دراساتسياسة

أموال الإخوان المسلمين بين التحفظ والاستيلاء

تمهيد

بالرغم من المتابعة الدؤوبة والرعاية المباشرة لملف التحفظ، لم يكن المسلك الذي انتهجه النظام في الاستيلاء على أموال الإخوان المسلمين منطقياً متماسكاً، بل كان على العكس متخبطاً متعثراً بالغ الاضطراب، على وقع رفض أو امتعاض بعض الجهات القضائية، أو بفعل الآليات القانونية الحكومية المرتبكة التي تسببت في اهتزاز الأحكام القضائية والقرارات الحكومية والإجراءات التنفيذية.

التعثر والارتباك كانا السمة الرئيسية لهذا المسلك طوال سبع سنوات وحتى الآن، فالحملة التي تتعرض لها جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة، وكافة كياناتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتي تستهدف قياداتهم التنظيمية، ورموزهم السياسية، وقواعدهم الجماهيرية صاحبة الانتماء التنظيمي أو القرب الفكري، لم تقتصر على التصفيات الجسدية وأحكام الإعدام المنفذة، وعشرات آلاف أحكام السجن والحبس، بل تخطت ذلك لعمليات ممنهجة من الاستيلاء (في أُطُر رسمية وغير رسمية) على أموالهم وممتلكاتهم وأصولهم، والإفراط في إصدار قوائم الإرهاب التي تشمل آلافاً منهم ومن غيرهم، يتبعها إصدار قوائم التحفظ على الأموال، توطئة لضم تلك الأموال لخزينة الدولة.

فيما يشبه عمليات التأميم التي قام بها نظام عبد الناصر[1]، والتي تم بموجبها الاستيلاء على الشركات والمصانع والبنوك والأصول المملوكة للأفراد والمؤسسات القائمة حينذاك [2] انتهج النظام الانقلابي في عملية الاستيلاء على أموال المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين ثلاث توجهات (مضطربة) حتي الوصول لمرحلة الاستيلاء على الأموال و ضمها لخزينة الدولة.

التوجه الأول: التحـفـظ قـرار حكومي

اشتمل هذا التوجه على عدة خطوات تبادلية، تعاونية بين محكمة القاهرة للأمور المستعجلة والحكومة، فما أن تصدر المحكمة حكماً، إلا وتسارع الحكومة لإصدار قرارات حكومية آنية لتنفيذ تلك الأحكام. وظل الأمر كذلك تبادلياً تعاونياً، حتى تدخلت محاكم مجلس الدولة (محكمة القضاء الإداري – المحكمة الإدارية العليا) فتحول الأمر لصراع ثنائي بين فريقين، لكلٍ منهما توجهه وتفسيره.

أولاً: نقطة البداية الحظر والتحفظ

في سياق الأحداث المتتابعة المصاحبة لحركة انقلاب الجيش على الرئيس محمد مرسي ومؤسسات الدولة المنتخبة، تزايدت إجراءات الاستباحة للإخوان المسلمين وحلفائهم، كأحد الأهداف الأساسية لتلك التحركات، والتي أضحت عنوانا للمرحلة، لم تكن الأحكام القضائية الاستثنائية بمعزل عن إجراءات الاستباحة تلك.

بجلسة 23 سبتمبر2013 أصدرت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة حكمها المبكر في الدعوي رقم 2315 لسنة 2013[3] والذي تضمن ثلاثة أمور جوهرية (حظر أنشطة جماعة الإخوان المسلمين)، (التحفظ على جميع أموالها) و(تكليف مجلس الوزراء بتشكيل لجنة لإدارة أموالها)[4].

كان هذا الحكم بمثابة نقطة البداية الذي يستند إليه نظام الانقلاب حتى اليوم في كل تحركات التحفظ والاستيلاء.

الحكم بذلك، قد تجاوز حدود الاختصاص الذي رسمه قانون المرافعات لمحاكم الأمور المستعجلة الذي ينصَّب على حالة الاستعجال التي يخشي عليها من فوات الوقت[5] هذا من جهة.

من جهة أخري فالحكم جاء واسعاً فضفاضاً يمس ما لا يسهل إحصاؤه من العلاقات والأشخاص والكيانات المنطبق عليها دون تعيين!، وتأثيره على مئات الآلاف من الذمم المالية المصونة بالدستور والقانون.

فهو يصطدم بالدستور خاصة المواد (35، 40) التي وضعت قواعد لحماية الأموال والملكية الخاصة، ومنعت الاعتداء عليهما في غياب أحكام نهائية باتة استنفذت كافة طرق الطعن[6] وهو مالا توفره أحكام محكمة مستعجلة جزئية يفصل في أحكامها قاضٍ واحد منتدب للتصدي لحالة وقتية طارئة، فضلاً عن مخالفته لأحكام الدستور فيما يخص تنظيم السلطة القضائية وتحديد ولاية كل جهة وحدود دورها واختصاصاتها.

الحكم رغم ما ناله من انتقادات، تعاملت معه حكومة الانقلاب على الفور وسارعت في إصدار سلسلة من القرارات لتنفيذه، وأسست عليه توجهاتها فيما يخص إدارة الأموال و التحفظ ثم الاستيلاء في مرحلة لاحقة.

قرار حكومي

في 8 أكتوبر 2013 في غضون أسبوعين من إصدار الحكم أصدر رئيس الوزراء الدكتور حازم الببلاوي بإصدار القرار رقم 1141 لسنة 2013 بتنفيذ منطوق الحكم وتشكيل لجنة مستقلة برئاسة ممثل عن وزارة العدل بالقرار[7].

حكم محكمة الأمور المستعجلة وقرار الحكومة و التشكيل الإداري للجنة التحفظ على أموال جماعة الإخوان المسلمين، صاروا في المرحلة التالية محل صراع قضائي طويل وأساساً للانقسام حول قرارات اللجنة بالتحفظ، بين (اللجنة والحكومة) من طرف و(قضاء محاكم مجلس الدولة) من طرف أخر كما سيتضح بتلك الدراسة.

في 9 أكتوبر2013 بالقدر ذاته من سرعة الاستجابة صدر قرار الدكتور أحمد البرعي[8] وزير التضامن الاجتماعي رقم 227 لسنة 2013 بحل (جمعية الإخوان المسلمين) ووضع أموالها تحت تصرف اللجنة المشكلة بقرار رئيس مجلس الوزراء، وإلغاء القرار السابق بقيدها[9]

كانت جماعة الإخوان المسلمين قد أسست (جمعية الإخوان المسلمين) وصدر بقيدها قرار من وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية في مارس 2013.

ثانياً: اعتبار الإخوان منظمة إرهابية

في 24 فبراير 2014 أعادت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة الكرَّة لتصدر حكماً جديداً على جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها منظمة إرهابية وفق حكمها في الدعوي رقم 3343 لسنة 2013[10].

قرار حكومي

في 8 أبريل 2014 أصدر المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء القرار رقم 579 لسنة 2014 بتنفيذ حكم اعتبار الإخوان تنظيما إرهابياً[11] تضمن جملة من التكليفات أبرزها إخطار الدول العربية بالحكم، وتكليف القوات المسلحة بحماية المنشآت[12].

تعزيز سلطة لجنة التحفظ على الأموال

في 1 يونيه 2014 صدر قرار رئيس الوزراء رقم 950 لسنة 2014[13] بتعديل قرار (الببلاوي) ليعزز من سلطة لجنة إدارة أموال الإخوان بضبط تسميتها، وإثبات الشخصية الاعتبارية المستقلة لها، وضبط أدوارها الإدارية وأمانتها الفنية، ومواردها، وتمثيلها أمام القضاء، ثم صدر قرار وزير العدل رقم 7995 لسنة 2014 بتشكيل اللجنة وتسمية رئيسها[14]

هذا التعزيز وصدور هذين القرارين، هو أبرز ما استعانت به محاكم القضاء الإداري في إلغاء قرارات التحفظ على الأموال لكونه جاء مؤكداً اعتبار اللجنة وقراراتها إدارية وليست ذات طبيعة قضائية.

ومن ثم بدأت اللجنة عملها برئاسة المستشار عزت خميس[15]، ثم عقدت مؤتمراً صحفياً أعلنت فيه عن أعمالها في 26 ديسمبر 2013[16]

ثالثاً: حل حزب الحرية والعدالة

في 9 أغسطس 2014 بناء على الطلب المقدم من رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية، أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكماً بحل حزب الحرية والعدالة، في الدعوي رقم 49821 لسنة 60 قضائية، والذي جاء منطوقه (حكمت المحكمة بقبول طلب حل حزب الحرية والعدالة شكلاً، وفي الموضوع بحل الحزب وتصفية أمواله وأيلولتها إلي الخزانة العامة للدولة على أن تقوم بالتصفية اللجنة المذكورة بالأسباب).

وقد ورد بالأسباب تشكيل لجنة برئاسة رئيس الوزراء تتولي عملية تصفية الأموال المملوكة للحزب العيني منها والمنقول[17].

