نشر إعلام الكيان الإسرائيلي في الآونة الأخيرة تقارير مكتوبة ومتلفزة عن الجهود التي تقوم بها السلطة المصرية تجاه التراث اليهودي بمصر، وقد أشادت هذه التقارير بتلك الجهود واعتبرتها إنجازا غير مسبوق، وميزات لم ينلها اليهود من أي من الحكومات المصرية السابقة منذ خروجهم في خمسينيات القرن المنصرم، فما حقيقة ذلك؟ وما هو أصل اليهود في مصر؟ وما هو تراثهم الذي ينل كل هذا الاهتمام؟ هذا ما سنتعرف عليه من خلال هذا التقرير.
جهود السلطة الحالية تجاه التراث اليهودي:
في فبراير 2016 تقدمت 11 مؤسسة يهودية من مختلف دول العالم، تتزعمها “اللجنة الأمريكية اليهودية” بمذكرة للحكومة المصرية تطالبها بالاعتراف بالتراث اليهودي في مصر، وبالفعل تم الاستجابة لهذه المذكرة وقامت الحكومة بتشكيل لجنة لتسجيل التراث اليهودي بمصر، وأعلنت في أغسطس 2017 عن مشروع لترميم المعبد اليهودي في الإسكندرية بتكلفة 100 مليون جنيه مصري، ضمن حزمة مشاريع ترميم تراث اليهود.
وفي مارس 2018، نشرت صحيفة معاريف العبرية تقريرا؛ كشفت فيه عن قيام “ماجدة هارون” زعيمة الطائفة اليهودية في مصر، وعدد من اليهود المصريين بتبني مبادرة لتجديد المعالم والمعابد اليهودية بمصر، وكانت البداية بالمعبد اليهودي القديم بحي المعادي “مائير عينايم”، والذي يعود تاريخ إنشاءه لعام 1934، وقاموا بتنظيف فناء المعبد من أكوام القمامة التي تراكمت داخله وتجديد شبكة الكهرباء وتغيير مواسير المياه، واعتمد المشروع على منحة مقدمة من المركز الأمريكي للأبحاث ARCE بالقاهرة، وتم الاستعانة بخدمات مجموعة من المقاولين، لمباشرة أعمال التطوير والصيانة، كما جرى تطوير معبد “مادجار” بمصر الجديدة الذي تم إنشاؤه عام 1928.
وفي 23 أبريل 2018، وافق البرلمان وبشكل نهائي، على مشروع قانون تعديل بعض أحكام القانون رقم (117) لسنة 1983 لحماية الآثار، حيث تم تعديل المادة الثانية منه بتغيير مسمى “اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية” إلى “اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية واليهودية”، فأين هي الآثار اليهودية في مصر والتي من أجلها نضع لها فرعاً خاصا؟، فالتراث اليهودي في مصر لا يضم أكثر من بضعة عشر معبدا ومبنى؛ كلها عبارة عن مباني صغيرة معظمها لا يتجاوز عمره أكثر من مائة عام وهي مهجورة منذ زمن طويل.
وفي ديسمبر 2018 أعلن وزير الآثار خالد العناني أن السيسي أمر بتخصيص أكثر من 71 مليون دولار لإحياء التراث اليهودي في البلاد، وفي الشهر ذاته وعلى عكس السنوات السابقة أقيم حفلان لإضاءة شموع “عيد الأنوار” في معبدين يهوديين بالقاهرة، وحضر أحد الحفلين السفير الإسرائيلي لدى مصر دافيد غوفرين، والذي كان قد زار أيضًا وبشكل علني خلال الفترات الأخيرة الأماكن المقدسة اليهودية بما في ذلك كنيس الياهو هانبي في الإسكندرية، وقبر الحاخام يعقوب أبو حصيرة في شمال مصر.
وفي فبراير 2019 ذكرت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية أن السيسي اجتمع بوفد أمريكي برئاسة عزرا فريدلاندر مؤسس اللجنة الأمريكية اليهودية – وهو يهودي متشدد – وكشفت الصحيفة بأن السيسي تحدث بشغف عن ماضي الجالية اليهودية بمصر، وطالبهم بالعودة مجددا إلى مصر، ووعدهم بأن الحكومة ستوفر لهم كل احتياجاتهما الدينية، وستبني لهم كنسهم، وستوفر لهم الخدمات الأخرى المتعلقة بها، كما وعدهم أيضا بـ”تنظيف” مقابرهم بحي البساتين بالقاهرة، ولم تمر أيام حتى قامت محافظة القاهرة بحملة مكبرة لتطهير المقابر من القمامة والمخلفات!
أصل اليهود في مصر، وعملية الهروب:
واليهود الذين كانوا بمصر، منهم من كان من أصل مصري، ومنهم من قدم من أماكن أخرى، ولذا فبالإمكان تقسيمهم كالتالي:
- اليهود المستعربين: وهم من أصل البلد ولدوا بها وعاشوا بها، وتحدثوا العربية، ومارسوا الأعمال والحرف التي مارسها المصريون بشكل عام، وهم متمركزون بحارة اليهود حول معبدهم الرئيسي (المصريون) الذي أنشأ في القرن الحادي عشر الميلادي.
- طائفة اليهود السفرديم (السفارة): وهؤلاء هم الذين قدموا إلى مصر نازحين من إسبانيا والبرتغال عقب الحروب منذ القرن السادس عشر الميلادي.
- طائفة اليهود المغاربة: وهؤلاء قدموا إلى مصر من دول شمال أفريقيا وخاصة من المغرب العربي، خلال القرن السادس عشر، وشعروا في مصر بالأمان بعد أن اشتعلت الحروب في بلادهم.
- طائفة اليهود الاشكناز: وهؤلاء أيضا جاءوا إلى مصر قادمين من أوربا خلال القرن السابع عشر الميلادي، واشتغل معظمهم بالتجارة والصناعة وحققوا في أعمالهم نجاحات ملموسة.
- طائفة يهود فلسطين: وهؤلاء قدموا إلى مصر من فلسطين وسوريا ولبنان ومن العراق أيضا، واستقرت هذه الطائفة بالفسطاط بالقاهرة حول معبد “ابراهام بن عزرا”.
وقد زادت هجرة اليهود إلى مصر في عهد محمد علي الذي شجعهم على القدوم، كما تمتعوا في عهد الخديوي إسماعيل بكل الامتيازات الأجنبية، وقبل تأسيس “إسرائيل” عام 1948، كان يعيش نحو 75 ألف يهودي في البلاد، لكنهم طُرِدوا في الخمسينيات من البلاد بعد اتهامات لهم بتدبير عمليات إرهابية وتقديم الدعم المادي والاستخباراتي لإسرائيل، وازدادت هجرتهم من مصر بعد فضيحة “لافون” عام 1955، تلك العملية التي حاول فيها الموساد الإسرائيلي إفساد العلاقة بين مصر والدول الأجنبية عن طريق إظهار عجز السلطة عن حماية المنشآت والمصالح الأجنبية، فجرى تهريبهم بأموالهم عن طريق “شبكة جوشين السرية”، التي كانت تتولى تهريبهم من مصر إلى فرنسا وإيطاليا ثم إلى إسرائيل، ولم يتبق منهم سوى عشرات الأشخاص يقطن معظمهم بحارة اليهود في الموسكي، أما الآن فلا يوجد منهم في مصر سوى 6 أشخاص يعيشون في “حارة اليهود” بوسط القاهرة، و12 شخصا في الإسكندرية معظمهم من السيدات المسنات، بحسب تصريحات صحفية لمارسيل هارون رئيسة الطائفة اليهودية بمصر.
وقد حرص اليهود قبل هروبهم من مصر على ترك بعض المزارات والمعابد التي تفتح لهم الطريق لزيارة مصر بل وتعيد لهم بارقة الأمل في العودة مرة أخرى.
التراث اليهودي في مصر:
بدأ اليهود في إعادة بناء المعابد الخاصة بهم وإقامة معابد جديدة مع نهايات القرن الـ 19، وازدادت الوتيرة خلال القرن الـ 20، لا يزال هناك عدد منها قائم حتى الآن؛ يتمركز في القاهرة والإسكندرية؛ يبلغ 20 معبدا.
أولا: معابد ومقابر القاهرة:
معبد عدلي:
فمن أشهر معابدهم؛ “معبد عدلي” أو “شعار هاشامايم” ومعناه “بوابة الجنة” والذي عُرف أيضا بـ”معبد الإسماعيلية”، ويقع معبد عدلي؛ بشارع عدلي بوسط العاصمة القاهرة، ويعد من أفخم المعابد اليهودية في القاهرة، وإن كان من أحدثها بناء أيضا، فقد بُني عام 1905 برعاية عدة عائلات يهودية أرستقراطية على رأسها عائلة موصيري، ولا تزال بداخل المعبد لوحة تضم المشاركين والمتبرعين في بنائه، وليس للمعبد أي أهمية تاريخية ودينية نظرا لحداثته النسبية، إلا أنه المعبد الأساسي التي تقيم فيه الأقلية اليهودية بمصر بعض الشعائر من وقت لآخر.
وقد تم تجديد المعبد بشكل كامل عام 1981 بإسهامات من المليونير اليهودي نسيم جالعون، و”اتحاد السفارديم العالمي”، وتزخر مكتبته بنوادر المخطوطات التي جمعت من المعابد اليهودية المصرية المغلقة، وسميت “مكتبة التراث اليهودي”، وافتتحها الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز عام 1990.
معبد بن عزرا:
وهو نموذج للمعابد القديمة فهو أقدم المعابد الموجودة بمصر، ويقع بحي الفسطاط بمصر القديمة، وقد أطلقت عليه عدة أسماء، منها:
- المعبد الأورشليمي: حيث تركزت حوله الجالية اليهودية القادمة من سوريا وفلسطين.
- معبد موسى: نسبة إلى سيدنا موسى عليه السلام، إذ يُروى أن سيدنا موسى عليه السلام قد اتخذ من مكان المعبد محرابا لعبادة الله سبحانه وتعالى.
- كما أطلق عليه “معبد اليامو”، و”معبد أرميا” نسبة إلى هذين النبيين، حيث يروى أن الأول ظهر فيه، والثاني أقام فيه مدة.
ويقال إنه أقدم معبد في المنطقة العربية، ولذا فإنه يحظى بمكانة روحية لدى اليهود على مستوى العالم، وخاصة أنه يقع في منطقة الفسطاط القديمة المليئة بالتراث المصري المسيحي والإسلامي، ويعد هذا المعبد واحدا من أكبر وأهم المعابد، وخصوصا مع تولي الحكومة المصرية رعايته وترميمه، وتحويله لآثار ومزار سياحي، بالإضافة لاحتواء مكتبته على نفائس الكتب والدوريات اليهودية التي تؤرخ لوجود طائفة اليهود في مصر.
والمعبد في الأساس كان كنيسة تسمى بـ “كنيسة الشماعين” وقد باعتها الكنيسة الأرثوذكسية للطائفة اليهودية عندما مرت بضائقة مالية، وعند تحويله لمعبد سُمي بـ “معبد عزرا” نسبة إلى “عزرا الكاتب”، أحد أجلاء أحبار اليهود، ويسمى أحيانا.
وهذا المبنى أعيد بناءه 1892 وهو المبنى الحالي، وإن كان قد تم بناؤه على شكله الأصلي، وبخارج المعبد يوجد بناءً صغيرا إلى جهة الجنوب الغربي، وربما كان مدرسة دينية صغيرة، كما يوجد في الجهة الشرقية من المعبد مبنى كبير يتكون من طابقين كان يستخدمه المسنون والمرضى، والباب الخشبي للمعبد يحمل زخارف إسلامية إضافة إلى الزخارف العبرية، وهذا الباب موجود حاليا للأسف بمتحف في القدس المحتلة، كما نقل خارج مصر أيضا من المعبد كتاب قديم كان قد كتبه عزرا الكاتب، وهو مسجل كأثر بوزارة الاثار عام 1984.
معابد حارة اليهود:
استقر معظم اليهود في القاهرة بحارة اليهود بمنطقة الموسكي، وأقاموا بمعابدهم بهذه المنطقة، فأنشأوا 10 معابد خلال القرن الحادي عشر الميلادي في العصر الفاطمي حيث كانت حريتهم في ذلك العهد كبيرة، وهذه المعابد هي: معبد (المصريون)، معبد بور تجزيم، معبد تركية، معبد كيتر توراه، معبد تلمود توراه – باريوحان، ومعبد حاييم كابوس المسجل كأثر بوزارة الاثار عام 1987، معبد راف إسماعيل، معبد راف يعقوب، معبد باعل هانيص، معبد راف سمحا (القرائين)، وقد اندثرت هذه المعابد ولم يتبق منها إلا القليل.
المعابد اليهودية بحي العباسية:
بعد أن ضاقت حارة اليهود بالأعداد الكبيرة من اليهود تحول الأغنياء إلى بناء مساكن شمالا في حي العباسية ومصر الجديدة، وهناك أقاموا معابد كثير في أماكن إقامتهم مثل:
- معبد موسى بن ميمون: وقد شيّد هذا المعبد في نهاية القرن الـ 19 في نفس المكان الذي أقام فيه موسى بن ميمون إثر وصوله لمصر هاربا من الأندلس التي كان اليهود يتعرضون فيها للاضطهاد، وكانت تقام فيه الشعائر الدينية حتى عام 1960، وفي عام1986 سُجّل المعبد كآثار لأهميته التاريخية والدينية والمعمارية، ومسجل كأثر بوزارة الاثار عام 1986
- معبد باروخ حنان، قد بني في مطلع القرن العشرين، وبالضبط عام 1900
- معبد شعارها شمايم الذي يقع في شارع عدلي بالقاهرة، يعرف بالمعبد الاسماعيلي، وهو المعبد الرئيسي للطائفة اليهودية حاليا، وتزوره الضيوف وتقام به الصلوات، وأنشأ في عام 1903، وهو من أهم المعابد وأغناها وأكثرها مساحة وأثاثا.
- مقابر اليهود:
تعتبر مقابر اليهود بالبساتين هي ثاني أقدم مقبرة يهودية في العالم -وفقًا للجالية اليهودية في القاهرة -وتبلغ مساحتها 120 فدانًا تقريبًا، وقد تبرع بهذه الأرض لليهود أحمد بن طولون، في القرن التاسع الميلادي، وتضم رفات اليهود المقيمين بمصر قبل هجراتهم الجماعية بعد ثورة 1952، وتختلف طرق بناء المقابر على حسب أهمية الشخصية المدفونة.
وتقع المقابر في الجهة الشرقية من حي البساتين، بين وسط القاهرة والمعادي، ويحدها من الجنوب طريق الكوبري الدائري ومن الشرق طريق الأوتوستراد، ومن الشمال مدابغ الجلود، ومن الغرب سوق السيارات، وقامت على أطلال هذه المقابر عزبة النصر وأصبحت تشمل المنطقة السكنية المتاخمة للمنطقة الباقية من مقابر اليهود، ويمثل الجزء الباقي من مقابر اليهود نحو 30% من المقابر التي كانت موجودة قبل عام 1970، وامتدت حولها المباني العشوائية من كل جانب وسميت المنطقة باسم ترب اليهود أو عزبة النصر، وفي عام 1991 نجحت السلطات المصرية في طرد مجموعة ممن حاولوا الاستيلاء على أرض المقابر.
ثانيا: معابد الإسكندرية
توجد في الإسكندرية عدة معابد يهودية، وهي:
- معبد الياهو حنابي في شارع النبي دانيال، وهو من أقدم وأشهر معابد اليهود في المدينة الساحلية، وقد تعرض للقصف من الحملة الفرنسية، وأعيد بناؤه مرة ثانيه سنة 1850 بتوجيه ومساهمة من أسرة محمد علي.
- معبد دي منَسَّى، الذي شيده يعقوب دي منَسَّى الذي ترأس الطائفة اليهودية في القاهرة عام 1869 والذي انتقل في العام 1871 للإسكندرية.
- معبد الياهو حزان في شارع فاطمة اليوسف في حي سبورتنج والذي بني عام 1928.
- معبد جرين الذي شيدته عائلة جرين في حي محرم بك عام 1901.
- معبد يعقوب ساسون الذي شيد في عام 1910 في جليم.
- معبد كاسترو الذي أقامه موسى كاسترو عام 1920 في محرم بك.
- معبد نزاح إسرائيل الأشكنازي الذي بني عام 1920.
- معبد شعار تفيله الذي أسسته عائلات انزاراوت وشاربيه في عام 1922 في حي كامب شيزار[1].
عناصر المعبد الأساسية:
هناك عناصر عامة موجودة بداخل المعابد اليهودية، مثل: الهيكل والمنصة والأعمدة والستائر وشرفة النساء، ونتحدث باختصار عن كل منها كالتالي:
- الهيكل: ويوجد بالحائط الشرقي للمعبد – أي جهة بيت المقدس – ويوجد به تابوت يسمى تابوت الشريعة توضع فيه الأسفار داخل صناديق وهذه الأسفار مكتوبة على الرق والورق، ولا يجوز – عندهم – لمسها باليد عند القراءة، ويوجد أمام الهيكل مصباح دائم الإنارة
- المنصة: وهي عبارة عن بناء من الحجر أو الخشب يصعد إليه الواعظ عند إلقاء الخطبة أو الدرس، وغالبا ما تكون المنصة في وسط صالة المعبد وتحاط بسياج، وقد تكون في مؤخرة المعبد، وتوجد حولها الصفوف من الكراسي والمقاعد التي يجلس عليها المصلون.
- شرفة السيدات: وهو مكان لتجميع السيدات وغالبا ما يكون بالدور الثاني ويتم الصعود إليها من خلال سلام تقع خارج المعبد، وأحيانا يكون داخل المعبد.
- وقد يوجد بالمعبد أيضا حجرة تدفن فيها الأوراق المستعملة، وقد توجد بعض الزخارف على الجدران الداخلية للمعبد وهو عبارة عن زخارف مستمدة من التراث المحيط، هذا فضلا عن التراث اليهودي كالنجمة السداسية.
كيفية أدارة المعابد اليهودية:
تدار المعابد اليهودية من خلال منظومة إدارية تتكون من:
- الحاخام: وهو الذي يقوم بقيادة الصلاة، فضلا عن مهمته الاجتماعية، وهو يقضي معظم وقته للخدمة الدينية ولشئون المعبد، كالتعميد، وتحرير عقود الزواج، وإجراءات دفن الموتى، بالإضافة إلى الدروس والوعظ الذي يقدمه لأطفال الطائفة.
- الجاباي: والجاباي هو الذي يشرف ويدير الشئون المالية بالمعبد، ويقوم بجمع التبرعات، والقيام بالأنشطة المختلفة بالمعبد.
- الحزان: وهو المرتل الذي يعد لفائف التوراة للقراءة، ويتلو الترانيم، ويوفر الألحان والأصوات المناسبة، ويشترط أن يكون الحزان بصوت رخيم، وأن يكون مقبولا من الجميع ومحبوب.
- الشماس: وهو أدنى مرتبة في المعبد، فهو الذي يقوم على حراسته وترتيبه والعناية به، والمحافظة على نظافته وأثاثه.
تقاليد وأعراف لليهود في معابدهم:
المعابد اليهودية كدُور عبادة كان لها نظم وتقاليد وآداب يلتزموا بها، ومنها:
- عدم رسم صور على جدرانه من الداخل حتى لا تكون في مواجهة المصلين، وحتى إن وجدت هذه الصور فهي توجد أعلى قامة المصلين حتى لا تشغلهم عن الصلاة.
- لا يجوز لفرد أيا كان أن يقوم ببناء معبد خاص مهما كان هذا الشخص، فالمعابد عندهم ملكية عامة لجمهور الطائفة.
- كما أنه ليس من المسموح تحويل المعبد إلى أي مبنى آخر حتى ولو كان آيل للسقوط فإنه يعاد بناءه أيضا معبدا وليس شيئا آخر.
- والمعبد عندهم للعبادة وللاجتماع في المناسبات والأعياد، هذا فضلا عن أنه تقام به بعض الأنشطة الاجتماعية كطقوس الزواج التي تخصص لها قاعات ملحقة بالمعبد.
- قد يلحق بالمعبد أيضا مدرسة دينية ومحكمة خاصة بالطائفة ودارا للمسنين والمرضى[2].
الخاتمة:
وبعد أن تعرفنا عن تراث اليهود في مصر، نريد أن نؤكد بأن الآثار المصرية بكل حقبها التاريخية؛ بدءًا من عصر الأسرات الفرعونية وانتهاءً بالعصر الحديث، تراث مصري يجب الحفاظ عليه والاعتناء به، لكن عندما نرى تجاهلا واضحا بل وتخريبا لبعض آثارنا التي تنتمي لحقبة ما، في الوقت الذي نجد فيه اهتماما غير مبرر ببقايا تراثنا التي تعود لحقبة أخرى، فهذا يدعونا للسعي نحو تقديم النصح والإرشاد للمسؤولين أولا؛ علّهم ينتبهوا ويتوقفوا عن العبث – المتعمد أو غير المتعمد – بآثار مصر، كما يدعونا ثانيا إلى محاولة توضيح الصورة – قدر الإمكان – للشعب المصري صاحب الأرض والتاريخ حتى يعي ما يحدث لتراثه من إهمال وتخريب وتفريط[3].
[1] العربية، ماذا تبقى من معابد اليهود في مصر؟، 30 ديسمبر 2014
[2] مجلة رسالة المشرق، المعابد اليهودية في مصر، مركز الدراسات الشرقية بجامعة القاهرة، مصر، 1991، المجلد الأول، العدد الثالث، ص 34-46
[3] الآراء الواردة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن المعهد المصري للدراسات.