دراساتمجتمع

الحياة الجماعية داخل جماعة البلطجة النسائية دراسة ميدانية

جماعة البلطجة النسائية هي مجموعة من النساء المنحرفات، ومعظمهن من المسجلات خطر، تتألف هذه الجماعة من ستة إلى ثمانية أفراد، يتصلن ببعضهن خلال فترة زمنية معينة اتصالاً مباشراً شخصياً داخل مكان معين – في منطقة تتسم بالإجرام والعشوائية – يمثل مقر الاتفاق والتخطيط لممارسة أعمال البلطجة في مختلف المجالات الاجتماعية داخل المجتمع.وهي جماعة تعمل كنسق لتحقيق نشاط أساسي في حياة الجماعة هو البلطجة. تتميز هذه الجماعة كتنظيم بخصائص التنظيم الاجتماعي من: تقسيم عمل، وتحديد مكانات وأدوار اجتماعية، واستخدام لغة خاصة، واتباع طرق وأساليب خاصة في ممارسة البلطجة. يؤدى الاتصال والتفاعل المباشر إلى خلق مجموعة من النظم والمعايير والقيم التي تنظم وتوجه وتعزز سلوك أعضاء الجماعة.

في ضوء ذلك فإن البلطجة – في ظاهرها – نسق سلوكي ينتج عن تفاعل اجتماعي داخل الجماعة أو بينها وبين جماعات أخرى، وتحمل كل الشروط التي تخلق النسق السلوكي من حيث تجانس هذا السلوك وعموميته بين جماعات البلطجيات واعتماد عناصره اعتماداً وظيفياً، وظهوره كطريقة للحياة الجماعية التي تسير عليها جماعة البلطجة، واحتوائه على أنواع أخرى من النشاط تعززه وتعمل على استمراره وبقائه.

المعايير المحددة للانتماء لجماعة البلطجة النسائية:

أوضحت الدراسة الميدانية أن جماعة البلطجة – من خلال زعيمة الجماعة – تحدد شروطاً معينة للانضمام للجماعة وهي:

1- المعرفة السابقة ورفض انتماء أي امرأة غريبة: (*) لابد أن تكون زعيمة الجماعة على معرفة سابقة بالمرأة التي تنتمى للجماعة وعلى دراية بسلوكها الإجرامي وظروفها وزوجها وأولادها.

2- تعاطى المواد المخدرة (صاحبة مزاج): لابد أن تكون العضوة في الجماعة تتعاطى بل تكاد تكون مدمنة للمواد المخدرة ومنها (الحشيش، البانجو، البرشام، الخمر، هذا فضلاً عن تدخينها للسجائر ). حتى تتمكن زعيمة الجماعة من السيطرة عليها وإخضاعها لجماعتها باعتبارها توفر لها المواد المخدرة.

3- مسجلة خطر (سوابق): لا بد أن تكون العضوة مسجلة ” صاحبة سوابق”، باعتبار أن ذلك دليلاً على أن هذه العضوة تتميز بالقلب الميت وعدم الخوف من الشرطة وبالتالي تمارس أعمال البلطجة بكل عنف وقوة دون خوف.

4- لا يتوافر لها مسكن: أن تكون العضوة ملجأها هو الشارع وتنام في الحدائق العامة وعلى الأرصفة بحيث يكون المكان الذى توفره زعيمة الجماعة “الخرابة ” بمثابة المأوى الوحيد للعضوة وبالتالي تتضمن الزعيمة بقاء العضوة تحت ناظرها دائماً وعدم غدرها.

5- “شوضلية” سبق لها ممارسة العنف بكافة أنماطه([1]): أي أن تكون العضوة مشهورة بالضرب والردح والسباب والشتائم في تعاملها مع الآخرين.

حجم الجماعة:

ليس من الضروري أن تكون حدود جماعة البلطجة ثابتة، ولكنها تتغير تغيراً دينامياً استجابة لإطار الموقف الاجتماعي الذى يؤثر في درجة التفاعل الاجتماعي في الجماعة.

فالقبض على زعيمة الجماعة وبعض أفرادها يؤدى إلى اندماج الجماعة في جماعة أخرى.

وبعض أعضاء الجماعة يؤكدن ذلك بقولهن: “جماعتنا الأولى هي جماعة أمنا المعلمة (ن) ولما اتقبض عليها هي ومرات اخونا طلبت مننا نروح للمعلمة (ك) ونشتغل معاها ونكمل في جماعتها”

البناء الاجتماعي في جماعة البلطجة النسائية:

(أ-) الوضع والدور والمراكز في جماعة البلطجة النسائية:

تتميز ممارسة البلطجة بقيام أعضاء الجماعة بأعمال معينة تتكامل كلها لممارسة سلوك البلطجة بصورة فاعلة. هذه الأعمال هي التي تحدد الوضع الاجتماعي التي تشغله كل عضوات الجماعة، كما تحدد كذلك دورهن.

ويعكس الوضع الاجتماعي الدور التي تشغله العضوة في الجماعة، تحدد أدوار جماعة البلطجة النسائية في ضوء نوعية سلوك البلطجة الذى تمارسه كل منهن وذلك على النحو التالي:

1- الرئيسة أو زعيمة الجماعة.

2- جرح شبه عميق باستخدام “السنجة”.

3- تشويه الوجه باستخدام ” البشلة “.

4- جرح سطحي باستخدام “المطواه” “غزالة “.

5- جرح بواسطة العض “العضاضة “.

6- رمى البلاء بإساءة السمعة.

7- رمى البلاء بتلفيق المحاضر.

8- كسر العظام باستخدام ” الشومة أو الساطور “.

ويتضح من ذلك أن الأدوار التي تقوم بها عضوات الجماعة تقوم على الأداة أو الوسيلة التي تستخدم في ممارسة أعمال البلطجة.

ولكل عضوة ممن تشغل هذه الأوضاع الاجتماعية دورها، أي أن لكل منهن نشاطاً مرتبطاً بالأوضاع السابقة تؤديه كل عضوة باعتباره واجباً عليها.

ويمكن تحديد الدور الذى تقوم به كل من تشغل الأوضاع السابقة كالتالي:

1- الرئيسة أو قائدة الجماعة: تهتم بوضع خطط الجماعة وتشرف على تنفيذها وتشترك في تنفيذها، وهي المسئولة عن الاتفاق مع زبائن البلطجة، تقوم بحماية عضوات الجماعة من الجماعات الإجرامية الأخرى من خلال التعاون المتبادل بينها وبين الجماعات الأخرى أو من خلال سمعتها القوية المشهورة بها في المنطقة، تقف إلى جانب عضوات الجماعة عند القبض عليهن من خلال تحملها مسئولية دفع الكفالة المالية لخروجهن دون استكمال مدة الحبس، مسئولة عن إرسال المواد المخدرة والمال لعضوات الجماعة المحكوم عليهن بالسجن، كما أنها تقوم بتحديد دور كل عضوة في الجماعة، وتوفر لهن المأوى، والمواد المخدرة، والطعام.

وتكشف أقوال عضوات الجماعة بعض هذه الوظائف: “المعلمة هي اللى تدفع إتاوة الحكومة”. “قدارة وسوسته مبسوطين في السجن كِيف وفلوس بسبب المعلمة “. “خرابة المعلمة هي متوانا وملناش غيرها”. “صيت المعلمة في المنطقة ومع العصابات التانية يخلى اللى ميعرفنا يعملنا ألف حساب”

2- جرح شبه عميق “سنجة “: السنجة عبارة عن سكينة حادة كبيرة الحجم وتستخدم في إصابة الضحية بجروح، وتقوم بهذا الدور (ش.ن) وهي تستخدم السنجة في إصابة الضحية بجرح شبه عميق في الرأس أو الصدر أو الذراع ولابد أن يكون جرح يحتاج علاجه إلى خياطة طبية تترك أثر “علامة لا تنساها الضحية” وهذا حسب طلب المستهلك “الزبون “.

3- تشويه الوجه “بشلة “: “البشلة” عبارة عن استخدام أمواس الحلاقة في تشويه الوجه أو جرح الرقبة وتقوم (أ.س) بهذا الدور فهي تطلق الأمواس بواسطة الفم. وتكون مُسرعة في إطلاق الأمواس حتى تصيب وجه الضحية مباشرةً، وتقوم بهذا الدور في الخناقات مع الرجال، وفي الانتخابات، ومع النساء التي يٌريد المستهلك أو “الزبون” إحداث تشوه بوجهها.

4- جرح سطحي ” غزالة “: ” غزالة” هو لقب العضوة (ع) التي تقوم بهذا الدور نظراً لكونها تستخدم مطواه ” قرن غزال ” في إصابة ضحاياها فهي تتميز بمهارة عالية في استخدام المطواه لإحداث علامة على وجه الضحية أو جرح شبه سطحي في الصدر أو البطن. وتُستخدم في مواقف كثيرة منها إصابة نفسها في أيام الانتخابات لإثارة الذعر والخوف بين المنتخبين مما يؤدى إلى هروبهم من أمام اللجان الانتخابية.

5- جرح بواسطة العض “العضاضة”: “العضاضة” هو لقب العضوة (ج.ك)التي تقوم بإصابة الضحية بواسطة قضم “عض” أصابعها وتصل “العضة” لعظام الأصابع وينتشر هذا الدور في الخناقات مع الرجال وفي أيام الانتخابات.