قرار حكومي

في 11 سبتمبر 2014 صدر قرار رئيس الوزراء رقم 1617 لسنة 2014[18] بتشكيل لجنة تنفيذاً لحكم المحكمة الإدارية العليا بحل الحزب وتصفية أمواله، وكلف القرار لجنة التحفظ على أموال الإخوان بمعاونتها، وتضم لجنة تصفية أموال حزب الحرية والعدالة بالإضافة لرئيس مجلس الوزراء كل من (محافظ البنك المركزي، وزير الداخلية، وزير المالية، وزير العدل، ووزير العدالة الانتقالية).

رابعاً: حظر تحالف دعم الشرعية وحزب الاستقلال

استمرت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة في إصدار أحكامها بحظر الأنشطة والتحفظ على الأموال، والتي طالت بالإضافة للإخوان، حركة 6 إبريل، وحركة حماس، وروابط الألتراس.

في 29 سبتمبر 2014 أصدرت حكمها في الدعوي 2808/2014[19] بحظر أنشطة جماعة (تحالف دعم الشرعية) والذي اعتبرته تحالفًا لدعم الإخوان كما اعتبرت حزب الاستقلال[20] ذراعاً سياسياً للتحالف!

قرار حكومي

بتاريخ 15/10/2014 نفذت الحكومة الحكم بحظر تحالف دعم الشرعية وحزب الاستقلال وفق قرارها رقم 1859 لسنة 2014[21]

ثم في 22 نوفمبر 2014 أصدر مجلس الوزراء قراراً بإسناد مهمة تنفيذ التحفظ على أموال التحالف وحزب الاستقلال للجنة (إدارة أموال جماعة الإخوان المحظورة) [22]

خامساً: صراع ثنائي

أنتجت حركة الأحكام والقرارات المتسارعة تلك، صراعاً قانونياً ثنائياً طرفاه (محكمة الأمور المستعجلة والحكومة ولجنة التحفظ) من جهة، و(قضاء مجلس الدولة عبر محكمة القضاء الإداري والإدارية العليا) من جهة أخري.

القضاء الإداري من جهته يعتبر ما تصدره محكمة الأمور المستعجلة في هذا الصدد عدوانا على اختصاصه الولائي[23] وبالتالي أصدر أحكامه المتتالية بإيقاف قرارات التحفظ كونها قرارات إدارية تصدرها لجنة (إدارة أموال جماعة الإخوان المحظورة) ومن ثم يحق لمحكمتي القضاء الإداري والإدارية العليا، التصدي لها والحكم بإيقافها وإلغائها وهو ما تم بالفعل في دعاوي عدة.

في المقابل تصر الحكومة على كون التحفظ على الأموال إنما يتم بموجب أحكام محكمة الأمور المستعجلة، وقرارات اللجنة مجرد أعمال إجرائية لتنفيذ حكم قضائي، وليست قرارات إدارية مستقلة، وبالتالي يكون طريق الطعن عليها أمام محكمة الأمور المستعجلة مصدرة الحكم، وهو ما دأب على تأكيده المستشار عزت خميس رئيس لجنة التحفظ [24].

في تلك المرحلة – باستثناء حكم المحكمة الإدارية العليا القاضي بحل حزب الحرية والعدالة – كانت تلك الثنائية هي الحاكمة فيما يخص قرارات لجنة التحفظ على أموال الإخوان وأصدرت بشأنها محاكم القضاء الإداري أحكاماً عديدة بإيقاف التنفيذ [25].

تصاعدت حدة الصراع، حتي وصلت (فيما بعد) لاتخاذ محكمة الأمور المستعجلة منحىً غير دستوري بإصدار أحكامها بوقف أحكام محكمة القضاء الإداري، وهو ما تسبب في غضب قضاة مجلس الدولة[26]، ما أدى لإقامة البنك المركزي دعوي التنازع رقم 37 لسنة 36 أمام المحكمة الدستورية للفصل في بيان جهة الاختصاص في الطعن على قرارات لجنة التحفظ على الأموال، انتهى تقرير هيئة مفوضي المحكمة الدستورية إلي وجوب تنفيذ الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري وعدم الاعتداد بأحكام محكمة الأمور المستعجلة، إلا أن البنك المركزي تنازل عن الدعوي لاحقاً[27]، ويُعَدُ قرار التحفظ على أموال اللاعب محمد أبو تريكة عنواناً واضحاً لهذا الصراع[28]

في غضون ذلك وتأكيداً لاتجاه محاكم مجلس الدولة، رفضت محكمة القضاء الإداري دعوي التحفظ التي أقامها المحامي (سمير صبري) للتحفظ على مبلغ خمسة مليار جنيه من أموال الإخوان تحت يد النائب العام ورئيس لجنة التحفظ على أموال الإخوان[29].

التوجه الثاني: التحفظ وتدابير مواجهة الإرهاب

التوجه الأول الذي انتهجته حكومة الانقلاب باعتماد آلية اللجان الإدارية لتنفيذ أحكام محكمة الأمور المستعجلة في التحفظ على أموال الإخوان، واجهته عقبات عدة، أدت لاضطراب الإجراءات وعدم جدواها في تلبية أهداف النظام، الذي لا يرغب في الاكتفاء بالتحفظ على أموال الإخوان وإدارتها، بل يسعي حثيثاً للاستيلاء عليها وضمها لخزائن الدولة.

لتجاوز تلك المرحلة المضطربة انتهج النظام توجهاً جديداً اشتمل على إصدار قوانين استثنائية، تبعتها أحكام قضائية، وقرارات إدارية.

أولاً: تشكيل دوائر الإرهاب

في ديسمبر 2013 بدأ حديث حكومي حول تشكيل دوائر خاصة بالإرهاب، وفي 24 ديسمبر 2013 صرَّح المتحدث الرسمي لمجلس الوزراء السفير هاني صلاح (أن الحكومة اتخذت قراراً بتخصيص دوائر قضائية لسرعة الفصل في قضايا الإرهاب…)[30].

جاء التصريح معبراً إلى حدٍ بعيد عن مدى التدخل الحكومي في شئون القضاء، وحرص النظام الانقلابي على اتخاذ تدابير قضائية استثنائية لإزالة العقبات التي تواجهها خصومته مع منافسيه السياسيين وبالأخص (الإخوان المسلمين). وفيما يبدو أنه استجابة سريعة لقرار الحكومة، صدر قرار محكمة استئناف القاهرة بتشكيل 6 دوائر لنظر قضايا الإرهاب[31] بعد تصريحات المتحدث الرسمي بأيام!

في 26 يناير 2014 تكرر الإفصاح عن تدخل جديد في شئون القضاء حيث تحدث المستشار عدلي منصور (رئيس الجمهورية المؤقت بعد الانقلاب) في خطاب تلفزيوني[32] عن مناشدته لرئيس محكمة استئناف القاهرة بزيادة عدد دوائر الإرهاب، وهو ما تم الاستجابة له أيضاً فيما بعد.

تكرار مسلك النظام المحرج للقضاء دفع المستشار نبيل صليب رئيس محكمة استئناف القاهرة للرد بتصريحات لجريدة الوطن في 31 يناير 2014 مؤكداً أن إنشاء أو إلغاء أو تشكيل الدوائر في قضايا الإرهاب أو غيرها من اختصاصات رئيس محكمة استئناف القاهرة وحده وأضاف (إن ما تناولته بعض الصحف من مناقشة الدكتور حازم الببلاوي خلال زيارته للنائب العام إنشاء دوائر متخصصة لنظر القضايا المتعلقة بالإرهاب هو أمر لا أساس له من القانون … وشدد على ضرورة إعمال مبدأ الفصل بين السلطات وعدم تدخل كائن من كان في أعمال السلطة القضائية وشئونها…)[33]

من ذلك يتضح رغبة سلطة الانقلاب في تسريع وتيرة صدور الأحكام الجنائية لتوفير تغطية لإجراءات التحفظ على الأموال، بعدما اهتزت قرارات لجنة إدارة أموال الإخوان المستندة على أحكام محكمة الأمور المستعجلة.

ثانياً: حكم قطع طريق قليوب

فيما يعتبر ثمرة لجهود الحكومة في تشكيل دوائر الإرهاب، أصدرت محكمة جنايات شبرا الخيمة بجلسة 5 يوليو2014 حكماً هو الحكم الأول الذي تصدره محكمة جنايات بالتحفظ على أموال الإخوان المسلمين، فيما يعرف بقضية قطع طريق قليوب[34] في القضية رقم 7294 لسنة 2013 جنايات قسم قليوب قررت المحكمة بالإضافة لأحكام الإعدام والمؤبد والسجن، التي طالت الدكتور محمد بديع مرشد الجماعة والعديد من قياداتها التحفظ على أموال المدانين وتعيين رئيس الوزراء قيماً على إدارة تلك الأموال وفقا للقانون.

الحكم الذي أصدره المستشار (حسن فريد) هو حكم أول درجة، أيدته محكمة النقض فيما بعد[35]

قرار حكومي

بتاريخ 25 نوفمبر2014 صدر قرار رئيس الوزراء رقم 2145 لسنة 2014 بتكليف لجنة (إدارة أموال جماعة الإخوان المحظورة) بتنفيذ حكم الجنايات بالتحفظ وحرمان المشمولين بالحكم من التصرف فيها[36].

ثالثا: قوائم الإرهاب

في 17 فبراير 2015 أصدر السيسي (قرار بقانون) قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين رقم 8 لسنة 2015[37].

