fbpx
ترجمات

الحرب الأهلية داخل الحزب الجمهوري الأميركي

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

 

دراسة جديدة تُظهر انقسامات كبيرة داخل الحزب الجمهوري

واشنطن بوست – جيمس هوهمان ومعه بريانا ديبيش وجواني جريف، 26 أكتوبر 2017.

يحاول القادة الجمهوريون التقليل من أهمية خطاب التقاعد لجيف فليك من خلال الإصرار على أن الحزب موحد وأن جميع الانتقادات الموجهة للرئيس دونالد ترامب تدور حول شخصه – وليس لها علاقة بسياساته. (حيث أعلن السيناتور الجمهوري عن ولاية أريزونا، جيف فليك ، الثلاثاء 24 أكتوبر أنه لن يترشح لانتخابات مجلس الشيوخ مرة أخرى – ويعتبر فليك من أشد منتقدي ترامب.)

وردا على سؤال حول الانتقادات التي وجهها إليه “فليك”، رد ترامب، الذي كان فى رحلة الى تكساس بعد ظهر امس (الثلاثاء) على متن “مارين وان”، بان اجتماعه مع أعضاء الحزب الجمهوري فى مجلس الشيوخ كان ودياً للغاية.

وقال الرئيس ترامب: “نحن في الواقع متحدون تماماً في الحزب الجمهوري”. “إذا نظرتم إلى الديمقراطيين مع بيرني ساندرز وهيلاري كلينتون، فهذه هي الفوضى الحقيقية. … نحن في الحقيقية متحدون على ما نريد القيام به.”

وردا على سؤال لـ فوكس نيوز حول رأيه فيما قاله كل من “فليك” والسيناتور بوب كوركر (ولاية تينيسي) عن ترامب، قال السناتور الجمهوري راند بول (ولاية كنتاكي): “هذا أشبه بملحمة في مجلة شعبية.” وقال السيناتور جيمس ريستش (ولاية ايداهو) لـ سي إن إن: ” كل هذه الأمور لها دوافع شخصية ومن المؤسف أنه تم تسريبها ونشرها على الملأ.” وقال السيناتور مايك لي (ولاية يوتاه) لـ ’ام اس ان بي سي‘: “إذا كنا سنلهث خلف كل نزاع بين شخصين، أو إساءة تقدير لنزاهة شخص ما أو نواياه، فسنشغل أنفسنا كثيراً بذلك حتى لا نجد الوقت للتركيز في شؤون الحكم.”

ولكن في الحقيقة ليس الأمر كذلك، وجميعهم يعرفون هذا. في الواقع، هناك اختلافات أيديولوجية عميقة داخل الحزب الجمهوري وقد أصبحت أكثر وضوحا في عهد ترامب. وكان السبب وراء قرار “فليك” بعدم الترشح لفترة ثانية في مجلس الشيوخ هو رفضه التخلي عن مبادئه الأساسية، حيث كان قلقه كبيراً حول مدى لياقة ترامب للبقاء في منصب الرئيس.

وقال “فليك” فى خطابه فى مجلس الشيوخ يوم الثلاثاء: “من الواضح الآن أنه تم التضييق شيئاً فشيئاً على جمهوري محافظ، بالمعنى التقليدي للكلمة، يؤمن بدور حكومي محدود وأسواق حرة؛ كرس نفسه للتجارة الحرة، ويؤيد الهجرة – حتى إنه لا يجد إلا فرصاً ضئيلة للترشح في الحزب الجمهوري – الحزب الذي ظل لفترة طويلة يُعرف نفسه بأنه يؤمن بهذه المعاني”.

وفي نفس اليوم الذي انسحب فيه “فليك” ، أصدر مركز أبحاث بيو تقريراً رائعاً من 152 صفحة عن التصنيف السياسي للبلاد. واستنادا إلى مقابلات معمقة مع أكثر من 5000 شخص من البالغين الأمريكيين،  صنَف مركز الأبحاث غير الحزبي جميع الأطياف السياسية بالولايات المتحدة إلى ثماني مجموعات، بالإضافة إلى مجموعة تاسعة من “السلبيين” الذين عزلوا أنفسهم ولا يشاركون في أي استحقاقات سياسية. (وتُعتبر العينة التي عمل عليها المركز عينة عملاقة، وقد تبَنى منهجية محكمة أثناء إجرائه لهذه الدراسة.)

ودائماً ما تكون الدراسات التي يقوم بها مركز بيو منذ عام 1980 وحتى الآن بمثابة كنز رائع من المعلومات تستحق أن تستمتع بقراءتها. ولكنها في الحقيقة تكلف كثيرا لإجرائها، لذلك فإن آخر دراسة خرجت إلى النور كانت عام 2014. ورغم أن الفترة منذ هذا الوقت حتى وقتنا هذا هي فقط ثلاث سنوات إلا أنها تبدو وكأنها كانت منذ جيل كامل: فقد كانت على الأقل قبل مجيئ دونالد ترامب.

ويسلط التقرير الضوء على الانقسامات داخل الحزب الجمهوري حول مجموعة من القضايا. وفي كثير من الحالات، لا تكون الخطوط الفاصلة في بعض القضايا بالضرورة جديدة. ولكن العديد من القضايا التي كان الجمهوريون أكثر انقساماً حولها خرجت إلى الواجهة بسبب حملة ترامب ورئاسته المدمرة، بما في ذلك ما يخص التجارة، والهجرة، ودور أمريكا في العالم.

 

المجموعات المتصارعة داخل الحزب:

يميز مركز بيو بين 4 مجموعات متباينة داخل الحزب الجمهوري:

1- النواة الصلبة للمحافظين:

وتبلغ حوالي 15 % من جميع الناخبين المسجلين، وهم ما يمكن أن نقول عنهم أنهم “جمهوريون تقليديون”. وهذه الفئة تدعم بأغلبية ساحقة حدوث تدخل حكومي أقل في الاقتصاد، وتخفيض معدلات الضرائب على الشركات، وتعتقد أن النظام الاقتصادي نظام عادل بشكل أساسي. وقد أعرب سبعة من كل عشرة أشخاص عن وجهة نظر ايجابية حول مشاركة الولايات المتحدة فى الاقتصاد العالمى، لان ذلك يوفر للولايات المتحدة اسواقا جديدة وفرصاً للنمو.

ويسمي البعض هذه المجموعة “جمهوريو جيف فليك”. فقد نشأ “فليك” في مزرعة تعتمد على عمل المهاجرين غير المسجلين (غير الشرعيين) الذين كان يعاملهم باحترام شديد على أسس إنسانية.، حيث كان أيضاً مبشراً لبعض الوقت في جنوب أفريقيا. وباعتباره وريثا إيديولوجيا لباري غولدووتر ومن أتباع ميلتون فريدمان، فهو يؤمن بشدة بالتجارة الحرة وكان يفضل أن يصف نفسه بأنه “نصير العولمة”.

 

2- المحافظون أصحاب مبدأ “الدولة أولاً”:

وهم جزء من قاعدة الحزب الجمهوري ولكنه أصغر بكثير من المجموعة السابقة (حيث يبلغ عددهم 7% من جميع الناخبين المسجلين)، وهم من كبار السن والفئات الأقل تعليما. وهم يشعرون أن البلاد مكسورة، ويُلقون باللائمة على المهاجرين ، ويعتقدون أن على الولايات المتحدة تنسحب من دورها في العالم. ويتفق الثلثان منهم تقريبا مع المبدأ القائل إنه “اذا كانت امريكا منفتحة جدا على الشعوب من جميع انحاء العالم، فاننا عندئذ نخاطر بفقدان هويتنا كدولة.”

 

3- الجمهوريون المتشككون فى اقتصاد السوق:

ويمثلون 12 %من الناخبين المسجلين)، ويرى كبار رجال الاعمال والتجارة الحرة ان النظام (الاقتصادي) مُوجه ضدهم. ويعتقد ثلث هذه المجموعة فقط ان البنوك والمؤسسات المالية الاخرى لها اثر ايجابى على طريقة تسيير الامور الاقتصادية فى البلاد، بينما قال 94 % منهم ان النظام الاقتصادى يدعم بشكل غير عادل مصالح الأقوياء. ويؤيد معظمهم رفع ضرائب الشركات، و50% فقط منهم يعتقدون أن قادة الحزب الجمهوري يهتمون بالطبقة الوسطى. وهم ينظرون عموما إلى المهاجرين بشكل سلبي، ولا يهتمون كثيراً بالشؤون الخارجية، وعلى الصعيد الاجتماعي، فهم أقل تحفظا مقارنة بالمجموعتين السابقتين.

 

4- أصحاب المشروعات الجدد:

ويمثلون حوالي 11% من الناخبين المسجلين: هم أصغر سنا وأكثر تنوعا وأكثر صعودا حول مستقبل أميركا. وهم يدعمون الأعمال ويعتقدون أن استقبال المهاجرين من الخارج يجعل البلاد أقوى.

وفي إطار هذا التقسيم تبرز مجموعة من الملاحظات:

(أ) النواة الصلبة للمحافظين هم الفصيل الأكبر في الحزب الجمهوري، ولكنهم تاريخياً أخذوا حجماً أكبر من وزنهم، لأن المنتمين لهذه الفئة هم أكثر الناس انخراطا في السياسة، وأكثرهم حرصاً على الإدلاء بأصواتهم، وأكثرهم كذلك في مواكبة الأحداث الجارية. (كما أنهم يمثلون نصيب الأسد من فئة المانحين، لذلك يجد السياسيون عندهم حافزاً آخر لتلبية مصالحهم.)

وربما يساعد هذا على تفسير حقيقة أن 9 من أصل 10 من فئة المحافظين الأساسية (النواة الصلبة) يقولون إن الحزب الجمهوري يمثل قيمهم تماماً أو إلى حد ما، بالمقارنة مع نسبة 3 فقط إلى 4 عند المحافظين على مبدأ “الدولة أولاً” و 6 من أصل 10 عند الجمهوريين المتشككين بالسوق.

(ب) أنصار ترامب الأساسيين يميلون إلى اعتبار السياسة الاقتصادية لعبة صفرية. ويعتقد كثيرون منهم أنه يجب أن يحسر الآخرون لكي يكسبوا هم. ومع ذلك، يعتقد معظم الأميركيين أنه من الممكن أن يكون هناك سياسات اقتصادية تفيد الجميع في البلاد. ويقول 6 من أصل 10 من الجمهوريين المتشككين في السوق أن كثير من السياسات الاقتصادية تؤدي في النهاية إلى تربح البعض على حساب الآخرين، وهي نسبة أعلى بكثير من فئة المحافظين الأساسيين.

– من خلال النظر إلى الجدول أعلاه، نجد أن هناك سبعة قضايا قسمت المجموعات الفرعية بشكل مذهل، وهي:

1- الضرائب: يقول حوالي الثلثين من النواة الصلبة للمحافظين إنه ينبغي خفض الضرائب على المشروعات الكبيرة والشركات. ومن ناحية اخرى، يؤيد 24 % فقط من الجمهوريين المتشككين فى السوق خفض معدلات الضرائب على الأسر ذات الدخل المرتفع، بينما ترى نسبة 55 % منهم أنه يجب زيادة الضرائب على المشروعات الكبيرة والشركات.

2- الرعاية الصحية: يقول 88% من المحافظين الأساسيين إنه ليس من مسؤولية الحكومة ضمان أن تشمل الرعاية الصحية جميع الأمريكيين ، وذلك في مقابل 72 % من محافظي “الدولة أولاً” و57 % من الجمهوريين المتشككين في السوق. لكن رجال الأعمال الجدد منقسمون: 47 % يقولون ان من مسؤولية الحكومة التأكد من حصول الامريكيين على حق الرعاية الصحية، في حين يقول 50 % منهم عكس ذلك.

3- الهجرة: يقول ثلاثة أرباع محافظي “الدولة أولاً” إن المهاجرين يشكلون عبئا على البلاد، وثلثا تلك المجموعة يقولون إن الولايات المتحدة قد تخاطر بفقد هويتها كدولة إذا ظلت مُشرَعة الأبواب للمهاجرين من جميع أنحاء العالم. لكن 70% من “أصجاب المشروعات الجدد” ينظرون إلى المهاجرين كنقطة قوة، ويقول الثلثان منهم إن انفتاح الولايات المتحدة “ضروري لإبراز هويتنا كدولة”

4- دور الحكومة: يقول 12 % فقط من المحافظين الأساسيين إن حزب الجمهوريين أنهم على أتم الاستعداد لخفض البرامج الحكومية حتى في حال ثبتت فعاليتها، مقارنة بـ 36 % من محافظي “الدولة أولاً”، و64 % من أصحاب المشاريع الجدد و 49 %من الجمهوريين المتشككين بالسوق.

5- دور أمريكا في العالم: على وجه العموم، فإن هناك 47 % من الأميركيين يوافقون على أنه “من الأفضل لمستقبل بلادنا أن تكون نشطة في الشؤون العالمية”، ولكن نسبة مماثلة تقول “يجب أن نولي اهتماما أقل للمشاكل في الخارج والتركيز على المشاكل التي في داخل البلاد “. وقد ارتفع التأييد للاهتمام بدور الولايات المتحدة في الخارج بين الديمقراطيين منذ عام 2014. في حين قال نصف المحافظين الرئيسيين أن الولايات المتحدة يجب أن تكون نشطة على الصعيد العالمي، 66 % من محافظي “الدولة أولاً” و 72 % من الجمهوريين المتشككين في السوق يقولون إنه يجب على الولايات المتحدة التركيز على المشاكل الداخلية وإيلاء اهتمام أقل للمشاكل خارج البلاد.

6- تغير المناخ: يقول عدد 7 من أصل 10 من فئة النواة الصلبة للمحافظين أنه لا يوجد دليل قوي على ظاهرة الاحتباس الحراري. وكذلك نصف محافظي “الدولة أولاً” يقولون ذلك. لكن من ناحية أخرى، يقول ثلثا كل من الجمهوريين المتشككين بالسوق ورجال الأعمال الجدد أن هناك دليل قوي على ظاهرة الاحتباس الحراري.

7- زواج المثليين: على الصعيد الوطني، يفضل 62 % من الأمريكيين السماح للشواذ بالزواج بشكل قانوني، في حين لا يزال 32 % منهم يعارضون زواج المثليين. ويعارض ثلاثة أرباع المحافظين على مبدأ “الدولة أولاً” زواج المثليين. لكن المحافظين الأساسيين أصبحوا الآن أقرب إلى الانقسام بالتساوي في هذه المسألة – فـ 43 % يؤيدون و49% يعارضون. وعلى الجانب الآخر، فإن 57% من الجمهوريين المتشككين في السوق الحر و54 % من أصحاب المشروعات الجدد يريدون السماح للمثليين من الجنسين بالزواج بشكل قانوني.

8- تُعد نسبة التداخل في القيم السياسية للجمهوريين والديمقراطيين أقل بكثيرعما كانت عليه في الماضي. ففي عام 2004، اتخذ 49 % من الأميركيين عددا متساويا تقريبا من المواقف المحافظة والليبرالية على مقياس مبني على 10 أسئلة. وكانت هذه هي النسبة نفسها التي كانت عليها في عام 1994. ثم، قبل ثلاث سنوات، كان 38 % من الأمريكيين عندهم مزيج من الآراء الليبرالية والمحافظة. وقد انخفضت النسبة الآن إلى 32 %.

 

 وجهة نظر جيدة:

يتحدث دونالد ترامب باستمرارعن هيلاري كلينتون وذلك لأن هذه هي أفضل طريقة للمحافظة على تماسك حزبه. فهناك حوالي 4 فقط من أصل 10 من بين المحافظين الأساسيين والمحافظين من أصحاب مبدأ “الدولة أولا”ً يقولون إنهم يتفقون مع ترامب في “كل أو معظم القضايا”، مقارنة مع ما يقرب من 6 من أصل 10 عند الجمهوريين المتشككين في اقتصاد السوق. وينقسم رجال الأعمال الجدد بشكل متساو تقريبا: حيث 47 % يقولون إنهم يتفقون مع ترامب على العديد من القضايا أو كلها، في حين يقول 53 % أنهم تقريباً لا يتفقون مع الرئيس في أي قضية أو فقط في قضايا قليلة.

وعلى الرغم من ذلك، فإن الناخبين في جميع التصنيفات داخل الحزب الجمهوري يكرهون هيلاري كلينتون بحوالي ضعف المعدل الذي يحبون به دونالد ترامب.  (وبالمثل، فإن جميع الديمقراطيين متوحدون معاً في الوقت الراهن على ازدرائهم لدونالد ترامب)

 

يقول آرون بليك: “باقتباس عبارة من كلام الراحل ريك جيمس ، فإن التحزب المضاد هو أنجع الحلول”. ويُعتبر الحزب الجمهوري اليوم أكثر توحدا على ما هو “ضد” – أي ضد الديمقراطيين ووسائل الإعلام الرئيسية – منه على ما هو “مع”. … فقد لا يعتبرون ترامب شيئا كبيراً يستحق تمثيل سياساتهم، وربما حتى يعتقدون انه أحمق، لكنه بالتأكيد معهم في أهم شيء: وهو كونه ليس من الجهة الأخرى. وربما يكون هذا ما يهم حقاً في بلد شديد الاستقطاب. ( 1)

———————————

الهامش

( 1 ) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية “.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close