fbpx
قلم وميدان

الأزمة المصرية: خطوات نحو الخروج

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

 

تحدثنا فى الجزء الأول عن تشريح الواقع المصرى كنوع من محاولة المكاشفة والمعاينة للواقع الراهن في مصر، بعد مرور أكثر من ست سنوات على ثورة 25 يناير 2011، وحتى اليوم، وعند البدء في كتابة الجزء الثانى تلقيت خبر وفاة الأستاذ محمد مهدى عاكف المرشد السابق للاخوان المسلمين فى سجون الظلم عن عمر يناهز التسعين عاماً، لتتأكد قناعاتي بأن النظام الذى يسجن الشيوخ حتى موتهم فى سجونه ويقتل الشباب داخل وخارج السجون، بل ويعتقل النساء والبنات هو نظام فاجر يجب أن يكرس الشعب جل تفكيره فى كيفية الخلاص منه.

ودعونى أبدء من مقولة سيختلف معى فيها الكثيرون وهي أن أى نظام سيأتى سيكون أفضل حالا مما نحن عليه الآن أو دعونى أكون أكثر دقة حين أقول إنه لن يأتى نظام أكثر فجراً أو ظُلما أو خيانة أو عمالة مما نحن فيه، وعلينا أن نجعل هذه الجملة أو القاعدة هى منطلق تفكيرنا فى طرق الخلاص أو مآلات الخروج من هذه البئر السحيقة التى سقطنا فيها جميعاً، إما عن عمد أو عن جهل.

فى البداية من المهم التعرف على خريطة القوى السياسية المتواجدة على الساحة المصرية من حيث الأعمار ومن حيث التصنيف السياسى، فمن حيث الأعمار لدينا جيل الشباب وهم قسمان:

القسم الأول: تفتح وعيه على نضاله ضد المستعمر الصهيونى والذي نشر بذور العيش والحرية والكرامة والعدالة منذ عام 2001 حتى الآن وهؤلاء أثبتوا بما لا يدع مجالا للشك أنهم الأقدر على حمل الراية بما يمتلكونه من قدرة على السمو فوق الاختلافات الأيديولوجية المصطنعة التى فرقت بنا السبل.

وأثبت هؤلاء الشباب أنهم وحدهم يملكون الرؤية الثاقبة حين قرروا أن نظام مبارك استعصى على كل محاولات الاصلاح، وأنه لابد من ثورة تطيح به، وأثبت هؤلاء الشباب أنهم الأكثر وعياً حين رفضوا ترك ميادين التحرير فى مصر للمجلس العسكرى، الذي رأوه، وبشكل مبكر امتداد لنظام مبارك وأنه العدو الأول للثورة وقد أثبتت الأيام أنهم على كانوا على صواب.

أثبت هؤلاء الشباب أنهم يملكون القدرة، ولكن لم يترك لهم أحد زمام المبادرة لذلك لابد لهم من انتزاع زمامها عنوة وبالتنسيق مع الأجيال الأكبر عمرا وخبرة يقوون شوكتهم بالجيل الجديد من الشباب، الذى تفتحت عيناه على شمس الحرية تشرق على مصر فى ميادين، التحرير وأول ما نطقت به قلوبهم قبل حناجرهم عيش حرية كرامة وعدالة.

القسم الثانى: من القوى الثورية هم مناضلى السبعينيات والثمانينات الذين تعلمنا على أيديهم وسرنا على دربهم وحتى أكون أكثر دقة، من بقي منهم على صراط الثورة، ولابد لهم أن يضيئوا الطريق للشباب ليسلموا لهم زمام المبادرة ويكونوا هم الحائط الذي يحمى ظهور الشباب بخبرته وتجربته وإخلاصه.

وإذا ناقشنا خريطة الصراع فى مصر سنجد الجانب الثورى به الإخوان المسلمون والقوى الليبرالية التى لا زالت لا تؤمن بثورة غير يناير وهذان الفريقان قضوا السنوات الست الأخيرة من يناير 2011 حتى لحظة كتابة هذه الكلمات يتبادلون الاتهامات فى مسببات ضياع الثورة، ولابد للفريقين أن يدركوا أنهم مجتمعين ومتفرقين تسببوا فى ضياع الثورة، ويجب أن يقوم الجميع بمراجعات جادة وحقيقية تعيدهم إلى صراط الثورة مرة أخرى، وهنا لن نعدد الأخطاء فأهل مكة أدرى بشعابها، أقصد قوى الثورة والمتحدثين باسمها.

 

خارطة طريق نحو الخروج

أولاً: بناء مشروع وطنى يرسم خارطة طريق ثورية تمهد الطريق من خلال نشر الوعي الثورى داخل البيوت مرة أخرى، والبعد عن فاعليات الشارع التى أصبحت سبباً للخسارة أكثر منها سبباً للمكاسب.

ثانياً: العمل على رفع الوعي للناس من خلال العمل الفردى، إذ يتولى كل شاب محيطه القريب فى دعوة ثورية فردية تنفض عن يناير ما ألصقته بها أكاذيب العسكر من أسباب الدمار الذي حل بالبلاد، فإذا انتظمنا فى هذه الدعوة الفردية سننقل الثورة من عقول الثوار لتسكن بيوت كل المصريين وسننقلها من ضيق الثوار إلى رحابة الشعب الوحيد القادر على تحويل الاحتجاج إلى ثورة.

ثالثاً: تحديد الأهداف وترتيب الأولويات، فالهدف الأسمى هو بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة التى تتسع الجميع والتى يكون فيها الاختلاف نعمة كما خلقه الله وليس نقمه كما حولناه، دولة تتحول إلى بوتقة تنصهر فيها كل الطاقات لتنتج لنا شعبا صلبا فى الحق.

رابعاً: التئام الداخل والخارج وهدم أسوار العزله التى صنعها إعلام النظام، إذ ليس ذنب من فى الخارج أنه تم نفيه، أو خرج لاكمال مسيرته الثورية دون التضييق عليه داخل السجون، وليس من ذنب من فى الداخل أنه تم خنق المجال العام لتتحول مصر إلى سجن كبير. إن الدور المنوط بالثوريين فى الخارج، دور كبير بل وشديد الأهمية، وتقصيرهم فيه غير مبرر، إذ للمقاومة جناحان، دونهما لن يتمكن طائر الثورة من التحليق فى سماء الحرية، وهما الداخل والخارج، فلا تكسروا أحد الجناحين.

خامساً: التأكيد على أن الشرعية للشعب، يمنحها لمن يشاء، وينزعها عمن يشاء، وأن الشعب هو مصدر كل السلطات، وهنا يجب أن تكون الأولوية للتخلص بداية من هذا النظام الذي يُثبت يوما بعد يوم عمالته وخيانته ثم نختلف فى ملعب السياسة بتقاليد وأعراف الخلاف السياسي، فلا شرعية نتحدث فيها سوى استعادة شرعية الثورة، وأنه من المهم ضمان أنه لن يحدث فى مصر مرة أخرى انقلاب الدبابة على إرادة الشعب، وتلك معضلة إذا أخلصنا التفكير فيها سنجد لها الكثير من الحلول ولتكن أولويتنا الخلاص من النظام العسكري الذي يحكم مصر، ومؤسساته التي ترسخ الفساد والاستبداد.

سادساً: على معارضى الخارج كشف ونشر الحقائق حول ممارسات وانتهاكات السلطة الغاشمة الحالية فى كل مجال، وبيان حقيقة ما يعانيه المصريون لأنهم يملكون القدرة على ذلك.

سابعاً: نستطيع تحقيق الهدف الأسمى، وهو الخلاص واستعادة شرعية ثورة يناير، إذا خلصت النوايا وإذا تخلصنا وأقصينا دواعش كل طرف، فكل قوة سياسية بها دواعشها، فداخل الإخوان أو محبيهم من يعتبرون قضية الشرعية سلعة تباع وتشترى يقبلون بها ويرفضون بها، وداخل القوى الليبرالية هناك من يزال يرى أن الاخوان كانوا سيبيعون مصر وأنهم من ينشرون الارهاب فى مصر وغيرها، هنا لابد من العمل على اقصاء كل داعشى الفكر، ومن لا يملك القدرة على تقبل الآخر، ولنعلم جميعا أننا لن نعيش متفقين، وأن الأصل فى الكون هو الاختلاف، وإلا لماذ خلق الله الذكر والأنثى، والليل والنهار والشمس والقمر، لقد خلقهم الله لاكمال اعمار الكون.

هذه خطوات على الطريق الذي من خلاله نستطيع أن نتغلب على ما نحن فيه ونستطيع من خلالها استعادة شرعية ثورة يناير والخلاص من النظام العسكري وعصابته الحاكمة. (1)

————————

الهامش

(1) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

الأزمة المصرية: خطوات نحو الخروج

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close