يعد القانون أول تدبير تشريعي ينظم عمليات التحفظ على الأموال.

حيث أنشأ القانون سلطات استثنائية بامتياز، فسمح للنيابة العامة إعداد قوائم للكيانات الإرهابية وأخري للإرهابيين، تعرضها على دائرة من دوائر الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة مشفوعة (بالتحقيقات والمستندات)، ويكون الإدراج على قوائم الإرهاب لمدة (ثلاث سنوات)، وللنيابة الحق في طلب تجديدها بذات الإجراءات في حال لم يصدر على المشمولين بها حكما جنائياً نهائياً يسبغ عليهم وصف الإرهاب.

نص القانون أيضاً على جملة من التعريفات التي توضح غاية القانون وأهدافه.

عرف القانون الأموال بأنها (جميع الأصول والممتلكات أيا كان نوعها سواء كانت مادية أو معنوية منقولة أو ثابتة بما في ذلك المستندات والعملات الوطنية أو الأجنبية والأوراق المالية أو التجارية والصكوك والمحررات المثبتة لكل ما تقدم أيا كان شكلها وجميع الحقوق المتعلقة بأي منها)

كما عرف التمويل بأنه (جمع أو تلقي أو حيازة أو إمداد أو نقل أو توفير أموال أو أسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو مهمات أو آلات أو بيانات أو معلومات أو مواد أو غيرها، بشكل مباشر أو غير مباشر وبأية وسيلة كانت وذلك بقصد استخدامها كلها أو بعضها في ارتكاب أية جريمة إرهابية أو العلم بأنها ستستخدم في ذلك أو بتوفير ملاذ آمن لإرهابي أو أكثر أو لمن يقوم بتمويله بأي من الطرق المتقدم ذكرها)

وعرف تجميد الأموال بأنها (الحظر المؤقت الذي يفرض على نقل الأموال أو تحركها أو تبديلها أو تحويلها أو التصرف فيها وذلك بناء على قرار الإدراج على قوائم الإرهاب)

يتضح من التعريفات أن القانون يشمل نطاقاً واسعاً غير محدد لإجراءات تمس أموال معصومة يحميها الدستور، وقد أكد الواقع هذا التوسع غير المبرر في طبيعة الأسماء والأعداد التي طلبت النيابة إدراجها على القوائم.

كان وضع اللاعب المصري محمد أبو تريكة على تلك القوائم ضمن 1536 اسم حكمت بإدراجهم محكمة جنايات القاهرة[38] مثالاً واضحاً على آلية إعداد تلك القوائم ولفت الانتباه لخطورتها.

خطوات الإدراج

حسب القانون، تعد النيابة قوائم الإدراج وفق ما بحوزتها من تحقيقات، ثم تعرض القائمة على إحدى دوائر الإرهاب ويترتب على إقرارها (بقوة القانون) جملة أمور نصت عليها المادة (7) أبرزها، حظر الأنشطة، وحظر جمع الأموال، وتجميد أموال الكيان وأعضائه، ووضع الأشخاص على قوائم المنع من السفر والترقب، وسحب جواز السفر أو إلغائه وتجميد أموال الإرهابي، ثم تقوم المحكمة بتحديد من يدير الأموال المجمدة وفق ما يصدره وزير العدل من قرارات

بهذا يتضح مسعي القانون لمعالجة العقبات التي قابلت (لجنة إدارة الأموال) خلال المرحلة الأولي التي فندتها الدراسة.

وكيف سعي قرار السيسي لتحصين القرارات التي كانت محلا للطعن والإيقاف.

تعديلات قانون قوائم الإرهاب [39]

بالرغم من كون قانون القوائم الإرهابية قانوناً استثنائياً بالأساس، إلا أنه تم تعديله أكثر من مرة بقوانين قد أضافت استثناءات على الاستثناءات.

التعديل الأول

القانون رقم 11 لسنة 2017 [40] أبرز تعديلاته:

1- بعد أن كان قرار الإدراج يعتمد على (التحقيقات “و” المعلومات) تم تعديل المادة (3) كالتالي (يقدم طلب الإدراج من النائب العام إلي الدائرة المختصة مشفوعاً بالتحقيقات أو المستندات أو التحريات أو المعلومات المؤيدة لهذا الطلب)

المادة الأصلية المعدلة كانت توجب على النيابة تقديم (التحقيقات “و” المستندات) جاءت بالتعديل كلمة (أو) لتمنح المحكمة حق الاختيار بين الأمور الأربعة

خطورة التعديل تتمثل في إمكانية الإدراج على قوائم الإرهاب وما يتبعه من قرارات بتجميد الأموال والتحفظ عليها قد يتم بناء على تحريات ضباط الأمن الوطني أو معلومات مرشدي المباحث!

2- زيادة مدة الإدراج لخمس سنوات بدلا من ثلاث.

3- أضيفت المادة (8 مكرر) التي تسمح للنائب العام في حال توافر معلومات عن وجود أموال متحصلة من نشاط إرهابي لكيان أو شخص مدرج (أو غير مدرج) على القوائم إصدار قرارات التحفظ على الأموال ومنع تصرف مالكيها أو حائزيها، ثم عرض ذلك على الدائرة المختصة خلال شهر

التعديل الثاني

القانون رقم 14 لسنة 2020 جاء تعديلاً اقتصادياً بامتياز، حيث أضاف للمصطلحات الحاكمة في القانون تعريفات جوهرية مالية:

أضاف لتعريف الكيان الإرهابي (الشركات والاتحادات وما في حكمها)

أضاف لتعريف الأموال (والأصول الأخرى) (الأصول المالية – الموارد الاقتصادية – النفط والموارد الطبيعية – الوثائق والأدوات القانونية – الصكوك والمحررات المثبتة بالشكل الرقمي أو الإليكتروني – الائتمان المصرفي – الشيكات السياحية والمصرفية والاعتمادات المستندية – أي فوائد أو أرباح أو مصادر دخل مترتبة على هذه الأموال أو الأصول أو متولدة منها- أي أصول أخري استخدمت أو(يحتمل) استخدامها للحصول على تمويل أو منتجات أو خدمات)

وأضاف للمادة (7) فيما يخص تجميد الأموال والأصول المملوكة للكيان أو الإرهابي (أو حصة في ملكية مشتركة) وكذا (العائدات المتولدة منها أو التي يتحكم فيها بشكل مباشر أو غير مباشر)

بالرغم من كون قانون قوائم الإرهاب تحفظياً بالأساس، فقد مثلت تعديلاته خروجاً على قاعدة عدم جواز التوسع في الاستثناء، وانتقلت من محاولة قانونية لضبط الإجراءات ومعالجة العوار الذي طال إجراءات النيابة العامة ولجنة إدارة الأموال، لتتحول لما يشبه (القانون التجاري) في قضايا الإرهاب، فقد أضاف المشرع استثناءات اقتصادية صرفة من شأنها نقل معركة النظام مع الإرهاب من نطاق الجماعات والأشخاص المدرجة على قوائم الإرهاب لشركائهم التجاريين حتي لو كانت الشراكة في مراحل سابقة عن القضايا.

في الوقت ذاته لا تحتاج النيابة تقديم أكثر من التحريات والمعلومات لتحصل على قرارات الإدراج.

أيضا، أضافت التعديلات صلاحيات للنائب العام في إصدار قرارات مستقلة بالتحفظ للمدرجين على قوائم الإرهاب و(غير المدرجين) وهو مسلك غير مفهوم أدي لتفريغ القانون الأصلي من أهدافه!

وفي الوقت الذي روجت فيه السلطة مسعاها لإصدار هذا القانون بهدف سرعة حسم القضايا، نجد التعديل زاد مدة الإدراج من ثلاث لخمس سنوات!

وهو ما أدي لواقع جديد من قرارات التحفظ وأحكام الإدراج شملت رجال أعمال مثل صفوان ثابت، وسيد السويركي وغيرهم [41]

رابعاً: قانون الإرهاب

في 15 أغسطس 2015 صدر قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015[42]

صدر بعد قانون القوائم الإرهابية بستة أشهر، و كان الترتيب المنطقي هو صدور قانون مكافحة الإرهاب أولا ثم يتبعه قانون القوائم الإرهابية.

ثم تم تعديله بالقانون 11 لسنة 2017، ثم القانون 15 لسنة 2020[43]

القانون وتعديلاته بمثابة (قانون عقوبات خاص بالإرهاب)، نورد منها هنا ما يدخل في نطاق الدراسة كالتالي:

  • سمح القانون للنائب العام أو من يفوضه بالاطلاع على معلومات الحسابات البنكية والودائع والأمانات والخزائن.
  • منح القانون للنيابة العامة سلطة التحفظ على المقار والأماكن والأمتعة والأثاث وتعيين حارس عليها.
  • سمح القانون لرئيس مجلس الوزراء بتخصيص جزء من الأموال والمتحصلات المقضي بمصادرتها لسداد التزامات الدولة في وثيقة التأمين الإجباري للأخطار الناجمة عن الإرهاب على أفراد القوات المسلحة والشرطة.

