fbpx
تقارير

السيسي وأوروبا: وفزاعة الهجرة غير الشرعية

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

 

تمهيد:

“ندعوكم إلى بذل المزيد من الجهد لتعزيز العمل المشترك وتشجيع الحوار بين الدول حول الهجرة والتنمية وتقاسم الأعباء والمسئوليات وتطوير رؤية موحدة وموقف قوي لتوفير حياة كريمة لهؤلاء اللاجئين والمهاجرين واحترام حقوقهم وكرامتهم الإنسانية “….

كان هذا هو مضمون رسالة السيسي خلال: كلمته امام الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 19 سبتمبر 2016، وخلال مقابلته مع سكرتير عام الاتحاد البرلماني الدولي 9 أكتوبر 2016، وخلال استقباله للمفوض الأوروبي لشئون الهجرة والشئون الداخلية والمواطنة في 14 نوفمبر 2016، وفي حواره التلفزيوني في البرتغال يوم 22 نوفمبر 2016، وخلال لقائه وفد من البرلمان الأوروبي يوم 7 ديسمبر 2016.

وفي هذا التقرير، نتناول أبعاد القضية وتداعياتها.

 

أولاً: دوافع الهجرة غير الشرعية من مصر:

في 18 يناير 2016(1 )، أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء نتائج المسح القومي للهجرة وأوضاع المصريين بالخارج بالتعاون مع منظمة العمل الدولية، وتناول المسح العديد من الخصائص ومنها المهاجر الحالي والعائد وغير المهاجر والهجرة القسرية، حيث كشفت النتائج أن: 87% من المهاجرين يهاجرون لأسباب اقتصادية، و10% لأسباب اجتماعية للزواج أو اللحاق بالزوج الذي يعمل بالخارج، وأكدت نتائج المسح أن أهم الأسباب الدافعة للهجرة كانت على النحو التالي:

وكشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن 2. 80% من الأسر التي بها مهاجر حالي من الريف، مقابل 7. 19% للحضر، وأن 2. 74% من الأسر التي بها مهاجر عائد من الريف، مقابل 8. 25% للحضر . وأوضح الجهاز أن المسح القومي للهجرة الدولية في مصر تم على 90 ألف أسرة لمختلف محافظات الجمهورية خلال عام 2013 أشار إلى أن 5ر52% من أسر الريف لا يوجد بها مهاجرون، مقابل 47.2 % للحضر .

وأظهرت بيانات المسح أن ريف الوجه القبلي يستأثر بأكثر من 50 % من إجمالي الأسر التي بها مهاجر حالي، مقابل 30% للأسر في الوجه البحري، فيما كانت خصائص المهاجرين الحاليين وقت إجراء المسح 15 سنة فأكثر، حيث بلغت نسبة المهاجرين من الذكور 98% مقابل 2% للإناث . وأشارت البيانات إلى أن الفئة العمرية (25 – 29 سنة) استحوذت على أعلى نسبة للمهاجرين، بنحو 23%، فيما كانت أقل نسبة للمهاجرين بين الأفراد في العمر (60 سنة) فأكثر (1.2%). وأوضح المسح أن الدول العربية استحوذت على (95.4%) من جملة المهاجرين المصريين الحاليين، مقابل 9ر2% للدول الأوروبية، وبحسب تقرير الهجرة الدولية 2015 فإن اعداد المهاجرين من مصر قد بلغت مصر 3,964,944 مهاجر حتى عام 2013 (2 )

أما بالنسبة لأعداد المهاجرين المصريين غير الشرعيين فقد ذكرت وزارة الخارجية المصرية أن عدد المصريين الذين حاولوا الوصول إلى إيطاليا  بطريقة غير شرعية خلال الفترة من 27 أكتوبر 2012 حتى 25 سبتمبر 2013 وصل إلى 1214 فردا بينهم 471 قاصراً من وجهة نظر القانون الإيطالي الذي يعتبر القاصر أقل من 18 عاما . وأشارت أرقام المجلس القومي للأمومة والطفولة إلى أن الأطفال القصر هم أعلى المعدات في الهجرة غير الشرعية بمصر تجاوزوا نسبة (41%) من المهاجرين القصر خلاف من قتل ومن مات من بين 2280 مهاجرا غير شرعي (الأهالي 1/4/2014) (3 ).

وفي تصريح صدر بتاريخ 21 نوفمبر2016، قالت السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج، إن مصر تحتل المرتبة الأولى عالميًا في الهجرة غير الشرعية؛ وأضافت الوزيرة، خلال مؤتمر اقتصادي تحت عنوان “مصر أولى بشبابها”: إن هناك ٣ محافظات هي «كفر الشيخ، والغربية، والفيوم» يهاجر شبابها إلى إيطاليا وفرنسا هجرة غير شرعية، والأكثر إيطاليا باعتبارها البوابة الرئيسيّة لأوروبا(4 )، (وهى نفس المحافظات السابق رصدها والتي تمت فيها الدراسة الميدانية بجامعة جنوب الوادي (مصدر 9).

الهجرة غير الشرعية للأطفال من مصر:

في 18 اغسطس 2016 وتحت عنوان “طفل في مهمة إنسانية” نشرت وسائل الاعلام الايطالية والعالمية قصة الطفل المصري “أحمد 13 سنة” الذي هاجر إلى إيطاليا؛ وكانت العناوين صادمة وتشمل “الطفل المصري الذي فقد الأمل في بلاده لإنقاذ شقيقه من الموت؛ يواجه الموت سعيا لعلاج أخيه المريض، وروما تحرج مصر وتستجيب لمطلبه”. وكشف الحادث حقيقة أن آباء مصريون يدفعون آلاف الدولارات لسماسرة الهجرة غير الشرعية لتهريب أبنائهم الأطفال إلى إيطاليا، في رحلات محفوفة بالمخاطر عبر قوارب متهالكة تحمل مئات المهاجرين.  ( .5 6 )

وحسب منظمة الهجرة الدولية فإن مصر تحتل المركز الأول في الهجرة غير الشرعية للأطفال عبر البحر في الفترة الزمنية من 2011 إلى 2016. وفي سنة 2014 سجلت إحصائيات المنظمة هجرة 2.007 طفل من مصر إلى إيطاليا وحدها، وفي عام 2015 سجلت هجرة 2.610 طفل من بينهم 1.711 غير مصحوبين بذويهم أي ما يعادل 66% من نسبة الأطفال التي هاجرت في تلك الفترة. وحسب السلطات الإيطالية واللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية فإن إيطاليا استقبلت سنة 2016 ما يقارب 2.500 طفل (حتى نهاية شهر أكتوبر من العام 2016).

