fbpx
اقتصادالسياسات العامة

الدعم وسؤال العدالة الاجتماعية في مصر

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

أعلنت مصر في العام 2014 عن بدء خطة رفع الدعم عن مصادر الطاقة، مستهدفةً بذلك تحقيق وفورات، يتم توجيهها مباشرةً لدعم الطبقات الفقيرة والمهمشة، وذلك عوضا عن الدعم السلعي الذي أثبت الكثير من الدراسات أنه يذهب إلى غير مستحقيه.

بدأت الحكومة التنفيذ بالفعل في عام 2014، حيث حركت أسعار بعض مصادر الطاقة، وتوالت التحريكات بعد ذلك، محققةً وفورات كان من المفترض أن توجه للطبقات الفقيرة.

وتحاول هذه الورقة استعراض تلك الوفورات من واقع بيانات الموازنة العامة، منذ الإعلان عن خطة رفع الدعم، وذلك بهدف معرفة أين ذهبت تلك الأموال التي وفرتها الحكومة، وهل ما عاناه الشعب المصري من زيادات متتابعة في أسعار المواد البترولية والكهرباء كان له فائدة على أرض الواقع، خلاف السعي إلى خفض عجز الموازنة العامة للدولة، أم أن هذه الأموال ذهبت إلى جهات أخرى، وهل تم توجيه بعضها إلى برامج مساعدة المواطن المصري، ولحمايته اجتماعيا، في هذا الإطار تم تحديد فترة الدراسة بالأعوام 2014-2019.

وتحاول الورقة الإجابة على تلك التساؤلات من خلال النقاط التالية:

أولا: كيف تغير حجم الدعم ومبررات خفضه

 شهدت مخصصات الدعم الكثير من التغيرات خلال الفترة محل الدراسة؛ لذلك يستعرض الجدول التالي إجمالي بند الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية في الموازنة العامة للدولة خلال الفترة من العام المالي 2014/ 2015 إلى 2019/ 2020.

جدول (1) تطور مخصصات بند إجمالي الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية في الموازنة العامة للدولة خلال الفترة 2014/ 2015 – 2019/ 2020. (بالمليون جنيه)

العام المالي إجمالي الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية النسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي
2014/ 2015 (فعلي) 198,570 8.2%
2015/ 2016 (فعلي) 201,024 7.4%
2016/ 2017 (فعلي) 276,719 8%
2017/ 2018 (فعلي) 329,379 7.4%
2018/ 2019 (متوقع) 328,291 6%
2019/ 2020 (متوقع[1]) 327,699 5.9%

المصدر: عمل الباحث، اعتمادًا على الأرقام الواردة في البيان المالي عن مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2018/ 2019، ص: 78، وكذلك الأرقام الواردة في البيان المالي عن مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2019/ 2020، ص: 82، بالإضافة إلى تقرير متابعة الأداء المالي عن الفترة يوليو-مارس 2018/ 2019 وذلك لمعرفة الناتج المحلي الإجمالي للأعوام 2017/ 2018 و2018/ 2019.

يتضح من بيانات الجدول السابق الانخفاض المتتالي لمخصصات بند الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، حيث سجلت في العام المالي 2014/ 2015 نسبة 8.2%، وانخفضت بعد ذلك في العام المالي 2017/ 2018 لتسجل 7.4%، واستمر هذا الانخفاض حيث بلغت 5.9% في العام المالي الحالي 2019/ 2020. ومن ذلك يمكن القول إنه وعلى الرغم من ارتفاع ما خصصته الحكومة للدعم والمنح والمزايا الاجتماعية كرقم، إلا أن نسبته من الناتج المحلي الإجمالي شهدت انخفاضًا كبيرًا.

تجدر الإشارة إلى أن الفترة التي شرعت فيها الحكومة في رفع دعم الطاقة، والتي تواكبت مع تعويم الجنيه، كانت فترة صعبة على الفقراء؛ حيث تخطت فيها معدلات التضخم 30%، وذلك في منتصف عام 2017؛ وهو ما يعني غلاء الأسعار، وزيادة الضغوط على كل فئات المجتمع، وبالأخص الفقراء والمهمشين؛ لذا كان من الطبيعي أن تتجه الدولة لزيادة مخصصات الدعم زيادة حقيقة، أي كنسبة من الناتج المحلي. ذلك الدعم الذي يعد الهدف منه بالأساس دعم الطبقات الأقل دخلًا في المجتمع، لكن ذلك لم يحدث.