جاءت التعديلات في جملتها تأكيداً لمسعي حكومي يتوسع في إسباغ أوصاف الإرهاب، ليصبح أداة سياسية في يد الدولة تستخدمها في إنهاء الطموح السياسي لمنافسيها أو من يحتمل منافسته، أو فرض يمنتها على الأنشطة الاقتصادية والتجارية وتتبُّع وكشف الحسابات البنكية، ومن ثم حظر الأنشطة والتحفظ و الاستيلاء على الأموال بحجة الإرهاب.

خامساً: مجالس مكافحة الإرهاب

في 26 يوليو 2017 وبعد إقرار حزمة القوانين المنظمة لمكافحة الإرهاب أصدر السيسي قراراً جمهورياً بقانون رقم 355 لسنة 2017 بإنشاء (المجلس القومي لمواجهة الإرهاب والتطرف) بالرغم من انعقاد البرلمان [44].

ولم تمر تسعة أشهر حتي تم إلغاء ذلك القرار بموجب القانون رقم 25 لسنة 2018 [45] الذي أنشأ (المجلس الأعلى لمواجهة الإرهاب والتطرف)

المجلس في نسختيه تمتع بسلطات لا محدودة في إقرار ما يراه، وشملت المهام الموكلة للمجلس في إقرار استراتيجية شاملة لمواجهة الإرهاب والتطرف داخلياً وخارجيًا، نستعرض منها ما يتداخل مع مجال الدراسة الماثلة:

في قرار إنشاء المجلس القومي لمواجهة الإرهاب والتطرف نصت المادة الثالثة على (متابعة تنفيذ إجراءات التحفظ على أموال الكيانات الإرهابية والإرهابيين، ورصد التحويلات المالية للعناصر والتنظيمات الإرهابية ووضع الإجراءات اللازمة لتكثيف جهود الجهات المختصة تجفيفاً لمصادر تمويل الإرهاب)

أما قانون إنشاء المجلس الأعلى لمواجهة الإرهاب والتطرف فقد جاء ضمن الغرض من إنشائه (… لمكافحة الإرهاب بجميع صوره وأشكاله، وتعقب مصادر تمويله…)

كما ورد بالمادة الرابعة (وضع آليات تنفيذية لتجفيف مصادر تمويل الإرهاب والتطرف مع تكثيف الجهود في هذا المجال)

المجلس وفق اختصاصاته تلك يعمل على سد كافة الفجوات التي قد تتواجد بآليات مواجهة الإرهاب، فمن جهة يضع آليات للتعاون الدولي بشأن مكافحة الإرهاب، ويحاول توحيد الجهود الداخلية والإشراف على كافة الأجهزة لتذليل العقبات أمامها، من جهة أخري يفتح المجال لمزيد من الإجراءات والتدابير الاستثنائية التي بنيت عليها الاستراتيجية المفتوحة لمواجهة الإرهاب لا سيما وقد أعلن السيسي رغبته في إنشائه بالتزامن مع إعلانه حالة الطوارئ للمرة الأولي في إبريل 2017[46] والمستمرة حتي الآن بقرارات تصدر بوتيرة منتظمة تفرض حالة الطوارئ ومن ثم تمدها[47]

التوجه الثالث: تدابير الاستيلاء ونقل الأموال لخزينة الدولة

السجال حول الأموال المتحفظ عليها لم يتوقف منذ الحكم الأول الذي أصدرته محكمة الأمور المستعجلة بالحظر والتحفظ على أموال الإخوان المسلمين[48] وهو ما دفع النظام لحركة دؤوبة من المعالجات التشريعية والتنفيذية التي استعرضناها في التوجهين السابقين، إلا أن أياً من تلك المعالجات لم تحسم أمر نقل تلك الأموال المتحفظ عليها لخزينة الدولة، وهو ما أدي لإصدار قانون مستقل يعالج بصورة مباشرة قضية التصرف في الأموال المتحفظ عليها.

يستخدم القانون هذه المرة آليات القانون المدني في مصادرة الأموال وحجزها تحت يد الغير والتحفظ على العقارات بآليات الشهر العقاري، يصنع ذلك عبر آليات استثنائية وردت في قانون المرافعات مثل (الأوامر على العرائض) و(أوامر التكليف) التي يصدرها قاضي الأمور الوقتية ومن ثم تعرض على (محكمة الأمور المستعجلة لإصدارها في صورة أحكام)

أولاً: قانون 22 لسنة 2018

أصدر مجلس النواب القانون رقم 22 لسنة 2018 (بتنظيم إجراءات التحفظ والحصر والإدارة والتصرف في أموال الجماعات الإرهابية والإرهابيين)[49]

القانون كما سنوضح يحصن أعمال لجنة التحفظ على أموال الإخوان من الطعن، ويضع حلولاً تشريعية استثنائية للعقبات التي قابلتها خلال الفترة الماضية و يحسم ثنائية الصراع (التي تحدثنا عنها أعلاه) لصالح (محكمة الأمور المستعجلة ولجنة التحفظ) مع إبعاد محاكم مجلس الدولة.

كما يشكل القانون لجنة قضائية لها مطلق التصرف في أربعة إجراءات (التحفظ والحصر والإدارة والتصرف).

القانون به الكثير من مطاعن عدم الدستورية فضلا عن الانحياز التام للجهات التنفيذية والافتئات البيِّن على الاختصاصات القضائية للمحاكم الإدارية والجنايات والنقض مجتمعة، فضلاً عن نهائية أحكامه وعدم جواز الطعن عليها.

تذمر قضاة مجلس الدولة

في 21 أبريل 2018 صدر القانون الذي رجح كفَّة محكمة الأمور المستعجلة وجعلها جهة الولاية الحصرية على أحكام التحفظ والتصرف بالرغم مع موجة التذمر المتصاعدة من كبار مستشاري مجلس الدولة وقياداته السابقة والحالية والتي بلغت ذروتها قبيل إصدار القانون، حيث صرح المستشار عادل فرغلي نائب رئيس مجلس الدولة الأسبق قبل صدور القانون بأسبوع، أن تدخل محكمة الأمور المستعجلة في اختصاصات مجلس الدولة باطل ومنعدم ويعد (مخالفة جسيمة)[50]

وكما قدمنا، حديث الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة آنذاك في بحث علمي أعده حول قيام محكمة الأمور المستعجلة بوقف تنفيذ أحكام القضاء الإداري واعتباره من قبيل الغلط الفادح والمفرط والجهل غير المغتفر الذي يستوجب المساءلة التأديبية، وبالرغم من ذلك صدر القانون.

أبرز التعريفات بالقانون

  • الأحكام القضائية، هي (الأحكام الصادرة من محاكم القضاء المدني)
  • المحكمة المختصة، (محكمة الأمور المستعجلة)
  • التحفظ، (كافة الإجراءات القضائية والإدارية المؤدية إلي التحفظ على المال والحفاظ عليه منذ تاريخ التحفظ عليه …)
  • التصرف، (التصرف في المال محل التحفظ على النحو المبين بهذا القانون والقانون المدني وقانون المرافعات المدنية والتجارية)
  • الاستدلالات، (جميع الأوراق التي تقدم للجنة من جهات الاختصاص والمتعلقة بالكشف عن الأموال والأشخاص محل تنفيذ الأحكام القضائية)

يتضح من تلك التعريفات توجه المشرع ومسلكه الجديد الذي يؤكد على:

  • أحكام القضاء وقرارات اللجنة مدنية وليست جنائية أو إدارية.
  • اللجنة هي الجهة الوحيد لتنفيذ أحكامه حصراً وقصراً.
  • تحصين قرارات اللجنة ومساواتها بدرجة ومنزلة الأحكام القضائية.

يعني ذلك أن القانون أبعد قرارات التحفظ والتصرف في الأموال عن ولاية جهات التقاضي التي داومت على إلغائها (محاكم مجلس الدولة)، وكذا جهات التقاضي التي تستغرق أوقاتاً كبيرة حتي إصدار الأحكام (دوائر الإرهاب بمحاكم الجنايات)

من جهة أخري يهدف القانون لإخراج أحكام التحفظ وإجراءاته التنفيذية من ولاية (محكمة النقض) وهو ما يحتاج بياناً مستقلاً سيأتي بعد.

لجنة قضائية

لماذا نص القانون على تشكيل لجنة قضائية هذه المرة ؟

ضمن الأسباب الرئيسية الواردة بأحكام محكمة القضاء الإداري و المحكمة الإدارية العليا الصادرة بإلغاء قرارات التحفظ (كون هذه القرارات صدرت عن “لجنة إدارية” شكلها رئيس الحكومة أو وزير العدل) فقراراتها إدارية تخضع لسلطة قضاء الإلغاء بمحاكم مجلس الدولة.[51]

لذا، عالج القانون تلك العقبة فجعل اللجنة ذات تشكيل قضائي خالص كما ورد بنص المادة الثانية (تنشأ لجنة مستقلة في أدائها لعملها ذات تشكيل قضائي…)[52] وفي الماد الثالثة (تشكل اللجنة من سبعة أعضاء من بين قضاة محاكم الاستئناف، على أن يكون كل منهم بدرجة رئيس استئناف يرشحهم وزير العدل ويصدر بندبهم قرار من رئيس الجمهورية…)[53]

طبيعة الأحكام التي تنفذها اللجنة

حتي تُفهم طبيعة عمل اللجنة ومهامها، لابد من الوقوف على طبيعة الأحكام التي نظمها ذلك القانون وأسند تنفيذها للجنة.