وفى دراسة حول هجرة الأطفال صادرة عن مركز “البحوث الاجتماعية والجنائية”، أكددت أنها تعد أزمة متفاقمة في مصر وأن السبب يتمثل في العامل الاقتصادي والتفكك الأسرى، وأن الأطفال المهاجرين لديهم وعى بقوانين أوروبا التي تسمح لهم بالبقاء و50% منهم يصر على المحاولة . وأوضحت الدراسة أن هجرة “الأطفال غير المصحوبة” ما زالت ذكورية، حيث نسبة الأطفال بلغت 99.9%، وتزداد في الفئة العمرية من 16 إلى 18 عاما بنسبة 73.2%، في حين تنخفض النسبة في الشريحة العمرية من 12 إلى 15 لـ 25.2%، كما تظهر الأرقام أن الأطفال المهاجرين متسربين من التعليم، حيث تبلغ نسبة من سبق له الذهاب للمدرسة 83.8%، في حين من لم يذهب مطلقا بلغ 16.2%، وأوضحت الدراسة أن الأطفال المتسربة والمتوقفة عن الدراسة هم أكثر احتمالا لخوض تجربة الهجرة غير الشرعية . 7

وقد تنصلت الحكومة المصرية من المسؤولية عن هذه الظاهرة، وحملت أهالي الأطفال المسؤولية واتهمتهم بالطمع والسعي وراء المال . وكانت نبيلة مكرم، وزيرة الهجرة، قد زارت الأطفال المصريين المتواجدين في بعض مراكز الإيواء الإيطالية للتعرف على دوافعهم للهجرة بشكل غير شرعي، لكن الوزيرة ألقت بالمسؤولية على أهالي الأطفال، وقالت إن الأطفال يتواصلون معهم ويبلغونهم برغبتهم في العودة إلى مصر، إلا أن الأهالي يرفضون طمعا في الأموال التي سيرسلونها إليهم(8 ) .

التدابير المصرية للتصدي لظاهرة الهجرة غير الشرعية:

في عام 2014 تم عرض بحث بعنوان “التدابير والإجراءات المصرية لمكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية”(9 ) وذلك في “ندوة الهجرة غير الشرعية – الأبعاد الأمنية والإنسانية” والتي نظمتها جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بالمملكة العربية السعودية، وجاء في مقدمة البحث المصري والمقدم من المستشار عبد العاطى شتيوى (أستاذ القانون الدولي العام، كلية الحقوق، جامعة حلوان)؛ وانتهت إلى أن “مصر دولة مصدرة للهجرة غير الشرعية”، وذكرت أن الآليات والإجراءات المصرية للتصدي لظاهرة الهجرة غير الشرعية، منها:

1ـ الآليات التشريعية لمكافحة الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية: القانون الصادر برقم 64 لسنة 2010 المعني بتجريم ومكافحة الاتجار بالبشر.

2ـ جهود وزارة الخارجية في التصدي لظاهرة الهجرة غير الشرعية:

(أ) من الناحية التنظيمية: تحقيق قدر أكبر من التنسيق، في كل من: اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الاتجار بالبشر التابعة لوزارة العدل، واللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية، والمنشأة بقرار السيد رئيس مجلس الوزراء رقم 380 لسنة 2014، وتضم ممثلين لكافة الهيئات والجهات الوطنية المعنية، ومقرها وزارة الخارجية.

(ب) من الناحية العملية:

– إعادة المصريين الذين يواجهون أوضاعًا صعبة في دول الاغتراب التي قد تشهد تطورات سياسية وأمنية تضطرهم للعودة إلى الوطن، ومن أمثلة ذلك: من ليبيا عام 2011 و اليونان في إبريل 2014.

– تعزيز التعاون مع “مفوضية اللاجئين”.

– تعريف المجتمع الدولي بالتقاليد المصرية العريقة في استضافة وإيواء وإغاثة اللاجئين، خاصة مع تزايد تدفقاتهم في السنوات الأخيرة من دول الجوار العربي كاللاجئين السودانيين والعراقيين الذين تم إعادة عشرات الآلاف منهم طواعية إلى بلادهم وأخيرًا اللاجئين السوريين الذين يبلغ عدد المسجلين منهم لدى مفوضية الأمم المتحدة نحو 140 ألف لاجئ ويزيد تقديرات الموجودين فعليًا لتصل إلى ثلاثمائة ألف لاجئ سوري في مصر، بإضافة “غير المسجلين” وما يلقيه ذلك من كبيرة على الاقتصاد المصري ويعمل القطاع العربي بالوزارة على إعداد حصر بهذه الأعباء ليتسنى استقطاب المزيد من المساعدات الدولية لمصر.

– ترسيخ التعاون القائم مع المجتمع الدولي في إطار مبدأ تقاسم الأعباء.

3ـ اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية: أنشئت اللجنة الوطنية التنسيقية بموجب نص المادة 28 من القانون الصادر رقم 64 لسنة 2010، حيث قامت بعقد عدة اجتماعات بهدف إعداد مشروع قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية، والتعاون مع أجهزة ووكالات منظمة الأمم المتحدة وبخاصة المنظمة الدولية للهجرة. ومشروع إنشاء صندوق لتعويض ضحايا الهجرة غير الشرعية.

4ـ الإجراءات التي تتخذها وزارة الداخلية لمواجهة التسلل عبر الحدود والهجرة غير الشرعية والصعوبات التي تواجهها ومقترحاتها في هذا الصدد:

– الإجراءات التي تتخذ لمواجهة الهجرة غير الشرعية: التنسيق مع بعض القنصليات الأجنبية لفحص المستندات المزورة المقدمة من راغبي السفر للخارج، والتنسيق مع حرس الحدود لضبط حالات التسلل غير الشرعية عبر الحدود. وتكثيف الجهود لضبط العناصر النشطة في مجال الهجرة غير الشرعية.

– الصعوبات التي تواجه عمليات مكافحة ظاهرة التسلل عبر الحدود : عدم وجود تشريع عقابي يُجرم أعمال تهريب الأفراد، والطبيعة الجغرافية الوعرة للحدود الجنوبية للبلاد وامتدادها لسلاسل جبال البحر الأحمر التي يستغلها المهربون.

5ـ اعداد مشروع قانون بتغليظ وتشديد العقوبات على حالات التسلل والشروع فيه عبر السواحل والحدود المصرية.

6ـ دور الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية في التصدي لظاهرة الهجرة غير الشرعية: حيث أصدر مفتي الجمهورية السابق “علي جمعة” فتوى شهيرة عام 2007 في شأن ضحايا الهجرة غير الشرعية، حيث اعتبر قتلى الحوادث على السواحل الإيطالية لشبان عاطلين “طماعين” وليسوا “شهداء”.

7ـ آليات التعاون الثنائي بين مصر وإيطاليا في مجال الحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية: حيث وقعت مصر وإيطاليا في عام 2007 اتفاقية لتوفيق أوضاع المصريين، وتعزيز مجالات تدريب العمالة المصرية لتلائم أسواق العمل في إيطاليا، ودعم جهود مكافحة الهجرة غير المشروعة التي تتدفق على السواحل الأوروبية.

ومن خلال استعراض ما ورد بالبحث السابق عن الجهود المصرية لمواجهة الهجرة غير الشرعية؛ يتبين أن ما جاء به يتناقض مع الزيادة المطردة في حوادث الهجرة غير الشرعية من مصر، والتي تم رصد حوادث الغرق وبالطبع فإن العمليات الناجحة لم يتم رصدها. وفيما يلي عرض ما تم رصده من حوادث غرق مراكب الهجرة غير الشرعية من السواحل المصرية خلال العشرة أعوام الماضية (10 ):

(أ) حوادث غرق مراكب الهجرة غير الشرعية خلال 4 سنوات قبل ثورة 25 يناير 2011: شهر نوفمبر عام 2007 غرق حوالي147 شابًا قرب السواحل الإيطالّية، شهر يونيو عام 2008 مركٌب قرب جزيرة كريت اليونانّية بالبحر المتوسط وعلى متنه 100 شاب مصري. شهر مارس 2009، غرق قارب انطلق من سواحل محافظة كفر الشيخ . وغرق 10 أشخاص، وتّم القبض على 24 منهم.

(ب) حوادث غرق مراكب الهجرة غير الشرعية من مصر منذ ثورة يناير 2011 وحتى 3/7/2013: في شهر يونيو2011، أنقذت القوات البحرّية المصرّية 81 مواطنًا قبل تعّرضهم للغرق على متن مركٍب للصيد أمام سواحل الإسكندريّة في محاولٍة للهجرة غير الشرعّية إلى إيطاليا، وفي شهر أغسطس من عام 2012، انتشلت القوات البحرّية المصرّية ضحايا الهجرة غير الشرعية أمام السواحل الليبّية . وسّلمت ليبيا إلى مصر ثلاثة من الناجين من غرق مركٍب بعدما كانت أعلنت عن نجاة 33 شخصًا وغرق 39 مواطن مصري.

(ج): حوادث غرق مراكب الهجرة غير الشرعية من مصر منذ الانقلاب في 3 يوليو 2013 وحتى سبتمبر 2016: حيث شهدت مصر زيادة ملحوظة في عدد حوادث غرق مراكب الهجرة غير الشرعية، منذ 3/7/2013 وحتى 30/9/2016 وزيادة في أعداد الضحايا من المصرين، وذلك على النحو التالي:

– في أكتوبر2013، غرق12 شخصًا بعد انقلاب مركب الهجرة في البحر قرب سواحل الإسكندريّة . وقالت مصادر أمنّية إّن المركب كان على متنه ما لا يقّل عن 100 شخص، وكانوا في طريقهم للسفر إلى إيطاليا .

– في شهر يوليو من عام 2015 ، غرق مركب هجرٍة على متنه أكثر من 56 شخصًا ومعظمهم من المصريين .

– في شهر مايو من عام 2015 ، غرق 3 وأنقذت السلطات المصرية 31 آخرين كانوا على متن مركب هجرة، بينهم 13 يحملون الجنسّية السوريّة، و15 سودانّيًا، و2 يحملان الجنسّية الإريترّية، ومصري واحد .

– في أكتوبر من نفس العام 2015، أعلنت السلطات المصرّية انتشال 10 جثث من البحر المتوسط بمنطقة البرلس، وتّم إنقاذ 25 آخرين بعد سقوطهم في المياه أثناء سفرهم في هجرٍة غير شرعّية على متن مركب صيد .

في أبريل عام 2016، غرق 12 شخصًا على الأقّل قبل تحقيق حلمهم بالهجرة إلى أوروبا، بينهم 3أطفال، و 3سّيدات . وكان على متن المركب 105 شخصًا من جنسّيات مختلفة، بينهم 18 مصرّيًا، و 74 صومالّيًا، و 11 سوريًّا، وسودانّيًا، وآخر فلسطينّيًا .

في شهر يونيو 2016، انتشلت القوات البحرّية 31 شخصًا من جنسّياٍت مختلفة، وعثر على 9 جثٍث متحّللة الأجزاء، بينها جثة سّيدة مصرية .

في يوم الأربعاء 21 سبتمبر 2016 غرق مركب رشيد، أعلنت السلطات المصرية يوم الثلاثاء 27 سبتمبر عن ارتفاع عدد ضحايا مركب الهجرة غير الشرعية إلى 204 غريق، وكانت وزارة الداخلية المصرية قد اعلنت يوم الاثنين 26 سبتمبر، أن أجهزة الأمن ألقت القبض على صاحب المركب إضافة إلى 7 آخرين متورطين في القضية . في حين تم إنقاذ حوالي 163 وفقا لما ذكرته وزارة الصحة المصرية (11 ).

وجاء تصريح وزارة الداخلية بأن مصر هي الأولى في معابر الهجرة غير الشرعية (12 )؛ ليوضح تهافت ما ورد بالبحث الذي عرضته مصر في المؤتمر التابع لوزراء الخارجية العرب حول جهود الداخلية المصرية لمقاومة الهجرة غير الشرعية من مصر.

ومن ناحية ثانية، ورد بالبحث أن وزارة الخارجية المصرية تسعى إلى تعزيز التعاون مع مفوضية اللاجئين The UN Refugee Agency ، (UNHCR) وبالفعل فإن جمهورية مصر العربية هي أحد البلدان الموقعة على اتفاقية اللاجئين لعام 1951، وأيضاً اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية لعام 1969. وحيث أنها، على الرغم من ذلك، لم تضع بعد إجراءات وطنية للجوء، فإن مسؤوليات مثل هذه المهام المتعلقة بكافة جوانب التسجيل والتوثيق وتحديد صفة اللاجئ تقع على عاتق المفوضية وفقاً لمذكرة التفاهم الموقعة عام 1954 مع الحكومة المصرية (ولكن البحث المصري لم يذكر عدم تصديق مصر على بعض مواد الاتفاقية والخاصة ببنود الرعاية في اتفاقية عام 1951) (13 ).

حيث أن الحكومة المصرية أبدت تحفظها على أربعة من بنود الفصل الرابع الخمسة من الاتفاقية الخاصة بأوضاع اللاجئين للعام 1951، ما يعرف ببنود “الرعاية”، ولا يحق للاجئين المقيمين في مصر الاستفادة من التوزيع المقنن “للمنتجات غير المتوافرة بالقدر الكافي” (المادة 20) أو التعليم الرسمي (المادة 22)، أو “الإسعاف العام” (المادة 23) والوصول إلى سوق العمل والضمان الاجتماعي (المادة 24) ويزيد من تفاقم هذه الآثار الغياب المستمر لأية أحكام، ما عدا الزواج من مواطن مصري، حيث تتيح للاجئين من جنسيات أجنبية الحصول على الجنسية المصرية حتى في حال عدم تمكنهم من العودة إلى بلدانهم الأصلية.

