشار إليها، تنص على أنه “توزع المقاعد على اللوائح بواسطة قاسم انتخابي يستخرج عن طريق قسمة عدد الناخبين المقيدين في الدائرة الانتخابية المعنية على عدد المقاعد المخصصة لها. وتوزع المقاعد الباقية حسب قاعدة أكبر البقايا، وذلك بتخصيصها للوائح التي تتوفر على الأرقام القريبة من القاسم المذكور”؛ وحيث إنه، بمقتضى ذلك، فإن هذه الأحكام، حددت أساس احتساب القاسم الانتخابي، من خلال اعتماد قاعدة “عدد الناخبين” المقيدين في الدائرة الانتخابية المعنية؛ وحيث إن الدستور، أَسْنَد، بمقتضى الفقرة الثانية من فصله 62، لقانون تنظيمي بيان النظام الانتخابي لأعضاء مجلس النواب، وهو النظام الذي تندرج ضمن مشمولاته، الأحكام المتعلقة بطريقة توزيع المقاعد المخصصة للدوائر الانتخابية المحدثة، بغض النظر عما إذا كانت وطنية أو جهوية أو محلية، وكذا الأساس الذي يستخرج منه القاسم الانتخابي؛ وحيث إن الدستور، لا يتضمن، مع استحضار ما تقدم، أية قاعدة صريحة، تتعلق بطريقة احتساب القاسم الانتخابي، الأمر الذي يكون معه هذا الأخير، من المواضيع التي ينفرد المشرع بتحديدها؛ وحيث إن الدستور يكون، تأسيسا على ما سبق، قد جعل موضوع “النظام الانتخابي” لأعضاء مجلس النواب ضمن مجال التشريع، حيث أدرجه ضمن المشمولات التي ينفرد القانون التنظيمي بتحديدها، ويؤول أمر سن الأحكام المتعلقة بها حصريا إلى المشرع، وفق سلطته التقديرية، والتي لا يمكن للمحكمة الدستورية التعقيب عليها طالما لم تخالف أحكام الدستور؛ وحيث إن عملية توزيع المقاعد، على لوائح الترشيح المعنية، على أساس قاسم انتخابي يُستخرج عن طريق قسمة عدد الناخبين المقيدين في الدائرة الانتخابية المعنية على عدد المقاعد المخصصة لها، تعد عملية قائمة الذات، لاحقة على الاقتراع، وعلى فرز الأصوات وإحصائها، ومتمايزة عنها، وتندرج ضمن السلطة التقديرية للمشرع، الذي حرص في ذلك على تحقيق الغايات المقررة في الدستور في شأن ضمان تكافؤ الفرص بين لوائح الترشيح، وسلامة العملية الانتخابية، والتعبير الحر عن إرادة الناخبين؛ وحيث إنه، فضلا عن ذلك، يبين من الاطلاع على الأشغال التحضيرية للقانون التنظيمي المعروض، أن مبرر التعديل المقدم، لتوزيع المقاعد بواسطة قاسم انتخابي مستخرج عن طريق قسمة عدد الناخبين المقيدين في الدائرة الانتخابية المعنية على عدد المقاعد المخصصة لها، من جهة، ولعدم اشتراط نسبة معينة من الأصوات يتعين على لوائح الترشيح الحصول عليها للمشاركة في عملية توزيع المقاعد، من جهة أخرى، أتى “لتحقيق تمثيلية موسعة للناخبين برسم الدوائر المحلية، وفتح المجال أمام كافة القوى السياسية للمشاركة في القرار من خلال المؤسسة التشريعية”، وهو ما ينسجم ويخدم المبادئ والغايات الدستورية التي تم بسطها؛ وحيث إن الدستور، يعتبر، في فصله السادس، القانون أَسْمى تعبير عن إرادة الأمة؛  وحيث إن المكانة التي حفظها الدستور للقانون، في دلالته العامة التي تشمل أيضا القوانين التنظيمية، تظل مكفولة ما دامت قواعده مطابقة للدستور، وليس فيها ما يخالف أحكامه، وأن تطبيقها يتم وفق تفسير يشترط دستوريتها؛ وحيث إن المحكمة الدستورية، لا يندرج ضمن صلاحياتها، التعقيب على السلطة التقديرية للمشرع، في شأن اختيار نوعية التدابير التشريعية التي يرتضيها، أو المفاضلة بين اختيارات تشريعية ممكنة، أو اقتراح بديل تشريعي من شأنه أن يحقق الغايات الدستورية نفسها، طالما أن ذلك لا يمس بأحكام الدستور؛ وحيث إنه، بناء على ما تقدم، ليس في الفقرة الثانية من المادة 84 ما يخالف الدستور؛

[29] – راجع بهذا الخصوص، عمر صبار. “حزب العدالة و التنمية في الميزان حالة المغرب و تركيا”. رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام(ماستر تدبير الشأن العام المحلي). السنة الجامعية 2020-2021، جامعة عبد المالك السعدي. الصفحات من 15 إلى49 لمعرفة جدور تأسيس حزب العدالة و التنمية بالمغرب و أهم محطاته.

