fbpx
سياسةتقارير

استخدامات الغاز المصري بين الأسعار الدولية والمحلية

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

استخدامات الغاز المصري

أعلنت لجنة تسعير المنتجات البترولية بمصر تثبيت أسعار تلك المنتجات خلال الربع الثالث من العام الحالى ، رغم التراجع الملحوظ لأسعار النفط والغاز الطبيعى خلال النصف الأول من العام الحالى ، وتوقعات عدم حدوث طفرات بأسعارهما خلال الشهور القليلة المقبلة .

  ورغم تثبيت البنك المركزى المصرى سعر صرف الجنيه تجاه الدولار بشكل واضح خلال العام الماضى والحالى ، وتراجع الكميات المستوردة من المنتجات النفطية بسبب تداعيات فيروس كورونا السلبية على القطاع الإقتصادية بمصر وإنخفاض الإستهلاك  ، وهى العوامل الرئيسية لتحديد سعر المنتجات البترولية والغاز الطبيعى داخل مصر .

ورغم مزاعم تحقيق الإكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعى ، فقد ظلت أسعار إستهلاك القطاع المنزلى والتجارى والسيارات من الغاز الطبيعى بلا تغير ، منذ يوليو تموز من العام الماضى وحتى نهاية سبتمبر القادم .  

أشار التوزيع النسبى لإستهلاك أنواع الطاقة بمصر خلال العام الماضى ، لتصدر الغاز الطبيعى بنسبة 54.5 % ، يليه النفط بنسبة 38.6 % ثم الطاقة الكهرومائية بنسبة 3.1 %،  والفحم 2.1 % والطاقة المتجددة من الشمس والرياح  1.5 % .

وكان هذا التوزيع النسبى لأنواع الطاقة بمصر قبل عشر سنوات أى عام 2009 ، قد تضمن تصدر الغاز الطبيعى بنسبة 50 % والبترول 45 % ، والطاقة الكهرومائية 3.8 % والفحم 0.8 % والطاقة المتجددة 0.3 % .

وهو ما يعنى زيادة نصيب الغاز الطبيعى خلال السنوات العشر بإعتباره صديقا للبيئة ، على حساب المنتجات البترولية الأكثر إضرارا بالبيئة كالمازوت والسولار والبنزين ، الى جانب توافر الغاز الطبيعى من الإنتاج المحلى له ، ووجود فائض منه بعد تغطية الإستهلاك المحلى ما قبل عام 2014 ، وأيضا بفترة ما بعد عام 2018  .

 بعكس المنتجات البترولية التى يتم إستيراد أكثر من ثلث الإحتياجات منها ، مما يتطلب تدبير موارد دولارية لإستيرادها ،  كما تراجع النصيب النسبى للطاقة الكهرومائية خلال السنوات العشر ، وزاد نصيب الطاقة المتجددة مع التوسع بمشروعات إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح من قبل القطاع الخاص .

ويشير التوزيع النسبى لإستهلاك الغاز الطبيعى محليا حسب قطاعات النشاط حتى نهاية يونيو حزيران 2019 ، الى تصدر محطات إنتاج الكهرباء بنصيب 62.3 % والتى تمتلك الدول غالبيتها ، وقطاع الصناعة 22.5 % وقطاع البترول ومشتقات الغاز 10.1 % ، والقطاع المنزلى 4.3 % وقطاع تموين السيارات بالغاز الطبيعى 0.8 % من مجمل الإستهلاك .

الكهرباء تتصدر الإستهلاك قبل الصناعة

وإذا كان الإستهلاك المحلى السنوى خلال العام المالى 2018/2019 قد بلغ 2182 مليار قدم مكعب ، بمتوسط يومى 5977 مليون قدم مكعب يومى ، فقد بلغ نصيب قطاع الكهرباء السنوى 1359 مليار قدم مكعب ، بمتوسط يومى 3723 مليون قدم مكعب يومى .