كذلك، فإن على اللاجئين التعامل مع المشاعر المعادية للأجانب والتي يمكن أن تتحول بسرعة كبيرة إلى عنصرية عنيفة كما هي حال اللاجئين الأفارقة من ذوي البشرة الداكنة بصورة خاصة. عند النظر إلى هذه العوامل كاملة، لا يبدو أن للاجئين في القاهرة أي أمل فعليا في الاندماج. أما بالنسبة للمجموعات الشديدة الضعف (ومنها مثلاً: الأقليات الدينية وضحايا الاتجار الذين يواجهون شواغل الحماية المستمرة)، وللمجموعات من ذوي الحاجات المحددة (الأمهات الوحيدات مع أطفال، والحالات الصحية)، فإن الأمل الوحيد في البقاء هو إعادة التوطين في بلدٍ آخر. وليس هذا الحل بالسهل وإن إجراءات إعادة التوطين غاية في التعقيد وإن عدد الذين ينجحون فيها قليل .

كما أن القانون المصري لم ينظم تسليم السلطات للأجانب أو اللاجئين بطاقات هوية وإنما طبقا للاتفاقية بين الحكومة المصرية ومكتب الأمم المتحدة لشئون اللاجئين تقوم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين بالقاهرة إصدار “بطاقة صفراء” تحمل موافقة الحكومة المصرية وتعتبر بمثابة الدليل علي أن حاملها تقدم بطلب للحصول علي وضع اللاجئ الي المفوضية. وقد منع قانون رقم 15 الصادر عام 1963 الأجانب من تملك الأرض. كما منع القانون رقم 8 لعام 1978 الأجانب من تملك المباني والأراضي ماعدا بعض الحالات الاستثنائية بناء على إذن خاص من مجلس الوزراء بشرط أن تكون هذه الملكية بالشراكة مع مصري .

كما منع القانون المصري لعام 1985 الأجانب أشخاصا وشركات من امتلاك الممتلكات الزراعية أو الأراضي الخصبة أو الصحراوية في مصر كان ذلك مطبقا حتى عام 1997 عندما تمت المصادقة على قانون الضمانات والحوافز الاستثمارية الذي يمنح الأجانب الحق في تملك الأعمال الكبيرة من خلال السماح بالشراكة . ولا يوجد في القانون المصري أي آلية واضحة للتحقيق في ادعاءات طالبي اللجوء السياسي سبب تعرضهم أو خشية تعرضهم لاضطهاد بسب الدفاع عن مصالح الشعوب أو حقوق الإنسان أو السلام أو العدالة، وفقا لما تنص عليه المادة 53 من الدستور المصري 1971 وعلى الرغم من إعطاء اتفاقية حق الطعن أمام المحكمة المختصة للاجئين أصحاب الإقامة المؤقتة، إلا أنه لا توجد آلية لتطبيق حق الطعن في قرار الطرد.

وعلى خلاف ما ورد بالبحث المشار إليه فقد تم غلق المفوضية السامية للاجئين بالقاهرة EGY UNHCR يوم الجمعة 29 يوليو 2016، المكتب الرئيسي لها بمصر “مؤقتاً”، عقب وفاة سيدة إثيوبية متأثرة بجراحها، نتيجة إقدامها على إحراق نفسها، في احتجاجات وقعت أمام مقر المفوضية قبلها بأسبوع، وبحسب بيان نشرته، قالت المفوضية: “نظرًا للأحداث الأخيرة أمام مكتب المفوضية في مدينة السادس من أكتوبر (غربي القاهرة) اضطررنا للأسف إلى إغلاق المكتب حتى إشعار آخر (لم تحدده)”. وأوضحت أن “المفوضية تدرك ما يشعر به ملتمسو اللجوء واللاجئون من إحباط وقلق بسبب طول مدة الإجراءات (الأناضول) (14 )

ومن ناحية ثالثة، عند الحديث عن ترسيخ التعاون القائم مع المجتمع الدولي في إطار مبدأ تقاسم الأعباء، ورد بالبحث انه يتم تعريف المجتمع الدولي بالتقاليد المصرية العريقة في استضافة وإيواء وإغاثة اللاجئين، خاصة مع تزايد تدفقاتهم في السنوات الأخيرة وما يلقيه ذلك من كبيرة على الاقتصاد المصري، وأن القطاع العربي بوزارة الخارجية يعمل على إعداد حصر بهذه الأعباء ليتسنى استقطاب المزيد من المساعدات الدولية لمصر. وهذا ظهر واضحا في خطاب السيسي بالأمم المتحدة شهر سبتمبر 2016 حيث قال “ندعوكم إلى بذل المزيد من الجهد لتعزيز العمل المشترك وتشجيع الحوار بين الدول حول الهجرة والتنمية وتقاسم الأعباء والمسئوليات وتطوير رؤية موحدة وموقف قوي لتوفير حياة كريمة لهؤلاء اللاجئين والمهاجرين واحترام حقوقهم وكرامتهم الإنسانية”(15 ).

ومن ناحية رابعة، عرض الباحث بأهمية اصدار قانون جديد لمكافحة الهجرة غير الشرعية، ونشرت ” BBC عربي” بتاريخ 25/9/2016 مقالا بعنوان (مصر: هل تكفي القوانين وحدها لردع الهجرة غير الشرعية؟) ذكرت فيه أنه “وسط الجدل الدائر في مصر بعد الحادث الأخير، (غرق مركب رشيد) فإنه يجري الحديث عن تمرير قوانين رادعة، تستهدف الشبكات الضالعة في عمليات الهجرة غير الشرعية من مصر (16 .) … وتحت عنوان “قانون الهجرة غير الشرعية إنقاذ للمهاجرين أم للمهربين؟” نشرت صحيفة الاهرام بتاريخ 4/10/2016 مقالا مطولا اختتمته برأي “جمال طه” الباحث في شئون الأمن القومي؛ حيث أوضح “أن قضية الهجرة، ليست قضية مصر وحدها، بل قضية أوروبا أيضا، وينبغي أن تشترك أوروبا في حل هذه القضية، وأن تكون هناك اتفاقات مساوية مثل تونس والمغرب والجزائر، ومؤخرا تركيا، ومن ثمّ لا يصح إصدار تشريع جزئي تحت وطأة الانفعال والغضب (17 ). وأخيرا صدر القانون مؤكدا ما ورد في البحث المشار إليه؛ حيث أصدر السيسي، قانون مكافحة  الهجرة غير الشرعية  وتهريب المهاجرين. ونشرت الجريدة الرسمية القانون، وحمل رقم 82 لسنة 2016 .18

وضع اللاجئين والهجرة غير الشرعية في مصر:

“تتحمل مصر انطلاقاً من التزامها الدائم بمسؤولياتها منذ تفجر قضية اللجوء أعباء استضافة أعداد ضخمة من اللاجئين والمهاجرين من مختلف الجنسيات بلغ عددهم ما يقرب من 5 ملايين لاجئ ما بين مسجلين وغير مسجلين، ونعمل على توفير سبل المعيشة الكريمة لهم دون عزلهم في معسكرات أو ملاجئ إيواء”.