[30]التجمع الوطني للأحرار : حزب ليبرالي أسسه أحمد عصمان رئيس الوزراء السابق (صهر الملك الراحل الحسن الثاني) في أكتوبر1978 يصنف كذلك عند النخبة السياسية من الأحزاب الإدارية نظرا لقرابتها من السلطة المركزية أو القصر على مستوى التأسيس و البنية و طبيعة النخبة التي تهيمن عليه منذ التأسيس(البرجوازية الصناعية و التجارية)، ظل أحمد عصمان مستفردا بقيادة الحزب مدة 29 سنة، نظم الحزب مؤتمره الرابع سنة2007 و اختير مصطفى المنصوري رئيسا، شهد الحزب حركتين انشقاقيتين الأولى بزعامة أرسلانا لجديدي سنة 1981 فأسس الحزب الوطني الديمقراطي و الثانية تزعمها عبد الرحمان الكوهن أسس حزب الإصلاح و التنمية، و في سنة 2010 دعت حركة تصحيحية داخل الحزب للدعوة إلى المجلس الوطني للحزب، طلبت هيئة الدفاع لرئيس الحزب مصطفى المنصوري من المحكمة الإدارية منع انعقاد المجلس الوطني، و قررت محكمة الاستئناف بالرباط في 22 يناير2010 تأييد الحكم الابتدائي برفض طلب دفاع مصطفى المنصوري برفض انعقاد المجلس الوطني. فانعقد في 23 يناير 2010 اجتماع المجلس الوطني و تم انتخاب صلاح الدين مزوار رئيسا جديدا للحزب ليقود التنظيم في انتخابات 2011 السابقة لأوانها و يحصل على 52 مقعدا برلمانيا. و في انتخابات 2016 حصل حزب التجمع الوطني للأحرار على 37 مقعدا برلمانيا و في مؤتمره آنذاك اختير عزيز أخنوش لقيادة مشاورات الحكومة و الاستعداد لانتخابات 2021. و ذلك ما حدث حيث كان يعتبر أغلب متابعي الشأن السياسي أن حزب التجمع الوطني للأحرار بقيادة عزيز أخنوش هو مهندس حكومة 2017-2021 برئاسة سعد الدين العثماني ليكون صاحب أغلبية داخل الحكومة خصوصا على إثر صدور بلاغ رباعي(بين حزب الأحرار و الإتحاد الدستوري و الحركة الشعبية و الإتحاد الاشتراكي) كتحالف يفرض نفسه على حزب العدالة و التنمية المتصدر نتائج انتخابات 2016 مما يمكن القول الحكومة كانت برأسين. و في انتخابات 2021 تصدر حزب التجمع الوطني للأحرار الاستحقاقات بالمرتبة الأولى.

[31]حزب الاستقلال : بتجاوز للتاريخ العريق لحزب الاستقلال المرتبط مباشرة بالحركة الوطنية، عرف الحزب تاريخ كبيرة وصل لحد تنظيم مؤتمره17 على أفرز لنا نزار بركة أمينا عاما له بالرغم من كل المحاولات التي باءت بالفشل من الأمين العام السابق حميد شباط. تقوم مرجعيات الحزب على وثوابته الأساسية على فكرة جوهرية، هي الإخلاص لله وللوطن و الملك و لروح الوثائق التاريخية للحزب و للرصيد النضالي الغني لرواده، إنها العقيدة الاستقلالية التي تجسد الوطنية في أسمى معانيها، و التي تشكل العمق الفكري للمشروع المجتمعي للحزب الذي يجمع عليه كل الاستقلاليات و الاستقلاليين، و الذي يشكل أيضا الأساس الثقافي و الاجتماعي لبناء مجتمع تعادلي ديمقراطي(انظر بهذا الخصوص محور المرجعيات و الفكر و الثقافة و الإعلام و الإنسية المغربية و التنوع الثقافي من أوراق حزب الاستقلال الصادرة في المؤتمر العام السابع عشر بالرباط 29-30 سبتمبر  و 01 أكتوبر 2017 و الصادر عن المركز العام لحزب الاستقلال ص:07).

[32]الأصالة و المعاصرة : قاد تأسيس هذا الحزب السيد فؤاد عالي الهمة آنذاك بصفته زعيم “حركة كل الديمقراطيين”، هو ثمرة لتجميع أحزاب قائمة بذاتها في المغرب(الحزب الوطني الديمقراطي، حزب العهد، حزب البيئة و التنمية، رابطة الحريات و حزب مبادرة المواطنة و التنمية) أعلن ميلاده في غشت2008 و عقد مؤتمره التأسيس في فبراير2009، يقوم هذا التنظيم على المقومات التقليدية للدولة المغربية بالموازاة مع الانفتاح على قيم الحداثة (راجع بهذا الخصوص التقرير الصادر عن لجنة الوثيقة المذهبية التي أفرزتها اللجنة التحضيرية للمؤتمر الثالث لحزب الأصالة و المعاصرة بعنوان “الديمقراطية الاجتماعية و رهانات التحديث السياسي”)، مزج الحزب بين شخصيات تكنوقراطية بارزة في المغرب و اليساريين القدماء و نشطاء المجتمع المدني، و أعيان تقليديين، عرف الحزب رفضا من بعض الألوان السياسية و خصوصا التوجهين الإسلامي و اليساري باعتباره حزب إداري تأسس من رحم السلطة، و على إثر الربيع الديمقراطي و تصدر حزب العدالة و التنمية الاستحقاقات الانتخابية لسنة2011، عقد البام (الأصالة و المعاصرة) مؤتمره الوطني الاستثنائي و انتخب مصطفى الباكوري أمينا عاما له و خلفه لاحقا إلياس العماري. و في انتخابات 2016 حيث تصدر الحزب المرتبة الثانية و على إثر حراك الريف ظهرت أصوات داخل البام بالقطيعة مع مرحلة إلياس العماري و ذلك بدعم من السلطة المركزية فتم عقد مؤتمر استثنائي تولى منصب الأمين العام عبد الحكيم بنشماس، و على إثر تناقضات داخلية أفضت قبل انتخابات 2021 بسنتين على الأقل بعقد مؤتمر اختار السيد عبد اللطيف وهبي أمين عام له (و دخل البام في تشكيل حكومة أخنوش و تقلد وهبي منصب وزير العدل في انتخابات2021).

[33]فيدرالية اليسار الديمقراطي : تحالف سياسي تم الإعلان عن تأسيسه في 30 يناير 2014 بعد خمس سنوات من الحوار في إطار ما يعرف بتحالف اليسار الديمقراطي، وهو مشروع لتجميع ثلاثة أحزاب في تنظيم واحد، و تشمل هذه الأحزاب كل من الحزب الاشتراكي الموحد و حزب المؤتمر الوطني الاتحادي و حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي. تبنت فيدرالية اليسار الديمقراطي توجه يساري و يقوم برنامجها السياسي على مجموعة مهمة من النقاط الرئيسية لعل أبرزها النضال الديمقراطي الجماهيري السلمي للمساهمة في الانتقال من نظام مخزني إلى نظام ديمقراطي، و تلخص النظام البرلماني في ملكية برلمانية يسود فيها الملك و لا يحكم و فصل حقيقي للسلط و استقلال القضاء و ربط القرار بصناديق الاقتراع.