6- رمى البلاء بإساءة السمعة: وتقوم العضوة (ر) بهذا الدور حيث تحاول إساءة سمعة الضحية بإستخدام العديد من الألفاظ البذيئة الخادشة للحياء والإيماءات والحركات الجسدية المعيبة وذلك بواسطة الردح، بالإضافة إلى تمزيق ملابس الضحية إذا تطلب الموقف ذلك وتقوم بهذا الدور مع ضحيتها من رجال الأعمال، أو إمرأة تعيش في حى راقى وطُلب من الجماعة إساءة سمعتها.

7- رمى البلاء بتلفيق المحاضر: وكانت تقوم بهذا الدور العضوة (ق.م) قبل دخولها السجن فكانت تُصيب نفسها بجرح في الرأس أو جرح بالمطواه في أحد مناطق جسدها وتُلفق ذلك إلى الضحية بتحرير محضر ضده. وحالياً تقوم بهذا الدور العضوة (ر) وهي بالإضافة إلى ما سبق تقوم بوضع مادة مخدرة “حتة حشيش” في ملابس الضحية وتُلفق لها قضية.

8- كسر العظام: وكانت تقوم بهذا الدور العضوة (س.س) كمساعدة لزعيمة الجماعة (ن.ك) بواسطة استخدام “الساطور” إذا كان المطلوب “كسر بالدم ” وتستخدم ” الشومة ” إذا كان المطلوب كسر فقط ويُطلب هذا الدور في مواقف طرد السكان من العمارات أو مواقف الطلاق والتنازل عن الشقة لصالح الزوجة، بالإضافة إلى الخناقات مع الرجال وحالياً تقوم بهذا الدور العضوة (ع) كبديلة للعضوة (س.س) للأنها مسجونة حالياً.

9- الردح والشرشحة: ويشترك جميع أعضاء الجماعة في هذا الدور وتستخدم هذه الوظيفة في إساءة السمعة لرجال الأعمال، والمستويات الراقية من المواطنين.

(ب)- تدرج المكانة في جماعة البلطجة النسائية:

تترتب المكانة ترتيباً تنازلياً عند البلطجيات، ففي القمة نجد ” زعيمة الجماعة “، وبعد ذلك نجد العضوة (ش.ن) المشهورة “بسنجة”، وهذه المرتبة هي مطمع كل عضوات الجماعة اللائى ُيريدن الاستمرار في هذه المهنة لأن هذه المرتبة هي بمثابة ” الذراع الأيمن ” لزعيمة الجماعة، ثم تأتى بعد ذلك العضوة (أ.س) المشهورة “ببشلة ” التي تتميز بمهاراتها في استخدام الأمواس وتأتى بعد ذلك العضوة (ر) المشهورة ” بروبى ” التي نجحت في القيام بوظيفة إساءة السمعة، وأصبحت تعمل في تلفيق المحاضر بجانب إساءة السمعة وتأتى بعدها العضوة (ع) المشهورة “بغزالة ” وتتميز بمهاراتها في استخدام “المطواه ” والتحكم فيها ونجاحها في استخدامها جعلها ترتقى وتعمل في وظيفة “كسر العظام ” كمساعدة لزعيمة الجماعة وبعد ذلك تأتى في قاع مرٌتبة البلطجيات العضوة (ج.ك) المشهورة “بالعضاضة”

(ج)- المعايير الجماعية في جماعة البلطجة النسائية:

تتمثل هذه المعايير في مجموعة من القواعد تُحدد ما ينبغى أن يكون عليه سلوك كل عضوة في الجماعة، ومن ثم فإن هذه القواعد تُحدد بالتالي ضمناً أنماط السلوك غير المرغوب وتضع الحدود بين ما هو مشروع وما هو غير مشروع من وجهة نظر زعيمة الجماعة وعضواتها. كما أن هذه المعايير الجماعية تحكم العلاقات الداخلية في الجماعة، والعلاقات الخارجية بينها وبين بقية الهيئات الأخرى. وتُغطى هذه المعايير الجماعية نطاقاً واسعاً من سلوك أفراد الجماعة يمكن أن تٌحدد جزئياً فيما يلى: معايير تُحدد حقوق وواجبات كل عضوة فيها حسب وضعها ودورها ومكانتها، ومعايير تُحدد الوظائف والأدوار التي تقوم بها كل عضوة في الجماعة، ومعايير تُحدد المركز الاجتماعي لكل عضوة بمقتضى مجموعة من الحقوق والواجبات والأدوار والوظائف التي تؤديها العضوة، ومعايير تُحدد مسار العلاقات الاجتماعية وطابعها.

1- المعايير التي تُحدد حقوق العضوة على زعيمة الجماعة:

فعلى زعيمة الجماعة أن تُحدد للعضوة مهام عملها، وعليها أن تُوفر المآوى والمأكل والمشرب لعضوات جماعتها والأهم أن تُوفر المواد المخدرة وفقاً لمتطلبات كل عضوة بالجماعة.

كما على زعيمة الجماعة أن تقف إلى جانب العضوة في حالة القبض عليها من خلال وجود وسيط من قِبل زعيمة الجماعة يقوم بدفع الكفالة المالية للعضوة دون أن تظهر زعيمة الجماعة بصفة رسمية أمام الشرطة، وبالتالي يتم الحفاظ على سر تكوين الجماعة وعدم الإفشاء به، كما تتكفل زعيمة الجماعة برعاية العضوة المحكوم عليها بالسجن حيث تتولى عملية تسهيل دخول المواد المخدرة والمال إليها داخل السجن.

2- المعايير التي تُحدد واجب العضوة تجاه زعيمة الجماعة:

أن تقوم العضوة بعملها في أمانة، وأن تُطيع زعيمة الجماعة وتُنفذ خططها وتعليماتها في خضوع تام، ومن هذه التعليمات ألا تقوم إحدى عضوات الجماعة بممارسة أعمال البلطجة لصالحها دون معرفة زعيمة الجماعة بذلك، عدم إفشاء أسرار الجماعة، عدم معرفة الشرطة بأمر تكوين الجماعة.

3- المعايير التي تُحدد وظيفة ودور ومركز كل عضوة في الجماعة:

في قمة المراكز الاجتماعية في الجماعة تأتى زعيمة الجماعة “ن.ك”، وتظل محتفظة بمكانتها طالما أنها قادرة على السيطرة على عضوات الجماعة، والتحكم فيهن بقوتها وسخائها عليهن. ويعقب زعيمة الجماعة العضوة “ش.ن” المشهورة ” بسنجة ” وتتحدد مكانتها بقدمها في الانتماء للجماعة، بالإضافة إلى تاريخها الإجرامي، وقوة الأداة التي تستخدمها ومهاراتها في استخدامها، ونجد بعد ذلك العضوة “أ.س” المشهورة ” ببشلة ” وتتحدد مكانتها في المرتبة التي تلى مرتبة “سنجة ” نظراً لانتمائها في الجماعة عقب “سنجة” ومهاراتها العالية في استخدام الأمواس وتفردها بهذه المهارة في الجماعة، ونجد بعد ذلك مكانة العضوة “روبى”، وتتحدد مكانتها وفقاً لتاريخها الإجرامي وفترة انتمائها للجماعة بالإضافة إلى زيادة الطلب عليها من قِبل المستهلكين “الزبائن” ويتحدد دورها وفقاً لمهاراتها في “رمى البلاء” على الضحايا، وخداع الشرطة عند تلفيق المحاضر للضحايا، ونجد بعد ذلك مكانة العضوة (ع) المشهورة “بغزالة” وتتحدد مكانتها وفقاً للمعايير السابقة بالإضافة إلى مهاراتها في استخدام “المطواه” والسيطرة عليها، ويقوم بالدور الأخير في الجماعة العضوة (ج.ك) المشهورة “بالعضاضة” وتتحدد مكانتها وفقاً لمهاراتها في العض وتحتل هذه المرتبة قاع الجماعة نظراً لقلة مهاراتها في استخدام معظم الأسلحة السابقة “كالمطواه”،”السنج”، “البشلة”، وقد تعمل في تلفيق المحاضر كوجه جديد بالنسبة لأقسام الشرطة التي أصبحت ” روبى ” معروفة لديهم، كما تتحدد مكانة عضوات الجماعة من خلال أدائها لدورها دون إحداث مشاكل مع الشرطة بمعنى أن تمارس البلطجة في الخفاء دون الاحتكاك بالشرطة.

وجاء ذلك على لسان بعض عضوات الجماعة كالتالي:

“سنجة”: “المعلمة بتحبنى ومخليانى دراعها اليمين عشان انا اقدم واحدة في الجماعة والزباين عليا كتير”.

“بشلة”: “ببخ بختى[2] في وش اللى قدامى اخلى وشه شوارع في لحظة ومحدش يقدر يثبتها عليا وانا احسن واحدة اشتغل بالبشلة في جماعة المعلمة”.

“غزالة”: “مش أي حد يعرف يضرب بالمطواه أصلها صغيرة ومحتاجة ست شاطرة تعرف تتحكم فيها ولازم الجرح يكون لحم ودم من غير عروق عشان مايعملش عاهة ونروح في داهية مع الحكومة”.

