المشهد العسكريعسكري

المرصد العسكري يونيو 2025

افتتاحية العدد

شهد شهر يونيو 2025 عدداً من التفاعلات المهمة على المستويين المصري والإقليمي، تصدّرتها المواجهة العسكرية التي اندلعت بين إيران وإسرائيل واستمرت لمدة 12 يوماً، والتي مثّلت الحدث الأبرز ضمن المشهد العسكري الإقليمي.

أما على المستوى الداخلي المصري، فلا تزال هناك تداعيات محتملة على الاتجاه الاستراتيجي الشرقي للبلاد، في ظل استئناف جيش الاحتلال الإسرائيلي لعملياته العسكرية في قطاع غزة، بدعم أمريكي مباشر. كما برزت خلال الشهر تطورات ملحوظة على صعيد العلاقات الخارجية للمؤسسة العسكرية المصرية، وملف التسليح، والتدريبات المشتركة، وتصاعد مظاهر عسكرة الحياة المدنية.

يغطي هذا العدد الجديد من “المرصد العسكري” هذه الملفات وغيرها، من خلال قراءة وصفية وتحليلية لأبرز المستجدات العسكرية والأمنية في مصر والمنطقة، على النحو التالي:

أولًا: التفاعلات الداخلية للجيش المصري

1-أبرز ما جاء في حركة تنقلات يونيو 2025 على مستوى القيادات وتشكيل المجلس الأعلى بعد الحركة:

لقاء السيسي صباح يوم الإثنين 30 يونيو 2025  مع وزير الدفاع الفريق أول عبد المجيد صقر، بشكل منفرد، جاء في سياق إجراء تقليدي راسخ يتم قبل الإعلان عن حركات التنقلات داخل الجيش المصري، وهذا اللقاء جاء لعرض حركة تنقلات يونيو 2025 من قبل وزير الدفاع “صقر” على السيسي لكي يعتمدها.

فمن المعروف أن الخطوة الأخيرة في إقرار حركة التنقلات هي عرضها من قبل القائد العام للقوات المسلحة (وزير الدفاع) على القائد الأعلى (رئيس الجمهورية)، وذلك لاعتمادها رسمياً والتصديق عليها، وهو ما يُفسر الطابع المنفرد لهذا اللقاء، بعيداً عن مجلس الأعلى للقوات المسلحة أو أية سياقات سياسية أو أمنية أخرى.

هذا الإجراء يأتي ضمن الإطار الدستوري والتنظيمي لإدارة شؤون القوات المسلحة، ويعكس طبيعة العلاقة المركزية في اتخاذ قرارات التعيين والإحالة والتدوير داخل المؤسسة العسكرية

وفي سياق متصل هناك تأكيدات من مصادر عليمة تشير إلى أن اللواء أركان حرب طيار عمرو عبد الرحمن صقر قد كُلّف رسمياً بمنصب قائد القوات الجوية، خلفاً للفريق محمود فؤاد. كما لوحظ حذف بيانات الفريق محمود فؤاد من صفحة قائد القوات الجوية على الموقع الرسمي لوزارة الدفاع المصرية، وأبرز ما جاء في حركة تنقلات يونيو 2025 التي أعتمدها السيسي التالي:

1-تعيين اللواء أ.ح محمد رجب مديرًا لإدارة الشؤون المعنوية، خلفًا للواء أ.ح طارق هلال.

2-تعيين اللواء أ.ح هشام شندي قائدًا لقوات شرق القناة، بدلًا من اللواء أ.ح شريف العرايشي، مع تعيين الأخير رئيسًا لهيئة التدريب، بدلًا من اللواء أ.ح أحمد محمود صفي الدين، الذي تم نقله كمستشار لرئيس الأركان.

3-تعيين اللواء أ.ح عساف قائدًا للجيش الثاني الميداني، خلفًا للواء أ.ح ممدوح جعفر.

