fbpx
اقتصاد

اقتصاد مصر2017: الديون والتضخم

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

تمهيد:

يشكل عجز الموازنة العامة للدولة وما يفرضه من قروض داخليو خارجية هاجسا لدي الكثير من الباحثين، فضلا عن كونه مؤشرا لقياس نجاح الحكومة في خطتها الاقتصادية ويمكن تناول عجز الموازنة المصرية والديون من خلال النقاط التالية:

أولا: الموازنة العامة للدولة خلال العام الماضي:

1-أوضاع عجز الموازنة ومحاولات خفضه:

تضمن مشروع قانون الحساب الختامي لموازنة 2016-2017 اعتماد إضافي للمصروفات بأكثر من 100 مليار جنيه لتساوي نحو 5.65 مليارات دولار بعد تحرير سعر الصرف، كانت الحكومة تستهدف وصول المصروفات إلى نحو 994.906 مليار، وقد بررت الحكومة طلب الاعتماد الاضافي لتغطية زيادة المصروفات الناتجة عن ارتفاع تكلفة دعم المواد البترولية وشراء القمح ومصروفات الفوائد بالموازنة.

  • حيث قفزت تكلفة دعم المواد البترولية إلى نحو 120 مليار جنيه في 2016/2017، مقارنة بحوالي 51 مليار جنيه في 2015/2016.
  • وفي خطتها لتقليل العجز توقعت الحكومة، في منشور إعداد موازنة 2018 – 2019، أن ترتفع نسبة حصيلة الضرائب إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال عام الموازنة، من 14.2 في المائة إلى 14.5 في المائة، على أن تصل في 2019 – 2020 إلى 15 في المائة.
  • أقرت الحكومة المصرية قانون القيمة المضافة، في خطتها للاعتماد على ضرائب الاستهلاك في زيادة مواردها، بعد أن خففت من أعباء ضريبة الدخل على المستثمرين في عام 2015. وبمقتضى قانون ضريبة القيمة المضافة، ارتفع السعر العام للضريبة من 10 % إلى 14 %، وذلك بعد عام تقريباً من تخفيض الحد الأقصى لضريبة الدخل على الأفراد والشركات إلى 22.5 %، من مستواه السابق عند 25%.
  • في سياق مساعيها لكبح عجز الموازنة، قالت الحكومة في منشور إعداد موازنة 2018 – 2019 إنها تستهدف تخفيض العجز في هذا العام إلى 8.5 % من الناتج الإجمالي، مقابل 9.5 % للعام الحالي، على أن يتراجع أكثر من ذلك في 2019 – 2020، إلى 7.5 %.
  • تحاول الحكومة كذلك زيادة إيراداتها الضريبية، عبر التركيز على الإصلاح الإداري والمؤسسي بمنظومة الضرائب، لرفع كفاءة التحصيل ومكافحة التهرب والتجنب الضريبي، دونما ذكر للتوسع الإنتاجي وتأثيره الإيجابي على الحصيلة.
  • كما ستعمل على الإلغاء التدريجي «للإعفاءات غير المبررة، وزيادة درجة الارتباط بين نمو النشاط الاقتصادي والإيرادات الضريبية».
  • وتستهدف الحكومة أن ترفع معدلات النمو في العام المالي 2018 – 2019 إلى 5.5 في المائة، وذلك بالتزامن مع استهداف خفض التضخم في ذلك العام إلى 10 في المائة.
  • إجمالي الإيرادات الضريبية التي حصلتها الدولة في 10 أشهر خلال الفترة من يوليو 2016- مايو 2017، بلغت 358 مليار جنيه، بارتفاع 89.4 مليار جنيه عن القيمة التي تم تحصيلها خلال ذات الفترة من العام السابق، والتي بلغت 268.6 مليار جنيه.
  • أكثر أنواع الضرائب التي ساهمت بنسبة كبيرة في إجمالي الإيرادات الضريبية المحصلة خلال الفترة المشار إليها من العام الجاري، كانت للضرائب على السلع والخدمات، حيث تم تحصيل ضرائب تحت هذا البند 170.3 مليار جنيه، تلاها الضرائب على الدخول والأرباح والمكاسب الرأسمالية، حيث تم تحصيل 122.5 مليار جنيه ضرائب من هذا النوع.
  • قيمة الضرائب المحصلة على التجارة الدولية، بلغت 23.9 مليار جنيه من إجمالي الإيرادات الضريبية للدولة خلال الفترة من يوليو 2016- مايو 2017، فيما بلغت قيمة الضرائب المحصلة على الممتلكات 26.7 مليار جنيه من إجمالي الإيرادات، وتحت بند “ضرائب أخرى” تم تحصيل مبالغ بقيمة 14.6 مليار جنيه من جملة الإيرادات الضريبية المحصلة في الفترة من يوليو- مايو 2016-2017.

2- الدعم وعجز الموازنة العامة

يظل الدعم أحد أهم مبررات عجز الموازنة، والمبرر الحكومي لزيادة الضرائب والرسوم، وتستشهد الحكومة دائما بالرقم الإجمالي للدعم لتمرير قراراتها، ولكن بعض تفاصيل الدعم قد تشير إلى أزمة التخصيص الداخلي لبنوده، وذلك كما يلي:

  • في موازنة العام المالي الحالي بلغت مخصصات الدعم 333 مليار جنيه، بما يشكل 22% من الاستخدامات بالموازنة ويحتل المرتبة الثانية بعد فوائد الديون في أبواب الإنفاق الحكومي.
  • بلغ الدعم الغذائي 85 مليار جنيه، بما يمثل نسبة 25 % فقط من مخصصات الدعم، وذلك يعني أن النسبة الأكبر من الدعم تتجه لغير الغذاء (منتجات البترول والكهرباء والصادرات والسكك الحديدية والنقل العام والتاكسي الأبيض وغيرها).
  • ينقسم الدعم الغذائي ما بين، دعم رغيف الخبز، وصرف ما يسمى بنقاط الخبز التي تمثل بدل نقدي لمن لا يصرفون حصصهم الشهرية من الخبز المدعم، ودعم سلع البطاقات التموينية التي يحصل عليه حوالي 69 مليون فرد، والذى زادت حصة كل فرد فيها لخمسين جنيها شهريا حتى أربعة افراد للأسرة وفوق ذلك بواقع 25 جنيها.
  • يتكلف دعم البطاقات التموينية حوالى 33 مليار جنيه ، ومؤخراً أصدرت  الحكومة شروطا مجحفة للاستحقاق، تتمثل في ألا يزيد دخل الحرفيين الشهري عن 800 جنيه ، وأصحاب المعاشات عن 1200 جنيها والموظفين عن 1500 جنيها ، وهى مبالغ ضئيلة لا تفى بالاحتياجات الأساسية، كما تجهز لقواعد جديدة لاستحقاق البطاقات التموينية لتقليص عدد حامليها ، استجابة لمطلب صندوق النقد الدولي بتقليص الدعم ، رغم الدور الهام الذى تلعبه بطاقات التموين ، بمواجهة الفقر المادي والغذائي والتقليل من معدلات سوء التغذية المرتفعة.
  • صندوق تطوير الطيران حصل على 838 مليون جنيه من الدعم، وديوان عام وزارة الخارجية 5ر277 مليون ومصلحة الضرائب 191 مليون جنيه.
  • تتضمن قائمة الدعم كذلك 296 مليون جنيه للمحاكم موزعة ما بين: 225 مليون للديوان العام لوزارة العدل، و5ر18 مليون للمحكمة الدستورية العليا و2 مليون لمجلس الدولة ومثلها لهيئة النيابة الإدارية.
  • حصلت الخدمات الثقافية على 103 مليون جنيه موزعة ما بين: 28 مليون لدار الأوبرا، و13 مليون لهيئة قصور الثقافة و11 مليون لصندوق التنمية الثقافية، و9 مليون للبيت الفني للمسرح و7 مليون للمجلس الأعلى للثقافة، و4 مليون للبيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية.
  • حصلت الهيئة الوطنية للصحافة على 323 مليون، بخلاف 9 مليون للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
  • مخصصات وزارة المالية 479 مليون جنيه، وزعت كما يلي: 102 مليون للديوان العام للوزارة و144 مليون لمصلحة الجمارك، و123 مليون لمصلحة الضرائب العقارية و110 مليون لمصلحة ضريبة القيمة المضافة.
  • الإسكان والمرافق بنحو 195 مليون والتعليم 250 مليون، والشرطة 596 مليون والخدمات الدينية 1 مليار جنيه، والصحة 4.2 مليار جنيه والشؤن الاقتصادية 7ر2 مليار جنيه معظمها للمصدرين.
  •  من المفارقات الغريبة أن:
  •  صندوق مباني وزارة الخارجية بالخارج يحصل على 45 مليون جنيه، نجد مرفق الإسعاف لا يحصل سوى على 4ر1 مليون جنيه.
  • تحصل هيئة الخدمات الحكومية على 8 مليون، بينما صندوق تطوير المناطق العشوائية يحصل على 395 ألف جنيه أي أقل من نصف المليون،
  • تحصل دواوين عموم المحافظات على 140 مليون، بينما كان نصيب المجلس القومي للإعاقة 300 ألف جنيه فقط.
  • حصلت مديريات التنظيم والإدارة الخاصة بشؤن الموظفين على 459 مليون، بينما بلغ نصيب الجهات المسؤولة عن توصيل مياه الشرب والصرف الصحي بالمحافظات 185 ألف جنيه فقط.
  • الكثير من الجهات العلاجية مخصص لها مبالغ متدنية للغاية ومنها:
  • خمسة آلاف جنيه لمستشفى أبو سمبل بأسوان، وعشرة آلاف جنيه لمركز علاج الأورام بجامعة المنصورة، و30 ألف جنيه لمركز جراحة الجهاز الهضمي بجامعة المنصورة، و40 ألف جنيه لمستشفيات جامعة سوهاج، و60 إلف جنيه لمستشفى بنى سويف التعليمي، و70 ألف جنيه لمستشفى معهد الكبد بجامعة المنوفية.
  • الأرقام السابقة تشير إلى مدي جور توزيع بنود ومخصصات الدعم على الجهات المختلفة وأن الفقراء لا يستفيدون بحصة كبري من هذه المخصصات.
  • ارتفاع أسعار البترول تزيد فاتورة الدعم:
  • ارتفعت أسعار البترول لتتخطي 60 دولارا للبرميل مما سيشكل عبئا إضافيا على الموازنة العامة للدولة حيث من المتوقع أن ترتفع فاتورة دعم المواد البترولية بنهاية العام المالي الحالي عن المستهدف، نتيجة هذا الارتفاع عن المحدد في مشروع الموازنة العامة للدولة، بالإضافة إلى انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار عن المستهدف في الموازنة.
  • مشروع موازنة العام المالي الحالي يستهدف الوصول بفاتورة دعم المواد البترولية إلى نحو 110 مليارات جنيه، بناء على متوسط سعر برميل للنفط عند 55 دولارا للبرميل، ومتوسط سعر 16 جنيها للدولار، «لكن سعر برميل النفط بدأ في الصعود ليصل إلى نحو 60 دولارا للبرميل، بالإضافة إلى أن متوسط سعر الدولار يصل إلى 17.7 جنيه، وهو ما يشير إلى ارتفاع فاتورة دعم المواد البترولية بنهاية العام المالي الحالي».
  • حددت موازنة العام المالي الحالي قيمة دعم الوقود بمبلغ 110.14 مليار جنيه، إلا أن وزارة البترول توقعت أن تتراوح قيمتها بين 100 إلى 105 مليارات جنيه فقط مستفيدة من قرار زيادة أسعار المواد البترولية في يونيو الماضي.
  • ارتفاع سعر خام النفط عالميا سيؤثر على تكلفة توفير المواد البترولية في السوق المحلية، حيث إن كل دولار زيادة في اسعار برميل النفط ترفع فاتورة المواد البترولية بنحو 3 مليارات جنيه، بالإضافة إلى أن كل 10 قروش زيادة في قيمة الدولار مقابل الجنيه، تكلف الدولة نحو 2.5 مليار جنيه إضافية في فاتورة دعم المواد البترولية سنويا.
  • أشار تقرير صادر عن بنك الاستثمار فاروس، إلى أن كل دولار إضافي في أسعار المنتجات البترولية يعنى ارتفاع دعم الطاقة في مصر بنحو 1.9 مليار جنيه، وزيادة العوائد بنحو 0.4 مليار جنيه، أي خلق صافي عجز في الموازنة بقيمة 1.5 مليار جنيه.
  • ووفقا لمحمد معيط، نائب وزير المالية للخزانة العامة، فإن كل دولار زيادة في سعر البرميل يرفع أعباء تكلفة دعم الوقود بمبلغ يتراوح بين 3 إلى 4 مليارات جنيه.
  • كل الأرقام السابقة تشير إلى تزايد عجز الموازنة العامة عن المقدر خلال العام المالي الحالي، وان زيادة أسعار البترول عالميا قد تمنع أي تحسن له رغم الإجراءات الصعبة التي اتخذتها الحكومة خلال الفترة الماضية وهو ما يعني على أفضل الفروض استمرار أوضاع الاستدانة عند معدلاتها الحالية.

3- الاحتيال بشأن الصحة والتعليم

ينطوي مشروع الموازنة العامة للدولة للعام 2017/2018 على احتيال غير مسبوق، ببساطة أن الدستور يلزم الحكومة بتخصيص 6% من الناتج القومي الإجمالي على الأقل للإنفاق على التعليم الجامعي وقبل الجامعي، ويلزمها أيضا بإنفاق 3% على الأقل على الصحة، ويلزمها بإنفاق 1% على الأقل على البحث العلمي. وحصلت الحكومة على فترة سماح مدتها 3 أعوام للوصول إلى هذه النسب، وانتهت هذه المهلة وبالتالي فهي ملزمة دستوريا بشأن نسب الإنفاق على الصحة والتعليم والبحث العلمي في الموازنة الجديدة، الا أنها تفننت في الاحتيال.

  • وزارة المالية وضعت الإنفاق على خدمات مياه الشرب والصرف وهو إنفاق على المرافق العامة، ضمن الإنفاق العام على الصحة!! كما أدرجت حصة من فوائد خدمة الدين العام ضمن الإنفاق العام على الصحة، وهو ما لم يحدث في تاريخ الموازنة العامة للدولة من قبل. وبهذه الحسابات التلفيقية التي لا علاقة لها بالعلم ولا بقواعد وضع الموازنة وصلت الوزارة بقيمة “الإنفاق” العام على الصحة إلى 105,2 مليار جنيه تعادل وفقا للوزارة 3,1% من الناتج المحلي الإجمالي (مشروع الموازنة العامة للدولة 2017/2018 صـ 40) بما يتجاوز الحد الأدنى الذي حدده الدستور، وإن كانت الوزارة لم تفرق بين الناتج القومي والناتج المحلي.
  • أما الإنفاق الحقيقي على الصحة بدون كل الزيادات الوهمية التي أضيفت إليه فهو وارد في صفحة 97 من مشروع الموازنة العامة للدولة للعام 2017/2018 ويبلغ 54,9 مليار جنيه وهي تعادل 1,34% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر للعام المالي المذكور بنحو 4107 مليار جنيه. وللعلم فإن مخصصات الإنفاق العام على الصحة في الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2016/2017 بلغت قيمتها نحو 48,9 مليار جنيه وهي تعادل نحو 1,5% من الناتج المحلي الإجمالي. وكان الإنفاق العام الفعلي على الصحة قد بلغ نحو 45,1 مليار جنيه تعادل نحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2015/2016، وبلغ نحو 37,2 مليار جنيه تعادل نحو 1,5% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2014/2015، وبلغ نحو 30,8 مليار جنيه تعادل نحو 1,5% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2013/2014، وبلغ نحو 26,1 مليار جنيه تعادل نحو 1,4% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2012/2013. وهذا يعني بوضوح أن الإنفاق العام على الصحة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي يتراجع بعيدا عما حدده الدستور وحتى عن السنوات السابقة.
  • أما الإنفاق العام على التعليم الذي يعتبر من أهم الآليات التي يمكن توظيفها لتحقيق العدالة الاجتماعية عبر إتاحة الخدمات التعليمية العامة بصورة مجانية أو شبه مجانية للفقراء ومحدودي الدخل، فقد تم تطبيق نفس الاحتيال عليه بإدراج حصة من فوائد الدين العام على هذا الإنفاق ليصل مجموع الإنفاق العام على التعليم الجامعي وقبل الجامعي إلى 209,3 مليار جنيه (141,1 للتعليم قبل الجامعي، و 68,2 مليار جنيه للتعليم الجامعي) بما يعادل وفقا لحسابات الوزارة نحو 6,1% من الناتج المحلي الإجمالي (صـ 40 من مشروع الموازنة).
  • أما الإنفاق الحقيقي على التعليم فإنه وارد في صـ 97 من مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2017/2018 ويبلغ نحو 106,6 مليار جنيه تعادل 2,6% فقط من الناتج المحلي الإجمالي المقدر للعام المذكور، بما يعكس تراجعا مروعا في نسبة الإنفاق العام على التعليم بدلا من الارتفاع للاقتراب من النسبة التي يتطلبها الدستور. وللعلم فإن الإنفاق العام على التعليم وفقا لنفس القواعد بلغ نحو 104 مليار جنيه مصري في العام المالي 2016/2017 بما يعادل 3,2% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر للعام المالي نفسه، وكان قد بلغ نحو 96,6 مليار جنيه تعادل نحو 3,5% من الناتج المحلي الإجمالي الفعلي للعام المالي 2015/2016. وكان ذلك الإنفاق قد بلغ نحو 92,3 مليار جنيه في العام المالي 2014/2015، وهو يعادل نحو 3,8% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي ذاته. وفي العام المالي 2013/2014 بلغت قيمة الإنفاق العام على التعليم نحو 84,1 مليار جنيه تعادل 4% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي المذكور. وفي العام المالي 2012/2013 بلغت قيمة الإنفاق العام على التعليم نحو 66,2 مليار جنيه كانت تعادل نحو 3,6% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المذكور (جمعت وحسبت من: وزارة المالية، البيان المالي عن مشروع الموازنة العامة للدولة عن السنة المالية 2016/2017، صـ 60، 97).
  • ويمكن القول باختصار أن الحكومة تتراجع بالإنفاق العام على التعليم بقسوة وبجهل بقيمة التعليم وتدفع مصر للخلف وتغطي ذلك باحتيال.

ثانياً: الديون الداخلية والخارجية:

1-الديون الداخلية:

قفز الدين العام المحلي بمئات المليارات خلال العام الأول لتعويم الجنيه، ليزيد على 3.1 تريليون جنيه، بما يمثل أكثر من 91% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

  • زيادة الاقتراض المحلي للحكومة يأتي في إطار سد عجز الموازنة العامة أو لسداد مستحقات، في ظل عدم وجود مشروعات ذات عائد مادي يسمح للدولة بتحسين الموازنة العامة وتغطية المديونيات، وأصبح اللجوء للاقتراض الملاذ الوحيد للحكومة رغم انه ادخلها دوامة لا تنتهي.

فوائد الديون تلتهم 35% من الموازنة العامة:

  • شكلت فوائد الديون 35.1% من إجمالي نفقات الحكومة المصرية في 11 شهرا من السنة المالية الماضية 2016-2017.
  • بلغت فوائد الدين حوالي 277 مليار جنيه (15.6 مليار دولار) من إجمالي المصروفات البالغة 787.1 مليار جنيه (44.5 مليار دولار) في الفترة بين مطلع يوليو/تموز 2016 ونهاية مايو/أيار 2017.
  • بلغ العجز في الميزانية في تلك الفترة 323.7 مليار جنيه (18.3 مليار دولار) تمثل 9.5% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بعجز قدره 311 مليار جنيه في الفترة نفسها من العام المالي السابق، وكان يمثل 11.5% من الناتج المحلي الإجمالي.
  • توقعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني أن تبقى مدفوعات الفائدة المصرية مرتفعة جدا، بحيث “تمثل ما يقرب من 40% من الإيرادات الحكومية على مدى السنتين أو السنوات الثلاث القادمة”، حيث أرجعت ارتفاع الاحتياطي الأجنبي في مصر إلى أكثر من 36 مليار دولار في نهاية يوليو/تموز الماضي بدرجة كبيرة إلى تدفق الديون.

2- الديون الخارجية:

  • طبقا لبيانات البنك المركزي بلغ الدين الخارجي لمصر بلغ نحو 80 مليار دولار في سبتمبر الماضي، بعد أن إلى 81 مليار دولار في أغسطس من 79 مليار دولار في يونيو قبل أن يتراجع إلى 80 مليار دولار في سبتمبر.
  • يعتزم البنك المركزي المصري سداد مديونيات قصيرة الأجل، بقيمة 8.4 مليار دولار، خلال 6 شهور، بدأت من يوليو الماضي، وتمتد حتى مطلع يناير المقبل.
  • وكشفت خطة السداد، عن تمركز أغلب مدفوعات الدين المستحقة، في آخر شهرين من العام الجاري، بواقع 4.3 مليار دولار، خلال شهر نوفمبر، و3.8 مليار في ديسمبر، بينما تسجل مدفوعات “يوليو، وأغسطس، وسبتمبر، وأكتوبر” قيمًا ضئيلة بين 22 و153 مليون دولار.
  • وتشمل المدفوعات المستحقة سداد 2 مليار دولار، لصالح مجموعة من البنوك الدولية، التي أبرمت اتفاقًا مع البنك المركزي نهاية العام الماضي، لتنفيذ عملية بيع وإعادة شراء سندات دولية دولارية، طرحتها وزارة المالية في بورصة أيرلندا، بآجال استحقاق ديسمبر المقبل، ونوفمبر 2024، ونوفمبر 2028، وكذلك رد سندات بقيمة 1.3 مليار دولار، أصدرتها وزارة المالية في نوفمبر 2016، بعائد 4.622 % ومستحقة في 10 ديسمبر المقبل.
  • كما تشمل الخطة سداد 400 مليون دولار، تمثل آخر شرائح القرض التركي الذي حصلت القاهرة عليه بقيمة مليار دولار، في العام المالي 2012 – 2013، وشرعت في سداده منتصف 2014، بالإضافة الى رد ما يقرب من 600 مليون دولار، أقساط ودائع مستحقة لكل من السعودية وليبيا، بواقع 100 مليون دولار للأولى، و500 مليون للثانية.
  • وبذلك فان لجوء وزارة المالية للاقتراض بسندات بالدولار مرة أخري هي لمواجهة هذه الالتزامات، وعدم المساس بالاحتياطي القانوني والذي يسوقه المحافظ كأحد نجاحاته الشخصية متجاهلا مصادر الحصول على هذه الأموال والتي تشكل منها هذا الاحتياطي.
  • سددت مصر بالفعل كل هذه الالتزامات وأجلت فقط شريحتي الوديعتين الامارتية والسعودية كما سددت ما يقارب خمسة مليارات دولار لبنك الصادرات الافريقي وهو قرض غير معلن من قبل.
  • موعد استحقاق الديون خلال العام المالي 2018/2019:
  • تبلغ التزامات الديون متوسطة وطويلة الأجل خلال العام المالي 2018/2019 والتي سيحين موعد استحقاقها نحو 12.7 مليار دولار (منها 8.2 مليار دولار ودائع لدى البنك المركزي)، ما لم تنجح الحكومة المصرية في تجديدها.
  • يرجع نمو الدين الخارجي خلال فترة التسعة أشهر الأولى من العام المالي 2016-2017 إلى سببين، أولهما الاتجاه إلى سياسة التوسع في الاقتراض، بالإضافة إلى قرار تعويم الجنيه الذى أدى بدوره الى خفض إجمالي الناتج المحلى مقوماً بالدولار بنسبة 38% من 330 مليار دولار في العام المالي 2016/15 إلى 226 مليار دولار متوقعة بنهاية العام المالي 2017/2016، وقد سجل  الدين الخارجي زيادة ملحوظة، خلال فترة التسعة أشهر ليصل إلى 73.88 مليار دولار ممثلاً نحو 41.2% من إجمالي الناتج المحلى مقارنة بنحو 53.44 مليار دولار ممثلاً 17.3% من إجمالي الناتج المحلى في نفس الفترة من العام المالي السابق له.

ثالثاً: ملخص حول الموازنة العامة:

– اجمالي الإيرادات العامة ٦٥٩.٢ مليار جنيه.

– اجمالي ايرادات الضرائب ٤٦٤.٤ مليار جنيه.

– إجمالي المصروفات العامة ١٠٣٢ مليار جنيه.

– اجمالي فوائد الدين العام ٤١٠ مليار جنيه.

وبتحليل هذه الأرقام واستخراج بعض النتائج منها يتضح الواقع الحالي للاقتصاد المصري، وذلك كما يلي:

نسبة فوائد الديون (٤١٠ مليار) إلى إجمالي المصروفات العامة (١٠٣٢ مليار) هي ٣٩.٧٢ % يعني تقريبا الدولة تخصص نصف مصروفات الميزانية في سداد فوائد الدين فقط وليس في سداد الديون نفسها، يعني الديون مستمرة ولا يوجد في القريب ما يبشر بالتخلص منها.

نسبة فوائد الديون (٤١٠ مليار) إلى اجمالي الإيرادات (٦٥٩.٢ مليار) هي ٦٢.٢% أي أن فوائد الديون تقريبا ثلثين الإيرادات العامة وهذا المؤشر كارثة في حد ذاته.

نسبة الضرائب (٤٦٤.٤ مليار) إلى اجمالي الإيرادات (٦٥٩.٢ مليار) هي ٧٠.٥% أي ان النظام الحالي نظام جباية فقط وأن الدخل القومي غير متنوع وليس له دخل محسوس سواء من سياحة أو قناة سويس أو ثروة معدنية وأن السكان مصدر دخل بالنسبة للحكومة لأنهم هم دافعي الضرائب وليسوا عبء على الدولة.

الفرق بين المصروفات العامة (١٠٣٢ مليار) والايرادات العامة (٦٥٩.٢ مليار) ويعرف بعجز الموازنة ومقداره ٣٧٣ مليار بنسبة ٣٦% من المصروفات العامة وهذا العجز سنوي ويؤدي إلى قروض جديدة بفوائد أعلى ودائرة مفرغة نهايتها الإفلاس أو الخضوع لجهات أجنبية تفرض علينا شروطها في كل النواحي اقتصادية وسياسية واجتماعية وتقديم تنازلات كبيرة في المستقبل القريب.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close