4 – المعايير الجماعية التي تُحدد العلاقات الخارجية للجماعة:

إذ تُحرم هذه المعايير تحريماً كاملاً الاتصال والتعرف بالمستهلك “الزبون” الذى يُؤجر الجماعة، فالاتصال والتعامل مع “الزبون” يكون مع زعيمة الجماعة فقط وهي بدورها تنقل الاتفاق إلى عضوات جماعتها. كذلك عدم الاختلاط بأعضاء الجماعات الإجرامية الأخرى إلا بواسطة زعيمة الجماعة، وعند القبض على أي عضوة من عضوات الجماعة فهي في نظر الشرطة بلطجية تعمل بمفردها غير منتمية لأي جماعة إجرامية وبالتالي الحفاظ على سر تكوين الجماعة.

(د)- القيم الجماعية في جماعة البلطجة النسائية:

تستند المعايير السابقة جميعها إلى مجموعة من القيم الجماعية السائدة في الجماعة من خلال الخبرة الجماعية للجماعة، ومن خلال التفاعل الاجتماعي المتكرر بين أعضائها وبين الجماعات الأخرى، تنشأ لدى الجماعة مجموعة من المعايير والأفكار التي تُحدد اختيار كل عضوة فيها لأي من البدائل السلوكية الميسرة أمامها، بحيث يكون معيار الاختيار ما هو صواب وليس خطأ، وما هو مُفيد للجماعة وليس ضاراً غير مُجد لها، وما هو سليم مقرر دون ما هو غير سليم أو مكروه. وهنا يتضح أن القيم الجماعية للجماعة بعضها إيجابى يحدد من السلوك والأفكار ما هو صائب ومُفيد ومُكرر، وبعضها سلبى يُحدد من السلوك والأفكار ما هو خاطىء وشر وغير سليم.(محمد عارف، 1975: 649).

تتمثل القيم السائدة في الجماعة في ثلاث مجموعات:

1- المجموعة الأولى: قيم سائدة في الجماعة ككل.

2- المجموعة الثانية: قيم تُوجه سلوك العضوات بعضهن نحو البعض الآخر.

3- المجموعة الثالثة: قيم تُوجه العمل والفكر نحو البلطجة نفسها كعمل ونحو ضحية هذا العمل.

1- المجموعة الأولى: قيم سائدة في الجماعة ككل:

تتمثل هذه القيم في الولاء للجماعة، وعدم إفشاء أسرارها، والعمل الجماعى وتبدو هذه القيم واضحة في ممارسة أعمال البلطجة من خلال عمل أعضاء الجماعة معاً حيث يتم تأجيرهن كجماعة وليس كفرد.

2- المجموعة الثانية: قيم تُوجه سلوك العضوات بعضهن نحو البعض الآخر:

تتمثل هذه القيم في التعاون والتكامل بين أعضاء الجماعة وتبدو هذه القيم واضحة عند انضمام عضوة جديدة إلى الجماعة فبقية العضوات يعملن على نقل خبراتهن للعضوة الجديدة ونقل قيم ومعايير الجماعة حتى تستطيع الاندماج داخل الجماعة وهذه القيم تنبع من قيم المجموعة الأولى فالتعاون والتكامل بين الأعضاء وعدم إفشاء السر يستند إلى قيمة الولاء والإخلاص للجماعة، وروح العمل الجماعى.

وتُعبر عضوات الجماعة عن هذه القيم بقولهن:

“كلنا هِنا في مركب واحدة وكلنا لازم نكون إيد واحدة ونساعد بعض عشان المركب تمشى ولو كل واحدة فينا اشتغلت بدماغها ولوحدها المركب تغرق بينا ”

3- المجموعة الثالثة: قيم تُوجه العمل والفكر نحو البلطجة نفسها كعمل ونحو ضحية هذا العمل:

هي أفكار تُحاول أساساً أن تُبرر البلطجة، فتظهرها على أنها مهنة راقية “البلطجيات هن دراع الأغنياء والبهوات الكبار” كما تُبرر القيم البلطجة بإظهار الأسوياء من الناس على أنهم عاجزون عن استرداد حقوقهم وأن البلطجة هي وسيلة لاسترداد الحقوق لهؤلاء الناس. “فمهنة البلطجة تعمل على تحقيق القانون في دولة لا قانون لها “. ولا تشعر النساء البلطجيات تجاه ضحاياهن بالعطف على الإطلاق بل على العكس فإنهن يمارسن أكثر أشكال العنف قسوة مع الضحايا. وتُعبر عضوات الجماعة عن هذه القيم بقولهن: “البلطجة تِكَيّف الدماغ، وتروق المزاج، وتبرد القلب”.

(ه) صور التفاعل الاجتماعي داخل الجماعة:

كان من العناصر التي تم بمقتضاها تحديد مفهوم جماعة البلطجة النسائية، أن هذه الجماعة تتألف من مجموعة من النساء، يتصلن ببعضهن اتصالاً مباشراً يقوم على عنصر المواجهة، بحيث يخلق هذا الاتصال تفاعلاً اجتماعياً مكرراً. ولقد كشفت الدراسة الميدانية عن الصور الرئيسية للتفاعل الاجتماعي داخل جماعة البلطجة النسائية على النحو التالي:

(1)- التعاون:

يرتبط أعضاء الجماعة فيما بينهن ويعملن سوياً لتحقيق هدف مشترك هو القيام بعملية البلطجة بأقصى قدر من الكفاءة في الأداء، وأكبر جانب من الأمان، ولهذا تتعاون عضوات الجماعة في أداء هذا العمل، فهناك تقسيم عمل فيما بينهن يتطلب اعتماد كل منهن في أداء عملها على الأخريات. إذ تقوم كل عضوة من عضوات الجماعة بدورها خلال تنفيذ عملية البلطجة كما هو متوقع منها، ومعتمدة في أداء دورها على زملائها.

ويتضح ذلك في بلطجة الانتخابات، فكل عضوة في الجماعة لها دور معين لابد أن تؤديه في بلطجة الانتخابات حيث تبدأ “ر”، و “ع” بجر شَكَل أحد المواطنين بإحدى لجان الانتخابات بحيث يخلقن مشكلة ثم تأتى “أ.س” بسحب إحدى المواطنات وتقوم بضربها بحيث يبدأ الجميع بالضرب والخناق ثم تتدخل “س.س” و”ش.ن” ومعهن الشوم والعصا والسنج لإرهاب الرجال والاعتداء عليهم حتى يحدث ذعر وخوف بين المواطنين يدفعهم إلى الهروب من أمام مقر اللجان الانتخابية. وفي النهاية تأتى زعيمة الجماعة “ن.ك” ومعها ساطور كبير الحجم وتجلس بجوار مقر اللجنة وتأتى لها “ع” بالشيشة.

هذا الموقف يحدث أمام مقار اللجان الانتخابية في الأحياء الشعبية. بينما مقار اللجان الانتخابية في الأحياء الراقية لا يستدعى الموقف اعتداء البلطجيات على المواطنين ولكن تكون البلطجة لفظية فوجود عضوات الجماعة أمام هذه المقار يثير الذعر في نفوس المواطنين ويجعهلهم يخشون الاقتراب من مقار هذه اللجان الانتخابية.

وفي موقف آخر “رمى البلاء وتلفيق المحاضر”، تحتاج “ر” إلى مساعدة زميلتها في منع المواطنين من التدخل بين “ر” والضحية كما تحتاج إلى “ج.ك” و “س.س” ليقمن بالشهادة ضد الضحية ويتم تلفيق المحضر للضحية بشهادة الشهود.

وهنا يتسم التعاون في تحقيق الأدوار المختلفة بأنه تعاون مخطط ومنظم، أي أنه يسير على خطة موضوعة ونظام مقرر متفق عليه مسبقاً.

ومن ذلك يتضح أن أساس قيام التعاون في أداء عملية البلطجة هو تقسيم العمل، والتخصص في القيام بدور معين في هذا العمل. ولا يتم التعاون بين أعضاء الجماعة في تنفيذ عملية البلطجة المستأجرة فقط، بل يتم أيضاً في التعامل مع أهالى المنطقة لفرض قوتهن وسيطرتهن على المنطقة.

ويعبر عضوات الجماعة عن ذلك بقولهن: “أهل المنطقة عارفين اننا مجرمين وسوابق وبيخافوا من جواهم يتعاملوا معانا وعشان نرهبهم اكتر كنا ننزل وسط الحارة ونمثل اننا بنضرب بعض علقة موت ونسيح بعض دم – بنكون واخدين البرشام ومش حاسين بأي وجع- وعلمت المعلمة على شيخ الحاره ب20 غُرزه، واتنين مننا بلطجوا على البقال، واتنين على القهوجى كنا ناخد الجوزه بلطجة من غير فلوس والناس كانت تخاف واللى يتصَدّر لواحده مننا أكنه اتصَدّر للجماعة كلها عشان كده محدش يقدر يتكلم ويفتح بُقه”

(2)- التكيف:

تظهر هذه الصورة من التفاعل الاجتماعي بصورة واضحة عندما تلتحق عضوة جديدة في الجماعة، إذ تعمل الجماعة على تطبيعها بطابع الجماعة، وحدث ذلك مع اثنتين من الجماعة هن “ع” و “ج.ك”، وتولت زعيمة الجماعة مسئولية توزيع الأدوار عليهن بالجماعة، ومهمة نقل القيم والمعايير الجماعية التي تسير عليها عضوات الجماعة، وباقى عضوات الجماعة الأقدم تولين مسئولية تدريبهن على استخدام باقى الأدوات والأسلحة التي لم تستخدماها من قبل، وتوضيح كيفية العمل داخل الجماعة وطبيعة المواقف التي يخرجن لها لممارسة أعمال البلطجة،

وجاء ذلك على لسان العضوتان “ع” و”ج.ك”:

“ع” المشهورة بغزالة: ” انا كنت شاطرة قوى في الضرب “بالمطواه” بس” سنجه” نَبهتنى لحاجة مهمة ان جرح “المطواه” لازم يكون لحم ودم بعيد عن العروق عشان قطع العرق مع اللحم يعمل عاهه لصاحبه ممكن يِتشَل وتبقى قضية كبيرة عند الحكومة تدخلنى السجن كذا سنة”

“ج.ك”: ” الحاجة اللى اعرف اشتغل فيها كويس هي العض والشرشحة عشان كده المعلمة وظفتنى في دور العضاضة في الجماعة وبعد كده حصلت أزمة واتنين من زمايلنا اتقبض عليهم والمعلمة احتاجت واحدة تضرب معاها “بالشومة” وعلمتنى انى اخد بالى في ضربتى على الدماغ لازم الضربة تكون على الأُورة من قدام الدماغ عشان لو ضربت على الدماغ من ورا صاحبها ممكن يُطب ساكت ويروح فيها وانا اروح فيها مع الحكومة “.

ومما يساعد عملية التكيف قيام العلاقات الوثيقة التي تستند إلى عنصر المواجهة في الجماعة، كما يساعد الضبط الاجتماعي في الجماعة على بقاء أثر هذه العملية واستمرارها.

وفي ضوء ماسبق يتضح أن:جماعة البلطجة النسائية تتميز بتكامل مستويات السن ونقل الخبرات الإجرامية فيما بينهن، ويمكن توضيح ذلك في شكل هرمى على النحو التالي:

شكل (1)

نستنج من الكلمات السابقة مهارة المرأة واحترافها لجريمة البلطجة: فهي لا تمارس أعمال البلطجة بعشوائية ولكنها تُخطط وتضع في اعتبارها تأثير كل فعل ترتكبه وكل إصابة تسببها للضحية من الناحية الطبية و القانونية، وبذلك فهي لا تؤذى الضحية بإصابة تجعلها تتعرض للمساءلة القانونية.

(3)- التنافس:

تتميز جماعة البلطجة النسائية بوجود تنافس في ممارسة أعمال البلطجة ولكن يُنظر لهذا التنافس باعتباره مؤشراً للإجادة في العمل حتى تتميز هذه الجماعة عن غيرها من الجماعات الإجرامية الأخرى وخاصةً جماعات البلطجة.

(و) – أساليب الثواب والعقاب في جماعة البلطجة النسائية:

تضع زعيمة الجماعة أساليب الثواب والعقاب، وتكافيء العضوة التي تلتزم بقيم ومعايير الجماعة بزيادة حصتها من المواد المخدرة، وزيادة حصتها من المال، ومدحها. أما العضوة التي تخالف قيم ومعايير الجماعة فإنها تلقى غضب زعيمة الجماعة في حرمانها من حصتها من المواد المخدرة، وفي بعض الأحيان تستخدم عقوبة بدنية بأن تسكب مياه النار على جسد العضوة وتشوهها، وقد تبيع طفل من أبناء العضوة دون معرفتها بذلك.

وتُضيف زعيمة الجماعة أن دخول الجماعة لا يعنى إمكانية الخروج من الجماعة إلا في حالة واحدة وهي انتهاء تكوين الجماعة وانهيارها وهذا الأمر لن يحدث بوجود زعيمة الجماعة التي تمثل أساس استمرار الجماعة ودوامها. وعضوات الجماعة تعلمن أن دخولهن وانضمامهن إلى العمل في الجماعة مقبول والخروج من الجماعة مرفوض. لأن زعيمة الجماعة هي المسئولة عن احترافهن العمل بالبلطجة ولن تسمح بفكرة الخروج من الجماعة والعضوة التي تُصر على الخروج وعدم الاستمرار مع الجماعة، فإن زعيمة الجماعة تعمل على تلفيق عمل إجرامى لها يدخلها السجن كعقاب لها ؛ لذا ترى عضوات الجماعة أن الموت عقاب أرحم من عقاب زعيمة الجماعة إذا فكرن في الخروج وترك الجماعة.

وجاء ذلك على لسان زعيمة الجماعة:

“مفيش خروج من الجماعة وكل النسوان اللى بتشتغل معايا عارفين كده هو انا آآوى وأكل وأكيف دماغهم واخليهم معلمين ليهم قيمة ومكانة وسط الناس والكل يخاف منهم وبعد ده كله تقولى امشى !!!! ده انا البسها حتة حشيش أوألفقلها قضية واخليها تتعفن في الحبس ومتشفش نور الشارع تانى..تخرج على القبر احسن لها”

(ن)- نظام الحياة اليومية في جماعة البلطجة النسائية:

يبدأ يوم عضوات جماعة البلطجة النسائية بتناول “البرشام المنشط ” وفي الأيام التي يوجد فيها عمل تستيقظ الجماعة مبكراً وتتأكد زعيمة الجماعة “ن.ك” من استعداد عضوات الجماعة للعمل، والتنبيه عليهن بالحذر، وتخرج عضوات الجماعة معاً من ” الخرابة” إلى العمل ولكن عند الانتهاء من العمل عليهن العودة إلى “الخرابة ” متفرقات كل عضوة بمفردها حتى لا ينكشف للشرطة سر تكوين الجماعة. وعند العودة تبدأ زعيمة الجماعة بإعطاء كل عضوة أجرها من العمل – رغم أن زعيمة الجماعة تأخذ أجرها من “الزبون” المستأجر لجماعتها قبل ممارسة العمل – ثم ترسل إحدى العضوات لجلب المواد المخدرة وبعضهن الأخريات يهيئن “قعدة المزاج” وأخريات يجهزن الطعام وبعد تناول الطعام، يحضرن ” الجوزة” و”أحجار الشيشة” وتبدأ ” قعدة المزاج” ويبدأن في الضحك والسخرية من ضحاياهن ويتناولن ” الكِيف” أي المواد المخدرة، وبعد الانتهاء تذهب زعيمة الجماعة إلى مسكنها في حين تنام جميع العضوات في “الخرابة”، وقد تسهر معهن “زعيمة الجماعة ” لتتفق معهن على عمل جديد.

أما الأيام التي لا يكون بها عمل للبلطجة فإن عضوات الجماعة تنام من الظهر وتستيقظ في العشاء، فالليل هو بداية اليوم والظهر هو نهاية اليوم فقبل أن تذهب زعيمة الجماعة في الصباح تقوم بتسريح عضوات الجماعة خارج “الخرابة” ليسلمن البضائع لأصحابها من البائعة الجائلين وينظمن أماكن “فرشهن ” وقد تأخذن حصة الخبز أو تستولى على بعض اسطوانات الغاز وتتولين بيعه للمواطنين بأسعار عالية، ثم تعود البلطجيات إلى مسكنهن في “الخرابة ” لتنام من الظهر حتى العشاء وفي العشاء تأتى زعيمة الجماعة لتسريح العضوات لجلب الإتاوات من البائعين ودكاكين البقالة والقهوة – نظراً لأن منطقة جماعة البلطجيات تكون تحت حمايتهن ولا تستطيع أي من العصابات الأخرى التعدى على أحد من سكان المنطقة وبالتالي فالجماعة تأخذ الإتاوة نظير الأمن الذى توفره للمنطقة – ثم تبدأ “قعدة المزاج” التي تتناول فيها الجماعة المواد المخدرة وشرب الخمر، وقد تختلق الجماعة ” خناقة أو “جر شكل” مع أحد المارة من أمام الخرابة أو أحد البائعين فلقد أصبحت البلطجة طريقة حياة وتمارسها عضوات الجماعة يومياً، فالجماعة بالكامل تتعاطى “المخدر” الذى يجعلهن بدون وعى يمارسن البلطجة على أحد الجيران المقربين لهن دون وعى منهن بذلك.

وتعبر عن ذلك زعيمة الجماعة بقولها:

” أنا ممكن اجيب أي واحدة معدية قدامى من شعرها واديها علقة موت وانا معرفهاش ومفيش بينى وبينها أي عداوة بس عشان كِيفي طلب كده ”

(و)- اللغة داخل جماعة البلطجة النسائية:

تنشأ في أي جماعة من الجماعات التي تقوم بين أفرادها اتصال وثيق، وتؤدى وظيفة متخصصة في نطاق المجتمع مجموعة من المصطلحات المهنية، والتعبيرات، والإشارات تؤلف فيما بينهما لغة خاصة بهذه الجماعة. ويصدق هذا الأمر على جماعة البلطجيات اللائى يساهمن في عملية البلطجة، ولهذه اللغة وظائف هامة: فهي تيسر الاتصال بين عضوات الجماعة، وبين جماعات البلطجة بعضها بالبعض الآخر، كما أنها تخلق في هذه الفئة التضامن والتماسك لأنها قد تجعلهن في عزلة عن غيرهن إلى حد ما مما يعطيهن الاحساس بأنهن جماعة متميزة لهن طابع خاص ووظيفة معينة.( محمد عارف، 1975: 669-670)

هذه اللغة الخاصة التي تستخدمها جماعة البلطجة النسائية تعكس كثيراً من اتجاهاتهن وتقويماتهن ومهاراتهن الفنية، وخطتهن في العمل، وعلاقتهن بغيرهن.

ومن المصطلحات التي تستخدمها البلطجيات النساء:

1- مصطلحات خاصة بالأساليب العامة للبلطجة.

2- مصطلحات خاصة بالأدوات والوسائل المستخدمة في البلطجة.

3- مصطلحات خاصة بشروط الانتماء للجماعة وتقسيم العمل.

4- مصطلحات خاصة بتقسيم عائد البلطجة.

5- مصطلحات خاصة بأماكن التجمع.

نوع المصطلح المصطلح معنى المصطلح باللغة العادية
1- مصطلح متعلق بالأساليب العامة للبلطجة. عزومة خناقة كبيرة العدد تحتاج لأعضاء الجماعة بالكامل
مشروب خناقة صغيرة العدد تحتاج من 2 إلى 3 من عضوات الجماعة
مشاريب حلاقة جرح الضحية باستخدام أمواس الحلاقة
مشاريب جزارة جرح الضحية باستخدام “السنجة ” أو “المطواه” أو “الساطور “
بلطجة بُق ردح باستخدام الألفاظ البذيئة التي تحمل الإيحاءات الجنسية المهينة
شرشحة الشتائم والسباب
2- مصطلح متعلق بالأدوات والوسائل المستخدمة في عملية البلطجة سنجة سكينة حادة كبيرة الحجم
كزلك سكينة حادة متوسطة الحجم
مطواه سكينة حادة صغيرة الحجم
مطواه قرن غزال سكينة حادة صغيرة على شكل قرن حيوان الغزال
البشلة أمواس الحلاقة
الشومة عصا خشبية سميكة وثقيلة الوزن
الساطور سكينة حادة عريضة وسميكة
3- مصطلح متعلق بشروط الانتماء للجماعة وتقسيم العمل شوضلية
العضاضة
رمى البلاء
الشهرة بممارسة العنف والردح والشرشحة في التعامل مع الآخرين.

جرح الضحية بواسطة القضم بالأسنان.

اتهام الضحية بفعل إجرامى لم ترتكبه.

4- مصطلحات خاصة بتقسيم عائد البلطجة الكِيف المواد المخدرة بأنواعها من حشيش، وبانجو، وبرشام،وسجائر، حُقن.
الشم المخدرات البودرة.
الحُقن المخدرات بواسطة الحَقن.
ازازة زجاجة الخمر.
برايز

الكِيف في الجوزة

عائد البلطجة المادى المتمثل في المال. تناول المواد المخدرة بواسطة “الشيشة”.
تكيف الدماغ سعادة العقل.
تروق المزاج إراحة العقل من التفكير.
تبرد القلب إراحة القلب من الشعور بالضيق والحقد.
5 – مصطلح متعلق بأماكن التجمع الخرابة مكان تتجمع فيه عضوات الجماعة بمثابة مسكنهم اللائى يعشن فيه. هي عبارة عن حجرة واحدة كبيرة وواسعة، لها باب خشبى كبير، وتمارس فيها كل الأنشطة من تناول المواد المخدرة، والنوم، والطبخ، والاستحمام، والولادة.
مربع المسجلين حى بالدويقة يقطنه العديد من المسجلين خطر في سجلات الشرطة.

خاتمة

أولاً: البيانات الأولية:

كشفت الدراسة الميدانية أن ثمة علاقة واضحة بين الخصائص الديموجرافية واحتراف النساء لمهنة البلطجة ويظهر ذلك بوضوح من خلال عرض الخصائص الديموجرافية لحالات الدراسة على النحو الآتى:

1- العمر:

تتميز جماعة البلطجة النسائية بتكامل مستويات السن ونقل الخبرات الإجرامية والتدرج في العمر من الأكبر إلى الأصغر، حيث نجد أن زعيمة الجماعة أكبرهن سناً وترتيب الأدوار والمكانات داخل الجماعة يكون وفقاً لمعيار السن من الأكبر إلى الأصغر.يفسر ذلك “كلواردأوهلن ” بتوافر نمط تكاملى بين المجرمين وبين مستويات السن المختلفة للمجرمين حتى يتم نقل وتعلم الخبرات الإجرامية من مستوى سنى إلى مستوى سنى آخر.

2- الحالة التعليمية:

أوضح البحث أن معظم حالات الدراسة من الأميات اللائى تم حرمانهن من فرص التعليم، وأن المتعلمات منهن توقفن عن التعليم أثناء المرحلة الابتدائية دون استكمالها. لعل ذلك يفسر وجود علاقة واضحة بين انخفاض مستوى التعليم وبين انحراف المرأة وإجرامها.

3- الحالة الاجتماعية:

اختلفت حالات الدراسة في الحالة الاجتماعية بين (المطلقة، والأرملة،والمتزوجة) ولكن الصفة المشتركة بينهن أن جميعهن قد سبق لهن الزواج من رجال مسجلين (خطر) في جرائم عدة منها: البلطجة، تجارة المخدرات، السرقة. هنا تظهر العلاقة واضحة بين احتراف هؤلاء النساء مهنة البلطجة وزواجهن من مجرمين كان لهم دور كبير في نقل خبراتهم الإجرامية لزوجاتهم وتوجيهن في تكوين الجماعات الإجرامية المنظمة.

4- الحالة المهنية:

كشفت نتائج الدراسة أن جميع حالات الدراسة قد اشتغلن في مهن إجرامية قبل عملهن بالبلطجة، وحالياً تمارسن البلطجة فهي المهنة الأساسية والدائمة لهن. ولعل ذلك يفسر مدى احتراف عضوات الجماعة لممارسة الجريمة وخاصةً البلطجة.

5_ محل الاقامة:

أوضح البحث أن جميع حالات الدراسة نشأن في أحياء شعبية تتسم بالفقر والجهل والتخلف مما يؤكد وجود علاقة واضحة بين البيئة والوسط الاجتماعي التي تعيش فيه حالات الدراسة وبين انحرافهن وإجرامهن، كما كشف محل الإقامة أن معظم حالات الدراسة لسن قاهريات ولكنهن من المهاجرات من الأقاليم ومحافظات الصعيد.

ثانياً التاريخ الإجرامي لحالات الدراسة:

كشفت الدراسة الميدانية أن جميع حالات الدراسة كان لهن تاريخ إجرامى يسبق ممارستهن لجريمة البلطجة، تدرجت جرائمهن بدءًا من التسول ثم السرقة ثم السرقة بالإكراه ثم الاعتداء على الآخرين ثم الاتجار بالمخدرات وأيضاً بيع الأطفال والإتجار بأعضائهم، ونتيجة فشلهن في الاستمرار في مزاولة هذه الجرائم اتجهن إلى العمل بالبلطجة وليس بشكل فردى لكن تطور الأمر إلى تكوين جماعة إجرامية منظمة يتم استخدامها لممارسة أعمال البلطجة، وبالتالي كان هناك تدرج من العمل الفردى إلى العمل الجماعى.

ثالثاً: عوامل احتراف البلطجة:

كشفت الدراسة أن جميع حالات الدراسة مسجلات (خطر) ولهن تاريخ إجرامى سابق وأرجعن احترافهن مهنة البلطجة إلى عدة عوامل تتمثل في:

1- النشأة في بيئة عشوائية تتسم بالإجرام والعنف، بيئة تقطنها العصابات الإجرامية. تلك البيئة التي كان لها دور كبير في تعلم هؤلاء النساء العنف واستخدام الأسلحة البيضاء نظراً

لكثرة هذه الأسلحة ورواجها في المناطق العشوائية.

2- الزواج من المسجلين (خطر) المجرمين من رجال العصابات والبلطجية.

3- دخول السجن:أكدت حالات الدراسة أن السجون هي أفضل مكان لتعلم الإجرام ونقل الخبرات الإجرامية نظراً للاختلاط بكبار المجرمين داخل السجن، فعند النظر للجرائم الأولى التي ارتكبتها حالات الدراسة ودخلن بسببها السجن نجدها جرائم تتسم بأنها أقل عنفاً كالتسول والسرقة وتتطورت هذه الجرائم لتصل إلى البلطجة، أي تتطور جرائمهن من الجرائم البسيطة التي لا تتطلب ممارستها العنف إلى جرائم العنف ذاته كالبلطجة، وبالتالي نجدهن يخرجن من السجن أكثر إجراماً واصراراً على الاستمرار في ممارسة الجرائم وتطوير النشاط الإجرامي بتغييره إلى نشاط آخر أكثر عنفاً يجلب لهن عائداً أعلى.

4- عوامل وراثية:أكدت حالتان من حالات الدراسة بأن احترافهن مهنة البلطجة يرجع إلى وراثة مهنة البلطجة من الأهل.

5- تعاطى وإدمان المخدرات:أكدت جميع حالات الدراسة أن إدمانهم للمخدرات وتعاطى المواد المنشطة من أهم العوامل التي ساعدتهن على احتراف مهنة البلطجة. يمكن تفسير ذلك في ضوء أن الشخص الذى يدمن المخدرات يفقد الكفاية الاقتصادية وعلاقاته السابقة بأقرانه فيضطر إلى الانحدار إلى أدنى المستويات والارتباط بالنماذج الإجرامية التي تواجهه في هذه المستويات حيث يكتسب من مخالطته لهم طباعاً وعادات سيئة تدفعه إلى السرقة والبلطجة وغيرها من الأساليب غير المشروعة التي يمكن عن طريقها الحصول على المخدرات.(عمر السعيد رمضان،1972:79 -80 )

رابعاً: أسباب البلطجة النسائية:

يمكن تفسير الأسباب والدوافع التي تدفع النساء إلى ممارسة مهنة البلطجة في ضوء مقولات الاستبعاد الاجتماعي على النحو الآتى:

1- الظروف البيئية والاقتصادية:

تنشأ حالات الدراسة في ظل بيئة منهارة ” المناطق العشوائية ” وهي بيئة عشوائية تعانى من التهميش والاستبعاد الاجتماعي، وتشكل بؤراً للفساد وأحزمة فقر في حيز المدن التي تقع في إطارها، فضلاً عن أنها تُمثل الأماكن التي تنتشر فيها تجارة المخدرات وادمانها، وفرض السيادة والسطوة لبعض البلطجية وأعوانهم دون أدنى تواجد لأجهزة الدولة الرسمية.ويمكن القول بصفة عامة أن حالات الدراسة تعيش في مناطق عشوائية تفرض عليهن بيئة فاسدة تتخللها أعمال إجرامية وسلوكيات عدوانية، وبالتالي فهذه البيئة الإجرامية التي تحتويهن والفقر هما جزءًا لا يتجزأ من حياتهن.

2- الظروف الاجتماعية:

أحاطت بالمبحوثات ظروف اجتماعية كانت دافعاً للعنف، نظراً للتفكك الأسرى ومستوى المعيشة المنخفض وضآلة الأجر، والجهل، هذه العوامل الاجتماعية خلقت في المبحوثة أسلوباً يتسم بالعنف والعدوان لا فرق فيه بين رجل وامرأة، فضلاً عن المعاملة القاسية وقهرها خلال مراحل تنشئتها الأسرية. وأكد ذلك الاتجاه النسوى الراديكالى بأن استمرار تعرض المرأة لأشكال مختلفة من العنف والاضطهاد خلال مراحل تنشئتها داخل أسر أبوية قائمة على ظلم المرأة وقهرها واستغلالها، يجعلها مهيأة لممارسة العنف ويدفعها إلى محاولة تحقيق المساواة مع الرجل في عالم الجريمة مما يجعلها تمارس جرائم تتسم بأنها جرائم ذات طبيعة ذكورية أبرزها جريمة البلطجة. وقد أكدت هذه النقطة فيما بعد “فريدا أدلر ” (1975) في كتابها ” اخوات في الجريمة” فالنساء أصبحن أكثر ذكورة، وبالتالي زادت جرائم العنف بينهن.

3- الظروف الثقافية:

وتتمثل الظروف الثقافية في الاستحسان الثقافي للعنف ضد المرأة، تتعرض النساء والفتيات في المجتمع ولاسيما في الطبقات الشعبية الفقيرة لازدواجية القهر، فهن أكثر تأثراً بالثقافة السائدة التي تكرس قهرهن وتزييف وعيهن، ففي ظل مجتمع ذكورى، تخضع المرأة فيه إلى القهر والعنف مما يجعلها أكثر سخطاً على المجتمع، ويدفعها إلى اتخاذ وسائل للدفاع عن نفسها ضد هذا المجتمع الذى حط من شأنها، وأعتبرت البلطجة منفذاً للمرأة لإخراج الشحنة الانفعالية التي نشأت فيها، واقتبستها من الحياة الثقافية والاجتماعية والبيئية التي عاشت تحت ظلها. تفسر ذلك نظرية السيطرة الذكورية أن إذلال واخضاع المرأة من خلال اضطهادها وقمعها من قِبل الرجل يرجع إلى أن ( السلطة الذكورية ) تمارس من خلال التسلط الموروث ثقافياً واجتماعياً.

4- وجود الانحراف داخل الأسرة:

العديد من الحالات التي خضعت للدراسة تنتمى إلى أسر مارست جرائم مختلفة من إتجار في المخدرات، السرقة، البلطجة، زنا المحارم، تلك عوامل حاسمة في تكوين شخصية عنيفة تقوم بأعمال إجرامية اعتادت أن تراها داخل أسرتها، بل توارثتها من الآباء وأصبحت جزءًا من شخصيتها وتحولت إلى مهن تمارسها، تتعارض مع قيم المجتمع ومعاييره رغم أن هذا المجتمع يتصف إزاءها بالتذمر واللامبالاة.

خامساً: انحراف المرأة وإجرامها يتستر خلفه رجل ٌ فاسد:

لقد أكدت حالات الدراسة بأن امتهانهن للسلوك المنحرف واحترافهن مهنة البلطجة لا يرجع فقط إلى الحرمان من العمل المشروع لكسب الرزق، لكن يرجع إلى قهر الرجال لهن واضطهادهن سواء كان ذلك داخل الأسرة بواسطة: الأب، أو الأخ، أو زوج الأم، الذى أدى إلى هروبهن من الأسرة ليصبح ملجأهن هو الشارع أو خارج نطاق الأسرة من خلال مجرمين وبلطجية الشوارع الذين مارسوا عليهن العنف بكافة صوره وأنماطه مما أدى إلى إحباطهن واتجاههن إلى تبنى السلوك المنحرف وممارسة العنف كوسيلة للدفاع عن أنفسهن وللحصول على المال وتحقيق مكانة بين هؤلاء المجرمين حتى أصبح طريقة حياتية بالنسبة لهن. فضلاً عن زواجهن من مسجلين (خطر) عملوا على إدماجهن في عالم الجريمة واحتراف ممارسة الجرائم وتكوين العصابات الإجرامية. لقد أكد ذلك المنظور النسوى الراديكالى الذى أقرّ بأن إجرام النساء غالباً مايسبقه كما هو المعهود أيدى الرجال باعتبار أن المرأة ضحية.

سادساً: أثر ممارسة البلطجة على المرأة وتنشأة الأبناء:

تحولت المرأة من نبع الحنان، والعاطفة، وأرض خصبة لإنشاء جيل يتسم بقيم الحياة إلى امرأة عنيفة منحرفة تقوم بتربية أبنائها على هذه السلوكيات، متيقنة أن هذا مصدر القوة لأبنائها بين الناس، فأصبحت ثقافة البلطجة سمة غالبة على أبناء الأحياء الشعبية من الأم مصدر النشأة تنقلها إلى الأبناء.

سابعاً: فساد النظام السياسى وعلاقته بممارسة مهنة البلطجة النسائية:

كشفت الدراسة الميدانية أن فساد النظام السياسى له دور كبير في تكوين جماعة البلطجة النسائية من خلال قصور أداء المحاكم والمؤسسات القانونية والإصلاحية لوظائفها ويتضح ذلك على النحو التالي:

(أ)- قصور المؤسسات القانونية: مازال يوجد بعض الفساد داخل المؤسسات القانونية، فالرجال المسئولون بالدولة، يستغلون هؤلاء النساء في الانتخابات تحت مرأي ومسمع من رجال القانون مما يجعل مثل هذه الفئة من النساء تقوم بالبلطجة بشكل فعال وأمام السلطات القانونية.

(ب)- قصور المؤسسات الإصلاحية: التي تتمثل في السجون حيث إن جميع حالات الدراسة مسجلات (خطر) سبق وأن قضين فترات عقوبة داخل السجون، ورغم ذلك خرجن أكثر خبرة إجرامية وأقوى عزماً على الاستمرار في ممارسة الجريمة.

(ج)- القصور الأمنى: الذى يتمثل في ضعف التواجد الأمنى في الشارع المصرى بل يكاد ينعدم وجوده بالمناطق العشوائية الأمر الذى يعطى الفرصة لسهولة ممارسة أعمال البلطجة دون تأثير عوامل الضبط المجتمعى الرسمى وغير الرسمى. فسر ذلك ” محمد عارف ” في دراسته عن الجريمة والمجتمع بأن فشل النظام السياسى في تنفيذ القانون يؤدى إلى التهاون في مراعاة القيم العامة، أو يؤدى إلى ضعف قوة القانون كعنصر أساسي للضوابط الاجتماعية في المجتمع. وقد يؤدى ذلك بالناس إلى حماية أنفسهم بأنفسهم دون اللجوء إلى الجهات الرسمية وما يترتب على ذلك من تزايد الفرص للاعتداء على الناس والممتلكات ومن سيادة القوانين الهمجية. كذلك قد يعتور الفساد النظام السياسى ورجال الحكم، وقد تؤدى الصور المتفاوتة لهذا الفساد إلى الانحراف بطرق عديدة نذكر منها:

1- إمكان الإفلات من قبضة القانون برشوة الموظفين الرسميين.

2- قيام بعض ذوى الشأن من المسئولين بحماية المجرمين واستغلالهم في أعمال غير مشروعة كالسرقة، والبلطجة، أو تحقيق بعض الأغراض السياسية كالدعاية الانتخابية، أو إرهاب الخصوم السياسيين.

3- يؤدى فساد النظام السياسى إلى وضع القيود أمام الأمناء من رجال الشرطة أو رجال العدالة على تنفيذ القانون. ( محمد عارف، 1975: 597)

ثامناً: ثقافة البلطجة النسائية:

(أ) – البلطجة النسائية والثقافة الفرعية المنحرفة:

كشفت الدراسة الميدانية أن ثقافة البلطجة النسائية هي ثقافة فرعية منحرفة تتسم بسمات معينة يتعارض بعضها مع السمات التي حددها “كوهن” في نظريته عن الثقافة الفرعية المنحرفة التي حددها في أربع سمات أساسية هي: اللانفعية، الحقد، السلبية، المتعة الوقتية، لكنها جاءت متوافقة مع الدراسة الميدانية التي أجراها “عدلى السمرى”([3]) لسمات الثقافة الفرعية المنحرفة ذلك على النحو التالي:

– يتسم سلوك البلطجة النسائية بأنه سلوك رشيد نفعى: يهدف إلى تحقيق عائد مرتفع يتضح ذلك بصورة كاملة في أن جماعة البلطجة لا تُؤجر بدون مقابل، كما ترتفع أسعار البلطجيات في الانتخابات البرلمانية لتصل إلى ( 500 ألف ) جنيه في حالة تسويد الدائرة الانتخابية.

– يتسم سلوك البلطجيات بالعداء والحقد: يتضح ذلك من خلال ما تقوم به البلطجيات من تخريب وتحطيم للممتلكات وما يحملونهن من عداء للآخرين، تتمثل سمة الحقد في نمطين سلوكيين: النمط الأول: موجه ضد الأفراد، والنمط الثانى: موجه ضد الممتلكات. يمكن تفسير ذلك في ضوء ما تشعر به عضوات جماعة البلطجة من دونية وأنهن أقل فئات المجتمع مرتبة، وأكثرهن حرماناً من الامتيازات، وأقلهن تمتعاً بمباهج الحياة. ولقد ولد هذا الشعور لديهن إحساساً قوياً بالظلم، الأمر الذى دفعهن إلى تعويض ذلك بالتعدى على الآخرين وممارسة

العنف بكافة أنماطه ضدهم لأن ذلك يشعرهن بتفوقهن على الآخرين، حتى وإن كان ثمن ذلك التفوق هو حرمانهن من حريتهن، تلك الحرية التي ليس لها أي قيمة مع ما يعيشون فيه من فقر وحرمان.بالتالي تتفق هذه السمات مع دراسة “عدلى السمرى ” وسمة الثقافة الفرعية المنحرفة عند ” كوهن ” المتمثلة في سمة الحقد والعدوانية خاصةً السلوك العدوانى الموجه للأفراد بصفة خاصة.

– لكن اختلفت الدراسة الميدانية مع دراسة “كوهن ” ودراسة “عدلى السمرى” فيما يتعلق بسمة السلبية، التي تعنى عدم وجود اختلاف بين قيم ومعايير الثقافة الفرعية المنحرفة وبين القيم والمعايير السائدة في المجتمع. أثبتت الدراسة الميدانية اختلاف قيم ومعايير ثقافة البلطجة النسائية عن القيم والمعايير السائدة في المجتمع بل أنها تتبنى قيماً ومعاييراً على نقيض القيم السائدة في المجتمع فهي تبرر لأفرادها مهنة البلطجة كمهنة تساعد على تحقيق القانون في دولة لا قانون بها، بالتالي فالبلطجة في نظر عضوات الجماعة هي عمل مشروع وليس عملاً إجرامياً مخالف للقانون وفقاً لقيم المجتمع ويدللن على ذلك بكونهن يُؤجرن لصالح بعض الأحزاب السياسية، والأغنياء، بالتالي هذه الفئات أعطتهن شرعية ممارسة مهنة البلطجة. لذلك لا تتسم ثقافة البلطجة النسائية بالسلبية، لكنها تتسم بالاستقطاب السلبى لقيم ومعايير المجتمع.

– لا تتسم ثقافة البلطجة النسائية بسمة المتعة الوقتية عند “كوهن”: فهناك دائماً عنصر التخطيط للمستقبل ووضعه في الاعتبار بصفة مستمرة، فسلوك البلطجة باعتباره سلوكا رشيداً عقلانياً، وليس سلوكاً متهوراً، فإنه لا يسعى إلى إشباع حاجات أفراده بصورة وقتية دون اعتبار للمستقبل، يظهر ذلك في كون جماعة البلطجة النسائية جماعة إجرامية منظمة تمارس أعمال البلطجة وفق تخطيط معين حتى لا تتعرض للمساءلة القانونية.

– بالنسبة لدرجة تماسك الجماعة: فقد كشفت الدراسة الميدانية عن وجود درجة عالية من التماسك والترابط بين عضوات الجماعة فعادةً ما يدافعون عن بعضهن البعض، ويتكتلون معاً إزاء أي موقف يمثل تهديداً للجماعة.

(ب)- ثقافة البلطجة النسائية أقرب إلى الثقافة الإجرامية:

كشفت الدراسة الميدانية أن جماعة البلطجة النسائية هي جماعة ذات ثقافة فرعية إجرامية لأن هذه الجماعة تتميز بالآتى:

1- سلوك جماعى.

2- تحكمه قيم ومعايير.

3- له علاقة بحملة الثقافة التقليدية المتمثلة في: الأحزاب السياسية، الشرطة، الجمهور من المستأجرين لجماعة البلطجة النسائية .

4- تتسم بالاستمرارية والدوام.

5- نقل الخبرات بين الفئات العمرية المختلفة.

تلك السمات التي حددها “كلواردأوهلن” في نظريته عن بناء الفرص التي أكد فيها أن الثقافة الإجرامية لا يمكن أن توجد أو تستمر إذا لم يكن هناك نسقاً من العلاقات المتبادلة بين المجرمين والأسوياء، وأنها تتضمن مجموعة من أنماط العلاقات يتم من خلالها نقل وتعلم الخبرات الإجرامية من مستوى سنى إلى مستوى سنى آخر. كذلك تشبه جماعة البلطجة الجنائية المبتكرين في نظرية “ميرتون” من حيث التأكيد على تحقيق الأهداف ولكن من خلال الوسائل غير المشروعة التي تتمثل في احتراف مهنة البلطجة النسائية.

(ج)- البلطجة وثقافة العنف:

كشفت الدراسة الميدانية أن جريمة البلطجة أصبحت طريقة حياتية مقبولة ومتوقعة بالنسبة لعضوات جماعة البلطجة اللاتى لا يشعرن بحالة من الذنب أو تأنيب الضمير عند ممارستهن أعمال البلطجة، يظهر ذلك في تبنى الجماعة لغة العنف كأسلوب حوار في التعامل مع الآخرين من الجيران وسكان المنطقة، فضلاً عن نمط الحياة اليومى لجماعة البلطجة، وافتعال الشجار، والملبس، والتدخين، وتناول المواد المخدرة.أكد ” وليفجانج وفراكيتى ” أن الفاعلين داخل ثقافة العنف الفرعية لا ينظرون إلى أنفسهم بوصفهم أفراداً لا أخلاقيين، أو يقومون بأفعال خاطئة ولكنهم يعتبرون أن ما يقومون به يتفق مع القواعد المعمول بها داخل ثقافتهم الفرعية، لقد أشار إلى ذلك “سيذرلاند ” في نظريته عن المخالطة الفاصلة،بأن عملية تعلم السلوك الإجرامي تتضمن فن ارتكاب الجريمة، ومبررات ارتكاب السلوك الإجرامي ودوافعه. حيث إن عدم مشروعية العمل الذى تحترفه جماعة البلطجة النسائية كفيل باعتناق أفرادها لاستخدام القوة واللجوء إلى العنف للحفاظ على استمرار العمل.

تاسعاً: جماعة البلطجة النسائية جماعة إجرامية منظمة ( محترفة ):

كشفت الدراسة الميدانية أن هؤلاء النساء احترفن مهنة البلطجة، واستطعن تكوين جماعة إجرامية منظمة تتسم بالصفات الآتية:

1- دفع وجود الحقد الدفين والمكر الخبيث عند هؤلاء النساء إلى الانتماء لجماعة البلطجة النسائية،التي تتميز بسلوك اجتماعي تقوم به عضوات تنظيم إجرامى.

2- تمارس جماعة البلطجة أنشطة خارجة على القانون ولا يتم الحصول على عضويتها بيسر وسهولة، لكن وفقاً لشروط وبنود تُوضع من قِبل القيادة في الجماعة.

3- تم تعيين قائدة الجماعة بنفسها فهي لم تنتخب من قِبل العضوات، وظيفتها تنظيم الأنشطة الإجرامية وتوزيع الأدوار فيها وقبول أو طرد الأعضاء فيها.

4- تتميز جماعة البلطجة النسائية بكونها تنظيم إجرامى يتوفر فيه: تقسيم للعمل، وتحديد للأدوار، وتسلسل للمكانة والسلطة، ونسق للمعايير، وولاء تنظيمى واضح.

5- وجود علاقة مع قادة المجتمع الذين لهم تأثير كبير على السياسة العامة.

وفي ضوء هذه السمات يتضح أن جريمة البلطجة النسائية هي جريمة منظمة تُمارسها جماعة من النساء المحترفات في ممارسة أعمال البلطجة. لقد أشارت إلى ذلك نظرية العصابة الإجرامية المنظمة عندما لخص ” يابلونسكى ” مراحل العصابة الإجرامية المنظمة إلى ثمانى مراحل، فضلاً عن تصنيف العصابات الإجرامية المنظمة. ومن ثم نصل إلى أن المرأة حققت المساواة مع الرجل عندما نجحت في تكوين جماعة إجرامية، لكن نجاحها في الحفاظ على هذه الجماعة بواسطة رسم الخطط، ووضع قيم ومعايير تمثل آليات الضبط داخل الجماعة تعمل على بقاء الجماعة واستمرارها، جعلها تتجاوز المساواة مع الرجل في الجريمة لتحقق التفوق عليه في عالم البلطجة.كما يظهر ذلك في ذكاء المرأة ومهاراتها في ممارسة أعمال البلطجة وفق تكنيك معين يجعلها لا تتعرض للمساءلة القانونية بخلاف الرجل الذى يمارس البلطجة بتهور يجعله يتعرض للمساءلة القانونية وإلقاء القبض عليه وانتهاء أمره في مزاولة مهنة البلطجة. تؤكد ذلك تقارير مصلحة الأمن العام بوزارة الداخلية بأن المتهمين في جرائم البلطجة حتى عام 2010 كانوا من الذكور بنسبة 100%، وفي عام 2011 كان المتهمون في جرائم البلطجة 99.6% من الذكور و4. % من الإناث، وفي عام 2012 كان المتهمون في جرائم البلطجة 99.5% من الذكور و5. % من الإناث. تلك الإحصائيات تؤكد النتائج السابقة والتي يمكن استخلاصها في النقاط التالية:

1- تفوق المرأة على الرجل في عالم البلطجة وتمكنها من الحفاظ على استمرار جماعتها الإجرامية المنظمة،وممارسة أعمال البلطجة دون التعرض للمساءلة القانونية. ومن ثم فالبلطجيات هن مجرمات محترفات تتميزن بمهارة وخبرة عن غيرهن من الطوائف الأخرى للمجرمين، ويكون احتمال إفلاتهن من يد العدالة أكبر من احتمال إفلات المجرم غير المحترف 2- عدم اعتراف القانون المصرى بوجود جريمة البلطجة النسائية، ووصم البلطجة بأنها جريمة ذكورية.

3- وجود علاقات قوية لجماعة البلطجة النسائية مع قادة المجتمع الذين يوفرون الحماية القانونية للجماعة.

4- الكتمان أو الخفاء التي تتمتع جماعة البلطجة النسائية باعتبارها جماعة إجرامية منظمة.

عاشراً: مجالات ممارسة البلطجة النسائية:

لقد كشفت الدراسة الميدانية عن أن أعمال البلطجة النسائية تُمارس في مختلف مجالات الحياة الاجتماعية ويظهر ذلك في النقاط التالية:

1- بلطجة سياسية خاصة بالأحزاب السياسية.

2- بلطجة خاصة بالانتخابات البرلمانية.

3- بلطجة خاصة برجال الأعمال.

4- بلطجة خاصة بأصحاب العقارات وطرد السكان.

5- بلطجة خاصة بسداد الديون.

6- بلطجة خاصة بمشكلات الأزواج.

7- بلطجة خاصة بمشاكل الميراث.

8- بلطجة خاصة بمشكلات الجيران.

يمكن تفسير ذلك في ضوء نظرية ” مزنر روزنفيلد ” عن اللامعيارية المؤسسية، الذى أكد فيها أن المجتمعات التي تسيطر عليها المؤسسات السياسية تنتج جرائم الفساد. تلك الجرائم التي أضعفت من قوة القانون كعنصر أساسي للضوابط الاجتماعية في المجتمع، وهذا يجعل بعض المواطنين يمتنعون عن اللجوء إلى المحاكم للحصول على حقوقهم، ويختارون بدلاً من ذلك سبيل العنف والبلطجة، للحصول على تلك الحقوق.

التوصيات:

1- أسفرت نتائج الدراسة عن أن إجرام المرأة يتستر خلفه رجل أفسد حياتها وعليه نوصى باهتمام جميع الوزارات المعنية والهيئات والمؤسسات الثقافية والإعلامية والتربوية بالمرأة، فتقوم بتوعية الرجل بكيفية التعامل معها والبعد عن استثارتها، بل عليه أن يزيد من روابط الحب والحنان والمودة والرحمة لزوجته أو أخته أو ابنته.

2- أشارت نتائج الدراسة أن أغلب حالات الدراسة أميات، وفي هذا الشأن نوصى بزيادة العمل على محو أمية النساء في القرى والمدن بجميع المحافظات خاصةً محافظات الوجه القبلى.

3- أشارت النتائج أن جميع النساء البلطجيات مسجلات خطر، وقد اكتسبن أغلب مهارات احتراف الجريمة من السجون، وعليه نوصى بدعم وتقوية أداء المؤسسات العقابية والإصلاحية التأهيلية وأجهزة الرعاية اللاحقة بعدد وافر من الأخصائيين الاجتماعيين المدربين على استخدام العلاجات الحديثة في التعامل مع هذه الفئة. مع الاهتمام بضرورة تصنيف المسجونين بأسلوب علمى، مع فصل الخطرين منهم.

4- التواجد الأمنى باستمرار في الشارع المصرى للحد من أعمال البلطجة، ووجود عقابات صارمة لمن يخرج عن القانون، ويعتدى على الآخرين، حتى يكون العقاب رادعاً، ويعلم كل من تسول له نفسه الاعتداء على الآخرين أنه سوف يلقى آثامه، وذلك يتم ليس بمعاقبة الجانى فقط، ولكن بمعاقبة من يقوم بتأجير هذا الجانى لإيذاء الآخرين حتى يكون عِبرة، ويتسم المجتمع بالضبط والنظام، مع توقيع العقوبات والجزاءات على رجال الشرطة المتسترين على هذه الفئة من النساء ورجال الأحزاب السياسية الذين يستغلون هذه الفئة من النساء لأعمال البلطجة في الانتخابات أو لأغراض أخرى.

5- إعادة تخطيط المناطق العشوائية، وتوفير مساكن آدمية لأهالى هذه المناطق، وذلك للقضاء على البؤر الإجرامية التي تقطن في هذه المناطق العشوائية، على أن تتمتع هذه المساكن بدرجة من الوعى البيئى والصحى والتعليمى والثقافي، حيث يساعد ذلك على خلق جيل جديد في ظل ظروف بيئية طبيعية.

6- الإسراع بزيادة برامج التنمية الريفية الاقتصادية للحد من الهجرات الداخلية خاصةً للقاهرة والتي تسبب ظاهرة التضخم الحضرى وزيادة المناطق العشوائية.

7- إنشاء آلية جديدة من آليات العمل الأمنى تتخصص في مواجهة جرائم البلطجة ( قسم مكافحة جرائم البلطجة ) على غرار مكافحة المخدرات – المال – النفس – السرقات – الآداب العامة – الأحداث – إلخ.

8- تفعيل دور الجمعيات الأهلية العاملة في مجال الدفاع الاجتماعي والوقاية من الجريمة باعتبارها القنوات الشرعية للأخصائيين الاجتماعيين للتعامل مع الفئات المنحرفة أو المعرضة للانحراف لأعادة تأهيلهم وعلاجهم.

9- القيام بمزيد من الدراسات التي تستهدف تعديل السلوك الإجرامي لمرتكبى جرائم السلوك العنيف خاصةً جرائم البلطجة خاصةً عند النساء.

10- العمل على سرعة الفصل في المنازعات المختلفة ( المدنية، والجنائية )، حتى تضيق الفجوة بين التشريعات القانونية والأحكام المختلفة وأساليب تنفيذها، حتى لا يلجأ المواطنون إلى جماعات البلطجة النسائية لاسترداد حقوقهم.


الهامش

(*) هذا المعيار أساسي للانتماء لأى جماعة من جماعات البلطجة النسائية فإذا لم تكن زعيمة الجماعة على معرفة سابقة بأعضاء الجماعة فتكون الزعيمة هي أم وأعضاء الجماعة عبارة عن بناتها وزوجات أولادها ” أي يكون المعيار هنا هو القرابة التي تعنى معرفة الأعضاء جيدا.[2] تقصد الحالة إطلاق الأمواس من الفم على وجه الضحية.

[3]عدلى السمرى، (1992)، السلوك الانحرافى : دراسة فى الثقافة الخاصة الجانحة، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، ص ص 283-297.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى