fbpx
تقارير

المتغيرات الدولية ومستقبل العلاقات السودانية الاثيوبية

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

حصل الباحث السوداني هاشم علي حامد (الباحث بالمعهد المصري للدراسات)، على درجة الماجستير في العلوم السياسية، جامعة أم درمان الاسلامية بتقدير امتياز، حول: دور المتغيرات الدولية في مستقبل العلاقات السودانية الاثيوبية 2005 ـ 2017، وتحدثت الدراسة عن أهمية علاقات السودان واثيوبيا باعتبارها علاقات بين شعبين تربط بينهما مصالح مشتركة وعادات وتقاليد ممتدة ضمن واقع جغرافي موحد للهموم والتحديات يمده إرث مشترك ضارب في بدايات التاريخ.
اهتمت الدراسة بفرضية متمثلة في صراع المصالح للقوى الدولية وتأثر الدول به وانعكاس هذا الصراع على علاقات الدول خاصة في المحيط الافريقي ومن ضمنه دولتا السودان واثيوبيا جراء فروض القوى الدولية على المنطقة الإقليمية.

الإطار النظري:

كمدخل تناولت الدراسة علم العلاقات الدولية كمصطلح حديث رغم ممارسة الحياة البشرية لواقع العلاقات منذ بدء الخليقة، فطالما وجدت جماعات إنسانية كانت هناك علاقات تحكم حياتهم تنظيما وقوى مجتمعية تهيمن وفق معادلات القوة. تحدثت عن نشأة وتطور العلاقات. مفهوم العلاقات الدولية كعلم ونظرية، وأثره ضمن تطور المجتمعات البشرية.
تناولت الدراسة تاريخ نشأة الدولة القومية المعاصرة وعناصرها وقوتها. كما تناولت العلاقات الخارجية كأحد الفروع الرئيسة في علم العلاقات الدولية، مشيرة الى مفهوم السياسة الخارجية وما اصطلح عليه العلماء من تعريفات لها وتطبيقاتها واهدافها. كما تحدثت عن الدبلوماسية وتطورها والدبلوماسية العامة باعتبارها قوة ناعمة تحمل معاني متعددة ووجوه متنوعة من النشاط الانساني.

تقسيم الدراسة:

تحدثت الدراسة في فصلها الثاني عن السياسات الدولية وأثرها على الواقع الاقليمي للقارة الافريقية. شمل المبحث الاول موضوع “المتغيرات السياسية وأساليب القوى الدولية” مشيرا الى التحولات السياسية بعد ظهور الدولة القومية وما شهدته اوروبا من منافسة بين اقطارها من اجل الثروة والقوى في سبيل الهيمنة وما شهدته من تحالفات مثلت التوازن التقليدي.
تحدثت الدراسة عما ظلت تمثله القارة الافريقية من هدف للقوى الغربية وتنافس تسبب في تقسيمها والتنافس على خيراتها. كما تناولت الدراسة منطقة القرن الافريقي باعتبارها من أهم المناطق الاستراتيجية وما تضمه من دول يأتي السودان واثيوبيا في مقدمتها باعتبار الموقع الجغرافي والاثر والتأثر.
شمل الفصل الثالث الخلفية التاريخية والحضارية للعلاقات السودانية الاثيوبية. تحدثت الدراسة عن موضوع العلاقات السودانية الاثيوبية باعتبارها واقع جغرافي وتاريخي وتواثق حضاري يمتد لألاف السنين بين شعبين ظلا متداخلين في الحياة بكافة جوانبها. أكدت الدراسة على حقيقة حضارية ثابته في الوحدة الجغرافية والحضارية للشعبين الاثيوبي والسوداني متطرقة لما يجمع بينهما من وحدة ثقافة وعادات، فضلا عن المسميات التي ظلت تطلق على حضارة المنطقة تارة السلطنة الزرقاء واخرى اثيوبيا كتأكيد لمعنى واحد في المعنى المقصود وهو عنصر السواد المقصود به أهل المنطقة في الحبشة والسودان.
تحدثت الدراسة عن واقع العلاقات المتبادلة بين الشعبين السوداني والاثيوبي وتداعيات التقارب الذي يشمل أطر مختلفة وتعاون ومشاريع مشتركة، كما يجري من تأثيرات متبادلة على النطاق السياسي مشيرة تنظيم للعلاقة في أعلى المستويات تنسيقا مشتركا وتطويرا ومتابعة لمعطيات العلاقة في كافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. كما اشارت الدراسة للأدوار السياسية والتأثيرات المتبادلة بين الدولتين كل على الأخرى ضمن هموم وتطورات الظروف السياسية في البلدين. أشارت للدور السوداني ضمن تطورات الواقع السياسي الاثيوبي الحديث بما في ذلك الدور المناصر لأثيوبيا في مشروع سد النهضة، وما كان لأثيوبيا ايضا من دور إيجابي في قضية الجنوب إلى حين الانفصال ثم ما تؤديه من أدوار اخري تجاه سلام الساحة السودانية.
أكدت عنصر التنافس الاقليمي بين البلدين وخصوصيات كل بلد وما يشكله ذلك من ثغرة تنفذ عبرها أجندة القوى الدولية المتربصة. وضمن عنصر التنافس الاقليمي وتحديات البلدين رأت الدراسة ان مشروع (سد النهضة) يشكل تحديا حضاريا لأثيوبيا كونه يفضي لواقع جديد بالنسبة لها وللمنطقة برمتها. وبالنسبة للسودان يشكل التوافق مع واقع ما بعد انفصال جنوب السودان تحديا يتطلب التوائم مع الظرف الجديد بكل تداعياته، مشيرة الى تحديات تتمثل في علاقات الدولتين بكل من الصومال واريتريا في حين تشكل علاقة السودان بمصر موضع تحدي للسياسة الاثيوبية في حرصها على كسب السودان الى جانبها وإخراجه من الدائرة العربية وربطه بالواقع الافريقي كعون لها في وجه ظروف التقلبات السياسية على المستوى الاقليمي.
تحدث الفصل الثالث كذلك عن مرتكزات السياسة الخارجية للدولتين وكونها هي العامل الاساسي في تحديد توجهات وسياسة البلدين.
شملت التحديات قضية الحدود وما يُثار في قضية الاراضي الزراعية في منطقة الفشقة. رأت الدراسة أهمية الوصول الى اتفاق شامل في تسوية شاملة للحدود بين البلدين ورسمها على الارض بعلامات معترف بها دوليا كضرورة ملحة لمستقبل العلاقات. كما رأت الدراسة اهمية ان يتجه السودان الى معالجات ناجعة لمسألة الحدود تنطلق من أهداف استراتيجية بعيدة المدي في إحداث تغيّرات في التركيبة السكانية لبعض المناطق (الضعيفة) المتاخمة لبعض الدول المجاورة، وإلى تركيز عناصر سودانية في تلك الاماكن وتمليكها للأراضي وتشجيعها على العمل بحيث لا تكون الحدود مصدر أطماع لأي مستهدف سواء عبر وضع اليد والاحتلال، أو عبر الغلبة العددية والتعديات التنافسية.