ثانيا: وفورات الدعم، وإلى أين تم إنفاقها؟

 يستعرض الجدول التالي تفاصيل المخصصات المنضوية تحت بند الدعم والمنح والمزايا، وكيف تغيرت بنود بعض المخصصات زيادةً ونقصًا خلال الثلاثة أعوام الأخيرة.

جدول (2) المخصصات المنضوية تحت بند الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية في الموازنة العامة للدولة خلال الفترة 2017/ 2018 – 2019/ 2020، وإجمالي الوفورات/الزيادات في مخصصات البنود المختلفة. (بالمليون جنيه)

البيان 2017/ 2018 (فعلي) 2018/ 2019 (متوقع) وفورات العام الأول 2019/ 2020 (متوقع) وفورات العام الثاني مجموع الوفورات
الكهرباء والمواد البترولية 149,388 105,075 44,313 56,963 48,112 92,425
السلع التموينية 80,500 86,175 (5,675) 89,000 (2,825) (8,500)
دعم المزارعين 733 1,065 (332) 565 500 168
المياه والأدوية وألبان الأطفال 1,700 2,500 (800) 2,500 (800)
الدعم والمنح للخدمات الاجتماعية 88,336 107,427 (19,091) 7 128,947 (21,520) (40,611)
متطلبات إضافية واحتياطيات 0 11,800 (11,800) 32,200 (32,200) (32,200)
إجمالي الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية 329,379 328,291 1,088 327,699 592 1,680

المصدر: عمل الباحث، اعتمادًا على الأرقام الواردة في البيان المالي عن مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2019/ 2020، ص:82.

    ملاحظات:

  1. الأرقام باللون الأخضر وفورات، والأرقام باللون الأصفر وبين الأقواس عجوزات.
  2. لم يورد الجدول كل المخصصات المنضوية تحت بند (إجمالي الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية) في الموازنة، لكن ما لم يتم ذكره نسبته قليلة؛ لا تتعدى 6% في أي عام من الأعوام. يرجع السبب في ذلك إلى أنها إجمالا نسبة قليلة مقسمة على بنود كثيرة، لا تمثل مجتمعة قدر كبير.

رصد الجدول السابق المخصصات المنضوية تحت بند الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية في الموازنة العامة للدولة خلال الفترة 2017/ 2018 – 2019/ 2020، والذي يتضح منه انخفاض تلك المخصصات من 329,379 مليون جنيه في العام 2018/ 2019، إلى 327,699 في العام 2019/ 2020، أي بحوالي 1680 مليون جنيه.

حدثت تغيرات كبيرة لمخصصات البنود الواردة في الجدول، فمثلا حدثت وفورات في بند الكهرباء والمواد البترولية، تقدر بـ 92.4 مليار جنيه. في حين زادت مخصصات بند دعم السلع التموينية بـ 8.5 مليارات جنيه. ومن أجل تحليل أكثر عمقًا عن السياسات التي تبنتها الحكومة تجاه الدعم؛ ترصد الملاحظات الآتية بعض التفاصيل بخصوص كل بند على حدة:

  1. انخفضت قيمة دعم الكهرباء والمواد البترولية ما يقارب 44.3 مليار جنيه في العام الأول، ثم في العام الثاني كان الانخفاض 48.1 مليار جنيه، وهو ما يعني أن إجمالي الانخفاض 92.4 مليار جنيه. وبسبب ذلك تحمل المصريون زيادات متتالية في أسعار الكهرباء والمواد البترولية، وبسبب أهمية المواد البترولية والكهرباء سواء في عملية صناعة المواد والسلع الأساسية أو في نقلها، فقد انعكست الزيادات في أسعارها على زيادة مستوى التضخم في مصر، وكان ذلك ملحوظا، وبالأخص في العام 2017. ويمكن القول إن رفع الدعم لم يكن السبب الوحيد في زيادة التضخم، لكنه أحد الأسباب الرئيسية في ذلك.
  2. زاد دعم السلع التموينية 5.7 مليار جنيه في العام الأول، وكذلك شهد العام الثاني زيادة قدرها 2.8 مليار جنيه، بينما انخفض دعم الكهرباء والمواد البترولية 92.4 مليار جنيه لنفس الفترة، وباستحضار أن التضخم في العام 2018 كان في حدود 21%، أما في العام 2019 فمن المتوقع أن يُسجل 13%[2]؛ لذا كان من المفترض أن تكون الزيادة المرصودة للسلع التموينية مساوية للتضخم، ولكن ذلك لم يحدث، وهو ما اضطر الحكومة إلى تقليص عدد المستفيدين من دعم الخبز.

