
بدأت مصر في العام 2016 برنامج اقتصادي بالتعاون مع صندق النقد الدولي كان من أبرز معالمه حصول مصر على قرض قيمته 12 مليار دولار، كان من شروط هذا القرض أن تقوم مصر بالكثير من الإصلاحات في الاقتصاد[1]، منها ما يتصل بالسياسة المالية ومنها ما يتصل بالسياسة النقدية، ومنها أيضًا ما يتصل بالتشريعات التي تحفز الاستثمار لاسيما الأجنبي منه. فيما يخص التشريعات عدلت مصر قانون الاستثمار وأصدرت كذلك قانون القيمة المضافة وفي سياق متصل عدلت قانون الإفلاس؛ والذي صار يُسمى قانون تنظيم إعادة الهيكلة والصلح الواقي والإفلاس (في هذه الورقة سنُطلق عليه اختصارا قانون الإفلاس)، ففي يناير 2018 وافق مجلس النواب المصري على تعديل القانون.
تناقش هذه الورقة التعديلات التي أُجريت على القانون، وهل أدت إلى تَحسُن ترتيب مصر في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال؟ وهل كانت هذه التعديلات خطوة على الطريق الصحيح لتحسين البيئة التشريعية لتحفيز الاستثمار في مصر؟ وهل انعكس ذلك على زيادة معدلات الاستثمار الأجنبي في مصر؟
أولًا: الأهمية الاقتصادية لقانون الإفلاس
يهتم المستثمرون[2] وبالأخص الأجانب منهم قبل الشروع في الاستثمار في دولة معينة بدراسة ربحية المشاريع التي يودون القيام بها، وبجانب ذلك فإنهم يولون اهتمامًا كبيرًا بالقوانين والتشريعات المتعلقة بالاستثمار في الدولة محل الدراسة، ويبحثون مدى تطبيق هذه القوانين على أرض الواقع، وسهولة الإجراءات الحكومية من حيث القدرة على استخراج التصاريح والرُخص اللازمة لمزاولة النشاط الاقتصادي أيًا كان نوعه، وأحد أهم هذه القوانين هو قانون الإفلاس؛ فالمستثمر يريد أن يعرف إذا تعرض نشاطه الاقتصادي لخسائر وأراد تصفية نشاطه باللجوء للقضاء؛ هل سيُعامل حينها معاملة المجرمين؟ أم سيجد نظام قضائي يعمل بسرعة على ضمان الحقوق وأن تتم هذه العملية بدون أن يدخل المُفلس السجن، فقط لأن تجارته تعرضت للخسارة؟
وعلى الجانب الآخر إذا تعرضت تجارة أحد مديني المستثمر لخسائر متتالية وأشهرت المحكمة إفلاسه؛ ما هي نسبة ما سيحصل عليه من إجمالي ديونه؟ ومتي سيحصل عليها؟ وكيف ستُدار عملية الإفلاس؟ وهل هناك نظام قانوني يساعد على إعادة الهيكلة؟
لهذا يُعد قانون الإفلاس ذو أهمية كبيرة لأصحاب رؤوس الأموال بما له من تأثير على قرار الاستثمار من عدمه، ولذلك هناك الكثير من المؤشرات التي تهتم بتقييم فاعليته؛ سواء من ناحية الحلول القانونية التي يطرحها أمام التاجر الذي تعسرت تجارته أو مدى كفاءة النظام القضائي فيما يخص تطبيقه.
عالميًا من أشهر هذه المؤشرات مؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال والذي يصدر ضمن مشروع ممارسة أنشطة الأعمال ((Doing Businessالذي أنشأه البنك الدولي في العام 2002 والذي أصدر تقريره الأول في العام 2003، وحاليًا يصدر تقرير سنوي يُغطي 190 اقتصادًا ويقيم هذه الاقتصادات باستخدام 11 مجموعة من المؤشرات المختلفة، ويُعنىَ مؤشر خاص منها بدارسة حالات الإفلاس وكيف يتم تسويتها. ونستعرض في السطور التالية كيف يقيس هذا المؤشر كفاءة نظام الإفلاس.