الاشتراكي الموحد هو ثمرة لاندماج مجموعة كبيرة من فصائل اليسار بالمغرب(راجع بهذا الخصوص كتاب “هكذا تكلم محمد بنسعيد..” عبارة عن سيرة ذاتية لصاحبها محمد بنسعيد أيت ايدر ص:304. و كذلك راجع بهذا الخصوص وثائق المؤتمر الوطني الأول تحت شعار “تعبئة شاملة من أجل تغيير ديمقراطي حقيقي” في الدار البيضاء 23-24-25 يوليوز 2004 و كذلك وثائق المؤتمر الوطني الثاني للحزب الاشتراكي الموحد بشعار “مغرب المواطنة” بوزنيقة 16-17-18 فبراير2007)، بعدما عرفت منظمة العمل الديمقراطي الشعبي (التي كان يتزعمها السيد بنسعيد أيت ايدر) انشقاقا لرفضها التصويت على دستور1996 عقدت مؤتمرها الرابع سنة2000 و أطلقت على إثره مبادرة لتوحيد تنظيمات اليسار الجذري، و في سنة 2002 ستتوحد أربعة فصائل منها : “منظمة العمل الديمقراطي الشعبي” و “حركة الديمقراطيين المستقلين”(امتداد عضوي و موضوعي لفصيل القاعديين التقدميين بالجامعة) و “الحركة من أجل الديمقراطية” و “الفعليات اليسارية المستقلة”، فكان المؤتمر التأسيسي لحزب اليسار الاشتراكي الموحد في 2002 كملحة تمهيدية إلى حين عقد المؤتمر الوطني الأول، و في سنة 2005 ستتعزز صفوف حزب اليسار الاشتراكي الموحد بعامل الوحدة الاندماجية مع تيار “الوفاء للديمقراطية” ليأخذ الحزب اسم الاشتراكي الموحد في المؤتمر الثاني سنة2007. لم تستطع هذه الفصائل الاندماج بشكل حقيقي داخل حزب واحد، بل تجلى هذا الاندماج على شكل أجهزة حزبية فقط و ظل كل تنظيم قائم بذاته داخل تنظيم قانوني باسم الاشتراكي الموحد، و تظهر هذه الأجنحة في فترة الأزمات و في المؤتمرات، و تباينت وجهات النظر بكل كبير بين هذه الفصائل اليسارية قبيل انتخابات 2021 حيث كان الموقف المؤسساتي للحزب عدم الاندماج بين مكونات الفيدرالية حتى بعد الانتخابات في حين ذهب كل من الأعضاء محسبين عن حركة الديمقراطيين المستقلين و الوفاء للديمقراطية إلى تأسيس تيار داخل الاشتراكي الموحد باسم “التيار الوحدوي” يدعوا للاندماج قبل الانتخابات، و أسفر هذا الصراع إلى انشقاق هذا الإخير عن الحزب و الدخول إلى الانتخابات مع حلفاء فيدرالية اليسار باسم “تحالف اليسار الديمقراطي”.

المؤتمر الوطني الاتحادي  حزب يساري نشأ 2001 بعد انشقاقه من حزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مباشرو في المؤتمر الوطني للحزب الذي عقب حكومة التناوب التوافقي برئاسة عبد الرحمان اليوسفي، و كان سبب الخلاف الرئيسي بين الحزب و النقابة، انخرط في مبادرة تجميع اليسار سنة 2014 في فيدرالية اليسار الديمقراطي، و في سنة 2021 انسحب الاشتراكي الموحد من الفيدرالية، و ظل الاندماج بين حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي و حزب المؤتمر الوطني الاتحادي و التيار الوحدوي المنشق من حزب الاشتراكي الموحد في تحالف اليسار الديمقراطي على أساس الاندماج في حزب واحد سنة 2022

الطليعة الديمقراطي الاشتراكي   حزب يساري منشق من الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية اتخذ هذا الاسم في 06 أكتوبر 1991، و تمخض هذا التنظيم نتاجا موضوعيا لصراع بين اللجنة الإدارية الوطنية للاتحاد الاشتراكي لقوات الشعبية مع المكتب السياسي للحزب، هيمن التوجه الراديكالي عن اللجنة الإدارية و كانوا يحاولون دفع الحزب للتجذر أكثر بمبرر مخرجات اجتماع اللجنة المركزية للحزب في ماي 1979 (راجع بهذا الخصوص الوثيقة 1 من كتاب الاستمرار من تقديم أحمد بنجلون بعنون “08 ماي 1983 من الإتحاد إلى حزب الطليعة”)، و قد خرج هذا الصراع عن نطاق الخلاف الداخلي بين الإتحاديين لدرجة تم اعتقال أزيد من 30 عضو من الإتحاد الاشتراكي و أغلبهم من أعضاء اللجنة الإدارية، و بعد خروج أعضاء هذه اللجنة حاولوا تنظيم الاشتغال باسم حزب الإتحاد الاشتراكي لكن السلطة المغربية لم تسمح بذلك و استمرت معركتهم إلى حين سنة 1991 بتنظيم جديد تحت اسم حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي. دخل في مسلسل الاندماج مع أحزاب اليسار في 2014 في فيدرالية اليسار الديمقراطي، و في سنة 2021 انسحب الاشتراكي الموحد من الفيدرالية، و ظل الاندماج بين حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي و حزب المؤتمر الوطني الاتحادي و التيار الوحدوي المنشق من حزب الاشتراكي الموحد في تحالف اليسار الديمقراطي على أساس الاندماج في حزب واحد سنة 2022

[34] – “هامش ديمقراطي” مفهوم يستخدمه الأستاذ محمد الساسي و مجموعة أخرى من الأساتذة، مفسرا ذلك اعتبار دور الأحزاب الديمقراطية في تحويل ذلك الهامش الديمقراطي إلى ديمقراطية حقيقية.

[35] – الموقع الرسمي لوزارة الداخلية. انتخابات 2021. http://www.elections.ma/index.aspx

[36] – راجع بهذا الخصوص مضامين الفقرة الأولى (عزل حزب العدالة و التنمية) من المطلب الثاني (بعض مؤشرات تاتيث انتخابات2021) من المبحث الأول (ملامح المشهد السياسي قبل اقتراع 2021) أعلاه

[37] – راجع بهذا الخصوص مضامين الفقرة الثانية (أهم المؤشرات الماكرواقتصادية في حكومة العثماني) من المطلب الأول (تقييم موجز لحكومة السيد سعد الدين العثماني) من المبحث الأول (ملامح المشهد السياسي قبل اقتراع 2021) أعلاه

[38] – إعداد الباحث

[39] – راجع إحالات مقتضيات الفقرة الثانية(ملامسة التغيرات الحزبية) من المطلب الثاني(بعض مؤشرات تأتيت انتخابات 2021) من المبحث الأول(ملامح المشهد السياسي قبل اقتراع2021)، لنستشف طبيعة  و بنية و المرجعية المذهبية للأحزاب المشكلة للحكومة

[40] – يقصد بالانتقال الديمقراطي بالسيرورة التاريخية التي تتميز بتحول السلطة السياسية من نمط التدبير السلطوي نحو بناء تجربة جديدة تعتمد منظومة حكم أكثر ديمقراطية بشكل سلمي و تدريجي. و ذلك بإحداث تغييرات فعلية على مستوى المؤسسات و القوانين بين الحاكمين و المحكومين، و ضمان الحقوق و الحريات.

[41] – نص الحوار التليفزيوني المباشر الذي أذاعته القناة الثانية المغربية ضمن البرنامج الشهري “في الواجهة” الذي تعده وتديره الصحفية مليكة مالك رفقة المفكر محمد عابد الجابري موضوع المغرب إلى أين؟ وديمقراطيتنا إلى أين؟. وقد أذيع مساء يوم 18 أكتوبر 2000  وساهم فيه كل من الأستاذ عبده الفيلالي الأنصاري والصحفي إدريس كسيكس والكاتبة ربيعة ريحان. و تم نشر هذا الحوار بعد تفريغه بعنوان “الانتقال إلى الديمقراطية التجربة المغربية … في الواجهة”

[42] – المرجع السابق.

[43] – أناس المشيشي. الانتخابات التشريعية بالمغرب و فرضية الانتقال الديمقراطي أية علاقة؟. ضمن مؤلف جماعي بعنوان “المسار الديمقراطي في المغرب على ضوء الانتخابات التشريعية 07 أكتوبر 2016” الصادر عن المركز المغربي للأبحاث الإستراتيجية و دراسة السياسات. بتقديم من امحمد مالكي و تنسيق البشير المتاقي. ص49-50

[44] – محمد عابد الجابري. العدد 22 من مجلة “مواقف” إضاءات و شهادات في الواجهة. ص104 و ما يليها

[45] – إعداد الباحث

[46] – إعداد الباحث.

[47] – البرنامج الحكومي 2021-2026 الصادر بتاريخ أكتوبر 2021. ص21

[48] – يجب الإشارة أن المعارضة التي أفرزتها انتخابات 08 سبتمبر  2021 مبلقنة نوعا ما، باعتبارها لا تشكل كتلة واحدة، و تختلف من حيث التوجهات السياسية و المرجعية الفكرية، حيث نجد العدالة و التنمية كحزب إسلامي، و الإتحاد الاشتراكي و التقدم و الاشتراكية أحزاب يسارية تقليدية، نجد تحالف اليساري الديمقراطي و الاشتراكي الموحد أحزاب يسارية حديثة، نجد مجموعة من الأحزاب الإدارية… في الانتخابات السابقة كان للحزب المعارض على مستوى البرلمان ازيد من 100 مقعد مما يضمن حقوق دستورية و قانونية للمعارضة، و هذا الأمر غائب في هذه المرحلة.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close