fbpx
الحركات الإسلاميةبحوث

استراتيجيات الجهاد عند أبي مصعب السوري

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقدَّمة:

تحاول هذه الدراسة تسليطَ الضوء على ” أبي مصعب السوري” أحد أهمّ منظّري التيّار الجهادي في العالم الإسلاميّ، إضافة إلى سرد موجز عن سيرته الشخصيّة ورصد نتاجه الفكريّ وتحليل نظريّاته في دعم “الجهاد” وتطويره في كتابه “دعوة المقاومة الإسلاميّة العالميّة” عبر إنشاء نموذج “هجين” من أساليب المقاومة والتنظيم الهيكلي إلى أساليب جديدة وتنظيمات أقل هرميّة.

منهج البحث وأهميته:

يسير البحث في الورقة على المنهجية الوصفية والتحليليّة؛ وذلك بناءً على محدّدين: أولهما رصد الواقع الذي تشكّلت فيه خبرات “أبي مصعب السوري” الفكرية والاستراتيجية، ثمّ الانطلاق –ثانيًا- لتحليل منجزه الفكري ونظرياته في المقاومة على ضوء الخبرات التي توفّرت لديه والمؤثرات التي عملت في صياغتها.

تلتقي اعتبارات متعدّدة لتشير إلى أهمّيّة هذه الورقة البحثيّة وضرورة إنجازها، لعلّ أبرزها القيمةُ العلميّة والتحليليّة التي احتواها كتاب “السوري” خاصّة عند “الجهاديّيّن” الذين نشروا كتابه بكثافة داخل المنتديات الجهادية، إضافة إلى اتباعهم مُدارَسات “أبي مصعب” وسلوكهم بنظريّاته من موقع الفكرة إلى موضع التطبيق خاصة تكتيك “الذئاب المنفردة” الذي أطلق عليه أبو مصعب مسمّى “الجهاد الفردي”[1]، إلا أن خطورة هذه “الاستراتيجية التكتيكيّة” لم تتضح إلا بعد انتشار العمليّات “المنفردة” التي أعلنت “ذئاب داعش” عن مسؤولية تنفيذها في العديد من الأماكن في أوروبا والعالم، إضافة إلى ذلك فإن للمؤلف ذاته أهميّة بالغةٌ في السياق الفكريّ والتنظير الاستراتيجي للجهاد في الألفيّة الثالثة، حيث رسم خطوطًا عريضة للعمل الجهادي ومراحله وتطوير تكتيكاته في المستقبل بناء على تعمُّقه الواسع واطلاعه على تفاصيل المشروع الجهادي وتحركاته منذ تجربته مع تنظيم الطليعة المقاتلة في سوريّة مرورًا بالتجربة الجهاديّة في أفغانستان إبّان الاحتلال السوفييتيّ لها، ثم انخراطه الفكري في التجربة المسلّحة في العشرية الجزائريّة بالتوازي مع عمله في الدراسات المتخصصة بالصراع بين “الإسلام” و”الغرب” وتماسّه المباشر مع قيادات تنظيم القاعدة التي أطلقت “غزوات خارجية” عديدة أبرزها “غزوة مانهاتن” التي عُرِفت بهجمات أيلول عام 2001، وما تبع ذلك من تطورات قادت إلى إعلان الحرب على الإرهاب ورصد مكافأة مالية ضخمة[2] على من يدلي بمعلومات توصل إلى القبض على “أبي مصعب” ضمن هذه الحرب.

الفصل الأول “أبو مصعب السوري” حياتُه وفكره[3]

1- ترجمته وسيرته.

أبي مصعب السوري
أبو مصعب السوري

اشتهر أبو مصعب السوري باسمه هذا إثر استقراره في أفغانستان للمرة الأخيرة، إلا أن له اسمًا آخر عُرف به وهو “عمر عبد الحكيم”، أما اسمه الأصليّ فهو “مصطفى ست مريم” من مواليد مدينة حلب عام 1958، ويعود نسبه إلى آل المُزَيّك المنتسبين إلى آل الرفاعي ونسبة الأسرة عائد إلى “ستّ مريم” جدة الأسرة.

يذكر أبو مصعب السوري أنه التحق بتنظيم “الطليعة المقاتلة”[4] وذلك في عام 1980، وأنه خضع لدورات عسكرية مختلفة على يد ضبّاط منشقّين من الجيش السوري بهدف تطوير خبراته القتاليّة إضافة إلى تلقّيه تدريبات من قبل ضباط في الجيش العراقي والمصريّ في هندسة المتفجرات وحرب العصابات داخل المدن والعمليات الخاصّة، إضافة إلى عمله مدرّسًا لمادة الهندسة العسكريّة وصناعة المتفجّرات في معهد الإعداد العسكريّ التابع للجماعة في عمّان في الأردن بالتوازي مع عمله مدرِّبًا عسكريًّا في معسكرات جماعة الإخوان المسلمين السورية في العراق والأردن وذلك بين عامي 1980- 1982.

يذكر “السوري” أن أحد أهمّ المنعطفات التي فاجأته في حياته هو معاينته فكر قيادة جماعة الإخوان السياسية التي كانت مقيمة في بغداد، حيث عُيّن من قبلهم نائبًا لقائد الحملة العسكرية المبتعثة إلى حلب وذلك أثناء معارك حماة سنة 1982 إلا أن قيادة الجهاز العسكري للجماعة لم تبارح بغداد مدة ثلاثة شهور فكان معاينًا عن قرب وتماسٍ مباشر لآراء القيادة وطريقة تفكيرها، مما دفعه لتفصيل آرائه في هذه التجربة المريرة في كتابه “الثورة الجهادية الإسلاميّة في سوريّة”، وقد وضّح أبو مصعبٍ أن أحد أهم الأسباب التي دفعته لإعلان انفصاله عن تنظيم الإخوان المسلمين لا مبالاتهم في التحالف مع العلمانيين والمعارضين البعثيين فكان إنشاء “التحالف الوطني” مع الأحزاب العلمانية والشيوعية إضافة إلى سوء الإدارة لدى الإخوان دافعًا لانفصاله عنهم باعتبارهم مسؤولين عن خسارة حماة إثر المجزرة الشهيرة التي وقعت عام 1982 وانهيار برنامج المواجهة مع النظام السوري وإجهاض الثورة الجهادية[5].

2. تنقُّلاته

إثر مغادرته الأردنّ عام 1982 انتقل “أبو مصعب” إلى عدّة دولٍ منها فرنسا (1983- 1985) حيث حاول إتمام دراسته في هندسة الميكانيك إلا أنه قطع دراسته بهدف الانضمام لـ عدنان عقلة الذي حاول إعادة بناء تنظيم الطليعة في سوريّة، وقد كان اعتقال عدنان مع المجموعات التي انضمت إليه نقطة تحوّل أخرى في مسيرة السوري، حيث انتقل منها إلى إسبانيا عام 1985 ليستقر ويتزوج فيها، ومع بدء انطلاق المجاهدين العرب إلى أفغانستان في الثمانينات انتقل “السوري” إليها عام 1987 حيث تعرّف في باكستان على الشيخ عبد الله عزام الذي أقنعه بالانضمام إلى الجمع العربي في أفغانستان بهدف وضع خبرته في مجال تدريب الشباب المنتسبين إليه، فأقام دورات متعددة في مجالات مختلفة كهندسة المتفجرات والقتال القريب، كما كان يحاضر في حرب العصابات والفكر الجهادي بين أعوام (1987- 1991م) فكانت طريقًا للقائه بقائد تنظيم القاعدة “أسامة بن لادن” فكان مقرّبًا للغاية منه في سنوات (1988-1991) كما تتلمذ آنذاك على الشيخ “سيد إمام الشريف” المعروف باسم د. فضل وباسم عبد القادر بن عبد العزيز، وهو مفتي تنظيم “الجهاد المصري” وصاحب كتابَي (العمدة والجامع) حيث أجازه بعد إتقانه لهما بكل ما فيهما، كما اعتمد عليه في إجازته بعض كتاباته ككتابه “التجربة السورية” والبيان الأول لـ “دعوة المقاومة الإسلامية العالمية” المنشور سنة 1991، إضافة إلى استفادته من الشيخ “أيمن الظواهري” الذي يلقبه بـ “المجاهد القدوة ودرة أرض الكنانة”[6] وأبو الليث الليبي والشيخ أبو خالد السوري[7] الذي وصفه بالصابر والمصابر والأخ والصديق، ورفيق الدرب والمسار[8] وقد عُرف أبو خالد السوري في الثورة السورية بأبي عمير الشامي.

عاد “أبو مصعب” إلى إسبانيا سنة 1991، ثمّ غادرها متجهًا إلى بريطانيا تلبيةً لدعوة قاري سعيد الجزائري العائد حديثًا من أفغانستان إلى الجزائر ليشارك في تأسيس “الجماعة الإسلامية المسلحة”، وقد استقرّ في لندن يعمل مع الخلية الإعلامية الجزائرية إلى أن أعلن براءته من انحرافها وانفصاله عنها حيث أصدر شهادة –لاحقة- عن تجربته معها[9].

عاد “السوري” إلى أفغانستان إثر إعلان حركة طالبان “الإمارة الإسلامية” فبايع الملا عمر بالإمارة في قندهار عام 2000، واستمرّ في أفغانستان إلى حين سقوط دولة طالبان عام 2001، ليتفرّغ إثر ذلك على كتابة نظرية مشروعه الاستراتيجي “دعوة المقاومة الإسلامية العالمية” إضافة إلى أبحاث وشهادات أخرى.

عدنان سعد الدين المراقب العام للأخوان المسلمين في سوريا

3. اعتقاله وجهالةُ مصيره

اعتقلته القوات الأمريكية في باكستان عام 2005م[10] وذلك بعد أشهر من اعتقال صديقه أبي خالد السوري في العام ذاته[11]، ويُعتقَد –بحسب مصادر إعلاميّة- أن الولايات المتّحدة قد رحّلت “أبا مصعبٍ” إلى سوريا ضمن برنامج الترحيل السرّي لوكالة المخابرات الأمريكية[12]، ومن الجدير بالذكر الإشارة إلى أن “أبا مصعب” أصدر بيانًا باسمه ينفي أي صلة له بهجمات لندن عام 2005، وقال إنه لم يعلم عنها إلا من وسائل الإعلام، وتحدّث أيضا عن مداهمة منازل الأصوليين في بريطانيا منذ عملية التحدي عام 1998، وتطرق أيضا إلى تفجيرات مدريد 2004 التي أسفرت عن 191 قتيلاً وتفجيرات قطار باريس 1995.[13]

وقد ذكرت صحيفة “صنداي تليجراف” البريطانية[14] أنّ النظام السوري أطلق سراح أبا مصعب، سنة 2012، إلا أنه لا دليل يثبت ذلك إلى اليوم[15]، خاصّة مع وجود إشارة في خطابٍ لـ د. أيمن الظواهري، تنفي الإفراج عنه، وذلك في رثائه لأبي خالد السوري الذي اغتيل عام 2014 حيث قال: “كان رفيق أستاذ المجاهدين الشيخ أبي مصعب السوري فك الله أسره عاجلًا قريبًا إن شاء الله”[16] مما يشير إلى امتلاك القاعدة معلوماتٍ تنفي إطلاق سراحه إلى ذلك الحين.