كيفية قياس كفاءة نظام الإفلاس
يقوم مشروع ممارسة أنشطة الأعمال بدراسة وقت وتكلفة ومخرجات عملية الإفلاس التي تكون المؤسسات المحلية طرفًا فيها، كما يهتم بمعرفة كفاءة التشريعات والقوانين المنظمة لعمليتي إعادة الهيكلة والإفلاس، ومن أجل أن تُمثل البيانات انعكاسًا حقيقيًا للواقع يتم الحصول عليها من خلال استبيانات للعاملين في مجال الإفلاس وكذلك من خلال دراسة القوانين المنظمة للإفلاس. ولكي يعكس هذا التقييم الكفاءة الحقيقية لنظام الإفلاس؛ نجد أن قياس كفاءة نظام الإفلاس يعتمد على مؤشرين رئيسين هما: معدل الاسترداد وقوة بنية نظام الإفلاس. كما يوضح مشروع ممارسة أنشطة الأعمال على موقعه الرسمي الوزن النسبي لكلٍ من هذين المؤشرين. وهذا ما يوضحه الشكل التالي:
شكل(1): توزيع نقاط مؤشر الإفلاس، المصدر: مشروع ممارسة أنشطة الأعمال[3].
ومن هذا الشكل يتضح أن نصف نقاط نظام الإفلاس تعتمد على معدل الاسترداد وهو متوسط مقدار ما يحصل عليه الدائنين بالسنتات على كل دولار كان لهم عند المُفلس. والنصف الآخر يعتمد على قوة بنية نظام الإفلاس. والتي يتم قياسها من خلال 4 مؤشرات فرعية وهي: مؤشر الشروع بالإجراءات (3 نقاط)، ومؤشر إدارة أصول المدينين (6 نقاط)، ومؤشر إجراءات إعادة التنظيم (3 نقاط)، ومؤشر مشاركة الدائنين (4 نقاط)، ومجموع نقاط هذه المؤشرات الأربعة من 16 نقطة، وكلما كان المجموع مرتفعًا فإن هذا يشير إلى بنية نظام إفلاس قوية.
بعد حساب قوة بنية مؤشر الإفلاس يتم حساب متوسط معدل الاسترداد والذي ذُكر سابقُا ويتم جمعهم في مجموع نقاط من 100 تمثل قوة نظام الإفلاس. كلما اقترب المجموع من 100 كان دليلًا على قوة نظام الإفلاس.
ثانيا: القانون القديم للإفلاس وأثره على الاستثمار
صدر أول قانون للإفلاس في مصر في العام 1883 وكان بتوقيع الخديوي توفيق ولم يكن قانونًا مستقلًا بل كان يُشكل الباب الثالث من قانون التجارة، وفي عام 1999 أي بعد مرور 116 سنة تم تعديل قانون التجارة وانتقلت المواد التي تعالج موضوع الإفلاس إلى الباب الخامس في نفس القانون، وصار هذا الباب مكونًا من 222 مادة، تعالج موضوع الإفلاس وكان أبرز ما يُعاب عليها ما يلي:
1- إسراف القانون في معالجة إفلاس الأفراد مع قلة المواد التي تُعالج إفلاس الشركات؛ فلم يُفرد لها القانون سوى 14 مادة فقط (من المادة 698 إلى 711) هذه المعالجة لم تعد تتفق وطبيعة الحياة التجارية في مصر والعالم.
2- ورد في القانون الكثير من المواد التي تتحدث بدقة عن الإجراءات اللاحقة لصدور حكم الإفلاس (553 – 564 – 578 – 621 – 633 – …)؛ الأمر الذي جعل من قاضي التفليسة وأمين التفليسة مجرد آلات لتنفيذ هذه المواد مع أن القانون كان بوسعه أن يُسند الاختصاص بتنظيمها أو تعديلها لوزير العدل، هذا الأمر انعكس على طول مدة وتعقيد إجراءات قضايا الإفلاس[4].
3- نظرة القانون للمُفلس على أنه مجرم، وانعكاس ذلك على الإجراءات الاحترازية التي تستطيع أن تتخذها المحكمة أثناء فترة التقاضي، وكذلك حرمان التاجر المُشهر إفلاسه من مباشرة الحقوق السياسية، وكذلك إلزام المحكمة بتوقيع عقوبة الحبس لمدة لا تتجاوز العامين في حال ثبت الإفلاس بالتقصير، ومن الجدير بالذكر أنه كان من بنود اتفاقية مصر مع صندوق النقد الدولي، تعديل قانون الإفلاس بما يُسهل إجراءات الإفلاس وكذلك إلغاء تجريم الإفلاس، الأمر الذي يرى الصندوق أنه يحفز الاستثمار.
4- تفصيل القانون في ذكر المستندات التي يجب على المفلس إرفاقها بعريضة الدعوى، مع العلم بأن بعض هذه المستندات أصبحت غير متداولة ولم تعد تصدرها الجهات الإدارية.
انعكست كل هذه العيوب على نظام الإفلاس في مصر؛ فأدت إلى طول مدة قضايا الإفلاس حيث وصلت مدة إنهاء التفليسة طبقًا لأكثر التقديرات تفاؤلا إلى أربع أو خمس سنوات وكذلك متوسط تحصيل الديون إلى نسبة لا تتجاوز 27% من إجمالي الديون[5]، في حين أن دولة كسنغافورة تصل مدة انتهاء التفليسة فيها إلى عشرة أشهر ونسبة تحصيل الديون إلى 88%[6].
ونتيجة لهذه العيوب القانونية؛ فقد احتلت مصر دائما مركزا متأخرًا في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال، وكان أحد الأسباب الرئيسية نظام الإفلاس والذي تم تعديله مؤخرًا.
ثالثا: أهم التعديلات الواردة على قانون الإفلاس
تحت ضغط صندوق النقد، أدرك مجلس النواب الحاجة إلى إصدار قانون مستقل خاص بالإفلاس، بعد أن كان يُشكل موضوع الإفلاس الباب الخامس من قانون التجارة، أيضًا تغير عنوان القانون فصار (قانون تنظيم إعادة الهيكلة والصلح الواقي والإفلاس) بدلًا من (الإفلاس والصلح الواقي منه)، بجانب ذلك أُضيف إلى القانون 40 مادة ليصبح القانون الجديد مكونًا من 262 مادة بعدما كان 222 مادة فقط.
هدفت هذه التعديلات إلى المساهمة في حل بعض مشاكل القانون القديم ويمكن بيان ذلك كما يلي:
أ- طول مدة التقاضي
جاء القانون الجديد ببعض الإجراءات التي من شأنها تسريع فترة التقاضي في قضايا الإفلاس، وكان منها:
– استحداث إدارة خاصة بالإفلاس بكل المحاكم الاقتصادية تسمى (إدارة الإفلاس)، وتشكل برئاسة قاضٍ بمحكمة الاستئناف على الأقل، وعضوية عدد كافٍ من قضاتها ويُسمون (قضاة الإفلاس) ويُلحق بها عدد كافٍ من خبراء الإفلاس والإداريين والكتابيين.
– استحداث إجراءات إعادة الهيكلة، وهي سلسلة من الإجراءات يتقدم بها التاجر الذي تعثر في سداد ديونه، فبدلا من أن يكون الحل هو طلب الإفلاس مباشرة يقوم التاجر قبل ذلك بطلب إعادة الهيكلة إلى القاضي، يقوم القاضي بتحويل هذا الطلب إلى لجنة مختصة تسمى (لجنة إعادة الهيكلة)، هذه اللجنة ترفع تقريرها إلى القاضي خلال ثلاث أشهر متضمناً رأيها عن سبب اضطراب أعمال التاجر وجدوى إعادة الهيكلة والخطة المقترحة لذلك.
إذا وافق جميع الأطراف على الخطة، يعتمدها القاضي؛ وبهذه المعالجة يسهم القانون في تخفيض عدد قضايا الإفلاس وكذلك إنقاذ التجار بأن يكون الإفلاس هو الحل الأخير.
كل هذه التعديلات تهدف بالأساس إلى جعل مدة التقاضي أقصر وبالتالي تحسين بنية نظام الإفلاس.
ب- العقوبات المقيدة للحرية
كالحبس أو المنع من السفر أثناء وبعد إصدار حكم الإفلاس، يوضح الجدول التالي ما تغير في القانون بشأن الإجراءات الاحترازية التي تستطيع أن تتخذها المحكمة أثناء فترة التقاضي و أثرها بعد انتهاء التفليسة:
جدول (1): مقارنة بين القانون القديم والقانون الجديد للإفلاس بشأن العقوبات المقيدة للحرية
المصدر: عمل الباحث، اعتمادًا على قانون (17) لسنة 1999 بإصدار قانون التجارة وقانون (11) لسنة 2018 بإصدار قانون تنظيم إعادة الهيكلة والصلح الواقي والإفلاس.
بالنظر إلى الجدول نجد أن القانون في شكله الجديد قد حاول بعض الشيء تقليل النظرة الإجرامية للمفلس وهو ما انعكس على ما تستطيع المحكمة اتخاذه من إجراءات احترازية وكذلك ما يتعرض له المستثمر بعد إشهار إفلاسه.
ج- العقوبات الجنائية للإفلاس بالتدليس
ظلت هذه العقوبات كما هي للمفلس بالتدليس أو لمن شاركه بالسجن من ثلاث إلى خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد عن خمسمائة ألف جنيه (المادة 253)، أما فيما يتعلق بجرائم الصلح الواقي من الإفلاس كإخفاء كل الأموال أو بعضها بسوء نية أو إغفال ذكر دائن في قائمة الدائنين أو غيرها بسوء نية؛ فقد نصت (المادة 259) على أن تكون العقوبة هي السجن والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين، وهو ما يُعد تطورًا في القانون؛ إذ كانت العقوبة في القانون القديم السجن فقط (المادة 769).
د- العقوبة الجنائية للإفلاس بالتقصير
فقد تغيرت العقوبة فأصبحت غرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد عن مائتي ألف جنيه بعد أن كانت في القانون السابق الحبس لمدة لا تجاوز العامين.
هذه هي العيوب التي نجح القانون الجديد في تلافيها، ولكن على الجانب الآخر هناك بعض العيوب غفل عنها القانون الجديد ومنها على سبيل المثال: التفصيل في مهام قاضي التفليسة وأمين التفليسة بعد صدور حكم الإفلاس؛ الأمر الذي جعل من قاضي التفليسة وأمين التفليسة مجرد آلات لتنفيذ هذه المواد مع أن القانون كان بوسعه أن يُسند الاختصاص بتنظيمها أو تعديلها لوزير العدل، ولا شك أن هذا الأمر سينعكس سلبًا على طول مدة وتعقيد إجراءات قضايا الإفلاس.
رابعا: أثر قانون الإفلاس الجديد على مؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال
أدت هذه التعديلات في قانون الإفلاس الجديد إلى تَحسُن ترتيب مصر في مؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال، فبعد أن تراجع مركز مصر في تقرير العام 2018 بمقدار 6 مراكز ليصبح 128، عاد في تقرير العام 2019 وبعد إقرار القانون ليتقدم 8 مراكز وتصبح مصر في المركز 120 عالميًا في العام 2018.
أما المؤشر الفرعي الخاص بالإفلاس فقد ارتفع ترتيب مصر فيه 14 مركزًا بعد أن كان 115 لتصبح في المركز 101. وقد اعتبر البنك الدولي ما قامت به مصر من إصلاحات في العام 2018 أكثر مما قامت به خلال العشر سنوات الماضية، وأورد في تقرير صحفي أصدره في أكتوبر الماضي تعقيبًا خاصًا بقانون الإفلاس ورد فيه: “جعلت مصر حل الإفلاس أسهل من خلال إدخال إجراءات إعادة الهيكلة، مما سمح للمدينين ببدء إجراءات إعادة الهيكلة ومنح الدائنين المزيد من المشاركة في الإجراءات”[7].
خامسا: أثر قانون الإفلاس الجديد على الاستثمار الأجنبي
بالرغم من تحسن مركز مصر في مؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال وتقدمها 8 مراكز وبالرغم من علاج بعض مشاكل قانون الإفلاس كما ذكرنا سابقًا إلا أن هذا كله لم ينعكس على صافي الاستثمار الأجنبي في مصر، فباستعراض بيانات الشكل (2) صافي الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر خلال الفترة يوليو/مارس للأعوام من 2015/2016 إلى 2017/2018 والمنقول عن النشرات الدورية الصادرة عن البنك المركزي المصري[8]، فطبقًا لما أعلنه البنك المركزي فقد حقق صافي الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر خلال الفترة يوليو/مارس للعام المالي الحالي 2017/2018 صافي تدفق للداخل 6 مليار دولار، في حين حقق خلال نفس الفترة من السنة المالية السابقة 6,6 مليار دولار؛ وهو ما يعكس ضعف ثقة المستثمر الأجنبي في الاقتصاد المصري وأن مشاكل الاقتصاد المصري الهيكلية لا يمكن أن تُحل فقط بتعديل قانون أو استحداث محاكم خاصة بالإفلاس مع بقاء المنظومة كما هي؛ فالثقة التي يفتقدها المستثمر الأجنبي في الاقتصاد المصري وفي القائمين حاليًا على إدارته أكبر من ذلك بكثير.
شكل(2): صافي الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر خلال الفترة يوليو/مارس، المصدر: البنك المركزي المصري[9].
سادسا: قانون الإفلاس الجديد والإصلاحات الحقيقية للاقتصاد
أورد التشريع الجديد كثير من التعديلات إلا أنه وبالرغم من ذلك لم يتحسن إلا بمقدار 6 مراكز في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال، ويعزي الباحث سبب ذلك إلى ضعف البنية الهيكلية للاقتصاد المصري، فالاقتصاد ليس تشريعات فقط، والإصلاح الحقيقي له يتطلب أيضًا ما يلي:
– وجود منظومة تشريعية جيدة بالإضافة إلى بيئة مُحفزة تتعامل مع القانون بروحه وليس فقط بنصه، مع العلم أن البيئة التشريعية في مصر في بعض الأحيان لا تتعامل بنص القانون أيضًا، فبالرجوع إلى تقرير[10] ممارسة أنشطة الأعمال للعام 2018 نجد أنه ذكر في ملاحظة على نظام الإفلاس في مصر “بالرغم من أنه توجد إجراءات التصفية وإعادة الهيكلة في التشريع المصري، إلا أن مصر لم تحصل على أي درجة في مؤشر إجراءات إعادة التنظيم”.
– وجود نظام جمع بيانات جيد، فمن الأمثلة الدالة على ضعف مصر في ذلك أنه حتى الآن لا يوجد إحصاء رسمي من أي مؤسسة رسمية في مصر يوضح أثر تعديلات هذا القانون على طول مدد قضايا الإفلاس أو معدل الاسترداد، وهذا ليس مُستغربا فطبيعة البيانات في مصر أنها تصدر متأخرة، فكلي نعرف هل ساهمت سياسة إعادة الهيكلة التي تبناها القانون في تخفيض عدد قضايا الإفلاس أمام المحاكم الاقتصادية أم لا علينا الانتظار إلى شهر سبتمبر/أيلول 2019؛ لأن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يقوم بنشر نشرته السنوية لإحصاء حالات البروتستو[11] وأحكام الإفلاس لأي عام بعد انتهاء العام بتسع أشهر على الأقل، فهذه هي عادة الأجهزة الحكومية المصرية.
خاتمة
أوفت مصر بتعهدها لصندوق النقد الدولي بتعديل قانون الإفلاس، وكان الهدف من هذا التعديل تحسن مركز مصر في المؤشرات الدولية لسهولة الأعمال وبالتالي جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية؛ بالفعل نجحت هذه التعديلات في تقدم مصر في مؤشر سهولة أنشطة الأعمال لكنه لم ينعكس على زيادة الاستثمارات الأجنبية و هو ما يوضح أن ثقة المستثمر الأجنبي في الاقتصاد المصري مازالت ضعيفة وأن ما يريده حقًا ليس فقط تعديل في القوانين تظل حبيسة الأوراق وإنما إصلاحات هيكلية تُحسن بيئة ومناخ الاستثمار في مصر[12]
الهامش
[1] مختارات. 2017. مصر: وثائق صندوق النقد الدولي، المعهد المصري للدارسات، 21 يناير 2017. تاريخ الوصول 2018. الرابط.[2] نظام الإفلاس في مصر لا يطبق إلا على المستثمرين أو التجار الذين يتوقفون عن سداد ديونهم، أما من لا تنطبق عليهم صفة المستثمر أو التاجر وغير مُلزم قانونًا بإمساك الدفاتر فيطبق عليهم نظام الإعسار الذي ينظمه القانون المدني في المواد (249: 264).
[3]Doing Business, Resolving Insolvency Methodology, Date of access (17 Dec 2018), from link.
[4] المركز العربي لتطوير حكم القانون والنزاهة، القسم الثاني: التقرير الوطني لجمهورية مصر العربية، الرابط.
[5] Trading Economics, Egypt – Resolving insolvency: recovery rate (cents on the dollar),Date of access (19 Dec 2018) from link.
[6] Trading Economics, Singapore – Resolving insolvency: recovery rate (cents on the dollar),Date of access (19 Dec 2018)from link.
[7] The World Bank, Press release, 30 October 2018, Date of access (3 January 2018) from link.
[8] المجلة الاقتصادية، المجلد الثامن والخمسون-العدد الثالث، البنك المركزي المصري، ص63، الرابط.
[9] المجلة الاقتصادية، البنك المركزي المصري، سبق ذكره.
[10])( Doing Business 2018, Report, p: 85-63, Date of access (3 January 2018) from link.
[11] البروتستو: مصطلح يُطلق على الورقة الرسمية التي يحررها مُحضر المحكمة بناءًا على طلب الدائن في حالة أن مَدينُة رفض سداد قيمة الورقة التجارية ويتم تحريرها في اليوم التالي ليوم استحقاق الورقة.
[12] الآراء الواردة تعبر عن كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المعهد المصري للدراسات