الأحكام صادرة من محاكم القانون المدني، والمحكمة المختصة وفق القانون هي محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، والصلاحيات الرئيسية بالقانون جاءت لقاضي الأمور الوقتية.

أما الموضوعات التي يتناولها الحكم فهي الحصر والتحفظ والإدارة والتصرف في أموال الجماعات الإرهابية والإرهابيين.

الأحكام التي تنفذها اللجنة إذن أحكام تحفظية مؤقتة، الغرض منها منع استخدام الأموال والأصول في أعمال إرهابية، تلك الأموال والأصول مملوكة لشخص أو كيان إرهابي صدرت في شأنه أحكام ابتدائية لم تصبح نهائية بعد.

ثانياً: المهام والأدوار

طبيعة مهام اللجنة

المهمة الرئيسية للجنة، ولعله الغرض من إنشائها وفق نص القانون (تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة باعتبار جماعة أو شخص ينتمي إلي جماعة إرهابية)

وعليه تعتبر اللجنة تنفيذية، لا تبدأ عملها إلا عقب صدور حكم، تتقيد في عملها بمنطوقه وحيثياته وحدوده، ولا تملك التوسع فيه أو تقييد نطاقه.

وفق هذا المفهوم، من الطبيعي أن تتضمن مهامها حصر وتتبع الأموال التي تضمنها الحكم، وتجميع المستندات والأوراق الخاصة بتلك الأموال، وإعلان ذوي الشأن بالأحكام والقرارات، ثم لها تعيين الخبراء لإدارة الأموال).

لكن القانون قد أسند للجنة مهاماً أخري هي من صميم عمل النيابة العامة كسلطة اتهام وتحقيق، وأعمال من سلطة المحكمة مصدرة الحكم، نذكر منها على سبيل المثال التالي:

  • يحق للجنة سماع الأقوال وتحليف اليمين وهذه الأعمال من مهمة النيابة أو المحكمة المختصة، فحلف اليمين بين الخصوم ينظمه قانون الإثبات وهو لا يكون إلا أمام المحكمة، أو الشهود أمام النيابة والمحاكم، كما أن حدود مهام اللجنة كما أسلفنا هو تنفيذ الأحكام فلماذا تسمع الأقوال وتطلب حلف اليمين في حكم انتهت حدوده أمام المحكمة!
  • إلزام الجهات والهيئات والبنوك بتقديم ما لديها مستندات ومعلومات وبيانات للجنة حال طلبه، وتلك أمور تقع في اختصاص النيابة العامة كجهة تحقيق أو المحكمة المختصة كجهة ولاية، وقد يتطلب الأمر صدور حكم برفع السرية عن المعلومات والحسابات البنكية وفق ضوابط.

وقد ورد بالقانون استثناء على هذا الاختصاص (دون الإخلال بمقتضيات الأمن القومي واعتبارات السرية للوثائق والبيانات والمعلومات ذات الطبيعة الأمنية الخاصة)

الاستثناء منح اللجنة سلطة تقديرية مستقلة عن سلطة محكمة الموضوع، تحدد بها المسموح و المستثنى!.

وهو ما يشير في المجمل إلي تمتع اللجنة بسلطات واسعة استلبت بها سلطات النيابة ومحكمة الموضوع معاً، بل تجاوزتهما في بعض الأحيان.

والسؤال الأهم هنا، بعد بيان صفة الأحكام وطبيعة الأموال وطبيعة مهام اللجنة، ما سند اللجنة في طلب ضم الأموال لخزينة الدولة؟

التصرف في الأموال

بموجب القانون يحق للجنة رفع دعوي أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، تطلب فيها التصرف في أموال المتحفظ عليهم بنقلها للخزانة العامة للدولة، وهو ما يخالف الطبيعة التحفظية للقانون.

الاختصاص الأبرز للجنة ورد في نص المادة الحادية عشر من القانون وهو على ما يبدو غاية هذا القانون في اختصاصها بالتصرف في الأموال محل التحفظ متي كان منطوق الحكم قد نص على التصرف في المال فتنقل ملكيته إلي الخزانة العامة للدولة بناء على طلب تقدمه لمحكمة الأمور المستعجلة .

دور محكمة الأمور المستعجلة

تصدر المحكمة بشكل رئيسي أحكاماً باعتبار الكيانات والأشخاص (إرهابية/إرهابيين)، كما تفصل في التظلمات واستئناف الأحكام كما نظمها القانون.

يعد ذلك توسعاً في دور محاكم الأمور المستعجلة الذي رسمه القانون بالمادة 45 من قانون المرافعات المدنية والتجارية (يندب في مقر المحكمة الابتدائية قاضٍ من قضاتها ليحكم بصفة مؤقتة ومع عدم المساس بالحق في المسائل المستعجلة التي يخشي عليها من فوات الوقت).

أما دعاوي التحفظ والاستيلاء على الأموال التي تحكم فيها المحكمة ضمن هذا القانون، فهي دعاوي موضوعية بامتياز، تصدر فيها أحكاما بالجملة تتعلق بآلاف البشر، وتمس دون تمييز مراكز قانونية وذمم مالية وحقوق شخصية، أسبغ عليها الدستور حمايته، ونظمت شئونها القوانين الرئيسية، وهو مالا تستوعبه مهمة محكمة الأمور المستعجلة التي رسمها القانون.

دور قاضي الأمور الوقتية

حدد القانون أدواراً لقاضي الأمور الوقتية في إصدار أوامر على عرائض بالتحفظ على الأموال بناء على طلب اللجنة (وفي هذا تداخل مع اختصاص محكمة الأمور المستعجلة) باعتبارها المحكمة المختصة.

كما له إصدار أوامره بحجز أموال المتحفظ عليه لدي الغير (وفق قاعدة حجز ما للمدين لدي الغير) في حالة قيام أدلة لدي اللجنة على وجود أموال للمتحفظ على أمواله لدي الغير (وهذا يعد توسعاً لم يذكره حكم المحكمة بل إضافة للحكم بعد صيرورته نهائياً)

ومن الجدير بالذكر أن ما يصدره رئيس المحكمة الابتدائية كقاضٍ للأمور الوقتية ليس حكماً قضائية، وإنما أمراً ولائياً يصدره القاضي كقرار بناء على عريضة يقدمها صاحب الشأن دون مواجهة الطرف الآخر في غير جلسة ولا حضور خصوم، كما يصدر بلا حيثيات أو تسبيب[54].

نسوق هنا بعض الأمثلة التي وردت بالقانون لاختصاصات قاضي الأمور الوقتية حتى تتضح الصورة

الأمر بإعطاء الصورة التنفيذية الأولي في حال امتناع قلم الكتاب عن إعطائها[55] الأمر بإعلان ورقة أو عدم إعلانها[56] الأمر بإنقاص مواعيد الحضور[57] أمر تكليف شاغل الوحدة السكنية بأداء التزامات اتحاد الشاغلين[58]

إذن، طبيعة هذه الأوامر وقتية تحفظية تصدر لإدراك أمور بسيطة عاجلة، لا يترتب عليها ضرر بالغ بأصحاب الشأن ولا تفوت حقوقهم المصونة التي لا تمس إلا بحكم قضائي.

أما ما أسنده قانون التحفظ لقاضي الأمور الوقتية يختلف عن مهمته التي دللنا عليها في الأمثلة، الاختلاف جوهرياً من حيث الحقوق التي يمسها، وحجم الأموال المملوكة للأفراد والمؤسسات التي يسلبها.

التعامل مع الأصول والحقوق العينية وحقوق الغير

من الأمور الخطيرة التي قررها القانون هو المساس بالحقوق العينية وإمكانية التأشير على المسجلات بما يمنع الغير من الاحتجاج بأي حق عيني أو شخصي بعد تاريخ الإخطار بالتأشير، وهو ما يسحب الحكم بالتحفظ على الغير ممن لهم علاقات مع المتحفظ عليهم، ممن اشتروا العقارات أو الأراضي مثلاً.

وهذا الاختصاص، استلزم تعديلاً في قانون الشهر العقاري بالقانون رقم 186 لسنة 2020[59] والذي أضاف مادة برقم 35 مكرر نظمت إنشاء الحقوق العينية العقارية التي تتضمنها الأحكام النهائية، وتنظيم آثار الأحكام على شركات المرافق والجهات والوزارات والمصالح الحكومية لمنعهم من أي إجراء يخص العقار.

العقوبات

يعاقب الممتنع عن إمداد اللجنة بالمعلومات أو البيانات، أو اتهم بإفشاء ما حصلت عليه اللجنة من معلومات بالحبس سنة وغرامة مالية والعزل من الوظيفة، وهو ما يعد تهديد مبطن لموظفي الدولة من مخالفة قرارات اللجنة.

الأثر الرجعي للقانون وعمل اللجنة

أخطر ما أورده القانون علب الإطلاق، هو الأثر الرجعي للقانون، وهو ما نصت عليه المادة السادسة عشر ( تعرض جميع القرارات السابقة على العمل بهذا القانون على اللجنة ولها إعادة النظر فيها طبقاً للإجراءات والأوضاع المنصوص عليها في هذا القانون)

وهو ما يعطي (اللجنة) الحق في إهدار الأحكام الصادرة لأصحابها من (محاكم) إدارية وجنائية بل ومن محكمة النقض أيضاً، وفي هذا معالجة انتقامية أكثر منها معالجة قانونية حيث يعطي القانون للجنة ليست محكمة أحقية نظر قرارات أصدرتها محاكم مجلس الدولة.

مبادئ محكمة النقض فيما يخص أحكام المحاكم المستعجلة

القاعدة في قضاء محكمة النقض أن الأحكام المستعجلة هي أحكام وقتية لا تمس أصل الحق، كما لا تحوز حٌجية أمام محكمة الموضوع التي تفصل في أساس الحق المتنازع عليه، وبالتالي فإنها لا تتقيد بما انتهي إليه قاضي الأمور المستعجلة في قضائه الوقتي القائم على مجرد تلمس الظاهر من الأوراق[60]

إلا أن القانون الماثل فيما يخص قضايا التحفظ والتصرف في الأموال، أعطي كلا الاختصاصين (الوقتي والموضوعي) لمحكمة الأمور المستعجلة استثناءاً على قانون المرافعات وخلافاً لقواعد محكمة النقض وأحكام الدستورية العليا، ثم جعلها دون غيرها صاحبة الاختصاص الحصري، وهو ما يجعلنا أمام حالة ملتبسة لا يصبح بموجبها أمام المدانين أية محكمة أخري تنظر موضوع طعنه سوي محكمة مستأنف الأمور المستعجلة. من جهة أخري غل القانون يد محكمة النقض عن نظر هذه الدعاوي وجعل اختصاص محكمة الأمور المستعجلة نهائياً لا يجوز الطعن عليه بنص القانون في المادة السادسة حيث نصت على (… وعلى المحكمة المختصة أن تفصل في الاستئناف خلال ثلاثين يوماً من تاريخ قيد الاستئناف ويعد الحكم الصادر في هذا الشأن نهائياً وغير قابل للطعن عليه)

ثالثا: الاستيلاء على الأموال وضمها لخزينة الدولة

في 17 يناير 2021 أصدرت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة حكماً بنقل الأموال والعقارات المملوكة لورثة الرئيس محمد مرسي (رحمه الله) و86 آخرين لخزينة الدولة، وذلك في الدعوي التي رفعتها أمامها لجنة التحفظ على الأموال في ظل القانون 22 لسنة 2018.

خطوات ضم الأموال

تمر عملية ضم الأموال لخزينة الدولة بعدة خطوات إجرائية تقوم بها اللجنة عقب صدور حكم من محكمة الأمور المستعجلة بحظر الأنشطة والتحفظ على الأموال كالتالي:

1- إعداد قائمة المتحفظ على أموالهم

أعدت لجنة التحفظ قائمة الشخصيات المطلوب ضم أموالهم لخزينة الدولة، نصت المحكمة في حيثيات الحكم هذه العبارة الدالة (… تبين لرئيس اللجنة بصفته أن الأشخاص الصادر بحقهم الحكم من ضمن العناصر المنتمية والممولة والداعمة لتنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي والكيانات الاقتصادية المنبثقة عنه)

2- استصدار أمر من قاضي الأمور الوقتية

استندت اللجنة في دعوي المطالبة بضم الأموال لخزينة الدولة على صدور أمرين وقتيين من قاضي الأمور الوقتية بمحكمة جنوب القاهرة بالتحفظ على أموال بعض الشخصيات والكيانات والمنع من التصرف وضمها للخزانة العامة، الأمر الأول برقم 1 لسنة 2018 بالتحفظ على أموال 1589 شخص و1475 كيان اقتصادي الصادر بتاريخ 10 سبتمبر 2018 [61]، والأمر الوقتي رقم 4 لسنة 2018 بالتحفظ على 614 شخص و268 كيان اقتصادي و30 مستشفى وشركة أدوية[62]

3- رفع دعوي أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة

قام رئيس لجنة التحفظ المستشار محمد ياسر أبو الفتوح برفع دعوي أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة [63]بناء على تلك الأمور الوقتية واستند فيها إلي حكم حظر أنشطة جماعة الإخوان المسلمين الصادر في الدعوي رقم 2315 لسنة 2013 الصادر من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، وهو الحكم الذي داوم النظام طوال السبع سنوات في الاستناد عليه رغم ما وجه إليه من انتقادات.

4- صدور حكم ضم الأموال من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة

في 17 يناير 2021 صدر حكم في الدعوي ورد في حيثياته (.. إثر صدور الحكم رقم 2315 لسنة 2013 مستعجل القاهرة بحظر أنشطة تنظيم الإخوان المسلمين الإرهاب والتحفظ على أمواله، قامت لجنة التحفظ والحصر والإدارة والتصرف في أموال الجماعات الإرهابية والإرهابيين باتخاذ إجراءاتها نحو تنفيذ الحكم …)

كما نص على (أحقية رئيس اللجنة في التصرف في كافة الأموال العقارية والسائلة والمنقولة وكافة الحسابات المصرفية والودائع والخزائن والأسهم والسندات وأذون الخزانة المسجلة بأسماء المدعي عليهم لدي كافة البنوك والبريد والبورصة وذلك بنقل ملكيتها للخزانة العامة للدولة)[64]

حكم محكمة الأمور المستعجلة هذا هو حكم أول درجة يحق لذوي الشأن استئنافه أمام محكمة مستأنف الأمور المستعجلة التي تصدر حكماً نهائياً غير قابل للطعن عليه[65] أمام أي جهة أخري حتي محكمة النقض ذاتها!

خـاتـمـة

يعد المسار الذي انتهجه الانقلاب منذ البداية، مساراً مهتزاً متعثراً، بالغ في الإجراءات الاستثنائية، لا يكاد ينتهي من علاج إحدى العقبات حتي تخرج له أخري أكبر وأقوي من سابقتها، حتي إذا تراكمت تلك التدابير الاستثنائية استعصت مع الوقت على الفهم أو التفكيك، وخرجت من دائرة المواءمات السياسية التي يزعم قادة الانقلاب اتخاذها اضطراراً لمكافحة الإرهاب وحصار خصوم (الدولة) لتدخل في دائرة الانتقام والتنكيل بخصوم النظام السياسيين عبر تقنين الخطوات بقوانين استثنائية وقرارات حكومية متعسفة.

رغم ما يتأكد وفق هذه الدراسة وغيرها، من مجاراة القضاء والنيابة العامة لرغبات النظام الحاكم في مصر واتخاذ قراراتهما بموجب تحريات ومعلومات قد يشوبها البطلان والتعسف والتلفيق، يكتبها ضباط المخابرات والأمن الوطني، إلا أنه لا يخفي على منصف الدور التي لعبته محاكم مجلس الدولة (القضاء الإداري والإدارية العليا) والتي اضطر النظام على وقع أحكامهما المتزنة إلي تغيير مساره والقيام بإصدار قوانين وتعديل أخري بصورة متعاقبة، حتي استقر الحال على إقرار قانون (تشهيلي) إن جاز التعبير، أسقط كافة الضوابط والضمانات الدستورية، القانونية والقضائية، وفرض حلا واقعياً أكثر منه تشريعياَ لمعالجة غاية حكومية بالاستيلاء على أموال المعارضين التي قدرت حسب تصريح بعض الصحف المقربة للنظام في 2018 بمبلغ 61 مليار جنيه[66]

كما دفعت النظام لإقالة المستشار عزت خميس بشكل غير لائق كون تعيينه أحد أسباب الطعن أمام محاكم القضاء الإداري.

الاعتماد على أحكام محكمة الأمور المستعجلة كونها محكمة تصدر أحكامها بشكلٍ آني وفي وقت وجيز، كما تتكون هيئتها من قاضٍ واحد ينتدب للعمل بالمحكمة الابتدائية محل نظر، نفس الحال ينطبق على قاضي الأمور الوقتية.

في الوقت ذاته فالصبغة الإدارية للجنة في طريقة التشكيل وطبيعة القرارات لم تتغير بعد تشكيلها القضائي وظلت تتعامل بنفس المنطق التي انتهجته اللجنة الأولي، بل أصبحت اللجنة في ممارسة اختصاصاتها حرة الحركة بشكل كبير غير متقيدة بضوابط النيابة العامة والمحكمة، في الوقت الذي تتمتع فيه بسلطتيهما معاً كما قدمنا.

رغم ما أثاره المسار الذي اتخذه الانقلاب للتحفظ والاستيلاء على الأموال من لغط قانوني وقضائي وفقهي يتجه لرفضه كمسار استثنائي يتغول على اختصاصات المحاكم الأصيلة، ويناقض الدستور والقانون والأعراف القضائية، إلا أنه استمر في تحصينه والدفاع عنه.

اتخاذ إجراءات التحفظ والاستيلاء على الأموال عبر تلك الآليات، يجعلنا أمام عمليات تأميم انتقامية بغطاء قضائي، اختار لها النظام محاكم استثنائية ذات طبيعة خاصة، اعترض على أحكامها المتعسفة المنصفون من القضاة والساسة، وهو ما يُراكم المظالم سياسياً واجتماعياً ويضر في الوقت ذاته باقتصاد البلاد ويضرها في الحاضر والمستقبل، يؤكد ذلك التوسع في إصدار قرارات التحفظ والاستيلاء على الأموال لتشمل كل من يعارض الانقلاب أو يمتلك ثروة (غير متصالحة) مع تدابيره.