4-تعيين اللواء أ.ح أحمد مهدي قائدًا للجيش الثالث الميداني، خلفًا للواء أ.ح هشام شندي الذي تم تعيينه قائدًا لقوات شرق القناة.

5-تعيين اللواء أ.ح أسامة داوود قائدًا لقوات حرس الحدود، خلفًا للواء أ.ح محمد جحوش، الذي تم تعيينه قائدًا للقيادة الاستراتيجية.

6-تعيين اللواء أ.ح محمد صبحي رئيسًا لهيئة التنظيم والإدارة، خلفًا للواء أ.ح أشرف شريف، الذي عُيّن مساعدًا للقائد العام.

7-تعيين الفريق أحمد الشاذلي مستشارًا للسيسي، وتعيين اللواء أ.ح خالد عبد الله رئيسًا لهيئة الشؤون المالية بدلًا منه، وبهذا ينضم إلى عضوية المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

8-استمرار اللواء أ.ح نبيل حسب الله في منصب الأمين العام لوزارة الدفاع.

9-استمرار اللواء أ.ح محمد ربيع في منصبه كرئيس لهيئة العمليات.

10-تعيين اللواء أ.ح ياسر الخطيب قائدًا للمنطقة الشمالية، خلفًا للواء أ.ح هشام حسني.

11-تعيين اللواء أ.ح أحمد العزازي مساعدًا لوزير الدفاع، وبذلك يغادر منصب رئيس الهيئة الهندسية.

12-تعيين اللواء أ.ح إبراهيم المرسي مديرًا للشرطة العسكرية.

13-تعيين اللواء أ.ح أحمد أبو شرق مديرًا لجمعية المحاربين القدماء.

14-تعيين اللواء أ.ح محمد جمال رئيسًا لأركان المنطقة الجنوبية.

15-تعيين اللواء أ.ح أيمن نعيم مساعدًا لوزير الدفاع.

تشكيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية بعد حركة تنقلات يونيو 2025 أصبح كتالي:

1-عبد الفتاح السيسي – القائد الأعلى للقوات المسلحة.

2-الفريق أول عبد المجيد صقر – وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة.

3-الفريق أحمد فتحي خليفة – رئيس أركان حرب القوات المسلحة.

4-الفريق أشرف عطوة – قائد القوات البحرية.

5-اللواء أ.ح طيار عمرو عبد الرحمن صقر – قائد القوات الجوية.

6-الفريق ياسر الطودي – قائد قوات الدفاع الجوي.

7-اللواء أ.ح شريف فكري – رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية.

8-اللواء أ.ح محمد ربيع – رئيس هيئة العمليات.

9-اللواء أ.ح عبد المعطي عبد العزيز علام – قائد المنطقة المركزية العسكرية.

10-اللواء أ.ح أسامة سمير – قائد المنطقة الجنوبية العسكرية.

11-اللواء أ.ح ياسر الخطيب – قائد المنطقة الشمالية العسكرية.

12-اللواء أ.ح حاتم زهران – قائد المنطقة الغربية العسكرية.

13-اللواء أ.ح أحمد مهدي – قائد الجيش الثالث الميداني.

14-اللواء أ.ح عساف – قائد الجيش الثاني الميداني.

15-اللواء أ.ح محمد صبحي – رئيس هيئة التنظيم والإدارة.

16-اللواء أ.ح أسامة داوود – قائد قوات حرس الحدود.

17-اللواء أ.ح محمد عدلي – رئيس هيئة التسليح.

18-اللواء أ.ح شريف العرايشي – رئيس هيئة التدريب.

19-اللواء أ.ح أحمد رضا فرغلي – رئيس هيئة شؤون الضباط.

20-اللواء أ.ح نبيل حسب الله – أمين عام وزارة الدفاع.

21-اللواء أ.ح ممدوح شاهين – مساعد وزير الدفاع للشؤون الدستورية والقانونية.

22-اللواء أ.ح حاتم الجزار – رئيس هيئة القضاء العسكري.

23-اللواء أ.ح خالد عبد الله – رئيس هيئة الشؤون المالية.

24-اللواء أ.ح محمد كمال الدين السعيد – رئيس هيئة الإمداد والتموين.

25-اللواء أ.ح هشام شندي – قائد قوات شرق القناة.

26-اللواء أ.ح محمد رجب – مدير إدارة الشؤون المعنوية.

27-اللواء أ.ح محمد جحوش – قائد القيادة الاستراتيجية.

إستراتيجية السيسي تعتمد بالأساس على سرعة التغيير والتدوير للقيادات بخلاف نهج الرئيس الأسبق حسني مبارك لإغلاق الطرق على أي مراكز قوى قد تتشكل داخل الجيش المصري، لذلك في كل حركة تنقلات يتم تغيير بعض أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وقد نص القانون العسكري الذي صدق عليه السيسي عام 2021 على تقليص مدة بقاء قادة الأفرع والهيئات في مناصبهم من4 سنوات إلى سنتين إلا في حالة مد السيسي خدمتهم بقرار جمهوري.

2-ماذا تعني دورات الأكاديمية العسكرية للهيئات المدنية والرقابية والدينية :

نظمت الأكاديمية العسكرية المصرية مراسم تخرج الدورة التدريبية الرابعة  لأعضاء هيئة الرقابة الإدارية بعد انتهاء فترة تأهيلهم. كما نظمت الأكاديمية العسكرية المصرية مراسم الاحتفال بتخرج الدورات التدريبية الخاصة بهيئات وأجهزة وزارة النقل ومصلحة الجمارك التابعة لوزارة المالية وذلك بعد انتهاء فترة تأهيلهم داخل الأكاديمية.

تعليق : 

نظمت الأكاديمية العسكرية المصرية خلال الفترة الماضية دورات تدريب وتأهيل لأعضاء من هيئات مدنية ورقابية مثل الرقابة الإدارية، وزارة النقل، الجمارك، ووزارة الأوقاف وهيئات أخرى، وهذا لا يمكن قراءته كإجراء تدريبي محايد فحسب، بل كجزء من استراتيجية أشمل لعسكرة الحياة المدنية في مصر.

هذا التوجه يُكرّس دور المؤسسة العسكرية كفاعل مهيمن يتجاوز وظيفته الدفاعية ليطال إعادة إنتاج وتأطير الكوادر المدنية والبيروقراطية وفق منطق الانضباط العسكري، وهو ما يُسهم تدريجياً في تآكل الطابع المدني لمؤسسات الدولة.

في السياق السياسي الأوسع، تنسجم هذه الخطوة مع استراتيجية السيسي القائمة على تحويل الجيش من “لاعب رئيس” إلى “الفاعل المركزي” في إدارة الدولة، بما يضمن بقاء منظومة الحكم تحت رقابة مباشرة من المؤسسة العسكرية، ويُعيد ضبط البنية الإدارية وفق أولوياتها وتصوراتها للأمن والاستقرار.

3-في ذكرى أحداث 30 يونيو “عندما يوجّه الجيش بندقيته نحو شعبه”:

في لحظاتٍ فارقة من تاريخ الشعوب، تقف الجيوش على مفترق طرق: إما أن تظل درعاً يحمي الوطن والمواطن، أو أن تنزلق إلى موقع الخصومة مع الشعب، حين يُطلَب منها قمعه بدلاً من حمايته. وفي كل مرة يقرّر فيها قادة جيشٍ ما أن يوجّهوا السلاح إلى صدور مواطنيهم، بدافع الخلافات السياسية أو الانحياز لسلطة، يُحدِث ذلك شرخاً غائراً في العلاقة بين الشعب ومؤسسة يُفترض أنها جزءٌ منه، وليست فوقه.