يرصد الجدول التالي أعداد المستفيدين من دعم رغيف الخبز ودقيق المستودعات وذلك طبقا للأرقام الواردة في البيانات المالية لموازنات الأعوام 2017/ 2018، و2018/ 2019 و2019/ 2020.

جدول (3) إجمالي مخصصات بند السلع التموينية، وعدد المستفيدين من دعم رغيف الخبز ودقيق المستودعات، وعدد الأرغفة المستحقة للمواطنين، وذلك خلال الفترة 2017/ 2018 – 2019/ 2020.

  2017/ 2018 2018/ 2019 2019/ 2020
مخصصات بند السلع التموينية 80,500 مليون 86,175 مليون 89,000 مليون
عدد المستفيدين من دعم رغيف الخبز ودقيق المستودعات 76.8 مليون 78.6 مليون 70.6 مليون
عدد أرغفة الخبز المستحقة للمواطنين 140.1 مليار 134.4 مليار 120.3 مليار

المصدر: عمل الباحث، اعتمادا على البيان المالي عن مشروع الموازنة العامة للدولة للأعوام المالية 2017/ 2018، 2018/ 2019، 2019/ 2020، ص: 77، 79، 83.

يتضح من الجدول السابق أنه بالرغم من زيادة مخصص بند السلع التموينية إلا أن عدد المستفيدين من دعم رغيف الخبز ودقيق المستودعات وكذلك عدد أرغفة الخبر المستحقة للمواطنين قد تقلصت؛ ويرجع السبب في ذلك إلى أن الزيادة في المخصص لم تكن مساوية لقيمة التضخم، حيث كان ينبغي أن تزيد مخصصات بند دعم السلع التموينية بنفس معدل التضخم، وذلك على الأقل للحفاظ على نفس عدد المستفيدين. ولكن ذلك لم يحدث، مما انعكس على تقليل عدد المواطنين المستفيدين من دعم الخبز.

  • ارتفع دعم المياه والأدوية وألبان الأطفال، ويرجع سبب هذه الزيادة إلى أنها كانت من شروط اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولي للحصول على القرض [3].
  • بند متطلبات إضافية واحتياطيات لم يكن له وجود في الموازنة العامة منذ العام المالي 2014/ 2015، ولكن ظهر للمرة الأولى في موازنة العام المالي 2018/ 2019، حيث تم رصد 11,8 مليار جنيه لذلك البند، وفي العام التالي أي 2019/ 2020، زاد الرقم فوصل إلى 32.2 مليار جنيه. ولكون اسمها احتياطيات في بالأساس لا يُعرف أين ستنفق، وحتى بعدما تنفق ستظهر في الحساب الختامي تحت اسم احتياطيات، وهو ما يُعد بوابة خلفية للفساد.
  • شهد بند الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية خلال موازنات العامين الماضيين زيادة قدرها 1.68 مليار جنيه، وبالرغم من تواضع المبلغ إلا أنه انطوى على أمور غير منطقية. يرصد الجدول التالي المخصصات المنضوية تحت بند الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية.

جدول (4) تطور المخصصات المنضوية تحت بند الدعم والمنح للخدمات الاجتماعية خلال الفترة 2017/ 2018 – 2019/ 2020. (بالمليون جنيه)

البيان 2017/ 2018 (فعلي) 2018/ 2019 (متوقع) 2019/ 2020 (متوقع)
دعم نقل الركاب 1,804 1,850 1,850
دعم اشتراكات الطلبة (سكك حديد) 110 120 200
دعم اشتراكات الطلبة (مترو الانفاق) 98 250 400
دعم الخطوط غير الاقتصادية (سكك حديد) 794 800 1,000
دعم التأمين الصحي على الطلاب 811 334 351
دعم التأمين الصحي على المرأة المعيلة 165 166
دعم التأمين الصحي على الأطفال دون السن المدرسي 232 227
دعم التأمين الصحي لغير القادرين (التأمين الصحي الشامل) 252
دعم التأمين الصحي لغير القادرين (من أصحاب معاش الضمان الاجتماعي) 1,500 1,000
دعم التأمين الصحي على الفلاحين 110 100
معاش الضمان الاجتماعي 17,535 17,500 18,500
معاش الطفل 8 70 70
إعانات الشئون الاجتماعية 75 175 178
مساهمات في صناديق المعاشات 52,500 62,043 82,200
علاج مواطني جمهورية مصر العربية 5,750 7,434 6,622
مزايا اجتماعية أخرى 2,129 2,895 2,037
المنح والمساعدات 6,723 10,747 13,793
إجمالي 88,336 106,224 128,947

المصدر: عمل الباحث، اعتمادًا على الأرقام الواردة في البيان المالي عن مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2018/ 2019، ص: 78، وكذلك الأرقام الواردة في البيان المالي عن مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2019/ 2020، ص: 82.

يتضح من الجدول السابق زيادة أول أربعة بنود وهي دعم نقل الركاب ودعم اشتراكات الطلبة (سكك حديد) وكذلك دعم اشتراكات الطلبة (مترو الانفاق)، بالإضافة إلى دعم الخطوط غير الاقتصادية (سكك حديد). وتجادل الورقة إلى أن هذه الزيادات جميعها غير مبررة وتدل على شبة فساد. ستقوم الورقة بأخذ مثال حالة مترو الأنفاق كمثال على ذلك. حيث كانت الحكومة دائما ما كانت تسوق أن تكلفة تذكرة المترو الواحدة الحقيقية 8 جنيهات، وأن الحكومة تتحمل الفارق والذي يُقدر ب7 جنيهات للتذكرة الواحدة. أقرت وزارة النقل زيادة سعر تذاكر المترو في مايو 2018، حيث تراوحت الأسعار من 3 إلى 7 جنيهات، وذلك بناء على عدد المحطات التي يستقلها الراكب.

هذا فيما يخص الأسعار العادية، أما بخصوص الأسعار المخفضة (التي هي موضع حديثنا الآن)، تدعم الحكومة من خلالها ثلاث فئات، هم: الطلبة وذوو الاحتياجات الخاصة وكبار السن. ولكون البند الثاني من الجدول السابق يرصد مخصصات دعم تذكرة المترو للطلبة؛ لذا سيتم الحديث عن دعم الطلبة فقط. فقد قررت الحكومة زيادة قيمة اشتراكات الطلبة، حيث تراوحت من 33 إلى 41 جنيها. وذلك بناء على عدد المحطات التي يستقلها الطالب. هذه الزيادة على الاشتراك والتي يتحملها الطالب، تعني مباشرة أن السبع جنيهات التي كانت تتحملها الحكومة في الماضي، على حد قولها، صارت الآن تتحمل قيمة أقل منها، لأن الطالب بعد إقرار الزيادة على الاشتراكات صار مطالبا بقيمة أعلى للاشتراك. وكنتيجة لذلك كان من الطبيعي أن يحدث تقليص للدعم الموجه لذلك البند في الموازنة العامة، لإنه من المنطقي أن زيادة الأسعار على المستهلك النهائي تعني أن الموازنة صارت تتحمل عبئا أقل للدعم. لكن ذلك لم يحدث، كما توضح الأرقام في الجدول السابق، حيث ارتفعت مخصصات دعم اشتراكات الطلبة في مترو الأنفاق. وهو ما يعني أن الحكومة تخدع المواطنين.

ففي نفس الوقت الذي من المفترض أن الحكومة صارت تتحمل قيمة أقل لدعم التذكرة الواحدة، وذلك لكون الطلبة يدفعون اشتراكا أعلى، نرى الحكومة تزيد من مخصصات ذلك البند في الموازنة العامة. وهو ما يعني وجود فساد. أو يعني على أحسن الأحوال أن الحكومة تحمل الطلبة مصاريف هيئة المترو الاستثمارية، كما استنتجت دارسة للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية ذلك [4].

فيما يخص بند علاج مواطني جمهورية مصر العربية (العلاج على نفقة الدولة)، بلغت مخصصاته ما يُقدر 5,750 مليون جنيه في موازنة العام المالي 2017/ 2018. ارتفعت تلك المخصصات في العام المالي التالي أي 2018/ 2019 لتصل إلى 7,434 مليون جنيه. ثم ما لبثت أن تنخفض في مشروع موازنة العام المالي الحالي 2019/ 2020 حيث بلغت 6,622 مليون جنيه.

يطرح هذا الخفض الكثير من علامات الاستفهام. بدايةً، فيما يخص أعداد المستفيدين؛ فبمراجعة النشرة السنوية لإحصاء الخدمات الصحية والتي تصدر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة الإحصاء والتي ترصد أعداد المواطنين الذين تم علاجهم على نفقة الدولة، سواء داخل مصر أو خارجها، تبين أن آخر نشرة صادرة هي نشرة العام 2016، والتي صدرت في نوفمبر 2017[5]، ومنذ ذلك الحين لم تصدر أي نشرة؛ لذا لن تستطيع الورقة تقييم أثر تغير هذه المخصصات خلال الثلاثة أعوام محل الدراسة.

لكن ما لا يمكن إنكاره، هو أنه في الفترة المذكورة، زادت نسب الفقر في مصر، وأصبح إنفاق الأسر الأشد فقرا على الطعام يستهلك 48% من إجمالي دخل الأسرة [6]، وبالتالي تراجع الإنفاق على العلاج؛ لذا كان من الواجب زيادة مخصصات هذا البند بما يتناسب مع ذلك.

تجعل الزيادة السكانية في مصر من الأهمية بمكان زيادة مخصص بند علاج مواطني جمهورية مصر العربية، حيث تُشير تقديرات أعداد السكان أن تعداد مواطني الجمهورية في بداية العام 2016 كان يبلغ 90.1 مليون نسمة[7]، وطبقا للنشرة السنوية لإحصاء الخدمات الصحية لعام 2016، كان عدد المواطنين الذين تم علاجهم على نفقة الدولة، داخل وخارج مصر 2,264,062 مواطن[8]. في حين قدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء سكان مصر في بداية العام الحالي 2019 بـ 98.1 مليون نسمة [9]، أي بزيادة قدرها 8.9% عن العام 2016، لذا من المفترض أيضا أن يزيد عدد المواطنين الذين سيتم علاجهم بهذه النسبة على الأقل.

زادت مخصصات بنديّ مزايا اجتماعية أخرى وبند المنح والمساعدات، حيث بلغت مخصصاتهم مجتمعة في العام المالي 2017/ 2018 حوالي 8.8 مليارات جنيه، أما في العام المالي الحالي، فقد بلغت 15.7 مليار جنيه. ولا يُعرف على وجه التحديد ما هي أوجه إنفاق تلك المخصصات.

خاتمة

 عملت الحكومة خلال الخمسة أعوام الماضية على تغييرات كثيرة في هيكل الدعم في مصر، بشكل عام يمكن القول إنه في خلال آخر ثلاثة أعوام حدث نقص بسيط في إجمالي مخصصات الدعم، تزامن ذلك مع الشروع في تغييرات كبيرة في مخصصات البنود المنضوية تحت بند الدعم.

تجدر الإشارة إلى أن خفض مخصصات الدعم حتى ولو كان بسيطًا، إلا أنه تزامن مع معدلات تضخم عالية؛ ولذا نتج عن ذلك انخفاض كبير في مخصصات الدعم كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.

بتحليل الأرقام الواردة في البيانات المالية الصادرة عن وزارة المالية تبين أن سؤال الشفافية مازال يطرح نفسه وبقوة، وأن الكثير من الزيادات غير مبررة ولم ينعكس أثرها على المواطنين، في حين أن الوفورات التي نجحت الحكومة في إنجازها كانت ذا تأثير سلبي كبير على حياة المصريين. فمثلا انعكست زيادات أسعار والوقود وزيادة أسعار الكهرباء ظهرت أثرهما بزيادة أسعار وسائل النقل، والسلع الأساسية مما انعكس على ارتفاع التضخم [10].


الهامش

[1] تم حساب الناتج المحلي الإجمالي المتوقع للعام 2019/ 2020 عن طريق إضافة 6% إلى الناتج المحلي للعام السابق له، حيث تتوقع وزارة المالية معدل نمو 6% في العام المالي 2019/ 2020.

[2] Abeer Abu Omar and Paul Wallace, Poverty Keeps Getting Worse in the Middle East’s Fastest-Growing Economy, August‎ ‎6‎, ‎2019, link.

[3] INTERNATIONAL MONETARY FUND, REQUEST FOR EXTENDED ARRANGEMENT UNDER THE EXTENDED FUND FACILITY—PRESS RELEASE; STAFF REPORT; AND STATEMENT BY THE EXECUTIVE DIRECTOR FOR THE ARAB REPUBLIC OF EGYPT, IMF Country Report No. 17/17, p: 13, link.

[4] عبد الحميد مكاوي، ليس عجزا المترو لا يخسر، والدولة تمول الاستثمار من جيوب الطبقات الأفقر، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، مايو 2018، رابط.

[5] الموقع الرسمي للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، جمهورية مصر العربية، النشرة السنوية لإحصاء الخدمات الصحية، رابط.

[6] The Economist, Egypt is reforming its economy, but poverty is rising, Aug 8th 2019, link.

[7] الموقع الرسمي للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، مصر في أرقام – سكان 2018، ص: 14، رابط.

[8] الموقع الرسمي للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، النشرة السنوية لإحصاء الخدمات الصحية، مصدر سبق ذكره.

[9] الموقع الرسمي للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تقديرات السكان 2019، رابط.

[10] الآراء الواردة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن المعهد المصري للدراسات.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close