تلك التوجهات التي انتهجها الانقلاب في تعامله مع خصومه السياسيين، ثم مع جميع المواطنين بعد ذلك، فضلاً عن كونها تتساهل في إهدار تاريخ المؤسسات الرسمية في أداء وظائفها الدستورية وفق الفصل بين السلطات وآليات الحوكمة، تنم عن نفسية انتقامية لا تقيم للحقوق وزناً، كما تسعي في مقدمة أهدافها لزرع الفتنة بين مفردات الوطن وتفتيت اللحمة بين طبقاته ومؤسساته وقواه الحية، وتصعب مع الوقت تدابير الرجوع للصواب وتصنع تشابكات يصعب على الجميع تداركها.

كما أن الثروات التي يهدرها النظام بمثل تلك الأحكام والتدابير، بالإضافة لما يقترضه من أموال ينفقها على مشاريع محل انتقاد أصحاب التخصص، تجعلنا أمام تركة ثقيلة من الفساد والمظالم والديون تستعصي على الإصلاح وتعجل بهدم الوطن


الهامش

[1] تمت عمليات التأميم وفق قانون التأميم رقم 117 لسنة 1961، وقرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 والذي جعل الحد الأقصى لتعويض أصحاب المؤسسات المؤممة خمسة عشر ألف جنيه وقد حكمت الدستورية بعدم دستوريته.

[2] وقد نصت مادته الأولي على ( تؤمم جميع البنوك وشركات التأمين في إقليمي الجمهورية، كما تؤمم الشركات والمنشآت المبينة في الجدول المرافق لهذا القانون، وتؤول ملكيتها إلى الدولة)

[3] أقام تلك الدعوي المحامي محمود عبدالله سيد عضو الأمانة المركزية لحزب التجمع اليساري ومرشحه لخوض انتخابات مجلس النواب 2015

[4] منطوق الحكم (حكمت المحكمة في مادة مستعجلة بحظر أنشطة تنظيم الإخوان المسلين بجمهورية مصر العربية وجماعة الإخوان المسلمين المنبثقة عنه وجمعية الإخوان المسلمين وأي مؤسسة متفرعة منها أو تابعة إليها أو منشأة بأموالها أو تتلقي منها دعما ماليا أو أي نوع من أنواع الدعم وكذا الجمعيات التي تتلقي التبرعات ويكون من بين أعضائها أحد أعضاء الجماعة أو الجمعية أو التنظيم آنفي البيان، والتحفظ على جميع أموالها العقارية والسائلة والمنقولة سواء كانت مملوكة أو مؤجرة لها وكذا كافة العقارات والمنقولات والأموال المملوكة للأشخاص المنتمين إليها لإدارتها بما يتفق والغرض من إنشائها وطبقا لقوانين الدولة المصرية، على أن يتم تشكيل لجنة مستقلة من مجلس الوزراء لإدارة الأموال والعقارات والمنقولات المتحفظ عليها ماليا وإداريا وقانونيا لحين صدور أحكام قضائية باتة بشأن ما نسب إلي الجماعة وأعضائها من اتهامات جنائية متعلقة بالأمن القومي وتكدير الأمن والسلم العام مع إضافة المصروفات على عاتق الخزانة العامة)

[5] نصت المادة 45 من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968على الاختصاص النوعي لمحاكم الأمور المستعجلة (يندب في مقر المحكمة الابتدائية قاض من قضاتها ليحكم بصفة مؤقتة ومع عدم المساس بالحق، في المسائل المستعجلة التي يخشي عليها من فوات الوقت)

[6] نصت المادة 35 من الدستور على (الملكية الخاصة مصونة، وحق الإرث فيها مكفول، ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبينة في القانون، وبحكم قضائي، ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل يدفع مقدماً وفقاً للقانون) والمادة 40 على(المصادرة العامة للأموال محظورة ولا تجوز المصادرة الخاصة، إلا بحكم قضائي)

[7] صدر قرار رئيس الوزراء رقم 1141 لسنة 2013 بتشكيل لجنة تنفيذا لمنطوق حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة والذي نشر بالجريدة الرسمية عدد 40 مكرر(ب) في 8 أكتوبر 2013 وتشكيل اللجنة يضم ممثل عن وزارة العدل رئيساً، وممثلين عن وزارات الداخلية والمالية والتضامن الاجتماعي والتنمية المحلية وممثلين عن البنك المركزي وجهاز الأمن القومي والرقابة الإدارية والهيئة العامة للاستثمار)

[8] الدكتور احمد حسن البرعي وزير التضامن الاجتماعي في أول حكومة للانقلاب أمين عام جبهة الإنقاذ الوطني ووزير العمل في عهد المجلس العسكري إبان الثورة

[9] أصدرت وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية القرار رقم 644 لسنة 2013 الصادر بتاريخ 19 مارس 2013 بقيد جمعية الإخوان المسلمين والمنشور بالوقائع المصرية العدد 129 في 5 يونيه 2013

[10] أقام تلك الدعوي المحامي سمير صبري وجاء منطوق الحكم فيها (حكمت المحكمة في مادة مستعجلة باعتبار جماعة الإخوان المسلمين المحظورة منظمة إرهابية وألزمت المدعي عليهم بالمصروفات، …، وأمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته بغير إعلان

[11] تم تعديله بموجب قرار رئيس الوزراء رقم 950 لسنة 2014 الصادر بتاريخ 1 يونيه 2014 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 25 في 19 يونيه 2014

[12] القرار رقم 579 لسنة 2014 والذي نشر بالجريدة الرمسة بالعدد 14 مكرر (د) بتاريخ 9 إبريل 2014 وشمل القرار أربعة بنود توقيع العقوبات على من يشترك في أنشطة الجماعة ، توقيع العقوبات على كل من انضم إليها ، إخطار الدول العربية بهذا القرار، وتكليف القوات المسلحة والشرطة بحماية المنشآت العامة وتكليف الشرطة بحماية الجامعات وضمان سلامة الطلاب.

[13] والذي نشر بالجريدة الرسمية عدد 25 في 19 يونيه 2014.

[14] تعيين المستشار عزت خميس رئيسا للجنة إدارة أملاك “الإخوان المسلمين” ، جريدة المال، 20 أكتوبر 2013 https://cutt.us/Bz137

[15] تم تعيين المستشار عزت خميس رئيسا للجنة إدارة أموال الإخوان المسلمين (المصدر السابق) بموجب قرار وزير العدل المستشار عادل عبد الحميد، تم إقالته من رئاسة اللجنة في إبريل 2016 ” ننشر كواليس إقالة “عزت خميس” من رئاسة لجنة حصر أموال الإخوان ، الأهرام ، 21 أبريل 2016

[16] انتهاء المؤتمر الصحفي لرئيس لجنة حصر أموال الإخوان، فيتو، 26 ديسمبر 2013 https://cutt.us/cSBzJ

[17] بالمستندات.. ننفرد بنشر نص بالمستندات حكم الإدارية العليا حل حزب الحرية والعدالة وتصفية ممتلكاته، اليوم السابع 10 أغسطس 2014 https://cutt.us/tcQT3

[18] تم نشره بالجريدة الرسمية عدد 41 في 9 أكتوبر 2014، وقد تم تعديله بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1711 لسنة 2014 الصادر بتاريخ 21 سبتمبر2014 والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 38 مكرر(أ) في 21 سبتمبر 2014

[19] أقام تلك الدعوي المحامي محمد عمرو مصطفي عبد الرازق، رئيس محكمة أمن الدولة العليا سابقاً وجاء منطوق فيها (حكمت المحكمة في مادة مستعجلة حظر أنشطة جماعة تحالف دعم الشرعية( والمسماة تحالف دعم الإخوان ) وذراعها السياسي (حزب الاستقلال) (وأمرت بتنفيذه بموجب مسودته بغير إعلان وأضافت المصاريف على عاتق الخزانة العامة)

[20] قام رئيس حزب الاستقلال الكاتب الصحفي مجدي أحمد حسين باستئناف حكم محكمة الأمور المستعجلة بحظر أنشطة الحزب وأيدت محكمة مستأنف القاهرة للأمور المستعجلة الحكم في جلستها المنعقدة في 30/11/2014

[21] نشر القرار بالجريدة الرسمية العدد 44 الصادر في 30 أكتوبر 2014

[22] صدر بذلك قرار رئيس الوزراء رقم 2092 لسنة 2014 المنشور في الجريدة الرسمية عدد 48 في 27 نوفمبر 2014

[23]محكمة الأمور المستعجلة..4 أحكام في 6 أشهر أثارت الجدل، الشروق، 7 مارس 2014 https://cutt.us/ZWTRB

[24] القضاء المصري يرفض تظلم أبو تريكة.. والأخير يرد: ربح البيع، الخليج أونلاين‘ 11 مايو 2015 (وأوضح خميس أن قرار التحفظ “جاء تطبيقاً لحكم الأمور المستعجلة الصادر بالتحفظ على جميع أملاك وأموال قيادات الإخوان)

[25] صدرت أحكام عدة بوقف تنفيذ قرارات لجنة التحفظ خلال عام 2014 كما في الدعوي رقم 48955 لسنة 68 ق المقامة من محمود عليوة قرمة، والدعوي رقم 68619 لسنة 68 ق المقامة من محمد عبد الرحيم محمد إبراهيم حبيب، والدعوي رقم 50495 لسنة 68 ق المقامة من السيد السيد عبد المطلب

[26] إيقاف الأحكام يثير غضب القضاء الإداري.. نائب رئيس مجلس الدولة: قرارات الأمور المستعجلة عدوان وهدم للدستور.. أحكامنا واجبة النفاذ والطعن أمام الإدارية العليا، البوابة نبوز 9 أبريل 2018 https://cutt.us/BwLdt

[27] البنك المركزي يتنازل عن دعوي تنازع الأحكام الصادرة بالتحفظ على أموال الإخوان، المصري اليوم، 14 يناير 2017 https://cutt.us/tHY1h

[28] حكمت المحكمة الإدارية العليا بإيقاف تنفيذ القرار الصادر من لجنة إدارة أموال الإخوان بالتحفظ على أموال اللاعب محمد أبو تريكة في الدعوي رقم 54261 لسنة 69 ق.