كان ذلك جزءاً من خطاب السيسي بالجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك بعنوان “قمة الأمم المتحدة المعنية باللاجئين والمهاجرين ( 19 ) وقد أثارت هذه الكلمات العديد من ردود الافعال، حيث شملت كلمات السيسي موضوعين أساسيين: أولهما: حصر بأعداد اللاجئين في مصر، وثانيهما: إشارة للمعاملة التي يلقاها هؤلاء اللاجئون، فما حقيقة هذه الأرقام؟ وهل من مصلحة مصر أن تتجاهل تسجيل ملايين اللاجئين لدى مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، إذا كانوا فعلًا ملايين؟، وكيف تعامل النظام الحالي مع اللاجئين السوريين على سبيل المثال؟

هنا تبرز عدة ملاحظات أساسية حول هذه التصريحات وغيرها:

1ـ عدم دقة الأرقام التي ذكرها السيسي عن أعداد اللاجئين بمصر:

حيث تشير البيانات الصادرة عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إلى وجود نحو 250,7 ألف لاجئ وطالب لجوء في مصر؛ وفق إحصاءات عام 2015 بانخفاض قدره 4% عن الأرقام المسجلة خلال 2014؛ والمقدرة بنحو 261,7 ألف شخص . كما أن تقرير مفوضية الأمم المتحدة لعام 2015 حدد أيضًا الدول الأكثر استيعابًا للاجئين حتى نهاية 2015؛ وجاءت في مقدمتها تركيا بواقع 2,7 مليون لاجئ، ثم باكستان بواقع 1,6 مليون، ولبنان بـ 1,1 مليون لاجئ، وإيران بـ 979,4 ألف، وإثيوبيا بـ 736,1 ألف، والأردن بعدد 664,1 ألف لاجئ .20

ولم تظهر مصر في هذه القائمة، وبالطبع تغيرت هذه الإحصائيات خلال العام الحالي، خاصة في الجانب التركي؛ حيث أصبحت أنقرة تحوي من اللاجئين السوريين وحدهم ما يقارب 2,7 مليون لاجئ . معنى ذلك؛ أن الدولة الأكثر استيعابًا للاجئين في العالم حتى نهاية 2015؛ لم يتجاوز عدد اللاجئين بها 2,7 مليون؛ فكيف تستوعب مصر 5 ملايين لاجئ؟ ! وكان الرد المصري على الاستشهاد بالإحصاءات الرسمية الصادرة عن المؤسسات الدولية؛ إلى أن جانبًا من اللاجئين غير مسجل لدى مفوضية شئون اللاجئين . ويستدعي هذا الادعاء علامات استفهام حول سبب عدم تسجيلهم لدى المفوضية؛ لأن ذلك يضيع على مصر فرصة الحصول على مساعدات دولية كبيرة للتخفيف من الأعباء التي تتحملها لتوفير مستويات معيشة مناسبة للاجئين في الوقت الذي تعاني فيه من عجز كبير في الموازنة العامة .

2ـ إساءة النظام الحالي بمصر تجاه معاملة للاجئين:

سبقت الاشارة إلى أن الحكومة المصرية قد أبدت تحفظها على أربعة من بنود الاتفاقية الخاصة بأوضاع اللاجئين للعام 1951، ما يعرف ببنود الرعاية (22)، وقد اشارت منظمة العفو الدولية في نشرتها ” تعزيز التربية على حقوق الإنسان وبناء القدرات”(21 ): إلى أنه “فرضت الحكومة المصرية بعد الانقلاب مباشرة وبتاريخ 8 يوليو2013 إجراءات دخول إضافية تقيد دخول السوريين القادمين إلى مصر عبر الطلب منهم الحصول مسبقا على تأشيرة دخول وموافقة أمنية. ففي منتصف يوليو فقط، تم ترحيل 476 من السوريين تقريبًا أو منعهم من دخول الأراضي المصرية. وأفاد العديد من السوريين عن تعرضهم للمزيد من الانتهاكات، وللاعتقال التعسّفي من قبل قوات الشرطة، وبالإضافة لذلك، ترد تقارير عن منع بعض السوريين من الوصول إلى الخدمات الصحية العامة.

وقد نشرت المفوضية السامية بيانًا صحفيًا بتاريخ 10 يوليو 2013 أعربت فيه عن قلقها لهذه الهجمات ودعت الرأي العام المصري إلى حماية السلامة البدنية للاجئين الإثيوبيين وحقوقهم الأخرى بحسب التزامات مصر الدولية وضيافة الشعب المصري العريقة والتي تظهر مؤخرا من خلال دعمهم الكبير للاجئين السوريين. وفي 23 سبتمبر 2016 أعلنت المفوضية، أنه منذ عام 2014 تم تسجيل عدد متزايد من الاعتقالات بحق اللاجئين والمهاجرين الذين يحاولون مغادرة مصر بطريقة غير شرعية .

ومنذ حلول 2016 وحتى غرق مركب رشيد، تعرض 4.600 شخص من جنسيات غالبيتهم من السودانيين والصوماليين والإريتريين والإثيوبيين، لمحاولة المغادرة بطريقة غير نظامية من الساحل الشمالي، وهذا ارتفاع بنسبة 28% من إجمالي عام 2015، وقد سجل عام 2015 أيضاً أعداداً أكبر من عام 2014 .

وكان إجمالي عدد الواصلين إلى إيطاليا بطريقة غير نظامية عبر البحر المتوسط أكثر استقرارا في النصف الأول (115,068) من يناير إلى أغسطس 2016، مقارنةً بالعام الماضي (116,149) من يناير إلى أغسطس 2015. وكانت نسبة المغادرين من مصر إلى إيطاليا متقلبة لكنها ارتفعت إلى 9% حتى 31 يوليو 2016، بعد أن سجلت 5% في العام السابق. وعلى الطريق من مصر إلى إيطاليا، تم تسجيل عدد كبير من الأطفال القاصرين غير المصحوبين( .22 )

3ـ مخاوف المفوضية الاوروبية:

تحت عنوان “مخاوف أوروبية من موجة هجرة مصرية”(23 ) (الجزيرة نت 30/9/2016) تم نشر تقرير المؤسسة المصرية لدعم اللاجئين  (EFRR) ويشمل صورة درامية للأوضاع في مصر، حيث أسهمت الاضطرابات السياسية في البلاد في تأجيج كراهية الأجانب كما تقول المنظمة المصرية، ورصدت المؤسسة زيادة في معدلات العنف تجاه اللاجئين، وارتفاعا في عدد الاعتقالات التعسفية بحقهم، وتجاهلا حكوميا للتحقيق مع عناصرها في شبهات الاعتداء على اللاجئين .

وكتبت المؤسسة على موقعها على الإنترنت “هناك اعتقالات تعسفية، بما في ذلك الأطفال، لأنهم في كثير من الأحيان ليست لديهم أوراق رسمية تبين انتماءاتهم الإثنية أو الدينية، كما أن بعضهم لا يتكلمون العربية مما يجعلهم عرضة لانتهاكات حقوق الإنسان “. وقال رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتس قال إن “قدوم المزيد من اللاجئين من شمال أفريقيا عبر البحر الأبيض المتوسط حقيقة يجب أن تؤخذ في الاعتبار”.

بدورها، اتهمت  منظمة العفو الدولية  الحكومة المصرية بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، واتهمتها “باعتقال منتقدي الحكومة، وقياديين من نشطاء المعارضة والسياسيين واحتجازهم، وبعضهم وقع ضحية  الاختفاء القسري ” ، كما يقول التقرير السنوي لعام 2016 . من ناحية أخرى، قالت المفوضية العليا للاجئين إنه في النصف الأول من عام 2016 تم تسجيل نحو 115 ألف شخص بعد فرارهم عبر  البحر الأبيض المتوسط إلى إيطاليا، وبالرغم من أن العدد انخفض بشكل طفيف عن العام الماضي، فإن نسبة المصريين من هؤلاء الفارين ارتفعت بنسبة كبيرة لتصبح 9% بعد أن كانت نسبتهم 5% فقط السنة الفائتة، كما لفتت المفوضية العليا للاجئين إلى أن عدد القاصرين الفارين من مصر ارتفع أيضا .

ويخطط  الاتحاد الأوروبي  الآن لعقد اتفاق مع مصر على غرار اتفاق اللاجئين مع تركيا، وهو ما عبر عنه رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتس لصحيفة “زود دويتشه تسايتونغ”، حيث ذكر “أن قدوم المزيد من اللاجئين من شمال أفريقيا عبر البحر الأبيض المتوسط هو حقيقة يجب أن تؤخذ في الاعتبار “. إلا أن الهدف من الاتفاق أيضا هو تقليل أعداد القادمين على المدى الطويل، كما يصرح السياسي المسؤول في شؤون الخارجية والدفاع في الحزب الديمقراطي المسيحي الألماني رودريش كيزفيتر، وقال “هدفنا هو جلب الاستقرار لدول مثل مصر وتونس وأيضا ليبيا فيما بعد “.

ويؤكد السياسي الألماني أن ذلك يتم من خلال تقديم النصح والتدريب لهذه الدول، وفتح آفاق للناس، وتوفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة لهم، مثل المياه النظيفة والرعاية الصحية والتغذية الجيدة، إلا أن السياسي الألماني يؤكد أيضا أن أي اتفاقات يجب أن تكون شاملة لقواعد تضمن تطبيق حقوق الإنسان، وليست اقتصادية فقط (24 ) . في حين قالت أسبوعية “دير شبيغيل” الألمانية إن المفوضية الأوروبية عبّرت عن رفضها لتوجه حكومة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، لعقد اتفاقية مع مصر لاستعادة وترحيل اللاجئين، على غرار الاتفاقية التي وقعها الاتحاد الأوروبي مع تركيا في مارس الماضي ودخلت حيز التنفيذ الشهر التالي. وذكرت المجلة -في عددها الصادر يوم السبت 8 أكتوبر 2016( 25)” أن بروكسل ترفض اعتبار الاتفاقية الأوروبية التركية نموذجا يمكن تكراره مع النظام المصري أو مع دول أفريقية أخرى.”

ومن جانب آخر وعلى هامش الاحتفال بمرور 150 عاماً على بدء الحياة النيابية بشرم الشيخ يوم الأحد، 9 أكتوبر 2016( 26 )، وخلال استقباله سكرتير عام الاتحاد البرلماني الدولي أعرب السيسي عن تطلع مصر لقيام الاتحاد البرلماني الدولي بلعب دور أكثر فاعلية تجاه قضايا اللاجئين والهجرة غير المشروعة، والتي تفاقمت بعد تزايد حدة النزاعات والازمات في منطقة الشرق الاوسط، مؤكداً على ضرورة قيام الاتحاد البرلماني الدولي بتناول تلك القضايا في كافة المحافل الدولية ؛ ومن خلال حوارات السيسي بات واضحا أنه يسعى جاهدا نحو قضية اللاجئين وقضية الهجرة غير المشروعة في سبيل الحصول على معونات مالية ودعم خاص لمصر من الاتحاد الأوروبي.

وخلال استقباله للمفوض الأوروبي لشئون الهجرة والشئون الداخلية والمواطنة، يوم الاثنين 14 نوفمبر 2016 ركز السيسي على الأعباء التي تتحملها مصر باعتبارها دولة عبور للمهاجرين ومقصد للاجئين، حيث تستضيف 5 ملايين لاجئ تحرص على معاملتهم كمواطنين وتوفر لهم الخدمات الصحية والتعليمية، مؤكداً على أهمية دعم الاتحاد الأوروبي لدول جنوب المتوسط في ضوء ما تتحمله من أعباء كبيرة من أجل مكافحة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.

وفى حين جاءت خطابات السيسي وبيانات المتحدث العسكري تروج لفكرة “فزاعة الهجرة غير الشرعية” وأن مصر هي القوة الاقليمية القادرة على منعها والحد من تأثيرها. إلا أن العالم كله شاهد صور الناجين من حادثة غرق مركب رشيد في شهر سبتمبر الماضي وهم مكبلون بالقيود تحت الحراسة المسلحة لقوات الجيش، وكانت صورا صادمة ومتناقضة مع العرف والقانون الدولي الذى يعتبرهم ضحايا وليسوا جناة، وما تناقلته وكالات الانباء وقتها عن شهود العيان كشفت زيف ادعاءات البيانات الرسمية بشأن العمل على منع الهجرة غير الشرعية (27 ). وما ورد في مناقشات مجلس النواب على وجود خلل في أداء قوات حرس الحدود، مما أثار حفيظة رئيس المجلس وطلب حذف الاتهام من المضبطة. كما أن حديث السيسي في الاسكندرية يوم 26/9/2016 جاء متعارضا لفكرة القدرة على منع الهجرة غير الشرعية؛ حيث حرص السيسي في خطابه على التماس الأعذار للجيش وقوات حرس الحدود، المكلفة فرض القانون على الأراضي والمياه المصرية وتأمين الحدود، خاصة قوله نصا بأن ” طول الحدود البرية والبحرية يقارب 5 آلاف كيلو، ومحتاج جهد ضخم جدا ومش ممكن الدولة تحكمه بنسبة مئة في المائة (28 )

نظام الانقلاب والهجرة غير الشرعية: السيناريوهات المتوقعة

من متابعة الاجراءات التي يمارسها النظام الحالي في إدارة الازمات ترد عدة سيناريوهات متوقعة مثل:

السيناريو الأول: محاولة اجراء بحوث ميدانية عن أعداد اللاجئين في مصر، ويتم توثيقها في مفوضية شئون اللاجئين بمصر، وقد تشمل على سبيل المثال بدء حملة حكومية لتسجيل جميع الاجانب المنتشرين في مصر، مثال يوجد أكثر من 500 ألف صيني (بحسب احصائية د. ياسر محمد جاد الله أستاذ الاقتصاد بجامعة حلوان ومدير مركز البحوث الصينية المصرية”(29 ) وغيرهم كثيرون من دول أخرى منتشرين في جميع انحاء مصر، بحيث يتم تسجيلهم وسرعة منحهم “بطاقة صفراء” بحيث تشملهم صفة “طالبي لجوء”، وبالتالي يتم احتسابهم ضمن رعايا مفوضية اللاجئين بمصر مؤقتا لمدة 18 شهرا – حسب القانون – ولحين استكمال باقي الاجراءات، وخلالها تسعى مصر سياسيا ودبلوماسيا ودوليا لطلب المعونة والدعم الأوروبي والدولي لزيادة عدد اللاجئين المسجلين بها.

السيناريو الثاني: الترويج لفزاعة الهجرة غير الشرعية، والتسويق لها اعلاميا لجذب الاهتمام الدولي بدور مصر في حماية الدول الاوروبية من ذلك الخطر. وذلك بالإعلان الرسمي عن قيام مصر احباط محاولات متكررة للهجرة غير الشرعية إلى دول أوروبا؛ خاصة عبر شواطئ البحر المتوسط وعبر الحدود الغربية مع ليبيا.

السيناريو الثالث: التركيز في جميع مستويات الاجتماعات والمؤتمرات والزيارات واللقاءات السياسية الدولية على طرح تقارير وبيانات للتعظيم من دور مصر في رعاية الاعداد متزايدة من اللاجئين، وفى حماية أوروبا من مخاطر تدفقات الهجرة غير الشرعية وتكرار المطالبة بالدعم المادي لمصر لتعزيز هذا الدور وتنميته.

وهذه السيناريوهات المتوقعة لها ما يرجحها:

1ـ أن الخارجية المصرية حاولت الالتفاف حول رقم (5 مليون لاجئ) الذي ذكره السيسي في الأمم المتحدة بالمخالفة للأرقام المعلنة دوليا بأنهم 184 ألف لاجئ فقط في مصر، وبررت الخارجية ذلك بأنه توجد حالات كثيرة لم يتم تسجيلها. كما أن السيسي يوم الثلاثاء،٢٢ نوفمبر ٢٠١٦ وخلال زيارته للبرتغال؛ عاد مرة أخرى ليؤكد ضخامة أعداد اللاجئين في مصر، وعرض ذلك في إطار توصيف لمفهوم اللاجئين في مصر حيث أكد “عدم وجود معسكرات للاجئين على الأراضي المصرية”، مشيرا إلى أن “اللاجئين المتواجدين بمصر والقادمين من دول المنطقة والقارة الأفريقية يعيشون بشكل طبيعي وسط المصريين دون أي شكل من أشكال التمييز”، وهذا التصريح يتناقض تماما مع موقف مصر التحفظي على “بنود الرعاية” في اتفاقية 1951.

2ـ خلال زيارته للبرتغال قام السيسي باستعراض ما أسماها الجهود الحثيثة التي تقوم بها مصر في سبيل مكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية، مشيرًا إلى إقرار مجلس النواب لقانون مكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية، فضلاً عما يتم بذله من جهود لتأمين الحدود البحرية والبرية وإحكام السيطرة عليها، (على عكس ما سبق وأن أعلنه بالإسكندرية؛ بعد غرق مركب رشيد في شهر سبتمبر 2016 بخصوص صعوبة التحكم في الحدود لطولها بريا وبحريا)، كما أعلن السيسي عن نجاح السلطات المصرية في إحباط محاولات تهريب أكثر من ثمانية آلاف مهاجر منذ بداية العام 2016، وإن كان لم يشر بالطبع إلى أن مصر أصبحت دولة مصدرة للهجرة غير الشرعية.

3ـ في جميع مقابلاته واجتماعاته السياسية خاصة مع ممثلي البرلمان الأوربي ومفوضية اللاجئين كان حديث السيسي يتناول بصورة مباشرة قضية اللاجئين والهجرة غير الشرعية، وكان آخرها يوم 14 نوفمبر 2016(30 )؛ حيث صرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن السيسي رحب بالمفوض الأوروبي لشئون الهجرة والشئون الداخلية والمواطنة، وأكد أهمية التعامل مع ظاهرة الهجرة غير الشرعية من خلال تبني استراتيجية شاملة تتضمن معالجة الأسباب الاقتصادية والاجتماعية التي تدفع الشباب إلى الإقدام عليها، بالإضافة إلى إيجاد قنوات منتظمة وآمنة للهجرة الشرعية، وتعزيز التعاون الدولي والإقليمي في هذا المجال.

وأضاف المتحدث الرسمي: “تطرق الاجتماع إلى الأعباء التي تتحملها مصر باعتبارها دولة عبور للمهاجرين ومقصد للاجئين، حيث تستضيف 5 ملايين لاجئ تحرص على معاملتهم كمواطنين وتوفر لهم الخدمات الصحية والتعليمية، مؤكداً على أهمية دعم الاتحاد الأوروبي لدول جنوب المتوسط في ضوء ما تتحمله من أعباء كبيرة من أجل مكافحة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا” . وترسيخا لنفس المفهوم؛ وأثناء لقائه مع وفد من البرلمان الأوروبي يوم 7 ديسمبر 2016؛ فقد قام السيسي بترديد نفس الكلمات بنوع من الإلحاح الذي أصبح يشكل ظاهرة في السياسية المصرية (31 ).

خاتمة:

بعد الانقلاب العسكري الذي شهدته مصر في 3/7/2013 أصبحت الهجرة غير الشرعية عبر الحدود المصرية إلى خارجها، ظاهرة يتم رصدها من خلال حوادث الغرق كمؤشر مبدئي (والتي زادت بصورة كبيرة خلال الفترة الماضية)، وهذا يعنى أن الأعداد قد تكون أكبر من هذا بكثير نظرا لأن وجود نسبة حدث لها فشل في الهجرة، فهذا يعنى بالطبع وجود نسبة أخرى قد مرت بنجاح ولم يتم رصدها. وأصبحت الظاهرة تعبر عن مشكلة حقيقة بحيث تحولت مصر إلى دولة مصدرة للهجرة غير الشرعية للعديد من دول العالم خاصة إلى ايطاليا، وليس مجرد معبرا للمهاجرين كما كان من قبل. ويرجع السبب الأساسي إلى الظروف الاقتصادية وتردى الظروف المجتمعية والبطالة وسوء الاحوال المعيشية خاصة عند الشباب. ورغم تكرار الظاهرة وزيادة اعداد الضحايا من المصريين واغلبهم من الشباب والاطفال؛ إلا أنه لا توجد دراسات حكومية رسمية للمشكلة، رغم وجود بحوث جامعية ترصد لأسباب الظاهرة (9).

وقد أدى التناول الإعلامي والسياسي وحتى الخطاب الديني الرسمي إلى ترسيخ اسباب المشكلة وبالتالي صعوبة وضع الحلول المناسبة لها. ورغم أن تقرير المؤسسة المصرية لدعم اللاجئين  يشمل صورة درامية للأوضاع في مصر، حيث أشارت إلى أن الاضطرابات السياسية في البلاد قد اسهمت في تأجيج كراهية الأجانب، كما رصدت المؤسسة زيادة في معدلات العنف تجاه اللاجئين، وارتفاعا في عدد الاعتقالات التعسفية بحقهم، وتجاهلا حكوميا للتحقيق مع عناصرها في شبهات الاعتداء على اللاجئين . إلا أنه ومن الواضح أن الدولة وبدلا من محاولة حل المشكلة؛ إلا أنها تسعى جاهدة لاستثمارها دوليا وإقليميا بهدف طلب الدعم المادي من الجهات المانحة والمهتمة بأمور اللاجئين.

وكان خطاب السيسي بالأمم المتحدة يؤكد هذا بدليل حديثه عن أرقام مبالغ فيها بالنسبة لأعداد اللاجئين في مصر وحسن معاملتهم، وعاد مرة أخرى ليؤكد نفس المضمون في زيارته الأخيرة للبرتغال مع إعادة توصيف لمصطلح اللاجئين من منظور يبرر به عدم منطقية العدد الذي أعلنه عن اعداد اللاجئين في مصر. ومن ناحية أخرى فقد استمر السيسي ونظامه بصورة عامة في الاستخدام المفرط لفزاعة الهجرة غير الشرعية والتلويح لأوروبا بأنه الحارس الامين لحدودها وخط الأمان لمنع الهجرة غير الشرعية لبلادهم.

وبالتوازي مع هذا الحراك لاستغلال اللجوء إلى مصر والهجرة غير الشرعية إلى أوروبا كوسيلة لجذب الدعم الخارجي، فإن الشباب بالداخل المصري باتوا بين خيارين كلاهما صعب؛ الأول: هو تقبُل حكم السيسي والعيش تحت ظلال الاستبداد السياسي وشيوع الفقر والجهل والمرض وانتشار البطالة، والثاني هو الهجرة غير الشرعية خارج أرض الوطن (32 ).

——————————————–

الهامش

( 1 ) احصائيات الهجرة في مصر (السهم نيوز 18 يناير 2016)

( 2 ) تقرير الهجرة الدولية 2015 ” الهجرة والنزوح والتنمية فى منطقة عربية متغيرة “(الأمم المتحدة والمنظمة الدولية للهجرة 2015)

( 3 ) الهجرة غير الشرعية كابوس يواجه شبابنا (مصرس نُشر فى الاهالى بتاريخ 1/4/2014).

( 4 ) وزيرة الهجرة تعلن ” مصر الأولى عالميًا في الهجرة غير الشرعية ” (المصرى اليوم 21/11/2016)

( 5 ) طفل فى مهمة انسانية (بوابة فيتو 18 اغسطس 2016) مشاهدة 8/12/2016.

( 6 ) طفل يصل ايطاليا بقارب مطاطى (NewsJS 19 اغسطس 2016)

) 7 ) مصر الأولى عالميا فى هجرة الأطفال للخارج (برلمانى 12 /10/2016)

( 8 ) لماذا يهاجر الاطفال من مصر فى عهد السيسى ؟ (كلمتى 27اغسطس 2016) مشاهدة 7/12/2016

( 9 ) د. مساعد عبد العاطى شتيوى ” التدابير والاجراءات المصرية لمواجهة الهجرة غير الشرعية “، بحث مؤتمر جامعة نايف للعلوم الامنية بالرياض / المستودع الرقمى – فبراير 2005).

) 10 ) آخرها «مركب رشيد».. 8 حوادث تؤكد استمرار مسلسل ضحايا «الهجرة غير الشرعية»، (اليوم الجديد 23 سبتمبر 2016)

) 11 ) #مركب_رشيد: السيسي يخترع “ملايين” اللاجئين والجيش يغرق المصريين (العربى الجديد، 22 سبتمبر 2016)

)12 ) الداخلية: مصر الأولى في معابر الهجرة غير الشرعية (اليوم السابع  25 سبتمبر 2016)

( 13 ) د. عادل عامر، اللاجئون في مصر، بتاريخ 26 يونيو 2015، (ديوان العرب)

) 14 ) مفوضية اللاجئين تغلق مكتبها في مصر حتى إشعار آخر (هافينجتون بوست عربي 19 يوليو 2016)

( 15 ) كلمة السيسي في الامم المتحدة يوم 19/9/2016 (المصري اليوم)

) 16 ) مصر: هل تكفي القوانين وحدها لردع الهجرة غير الشرعية؟ (BBC عربى  25 سبتمبر 2016)

( 17 ) قانون الهجرة غير الشرعية إنقاذ للمهاجرين أم للمهربين؟ (الاهرام اليومى 4/10/2016) مشاهدة 8/12/2016

) 18 ) السيسي يُصدر قانون الهجرة غير الشرعية بعد موافقة البرلمان عليه (مصراوي 8 نوفمبر 2016)

( 19 ) كلمة السيسي في الجمعية العامة للأمم المتحدة (نص كامل)، المصرى اليوم 19/9/2016

) 20 ) تقارير مفوضية شؤون اللاجئين ترد على تصريحات السيسي (المال نيوز  28 سبتمبر 2016)

) 21 ) نبذة سريعة عن وضع اللاجئين في مصر  منظمة العفو الدولية

( 22 ) احصائيات هجرة غير نظامية للمصريين (نشرة الهجرة القسرية)

( 23 ) مخاوف أوروبية من موجة هجرة مصرية (الجزيرة نت  30/9/2016)

( 24 ) المفوضية الأوروبية تتجه لمنح اللاجئين في تركيا بطاقات مالية (وكالة الاناضول للأنباء، 8/9/2016)

( 25 ) رفض أوروبي لاتفاقية لاجئين مع مصر على غرار تركيا (الجزيرة نت، السبت 8/10/2016)

( 26 ) السيسي: نتطلع لقيام البرلمان الدولي بدور فاعل تجاه “اللاجئين والهجرة” (اليوم السابع 9/10/2016)

( 27 ) منظمة الهجرة: غرق المهاجرين بمصر “وصمة عار” (الجزيرة نت 24/9/2016)

( 28 ) خطاب السيسي في الاسكندرية يوم 26 سبتمبر 2016 (فيديو يوتيوب)

( 29 ) مصطفى عبد الرازق، صينيون في مصر: كثير من التجارة وقليل من الإجرام“، (دوت مصر 13 يناير 2015 – )

) 30) السيسي يدعو الاتحاد الأوروبي لتبني استراتيجية لمواجهة الهجرة غير الشرعية، (الوفد البوابة الإليكترونية  14 نوفمبر 2016)

( 31 ) اجتماع السيسي ووفد البرلمان الأوروبي، (انفراد 7 ديسمبر 2016)

( ) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعه32د المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close