4- أبرز إنجازاته الميدانيّة

حفلت حياة “مصطفى” بالإنجازات الميدانية، بدءًا من أعماله في التدرُّب والتدريب في سنوات الثمانينات وانتهاء بإنشائه معسكرات مستقلة لتدريب المقاتلين وتخريجهم فكريّا وبدنيًّا في أفغانستان. ولعل أبرز إنجازاته الميدانيّة على أرض الواقع هي الآتي:

  • تأسيسه في لندن مركز “دراسات صراعات العالم الإسلامي” عام 1996، وقد استطاع عن طريق العلاقات الإعلامية للمركز تنفيذ مقابلتين صحفيتين مع أسامة بن لادن أولاهما كانت مع قناة “BBC” الرابعة أما الثانية فكانت مع شبكة “CNN“.
  • استطاع تأسيس “معسكر الغرباء” في قاعدة “قرغة” في العاصمة الأفغانية “كابل” بين عامي (1997 -2001) وذلك بدعم وزارة دفاع الإمارة الإسلامية.
  • تأسيس مركز “الغرباء للدراسات الإسلامية والإعلام” في أفغانستان، وإصداره مجلة “قضايا الظاهرين على الحق”.
  • عمل أبو مصعب مع وزارة الإعلام وكتب في جريدة “الشريعة” الناطقة الرسمية باسم الإمارة، وشارك في إعداد برامج إذاعة كابل العربية.
  • عمل مع الخلية الإعلامية الداعمة للجهاد الجزائري، في فترة مكثه في لندن بين (1991- 1994)، وكتب في نشرة الأنصار الجزائرية وغيرها من نشرات الجماعات الجهادية التي كانت تصدر من أوروبا خلال تلك الفترة وخاصة “الفجر” الليبية و”المجاهدون” المصرية.

عدنان سعد الدين المراقب العام للأخوان المسلمين في سوريا

5- إنجازاته الفكرية.

انكب أبو مصعب السوري خلال إقامته في أفغانستان وباكستان على المطالعة ومدارسة الكتب بمختلف مصادرها وتوجّهاتها، وذلك لإيمانه العميق بضرورة الاطلاع الواسع والانفتاح تجاه المدراس والتيّارات الفكرية كافة، وهو ما لا يتيحه الالتزام على يد الشيخ، بل لا بد لذلك من الكتاب، ولذا يكثر من القول: “شيخي هو الكتاب”[17]، وهو ما طبّقه حرفيًّا من خلال دراسته الكتب الشرعية وخاصة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728ه) وتلميذه ابن القيّم (ت 751ه)، إضافة إلى اهتمامه بكتب الفكر العسكري والاستراتيجي وكتب الشهيد سيد قطب والشهيد عبد الله عزام وتراث أئمة “الدعوة النجدية”، كما كان يهتم بإكمال تحصيله الجامعي فنال الإجازة الجامعية في التاريخ أثناء إقامته في باكستان وأفغانستان عبر المراسلة مع فرع جامعة بيروت العربية في عمّان.

وقد أنجز “أبو مصعب” العديد من البحوث والدراسات المرتبطة بفكره الجهادي، منها ما يرتبط بالمستوى الاستراتيجي والتنظيري، ومنها ما يرتبط بتجاربه الفكرية بشكل مباشر حيث تتوزع حول نطاق جغرافي مرتبط بالجهات التي تنقل فيها وذلك على النحو الآتي:

  • أصدر عن باكستان وأفغانستان وآسيا الوسطى الكتب الآتية:
  1. المسلمون في وسط آسيا ومعركة الإسلام.
  2. أفغانستان والطالبان ومعركة الإسلام اليوم(جزآن).
  3. باكستان “مشرف”؛ المشكلة والحل والفريضة المتعيّنة.
  • وقد أصدر كتبًا متعددة عن التجربة الجهادية في سورية، وهي:
  1. ملاحظات حول التجربة الجهادية في سوريا.
  2. أهل السنة في الشام في مواجهة النصيرية والصليبية واليهود.
  3. الثورة الإسلامية الجهادية في سورية، (جزآن)
  • أما عن منطقة الجزيرة العربية فقد أصدر الدراسات الآتية:
  1. مسؤولية أهل اليمن تجاه مقدّسات المسلمين وثرواتهم.
  2. شهادة قادة المجاهدين والإصلاح على علماء السلطان في بلاد الحرمين.

كما أصدر شهادته عن الجبهة الإسلامية المسلّحة في الجزائر باسم “مختصر شهادتي على الجهاد في الجزائر”، أما إنجازاته الفكرية على المستوى التنظيريّ فهي كالآتي:

  1. موسوعة “دعوة المقاومة الإسلامية العالمية”.
  2. إدارة وتنظيم حرب العصابات.
  3. النظام العالمي الجديد
  4. دروس في نظرية حرب العصابات
  5. مقومات التنظيم ودور المنهج.

عدنان سعد الدين المراقب العام للأخوان المسلمين في سوريا

الفصل الثاني: “دعوة المقاومة الإسلامية”، بين التأصيل والتجديد

1- أهمّية “أبي مصعب” في السياق الجهاديّ

يمثّل “أبو مصعب السوري” حلقة مهمّة في سلسلة الفكر الجهادي العالميّ المعاصر، نظرًا لخبرته الكبيرة التي حصّلها في حركته المتنقلة بين سورية والعراق وأفغانستان ودول أوروبَّا والتعرُّف إلى أعلام الجهاد ومفكّريه، إضافة إلى إصراره في إنجاز رحلته البحثية الهادفة إلى إصدار مشروع استراتيجي جهاديّ متكامل يتجاوز سلبيّات التجارب السابقة، فكانت تركته الفكريّة في السياق الجهاديّ مرجعًا معرفيًّا لشتّى الحركات والتنظيمات اللاحقة، فكان “أستاذًا للمجاهدين” كما وصفه د. أيمن الظواهري[18] كما أنّ تنظيراته الجهادية في الدعوة لاستراتيجية المقاومة الفردية دافعًا لدراسة تأثير أفكاره في الجيل الجهاديّ الذي انخرط في العمل الجهاديّ إثر أحداث أيلول[19]، كما أنّ شهاداته المتعدّدة حول التجارب الجهاديّة في أفغانستان وسورية والجزائر باتت بمثابة القواعد التي تنطلق منها التنظيمات الجهاديّة المحلّيّة في سوريّة كحركة أحرار الشام وهيئة تحرير الشام –جبهة النصرة سابقًا- في تعاملها وتفكيرها وموقفها من الفصائل والتنظيمات الأخرى، ويعزز ذلك حرص الجماعات الجهاديّة في سوريّة –أحرار الشام وتفرّعات القاعدة على سبيل التخصيص- على دعم دورات الإعداد الفكريّ والمنهجيّ لديها بعرض أفكاره وتلخيصها والاستناد الدائم إليها في موضوعات التخطيط الاستراتيجي وتكتيكات حرب العصابات[20]، إضافة إلى أن واقع الحركات الجهاديّة في منطقة الشرق الأوسط يكاد يكون تطبيقًا لما ورد في كتابه “دعوة المقاومة الإسلاميّة العالميّة”، إضافة إلى كون هذه المقولات بحد ذاتها مراجعة نقديّة شاملة للمشاريع الجهاديّة التي قُدّمت أو نُفّذت قبل أحداث أيلول عام 2001، وهو ما يؤكّده “برينجار ليا” الباحث في قضايا الإرهاب والتطرف ومستشار مؤسسة الأبحاث والدفاع النرويجية بقوله –عن أبي مصعب- “يحتمل أن يكون أوّل من طرح تعاليم بشأن الجهاد العالمي غير المركزيّ، وفي رأيي المتواضع فإنّه أفضل منظّر بين أيديولوجي واستراتيجيي “الجهاد” وليس هناك شخص منظّم وشامل في تحليله مثله، إنّ استقامته الحادّة ونقده الذاتيّ متفرد في الأوساط الجهادية”[21].

يمكن تلمُّس هذه الأهمّية من خلال رصد شبكة القادة الذين تولّوا زمام أنواع مختلفة من المسؤوليّة في التنظيمات “الجهاديّة” في سوريّة واليمن والأردنّ، مثل أبي مصعب الزرقاويّ، الذي رافق أبا مصعب -بحسب مصادر مطلعة- مدة من الزمن[22]، قاسم الريمي[23] وأنور العولقي[24] و”محمد بَهَايا” المعروف سوريًّا بأبي عمير الشامي وبأبي خالد السوري -عالميًّا-[25] وأبو همّام الشامي -أو فاروق السوري-[26] فإن هؤلاء قد تأثّروا بأبي مصعب بشكل مباشر من خلال احتكاكاتهم المختلفة معه، كتدرّب أبي همام الشامي في معسكر الغرباء في أفغانستان –حيث كان يشرف عليه أبو مصعب السوري- أو من خلال الاحتكاك به عبر الصداقة كأبي خالد السوري، أو عبر تبنّي استراتيجياته الجهاديّة كما هو حال أنور العولقي الذي أشرف على مجلة “إنسباير” المتخصصة في التنظير للأساليب العملية لإنجاح استراتيجية الجهاد الفردي[27].

ويظهر ذلك أيضًا بتأثر “أبي محمّد الجولاني” الأمير العام لهيئة تحرير الشام -على سبيل المثال- منذ بدء قيادته لتنظيم جبهة النصرة، بتعاليم “أبي مصعب، [..] الذي لا تغيب بصماته عن بنية الجبهة وتصوّراتها[28]” خاصة آراؤه في مناطق النزاع مفتوحة الجبهات حيث يجب على الجهاديين الملتحقين بالجبهات المفتوحة تسليم القيادة للقادة المحليين ويكونوا في خدمتهم وتقديم خبراتهم في العمليات الفرديّة، لتكون الخلايا اليد الطولى في المواجهات المفتوحة[29]، فقد استند “الجولاني” بشكل نظريٍّ وعمليٍّ على أطروحات “أبي مصعب السوري” الملائمة لسياسات التكيُّف التي عرف بها “الجولاني”، سواء من حيث إظهار فصيله منتميًا إلى الهوية السورية المشتركة في إطار البعد عن الصيغة العالمية للتنظيم الجهادي[30]، أو من خلال رفض فتاوى “الغلاة” –بتعبير السوري- مع وجود مؤثّر واضح لتنظير أبي مصعب السوري في فكر الجولاني واستراتيجية توسّع الجبهة في الداخل السوري وذلك على النقيض مما فعله تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام”[31].

2- وصف الكتاب وسياقات صدوره.

أ. صدر الكتاب في صيغته النهائية الأولى عام 2004 ليمثّل تحوُّلاً حقيقيًّا في بنيَة التكوين الهرميّ والتخطيط الاستراتيجي لدى التنظيمات الجهاديّة، ويعدّ هذا الكتاب زبدة خبرة أبي مصعب السوري، حيث وصفه بأنه نتاج أربعين عاماً تمتد من بدء نظام القطب الواحد إبان انهيار الاتحاد السوفييتي ثم حرب الكويت سنة 1990، وقد خطّ مسوّدته الأولى في “كابل” في عهد حكم حركة طالبان 1997-2001 ثم ليعمل على تشذيبه وإنهائه بشكله المنسّق وهو مطارَدٌ “من قِبَل الأمريكان وأعوانهم من المرتدّين [..] بين الملاجئ والمخابئ”[32] لينتهي من كتابته بشكلٍ رسمي بين عامي 2001-2004 وهي الأعوام التي ظهرت فيها لأبي مصعب دروسُه المرئيّة، التي حرص على تلخيص خبرته في التخطيط الاستراتيجي وحروب المستضعفين فيها[33].

لقد كان السياق الذي كُتبت فيه نظرية أبي مصعب في التحوّل الاستراتيجي من الجهاد المركزي المفتوح إلى الجهاد العنقودي ذا موقعيّة أساسيّة في عمله الضخم، فقد كانت قيادات التنظيمات العسكرية والفصائل الجهادية بعد عام 1990 تبحث عن خطة فعّالة لمواجهة الواقع الجديد الذي فرضه غزو الكويت وانقلاب الدول العربية الداعمة للجهاد الأفغاني على الصحوة الإسلامية ولجموع المنضمين للقتال في أفغانستان وغيرها، فكانت أبحاثه وجهوده منصبّة على إنجاز تلك الخطة، فراقب الاستراتيجية الغربية لمكافحة “الإرهاب” عن كثب، وتوصّل إلى أبرز المعالم التي تتبعها تلك الأجهزة كتجفيف الينابيع الداعمة له، واغتيال قادة الجهاديين وسجن كوادرهم من الرتب الدنيا، إضافة إلى إنشاء الاتفاقيات متعددة الجنسيات لتسليم المطلوبين بتهم الإرهاب، ومنع وجود ملاذات آمنة لتلك المنظمات وقياداتها، إضافة إلى إطلاق حرب إعلامية شرسة تهدف إلى التشهير بالجهاديين[34]، ومن ثمّ فقد كان الحل لدى “السوري” بأن يغيّر قاعدة الانطلاق من “التنظيم” إلى “الفرد”؛ وعليه فإنّ على كل امرئٍ مسلم يقتنع بالفكر الجهاديِّ البدء بشنّ هجماته الخاصة على مصالح الصائل الجديد “المتمثل بالنظام العالمي الجديد” ووضع أُسُس للعمل مهما كانت صغيرة في كُلِّ بلد[35]، وما إن صدر الكتاب حتى نشرته مئات المنتديات الجهادية، وعاد للظهور بكثافة في عام 2010 وقد اتضحت خطورة فكرة أبي مصعب العمليّة إثر تنفيذ بعض العمليّات المنفردة في عدة مدن غربيّة[36] والتي عرفت بتكتيك “الذئاب المنفردة” وهي ما أطلق عليه “السوري” اسم “الجهاد الفردي”.

ب. قسّم “أبو مصعبٍ” كتابه إلى جزأين، خصص الأول منهما لدراسة الصراع بين الإسلام وأعدائه من حيث “الجذور، والتاريخ، والتجارب” في سبع فصول تُعَدّ تمهيدًا للجزء الثاني -الذي أفرد له فصلين لا غير- تنوّعت بين التاريخ والتحليل السياسي الشرعي والفقه الجهادي الحركي، إضافة إلى سرد مفصل لمسار التجارب الجهادية تاريخيّا منذ بدايتها وحتى تجربة “القاعدة”، وتحليلات نقدية وفكريّة وسياسيّة لذلك التاريخ ومساره، إضافة إلى خلاصة للدروس المستفادة من هذه التجارب الجهادية، على المستويات العسكرية والسياسيّة والحركيّة والأمنيّة.

ابتدأ الجزء الأول بفصلٍ مخصّص لبيان واقع المسلمين اليوم[37]، تحدث فيه عن مظاهر ذهاب الدين[38] والدنيا[39] لدى المسلمين، إضافة إلى تسلّط أعدائهم عليهم[40]، وما جرى من تحولات في واقع المسلمين والأحداث التي جرت بعد وقوع هجمات أيلول عام 2001[41]، كمحاولة إفناء تيار الصحوة[42]، وتدمير “الإمارة الإسلامية في أفغانستان”[43] وتوسيع الاتحاد الأوروبي على الأساس “الصليبي”[44]، وقد أعقب هذا الفصل بفصل مخصص لبيان الأحكام الشرعية المتعلّقة بهذا الواقع[45]، حيث أفضى في خاتمته إلى بيان وجوب الجهاد، وأنّه الحلّ لمشكلات المسلمين التي عرض لها في الفصول الماضية[46]، أما الفصل الثالث فهو أحد أطول الفصول في هذا السِّفر الضخم، فقد بسط فيه مبادئ النظام الدولي ومسار الصراع بين البشر من لدن “قابيل” إلى “جورج بوش”[47] وقضايا الصراع بين الأنبياء وتابعيهم وبين أعدائهم[48] كما عرض “أبو مصعب” فيه لموضوعات شتّى تركّز على قضايا تكوّن الدول ونشوئها في التاريخ ونماذج الحكّام بين “النموذج الفرعوني” الذي يعتمد الحكام فيه على الكهنة والأعوان للسيطرة المطلقة[49] وبين مفهوم الدولة النبوية التي أقامها النبي محمد صلى الله عليه وسلّم[50]، ثم التحوّلات التي عرضت لدول المسلمين فيه، كما تعرّض فيه لتاريخ الدولة الإسلامية في عصورها المتعاقبة بدءًا من زمان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وانتهاءً بسقوط الدولة العثمانيّة[51] وما تلا ذلك من أحوالٍ في العالم الإسلامي[52]، إضافة إلى تعرضه لأسباب نهضة الأوروبيين[53] وتاريخ الروم[54] وانهيار الاتحاد السوفييتي[55] وقيام النظام العالمي الجديد[56]، أما الفصل الرابع فكان لدراسة أحوال العالم الإسلامي في عهود الحملات الصليبية التاريخية[57] والمعاصرة التي جرت بين عامي 1798- إلى عام 1970[58] فخصّص فيه مباحث مطولة لبيان أحوال العالم الإسلامي في المرحلة المعاصرة، وما تلاها من حملات غزو فكري وثقافي وانتشار لتيارات الشيوعية والقومية في البلاد العربية[59]، ثم بدء الحملة الصليبية الثالثة التي ابتدأت مع حرب الخليج عام 1990 والمرامي المخفية لتلك الحرب وأسبابها[60] ودور علماء السلطة فيها الذين سمّاهم بـ “المنافقين” من علماء السلطان والصحوة[61]، خاصة علماء المؤسسة الدينية السعودية الذين دعموا وسوّغوا موالاة “الحملة الصليبية المعاصرة” على بلاد المسلمين[62] وقد بنى “السوري” الفصل الخامس والسادس من الجزء الأول على سرد مسار الصحوة الإسلامية في مراحلها الثلاث “النشأة[63]، فالتمايز[64]، فالأزمات[65]” ثم أحوالها بعد عام 2001، لينتقل إثر ذلك لبيان مسار التيار الجهادي منذ عام 1960 إلى عام 2001، فذكر أهم المحطات الجهادية وتجاربها، كالتجربة الأفغانية[66] والسورية[67] وتجربة الحركة الشبلية في المغرب[68]، وحركة الدولة الإسلامية في الجزائر[69]، وتجارب الجهاديين في اليمن[70]، والأفغان “اللبنانيين” في جبال النبطية[71]، وانتهاء بتجربة “الشيخ أسامة وتنظيم القاعدة ضد أمريكا[72]” لينثني المؤلف في فصله السابع نحو تقويم حصاد التيار الجهادي في مساراته المختلفة، سواء من حيث إنجازات تلك التجارب[73] أو فشلها[74] وطريقة معالجة الأخطاء التي أدت لفشلها.

أمّا الجزء الثاني فقد خصّصه “مصطفى” لدراسة القضية المحوريّة التي ينظّر في خطته لمراجعة تجارب الجهاد وتجاوز سلبيّاتها من حيث “الدعوة والمنهج والطريقة”[75] وذلك في الفصل الثامن والتاسع من الكتاب.

ابتدأ “السوري” هذا الجزء بمقدّمة أشار فيها إلى الثابت والمتحوّل في فكر الحركات الجهاديّة، فأكّد على قضية الالتزام بما أوحي به من عند الله واستعمال الاجتهاد فيما لا مدخل للنصّ فيه كمسائل الرأي والحرب والمكيدة[76] كما أشار إلى نظريّات المقاومة مركّزًا فيها على النظريّات العمليّة التي تم تطبيقها على أرض الواقع[77]، وآلية توليد نظريّات المقاومة وتصحيحها في إطار ما يتاح من الإمكانات والشروط المحيطة بها[78]، وأبرز ملامح نظريته التي سمّاها “دعوة المقاومة” [79] من حيث كونها موجّهة ضد العدوّ الخارجيّ أساسًا، واعتمادها منهج التجديد في العمل الجهادي و”الفكر الحركي للصحوة الإسلاميّة”[80] إضافة إلى أنّها تحمل الأبعاد السياسيّة والشرعيّة في صلب رؤيتها[81]، وتعتمد على إبراز جهد المجموع الكبير للمسلمين من خلال إبراز ما يمكن للفرد من تأديته من أدوارٍ مختلفة ومهمّة داخل العمل الجهاديّ[82]، جعل “السوري” الفصل الثامن مكوّنًا من سبعة أبواب يستفيض كلٌّ منها في بيان جانب من جوانب “دعوة المقاومة الإسلاميّة العالمية” فخصّص الباب الأول لبحث نظريّة المواجهة التي ينظّر لها[83]، وقد بحث النظريّة السياسيّة للدعوة في الباب الثاني[84]، أما الباب الثالث فقد بسط فيه نظريّة “التربية”[85] من منظور دعوة المقاومة العالميّة التي تهتمّ بالبناء العقديّ والتعليم الشرعي[86]، إضافة إلى تركيزها على الاتصاف بالآداب الجهاديّة[87] والأخلاق السامية والتربية السلوكيّة[88] والالتزام بالعبادات من فروض ونوافل[89]، لينثني في بابه الرابع إلى بحث النظرية العسكريّة فيها[90] خاصة استراتيجيته التي سمّاها “الردع بالإرهاب”[91] وأهمّ أهدافها، إضافة إلى خصائص عمل “سرايا المقاومة” وأنواعها والثقافة “الإرهابيّة” الرادعة التي يجب أن يتملّكها كل فردٍ من أفرادها[92]، وكانت الأبواب اللاحقة مخصّصَة لبسط التكوين التنظيمي لسرايا المقاومة[93]، وإعدادهم البدنيّ والفكريّ والعسكريّ[94]، وطرق تمويل هذه السرايا[95]، ونظريّة التحريض الإعلاميّ وسُبُله الناجعة لإنجاح الدعوة[96]، ومن ثم ينهي “أبو مصعب” الكتاب من خلال الفصل التاسع الذي خصصه لذكر الوصايا التي ينبغي على الفرد المقاوِم الالتزام بها كتصفية نيّة الجهاد لتكون في سبيل الله، وزراعة العقيدة الجهادية، والتنبُّه لخطر التكفير بالباطل خاصّة التكفير بالتعيين، والتحذير من استهداف المحايدين إضافة إلى وجوب التحوّط في دماء المسلمين، وغير ذلك من الوصايا[97] وألحق ذلك بسرد البشائر التي تستشرف النصر للجهاد ضد أعداء الإسلام[98] وذكر فيضٍ من أحاديث الملاحم والفتن التي تجري في آخر الزمان[99]

3- رصد نظريّات المقاومة وأساليبها.

يعدُّ الجزء الثاني من “دعوة المقاومة” خلاصة “التنظير الاستراتيجي” الذي عمل عليه “السوري” طوال سنيّ حياته مدرِّبًا ومفكّرًا ومحاضرًا وناقدًا، فأفرغ فيه نظريّاته التي وضعها لتطوير التجربة الجهادية وتغيير آليّاتها وأساليبها، كما تفحّص أساليب المدارس الجهاديّة السابقة –من حيث أساليب المواجهة- فجعلها مرتّبةً كما في السياق الآتي:

أ. مدرسة التنظيمات الحركيّة[100]: كما في سوريّة والجزائر –على سبيل المثال- فقد قامت هذه التنظيمات على الفكر الجهادي والعمل الحركي وفق بناءٍ هرميّ سرّي لمواجهة الأنظمة وإسقاط الحكومات القائمة، ويرى “السوري” أن هذا النموذج من المقاومة كان محتوم الفشل من النواحي الميدانيّة والأمنية والتربويّة والدعويّة والسياسيّة[101]، فقد استطاعت برامج مكافحة الإرهاب تكفيك تلك التنظيمات أمنيًّا وهزيمتها عسكريًّا وعزلتها عن جماهيرها وشوّهت سمعتها وأدخلت عناصرها في دوّامة “الخوف” والافتقار المادّي والماليّ[102]، ثم ما لبثت أن تلاشت –كتنظيم الطليعة في سوريّة، وتنظيم الشبيبة المغربية، وتنظيم حركة الدولة الإسلاميّة في السبعينات في الجزائر، وتنظيم “الجهاد” و”الجماعة الإسلامية” في مصر[103]– وانتهى نموذجها منذ سنوات 1990[104]

ب. مدرسة المواجهات المفتوحة[105]: ويمثّل لها السوري بالمواجهات التي جرت في أفغانستان في عهد حركة طالبان والبوسنة والشيشان[106]، حيث اعتمدت هذه المواجهات “القواعد الثابتة، وحرب العصابات شبه النظاميّة”[107] وكانت النتيجة برأيه تحقيق النجاح العسكريّ “الساحق” في أرض المعارك[108]، وإعاقة العمل الأمنيّ لدى الأعداء[109]، إضافة إلى النجاح التربويّ لدى منتسبي الجهاد في المعسكرات والجبهات، والنجاح الدعويّ حيث احتشدت الأمّة خلف قضاياها وساندتها ماديًّا ومعنويًّا بالمال والسلاح والنفير والدعاء[110]، إلا أنها –برأيه- فشلت سياسيًّا في إقامة الدولة الإسلاميّة مع استثناء أفغانستان من ذلك الفشل[111].

ج. مدرسة الجهاد الفردي وإرهاب الخلايا الصغيرة[112]: حيث يعرّفها بأنها العمليات الفرديّة التي قام بها أفرادٌ أو مجموعات صغيرةٌ[113]، فتندرج تحتها العمليّات الاستشهاديّة والفدائيّة، ويمثّل لها بعدّة أمثلة كقتل سليمان خاطر لحرس الحدود الإسرائيلي، وعمليّة أحمد الدقامسة في الباقورة التي هاجم بها طالبات إسرائيليّات كنّ في مرمى نيرانه[114]، ويخلص إلى أنّ هذه العمليّات تنجح عسكريًّا لأنها تهز كيانات الأعداء، -فعلى سبيل المثال- “فإن بضع عمليات سنة 1994 دعت أكثر من 34 رئيس دولة إلى مؤتمر “شرم الشيخ” لمكافحة الإرهاب”[115] جرّاء هذه الاستراتيجية، كما أنها تنجح أمنيًّا حيثُ لا يمكن إجهاضها لقدرتها على توليد المزيد من الخلايا التي تنفذها[116]، إضافة إلى نجاحها دعويًّا لمخاطبتها وجدان الأمة وإذكاء روح المقاومة فيه، حيث يتحوّل منفّذها من فردٍ مغمورٍ إلى رمزٍ تهتف الجماهير باسمه[117]، إلا أنّها لا تستطيع النجاح تربويًّا لعدم وجود برنامج شامل يهذّبها ويمدّها بالفكر والتخطيط الاستراتيجي[118]، إضافة إلى فشلها السياسيّ حيث إن الأعمال التي تنفّذ من خلالها ما تزال متناثرة لم يجمع شتاتها برنامج يحوّلها إلى ظاهرة[119] ولا بدّ لتفعيلها ظاهرةً ذات برنامج من انتقال التيّارات الجهاديّة من نظام العمل التنظيمي إلى دعم العمل الفردي بتقوية الانتماء للأمة وغرس فكرة إمكان العمل الجهاديّ في أي مكان كانوا فيه[120].

4- الجهادُ من “التنظيم الهرميّ” إلى “اللّامركزيّة”.

أ. مبدأ الانتقال ودواعيه:

يذهب أبو مصعبٍ إلى أنّ دعوة المقاومة الإسلاميّة التي يجب العمل لها تنهض على مدرستين: “جهاد الإرهاب الفرديّ والعمــل السري للسرايا الصغيرة المفكّكة عــن بعضها كليّا، والمشاركة في جهاد الجبهات المفتوحة حيث توفّرت شروطها”[121]، إذ إنّ حروب العصابات المدنيّة والريفيّة هي الأساس لإنهاك العدوّ وإيصاله إلى حالة الانهيار والانسحاب[122] كما أنها تمهّد للنوع الثاني من أساليب المقاومة والمواجهة –أي جهاد الجبهات المفتوحة- إلّا أنّها لا تسعى للسيطرة على أرض لا تقوم للإسلام دولة بها، حيث إنّ هذه الغاية هي الهدف الاستراتيجي -بعيد المدى- لمشروع المقاومة[123]، ولتحقيق ذلك فإنّه يجب إيقاف العمل الجهاديّ من خلال التنظيمات “القُطريّة والهرميّة”[124] والانتقال إلى تنظيم حملات “جهاد الإرهاب الفرديّ[125] وسرايا المقاومة الإسلاميّة العالميّة”[126] حيث لا تملك تلك التنظيمات قدرة أمنية تتجاوز بها خطر التفكك والاعتقال، كما أنها تعجز عن استيعاب شباب الأمة الذين يريدون “أداء فريضة الجهاد والمقاومة بالمساهمة بفعلٍ ما دون الاضطرار للالتزام بتبعات الانتساب لتنظيم مركزيّ” إضافة لاتساع الجبهات وامتداد الأعداء على مساحات واسعة يستحيل فيها إنشاء تنظيمات مركزيّة[127].

ب. أسس الفكرة وساحات تطبيقها:

أوَّلاً: الأسس النظريّة:

يؤكّد “السوري” أنّ ما يقدّمه “من نظريات –إنما هي- خطوة ضمن خطوات أولى يجب أن تحصل اليوم قبل فوات الأوان في التيّار الجهادي وميدان الفكر العمليّ في الصحوة الإسلامية، وذلك كي نفتح باب التصحيح والتطوير من خلال قرارنا الاستراتيجي العقديّ بالثبات على طريق الجهاد”[128] وتنبيهه –بالرغم من ذلك- إلى أنّ آراءه ونظريّاته إنما هي من باب “الرأي والحرب والمكيدة” لاسيّما ما يختص منها بقطاع العمل التطبيقي للجهاد في عالم ما بعد سبتمبر كما يتصوّرها”[129].

عطفًا على ما تقدّم نجد أنّ الأسس التي يبني عليها “السوري” دعوته للجهاد الفردي من الناحية العمليّة تتمحور حول الآتي:

  1. نشر ثقافة المقاومة الفردية وتحويلها إلى ظاهرة استراتيجية منظمة لا تقوم على مبدأ ردّ الفعل.
  2. إصدار النشرات والمقالات والدراسات التي ترشد المقاومين إلى الساحات المناسبة للعمل الجهادي “الفردي”.
  3. العمل على نشر فكر المقاومة ومنهجها المنضبط بالأحكام الشرعية والسياسية إضافة إلى نشر نظريات عملها ليتشبّع بها الشباب العازم على الجهاد، مع مراعاة –في الآن ذاته- الأحوال السياسيّة والتخطيط الاستراتيجي ليحقّق العمل المقاوم أقصى فائدة مرجوّة منها.
  4. إرشاد المقاومين إلى أهمّ الأهداف التي يتوجّب استهدافها في عمليات المقاومة وجهاد السرايا.
  5. العمل على نشر المعارف العسكرية التي يجب على “المقاومين الفرديين” التسلّح المعرفي بها، وذلك بطريقة لا تؤدي لتسلسل اعتقال الشبكات كما يحدث في التنظيمات “الهرمية- المركزيّة”
  6. إرشاد الشباب إلى كيفية العمل المسلّح وبناء الخلايا المقاومة بطريق “نظام العمل” وليس “تنظيم العمل”.
  7. ضرورة تلاقي العمليات الفرديّة لتحقق–استراتيجيا- هدف إرباك العدوّ وإنهاكه ورفع معنويّات شباب الأمّة لينخرطوا في هذه الظاهرة[130].

ثانيًا: ساحات تطبيق الفكرة:

في دراسته للمناطق التي يمكن العمل العسكري المفتوح فيها مع أسلوب الخلايا الفردية فقد ركّز أبو مصعب على أقاليم خمسة هي: إقليم اليمن والجزيرة العربية، وأفغانستان، إضافة إلى وسط آسيا وما وراء النهر، وإقليم المغرب العربي وشمال إفريقيا، وإقليم العراق والشام[131]، حيث الشروط التي تحتاجها الحرب المفتوحة موجودة فيها، يتمثل الأوّل: بوجود الاحتلال الأجنبي على أراضيها وتمركزه في قواعد عسكرية ومقرّات خارج المدن وداخلها، أما الشرط الثاني فهو وجود المجال الجغرافي المنبسط على مساحة كبيرة من الجبال والسهول والغابات والتضاريس المعقّدة، وبتوفّر الكثافة السكّانية التي تسمح بالتجنيد وتوفير الحاضنة الجماهيريّة يتحقق الشرط الثالث، وههنا ينصّ على ما أن يتوفر في هذه الأقاليم لا يتوفر في أقاليم أخرى على شبهها بها[132]، كما أنه لا يدفع لتحقيق هذا النموذج الجهادي فورًا[133] وإنما يبحث في كيفيّة تهيئة هذه الأماكن المفتوحة إلى ساحة مقاومة تطبق نظام الخلايا المنعزلة بالتوازي مع إشعار الأعداء بأنهم أشعلوا تحتهم حربًا عالميّةً بسبب نزواتهم الشريرة من خلال انتشار أسلوب الهجمات الفردية[134]، وذلك من خلال التفجيرات والعمليات الفردية لإرباك العدو وتفكيك تماسكه بالإنهاك، ضمن تخطيط شامل يقوم على: تحديد الأهداف الاستراتيجية كالقوّات العسكرية والمصالح الاقتصادية، وتوزيع الضربات في مختلف أرجاء العالم لتشتيت قوة العدو، والتخطيط الجيد والتنفيذ الحاسم ليمنح الشباب دفعًا معنويًّا[135].

ج. أهداف “الجهاد الفرديّ”:

ينصُّ “أبو مصعب” على أن طريقة دعوة المقاومة الإسلاميّة “تعتمد إرشاد المسلم الذي يريد المساهمة والمقاومة إلى العمل حيث هو أو حيث يكون وجوده طبيعيًّا بحيث يمارس حياته العامّة ويمارس الجهاد سرّيّا بنفسه أو مع خليّة صغيرة من الموثوقين لديه”[136]، ويشير ههنا إلى أولويّات يجب العمل عليها لدى “خلايا المقاومة الفردية” ويحدّدها “أبو مصعب” بأولويتين، هما: 1. “أولوية مكانية” وذلك في المكان الذي يكون إيلام العدو أكبر وخسائره ذات أثر أعظم[137]، 2. “أولوية معنويّة” وذلك بقياس مدى تأثر المسلمين بتلك العملية من ناحية إيقاظ روح الجهاد فيهم[138]. وبناء على ذلك فإن تسلسل الساحات التي يمكن تطبيق هذه الاستراتيجية على ضوء الأولويتين آنفتي الذكر يكون كالآتي: 1. بلدان الجزيرة العربية والشام ومصر والعراق، لأنها تحتوي المقدسات والنفط، إضافة إلى زرع إسرائيل فيها، وفيها العديد من مقرات الوجود العسكري الأمريكي. 2. بلدان شمال إفريقيا العربية إضافة إلى موريتانيا، نظرًا لتركز مصالح الدول الأوروبية فيها. 3. تركيا والباكستان ووسط آسيا، حيث يرتكز أكبر مخزون للنفط في العالم، وتمتلك أمريكا فيها مصالح استراتيجية واستثمارات ضخمة وقواعد عسكرية بالغة الأهمية، إضافة إلى وجود حركات إسلامية راسخة الجذور فيها، مما يجعلها عمقًا استراتيجيا لحركات الجهاد والمقاومة. 4. باقي البلدان الإسلامية، لما تمتلكه من مصالح أمريكية فيها، إضافة على كون شبابها ظهيرًا للمقاومين. 5. المصالح الأمريكية في بلدان العالم الثالث. 6. دول أوروبّا المتحالفة مع أمريكا، 7. الولايات المتحدة الأمريكية ذاتُها[139].