[29] الدعوي رقم 8061 لسن 68 ق المرفوعة أمام محكمة القضاء الإداري من المحامي سمير صبري ضد وزير التضامن الاجتماعي والنائب العام ومساعد أول وزير العدل بصفته رئيس لجنة إدارة أصول وأملاك جماعة الإخوان المسلمين والمحكوم فيها بعدم القبول بجلسة 16 /12 /2014.

[30] المتحدث الرسمي للحكومة: دوائر قضائية مختصة لسرعة الفصل في قضايا الإرهاب، الوطن، 24 ديسمبر 2013 https://cutt.us/VghQl

[31] تشكيل 6 دوائر من محاكم الجنايات لنظر قضايا (الإرهاب) من أول يناير، المصري اليوم، 26 ديسمبر 2013 https://cutt.us/cEZMd

[32] كلمة الرئيس عدلي منصور كاملة الأحد 26 يناير 2014 https://www.youtube.com/watch?v=ZxaLynSaB8Y

[33] “صليب” تحديد دوائر خاصة بـ “الإرهاب” من اختصاصي.. ولا يستطيع أحد التدخل فيها، الوطن، 31 يناير 2014 https://cutt.us/tR7qr

[34] ننشر منطوق الحكم على قيادات الإخوان في “قطع طريق قليوب” الشروق 5 يوليه 2014 https://cutt.us/bhdGp

[35] بعد أول حكم نهائي ضد بديع وآخرين.. قطع طريق قليوب.. من البداية للنهاية، مصراوي، 26 أكتوبر 2016 https://cutt.us/wTp9l

[36] تم نشر القرار بالجريدة الرسمية عدد 51 في 18 ديسمبر 2014

[37] تم نشره بالجريدة الرسمية بالعدد 7 مكرر(ز) في 17 فبراير2015

[38] جاء حكم الإدراج في العريضة رقم 5 لسنة 2017 عرائض كيانات إرهابية بمحكمة جنايات القاهرة الدائرة السادسة شمال في القضية رقم 635 لسنة 2014 حصر أمن دولة

[39] من التعديلات للقانون التي تخرج عن موضوع الدراسة ما ورد بالقانون رقم 2 لسنة 2020 الذي أعفي النيابة من مصروفات نشر قوائم الإرهاب بالوقائع المصرية وتم نشر ذلك التعديل بالجريدة الرسمية عدد 2 مكرر(ب)في 14ابريل 2020

[40] نشر في الجريدة الرسمية بالعدد 17 (تابع) في 27أبريل2017

[41] استهداف رجال أعمال بارزين بمصر.. لماذا الآن؟ الجزيرة نت، 9 سبتمبر 2020 https://cutt.us/vITJf

[42] نشر بالجريدة الرسمية عدد 33 (مكرر) في 15 أغسطس 2015

[43] نشر بالجريدة الرسمية عدد 9 مكرر(أ) في 3 مارس 2020

[44] نشر بالجريدة الرسمية عدد 29 مكرر(ط) في 26 يوليه 2017

[45]نشر بالجريدة الرسمية عدد 16 مكرر(ب) في 23أبريل2018

[46] إعلان حالة الطوارئ في مصر عقب تفجير كنيستين في طنطا والإسكندرية https://cutt.us/ho7c0

[47] للمرة الـ15.. تمديد حالة الطوارئ 4 أشهر في مصر، الأناضول، 21 يناير 2021 https://cutt.us/pc89E

[48] الحكم في الدعوي رقم 2315 لسنة 2013 مستعجل القاهرة الصادر بجلسة 23 سبتمبر 2013

[49] نشر بالجريدة الرسمية عدد 16 مكرر في 21 أبريل2018

[50] نائب رئيس مجلس الدولة الأسبق: أحكام “الأمور المستعجلة” باطلة ومنعدمة، الدستور، 13 أبريل 2018 https://cutt.us/bdxgU

[51] حاولت النيابة معالجة تلك الثغرة بتوفيق أضاع لجنة إدارة الأموال حينما تقدمت في 23 أغسطس 2017 بطلب لمحكمة الجنايات بتعيين أسماء أعضاء اللجنة وهو بالفعل ما أصدرته الدائرة 25 بمحكمة جنايات جنوب القاهرة في سبتمبر 2017 إلا أن ذلك لم يغير من اللجوء للقضاء الإداري أو محكمة النقض للطعن على قرارات تلك اللجنة.

[52] نص المادة كاملا (تنشأ لجنة مستقلة في أدائها لعملها ذات تشكيل قضائي تختص دون غيرها باتخاذ جميع الإجراءات المتعلقة بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة باعتبار جماعة أو شخص ينتمي إلي جماعة أو شخص ينتمي إلي جماعة أو جماعات إرهابية، وذلك استثناء من أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية فيما يتعلق بتنفيذ الأحكام القضائية وتحديد القائمين على التنفيذ الجبري للأحكام القضائية ، ويكون مقر اللجنة مدينة القاهرة وتعقد اجتماعاتها في مقر محكمة استئناف القاهرة وذلك إلي حين تدبير مقر مستقل لها)

[53] نص المادة كاملاً (تشكل اللجنة من سبعة أعضاء من بين قضاة محاكم الاستئناف، على أن يكون كل منهم بدرجة رئيس استئناف يرشحهم وزير العدل ويصدر بندبهم قرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى لمدة سنة قابلة للتجديد وتكون رئاستها لأقدم الأعضاء ولهم جميع الحقوق المالية المقررة لأقرانهم وتصرف لهم من محكمة استئناف القاهرة شاملة الحوافز والبدلات)

[54] نظم قانون المرافعات الأوامر التي يصدرها قاضي الأمور الوقتية في البابين العاشر والحادي عشر من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968

[55] ورد بالمادة 182 من قانون المرافعات

[56] ورد بالمادة 8 من قانون المرافعات

[57] ورد بالمادة 66 من قانون المرافعات

[58] ورد بالمادة 87 من قالون البناء رقم 119 لسنة 2008

[59] صدر القانون رقم 186 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام القانون 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري، نشر بالجريدة الرسمية عدد رقم 36 مكرر(ب) في 5 سبتمبر2020 وصدرت اللائحة التنفيذية لهذا التعديل بقرار وزير العدل رقم 9310 لسنة 2020 المنشور بالوقائع المصرية عدد 4 تابع في 5 يناير2021

[60] الطعن رقم 6699 لسنة 74 قضائية جلسة 24 ماية2012 ، محكمة النقض المصرية، https://cutt.us/IYb5S

[61]الوطن تنشر نص قرار قاضي الأمور الوقتية بمصادرة أموال الإرهابية، الوطن ، 30 أكتوبر 2018 https://cutt.us/KVuTY

[62] مستند| التحفظ على أموال 614 إخوانياً و268 كياناً اقتصادياً يدعم الإرهابيين، مصراوي، 14 فبراير 2019 https://cutt.us/vZven

[63]خاص – تفاصيل دعوى مطالبة وزير العدل ومحافظ البنك المركزي بنقل أموال ورثة مرسي وقيادات الإخوان للخزانة العامة – بوابة الشروق ، 27 سبتمبر 2020

[64] خاص- ننشر حيثيات حكم نقل أموال وممتلكات ورثة مرسي وقيادات الإخوان لخزينة الدولة، الشروق، 26 يناير 2021 https://cutt.us/HbHf9

[65] نصت الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون 22 لسنة 2018 على (ولكل ذي صفة أو مصلحة استئناف الحكم خلال عشرة أيام من تاريخ علمه، وعلى المحكمة المختصة المنصوص عليها في هذا القانون أن تفصل في الاستئناف خلال ثلاثين يوماً من تاريخ قيد الاستئناف ويعد الحكم الصادر في هذا الشأن نهائياً وغير قابل للطعن عليه)

[66] لجنة “أموال الإرهابيين”: مصادرة ممتلكات 1589 إخوانياً.. و61 مليار جنيه تقترب من خزانة الدولة ، الوطن، 11 سبتمبر2018 https://cutt.us/RKwWl

الوسوم

عباس قباري

باحث سياسي، متخصص في الشأن المصري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى