fbpx
دراسات

الحق في المساعدة القضائية والاستعانة بالمحامين

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

الحق في المساعدة القضائية والاستعانة بالمحامين

حق الدفاع هو حق إنساني بامتياز حيث يرى بعض الفقه أنه من الحقوق الطبيعية التي لا تحتاج إلى النص عليه لا في المواثيق ولا في أي من الإعلانات الدولية، بل ذهب جانب من الفقه إلى أبعد من ذلك بالقول بأن حق الدفاع ليس مجرد حق طبيعي وفقط، بل هو حق طبيعي لصيق بالشخصية لا يمكن أن ينفصل عنها لأنه امتداد طبيعي لها، وأقروا بأن صعوبة حق الدفاع تكمن في تنظيمه وتوفير حماية أكيدة له وليس في إقراره.[1]

ولم تعرف أغلب القوانين الجنائية الإجرائية حق الدفاع وكذلك الأمر بالنسبة لأغلب القضاء، وإن كانت هناك محاولة من جانب محكمة النقض المصرية في هذا الجانب.

ونفس الشيء بالنسبة للفقه حيث ذهب جانب منه إلى القول باستحالة إيجاد تعريف جامع مانع لحق الدفاع يتفق عليه الكل ويكون أرضية مشتركة للبحث مستقبلا، ومع ذلك قال بعضهم في محاولة لتعريف حق الدفاع بأنه مجموعة متكاملة من الإجراءات التي يباشرها المتهم أصالة أو يباشرها نيابة عنه شخص وُكل بالدفاع عنه أمام القضاء لأجل حماية حقوقه ودفع أي تهمة قد تكون.[2]

وحق الدفاع متاح لكل إنسان يوضع موضع الاتهام لذا فهو من النظام العام بحسب ما جاء به جانب من الفقه، كما يرى جانب فقهي آخر بأن حاجة المتهم له أكثر من حاجة أي شخص آخر إليه، لأن المتهم مهدد بالعقوبة التي ستطال جسده إما بالتقييد أو بالإعدام، لذا كان من الضروري الاستعانة بمحام “مدافع”، بخلاف المجني عليه فقد يلجأ إلى محام وقد لا يرى في ذلك أهمية فحاجته للدفاع تقل عن حاجة المتهم.[3]

وقد ذهبت محكمة النقض المصرية في حكم لها للقول بأنه لا يمكن أن تبنى الإدانة على دليل باطل لأن كل متهم في الأصل يتمتع بقرينة البراءة، ولا يمكن إدانته بحكم نهائي إلا من خلال إتباع مجموعة من المبادئ الأساسية وضمانات هامة كفيلة بحماية حقوق الإنسان، ومنها توفير الحرية الكافية في اختيار المتهم لوسائل الدفاع عن نفسه والتي يراها جديرة بتحقيق وضمان حقوقه، لأن حق الاختيار يعتبر حقا أساسيا لا يمكن بأي حال الاستغناء عنه.[4]

ومهما كان الحال ينبغي إحداث توازن ما بين حق الدولة في استيفاء حقها في العقاب عن طريق ممثلها في الادعاء العام وبين حق المتهم في الدفاع، لكن بعض الفقه قال بأن الدولة تملك قبل الجاني سلطة في العقاب وليس حقا، لكن انتقد هذا الرأي على أساس أن السلطة غير قابلة للتقادم ولا للتنازل بعكس الحق، وأمام مقتضيات السياسة الجنائية تتنازل أحيانا الدولة عن حقها في العقاب بإصدار عفو شامل أو وقف تنفيذ العقوبة، لكن يبقى حق الدفاع من متطلبات مبدأ الشرعية بحسب جانب من الفقه وهو ما يحتم على الدولة احترامه وحمايته.[5]

وفي هذا الإطار جاء حكم لمحكمة النقض المصرية في شأن أهمية حق الدفاع في الموازنة بين سلطة الدولة في العقاب وحق المتهم في الدفاع كما يلي: “إن القانون كما اهتم بحقوق الاتهام فإنه قدس حقوق الدفاع ورتب للمتهمين ضمانات لا يجوز الإخلال بها وذلك لتحقيق الموازنة بين السلطة بما لها من قوة وبين الأفراد بما لهم من حقوق وحريات وإذا كان المبدأ الذي يسيطر على الإجراءات الجنائية هو حق الدفاع الحر الذي يتعين احترامه إلا أنه من الواجب أيضا تطبيق هذا المبدأ بمراعاته لأمرين أولهما: حقوق غير المتهمين، وثانيهما: حقوق الهيئة الاجتماعية على العموم”.[6]

وحق الدفاع حق أقرته الشريعة الإسلامية ويتجلى ذلك في رجاء سيدنا موسى عليه السلام من الله سبحانه وتعالى في أن يرسل معه أخاه هارون عليه السلام لمساعدته على الدفاع عن نفسه ودحض الاتهام الموجه إليه، حيث جاء في قوله تعالى:” قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33) وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (34) قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (35) سورة القصص.[7]

المطلب الأول: المساعدة القضائية حق إنساني

تعتبر المساعدة القضائية من أوكد حقوق الإنسان لأن الاعتناء بهذا الحق من خلال توفير دفاع لكل شخص لم يستطع أو لم يجد بدا لذلك، هو عبارة عن نوع من التكافل الإنساني وبالخصوص أمام القضاء الجنائي الذي لن تقل أية عقوبة فيه عن تقييد حرية الشخص.

والمساعدة قد تكون بتعيين محام وقد تكون كذلك من خلال مجانية بعض الأعمال الإجرائية أمام القضاء الجنائي.

وسنتناول هذا المطلب في الفرعين الآتيين، الفرع الأول: أهمية المساعدة القضائية ونطاقها، الفرع الثاني: المساعدة القضائية في القضاء الجنائي

الفرع الأول: أهمية المساعدة القضائية ونطاقها

أولا- أهمية المساعدة القضائية

يعرف الفقه المساعدة القضائية بأنها عبارة عن إجراء يتخذ لمصلحة كل شخص تكون موارده المالية غير كافية، وذلك بإعفائه بشكل مؤقت أو نهائي من دفع أية مصاريف قضائية عند لجوئه إلى العدالة للدفاع عن حقوقه، ولا يهم أكان مدعيا أو مدعى عليه.

ونظرا لارتفاع تكاليف القضاء ظهرت جدية المساعدة القضائية كوسيلة هامة ومعينة على ممارسة حق التقاضي.[8]

وترتبط المساعدة القضائية بشكل وثيق بمبدأ حق التقاضي وترتبط كذلك بمبدأ المساواة وعدم التمييز بين المتقاضين بسبب تفاوت مراكزهم الاقتصادية والمالية، وهو ما يناقض كافة التشريعات التي حرمت التمييز لأي سبب كان ومن جملتها التمييز بسبب الثروة حيث جاء في نص المادة (24) من الدستور الإيطالي الإلزام بعدم جواز النظر إلى ثروة الشخص أو موارده عند رفع الدعوى أو الدفاع أمام جميع المحاكم.

والمادة (4) من الدستور البلغاري والتي تنص على أن: “القوانين تطبق على الجميع بغض النظر عن ثروة الشخص أو مركزه”، وكذلك نص المادة (17) من الدستور المكسيكي والتي جاء فيها: “المحاكم مفتوحة طوال الأيام والساعات لإدارة العدالة طبقا للشروط التي ينص عليها القانون والتقاضي يكون مجانا، ولا يجوز مطالبة الخصوم بأي مصاريف مهما كانت”.[9]

وقد نص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في المادة (14/3/و) على ضرورة إخطار المتهم بحقه في الدفاع وإن لم يوجد من يدافع عنه وجب على المحكمة أن تجد له مدافعا في الحال.

كما نصت المبادئ الأساسية بشأن دور المحامين في المبدأ (2) على ضرورة أن تتيح كل دولة نظاما فعالا بغية حصول أي شخص على مساعدة قضائية.

ومثلما سبقت الإشارة إليه فإن في تحقق المساعدة القضائية إعمال لمبدأ المساواة أمام القضاء، فتحقيق العدالة الجنائية مرهون بتيسير الحصول على الحماية القضائية ولذلك كان من اللازم لأجل تفعيلها وتوكيدها عدم وجود أي عائق يقف حائلا أمام تحقيق هذه العدالة، وهذا يمر حتما من خلال التأكيد على مبدأ مجانية التقاضي باعتباره يعود بالفائدة على الخصوم من جهة وعلى المجتمع بكامل مكوناته من جهة أخرى.[10]

لكن وخوفا من نتائج عكسية لمبدأ مجانية التقاضي وحتى لا تكون هناك دعاوى كيدية وغير جدية فرض المشرع على كل من يطلب هذه الحماية رسوما لأجل مباشرة أي دعوى، لكن برز مشكل آخر وهو عدم قدرة الكثير من المتقاضين على تحمل هذه الأعباء المالية، وهو الأمر الذي يطرح مشكلة حقيقية في كفالة حق التقاضي الذي هو في الأساس حق لجميع الناس.

لذا فالحقيقة تبقى مجرد نظرية لأنه وإن كانت العدالة مجانية فإن وسيلة تحقيقها ليست بالضرورة مجانية، وهو ما فرض احتراما لحقوق الدفاع بوجود نظام المساعدة القضائية.[11]

وقد برز في الفقه اتجاه فقهي يفرق بين نظام المساعدة القضائية ويراها تنصب على الإعفاء من الرسوم والمصاريف القضائية، وبين نظام المعونة القضائية ويراها تنصب على الاستفادة من خدمات مجانية التقاضي.

والمشرع الفرنسي وبموجب القانون رقم 91/647 الصادر في 10 يوليو 1991 وسع من نطاق المساعدة القضائية لتشمل بالإضافة إلى ما سبق وذكره الفقه نظام الاستشارات القانونية، وقد أحجم عن العمل بمصطلح المساعدة القضائية “L’aide judiciaire”، ليصبح المصطلح القائم مكانه هو المساعدة القانونية “L’aide juridique” حيث يمتد نطاق المصطلح الأخير ليشمل أعمال التوثيق والتسجيل وشهر التصرفات والاستشارات القانونية.[12]

أما المصطلح المستعمل في الجزائر فهو نظام المساعدة القضائية والتي صدر في حقها الأمر رقم 71/57 المؤرخ في 14 جمادى الثانية 1391 الموافق لـ 5 غشت 1971،[13] وقد عدل وتمم بموجب القانون رقم 01/06 المؤرخ في 28 صفر 1422 الموافق لـ 22 ماي 2001.[14]

وتشمل المساعدة القضائية بموجب المادة (2) من الأمر رقم 71/57 ما يلي:

” تشمل المساعدة القضائية بحكم القانون جميع الأعمال والإجراءات التنفيذية الواقعة التي تجري بموجب الأحكام التي تمنحها.

كما يسوغ منحها لكل الإجراءات التنفيذية التي يمكن القيام بها، إما بمقتضى الأحكام الصادرة بدون الاستفادة من تلك المساعدة وإما بمقتضى جميع العقود ولو كانت اتفاقية إذا كانت عليها الصيغة التنفيذية وذلك إذا كانت موارد الشخص الذي يتابع التنفيذ غير كافية.

وبالنسبة للنزاعات التي يمكن أن تثيرها أعمال وإجراءات التنفيذ بين المستفيد من المساعدة القضائية وبين الغير فإن الاستفادة من القرار السابق تبقى قائمة فيما يتعلق بإثبات حالة الاحتياج، ولكن المساعدة يفصل فيها المكتب المختص عندما يتصدى للموضوع طبقا للتفصيل الوارد في المادة 3 بعده”.

وقد نصت المادة (1) من ذات الأمر على أن تمنح المساعدة القضائية لشخص طبيعي أو معنوي ذا مصلحة عامة إذا كان من غير الممكن عليهم الولوج إلى القضاء من دون هذه المساعدة حيث جاء نصها كما يلي:” يمكن منح المساعدة القضائية في أية حال لكل شخص وكل مؤسسة ذات مصلحة عامة وكل جمعية خاصة تتابع عملا إسعافيا، إذا تبين أن هذه الشخصيات والمؤسسات والجمعيات يستحيل عليها ممارسة حقوقها أمام القضاء إما طالبين أو مطلوبين.

و هي تطبق:

  • على المنازعات المرفوعة أمام كافة الجهات القضائية.
  • على كل الأعمال والإجراءات الولائية والأعمال التحفظية ولو لم تكن منازعة فيها.

وحق المساعدة القضائية معترف به لمواطني الدولة وكذلك للأجانب وهو ما تأكد في نص المادة (14) من الاتفاقية الدولية المنعقدة بتاريخ: 14 نوفمبر 1896، والتي جمعت في أول الأمر كلا من فرنسا، بلجيكا، إسبانيا، إيطاليا ولكسمبورغ، لتنظم إليها لاحقا دول كثيرة ومما جاء في المادة (14) ما يلي: “إن لمواطني الدول المتعاقدة حق الانتفاع في كل دولة من تلك الدول بالمساعدة القضائية المجانية على مثل مواطنيها ذاتهم، وفقا للتشريع المعمول به في الدولة المطالب فيها تلك المساعدة”، وحددت المادة (15) من ذات الاتفاقية شكل التصريح بحالة العوز، والذي يحصل بالأساس أمام سلطة الموطن الدائم وإن تعذر ذلك يكون التصريح بالموطن الحالي للأجنبي، وتملك هذه السلطة الحق في مطالبة بقية سلطات الدول الأعضاء بتقرير عن الحالة المالية للطالب، لتحل لاحقا محل هذه الاتفاقية اتفاقية لاهاي بتاريخ 17 يوليو 1905 لكن لم تطبق فعليا إلا سنة 1909.[15]

ثانيا- مجال المساعدة القضائية وإجراءاتها

أول تشريع صدر في فرنسا سمي بقانون المساعدة القضائية وصدر بتاريخ 22 جانفي 1851، ويعد أساسا لكل ما صدر بعده فيما يخص المساعدة القضائية، وبعد صدور قوانين عدة جاء قانون المساعدة القانونية رقم 91/647 بتاريخ 10 يوليو 1991 السابق ذكره، والذي عالج أوجه القصور الذي جاءت في التشريعات السابقة ومن خصائصه ما يلي:

  • اتسعت المساعدة القضائية لتشمل المنازعات الجنائية، المدنية والإدارية، لكن بشرط قيام الدعوى على سبب جدي وأن تكون من الدعاوى المقبول الفصل فيها، وكذلك يشترط ألا يزيد دخل الطالب لها على نصاب يحدده المشرع سنويا.
  • زادت مساهمة الدولة الفرنسية في نظام المساعدة القضائية لتصل إلى مليار ونصف مليار فرنك فرنسي عام 1994 بعد أن كانت تصل إلى 414 مليون فرنك فرنسي عام 1993.
  • توسع المساعدة القضائية لتشمل الاستشارات القانونية، وكذلك الإجراءات القضائية وغير القضائية كالصلح والتوثيق بين الأفراد.
  • أنشأ القانون مجالس إقليمية للمساعدة القانونية حيث تتكون من بعض المصالح العامة والجمعيات التابعة للدولة والإقليم وممثلين عن الدولة والمهن المتصلة بالمساعدة.

وكذلك تم استحداث بموجب هذا القانون المجلس الوطني للمساعدة القانونية حيث يقوم بتجميع البيانات والمعطيات من الأفراد والجهات عن المساعدة القانونية وعن كل اقتراح يقدم للسلطات العمومية.

  • تمنح المساعدة القضائية للمدعي أو المدعى عليه سواء أكان بصفة أصلية أو عارضة، أو كان مستأنفا أو مستأنفا عليه، طاعنا أو مطعونا ضده بالنقض، ولا يستفيد الشخص المعنوي من هذه المساعدة إلا إذا انحصر عمله في المجال الإنساني والاجتماعي من غير قصد تحقيق الربح كإنشاء المستشفيات والجمعيات الخيرية، ويكون مقره في فرنسا وفقا لنص المادة (2) من القانون 91/647.

ويمكن لطالب المساعدة أن يقدم طلبه في أي وقت من الخصومة، ولا يشترط في طالب المساعدة أن يكون فقيرا معدما لكن فقط يكفي أن يتوفر فيه شرط عدم القدرة على دفع تكاليف التقاضي، وقد أخذ المشرع الفرنسي بمعيار مالي سواء في المساعدة الكلية أو في المساعدة الجزئية.[16]

وقد أضاف المشرع الفرنسي مثلما سبق القول بموجب القانون الجديد رقم 91/647 الأعمال غير القضائية كالصلح والتوفيق بين الخصوم في شكل مساعدة قضائية، وكذلك أضاف بموجب المادة (59) من نفس القانون المساعدة القانونية لتشمل الاستشارات في الحقوق والالتزامات الأساسية كالحريات العامة والفردية، الطفولة، الشيخوخة، المرض، العمل، ومختلف أنواع الحوادث كما يجوز طلب هذه الاستشارة أمام الجهات غير القضائية كلجنة التوفيق في مسائل الإيجار أو أمام أي جهة إدارية.[17]

وقد أشار إعلان مبادئ العدل الأساسية المتعلقة بضحايا الإجرام والتعسف في استعمال السلطة إلى نوع آخر من المساعدة بشكل يقترب مما قرره القانون الفرنسي، فمن أجل الوصول إلى العدالة والمعاملة المنصفة ينبغي وفقا لنص المادة (4) معاملة الضحايا برأفة واحترام لكرامتهم ولن يتأتى ذلك إلا بحصولهم على إنصاف فوري، وهذا المبدأ هو تمهيد ظاهر للمبدأين (14) و(15) حيث يشترط مساعدة الضحايا في الشق المادي والطبي والنفسي والاجتماعي، كما ينبغي إعلام الضحايا بتوفر هذه الخدمات الصحية والاجتماعية وغيرها من المساعدات وثيقة الصلة وأن يتاح لهم الحصول عليها بسهولة.

أما في انجلترا فقد نظم المساعدة القانونية القانون الصادر عام 1949 والذي عرف عدة تعديلات سنوات (1960، 1964، 1971)، وتعتبر جمعية القانون وهي بمثابة نقابة المحامين في الجزائر، الجهة المخولة بتقديم المساعدة القانونية تحت إشراف مستشار المحكمة، وتشمل المساعدة الأعمال التي تسبق رفع الدعوى والدعاوى في حد ذاتها بكامل إجراءاتها ومراحلها، وهي متاحة لكل شخص لا يزيد رأسماله عن (125) جنيه استرليني، ويحصل على هذه الخدمة مجانا أو مقابل مبلغ رمزي يساوي (1) جنيه استرليني، مهما كان دخله كي يحصل على مشورة من أحد المحامين المتطوعين.[18]

وفي الجزائر يحدد معيار قيمي يمكن من خلاله معرفة هل يستحق الشخص الطبيعي أو المعنوي المساعدة القضائية أم لا بموجب الأمر 71/57، لكنه أعطى إشارات على إمكانية تقدير ذلك وربما يخضع للسلطة التقديرية لجهات معينة أشار إليها، ويوجد مكتب مساعدة على مستوى المحاكم، المجالس القضائية، والمحكمة العليا، كما يوجد لدى كل مكتب مساعدة قضائية ممثلا عن إدارة الضرائب المختلفة وفقا للمادة (3) من الأمر 71/57.

وفي الطلب الذي يوجهه الطالب إلى مكتب المساعدة القضائية ينبغي بحسب المادة (6) من ذات الأمر أن تتضمن مستخرجا من جدول الضرائب أو شهادة عدم فرض الضريبة بالإضافة إلى تصريح يثبت فيه الطالب قلة موارده مع بيان مفصل لأسباب معاشه، وهذا الطلب ينبغي أن يؤكد صحة تصريحه أمام رئيس المجلس الشعبي البلدي لمحل إقامته ويشهد له هذا الأخير وجوبا في أسفل التصريح بذلك.

ويباشر المكتب إجراءات التحقيق فيما يخص عدم كفاية موارد الطالب وأن يفصل في ذلك على وجه السرعة وإن رأى أنه لا يستحق فإنه يمنح وجوبا فرصة للطعن أمام الطالب بحسب المادة (7) من الأمر 71/57، وفي حال قبول المساعدة فإن المكتب غير ملزم بإبراز أسباب قبوله لكن إن رفض الطلب وجب عليه تسبيب الرفض بحسب المادة (10) من نفس الأمر.

وفي خلال (3) أيام من قبول الطلب بشكل نهائي يجب على رئيس الجهة القضائية المختصة أن يطلب من رئيس النقابة الوطنية للمحامين، أو من مساعده أو ممن يمثله، تعيين محام موجود في أقرب إقامة بحسب المادة (11) من الأمر 71/57.

الفرع الثاني: المساعدة القضائية في القضاء الجنائي

تتخذ المساعدة القضائية في القضاء الجنائي عدة صور (أولا)، ومن المساعدة أيضا تعيين محام مع مجانية بعض الأعمال الإجرائية (ثانيا).

أولا- صور المساعدة القضائية

تختلف المساعدة القضائية من نظام تشريعي لآخر ومن دولة لأخرى، لكنها تنحصر في أربع صور لا يمكن أن تتعداها وهي:

الصورة الأولى: المساعدة القضائية تشرف عليها تنظيمات غير حكومية كنقابة المحامين والجمعيات القانونية، الأحزاب السياسية، المنظمات غير الحكومية، ومختلف أنواع الجمعيات، وقد تتولى الدولة الإنفاق كما هو حاصل في النظام الأنجلوسكسوني.

الصورة الثانية: المحكمة هي المشرف الأول على تنظيم المساعدة القضائية باختيار المحامي الذي سيتولى الدفاع عن كل شخص غير قادر وهو المعمول به في: أستراليا، البرازيل، بلغاريا، شيلي، كولومبيا، كوت ديفوار، كوبا، السلفادور، اليونان، المجر، وبولندا.

الصورة الثالثة: الدولة هي من تشرف على المساعدة القضائية لكل شخص غير قادر عن طريق محامين يعملون لديها لهذا الغرض.

الصورة الرابعة: يتولى المساعدة القضائية مكاتب المساعدة الموجودة في كل محكمة وهي من تتولى توكيل المحامين للدفاع عن غير القادرين، كما أنه من المتاح للشخص اختيار المحامي الذي سيدافع عنه وهو المعمول به في فرنسا وبلجيكا.[19]

وهو نفس الأمر في الجزائر بموجب المادة (3) من الأمر 71/57 المتعلق بالمساعدة القضائية، حيث يوجد مكتب للمساعدة على مستوى كل محكمة، مجلس قضائي، وعلى مستوى المحكمة العليا.

ثانيا- تعيين محام مع مجانية بعض الأعمال الإجرائية

1- تعيين محام يتولى مسؤولية الدفاع

المساعدة القضائية مضمونة في المادة المدنية لكن قيمتها تظهر بصفة جلية في المادة الجزائية حيث تتخذ أول صورة لها وهي ضرورة تعيين محام، وهذا ما نصت عليه المادة (14/3/و) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وكذلك نص عليه المبدأ (1) من المبادئ الأساسية بشأن دور المحامين حيث أعطى لكل شخص الحق في طلب مساعدة من محام يختاره بنفسه للدفاع عنه في جميع مراحل الإجراءات الجزائية، وهو ما يوافق المبدأ (5) الذي يوجب على السلطة القضائية إفادته بهذه المساعدة، وبموجب المبدأ (6) فمن حق المتهمين الذين لم يعين لهم محام في أن يعين لهم محام ذا خبرة وكفاءة تتفق وطبيعة الجريمة المتهم بها حتى يستفيدوا من مساعدة فعالة.

وهو كذلك ما جاء النص عليه في الجزائر بموجب المادة (25) من الأمر 71/57 ويكون ذلك في حالات بعينها لكنها لم تلبث أن عدلت بموجب القانون رقم 01/06 والتي جاء نصها كما يلي:” يتم تعيين محام مجانا في الحالات الآتية:

  • لجميع القصر الماثلين أمام قاضي الأحداث أو محكمة الأحداث أو أية جهة جزائية أخرى.
  • للمتهم الذي يطلبها أمام قاضي التحقيق أو المحكمة التي تفصل في مواد الجنح.
  • للطاعن بالنقض إذا طلبها أمام الغرفة الجنائية بالمحكمة العليا عندما تتجاوز العقوبة المحكوم بها عليه خمس سنوات سجنا نافذة.
  • إذا كان المتهم مصابا بعاهة من شأنها أن تؤثر على دفاعه.
  • للمتهم الذي يطلبها أمام محكمة الجنايات مع مراعاة أحكام المادة (29) مكرر أدناه.

وكذلك نصت المادة (454/2) ق إ ج على ضرورة تعيين محام للحدث بصفة الزامية من قبل قاضي الأحداث، جاء فيها: “إذا لم يختر الحدث أو نائبه القانوني مدافعا عنه عين له قاضي الأحداث من تلقاء نفسه مدافعا أو عهد إلى نقيب المحامين باختيار مدافع للحدث”.

وبخصوص المتهم المصاب بعاهة تعوق دفاعه فقد نصت المادة (292) ق إ ج على ما يلي: “إن حضور محام في الجلسة لمعاونة المتهم وجوبي وعند الاقتضاء يندب الرئيس من تلقاء نفسه محاميا للمتهم”، أما المادة (351/2) ق إ ج فقد نصت على أنه: “ويكون ندب مدافع لتمثيل المتهم وجوبيا إذا كان المتهم مصابا بعاهة طبيعية تعوق دفاعه أو كان يستحق الإبعاد”.

وقد تضمن الأمر رقم 71/57 ترتيبا واضحا لكيفية الاستفادة من المساعدة في هذه الحالة فقد يعين المحامي تلقائيا في مرحلة التحقيق ويستمر الإجراء فيما سيأتي من مراحل، أو قد يعين في جلسة المحاكمة من قبل رئيس الجهة القضائية المختصة، ويصدر هذا التعيين على ضوء الحالة الصحية للمتهم أو بناء على معلومات مؤكدة بدلائل قاطعة، وبذلك تكون المساعدة متاحة في الجنح والجنايات على حد سواء.[20]

وإذا كان المتهم معرضا لعقوبة الإبعاد، فقد نص المشرع على ذلك في المادة (351/3) من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، حيث جاء فيها: “ويكون ندب مدافع لتمثيل المتهم وجوبيا إذا كان المتهم يستحق عقوبة الإبعاد”، ثم جاء الأمر رقم 71/57 لينص عليه في المادة (25/2)، لكن لم يعد يجري به العمل منذ صدور القانون 01/06 المؤرخ في 22 ماي 2001 الذي حذفه بعد التعديل الذي طرأ على المادة (25).[21]

وقد يكون التعيين التلقائي لمحام بناء على طلب المتهم في الحالات الآتية:

  • كان القانون بموجب نص المادة (351/2) ق.إ.ج يقتصر على تلبية طلب المتهم في تعيين محام له بناء في مرحلة المحاكمة فقط، أمام قبلها فإنه لا يشملها نظام المساعدة القضائية، لكن بصدور الأمر رقم 71/57 أصبح يمكن للمتهم الاستفادة من الدفاع المجاني- تعيين محام- أمام قاضي التحقيق أو في جلسة المحاكمة.
  • عند مثول المتهم أمام المحكمة الجنائية: فبموجب القانون رقم 01/06 المعدل والمتمم للأمر رقم 71/57 نصت المادة (25/5) منه على وجوب تقديم طلب للحصول على المساعدة القضائية، مع الأخذ بعين الاعتبار ما جاءت به المادة (29) مكرر بشأن المكافأة المالية الواجب دفعها للمحامي.
  • عند مثول الطاعن بالنقض أمام الغرفة الجنائية للمحكمة العليا وقد حكم عليه بعقوبة تجاوز خمس سنوات سجنا نافذة بموجب المادة (25/3) المعدلة بالقانون رقم 01/06 المعدل والمتمم للأمر رقم 71/57 المتعلق بالمساعدة القضائية، وحتى ولو تقرر إعادة تكييف الجريمة من جناية إلى جنحة يبقى الأصل هو الإدانة التي صدر على أساسها الحكم كشرط للاستفادة من تعيين محام.[22]

2- مجانية بعض الأعمال الإجرائية

تظهر المساعدة القضائية في المادة الجزائية في صورة أخرى وهي مجانية بعض الأعمال الإجرائية فقد يرغب المتهم بعد إحالة الملف على جهة الحكم بعد استكمال مجريات التحقيق وقبل تاريخ بدأ المحاكمة، أن يطلب سماع شهود أو تقديم وثائق أو إجراء تحقيق فيها سعيا منه لإظهار الحقيقة، لكن الإقدام على مثل هذه الإجراءات يتطلب مصاريف تقع على عاتق المتهم أو من يطلبها، وأمام مقتضيات العدالة الجنائية التي تسعى لإظهار الحقيقة وإحقاق العدالة يبرز الإعفاء من هذه المصاريف، ويرجع الأصل التاريخي لهذه المجانية لقانون 22 يناير 1851 في فرنسا بموجب المادة (22) منه.

وقد نصت المادة (14/3/و) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على مجانية حصول الشخص المتهم على مساعدة قضائية في حال ندب محام للدفاع عنه وجوبا، وألا يحمل المتهم على سداد أجر هذا الدفاع إذا لم يكن في إمكانه.

كما نص في هذا الشأن المبدأ (3) من المبادئ الأساسية بشأن دور المحامين على تكفل الدولة بالجانب المالي لكل مساعدة بشرط أن يكون هناك عوز، وينص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على صورة أخرى للمساعدة القضائية المجانية وهي توفير مترجم مجانا بموجب المادة (14/3/د)، ونفس الشيء ورد في المادة (40/2/ب/6) من اتفاقية حقوق الطفل.

وقد طبقه المشرع الجزائري بموجب المادة (27) من الأمر رقم 71/57، حيث يمكن لرؤساء المحاكم الجنائية ورؤساء المحاكم قبل يوم الجلسة أن يأمروا باستدعاء الشهود الذين يذكرهم المتهم أو المشتبه فيه المعوز، إذا كانت شهادة هؤلاء ضرورية في إظهار الحقيقة ولهم الحق في أن يأمروا في إظهار أية وثيقة أو التحقيق فيها لكن بشرط أن يكون مقدم الطلب معوزا ولا يملك المال الكافي لمباشرة وتحمل تبعات الأعباء المالية لهذه الإجراءات.[23]

وهناك حالات حددتها المادة (28) من الأمر 71/57 المتعلق بالمساعدة القضائية تمنح فيها المساعدة بحكم القانون إلى:

  • أرامل الشهداء غير المتزوجات.
  • معطوبي حرب التحرير.
  • القصر الأطراف في الخصومة.
  • لكل طرف مدع في مادة النفقات.
  • للأم في مادة الحضانة.
  • للعمال في مادة حوادث العمل والأمراض المهنية وإلى ذوي حقوقهم.

المطلب الثاني: حق الاستعانة بمحام

أهم عنصر في حق الدفاع هو حق الشخص سواء كان متهما أو ضحية في الاستعانة بمحام، ففي بعض الأحيان حتى ولو كان الشخص بارعا في القانون ومتمكنا منه فإنه أمام وطأة التهمة الموجهة ومحاولة النيابة العامة الدفع به إلى العقوبة وأمام كثرة الأسئلة، قد يصاب هذا المتهم بالارتباك وربما بالخوف ما قد يؤدي به إلى تضاؤل حظوظه في البراءة هذا من جهة.

ومن جهة ثانية فقد يكون المتهم بعيدا كل البعد عن الدراسات القانونية، وربما يكون أميا لا يعرف لا القراءة ولا الكتابة فالحاجة هنا لدور المحامي بالغة الأهمية، وحتى الضحية يتطلع إلى محام كفء للدفاع عن حقه بكل صرامة وتفان.

فدور المحامي أقرب ما يكون منه في الدفاع وحماية حقوق الإنسان عن غيره من مكونات السلطة القضائية، وهذا ما سيتم تناوله في هذا الجزء من الدراسة البحثية من خلال هذين الفرعين بأكثر تفصيل:

الفرع الأول: المحامي عون للقضاء

الفرع الثاني: إلتزام المحامي بالدفاع عن حقوق الإنسان

الفرع الأول: المحامي عون للقضاء

حتى يكون المحامي سندا وظهيرا للقضاء الجنائي في إظهار عدالته فإنه يتوجب:

حضور المحامي كل أطوار الدعوى لما له من أهمية بالغة (أولا)، وهذا الحضور للدفاع عن أي شخص مهما كانت صفته يبرز بكل وضوح أهمية دور المحامي في عدالة القضاء الجنائي (ثانيا)

أولا- أهمية حضور المحامي كل مراحل الدعوى

نظرا لنبل مهنة المحاماة وأهميتها تطلعت روح وهمة ملك فرنسا لويس (12) إلى ممارستها حيث قال في هذا الصدد: “لو لم أكن ملكا على فرنسا لوددت أن أكون محاميا”، وهذا النبل يرجع إلى أهمية مقاصد المحاماة كمهنة شريفة تسعى إلى إحقاق العدل وإرجاع الحقوق لأصحابها وإبعاد المظالم عن الناس.[24]

لكن البعض من الفقه شبه المحامي في علاقته بموكله بالمرتزق (Mercenaire).[25]

فوجود المحامي بجانب المتهم في كل أطوار الدعوى الجنائية هو أحد وجوه مبدأ تساوي الأسلحة وهو وسيلة أساسية لا غنى عنها في الدعوى العادلة، فهذا الحضور يبعث الطمأنينة في نفس المتهم بما يحوزه المحامي من زاد علمي قانوني وإجرائي، وهذا ما يتيح للمتهم أن يتشاور مع محاميه في كل ما يتعلق بحقوقه والتزاماته فحتى ولو كان شخص المتهم خبيرا بالقانون فإنه لا محالة سيعجز عن الدفاع عن نفسه بالشكل اللائق، لأنه ثبت عمليا عجز المتهم عن السيطرة على أعصابه وضبط نفسه أمام التهم التي تحاصره.[26]

فمهما كانت فصاحة المتهم ورباطة جأشه، فإنه قد ينعقد لسانه وتخور قواه خوفا من إلصاق التهمة به وهو بريء، ضف إلى ذلك فإن القاضي الجنائي مهما كان محايدا فإنه يأخذ المتهم في أول الأمر بظاهر الاتهام، حيث يرى فيه ذلك المخطئ والمذنب الذي يريد أن يفلت من العقاب.[27]

وهذا ما يجعل من حق الاستعانة بمحام في مراحل الدعوى المختلفة أمرا بالغ الأهمية، باعتباره حقا من حقوق الدفاع لا يمكن الاستغناء عنه ولا النكوص عليه.[28]

وعندما يتدخل المحامي لمصلحة موكله هو بالأساس يقوم بدور اجتماعي لا يخلو من جانب خلقي وعملي تطبيقي في آن واحد.[29]

ولا يسيء إلى عمل المحامي بحسب بعض الفقه دفاعه عن متهم أقر بالتهمة المنسوبة إليه، لأن ذلك لا يعدو كونه دفاعا عنه كي لا يجاوز العقاب الحد المعقول تجاهه بشكل ليس له مبرر أو أن تطبق عليه العقوبة بغير سند صحيح، وهو ما قد يغير نظرة الناس إلى الجاني من السخط عليه إلى التعاطف معه واحتقار عدالة القضاء بعد ذلك.[30]

فعلاقة المحامي بموكله هي بالأساس في الدفاع عنه وهي من متطلبات الكفاءة المهنية.[31]

فقد نصت المادة (2) من القانون رقم 13/07 المؤرخ في 24 ذي الحجة 1434 الموافق لـ 29 أكتوبر 2013 المتضمن تنظيم مهنة المحاماة،[32] على أن:” المحاماة مهنة حرة ومستقلة تعمل على حماية وحفظ حقوق الدفاع وتساهم في تحقيق العدالة واحترام مبدأ سيادة القانون”، ولهذا فأهم وأنبل مهمة للمحامي ما جاءت به المادة (5) من نفس القانون:” يقوم المحامي بتمثيل الأطراف ومساعدتهم ويتولى الدفاع عنهم كما يقدم لهم النصائح والاستشارات القانونية”.

لكن يبقى المتهم في الدعوى الجنائية هو الأصل والمحامي مجرد نائب عنه، فإذا أراد المتهم أن يقدم دفاعه بالشكل الذي يراه مناسبا وهو متمسك ببراءته، فإنه يجب على المحكمة في هذه الحالة سماعه بحسب بعض الفقه حتى وإن تعارضت طلباته مع رأي محاميه.[33]

وإذا رجعنا إلى الشريعة الإسلامية الغراء فإننا نقف أمام أهمية المحاماة في نصرة المظلوم ودفع الظلم عنه، وفي ضرورة وجود محام مع الشخص الذي يطلبه دفاعا عنه.

فالتوكيل في الدعوى لأي سبب كان جائز لمن شاء في الشريعة الإسلامية وهو أن يوكل صاحب الحق غيره في خصومته، لأن المحاماة في اللغة يراد بها النصرة والنجدة والمنفعة، بالرغم من أن الذي كان معروفا عند فقهاء الشريعة الإسلامية هو نظام التوكيل بالخصومة أو الوكالة بالخصومة، أما مصطلح المحاماة فهو حديث لم يُتداول بين الفقهاء في بداية صدر الإسلام.[34]

وتظهر مشروعية المحاماة من كتاب الله عز وجل في قوله تعالى:” إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً” النساء(105)، أي مجادلا ومدافعا عن الخونة، لكن وبمفهوم المخالفة فإنه مشروع وجائز ومأجور به الدفاع عن غير الخائنين.[35]

ويرى جانب من فقهاء الإسلام أن مشروعية المحاماة من السنة جاءت في حديث الرسول “صلى الله عليه وسلم” عنها، فعن أم سلمة رضي الله عنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم سمع خصومة بباب حجرته فخرج إليهم: فقال: “إنما أنا بشر وإنه يأتيني الخصم، فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه صادق فأقضي بذلك، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليأخذها أو يتركها”.[36]

وفيما يخص مشروعية المحاماة في الدين الإسلامي يقول شمس الأئمة السرخسي، والذي جاء قوله في التوكيل وفقا لما ذكر سابقا من عدم معرفة لمصطلح المحاماة حينها، حيث قال: “قد جرى الرسم على التوكيل على أبواب القضاة من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا من غير نكير منكر ولا زجر زاجر”.[37]

وبسبب كراهة سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه حضور الخصومات وكل عنه عقيلا بن أبي طالب وجعفر وغيرهم لينوبوا عنه في حضورها، فقد ثبت عنه قوله: “إن للخصومة قحما وإن الشيطان ليحضرها وإني لأكره أن أحضرها”.[38]

وبالرغم من أن المحاماة مقبولة شرعا فإنه لا يجوز الدفاع عن الباطل لقوله تعالى عند نهيه للرسول صلى الله عليه وسلم:” وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً” النساء (107).

وقوله تعالى:”هَا أَنتُمْ هَـؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً” النساء (109).[39]

وأغلب الدول العربية باستثناء الأردن تقريبا سكتت عن حق الاستعانة بمحام في مرحلة الاستدلال، لكن في المقابل هناك من الدول الغربية التي حرصت على هذا الحق كالولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، ألمانيا، واليابان، فقد نصت المادة (96/3) من قانون الإجراءات الجنائية الإيطالي على أنه: “يجوز تعيين محام للدفاع عن المتهم عند الاستيقاف أو القبض أو الحبس الاحتياطي بواسطة قريب له وبالشكل الوارد في الفقرة (2) ما دام المتهم لم يعينه بعد”.

أما في فرنسا وبصدور قانون 24 أغسطس 1993 فقد أعطى الحق للمشتبه فيه بالاستعانة بمحام في مرحلة الاستدلال ما عدا جرائم الإرهاب والمخدرات، ونفس الأمر ورد في المادة (114) من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي، والتي تضع على عاتق كل قاض إلزاما يقضي بضرورة إخبار المتهم وإبلاغه بحقه في اختيار محام من بين المحامين المقيدين في الجدول أو المصرح لهم بذلك، وفي حالة لم يختر المتهم محاميا فالقاضي مجبر بأن يعين له محاميا منذ بدء الإجراءات، وهو نفس الالتزام الذي يقع على قاضي التحقيق فهو مجبر بأن يبلغ المتهم بحقه في الاستعانة بمحام ويتيح له ذلك وإن لم يفعل ذلك يترتب البطلان.[40]

ففي مرحلة الاستدلال أثناء التحقيق الابتدائي إذا تم توقيف أي شخص للنظر وجب على ضابط الشرطة القضائية أن يخبره بكل حقوقه بحسب المادة (51) مكرر ق إ ج، وبموجب نص الفقرة (3) من نفس المادة المعدلة بالأمر رقم 15/02 فإنه في حالة تمديد التوقيف للنظر يمكن للمتهم أن يستفيد من زيارة محاميه، لكن في الجرائم العابرة للحدود والإرهابية وكل ما يتعلق بالصرف والفساد فإنه بمقتضى الفقرة (4) من المادة ذاتها لا يمكنه تلقي زيارة من محاميه إلا بعد انقضاء نصف المدة القصوى للتوقيف للنظر في هذه الجرائم.

ويجب أن يكون لقاء المتهم بمحاميه في قاعة تضمن سرية المحادثة بينهما على ألا تتجاوز مدة الزيارة (30) دقيقة، وفقا لما جاءت به الفقرتين (5، 6) من المادة (51) مكرر ق إ ج.

ونفس الشيء ورد في المادة (6/3/ج) من الاتفاقية الأوروبية، فقد أقرت حق الاستعانة بمحام، ولو كان لمجرد الحصول على نصيحة قانونية في أقسام الشرطة، وبالرغم من عدم ذكرها بشكل صريح في الاتفاقية الأوربية إلا أن المحكمة الأوروبية رأت في قضية Imbrioccia .v. Switzerland أنه إذا طلب المتهم الحق في الاتصال بمحاميه فيجب على الدولة موافاته بذلك من غير معارضة.[41]

فللمحامي دوران هامان: دور في إسداء النصح ودور في الدفاع،[42] ولا يستطيع المحامي المعين تلقائيا بعوض أو بدون عوض أن يمتنع عن تقديم المساعدة للمتقاضي من دون تقديم مبرر لذلك سواء للنقيب أو لمندوبه، وإذا أصر المحامي بالرغم من عدم وجود مبرر عن تقديم المساعدة فإنه يصدر في حقه بعد إحالته على المجلس التأديبي إما الإنذار، أو التوبيخ، أو الإيقاف المؤقت عن ممارسة المهنة على ألا يتجاوز الإيقاف سنة كاملة كحد أقصى، ويمكن حتى أن يشطب من جدول منظمة المحامين ولا يستطيع بعدها أن يلتحق بأية منظمة أخرى سواء كمحام أو كمحام متربص.[43]

وتــعتبر الـــولايات المتحــدة الأمريكيــة من أكـــثر الــدول مراعـــاة لحــق المشتبه فيــه بالاستعانة بمحام بعد صدور حكم المحكمة العليا لعام 1966 في قضية “Miranda .v. Arizona”.[44]

وحضور المحامي في مرحلة المحاكمة من الإجراءات الجوهرية ولا ينبغي بأي حال أن يكون إجراء شكليا وفقط خصوصا إذا كان الشخص متهما بجناية، وتؤكد المحكمة العليا الأمريكية أن حق الاستعانة بمحام هو من أبرز أساسيات المحاكمة المنصفة وترفض تنازل المتهم عن هذا الحق خصوصا إذا لم يكن لهذا التنازل ما يبرره.[45]

ثانيا- المحامي ودوره في عدالة القضاء الجنائي

يبرز دور المحامي بشكل كبير في محاولته الدفاع عن المتهم أو غيره وسعيه لإظهار الحقيقة وإحقاق العدالة، لكن بالمقابل فإن دور القاضي أيضا لا يستهان به فهو الحكم والمرجح ويرجع إليه القول الفصل، وهو ما ذهب إليه شيخ القضاة لمحكمة النقض المصرية في أولى جلساتها عام 1931 إلى القول: “إذا وازنت بين عمل القاضي وعمل المحامي لو جدت أن عمل المحامي أدق وأخطر، لأن مهمة القاضي هي الوزن والترجيح، أما مهمة المحامي فهي الخلق والإبداع والتكوين”.[46]

ويسمي بعض الفقه المحامين برجال القضاء الواقف، واعتبروهم بمثابة الأخ الشقيق للقضاة لأنه تجمعهم غاية واحدة وهي تحقيق العدالة وتحقيق سيادة القانون، فالمحامي يشرح القضية ويبدي المشاكل القانونية التي تثيرها كل قضية، ويبرز رأي كل طرف وحججه وأسانيده ما يسهل من مهمة القاضي الذي يكون بمثابة الحكم الفاصل بين الأطراف على ضوء ما حضره المحامي لأجل الوصول إلى الحقيقة.[47]

ويرى بعض الفقه أن استقلال المحاماة جزء لا يتجزأ من استقلال القضاء، وأنه باستقلالها عن أي تأثير خارجي لا محالة سيساهم في تحقيق قضاء عادل ومنصف وهو ما يسمح باحترام حقوق الإنسان،[48] وهو ما نص عليه أيضا المشرع الجزائري في المادة (2) من القانون رقم 13/07 المتضمن تنظيم مهنة المحاماة.

وقد تم التأكيد على ذلك في مشروع مبادئ استقلال المحاماة الصادر بصقلية ما بين (10-14) ماي 1982 ومما جاء به المشروع ما يلي: “إن وجود نظام عادل ومنصف لإقامة العدالة والحماية الفعالة لحقوق الإنسان والحريات الأساسية يتوقفان على استقلال المحامين بقدر ما يتوقفان على استقلال ونزاهة السلطة القضائية”.[49]

ويرى جانب من الفقه أن المحامي هو أكثر رجل في القضاء الجنائي يسعى إلى تحقيق العدالة، وهو ضحيتها الأول عندما يخسر أية قضية لأي سبب كان، فتوجه إليه أصابع الاتهام بالتقصير وعدم القدرة والمعرفة.

والمحاماة بالإضافة إلى إسهامها في حفظ السلام المجتمعي وإحقاق العدل الاجتماعي، فإنها تساهم في احترام مبدأ المساواة أمام القضاء حيث لا يترك المتهم وحيدا أمام سلطة الاتهام دون أن يجد من يقف معه لدحض هذه الاتهامات ومقارعة الحجة بالحجة.[50]

وحق المتهم في الاستعانة بمحام مرتبط أيضا بحق المجتمع في كفالة محاكمة عادلة لفرد من أفراده، ويقابل هذا الحق كذلك حق المتهم في التنازل عن الاستعانة بمحام.[51]

وحق الاستعانة بمحام له أهمية بالغة في إحقاق العدالة وصيانة حق الدفاع فالمحاماة شريك القضاء في تحقيق العدالة من خلال حماية سيادة القانون وحقوق الإنسان، وكل ذلك هو حماية في الأصل للمصلحة العامة للمجتمع حيث يملك المحامي دورا كبيرا في إظهار الحق ومساعدة القاضي على تجنب الوقوع في الخطأ والذي قد يتأذى منه شخص بريء، وهو ما يهدد حقوق الإنسان في الصميم خصوصا وأن القانون ينطلق من فرضية مصطنعة وهي علم الناس بالقاعدة القانونية بمجرد النشر وهو ما لا يكون متاحا لمعظم الناس![52]

كما أن الحق في الاستعانة بمحام يبرز دور المحامي الفعال في مساعدة القاضي على الوصول إلى حكم عادل.[53]

وحق المتهم في اختيار محاميه هو الأصل ويتقدم على أي تعيين إلزامي أو تلقائي للمحامي من جانب المحكمة لأنه يمثل حالة استثنائية في حال امتنع المتهم عن تعيين مدافع له، أو في حال كان ذلك يدخل ضمن المساعدة القضائية التي سبقت الإشارة إليها، والأولوية للمحامي المدني على غيره من المحامين العسكريين، فقد رأت اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان إعطاء قائمة بها محامون عسكريون في حين أن المحامي المدني موجود يعد انتهاكا لحق المتهم في اختيار محاميه.[54]

وما يجعل المحاكمة الجنائية غير عادلة هي الحيلولة دون اتصال المتهم بمحاميه لأي سبب كان، كالتهديد بسحب رخصة المحامي أو بالإكراه والتهديد بالعنف، وحتى استراق السمع للحوار الدائر بين المحامي والمتهم أو التجسس عليه أو على وسائل الاتصال بينهما، وقد شددت المحكمة الأوربية على حق المتهم في الاتصال بمحاميه بشكل سري، واعتبرته أحد النتائج المنبثقة عن المادة (6/3/ج) في قضية ” S .V. Switzerland”.[55]

كما قد قضت المحكمة العليا الأمريكية في شأن حق المتهم في الاتصال بمحاميه بشكل سري في قضية Campbell .v. UK ومما جاء في قضائها: “إن اتصال المتهم بمحاميه يقتضي تمكين المتهم من تناول المشورة من محاميه في سرية ومن ثم فإن بقاء ضابط الشرطة على بعد خمس أو ثمان خطوات بين المتهم ومحاميه في حجرة مساحتها (20 × 12) قدما بمثابة إنكار لحق المتهم في الاتصال بمحام على انفراد ولا يوفر للمتهم محاكمة عادلة… إذ لا ينبغي أن تكون فترة حبس المتهم احتياطيا أثناء المحاكمة ستارا خافيا يحجب عون الدفاع ويعرقل مساعيه ويحبط معه العدالة”.[56]

وقد جاء في نص المادة (24) من القانون رقم 13/07 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة ما يلي: يستفيد المحامي بمناسبة ممارسة مهنته من:

  • الحماية التامة للعلاقات ذات الطابع السري القائمة بينه وبين موكليه.
  • ضمان سرية ملفاته ومراسلاته، …”.

وهو أيضا ما نصت عليه المادة (51) مكرر فقرة (5) ق إ ج المعدلة بالأمر رقم 15/02.

كما ينبغي أن يمكن المحامي من وقت كاف ومناسب للدفاع عن المتهم وليس مجرد انتداب محام للدفاع عن المتهم هو فقط ما يعتبر حق دفاع، بل يعتبر الوقت الكافي لتحضير الدفاع بالغ الأهمية في صدقية احترام حقوق المتهم الأساسية في الدفاع.[57]

وينبغي ترك الحرية للمحامي في التعبير لأجل الدفاع عن موكله بالشكل المناسب،[58] حيث جاء في نص المادة (24) من القانون رقم 13/07 تماشيا مع ذلك ما يلي:” … لا يمكن متابعة محام بسبب أفعاله وتصريحاته ومحرراته في إطار المناقشة أو المرافعة في الجلسة”.

ويعتبر من نواقض حرية الدفاع عدم قدرة المحامي على الدفاع عن المتهم بسبب جهله للقانون الذي يحاكم بمقتضاه موكله، أو طلب المحامي من المتهم الاعتراف بالتهمة بعد المرافعة أو انضمام المحامي إلى جهة الاتهام نظرا لبشاعة الجريمة التي ارتكبها المتهم.[59]

حيث ألزمت المادة (10) من القانون 13/07 أن يتخذ المحامي كل التدابير القانونية اللازمة للدفاع عن حقوق ومصالح موكله، واعتبرت ذلك بمثابة الاحترام الواجب من المحامي تجاه موكله.

وهو ما ذهبت إليه المبادئ الأساسية بشأن دور المحامين، حيث نص المبدآن (9، 10) على ضرورة توفير تكوين جيد للمحامين يكون مشبعا بثقافة حقوق الإنسان، وألا يقوم بأي حال تكوين المحامين على أي تمييز سواء لمباشرة دخول مهنة المحاماة أو الاستمرار فيها.

وقد نصت المادة (9) من القانون 13/07 على وجوب أن يحسن المحامي من زاده المعرفي باستمرار كما أنه مُلزم بمتابعة أي برنامج أو دورة تكوينية بشكل جاد.

الفرع الثاني: التزام المحامي بالدفاع عن حقوق الإنسان

لا يستطيع الدفاع ممثلا في المحامي أن يمارس مهنته بشكل لائق إلا من خلال الحماية اللازمة له أثناء وبعد تأدية مهامه (أولا)، كما أن أي محام ملزم بالحفظ على السر المهني لأي شخص سواء بمناسبة أو أثناء تأدية مهامه (ثانيا)

أولا- ضرورة توفير حماية للمحامي

يكتنف عمل المحامي الكثير من الصعوبات العملية في أثناء تأدية مهامه، بالإضافة إلى ما قد يتهدده أثناء تأديته لعمله من إكراه أو تخويف، فقد يواجه المحامي جهاز الضبط القضائي على وجه الخصوص، حيث يعتبر من أصعب أعمال المحامي الكشف عن عدم جدية التحريات التي يجريها رجال الضبط القضائي، حيث يعمد هؤلاء إلى تزييف الحقيقة أحيانا فقد لا تعبر بأي حال عن الواقع الذي تم رصده والتحري عنه بأمانة.[60]

وقد استحدث التعديل الدستوري الجديد بمقتضى القانون رقم 16/01 مادة جديدة وهي المادة (170) حيث تنص على الحماية القانونية للمحامي من كل أشكال الضغوط لأجل أن يمارس مهنته بكل حرية.

ومن الصعوبة التي تواجه الدفاع أيضا كشف ما يمكن أن يتعرض إليه المقبوض عليه من تعذيب أو إكراه مادي أو معنوي من قبل بعض رجال الضبط الذين لا يتركون أثرا لأعمالهم هذه، والصعوبة تكمن في الحصول على دليل قولي يمكن أن يعول عليه في إثبات واقعة التعذيب والإكراه أمام انعدام الدليل المادي، ومن النادر أن يشهد رجل ضبط ضد زميله ليبقى أمام المحامي الأخذ بالقرائن والاستدلال لما لها من قيمة كبيرة ومهمة بعد تعسر الحصول على أدلة مادية أو قولية.[61]

وأمام هذه المعوقات والحواجز المرصودة في طريق المحامي فإنه لكي يؤدي مهامه من غير خوف بهدف الوصول إلى الحقيقة لا غير، وجب حمايته من كل ما يتهدده، ويتفرع عن حق المتهم في الاستعانة بمحام حقه في حصانة محاميه من أي تدخل كان، وحمايته من أي خطر يترصده حتى يؤدي مهمته في الدفاع عن موكله على أحسن وجه.[62]

حيث أعطى المشرع الجزائري حماية للمحامي بقدر تلك التي يوفرها للقاضي عند الاعتداء عليه، وهو ما جاء النص عليه في المادة (26) من القانون 13/07 المتضمن تنظيم مهنة المحاماة: “تطبق على إهانة محام أو الاعتداء عليه أثناء ممارسة مهنته أو بمناسبتها، العقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات المتعلقة بإهانة القاضي”.

وحماية المحامي من أي خطر يتهدده هو من صميم اهتمامات القانون الدولي لما في ذلك من صيانة لحقوق الإنسان وحماية لحقوقه في الدفاع، فقد نص المبدأ (17) من المبادئ الأساسية بشأن دور المحامين على ضرورة التزام كل الدول بتوفير حماية فعالة لكل محام أثناء تأدية مهامه من أي خطر يتعرض له، كما نص المبدأ (16) على مجموعة التزامات تقع على عاتق كل دولة تجاه المحامين.[63]

وتتحقق حصانة المحامي من خلال:

1- إذا أخذنا القانون المصري على سبيل المثال فإننا نجده قد ساوى بموجب المادة (133/2) عقوبات بين المحامي وبين هيئة المحكمة إذا وقعت عليه إهانة سواء داخل المحكمة أو في أثناء الجلسة أو خارج المحكمة وهو يقوم بأعمال المحاماة أو بسببها، حيث من يمارس ذلك عليه يعتبر مرتكبا لجريمة إهانة المحكمة حسب المادة السابقة بحسب محكمة النقض المصرية، فهي ترى في المادة (309) عقوبات أنها تطبيق لمبدأ عام وهو حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه، ولو ارتكب المحامي جرائم القذف والسبب والإهانة وكانت غير متعلقة بالدفاع لا يجوز حبسه ولا القبض عليه، وهذه الحصانة متاحة له سواء داخل الجلسة وخارجها أو سواء كانت في مقر الشرطة، والشرط الأساسي حتى يمكن المحامي من هذه الحصانة هو أن تقع هذه الأعمال من المحامي أثناء أو بسبب ممــارسة المهنـــة ما دامــت عبــارات القذف تتصــل بموضوع الخصــومة وتقتضيها ضرورات الدفاع أحيانا.[64]

ويتمتع المحامون بحصانة مدنية وجزائية عن كل تصريح يصدر منهم بحسن نية بمناسبة آداء عملهم أمام المحكمة في أثناء المرافعة أو أمام أية سلطة أخرى تنفيذية أو إدارية من غير السلطات القضائية وهو ما جاء به المبدأ (20) من المبادئ الأساسية بشأن دور المحامين.

2- لا يجوز القبض على المحامي في الحال عن أية جريمة من جرائم الجلسات إلا بعد تنبيهه، وإن تمادى فللمحكمة أن تقرر إحالته على النيابة العامة للتحقيق معه وإخراجه من قاعة الجلسات، ولكن النائب العام المصري والمحامي العام هما وحدهما من يملكان الحق في اتخاذ الإجراءات الجنائية ضد المحامي، ولهما الحق في إحالته على الهيئة التأديبية أو مجلس النقابة إذا ما وقع منه إخلال بواجب أو بالنظام العام.

وفي حالة محاكمته عن جرائم الجلسات فإنه لا يتم إشراك رئيس الجلسة التي ارتكبت فيها الجريمة أو أحد أعضائها في الهيئة المنعقدة لمحاكمة المحامي، بخلاف ما هو سائد ومتبع في جرائم الجلسات الأخرى، ومحاكمة المحامي تجري وجوبا بصفة سرية.[65]

وقد نص المشرع الجزائري في هذا الشأن بموجب المادة (25) من القانون 13/07 على ما يلي:” إذا وقع إخلال جسيم بنظام الجلسة توقف الجلسة وجوبا ويرفع الأمر إلى رئيس الجهة القضائية ومندوب المحامين للتسوية ويسعى الطرفان لإيجاد حل ودي للإشكال.

في حالة تسوية الإشكال، يرفع الأمر إلى رئيس المجلس القضائي ونقيب المحامين لتأكيد نفس المسعى وفقا لتقاليد وأخلاقيات المهنة.

وفي حالة عدم تسوية الإشكال وديا، يرفع الأمر إلى وزير العدل حافظ الأختام الذي يخطر اللجنة الوطنية للطعن”.

3- لا يجوز التحقيق مع المحامي أو تفتيش مكتبه في مصر إلا بمعرفة أحد أعضاء النيابة العامة سواء كان التحقيق له علاقة بعمله أولا، لكن تفتيش مسكن المحامي يمكن أن يقوم به أحد رجال الضبط القضائي وهو غير مشمول بالاستثناء الأول، وفي حالة تفتيش مكتبه يجب إخطار النقابة وإلا اعتبر باطلا.[66]

وقد نصت المادة (22) من القانون 13/07 بأنه لا يمكن بأي حال انتهاك حرمة مكتب المحامي، وإن اقتضت الضرورة تفتيش أو حجز أي شيء في المكتب فإنه لا يتم إلا بحضور القاضي المختص والنقيب أو مندوبه أو بعد إخطارهما.

وبموجب المبدأين (28) و(29) من المبادئ الأساسية بشأن دور المحامين فإنه لا يمكن اتخاذ أي إجراء تأديبي ضد أي محام إلا بعد مثوله أمام لجنة تأديبية محايدة تتشكل من ممارسين من أهل الاختصاص القانوني، أو أمام هيئة قضائية مستقلة مع خضوع هذه الهيئة لمراجعة قضائية، وينبغي أن تسير هذه الإجراءات التأديبية وفقا للقواعد المنظمة لمهنة المحاماة وآداب المهنة المعترف بها قانونا.

وقد نظم القانون 13/07 الخاص بتنظيم مهنة المحاماة كل ما يتعلق بالتأديب وانتخاب مجلس للتأديب من المادة (115-128)، كما تم إنشاء لجنة وطنية للطعن للفصل في جميع القرارات التي تصدر من أية منظمة في المواد (129-132) من ذات القانون.

ثانيا- محافظة المحامي على أسرار موكليه

من بين أهم الواجبات الملقاة على عاتق المحامي هي الالتزام بالمحافظة على أسرار المهنة بالخصوص أسرار موكليه، حيث يعتبر من السرية ما يحوزه من معلومات تم الكشف عنها ولو كانت مجرد استشارة حتى ولو لم يوكل المحامي كدفاع في تلك القضية التي استشير فيها، ولا يجوز له أن يفشي كذلك أسرارا تضمنتها مفاوضات الصلح بين الخصوم ولو كان ما يفشيه في مصلحة موكله إذا كان صاحب السر هو خصم الموكل.

ويسري هذا الحظر على موظفي مكتب المحامي الذين يحصل لهم العلم بهذه الأسرار بسبب مباشرتهم لوظيفتهم هذه، ولكن إذا علموا بالسر مباشرة من صاحب الشأن فإن الحظر لا يسري بحقهم.[67]

وقد توزعت آراء الفقهاء حول التزام المحامي بالحفاظ على أسرار موكله إلى نظريتين اثنتين وهما: النظرية التعاقدية ونظرية النظام العام، والسبب في ذلك يرجع إلى وجود مصلحتين قد تكونان متضادتين وهما: المصلحة الخاصة للعميل والمرتكزة بالأساس على عدم إفشاء أي سر من الأسرار التي باح بها لمحاميه، أما المصلحة الأخرى فهي المصلحة العامة التي قد تتصل بأي شكل بأسرار العميل ويكون من الضروري إنشاؤها أو تحديد تنظيم العمل بها وتحديد متى يكون إفشاؤها أمرا مباحا ومتاحا أو العكس.[68]

وبعض الفقــه فـــرق بين الســــر وبين واجــب عدم الإفشاء حيث اعتبروا أن: “السر في حد ذاته معلومة ينبغي أن تكون مكتومة لدى أمين السر في حين أن عدم الإفشاء فإنه يرد على السر بتكوينه المتقدم، وبمعنى آخر السر هو محل واجب عدم الإفشاء وشتان بين الواجب ومحله”.[69]

فهناك بعض التشريعات الاستثنائية تعوق اتصال المحامي بالمتهم في مرحلة التحقيق الابتدائي بداعي سرية التحقيق، وهي حجة بحسب بعض الفقه تهدر جانبا من حق المتهم في الاستعانة بمحام وهو جانب حرية الاتصال بالمحامي.[70]

ولا يمكن التحجج بالسرية مطلقا في أية مرحلة من مراحل الإجراءات إذا كان من شأن ذلك أن يضر بمصلحة المتهم ودفاعه، لذا كان من اللازم توفير كل المستندات والمعلومات للمحامي وفي أقصر وقت ممكن لأجل تحضير دفاعه بشكل لائق بحسب ما جاء به المبدأ (21) من المبادئ الأساسية بشأن دور المحامين، وتمكين المحامي من هذا الاطلاع لا يتيح لأية سلطة عدم احترام سرية الاتصالات بين المحامي وموكله بحجة معرفة ما يدور في كل اتصال أو تشاور مباشر أو غير مباشر بينهما بحسب المبدأ (22) من نفس المبادئ السابقة.

وأمام هذا الغموض في الحدود الفاصلة بين حرية إفشاء السر بغير قيد وعدم القدرة على إفشائه، ذهب جانب من الفقه لوضع شروط الحماية الجنائية للسر خوفا عليه من الإفشاء ومعاقبة الفاعل على فعلته وتتمثل هذه الشروط في ثلاثة نقاط وهي:[71]

  • أن يكون السر قد عهد به بسبب مهنة المحاماة.
  • أن يكون سرا منسوبا لشخص معين.
  • أن تكون الوقائع المراد إضفاء السرية عليها ذات صلة بمهنة المحاماة.

1- أن يكون السر قد عهد إليه بسبب مهنة المحاماة

وفي هذا الصدد تنص المادة (226/13) من قانون العقوبات الفرنسي على أن إفشاء أية معلومات ذات طابع سري بواسطة شخص حازها بحكم حالته أو مهنته أو بسبب وظيفته أو مهمة مؤقتة، يعاقب عليه بالحبس لمدة لا تزيد على سنة و15000 أورو كغرامة”،[72] وتقابلها المادة (310) عقوبات مصري، ويشرط لتحقق الشرط الأول أمرين اثنين:

  • وجود علاقة سببية بين معرفة المحامي للسر وبين مهنة المحاماة.
  • كل المعلومات أو الوقائع التي تتصل بعلم المحامي بغير مهنته تنتفي عنها السرية، وقد نصت المادة (13) من القانون 13/07 بخصوص عدم إفشاء المحامي لأسرار موكليه بما يلي: “يمـنع عـلى المحـامي إبلاغ الـغـير بمعلومات أو وثـائق تتعـلق بقضيـة أسندت إلـيه والدخول في جدال يخص تـلك القضـية، مع مراعـاة الأحكام الـتشريـعية التي تقضي بخلاف ذلك.

ويـجب عـلـيه في كل الحـالات أن يـحـافظ عـلـى أسرار موكله وأن يكتم السر المهني”، كما ألزمت المادة (14) من نفس القانون المحامي بالمحافظة على سرية التحقيق.

2- أن يكون السر منسوبا لشخص معين

فإذا لم ينسب السر إلى أي شخص سواء كان طبيعيا أو معنويا فإنه لا داعي لإثارته.

3- أن تكون الوقائع الموصوفة بالسرية لها علاقة بمهنة المحاماة

فقد تكون مراسلات شفوية أو مكتوبة حصل عليها المحامي من عميله وقد تكون معلومات تم الحصول عليها بعد مفاوضات الصلح، لكن قد يطرح مشكل آخر وهو حالة انتهاء العلاقة بين المحامي وعميله وفي نفس الوقت قد تنشأ علاقة بين المحامي وخصم عميله السابق، فإذا كانت هذه العلاقة الجديدة ليس لها علاقة بالنزاع السابق فإنه لا خوف من إفشاء السر، أما إذا كانت العلاقة الجديدة لها صلة بالنزاع السابق فقد يصعب على المحامي المحافظة على أسرار موكله السابق ونجاحه متوقف على نقاط ضعف العميل السابق، وفي كل هذا يريد المحامي أن ينتصر لصالح موكله الحالي، ولهذا يحبذ أن ينآى المحامي بنفسه عن هذه الوضعية، لأنه سيضع نفسه محل شبهة إفشاء السر والقرينة قد تكون جلية والنفي حينها يكون صعبا.

ويرى جانب من الفقه أن هناك شروطا يمكن فقط من خلالها إفشاء السر، فالأصل هو أن يحافظ المحامي على أسرار موكليه لكن هذا الأصل ليس مطلقا بل ترد عليه قيود وهي:

  • يبادر المحامي وجوبا بإفشاء السر خوفا من ارتكاب جريمة.
  • أن يطلب صاحب الشأن إذاعة سره.
  • إذا كان هناك نزاع بين المحامي وموكله بخصوص الوكالة ذاتها، هنا فقط يمكن للمحامي أن يفشي سر موكله إذا كان ذلك ضروريا في هذا النزاع وهذا هو الحال في أي نزاع على عقد وكالة، فالوكيل لا يتقيد في إثبات وكالته بأسرار موكله وهنا الحد الفاصل وهو عدم تجاوز الإفشاء من المحامي إلى أسرار أخرى غير ضرورية في النزاع القائم بينه وبين موكله في علاقة الوكالة التي كانت تربطهما، فإن تعدى إلى أسرار أخرى لا علاقة لها بالنزاع اعتبر على أنه أفشى سر موكله.[73]

لكن ما هو النطاق الزمني الذي يلتزم فيه المحامي بالإبقاء على السر وعدم إفشائه، لأن كل شيء في هذه الحياة مرتبط ببداية وله نهاية.

فهذا النطاق قد يبدأ من ما يسمى بالإفصاح الصريح “Confidence expresse” من قبل العميل مع إقرانه بضرورة التأكيد على المحامي بأن يحتفظ به سرا، كما قد يبدأ هذا النطاق من وقت حصول المحامي على المعلومة أو معرفة الواقعة بسبب مباشرته لمهنته، لكن التساؤل يطرح في حال توفي المحامي وترك ورثة، فهل هم ملزمون بدوهم الحفاظ على السر أم لا؟

وللإجابة عن هذا التساؤل وضع جانب من الفقه مجموعة من الفرضيات وهي:

1- قد يتغير نشاط مكتب المحاماة وفي هذه الحالة يتحرر الورثة من أي التزام بالسر، لأن مثل هذا السر يتعلق بالمهنة.

2- قد يستمر أحد الورثة في مهنة المحاماة ويمارسها في مكتب مورثه، وفي هذه الحالة ينتقل الإلزام إلى هذا الوريث ويلتزم بعدم إفشاء السر المهني.

3- قد يقوم نزاع بين ورثة المحامي والعميل، فبعض الفقه قال بأنه لا يجوز على الورثة استعمال المراسلات أو أية وقائع سرية في إثبات وجود علاقة بين مورثهم والعميل، حتى ولو أرادوا أخذ أتعاب مورثهم لدى العميل، وهذه الصرامة في الإلزام بعدم إفشاء السر قد تعود بحسب بعض الفقه إلى حماية المصلحة العامة للمجتمع حتى يكون كل عميل في طمأنينة من عدم إفشاء أسراره.[74]

لكن قد يحدث في مرات العكس ويتوفى العميل فيما المحامي لا يزال على قيد الحياة، فيطرح التساؤل مجددا حول النطاق الزمني لبقاء المحامي ملتزما بالسر المهني.

يرى الفقه أن وفاة العميل لا تغير شيئا في بقاء التزام المحامي بالسر المهني

ويبقى المحامي على التزامه حتى ولو غير مهنته إلى مهنة أخرى لا علاقة لها بمهنة المحاماة.[75]

أما المشرع الجزائري فقد حدد النطاق الزمني الذي يبقى خلاله المحامي ملتزما بالسر المهني، حيث نصت المادة (18) من القانون 13/07 على ما يلي:” يــــــجـب عــــــلـى المحــــــامـي إرجــــــاع الـــــــوثــــــائق المعهودة إليه من قبل موكله بطلب من هذا الأخير.

وفي حـالة عـدم طـلـبـهـا، يـبـقى المحـامي مـسـؤولا عـنـها لمدة خــمس (5) سـنــوات إمــا ابــتـداء من تــســويــة الـقــضــيـة وإما من آخر إجراء وإما من تاريخ تصفية الحسابات مع الموكل”.

ويبقى هذا الالتزام من المحامي بسر عهد إليه بمناسبة مباشرة عمله مع أي عميل كان بمثابة حماية لمصالح هؤلاء، فقد نص المبدأ (15) من المبادئ الأساسية بشأن دور المحامين على أن يلتزم المحامون بمصالح عملائهم بكل صدق وتجرد، وهو ما يحتم عليهم القيام بمجموعة من الواجبات تجاه موكليهم بحسب المبدأ (13) من هذه المبادئ.[76]

ومن هذه الالتزامات منع المحامي من تملك أي حق متنازع عليه عن طريق التنازل، أو أخذ فائدة في القضايا المعهودة إليه بموجب المادة (17) من القانون 13/07.


الهامش

[1]– د. إبراهيم محمود اللبيدي، المرجع السابق، ص 164، 168.

[2]– د. حسن بشيت خوين، الجزء (2)، المرجع السابق، ص 121، 122.

[3]– د. إبراهيم محمود اللبيدي، المرجع السابق، ص 163، 164.

[4]– د. إبراهيم محمود اللبيدي، المرجع نفسه، ص 167.

[5]– د. حسن بشيت خوين، الجزء (2)، المرجع السابق، ص 120 .

[6]– د. علي فضل البوعينين، المرجع السابق، ص 719، 720.

[7]– د. علي فضل البوعينين، المرجع نفسه، ص 721 .

[8]– بطاهر تواتي، المساعدة القضائية، الديوان الوطني للأشغال التربوية، الجزائر، الطبعة (1)، 2003، ص 5، 7.

[9]– د. إبراهيم محمود اللبيدي، المرجع السابق، ص 221.

[10]– د. محمود مصطفى يونس، الحماية الإجرائية لحقوق الإنسان في القانون القضائي، دار النهضة العربية، القاهرة مصر، الطبعة (1)، بدون تاريخ، ص 198.

[11]– د. محمود مصطفى يونس، المرجع السابق، ص 199.

[12]– د. محمود مصطفى يونس، المرجع نفسه، ص 200.

[13]– الجريدة الرسمية، عدد (67)، مؤرخة في 26 جمادى الثانية 1391 الموافق لـ 17 غشت 1971.

[14]– الجريدة الرسمية، عدد (29)، مؤرخة في 29 صفر 1422 الموافق لـ 23 ماي 2001.

[15]– بطاهر تواتي، المرجع السابق، ص 8، 9.

[16]– د. إبراهيم محمود اللبيدي، المرجع السابق، ص 224 – 227.

[17]– د. محمود مصطفى يونس، المرجع السابق، ص 203، 204.

[18]– د. إبراهيم محمود اللبيدي، المرجع نفسه، ص 228، 229.

[19]– د. إبراهيم محمود اللبيدي، المرجع السابق، ص 221، 222.

[20]– بطاهر تواتي، المرجع السابق، ص 86.

[21]– بطاهر تواتي، المرجع السابق، ص 87.

[22]– بطاهر تواتي، المرجع نفسه، ص 87 – 89.

[23]– بطاهر تواتي، المرجع السابق، ص 91، 92.

[24]– د. أحمد السيد صاوي، الوسيط في شرح قانون المرافعات، المرجع السابق، ص 176.

[25]– Thibaut Slingeneyer, Ibid, p 659.

[26]– د. علي فضل البوعينين، المرجع السابق، ص 756.

[27]– د. أحمد السيد صاوي، الوسيط في شرح قانون المرافعات، المرجع السابق، ص 178.

[28]– د. حسن بشيت خوين، الجزء (2)، المرجع السابق، ص 134.

[29]-Thibaut Slingeneyer, Ibid, p 655.

[30]– د. أحمد السيد صاوي، الوسيط في شرح قانون المرافعات، المرجع نفسه، ص 179.

[31]-Thibaut Slingeneyer، Ibid، p 658.

[32]– الجريدة الرسمية العدد (55)، مؤرخة في 25 ذي الحجة 1434 الموافق لـ 30 أكتوبر 2013.

[33]– د. حسن بشيت خوين، الجزء (2)، المرجع السابق، ص 136.

[34]– د. رجائي سيد أحمد العطافي الفقي، المحاماة في الشريعة الإسلامية – نظرية التوكيل في الدعوى بين المتخاصمين في الشريعة الإسلامية-، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، مصر، 2006، ص 537 ، 539.

– د. عبد الناصر موسى أبو البصل، شرح قانون أصول المحاكمات الشرعية ونظام القضاء الشرعي، دار الثقافة، بدون ذكر البلد، 2005، ص 77.

[35]– د. رجائي سيد أحمد العطافي الفقي، المرجع السابق، ص 557.

[36]– د. رجائي سيد أحمد العطافي الفقي، المرجع نفسه، ص 545.

[37]– د. رجائي سيد أحمد العطافي الفقي، المرجع السابق، ص 543

[38]– د. عبد الناصر موسى أبو البصل، المرجع السابق، ص 76.

[39]– د. رجائي سيد أحمد العطافي الفقي، المرجع نفسه، ص 8.

[40]– د. علي فضل البوعينين، المرجع السابق، ص 758.

[41]– د. علي فضل البوعينين، المرجع السابق، ص 758، 759.

[42]– Michel Seurin, Le point de vue du magistrat du parquet, revue pénitentiaire et de droit pénal, éditions Cujas France, n˚2 Juin 2005, p 387.

[43]– المادتان (11، 119) من القانون رقم 13/07 المتضمن تنظيم مهنة المحاماة.

[44]– د. علي فضل البوعينين، المرجع نفسه، ص 760.

[45]– د. علي فضل البوعينين، المرجع نفسه، ص769، 770.

[46]– د. محمود صالح العادلي، الحماية الجنائية لالتزام المحامي بالمحافظة على أسرار موكليه، دار الفكر الجامعي الإسكندرية، مصر 2003، ص 18.

[47]– د. أحمد السيد صاوي، الوسيط في شرح قانون المرافعات، المرجع السابق، ص 175.

[48]– د. محمد تاج الدين الحسيني، المرجع السابق، ص 141.

[49]– د. الحسين بوفيم، المرجع السابق، ص 143.

[50]– د. أحمد السيد صاوي، الوسيط في شرح قانون المرافعات، المرجع السابق، ص 177، 179.

[51]– د. عبد الحميد الشواربي، الإخلال بحق الدفاع، المرجع السابق، ص 23.

[52]– د. علي فضل البوعينين، المرجع السابق، ص 755، 757.

[53]– د. إبراهيم محمود اللبيدي، المرجع السابق، ص 178.

[54]– د. علي فضل البوعينين، المرجع نفسه، ص 771، 776.

[55]– د. علي فضل البوعينين، المرجع السابق، ص 773.

[56]– د. علي فضل البوعينين، المرجع نفسه، ص 774.

[57]– د. علي فضل البوعينين، المرجع نفسه، ص 773

[58]-Cédric Porteron, La liberté d’expression de l’avocat, la défense des intérêts de ces clients et la défonce de l’intérêt général, revue d’actualité juridique pénal, éditions Dalloz France, n˚6 juin 2012, p 338.

[59]– د. علي فضل البوعينين، المرجع السابق، ص 774.

[60]– أ. رجائي عطية، دور المحامين في معاونة السلطات القضائية لاحترام حقوق الإنسان، مقالة وردت في حقوق الإنسان في القانون والممارسة، وزارة الخارجية المصرية وبرنامج الأمم المتحدة الانمائي، القاهرة، مصر، 2003، ص 181، 182.

[61]– أ. رجائي عطية، المرجع السابق، ص 187.

[62]– د. عبد الحميد الشواربي، الإخلال بحق الدفاع، المرجع السابق، ص 28.

[63] – المبدأ (16):” تكفل الحكومات ما يلي للمحامين:

(أ)- القدرة على أداء جميع وظائفهم المهنية بدون تخويف أو إعاقة أو مضايقة أو تدخل غير لائق،

(ب)- القدرة على الانتقال إلى موكليهم والتشاور معهم بحرية داخل البلد وخارجه على السواء،

(ج)- عدم تعريضهم ولا التهديد بتعريضهم للملاحقة القانونية أو العقوبات الإدارية والاقتصادية وغيرها نتيجة قيامهم بعمل يتفق مع واجبات ومعايير وآداب المهنة المعترف بها”.

[64]– د. عبد الحميد الشواربي، الإخلال بحق الدفاع، المرجع السابق، ص 43، 44.

[65]– د. عبد الحميد الشواربي، الإخلال بحق الدفاع، المرجع السابق، ص 44، 45.

[66]– د. عبد الحميد الشواربي، الإخلال بحق الدفاع، المرجع نفسه، ص 45 .

[67]– د. عبد الحميد الشواربي، الإخلال بحق الدفاع، المرجع السابق، ص 53، 54.

[68]– د. محمود صالح العادلي، المرجع السابق، ص 15.

[69]– د. محمود صالح العادلي، المرجع نفسه، ص 73.

[70]– د. عبد الحميد الشواربي، الإخلال بحق الدفاع، المرجع السابق، ص 27.

[71]– د. محمود صالح العادلي، المرجع السابق، ص 89-96.

[72]– Article 226/13 :” La révélation d’une information á caractère par une personne qui en est dépositaire soit par état ou par profession, soit en raison d’une fonction ou

D’une mission temporaire, est punie d’un an d’emprisonnement et de 15000 euros

d’amendes “.

[73]– د. عبد الحميد الشواربي، الإخلال بحق الدفاع، المرجع السابق، ص 54 – 58.

[74]– د. محمود صالح العادلي، المرجع السابق، ص 104- 106.

[75]– د. محمود صالح العادلي، المرجع السابق، ص 107- 109.

[76] – المبدأ (13):” تتضمن واجبات المحامين نحو موكليهم ما يلي:

(أ) إسداء المشورة للموكلين فيما يتعلق بحقوقهم والتزاماتهم القانونية وبشأن أسلوب عمل النظام القانوني وعلاقته بالحقوق والالتزامات القانونية للموكلين.

(ب) مساعدة موكليهم بشتى الطرق الملائمة واتخاذ الاجراءات القانونية لحماية مصالحهم.

(ج) مساعدة موكليهم أمام المحاكم بمختلف أنواعها والسلطات الإدارية، حسب الاقتضاء”.

القضاء وضمانات حماية حقوق الإنسان

اقرأ ايضاً القضاء وضمانات حماية حقوق الإنسان

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close