يستفيض أبو مصعب بكثير من التفصيل في شرح خارطة الأهداف التي يجب ترصّدها واستهدافها في عمليات الجهاد الفردي بدءًا بمراكز التبشير والتنصير الغربية، وأشكال الوجود الغربي الأمريكي والمتحالف معه كافّةً، كالشركات النفطية والأساطيل البحرية والمعابر البرية والبحرية والموانئ والسفارات والشركات والخبراء، إضافة إلى المكاتب الأمنية وأجهزة الاستخبارات التابعة للدول المعادية، ووفود التطبيع الصهيوني الثقافية والاقتصادية، ومكاتب السياحة الغربية، وصولًا لقوات أمن الأنظمة العربيّة والإسلاميّة العميلة للغرب ومفكّريها وصحافيّيها، العمل العسكري لديه لإنزال أقصى الخسائر البشرية والمادية بالولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من المسلمين وغيرهم[140].

وينبّه إلى أنّ سلاح المواجهة مع العلماء المنافقين للسلطان “الدعاة على أبواب جهنّم” هو الدليل والحجة والبيان وليس السيف والدم، وذلك درءًا لمفاسد عظيمة، كانقلاب معسكر أتباعهم من مولاة المسلمين إلى معسكر الأعداء[141]

د. تكوين خلايا “المقاومة الفردية” ونظام عملها:

للسرايا التي يدعو إليها أبو مصعب أنواع أربعة، أولها سرايا المقاومة الشعبيّة، وتتكون من أفراد ومجموعات محدودة، وعلى الرغم من الإنجازات اليسيرة التي يمكن لهؤلاء تقديمها إلا أن مشاركتهم مهمة لأنها “تحوّل المقاومة إلى ظاهرة، بحيث لا تدع للمستعمر قرارًا في بلادنا”[142]، إضافة إلى السرايا العسكرية العامّة، وهي سرايا مسلّحة بإمكانات محدودة، ويكون أغلب أفرادها ممن تدرّبوا على السلاح الخفيف، وجلهم من بقايا التيار الجهادي، ويمكن لمساهماتهم دعم حرب العصابات التي ستشنّها المقاومة الإسلاميّة[143]، أما النوع الثالث فهي سرايا العمليّات النوعية، حيث تتميّز بإمكاناتها الأمنية العالية وحركيّتها العسكرية والمادية المتميزة، وتتشكّل بأساسها من العناصر التي تدرّبت في المجال الأمني السرّي والإرهاب المدنيّ وإدارة الخلايا في حروب العصابات وتقنيات الاتصالات واستخدام المتفجرات وتصنيعها وتكتيكات حروب العصابات[144]، وآخر أنواعها هو سرايا العمليّات الاستراتيجية وهي أشبه بوحدات العمليات الخاصة، حيث يجب أن تمتلك فهمًا عاليًّا لطبيعة الصراع ومراحله، إضافة إلى وجوب امتلاكها لإمكانات مالية وأمنية وعسكرية عالية لها ولعناصرها، مع وجوب اطلاعها ومعرفتها بتقنيات استخدام أسلحة الدمار الشامل في وقت الحاجة للمعاملة بالمثل أو لحسم الصراع الاستراتيجي، ويمكن تشكيل هذه السرايا من شرفاء الأجهزة الأمنية والعسكرية وكبار الجهاديين وشرفاء السياسيين[145].

لا يوجد شيء معقّد في سرد أبي مصعب لقضيّة تشكيل “سرايا المقاومة الفرديّة” حيث إنها نظام لا تنظيم، أي أنها “نظام عمل وليس تنظيم مركزيّ له، حيث تقوم الفكرة على أن يقع ربط كافة أطياف المقاومين –أفرادًا وخلايا وسرايا وجماعات محدودة- بثلاثة روابط هي: 1. الاسم المشترك والعهد الشخصي مع الله بالجهاد، 2. المنهج السياسي الشرعي والعقيدة المشتركة والعهد مع الله على الالتزام به، 3. رابط الهدف المشترك وهو مقاومة الغزاة وحلفائهم، والعهد مع الله على الجهاد في سبيله لدحرهم، ثم العمل على تحكيم شرعه[146]

إذًا فإنّ تأسيس الخلايا الفردية دون رابط تنظيميّ هرميّ هو رهان نظريّة أبي مصعب تحضيرًا للمواجهة المفتوحة، وذلك من خلال الآتي:

  1. نشر فكر دعوة المقاومة ومنهاجها وبرنامج عملها ونظرياتها في المناحي الثمانية: “العقيدة القتالية، النظرية السياسية، طريقة تربية المقاتلين، النظرية العسكرية، نظرية الإعلام والتحريض، نظرية الحركة التي تشمل التدريب على التمويل والتنظيم وأمن المعلومات والحركة”.
  2. توجيه الشباب إلى ضرب الأهداف المعادية
  3. إرشاد الشباب إلى إعداد كل مجموعة نفسها بنفسها في كل ما تحتاجه من خطوات لإنجاح عملها المقاوم.
  4. الاقتناع الكامل بأنه ما من رابط تنظيمي بين المنتمين لسرايا المقاومة العالمية إلا من خلال منهج الاعتقاد ونظام العمل والهدف المشترك والاسم المشترك.

ويضيف “السوري” أن كل مجموعة مكونة من فرد أو أكثر تعدّ سريّة ووحدة مستقلّة يرأسها أميرها ويدبّر شؤونها، وتتجه للعمل العسكري مباشرة ولا تتجه لأي شكل من أشكال التنظيم والدعوة والتحريض وغير ذلك من أعمال الجماعات السرية والهرمية، بل تكوّن نفسها وتختار هدفها ثم تهاجمه، ويتلو ذلك إبلاغها أي وسيلة إعلام بأنّ سريّة “…..” من سرايا المقاومة الإسلاميّة العالميّة قد نفّذت عمليّةً نوعية… إلخ[147]

وههنا يشير “السوري” إلى أن مفهوم “الخلايا العنقودية” التي تتشابك تنظيميًّا ليست مندرجة تحت هذا النوع من أساليب المواجهة، حيث إن الخليّة الفرديّة قائمة على تطوّع فردي أو ثنائي قناعة بالمشروع الجهادي والسعي لتحديد أهدافه وتنفيذها، ولهذا الأسلوب ميزة في المحافظة على المخزون البشري الجهادي، فسقوط خليّة لا يؤدي لسقوط بقيّة الخلايا بالضرورة نظرًا للقطيعة التنظيميّة بينها، وهو أسلوب ابتكره أبو مصعب السوري بعد تأملات في الخسائر التي تلقاها تنظيم الجهاد العالمي، ومنح أبو مصعب هذه السرايا أحقيّة المبادرة في العمليات الجهادية مع المحافظة على التوجّه العام لدعوة المقاومة الاِسلامية العالميّة، ولأمير السريّة أو الخليّة اِختيار الاِسم الذي يراه عنوانا لخليّته، ولا يتطلّب من المجاهد أن يكون قد قضى فترة في العبادة والتربية، فالشعار بالنسبة لهذه السرايا هو “أسلم ثمّ قاتل”، وذلك لتقديم فرضية الجهاد العينيّة على بقيّة الفروض الأخرى[148].

تبدو استراتيجية سرايا المقاومة الفردية أكثر فاعليّة بالنسبة لأبي مصعب السوري من النماذج الجهاديّة التنظيمية والحروب المفتوحة، وذلك لسهولة تشكيلها ومهامها المباشرة، فلا تحتاج السريّة إلا “قرارًا شخصيًّا بأداء الفريضة الجهاديّة، ثم تشكيل السرية من فرد أو اثنين أو ثلاثة ثم معاهدة أفراد المجموعة الله على العمل معًا، إضافة إلى السعي المستمر في فهم المنهج وتطوير التخطيط، ثم المبادرة بالتنفيذ بعد اختيار الهدف المعادي الذي يناسب الإمكانات المادية والعسكريّة”[149]، فلا بيعة مباشرة للأمير المركزي بل هي بيعة بين المجاهد والله، ولا تدريب معقّد فالعمليات الفردية تحتاج الكفاءة المحدودة للتفجير واستعمال السلاح، أمّا التمويل فيعتمد على الوسائل الذّاتيّة والغنائم، ولقد جاء نظام العمل بالخليّة هدما لتنظيم العمل بالجماعات، فلقد أثبت التنـظيم سـهولة تـعرّضه للضــربات الأمنية واختراقه وامتداد خسـائره في كل التجارب العربيّة والاِسلامية، أمّا نظام الخلايا المحدودة المعزولة فهو يتميّز بسريّة أكثر وقدرة على المبادرة في العمل الجهادي لإنهاك قوات العدو سواء الأجنبي أو المحلّي[150].

إلا أن السؤال الآن: كيف نبني السريّة؟

يبيّن أبو مصعب ذلك بالتفصيل المبسوط، فيقول: “سنطلق الفكرة وننشرها كاملة بكل وسيلة، مباشرة أو بالمراسلة، أو عبر شبكات الاتصال والإنترنت، بما يضمن سهولة الانتماء ومباشرة العمل دونما تعقيدات في مراحل التنظيم والتكوين والتربية، وتختلف المستويات بين سرية وأخرى من حيث الإعداد العسكري والمادي واللوجستي، [….] وإذا نظرنا إلى تلك الدوائر التي تتشكل منها الجماعات الجهادية المسلّحة، سنجد أنها ثلاث دوائر تنظيميّة، الأولى: السرية المركزية ومهمتها الأساسية الإرشاد والتوجيه والدعوة، والثانية دائرة التنسيق أو السرايا اللامركزية، وتتكون من العناصر التي أمكن التواصل معها وإخضاعها لدورات التأهيل الفكري والمنهجي والتربوي المتكامل، حيث يكون برنامج تلك العناصر الارتحال عن الجبهة، والانتشار في الأرض كل بحسب ظرفه وحياته، والعمل بشكل حر ومنفصل تماماً عن السرية المركزية من الناحية الحركية بحيث لا يربطها إلا الاسم والهدف والمنهج العقدي والتربوي، أما الدائرة الثالثة فهي سرايا الدعوة والتجنيد، وتتكون من فرد إلى ثلاثة أفراد، وهى المسئولة عن ضم عناصر جديدة، ولا علاقة لها بأيّ عمليات عسكرية.

يقوم العنصر النشط من بناة السرايا –الذي يجب أن يتصف بأهليته الشرعية والأمنية والثقافية- باختياره بعض معارفه من الذين يظن بهم الأهلية لقيادة سرايا، ويفاتح كلًا منهم على حدة في الموضوع بالتدرّج بعد أن يستوثق من كل واحد منهم، ويقوم بإعداده بصفة منفصلة مع معاون أو اثنين له على الأكثر، ويمدّهم خلال فترة الإعداد بالمناهج المطبوعة والمسموعة للدعوة وخاصة هذا الكتاب وسلسلة محاضراتي “الجهاد هو الحلّ، كيف ولماذا” […..] كما يجب على من يبني السرايا أن يخضع أفراد السرية لبرنامج الإعداد الفكري والأمني والعسكري لمدة لا تحتاج أكثر من شهرين إذا اتبع معهم “الإعداد المكثّف” […] وهنا لنفرض أن “باني السرايا” استطاع إعداد خمس سرايا منفصلة تمامًا لا يعرف بعضها بعضًا ولا تعلم بوجودها على الشكل الآتي:

E

D

C

B

A

ثم يُوكل كل واحدة منهم مهمة بناء سريته من عنصرين أو ثلاثة أو لوحده، ويحدد لهم تاريخًا لا يبدؤون العمل قبله، لكي يبتعد هو من ساحتهم لأنه المقتل الوحيد لهذه المجموعات، وقبيل حلول تاريخ العمليات يجب أن يكون العنصر المؤسس من بناة السرايا قد غادر إلى جهة مجهولة لهم، إما إلى جبهة مفتوحة أو إلى بلد آخر بأوراق شخصية لا يعرف أحد معلوماتها، أو الاختفاء التام، أو من خلال قيامه بعملية استشهادية بعد بنائه عدة سرايا، […..] ويمكن أن تتأسس السرية من تلقاء نفسها وتعمل على المقاومة دون أن تعمل على دعوة غيرها، بأن يقتنع رجل بالانخراط في الدعوة فيشكل سريته الصغيرة ويعمل بنفسه أو مع صديق يقنعه، ولا يسعون لتنظيم غيرهم ولا يعملون في مجال الدعوة والتحريض، بل ينصرفون للعمل المباشر، [……] وإن الدعوة العلنية وجمع التبرعات والتحريض الإعلامي تتناقض مع مبدأ سرية التنظيم، وقد أدت ممارسته إلى كوارث دموية، فمن يعمل بالدعوة والتحريض فعليه أن يترك ميدان القتال، والعكس بالعكس”[151]

وهذا النصّ على طوله يحدّد البرنامج العمليّ الذي سارت عليه الخلايا الجهاديّة في الأرجاء المختلفة، وقد اجتهد أبو مصعب لتسريب هذا التصوّر عبر مراسلاته ونشره لمحاضراته وكتبه عبر الإنترنت ليصبح مشروعه وتصوّره في متناول اليد لكل الأفراد في العالم، وقد أثبتت التحقيقات الأمنية في بعض الدول العربيّة والإسلامية جهلًا كبيرًا بهذا التفكير والتخطيط، فكان جل أعمال الأجهزة الأمنية منصبًّا على “معرفة من يقف خلف العمليّات وبروز عجزها التام في التكيّف مع تطوّر المنظومة الجهاديّة بعد قوانين “مكافحة الإرهاب”، والتحقيقات كانت تنتظر تبنّي جهة ما لأي تفجير أو عمل جهادي، والمحقّقون يجهلون أنّ مشروع أبي مصعب السوري يدعو الخلايا إلى عدم تبنّي العمليات وترك الساحة الإعلاميّة لغيرهم”[152].

الذئاب المنفردة: العمليات واستراتيجيات المواجهة
الذئاب المنفردة: العمليات واستراتيجيات المواجهة

أثر استراتيجية “المقاومة اللامركزية” في ظاهرة الذئب المنفرد.

ثمّة اتفاقٌ بين الباحثين في مجال دراسة التنظيمات ومكافحة الإرهاب على تسمية “تنظيم القاعدة” بـ ” القاعدة المركزيّة” ووصف الجماعات الأخرى المرتبطة بها على أنها أفرع عامة للقاعدة، أو أفرع محلية لها، أو جزء من شبكتها، ويبدو الفرق بين الاثنين جليًّا ففي “حين كانت القيادة المركزية للقاعدة تضمّ هيكلًا تنظيميًّا شديد البيروقراطية، يمتلك العديد من اللجان والإجراءات، فإنّ فروعها والأفراد المُلهِمين كانوا يتصرّفون -في كثيرٍ من الأحيان- باستقلالية عملياتية كبيرة، ويرتبط هذا بمفهوم “الجهاد بلا قائد”، الذي شرحه المُنظّر الجهاديّ “أبو مصعب السوري” فكأنّ تنظيم القاعدة فكرةٌ أكثرَ من كونه تنظيمًا، حيث ينطوي على مفارقة مهمّة، فهو يخضع لإشرافٍ مُحْكَمٍ في القِمّة وانتشارٍ رخو في القاعدة”[153]

إن هذه المفارقة هي جوهر ما عمل عليه أبو مصعب في مشروعه التنظيري، وقد استطاعت حملات “التفكير” والتحريض والإعلام الجهادي الذي بثّته مؤسسات القاعدة الإعلاميّة من نشر هذه الفكرة وترسيخها في الفضاء الجهاديّ سواء من خلال المجلّات أو المنتديات الافتراضية أو مواقع التواصل الاجتماعي أو قنوات “يوتيوب” أو غيرها من الوسائل.

يشير الباحث الصهيونيّ “إفراييم هراري”: إلى أنّ أبا مصعب السوري كان ممتعضًا من “تثاقل” تنظيم القاعدة حيث إنها بالرغم من الانتشار الذي يميزه إلا أنه اعتقدَ أنها ما تزال مركزيّة جدًّا؛ ولذا فإنها مكشوفة للتهديدات وغير قادرة على تنفيذ سلسلة عمليّات مؤلمة، ولذا بذل جهده ليقدّم تجديدًا يزيد من نجاعة الجهاد العالمي، وذلك يتمثّل في تحريك خلايا “الذئاب المنفردة”، حيث شرح طريقته هكذا: نحن نطالب الشباب المسلم أن يكون إرهابيًّا. لماذا نريد ذلك؟ أوّلًا لأّن التنظيمات الهرمية لا تجذب المسلمين، حيث يُمكن للسلطات اكتشافهم، ثانيًا: وجوب منح الشباب فرصة للقتال دون أن نطلب منهم الانتماء لتنظيم معيّن، ثالثًا: القدرة على مواجهة الضغط المتزايد من جانب اليهود والصليبيين والأنظمة العربية، على نحو أكثر قوّة وسرّية[154]، ويعقّب الباحث أنه من خلال الاستراتيجية المدروسة لأبي مصعب فإنه نفّذت عشرات العمليات الفرديّة من خلال هذا النمط كالعمليّات التي حدثت في بالي عام 2002، وفي الدار البيضاء عام 2003، وفي مدريد عام 2004، وفي لندن عام 2005، وفي طولوز عام 2012، وفي شارلي إيبدو وهايبر كشير في باريس عام 2015، وفي القدس عام 2015[155].

تصاعد الاهتمام بتطوير أفكار أبي مصعب إلى وقائع على أرض الميدان فانطلقت المحاولات الحثيثة من الدعايات الجهادية المتكررة لتحويل “المقاومة الفردية” ظاهرة واقعيّة، ويعدُّ سمير خان الأمريكي المنضمّ للقاعدة في اليمن ورفيقه في الجهاد أنور العولقي أبرز العقول التي عملت على ذلك في حقل الإعلام، حيث لبّى “خان” -بدهاءٍ-الطلب الهائل على المعلومات التي يسهل فهمها، والمواد المرئيّة والمسموعة الجذّابة التي يطلبها الشباب الأمريكي عن الحركات الجهادية العالميّة، مما جعلهما من أكثر الشخصيات التي أثّرت في تحويل مفهوم القاعدة لدى الشباب الأمريكي المسلم[156]، فقد نشر “خان” مدوّنات ومجلات عديدة باللغة الإنجليزية بأسماء مختلفة مثل: “أبو رصاص”، و “إن شاء الله شهيد”، وذلك كما في مدوّنته الخاصّة “ذا إغنورد بازل بيسز” أو “قطع اللغز المهملة “إضافة إلى إطلاقه مجلّة “مذكّرات الجهاد” التي نشرتها منصّة “الفرسان ميديا” التي كان يديرها، وقد حققّت له هذه المجلة اشتهارًا كبيرًا جعلته يتمكّن من تأسيس شبكة “مسلم ريفوليشن أو ثورة المسلم” واستطاع بذلك الوصول إلى مجموعات كبيرة متحفزة من الشباب الغربي المسلم لنشر فكرهِ وأجندتهِ الخاصة، عبر مدوّنتهِ ومنتداه والمجلّة التي أطلقها ومنصته “فرسان ميديا” التي أسسها.

ولعل أبرز المجلات التي أدارها “خان” مع أنور العولقيّ هي مجلّة “إنسباير” أو “الإلهام” التي صدرت في أحد عشر عددًا بالعربية والإنجليزية، حيث تمتلك العديد من الخصائص الملفتة للنظر في كثير من أعدادها كتخصيصها مساحة واسعة لشرح رؤية أبي مصعب في الخلايا الفردية إضافة إلى نقل أجزاء مطوّلة من كتابه دعوة المقاومة في تغيير استراتيجية العمل من التنظيم الهرمي إلى العمل المنظم[157]، إضافة إلى تغييرها الاستراتيجيات التنظيمية والفكرية لعمليات المقاومة الفردية.

 المتطرفون في أميركا: جهاد الإنترنيت

المتطرفون في أميركا: جهاد الإنترنيت

ويكاد يجمع الباحثون -في شؤون تنظيم القاعدة- على أنّ أخطر محتوى أصدره التنظيم هو هذه المجلة، حيث يشرف عليها فرع التنظيم في اليمن، كما أنه يعمد لإتاحة تحميلها في كافة المنتديات الإسلامية.

تتميّز هذه المجلّة بأنها عملت على التغيير الجذري في الفكر العمليّاتي للجماعات الجهادية، حيث نقلت أفكار أبي مصعب من المجال التنظيري إلى الواقع العملي سواء من حيث مستوى الأهداف وطريقة التحضير للتنفيذ والاتفاق مع الأصدقاء لتشكيل سرايا “ذئاب منفردة”، وقد ذكرت بعض المصادر الإعلامية أن أجهزة المخابرات الأمريكية تستنفر عناصرها لاحتواء المجلة ومنع انتشارها على أو سع نطاق وتعطيل روابطها والمواقع التي ترفع عليها، وقد عمدت لاستهداف محرريها أنور العولقي وسمير خان اللذين قضيا في قصف لطائرة أمريكية بدون طيار، غير أن المجلة عاودت الصدور من جديد.

تقدّم المجلة في سياق دعمها للخلايا الفردية الافتراضية مواضيع توضح كيفية صنع مواد متفجرة بأدوات منزلية عادية لا تثير الشكوك عند اقتنائها، وتقدّمها تحت عناوين مثيرة وملفتة للنظر، مثل: “كيف تصنع قنبلة في مطبخ أمك” و”أنت حر في إشعال قنبلة حارقة” وغيرها من العناوين التي تندرج تحت عنوان ثابت في أعداد المجلة وهو: “المصدر المفتوح للجهاد” الذي يسرد الطرق الممكنة لـ “إرهاب” أعداء الإسلام.

ونظرًا لسهولة هذه التقنية –أي الانتقال من التنظيم إلى العمل الفردي المنظّم- يعلّق إفراييم هراري: “آلاف المسلمين هاجروا من أوروبا للانضمام إلى داعش؛ لهذا علينا الافتراض أنّ آلافًا آخرين فيها مستعدون للعمل حسب نموذج أبي مصعب السوري”[158]

خاتمة

  1. حاولت هذه الدراسة تسليطَ الضوء على “أبي مصعب السوري” أحد أهمّ منظّري التيّار الجهادي في العالم الإسلاميّ، إضافة إلى سرد موجز عن سيرته الشخصيّة ورصد نتاجه الفكريّ وتحليل نظريّاته في دعم “الجهاد” وتطويره في كتابه “دعوة المقاومة الإسلاميّة العالميّة” عبر إنشاء نموذج “هجين” من أساليب المقاومة والتنظيم الهيكلي إلى أساليب جديدة وتنظيمات أقل هرميّة.
  2. اشتهر “مصطفى ست مريم المزيّك” بكنية “أبي مصعب السوري”، إضافة إلى أسماء أخرى عُرف بها، وقد التحق في مقتبل عمره بالطليعة المقاتلة في سورية مدة قصيرة، وانتقل إثر ذلك إلى دول متعددة كأفغانستان وفرنسا وإسبانيا –التي نال جنسيتها- وبريطانيا حيث أسّس فيها مركزًا متخصصا في دراسة شؤون الجهاد والصراع العالمي بين الإسلام والغرب تمتّع فيها بعلاقات كبيرة مع مختلف تيارات الجهاديين الذين التقوا فيها، وقد بايع الملا عمر بإمارة المؤمنين إثر عودته إلى أفغانستان عام 1997 واستقرّ فيها مدرّبًا في “أكاديميّته” العسكرية “معسكر “غرباء” بدعم كامل من طالبان وتنظيم القاعدة الذي كان يمدّه بالمتدرّبين.
  3. نظرًا لتمكّن أبي مصعب من علم الهندسة العسكرية وهندسة المتفجرات خصوصًا، إضافة لدراسته لاستراتيجيات حرب العصابات ومقوماتها عن كثب، وتلقّيه خبرات فكرية وعسكرية كبيرة من الدورات التي خضع لها والشخصيات التي رافقها وتتلمذ على يديها، فقد اختار أن يكون منظّرًا “استراتيجيا” لنمط جهاديّ مقاوِمٍ يمكن تحقيق الردع من خلاله، وهو ما سمّا بردع الإرهاب، حيث لا يمكن له التأثّر بالاعتقال إضافة على عدم حاجته لتنظيم يشرف عليه ويتكفّله، فكان جهده منصبًّا على دراسة التجارب الجهادية في شتّى الأقاليم الإسلامية وبيان أنواعها وأسباب فشلها، وتركيزه على طرق تجاوز فشل تلك التجارب على نحو دائم واستراتيجي في مختلف الأصعدة، ومن ثم أنتج أطروحته “المتكاملة” عن “سرايا المقاومة الإسلامية العالمية” التي تعتمد أسلوب “الجهاد الفردي” المنظم لا الانضمام التنظيمي لشبكة هرمية أو عنقودية.
  4. أفاض السوري في سرد خبراته ورؤاه الفكرية والعسكرية في كتابه “دعوة المقاومة الإسلامية العالمية” على مساحة 1600 صفحة إضافة لكتب وبيانات ومقالات كثيرة أخرى، فخلص إلى إصدار هذه الموسوعة عامَ 2004 إثر سنوات من التدريب والكتابة والتنظير والمتابعة الحثيثة لأفكار الغرب وطرقه في مكافحة “الإرهاب”، لتصبح إثر ذلك المرجع الأضخم لدى الجهاديين والتنظيمات العسكرية “المتطرفة” الذي يكشف عن تطوّر أفكارها وأساليبها، كما أنها باتت أشبه بالدستور الذي يؤمن “الجهاديّ” به ويسعى جاهدًا لتطبيق ما فيه ليكون فاعلاً حقيقيًّا في الدور الذي يؤدّيه بمختلف الأشكال والأهداف والأساليب.
  5. استحوذت فكرة “الجهاد الفردي” والتنظير لها معظم صفحات الجزء الثاني من كتاب أبي مصعب، حيث يدور محورها على كون “الإرهاب الفرديّ” والعمــل السرّي للسرايا الصغيرة المفكّكة عــن بعضها كليًّا أجدَى من العمل الجهاديّ باسم التنظيمات “القُطريّة والهرميّة” وأنجع، حيث يؤكّد أن نظام العمل بالخليّة ما هو إلّا هدمٌ لتنظيم العمل عبر الجماعات حيث يتميّز بسريّة أكثر وقدرة على المبادرة في العمل الجهادي لإنهاك قوات العدو سواء الأجنبي أو المحلّي، وقد اجتهد “السوري” لتسريب هذا التصوّر من خلال مراسلاته ونشره لمحاضراته وكتبه عبر الإنترنت ومحاضراته ليصبح مشروعه وتصوّره في متناول اليد لكل الأفراد مع تأكيده المستمرّ على ضرورة الدعوة لنشر ثقافة المقاومة الفردية وتحويلها إلى ظاهرة استراتيجية منظمة بشتى الوسائل كإصدار النشرات والمقالات والدراسات الاستراتيجية والتوجيهات التكتيكيّة التي ترشد المقاومين إلى الساحات المناسبة للعمل الجهادي “الفردي”.
  6. نلاحظ -في إطار وصف أبي مصعب لهذه الاستراتيجية- تركيزه على أقاليم خمسة هي: إقليم اليمن والجزيرة العربية، وأفغانستان، إضافة إلى وسط آسيا وما وراء النهر، وإقليم المغرب العربي وشمال إفريقيا، وإقليم العراق والشام، وذلك لتمركز الثقل الإسلاميّ فيها، وامتلاكها المجال الجغرافي الحيوي الذي يهدد المصالح الأمريكية، وتوفّر القواعد البشرية التي تسمح بالتجنيد وتوفير الحاضنة الجماهيريّة، كما يستفيض في ذكر أهم الأهداف التي يجب ترصّدها واِستهدافها في عمليات الجهاد الفردي.
  7. تصاعد الاهتمام الجهادي بتطوير أفكار أبي مصعب إلى وقائع على أرض الميدان فانطلقت المحاولات الحثيثة من الدعايات الجهادية المتكررة لتحويل “المقاومة الفردية” ظاهرة واقعيّة، حيث يعدُّ سمير خان ورفيقه أنور العولقي أبرز العقول التي عملت على ذلك، فكانت مجلة “إنسباير- الإلهام” الصادرة بالعربية والإنكليزية المحفّز الأكبر لتحقيق نظرية السوري، حيث امتلكت هذه المجلة –إضافة لمجلات أخرى- العديد من الخصائص الملفتة للنظر في كثير من أعدادها كتخصيصها مساحة واسعة لشرح رؤية أبي مصعب في الخلايا الفردية، حيث نقلت أفكار أبي مصعب من المجال التنظيري إلى الواقع العملي سواء من حيث مستوى الأهداف وطريقة التحضير للتنفيذ والاتفاق مع الأصدقاء لتشكيل سرايا “ذئاب منفردة”، فقدّمت المجلةالعديد من المواضيع التي توضح كيفية صنع مواد متفجرة بأدوات منزلية لا تثير الشكوك عند اقتنائها، إضافة إلى شرحها بخطوات عملية وتفصيلية للأفكار التي يمكن أن تتحول إلى عمليات في أماكن مختلفة [159].

الهامش

[1] ينظر: دعوة المقاومة الإسلامية العالميّة، عمر عبد الحكيم “مصطفى ست مريم الرفاعي” المعروف بأبي مصعب السوري، ط 2004، ص 668.

[2] ينظر: دعوة المقاومة الإسلامية العالميّة، ص9.

[3] اعتمدتُ في ترجمة أبي مصعب في الدرجة الأولى على مقابلته مع جريدة الرأي العام الكويتية عام 1999، وتتوفر عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2lXentv، إضافة إلى المصادر المتعددة على شبكة الإنترنت، مثل ترجمته على موقع الدرر الدعوية، https://bit.ly/2lDnKyr، وترجمته على موقع منبر التوحيد والجهاد: https://bit.ly/2DDDEMz، وترجمته على منتدى صوت الجهاد https://bit.ly/2lAqNaM وترجمته على موقع شبكة فلسطين للحوار: https://bit.ly/2k7T87Y إضافة إلى موقع المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب https://bit.ly/2m2wlLo، ومقال: أبو مصعب السوري الجنرال الفيلسوف، https://bit.ly/2lzzhir،

[4] ينفي المراقب العام الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين السورية عدنان سعد الدين أن يكون الشيخ مروان حديد (ت 1976م) مؤسس تنظيم الطليعة المقاتلة حيث أكّد في شهادته لبرنامج “شاهد على العصر” الذي بثتّه قناة الجزيرة عام 2012 على أن مروان لم يؤسس الطليعة المقاتلة ولم يتحدث باسمها البتة.

ينظر الروابط الآتية:

  1. شاهد على العصر، عدنان سعد الدين، الحلقة الثالثة: https://bit.ly/2kjx6PM
  2. 2. شاهد على العصر، عدنان سعد الدين، الحلقة الرابعة: https://bit.ly/2m0ZbvD حيث يؤكّد أن الشيخ مروان حديد لم يؤسس الطليعة المقاتلة ولم يتحدّث باسمها، الدقيقة (32) كما يؤكد في الحلقة الخامسة من البرنامج نفسه أن اسم الطليعة المقاتلة كان من اخترع “عدنان عقلة” وإطلاقه، ينظَر شاهد على العصر، عدنان سعد الدين، الحلقة 5، https://bit.ly/2lDQ0km، الدقية (6 في الثانية 39) إلا أن مذكرات قائد تنظيم الطليعة في دمشق أيمن شربجي “موفّق عيّاش” تنفي هذا النفي، حيث يؤكّد على لقاءات متعددة بينه وبين الشيخ مروان حديد أظهر له فيها الشيخ رؤيته للصدام مع النظام، وانطلاقهم لتجميع الشباب في معسكرات وخلايا استعدادًا للحظة الصدام، ينظر الروابط الآتية: https://bit.ly/2lzVEEe، https://bit.ly/2kvBCKR.

[5] ينظر: التسجيل الأول من مقابلته مع جريدة الرأي العام الكويتية، https://bit.ly/2lXentv

[6] ينظر دعوة المقاومة الإسلامية، ص9.

[7] محمد بهايا، المعروف بأبي عمير الشامي وأبي خالد السوري سابقًا، رافق أسامة بن لادن لسنوات، وقد سلمته الولايات المتحدة للنظام السوري عام 2006 ليبقى في سجن صيدنايا حتى الإفراج عنه عام 2011، توفي في تفجير انتحاري نفذه ثلاثة انغماسين ينتسبون لتنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” عام 2014. ينظر الرابط الآتي: https://bit.ly/2km1SaN

[8] ينظر دعوة المقاومة الإسلامية، ص10.

[9] ينظر خلاصة هذه التجربة في كتابه: مختصر شهادتي على الجهاد في الجزائر، ص68- 75.

[10] ينظر الرابط الآتي: https://bit.ly/2kL9ELc

[11] ينظر: أبو خالد السوري من الطليعة إلى أحرار الشام، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2km1SaN

[12] ينظر الرابط الآتي: https://bbc.in/2mfFPTE

[13] في هذه الجزئية ينظر الروابط الآتية: https://bit.ly/2km0q8i، أبو مصعب السوري، الجنرال الفيلسوف: https://bit.ly/2lzzhir، ومقال “أبو مصعب الإسباني” https://bit.ly/2kx71N8 ومقال جابر بكر عنه في موقع صحيفة العرب، https://bit.ly/2km1klc

[14] ينظر الرابط الآتي: https://bit.ly/2km0q8i

[15] سمع الباحث من عدة مصادر عسكرية في الفصائل المسلّحة في سورية “كانت في صيدنايا” صحة هذه المعلومة، إلا أنه لا واقع ملموس يثبتها بعد، ينظر أيضًا: مقال “أبو مصعب الإسباني” https://bit.ly/2kx71N8

[16] ينظر الرابط الآتي: https://bit.ly/2kzw0zy

[17] ينظر مقابلته مع جريدة الرأي العام الكويتية.

[18] ينظر كلمة د. أيمن الظواهري “المفرّغة” في رثاء أبي خالد السوري عبر الرابط الآتي: https://justpaste.it/ez4o

[19] ينظر إبراهيم درويش، عرضه لكتاب الإرهاب الإسلامي لأوروبا، للباحث النرويجي بيتر نيسر، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2m9I3DR

[20] اطّلع الباحث في عام 2013 على برنامج دورة أمنية أقامتها فصائل مختلفة كلواء التوحيد وأحرار الشام وجبهة النصرة في مدرسة المشاة شمالي حلب، وكان فيها ما ورد في هذه الإفادة

[21] نقلاً عن مقال منظّر الإرهاب أبو مصعب السوري، ينظر الرابط الآتي: https://bit.ly/2kjPmbL

[22] ينظر كيف أسهمت إيران في ولادة تنظيم القاعدة على نمط حزب الله، عبر الرابط الاتي: https://bit.ly/2mgYfDu

[23] لمزيد من المعلومات عنه ينظر الرابط الاتي: https://bit.ly/2kGRaeO

[24] لمزيد من المعلومات عنه ينظر الرابط الاتي: https://bit.ly/2m9tEaN

[25] لمزيد من المعلومات عنه ينظر الرابط الاتي: https://bit.ly/2kw3Khd، والرابط الآتي: https://bit.ly/2km1SaN

[26] لمزيد من المعلومات عنه ينظر الرابط الاتي: https://bit.ly/2kgmO2O، والرابط الآتي: http://o-t.tv/6fT

[27] سيأتي الحديث عنها في المبحث الأخير من الدراسة

[28] ينظر أحمد أبا زيد، ماذا أراد الجولاني؟، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2kzJDP4

[29] ينظر دعوة المقاومة الإسلامية، ص1373- 1374.

[30] ينظر تقرير أبو محمد الجولاني من رحم “داعش” إلى استنساخ “حزب الله”، عبيدة عامر، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2BWhXIS

[31] ينظر: ماذا أراد الجولاني، https://bit.ly/2kzJDP4

[32] دعوة المقاومة الإسلامية العالمية، ص6.

[33] ينظر الدروس المرئية لأبي مصعب السوري، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2kyjEaJ

[34] ينظر دعوة المقاومة الإسلامية العالميّة، ص: 668، ويقارن بالدروس المرئية لأبي مصعب السوري، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2kyjEaJ، ويقارن بدراسة Jarret M. Brachman William F. McCants “سرقة قواعد لعبة تنظيم قاعدة الجهاد”، مركز ويست بوينت لمكافحة الإرهاب، ترجمة موقع الإسلاميون، منشورة عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2koLS7U

[35] ينظر دروس أبو مصعب السوري، الجزء الأول.

[36] ينظر على سبيل المثال تعليق الأكاديمي الفرنسي جيل كيبل حول أهمية أبو مصعب السوري في ظهور الجهاد العنقودي لاستهداف أوروبا، على الرابط الآتي: https://bit.ly/2koMo5Q

[37] ينظر دعوة المقاومة الإسلاميّة العالميّة، ص: 91.

[38] ينظر المصدر السابق، ص: 91- 100.

[39] ينظر المصدر السابق، ص: 101- 110.

[40] ينظر المصدر السابق، ص: 110- 119.

[41] ينظر المصدر السابق، ص: 119- 135.

[42] ينظر المصدر السابق، ص: 121.

[43] ينظر المصدر السابق، ص: 120.

[44] ينظر المصدر السابق، ص: 124.

[45] ينظر المصدر السابق، ص: 136- 190.

[46] ينظر المصدر السابق، ص: 190- 196.

[47] ينظر المصدر السابق، ص: 197- 531

[48] ينظر المصدر السابق، ص: 199- 205.

[49] ينظر المصدر السابق، ص: 207- 217.

[50] ينظر المصدر السابق، ص: 223.

[51] ينظر المصدر السابق، ص: 223- 442.

[52] ينظر المصدر السابق، ص: 444- 506.

[53] ينظر المصدر السابق، ص: 512- 514.

[54] ينظر المصدر السابق، ص: 507- 511.

[55] ينظر المصدر السابق، ص: 524- 528.

[56] ينظر المصدر السابق، ص: 525- 528.

[57] ينظر المصدر السابق، ص: 537- 541.

[58] ينظر المصدر السابق، ص: 542- 548.

[59] ينظر المصدر السابق، ص: 576- 609.

[60] ينظر المصدر السابق، ص: 616- 623.

[61] ينظر المصدر السابق، ص: 628- 635

[62] ينظر المصدر السابق، ص:635- 651.

[63] ينظر المصدر السابق، ص:656- 659.

[64] ينظر المصدر السابق، ص: 659- 665.

[65] ينظر المصدر السابق، ص: 665- 671.

[66] ينظر المصدر السابق، ص: 700- 715.

[67] ينظر المصدر السابق، ص: 741- 744.

[68] ينظر المصدر السابق، ص: 736.

[69] ينظر المصدر السابق، ص: 744.

[70] ينظر المصدر السابق، ص:773- 780.

[71] ينظر المصدر السابق، ص:783- 785.

[72] ينظر المصدر السابق، ص: 791- 792.

[73] ينظر المصدر السابق، ص:836- 838.

[74] ينظر المصدر السابق، ص:827- 835.

[75] ينظر المصدر السابق، ص: 865.

[76] ينظر المصدر السابق، ص:874- 876.

[77] ينظر المصدر السابق، ص:877- 878.

[78] ينظر المصدر السابق، ص:879- 880

[79] ينظر المصدر السابق، ص: 881- 885.

[80] ينظر المصدر السابق، ص:881.

[81] ينظر المصدر السابق، ص:883.

[82] ينظر المصدر السابق نفسه.

[83] ينظر المصدر السابق، ص: 886- 1077.

[84] ينظر المصدر السابق، ص:1078- 1123.

[85] ينظر المصدر السابق، ص:1124- 1405

[86] ينظر المصدر السابق، ص:1129- 1133.

[87] ينظر المصدر السابق، ص:1174- 1182

[88] ينظر المصدر السابق، ص:1207- 1268

[89] ينظر المصدر السابق، ص:1182- 1206

[90] ينظر المصدر السابق، ص:1355- 1404

[91] ينظر المصدر السابق، ص: 1391- 1394.

[92] ينظر المصدر السابق، ص:1395- 1403.

[93] ينظر الباب الخامس من المصدر السابق، ص: 1405- 1413.

[94] ينظر الباب السادس من المصدر السابق، ص:1414- 1427.

[95] ينظر الباب السابع من المصدر السابق، ص:1429- 1435.

[96] ينظر الباب الثامن من المصدر السابق، ص:1437- 1500.

[97] ينظر المصدر السابق، ص:1501.

[98] ينظر المصدر السابق، ص: 1502- 1516

[99] ينظر المصدر السابق، ص:1517- 1599.

[100] ينظر المصدر السابق، ص: 1356.

[101] ينظر المصدر السابق نفسه.

[102] ينظر المصدر السابق، ص: 1357.

[103] ينظر المصدر السابق، ص: 1358.

[104] ينظر المصدر السابق، ص: 1357.

[105] ينظر المصدر السابق، ص: 1361.

[106] ينظر المصدر السابق، ص: 1370- 1371.

[107] ينظر المصدر السابق نفسه.

[108] ينظر المصدر السابق، ص:1361- 1362.

[109] ينظر المصدر السابق، ص: 1362.

[110] ينظر المصدر السابق نفسه.

[111] ينظر المصدر السابق، ص: 1357.

[112] ينظر المصدر السابق، ص: 1363.

[113] ينظر المصدر السابق، ص: 1357.

[114] ينظر المصدر السابق، ص: 1364.

[115] ينظر المصدر السابق نفسه.

[116] ينظر المصدر السابق، ص: 1365.

[117] ينظر المصدر السابق نفسه.

[118] ينظر المصدر السابق نفسه.

[119] ينظر المصدر السابق، ص: 1356- 1357، وينظر ص: 1365.

[120] ينظر المصدر السابق، ص: 1366- 1367.

[121] المصدر السابق، ص: 1367.

[122] ينظر المصدر السابق نفسه.

[123] ينظر المصدر السابق نفسه.

[124] ينظر المصدر السابق، ص: 1378.

[125] يرى أبو مصعب أن كلمة الإرهاب ذات معنى محض محايد، لا ينسب إليه مدلول سيّئ إلا تبعًا للأسباب والنتائج المرتبطة به، فالإرهابي إما ظالم معتدٍ أو عادل مدافع عن نفسه أو عن المظلومين، ويستند في ذلك على قوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ [الأنفال: 60]، ويضع لذلك شعار “إرهاب الأعداء فريضة دينيّة واغتيال رؤوسهم سنّة نبويّة” نظرًا لأن هذا الإرهاب محمود بهدفه ومبادئه، ينظر المصدر السابق، ص: 1374- 1376.

[126] ينظر المصدر السابق، ص: 1374.

[127] ينظر المصدر السابق، ص: 1378- 1379.

[128] ينظر المصدر السابق، ص:876.

[129] ينظر المصدر السابق نفسه.

[130] ينظر المصدر السابق، ص:1379.

[131] ينظر المصدر السابق، ص: 1372- 1373.

[132] ينظر المصدر السابق، ص: 1373.

[133] ينظر المصدر السابق، ص: 1370.

[134] ينظر المصدر السابق، ص:1384.

[135] ينظر المصدر السابق، ص: 1373- 1384.

[136] ينظر المصدر السابق نفسه.

[137] ينظر المصدر السابق، ص: 1380

[138] ينظر المصدر السابق، ص: 1380.

[139] ينظر المصدر السابق نفسه.

[140] ينظر المصدر السابق، ص: 1381- 1388.

[141] ينظر المصدر السابق، ص: 1388.

[142] ينظر المصدر السابق، ص: 1399.

[143] ينظر المصدر السابق، ص: 1399.

[144] ينظر المصدر السابق، ص: 1400.

[145] ينظر المصدر السابق نفسه.

[146] ينظر المصدر السابق، ص: 1395.

[147] ينظر المصدر السابق، ص: 1395- 1396.

[148] ينظر المصدر السابق، ص: 1396- 1398.

[149] ينظر المصدر السابق، ص: 1404.

[150] ينظر المصدر السابق، ص: 1405- 1406.

[151] المصدر السابق، بتصرف طفيف لتصحيح اللغة والسياق، ص: 1410- 1414.

[152] ينظر مستقبل المشروع الجهادي، رؤية من الداخل، عبيد الخليفي، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2ZwwvwF

[153] ينظر: ما بعد الخلافة، تنظيم الدولة الإسلامية، ومستقبل الشتات الإرهابي، قراءة في كتاب كولن كلارك، عرض: ماتيو بوغلاس، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2JYTpTu

[154] ينظر الذئب المنفرد باسم الإسلام، إفراييم هراري، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2m2STM2

[155] ينظر السابق نفسُه.

[156] ينظر “المتطرفون في أمريكا: جهادُ الإنترنت”، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2kboeeV

[157] ينظر مجلة إنسباير، العدد الأول، 45- 53، وينظر العدد الثاني: 17- 21، العدد الرابع: 31- 35، العدد الخامس: 32، السادس: 15.

[158] ينظر الذئب المنفرد باسم الإسلام، إفراييم هراري، بتصرف.

[159] الآراء الواردة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن المعهد المصري للدراسات.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close