شمل الفصل الرابع والاخير تحت عنوان “سياسات القوى الدولية تجاه السودان واثيوبيا” ستة مباحث هي “السودان واثيوبيا ضمن خارطة الصراع الدولي” تحدثت عن تعامل القوى الدولية مع البلدين وفق ترتيب كل بلد في العقيدة الدولية التي تسيّر بها القوى الدولية العالم. ثم المبحث الثاني “العوامل المشتركة والمتباينة في سياسة الدولتين تجاه المنطقة الاقليمية” حيث شمل الحديث القناعات الراسخة في سياسة البلدين أشارت للسلام كونه همّ مشترك وهدف نحو الاستقرار والتنمية. تحدثت عن ملف المياه باعتباره موضع توافق بين البلدين في الحيثيات التي أيدت فيه السياسة السودانية مشروع سد النهضة الاثيوبي. تحدثت عن العلاقات السودانية المصرية باعتبارها موضع مناورات وشد وجذب تحرص السياسة الاثيوبية ألا تشكل لها هذه العلاقة خطرا تجاه مشاريعها الاقليمية وعلاقاتها المنشودة مع السودان. كما أشارت الدراسة.
وضمن العوامل المشتركة والمتباينة في علاقة السودان واثيوبيا الى علاقة الأخيرة بإسرائيل باعتبارها ضمن النقائض في مسار علاقة البلدين، اكدت على ما يجمع بين اثيوبيا واسرائيل من علائق تاريخية مشيرة الى التغيرات التي لحقت بالمنطقة العربية (ثورات الربيع العربي) وانعكاساتها إيجابا في علاقات اسرائيل بالوسط الافريقي. أشارت الدراسة الى ان اسرائيل لا يتوقع لها في علاقاتها مع اثيوبيا ان تكون ضمن متغيرات الصراع المؤثرة على علاقات الاخيرة بالسودان. فضلا عن حرص اثيوبيا على الوسط العربي الذي ترجو عبره تواثق اقتصادي يحقق لها جوانب من الاهداف الاستراتيجية في السلام والتنمية مستقبلا.
كما تناولت الدراسة العلاقات الاثيوبية المصرية وتداعيات سد النهضة والحيثيات التي رافقت مسيرته.
تضمنت الدراسة في المبحث الرابع الحديث عن “التبادل العكسي بين تطور العلاقة بين السودان واثيوبيا ومصالح القوى الدولية” التي تحرص على ألا تكون هذه العلاقة سلبا عليها في فيما تنشده من مكاسب وتعتبره من مصالح. كما تناول المبحث الخامس موقف الولايات المتحدة الامريكية تجاه علاقات التقارب بين البلدان الثلاثة اثيوبيا والسودان ومصر.
– تحدثت الدراسة في المبحث السادس عن النظرة الموضوعية لمستقبل العلاقة السودانية الاثيوبية قالت ينبغي ان تعمل الدولتان لتوثيق علاقاتهما بموجب القناعات المترسخة فيما مضي من سنين ظلت فيهما الدولتان تعانيان ظروف تنازعات وحروب وإملاءات لقوى لا تهتم الا بمصالحها. مشيرة الى ما تمليه تحديات السلام والاستقرار من اعتماد تعاون يخدم المنطقة ويحول دون أي اختراقات سلبية تعمل على تعطيل المصالح المحلية والاقليمية للدولتين.
– أشارت الى أسس العلاقة التي تجمع بين البلدين كدولتين متقاربتين في الاوزان السياسية والاقتصادية ضمن الرؤى المتوافقة إقليميا تجاه التحديات. تطرقت الى متطلبات العلاقة في الإطار المحلي الذي يتطلب جهدا مضاعفا نحو التنمية المشتركة، والإطار الاقليمي الذي يواجه ظروف تتربص به في حيثيات قوى دولية لا تتهاون في مكاسب وتطلعات لاتزال القارة الافريقية تمثل مكمّن لها.
– قالت الدراسة إن ظروف التحديات الجامعة للدولتين يجعلهما أكثر اهتماما بتوثيق عرى العلاقة والقفز بها الى رحاب التعاون المتكامل في شتى المضامير سياسيا، واقتصاديا، وعسكريا، وتحقيق الترابط بين الشعوب وفق برامج حقيقية في الجعل من علاقة البلدين واقعا معاشا. تطرقت الدراسة الى أهمية حل الخلافات والفراغ من ترسيم حدود البلدين. والانفتاح على العالم بسياسة موحدة ترعي المصلحة الاقليمية لدول المنطقة. أشارت الدراسة الى أهمية إقناع القوى الخارجية بحقيقة واقع علاقة الدولتين ضمن الرؤى السياسية الجامعة لهما مما يقود هذه القوى للتعامل مع الدولتين وفق سياسة تحترم مصالحهما المندمجة محليا واقليميا.
– خلصت الدراسة الى عدد من النتائج والتوصيات التي نقدمها لصانعي القرار في البلدين كموجهات أساسية تجاه المستقبل المرجو في مسيرة التعاون والتكامل المنشود. من أهمها الوعي بأن ما يجمع بين البلدين من أواصر ومصالح متبادلة يفوق اي اغراءات يمكن ان تقدمها قوى دولية تبحث عن مصالحها وتضعها فوق تقدم ورفاهية شعبي البلدين والمنطقة الاقليمية.

نتائج الرسالة:

1- العلاقة السودانية الاثيوبية تعني جغرافية كونية، وعلائق تاريخية، وتداخلات أسرية، ومصير مشترك، فهي تفرض نفسها في مواجهة أي تقاطعات مع مصالح قوى دولية كلما توثقت في حميّتها. حيث أن قوة هذه
العلاقة في تماسكها والاهتمام بها، وهو ما يؤدي الى استمراريتها ومن ثم احترام القوى الخارجية لسياسة الدولتين ومن ثم التأقلم مع واقع هذه العلاقة بما يحقق أهداف الدولتين ويخدم المصلحة الاقليمية.
2- من خلال ما أوردناه من أنشطة متبادلة بين الدولتين وأشرنا له من أدوار سياسية يُلاحظ أن الانشطة السياسية بين الدولتين لا يقابلها زخم في الجانبين الاقتصادي والاجتماعي مماثل لحجم وفاعلية هذه الادوار، سواء في تعاون ينعكس على أرض الواقع عبر مشاريع اقتصادية كبرى زراعية وصناعية ملموسة العائد لشعبي البلدين، او سياسات حقيقية مشجعة لإحداث تداخل اجتماعي أكثر تشجعه قوانين متبادلة من إعفاءات ضريبية، أو تسهيلات إقامة وحقوق مكتسبة للتجنس والتملك لمواطني البلدين في كلا الدولتين.
3- تشترك الدولتان في الكثير من التقاليد ويجمعهما سلم فني واحد وثقافة مشتركة وتذوق حقيقي لفنون بعضهم البعض، لا يقابل ذلك على المستوى الرسمي اهتمام تجاه استغلال جانب الفن كرابط شعبي عبر انشاء فرق فنية مشتركة وتحقيق تداخل شعبي.
4- يُلاحظ ضمن مسار علاقة البلدين انه بقدر ما تُشيّر اليه الحقائق من تساهل من الطرف السوداني تجاه إقامة وعمل المواطنين الاثيوبيين داخل السودان، والذين يشكلون تواجدا ضخما في مختلف مدن السودان،لا يُقابل ذلك تعاملا مماثلا من اثيوبيا للمواطنين السودانيين سواء في قوانين الهجرة والتجنس، أو قوانين العمل والاستثمار، حيث لا ميزة خاصة للمواطن السوداني في التعامل تجعله ذا افضلية على غيره من شعوب على الاقل بحكم الجوار أو التعامل بالمثل.
5- تمدد الاراضي السودانية الصالحة للزراعة واتساعها مع قلة الكثافة السكانية المستغلة لهذه المساحات الشاسعة يعطي دافعا مغريا لأي نوع من انواع التكويش والاستغلال من جهات أجنبية لا تُقتصر على الاثيوبيين وحدهم، فهناك تغولات من مواطني بلدان اخرى كتشاد وافريقيا الأوسطي واريتريا وجنسيات اخرى تعجز السلطات السودانية عن متابعتها والحد من تسللها عبر الاراضي السودانية.
6- تزايد السكان الاثيوبيين (100 مليون نسمة) وكثافة اعدادهم في أعالي الأراضي الاثيوبية على حدود السودان هو ما يتسبب في تدفقهم عبر الأراضي السودانية بحثا عن الرزق ومواجهة متطلبات الحياة. 7- تشهد اثيوبيا تحولا اقتصاديا وحضاريا ينقلها الى دولة متوسطة في القريب المنظور، في حين يشهد السودان فشلا اقتصاديا وتدهورا في والبنيات التحتية، وانهيارا لمؤسسات التنمية والشركات الحكومية. حالة كهذه لا تساعد في بناء تعاون متناسق بين الدولتين.
7-      تضيف مستجدات الساحة الدولية في الشرق الاوسط والخليج العربي، والمنطقة الاقليمية في جنوب السودان والقرن الافريقي أعباء وظروف جديدة على الدولتين تجعلهما أكثر اقترابا من أليات القوى الدولية في سياستها وفروضاتها بصدد الاحداث.
8-      من أهم الافتراضات التي يذهب اليها الراي السياسي في كونها دافعا قويا للولايات المتحدة الامريكية لدعم التقارب الاثيوبي السوداني هو تحقيق السلام في دولة جنوب السودان المنفصلة حديثا. حيث تعطي مؤشرات الاحداث في ظل الحرب الاهلية الدائرة بين نظام الرئيس سلفاكير ميارديت والمعارضة المسلحة بقياد رياك مشار اهتماما غربيا وامريكيا جارفا لإخماد هذه الحرب.

توصيات الرسالة:

1– ينبغي استحضار ثوابت العلاقة ونشر ثقافة خصوصية العلاقة كي تكون ثقافة شعبية راسخة، والتذكير بالبعد التاريخي الحضاري لأصل البلدين والعمل على إظهار الثوابت المشتركة في الفن والموروثات الثقافية عبر تبني أعمال ثقافية وفنية مشتركة تزيد من أواصر الاخاء، والعمل كذلك على خلق مصالح شعوبية متبادلة في تداخلات الشعبين.
2-على الجانب السياسي الحضاري هناك اختلافات في البنية الحضارية للدولتين تلعب خلالها القوى الدولية، هذه التناقضات هي البعد الحضاري المسيحي لأثيوبيا والبعد الحضاري الاسلامي العربي بالنسبة للسودان، فضمن هذه الحقائق ينبغي تبني وعي يغرس معاني الاخاء، وترسيخ معاني التسامح والحرية العقدية مع تقارب انساني تتبادل فيه المنافع وتتلاقى عبره الافكار.
3- ضمن ما يخدم الدولتين في علاقاتهما السياسية الفصل بين مساحات العلاقة بينهما وعلاقات كل منهما بالآخرين، حيث لسياسة الدولتين هوامش خاصة ينبغي بقدر احترامها عدم التأثر بها. هذا الى جانب تسخير العلاقات الخاصة لأي من الدولتين لخدمة الاخرى عندما تستدعي الظروف الدولية او الاقليمية ذلك.
(السودان استفاد من العلاقة الخاصة لأثيوبيا بالولايات المتحدة الامريكية في تخفيف العقوبات الاقتصادية التي ظلت مفروضة عليه من قبل امريكا، حيث لايزال يعاني من وطأة تلك العقوبات. من جانبها تستفيد اثيوبيا من العلاقات الخاصة للسودان مع بعض البلدان العربية كدولة قطر التي تربطه بها علاقة خاصة).
4- تبني شفافية وتوافق وتنسيق سياسي مشترك في الرؤي المستقبلية لمخططات كلا الدولتين، (هناك نموذج في وقفة السودان الداعمة لمشروع سد النهضة الذي اعطى دفعة قوية للمشروع).
3-       ينبغي التوصل الى حل عاجل في مسألة الحدود والشروع في ترسيمها، ووضع العلامات على الارض (تأخير ذلك يشكل دافع مساعد للقوى الدولية في استهدافها لعلاقات البلدين).
5-من المهم لمواجهة تحديات القوى الدولية وعدم استقلالها لظروف البلدين والمنطقة الاقليمية تنسيق المواقف بين حكومتا البلدين تجاه اي مستجدات طارئة.
6- السودان ينبغي عليه أن يخرج من ميل العروبة غير المتوازن الى التوازن مع واقعه الافريقي المتمثل في البيئة والثقافة وحضور العنصر الافريقي والجوار الافريقي، واثيوبيا أكثر ما يُميزها هو اعتزازها بتنوعها، فاذا أشرنا الى أهمية أن يلتفت السودان الى بعده الافريقي كمكون وكموجه حضاري فأثيوبيا هي الأخرى وضمن واقع سد النهضة يتطلبها هذا الواقع الجديد ان تعمل على توظيف بعدها الحضاري العربي المتمثل في تاريخها وجانب من ثقافة أهلها في مواجهة تحديات المنطقة بكسب تعاطفات عربية هي في أمس الحاجة اليها في وجه اي تغالب سواء تمثل تجاه مشروع سد النهضة الحالي أو أي سد آخر لنهضة جديدة.
7-      انشاء فرق مشتركة للفنون الشعبية والمسرح تتوطد بها العلاقة في المجالات الثقافية والاجتماعية مما يحدث المزيد من التداخل والعلائق الودية بين الشعبين.
توصيات مستقبلية:
(أ) ينبغي الدخول في مشروعات اقتصادية كبيرة مشتركة بين الدولتين كمشروع زراعي مشترك كل دولة تعطي امكانياتها، السودان بالأرض اثيوبيا بالعمالة.
(ب) مشروعات صناعية مشتركة ذات أبعاد استراتيجية كصناعة الدواء، والصناعات الغذائية كصناعة زيوت الطعام.. الخ
(ج) الاستغلال الامثل لميناء بورتسودان لتحقيق الاستفادة الكاملة لأثيوبيا من الميناء بربطه بالمناطق الشمالية لأثيوبيا عبر طرق مسفلته وخدمات مشتركة على طول الطريق.
د- بالنسبة للسودان ينبغي عليه الحرص على التحكم في تدفقات الاثيوبيين عابري الحدود والعمل على استيعابهم لمناطق خلف الحدود (خارج نطاق المدن الحدودية) حتى لا يخلق ذلك مشاكل نزاعات حدودية جديدة مستقبلا.
هـ- بالنسبة لأثيوبيا الحرص على استيعاب وخلق وجود سوداني حقيقي عبر تسهيلات في الاقامة والعمل يخدم اثيوبيا في مواجهة الظروف الإقليمية المتقلبة (الان هناك كوادر ذات ثقافة سودانية خدمت الدولة الاثيوبية في عدد من المرافق كالإعلام مثلا).
و- هناك ابعاد اخري يتوسع بها مفهوم علاقة الدولتين في المنظور المستقبلي: تتمثل في الآتي: حرص الدولتان على إبقاء الواقع السياسي (مصالح الانظمة الحاكمة) وهذا يحدث عندما يواجه احدى النظامين تحديات سياسية داخلية فيحتمي بالأخر، أو عندما يكون النظامين منبوذين من شعبيهما وحينها تحتمي الانظمة بعضها ببعض على حساب شعوبها ومصالح دولها. وفي هذه الحالة لا تمثل علاقات الانظمة حقيقة (علاقة البلدين) التي ينبغي أن تراعي مصالح الشعبين، وهنا يشكل التقارب بعدا سلبيا وربما يستغله أحد النظامين في تحقيق مكاسب على حساب الدولة الاخرى نظير حمايتها من شعبها. لمواجهة ظروف كهذه ينبغي الحرص على إنشاء وتوثيق علاقات شعوبية عبر منظمات اجتماعية وسياسية مشتركة، فهي حامي المصالح لأي من الدولتين.
إذا تسنى خلق روابط سياسية واجتماعية وثقافية مشتركة بين الشعبين يمكن للعلاقة ان ترتقي الى درجات عالية من التوافق الشعبي الذي يحمي ويحافظ على مصالح الشعبين في مختلف الظروف، كما يمكن للهيئات الشعبية المشتركة أن تكون صوتا موحدا في مواجه اي استهداف خارجي لأي من البلدين(*).


(*) الآراء الواردة تعبر عن كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المعهد المصري للدراسات

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close