وبلغ نصيب قطاع الصناعة السنوى 490 مليار قدم مكعب ، بمتوسط يومى 1343 مليون قدم مكعب ، وكانت أبرز الصناعات المستهكلة للغاز الطبيعى الأسمدة بنصيب 224.5 مليار قدم مكعب سنوى ، وقطاع الحديد والصلب 73.5 مليار قدم مكعب سنوى ، والأسمنت 600 مليون قدم مكعب ، وتراجع نصيب قطاع الأسمنت بعد إلزامه بالتحول الى إستخدام أنواع لأخرى من الطاقة .

 فى فترة عجز الإنتاج المحلى من  الغاز الطبيعى عن الوفاء بكميات الإستهلاك المحلى منه ، والتى أدت لإستيراد كميات من الغاز الطبيعى المسال  والتى إمتدت ما بين سنوات 2015 وحتى 2018 ، وبلغت كمية إستهلاك باقى الصناعات من الغاز الطبيعى  191.5 مليار قدم مكعب سنوى .

وكان نصيب قطاع البترول ومشتقات الغاز السنوى 221 مليار قدم مكعب ، بمتوسط يومى 605 مليون قدم مكعب ، حيث يستخدم فى معامل التكرير والبتركيماويات وإنتاج الميثانول ومشتقات الغاز ، وبلغ إستخدام القطاع المنزلى السنوى  95 مليار قدم مكعب ، بمتوسط يومى 261 مليون قدم مكعب ، وقطاع تموين السيارات السنوى 16.5 مليار قدم مكعب ، بمتوسط يومى 45 مليون قدم مكعب .

ونظرا لإستيراد أكثر من نصف الإحتياجات من البوتاجاز والتى تتطلب عملة أجنبية ، الى جانب تراجع الإنتاج المحلى منه بشكل مستمر خلال السنوات الخمس الأخيرة ، من 1.452 مليون طن عام 2014/2015 الى 1.218 مليون طن عام 2018/2019 ، فقد تم التوسع فى توصيل الغاز الطبيعى للمنازل لتوفير إستهلاك البوتاجاز وتقليل كميات إستيراده .

سنوات طويلة لتوصيل الغاز للبيوت

 وبالعام المالى 2019/2020 بلغ عدد الوحدات السكنية التى تم توصيل الغاز الطبيعى لها 1 مليون و70 ألف وحدة سكنية ، مقابل 1 مليون و230 ألف وحدة سكنية تم التوصيل لها بالعام المالى 2018/2019 ، وكانت ظروف الحظر الجزئى وإرتباك العمل بالشركات العاملة بالتوصيل بسبب فيروس كورونا من أسباب ذلك خاصة بالنصف الثانى من العام المالى ، حيث بلغ معدل التوصيل بالنصف الأول 630 ألف وحدة ، مقابل 440 ألف وحدة سكنية بالنصف الثانى من العام المالى  .

ويمثل   الغاز المنزلى والتجارى بمثابة إيرادات منتظمة للشركة المصرية القابضة للغاز الطبيعى – إيجاس –  ، خاصة بعد الإتجاه لعمل عدادات غاز مسبوقة الدفع بالمنازل ، بعكس تذبذب أسعار تصدير الغاز ،  وتعمل بتوصيل الغاز للوحدات السكنية ثمانى شركات هى : تاون جاز وغاز مصر وغاز الأقاليم ، وسيناء للغاز وغاز القاهرة وناتا جاز ومجموعة طاقة للغاز والفيوم للغاز .

 وبلغ إجمالى العدد التراكمى للوحدات السكنية التى وصل الغاز الطبيعى إليها 11.1 مليون وحدة سكنية ، وكان التعداد الأخير للمنشآت التى تم عام 2017 قد أشار الى وجود 43 مليون وحدة سكنية نسبة 25 % منها خالية ، مما يعنى الحاجة الى أكثر من عشر سنوات لتوصيل الغاز الطبيعى لكل الوحدات السكنية ، فى ظل معدل توصيل سنوى مليون وحدة سكنية ، وهو ما أشار إليه وزير البترول كرقم مستهدف للتوصيل بالعام المالى الحالى 2020/2021  .

ويتم مشروع توصيل الغاز للبيوت من خلال قرض من البنك الدولى بقيمة 300 مليون دولار ، وقرض من الوكالة الفرنسية للتنمية بقيمة 70  مليون يورو ، وقرض من الصندوق الكويتى للتنمية بقيمة 37 مليون دينار كويتى ، ومنحة من الإتحاد الأروبى بقيمة 68 مليون يورو

 وهناك شروط للحصول على منحة الإتحاد اللأوربى للمشتركين ، منها متوسط إستهلاك الكهرباء خلال سنة التعاقد بحيث لا يقل عن 50 كيلو وات شهريا ولا يزيد عن 300 كيلو وات شهريا ، وخلال العام المالى 2018/ 2019 تقدم للحصول على المنحة 36 ألف عميل تمت الموافقة على نحو 29 ألف منهم، وتوجد مبادرة لتقسيط جزء من مساهمة العملاء فى تكلفة التوصيل على ست سنوات ، بدون مقدم وبدون فوائد بالمناطق الجديدة التى يصلها الغاز للمرة الأولى   .

2531 مصنع تعمل بالغاز الطبيعى

أما باقى القطاعات المستهلكة للغاز الطبيعى  فإن عمليات توصيل الغاز لها أقلا عددا ، ففى العام المالى 2018/2019 تم تحويل العمل الى الغاز الطبيعى فى 40 مصنعا  ، ليصل العدد الإجمالى للمصانع العاملة بالغاز الطبيعى  الى 2531 مصنعا منها 417 مصنعا للطوب ، ويشكو القطاع الصناعى من إجراءات توصيل الغاز وارتفاع تكلفته بالمقارنة للأسعار العالمية ، والتى يحصل عليها المنافسون لهم فى الأسواق التصديرية .

وبالقطاع التجارى تم توصيل الغاز الطبيعى خلال نفس العام المالى الى 1841 عميل منهم 507 مخبزا  ، ليصل العدد الإجمالى لعملاء النشاط التجارى للغاز  أقل من 21 ألف عميل تجارى منهم حوالى ثمانية آلاف مخبز .

كذلك هناك مشروع لتحويل السيارات لإستخدام الغاز الطبيعى بدلا من البنزين والسولار ، لعوامل بيئية فى ظل العوادم الكثيفة للسيارات بالطرق وخاصة داخل المدن ، الى جانب إستيراد جانبا من إستهلاك كلا من البنزين والسولار مما يزيد من مشكلة نقص العملات الأجنبية قبل وبعد تداعيات فيروس كورونا .

 وبالعام المالى 2018/2019 تم تحويل حوالى 32 ألف سيارة للعمل بالغاز الطبيعى ، ليصل العدد الإجمالى للسيارات العاملة بالغاز الطبيعى 276 ألف سيارة ، خلال حوالى 12 عاما ، بينما يصل عدد المركبات المرخصة  فى عام 2018 لحوالى 11 مليون مركبة منها نحو خمسة ملايين سيارة خاصة ، مع الأخذ بالاعتبار وجود عدد كبير من المركبات غير المرخصة .

ويوجد 72 مركز لتحويل إستخدام السيارات للغاز على مستوى المحافظات ،  و187 محطة تموين للسيارات فى 22 محافظة ، وهو ما يعنى وجود خمس محافظات ليست بها محطات تموين بالغاز ، كما أن عدد المدن المصرية البالغ نحو 220 مدينة بخلاف مدن المجتمعات العمرانية الجديدة أكبر من عدد محطات التموين ، وخلال العام المالى 2018/2019 لم يتم إضافة سوى مركز وحيد لتحويل السيارات للعمل بالغاز ومحطة تموين وحيدة للغاز ، وزاد المعدل قليلا بالعام المالى 2019/2020 .

 أسعار غاز عالمية تتجه للهبوط  

وفى ضوء الإرتباط بين أسعار النفط وأسعار الغاز الطبيعى صعودا وهبوطا ، الى جانب الفارق السعرى بين الغاز المنقول عبر الأنابيب وهو الأرخص ، من الغاز المُسال المنقول عبر الناقلات ، والذى يُضاف الى تكلفته عمليات التحويل للحالة السائلة والنقل ثم عملية التغييز مرة أخرى بميناء الوصول .

فقد شهد متوسط سعر الغاز فى أوربا تراجعا  منذ عام 2013 وحتى العام الحالى ، حيث هبط من 11.79 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية عام 2013 الى 10.05 دولار بالعام التالى ،  ثم الى 6.82 دولار عام 2015 ثم الى 4.56 دولار بعام 2016، ليعاود الصعود عامى 2017 و2018 .

مثلما حدث لسعر النفط بنفس العامين ، ليصل سعر الغاز  5.72 دولار بعام 2017  ثم الى 7.68 دولار عام 2018 ، وبعدها عاود سعر الغاز الهبوط عام 2019 مثل إتجاه سعر النفط الى 4.8 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية .

وعلى نفس النهج سار سعر الغاز الطبيعى داخل الولايات المتحدة خلال نفس السنوات ، حيث هبط من 4.37 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية عام 2014 ، الى 2,61 دولار عام 2015 ثم إستمر بالتراجع الى 2,49 دولار عام 2016 ، ليعاود الصعود عامى 2017 و2018 مثل إتجاه أسعار النفط خلال العامين ، ليصل الى 2,96 دولار عام 2017 والى 3.16 دولار عام 2018 ، ثم عاود سعر الغاز بالولايات المتحدة الهبوط مثل إتجاه سعر النفط الى 2.57 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية عام 2019 .

وفى النصف الأول من العام الحالى هبط سعر الغاز الطبيعى فى أوربا بنسبة 62 % ، عما كان عليه بشهر ديسمبر كانون أول من العام الماضى ، منخفضا من 4.62 دولار فى ديسمبر الى 1.75 دولار فى يونيو حزيران .

 حيث إنخفض المتوسط السعرى فى يناير الى 3.63 دولار ثم الى 2.91 دولار فى فبراير ، ثم الى 2.72 دولار بمارس ، واستمر بالهبوط بأبريل الى 2.12 دولار وبمايو الى 1.58 دولار ، قبل أن يتحسن السعر جزئيا فى يونيو الى 1.75 دولار .

وهكذا إنخفض متوسط سعر الغاز الأوربى من 3.09 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية بالربع الأول من العام الحالى ،  الى 1.82 دولار بالربع الثانى من العام الحالى نتيجة التداعيات السلبية للفيروس على اقتصادات الدول الأوربية ، وهو ما إنعكس سلبا على سعر النفط الذى يرتبط به أيضا سعر الغاز .

 وخلال النصف الأول من العام الحالى هبط سعر الغاز الطبيعى  داخل الولايات المتحدة بنسبة 28 % ، منخفضا  من سعر 2.24 دولار بديسمبر الى 1.61 دولار بشهر يونيو حزيران ، حيث إنخفض متوسط السعر من 1.91 دولار بالربع الأول من العام  الى 1.7 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية بالربع الثانى  ، لينخفض مؤشر أسعار الغاز الطبيعى الذى يعبر عن السعر بعدة مناطق  بنسبة 38 % خلال النصف الأول من العام الحالى .

الخفض المحلى إقتصر على الصناعة

ويصبح السؤال حول مدى تأثر أسعار بيع الغاز الطبيعى داخل مصر بتلك الأسعار العالمية للغاز الطبيعى خلال السنوات الأخيرة ؟ وخاصة بعد إيجاد آلية للتسعير للمنتجات البترولية منذ نهاية عام 2018 ، تعمل على تسعير تلك المنتجات بشكل دورى فصلى ، حسب تغير الأسعار العالمية لتلك المشتقات الى جانب تغير سعر صرف الجنيه المصرى تجاه الدولار الأمريكى وكميات استيراد تلك المشتقات .

ونظرا لتعدد أسعار الغاز الطبيعى فى مصر حسب نوع الإستخدام ، يتطلب الأمر إستعراض تسعيرة كل نوع من إستخدامات الغاز الطبيعى  ، حيث يتم التسعير للغاز جبرا من قبل وزارة البترول ، فلا توجد تنافسية تنافسية مصرية لأسعار إستهلاك الغاز بمصر بعد ، ولقد زاد  سعر إستخدم الغاز الطبيعى لصناعة الأسمنت من 6 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية ،  الى 8 دولار فى يوليو تموز 2014 مع الرفع الأول لأسعار المنتجات البترولية التى قام بها النظام الحاكم لمصر .

 وظل السعر ثابتا لمدة خمس سنوات ، حتى تم خفضه الى 6 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية فى أكتوبر تشرين أول 2019 ، وهو خفض لم تستفد به صناعة الأسمنت كثيرا حيث أُجبرت قبل ذلك بسنوات على التحول لإستخدام مزيج آخر من الوقود يضم المخلفات .

 بحيث قل إستخدامها للغاز الطبيعى ، كما تعانى صناعة الأسمنت خلال السنوات الأخيرة من إنخفاض الطلب بعد منافسة  الجيش لها بالإنتاج  ، وصعوبات التصدير للمنطقة العربية لوجود منتجين عرب منافسين سعريا ، مما جعل مصانع القطاع الخاص المحلية والأجنبية العاملة بمصر لا تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية .

أما الصناعات كثيفة الإستهلاك الطاقة مثل صناعات الحديد والألومنيوم والنحاس والسيراميك والبورسلين والزجاج المسطح ، فقد تم رفع سعر الغاز لها من 4 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية الى 7 دولار فى يوليو تموز 2014 ، وظل السعر ثابتا لمدة خمس سنوات حتى تم خفضه الى 5.5 دولار فى أكتوبر تشرين أول 2019 عقب تظاهرات سبتمبر أيلول من العام الماضى .

ولم يقنع رجال الصناعة بهذا الخفض السعرى حيث يرون أن السعر المناسب يصل الى 3 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية ، خاصة بصناعة السيراميك التى تعانى من ضعف المبيعات وصعوبات التصدير ، وذكروا أن وزارة البترول المصرية قد أعلنت خفض كميات تصديرية لها بالشهور الأخيرة من عام 2019 نظرا لإنخفاض الأسعار بالأسواق الأوربية ، عن السعر المستهدف للتصدير البالغ 5 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية .

سعر التصدير أقل من السعر المحلى للصناعة

 كما دفعها تراجع الأسعار العالمية للسماح بشركات أجنبية عاملة بمصر مثل إينى الايطالية وبى بى البريطانية ،  بتصدير جانب من إنتاجهما من الغاز الطبيعى بعد أن كانت تقوم بشرائه منهما ، لتغطية نقص نصيب الجانب المصرى من الإنتاج عن الوفاء بكامل الإستهلاك المحلى .

 كما ذكر خبراء غاز  أن تكلفة إنتاج الغاز المصرى تصل الى 7 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية ، تتضمن تكلفة إنتاج بنحو 2.65 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية ،  بالإضافة الى تكلفة إسالة وشحن الغاز من مصنع إدكو والتى تصل تتراوح ما بين 3 الى 4 دولار للمليون وحدة حرارة بريطانية  .

فإذا كان سعر التصدير للغاز المصرى  يتضمن تكلفة التحويل للحالة السائلة الى جانب تكلفة النقل ، فإن الغاز المحلى يتم ضخه مباشرة عبر الشبكة القومية لأنابيب الغاز المحلية الى المصانع بحالته الغازية الطبيعية ، أى أنه  يجب أن يكون أرخص كثيرا من السعر الذى يتم  التصدير به للبلدان الأوربية مثل فرنسا وأسبانيا وإيطاليا  .

خاصة وأن مصر قد عادت للتصدير للغاز الطبيعى بكميات صغيرة عام  2016 ، ثم زادت الكميات بعد إيقاف إستيراد الغاز المُسال منذ سبتمبر أيلول 2018 ، وإستئناف تصدير الغاز المصرى الى الأردن منذ سبتمبر 2018 ، والإستغناء عن مركب التغييز التى كانت تعمل بميناء السخنة وتأجيرها لخفض القيمة الإيجارية لها ، والإحتفاظ بوحدة تغييز بميناء السخنة كتأمين إستراتيجى ، فى حالة حدوث توقفات بالإنتاج أو حدوث أى مشاكل تشغيلية بالشبكة القومية لتوزيع الغاز الطبيعى .

وبلوغ كميات تصدير الغاز المصرى المُسال بالعام الماضى 4.5 مليار متر مكعب ، مقابل 2 مليار متر مكعب من صادرات الغاز المُسال عام 2018 ، حيث إتجهت كميات تصير الغاز المصرى المُسال بالعام الماضى الى أكثر من 15 دولة تشمل : باكستان 900 مليون متر مكعب وسنغافوره 600 مليون متر .

 وكلا من تركيا وإيطاليا بنحو  500 مليون متر لكلا منهما  ، وفرنسا 400 مليون متر وكلا من الصين والهند 300 مليون متر ، وكلا من كويا الجنوبية وتايوان وتايلاند 200 مليون متر ، وكلا من الإمارات والكويت واليابان 100 مليون متر مكعب خلال العام الماضى .

ولهذا يطالب قطاع الصناعة بمعاملته بنفس الأسعار التى يتم البيع بها للدول الأوربية بعد استبعاد تكلفة التحويل للحالة السائلة والنقل ، خاصة بعد تضرر المصانع بسبب تداعيات فيروس كورونا ، التى تطلبت تقليل عدد العمال داخل صالات الإنتاج وزيادة تكلفة الإجراءات الوقائية ، وصعوبات التسويق للمنتجات محليا بسبب تراجع القوى الشرائية ، وصعوبات التصدير فى ضوء تراجع الطلب العالمى وزيادة معدلات البطالة ، وتحول كثير من الإقتصادات المتقدمة الى الإنكماش خلال العام الحالى .

صعود مستمر لأسعار الإستهلاك المنزلى

وكانت آلية التسعير التلقائى للمنتجات البترولية التى أوصى بها صندوق النقد الدولى مصر كأحد شروط الحصول على قرض الإثنى عشر مليار دولار فى عام 2016 ، والتى بدأ العمل بها منذ نهاية عام 2018 قد نصت على مراجعة أسعار الغاز الطبيعى للصناعة كل ستة أشهر .

 وإذا كانت اللجنة الموكلة بالتسعير التلقائى والمشكلة من وزارتى البترول والمالية والهيئة المصرية للبترول ، قد خفضت سعر الغاز للصناعة فى أكتوبر 2019 فقد مر شهر أبريل من العام الحالى دون تغيير بالأسعار رغم الإنخفاض الواضح لها عالميا بتلك الفترة ، مما يزيد من التكهنات أن الخفض السعرى فى أكتوبر الماضى وفى ظل أسعار غاز عالمية مرتفعة نسبيا ، كان يستهدف زيادة الإستهلاك المحلى من الغاز فى ظل صعوبات التصدير بتلك الفترة والتى دفعت وزارة البترول للاعلان عن خفض كميات التصدير .

وتأخذ أسعار بيع الغاز الطبيعى للمنازل والنشاط التجارى شكل شرائح سعرية ، فالشريحة الأولى والأدنى إستهلاكا  والتى يصل إستهلاكها الشهرى حتى 30 متر مكعب ، زاد سعر المتر المكعب لها من 40 قرشا الى مائة قرش للمتر  فى يونيو 2017 ، ثم الى 175 قرشا للمتر المكعب فى يونيو 2018 ، ثم الى 235 قرشا للمتر المكعب فى يوليو 2019 .

وشريحة الإستهلاك من أكثر من 30 متر مكعب وحتى 60 متر مكعب شهريا زاد سعر المتر المكعب  من الغاز الطبيعى لها ، من 75 قرشا للمتر الى 175 قرشا للمتر فى يونيو 2017 ، ثم الى 250 قرشا للمتر فى يونيو 2018 ، ثم الى 310 قرشا للمتر المكعب فى يونيو 2019 .

أما شريحة الإستهلاك المنزلى والتجارى الأكثر من 60 متر مكعب من الغاز الطبيعى شهريا ، فقد زاد السعر لها من 200 قرشا للمتر فى نوفمبر 2016 الى 225 قرشا فى يونيو  2017 ، ثم الى 300 قرشا للمتر فى يونيو 2018 ثم الى 360 قرشا فى يوليو 2019 .

وهكذا أخدت أسعار الغاز للمنازل والنشاط التجارى إتجاها تصاعديا ولم يلحقها أى خفض ولو محدود مثلما حدث للبنزين والمازوت بعد تظاهرات سبتمبر 2019 ، ورغم تراجع الأسعار العالمية للغاز خلال النصف الأول من العام الحالى ، بل أن لجنة التسعير التلقائى للمشتقات قد ثبتت أسعار إستهلاك الغاز الطبيعى لكل الإستخدامات المحلية ، سواء صناعة أو إستخدام منزلى أو تجارى أو بالسيارات ، خلال الربع الثالث من العام الحالى بالفترة الممتدة من يوليو تموز الى نهاية سبتمبر أيلول  .

حوافز مطلوبة لتحويل السيارات للغاز                        

وهكذا لا يمكن للحكومة المصرية أن تتعلل بإستمرار ارتفاع أسعار الغاز الطبيعى محليا بمبرر الأسعار العالمية ، كما تفعل مع البنزين والسولار التى تستورد جانبا من إستهلاكها ، حيث يوجد إكتفاء ذاتى من الغاز حسب زعمها ، وهو أمر به مغالطة حيث تحسب كميات إنتاج الشركات الأجنبية العاملة بمصر ضمن كميات الإنتاج الإجمالية ، وتقوم بشرائها منها للوفاء بكميات الإستهلاك المحلى الذى لا يكفيه نصيب الجانب المصرى من الإنتاج ،  كما أن الأسعار العالمية للغاز تتجه للإنخفاض ، والمهم أن الغاز أصبح سلعة محلية الإنتاج  .                        

نشاط ثالث لإستهلاك الغاز الطبيعى بمصر يتمثل فى إستخدام الغاز الطبيعى المضغوط كوقود للسيارات ، والذى أخذ إتجاها سعريا صعوديا هو الآخر من 40 قرشا للمتر المكعب المضغوط قبل تولى الجيش السلطة فى يوليو 2013 ، الى 110 قرشا للمتر المكعب فى يوليو 2014 ثم زاد الى 160 قرشا للمتر فى نوفمبر 2016 ،  ليرتفع الى 200 قرش فى يونيو 2017 ثم الى 275 قرشا فى يونيو  2016 ، واستمر بالزيادة  الى 350 قرشا للمتر فى يوليو 2019 .

لتلحق به خمس زيادات متتالية ، ورغم إنخفاض أسعار الغاز دوليا وحدوث خفض طفيف لسعر البنزين فى أكتوبر 2019 ثم فى أبريل من العام الحالى بعد الإنهيار لأسعار النفط فى ضوء الخلاف الروسى السعودى وإغراق الأسواق بالنفط ، إلا أن الغاز الطبيعى المضغوط للسيارات لم يلحق به أى خفض .

 رغم الدعوة الحكومية لتحويل سيارات الميكروباص للعمل بالغاز الطبيعى ، مما يتطلب حافزا سعريا يجذب للتحويل ، ورغم العمل بآلية التسعير التلقائى للمنتجات البترولية منذ أواخر 2018 للنظر فى أسعار المشتقات كل ثلاثة أشهر فقد ظلت أسعار غاز السيارات المضغوط ثابتة على إرتفاعها والتى ستستمر حتى نهاية سبتمبر أيلول القادم .

وخلال الشهور الأربعة الأولى من العام الحالى ورغم إنخفاض الإنتاج المحلى من الغاز الطبيعى الى 14.65 مليون طن ، بنقص 12.6 % عن إنتاج نفس الشهور من العام الماضى ، إلا أن كميات الإنتاج المحلى شاملة نصيب الشركات الأجنبية العاملة بمصر ،  ما زالت أعلى من كميات الإستهلاك المحلى التى بلغت 14.468 مليون طن ، والتى إنخفضت بنسبة 2.1 % عن نفس الشهور من العام الماضى ,

 ليظل الغاز الطبيعى سلعة محلية الإنتاج ، مما يتطلب تسعيرا عادلا لها يتواءم مع الظروف الإقتصادية لجموع المصريين التى ترتبت على إنتشار فيروس كورونا ، سواء على القطاع المنزلى أوالتجارى  أوالصناعى .

غاز المتوسط السعي في طريق غير ممهد

غاز المتوسط: السعي في طريق غير ممهد

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close