إن الجيوش لا تُبنَى فقط على العتاد والانضباط، بل على الثقة المتبادلة بينها وبين الشعوب. هذه الثقة تُهدم فوراً حين تُطلَق الرصاصات، لا على عدو خارجي، بل على المتظاهرين والمطالبين بحق، أو حتى المختلفين في الرأي. فبدلاً من أن تكون درعاً للوطن، تُصبح في نظر الكثيرين أداة قمع ووسيلة ترهيب، ويُسجَّل ذلك في سجل التاريخ كنقطة سوداء يصعب محوها.

التجربة التاريخية، من أمريكا اللاتينية إلى الشرق الأوسط، تؤكد أن العنف السياسي الداخلي باستخدام القوة المسلحة لا يحسم خلافاً، بل يفاقمه، ويزرع بذور الكراهية وعدم الثقة لأجيال قادمة. الجيوش التي أطلقت النار على شعوبها، خسرت احترامهم وإن طال بقاؤها في السلطة، لأن الكرامة المهدورة لا تُنسى بسهولة، والدم لا يجف من ذاكرة الأمم.

يبقى الجُرم مضاعفاً حين يكون السبب سياسياً بحتاً؛ فالأدوار الوظيفية للمؤسسة العسكرية يجب أن تبقى واضحة: حماية الحدود، السيادة، والاستقرار الوطني، لا حماية مشروعٍ سياسي أو رئيس أو سلطة مؤقتة.

لذلك، فإن الرصاصة التي تخرج من بندقية الجيش في اتجاه المواطن، لا تقتل شخصاً فقط، بل تقتل روح الانتماء والاحترام المتبادل، وتترك جرحاً في وجدان الوطن لا تداويه بيانات التبرير، ولا يُرمّمه صمت الخوف.

ثانيًا: قراءة في الحرب الإيرانية – الإسرائيلية وتطورات الحرب في غزة

بعد نحو أسبوع من التصعيد العسكري المباشر بين إيران وإسرائيل، والذي وصف بأنه الأخطر منذ عقود، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فجر 23 يونيو 2025، عن التوصل إلى اتفاق “لوقف إطلاق النار الكامل” بين الجانبين، بوساطة أمريكية–قطرية. الإعلان جاء عبر منصته”Truth Social”، مؤكداً أن كافة الأطراف وافقت على التهدئة لتجنّب اتساع رقعة المواجهة في المنطقة.

دخل الاتفاق حيّز التنفيذ يوم الثلاثاء24 يونيو 2025 عند الساعة 04:00 فجراً بتوقيت طهران. أخترق الجانب الإسرائيلي الاتفاق وقصف طهران وقالت إسرائيل أن ذلك رداً على صواريخ أُطلقت من إيران وهذا ما نفته إيران، ولكن في نهاية المطاف لم ترد إيران على الاختراق الإسرائيلي. وفي هذا الجزء سأتناول المكاسب والخسائر  للجانبين الإيراني والإسرائيلي، والدروس المستفادة للعرب من تلك المواجهة، وقراءة في الحرب المستمرة على غزة وتداعيات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران على الحرب في غزة والتأثيرات المحتملة على مصر.

أ-وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل – قراءة في المكاسب والخسائر:

أولاً: السياق العام

جاء وقف إطلاق النار بعد موجات من التصعيد العسكري المتبادل المباشر الأول من نوعه بهذا الحجم بين إيران وإسرائيل، شملت استهدافات دقيقة لمنشآت إيران النووية، وقياداتها العسكرية، إلى جانب ضربات صاروخية واسعة على قدراتها الباليستية، وهجمات إلكترونية متبادلة، وسط انخراط أمريكي مباشر وضغوط إقليمية ودولية متزايدة لاحتواء المواجهة. بناءً عليه، أتناول هنا بشكل مركز مكاسب وخسائر الجانبين الإيراني والصهيوني، بعيداً عن التهويل أو التهوين.

ثانياً: مكاسب إيران

1-إثبات القدرة على الرد متعدد الجبهات:

أظهرت طهران قدرتها على تنفيذ ضربات متزامنة ضد أهداف في عمق العدو الصهيوني، وبعض القواعد الأمريكية، مما عزز صورتها كفاعل ردعي إقليمي.

2-ضرب عمق العدو بالصواريخ والمسيّرات:

استهدفت بدقة بنى تحتية مثل الكهرباء والموانئ وبعض المنشآت العسكرية، في مناطق كانت تُعد سابقاً “خارج مدى التهديد”.

3-اختبار منظومتها الصاروخية:

أتاحت المواجهة فرصة عملية لاختبار فعالية المنظومة الصاروخية الإيرانية، التي أثبتت قدرتها على ضرب العمق الصهيوني بدقة، مع اختراق جزئي لمنظومات الدفاع الجوي.

ثالثاً: خسائر إيران

1-ضربات مباشرة على منشآت استراتيجية:

تعرّضت بعض المنشآت النووية والعسكرية لأضرار، رغم محاولة طهران احتواء الأثر إعلامياً. 

2-اختراق استخباراتي واسع:

كشفت المواجهة عن اختراق أمني كبير داخل إيران، مكّن العدو من تنفيذ ضربات دقيقة، واغتيالات، بل وإطلاق طائرات مسيّرة من داخل الأراضي الإيرانية، ما يبرز خللاً في منظومة الحماية الاستخباراتية.

3-عجز منظومات الدفاع الجوي:

أظهرت المواجهة خللاً  وضعفاً واضحاً في أداء الدفاعات الجوية الإيرانية، التي فشلت في صد هجمات جوية من طائرات إسرائيلية متطورة مثل F-35I Adir وF-15 وF-16، ما أكد تفوق العدو الجوي.

4-تعريض الأمن الداخلي للاضطراب:

شهدت إيران هجمات سيبرانية، وانقطاعات في الخدمات، وقلقاً شعبياً من اتساع نطاق الحرب.

5-استنزاف الموارد العسكرية والاقتصادية:

رغم قصر المواجهة، فقد تسببت في استنزاف الذخائر والموارد اللوجستية، في ظل استمرار الحصار الاقتصادي.

رابعاً: مكاسب “إسرائيل”

1-ضرب منشآت إيرانية حساسة:

نجح الجيش “الإسرائيلي” في تنفيذ ضربات نوعية داخل العمق الإيراني استهدفت منشآت نووية وقيادات ميدانية ومخازن ومنصات اطلاق صواريخ  باليستية تقليدية.

2-إعادة تفعيل التحالف العسكري مع واشنطن:

أسهمت الحرب في تنشيط العلاقة الأمنية والعسكرية مع الولايات المتحدة، عبر دعم استخباراتي وتشغيلي مباشر.

3-تسويق عالمي متجدد لـ”التهديد الإيراني”:

استفادت حكومة “إسرائيل” من المواجهة في كسب دعم سياسي غربي وأوروبي عبر خطاب “الحق في الدفاع ضد إيران”.

خامساً: خسائر “إسرائيل” 

1-عجز الدفاعات الجوية أمام الصواريخ الإيرانية:

كشفت المواجهة عن قصور واضح في منظومات مثل القبة الحديدية، حيتس (آرو)، ومقلاع داوود، في مواجهة صواريخ إيران الباليستية المتطورة، والتي بلغت العمق الصهيوني بدقة وكثافة. وتشير التقديرات إلى أن إيران لا تزال تحتفظ بمخزون استراتيجي من هذه الصواريخ، ما يجعل التهديد الإيراني لا يقتصر على البرنامج النووي فقط، بل يشمل قدرة صاروخية تقليدية تشكّل تهديداً مستمراً.

2-ضرب العمق الصهيوني مباشرة:

للمرة الأولى، نفذت إيران ضربات مباشرة بهذا الحجم على العمق الصهيوني، ما شكّل اختراقاً للردع التقليدي وتسبب بقلق شعبي واسع.

3-شلل جزئي في البنى التحتية:

تأثرت قطاعات حيوية كالكهرباء والمطارات والمرافئ والنقل بشلل نسبي لعدة أيام.

4-أزمة ثقة داخلية:

تراجعت ثقة الجمهور الإسرائيلي بمنظومة الحماية، وظهر تصدع في صورة “الجيش الذي لا يُقهر”.

سادساً: تقدير ختامي

وقف إطلاق النار لا يعني نهاية المعركة، بل يمثل وقفة تعبوية مؤقتة لإعادة التموضع الاستراتيجي من الجانبين. إيران نجحت في فرض معادلة “الرد من العمق”، لكنها تكبّدت خسائر كبرى على صعيد الاستخبارات والدفاع الجوي. من المتوقع أن تتجه طهران نحو تعزيز قدراتها الدفاعية عبر طلب أنظمة متقدمة من روسيا والصين، بدلاً من الاعتماد على صناعاتها المحلية التي أظهرت ضعفاً واضحاً. كما ستسعى لإعادة هيكلة أجهزتها الأمنية والاستخباراتية لمواجهة الاختراقات.

أما الجيش الصهيوني، فرغم احتفاظه بالتفوق الجوي، فقد انكشفت هشاشة منظوماته الدفاعية أمام وابل الصواريخ الإيرانية. وسيعمل على تطوير قدراته الدفاعية ورفع كفاءة الاستجابة للمواجهات القادمة.

ب-الصواريخ الباليستية: ضرورة استراتيجية لتعديل معادلة الردع مع الكيان الصهيوني: (من دروس المستفادة من المواجهة بين إيران وإسرائيل)

لطالما كان التفوق الجوي الصهيوني محوراً رئيسياً في منظومة الردع والهجوم لدى جيش العدو، وهو تفوق نسبي كرّسته عقود من الدعم الغربي، وتفوق نوعي في مجال المقاتلات، والقيادة والسيطرة، والتسليح الذكي. غير أن الحرب الإيرانية-الصهيونية الأخيرة كشفت خللاً بنيوياً خطيراً في العقيدة الدفاعية الصهيونية، لا سيما في قدرة منظومات الدفاع الجوي على التصدي للموجات الكثيفة من الصواريخ الباليستية متباينة المدى والرؤوس، والتي استُخدمت في ضرب عمق الجبهة الداخلية للعدو، بما في ذلك أهداف عسكرية استراتيجية.

الدرس العملياتي: لا تفوق جوي مطلق أمام الإغراق الصاروخي:

لقد بيّنت المواجهة الأخيرة أن منظومات الدفاع الجوي الصهيونية – رغم تطورها – تعاني عند التعامل مع هجمات مشبعة (Saturation Attacks)، خصوصاً عند تنسيق إطلاق الصواريخ الباليستية المتطورة مع طائرات مسيّرة وصواريخ كروز في توقيت واحد. هذا يعني أن أي جيش في الجوار الجغرافي المباشر للكيان الصهيوني، لا يمكنه أن يوازن المعادلة عبر سلاح الجو وحده، مهما بلغت قوته أو حداثته، نظراً لأن العدو الصهيوني سبق الجميع في هذا المجال بمراحل، وتتكامل لديه التكنولوجيا الأمريكية مع قدرات الاستخبارات والتسليح المحلي.

التحدي العربي: فجوة صاروخية لا جوية فقط:

تعتمد العديد من الجيوش العربية – لا سيما في الدول المجاورة لفلسطين المحتلة – على الطائرات المقاتلة كسلاح الردع والهجوم الأول، مدعومةً بشبكات دفاع جوي متعددة الطبقات، لكن يظل العنصر الغائب أو الضعيف هو القدرات الصاروخية الهجومية، سواء الباليستية أو الكروز، وهو عنصر بات اليوم ضرورة لا ترفاً.

التحول المطلوب: صيغة هجومية مزدوجة:

من منظور استراتيجي بحت، فإن التحول التدريجي نحو امتلاك قدرة هجومية صاروخية فعالة – إلى جانب الطيران الحربي – بات ضرورة قومية وعسكرية للجيوش العربية. ويشمل ذلك:

1-امتلاك صواريخ باليستية متوسطة وبعيدة المدى بدقة عالية، ورؤوس تقليدية قادرة على إحداث تأثير استراتيجي على مراكز القيادة، المطارات، القواعد الجوية، ومنظومات الدفاع الصهيونية.

2-تطوير صواريخ كروز هجومية أرضية أو جوية الإطلاق، بما يعزز من مرونة الخيارات التكتيكية والاستراتيجية.

3-تحقيق استقلالية في التوجيه والرصد والاستخبارات، إذ لا فاعلية لضرب العمق دون بنية معلوماتية دقيقة تدعم عمليات الاستهداف.

مزايا العقيدة الصاروخية الهجومية:

1-تنفيذ هجمات إغراقية ترهق الدفاع الجوي المعادي.

2-تحقيق الردع من خلف الخطوط دون الزج بالطيران المقاتل في مواجهة مباشرة والحفاظ على المقاتلات والطيارين من مخاطر المواجهة المباشرة.

3-خفض الاعتماد على قواعد جوية مكشوفة ومهددة بضربات استباقية.

4-رفع كلفة الحرب على العدو سياسياً وعسكرياً من خلال تهديد عمقه الاستراتيجي.

خاتمة وتوصية استراتيجية: لقد أثبتت الحروب الحديثة أن زمن الاقتصار على سلاح واحد قد انتهى. والتفوق الصهيوني في الجو لا يعني مناعة في الأرض. وعلى الجيوش العربية، خاصة القريبة جغرافياً من فلسطين المحتلة “وتحديداً الجيش المصري”، أن تبني عقيدة ردع مزدوجة: تعتمد على الطيران لضربات دقيقة عند الحاجة، وعلى قوة صاروخية ضاربة تُكمل المعركة من بعيد، وتُحبط أي مغامرة عسكرية قبل أن تبدأ.

وكما بنت إيران قدراتها الصاروخية داخلياً رغم العقوبات، فإن الباب مفتوح أمام العرب لبناء مشروعات إنتاج صاروخي سيادي، أو عبر شراكات ذكية، لأن معركة المستقبل ستكون لمن يملك السماء… ويضرب من الأرض.

ومن الدروس المستفادة أيضاً : (الدرس الحاسم من معارك العصر – لا ردع دون حماية):

في خضم التحولات الجيوسياسية المتسارعة، تتكشف أمامنا دروسٌ كبرى تُستخلص من ساحات الصراع والمواجهة، خصوصاً في تلك المناطق التي تسعى فيها بعض الدول إلى فرض سيادتها أو امتلاك أدوات الردع السيادي في وجه قوى الهيمنة. ومن بين هذه الدروس، يبرز درس مركزي وحاسم: لا جدوى من امتلاك القوة دون غطاء دفاعي صلب يحميها.

لقد أثبتت التجارب الحديثة، في الشرق الأوسط وخارجه والعدوان الإسرائيلي-الأمريكي الأخير  على إيران دليل واضح على ذلك، أن البدء في أي برنامج عسكري تقليدي متطور – أو حتى برنامج نووي ردعي مشروع – دون وجود منظومة دفاع جوي متقدمة قادرة على تأمين تلك القدرات من الاستهداف، يُعد مخاطرة استراتيجية جسيمة. فالخصوم، لاسيما من يمتلكون القوة النووية بلا رقابة أو مساءلة، لن يسمحوا بنهوض قوة موازية بسهولة، بل سيسعون لإجهاضها في مهدها.

إن التاريخ العسكري، القريب والبعيد، يزخر بالأمثلة التي تؤكد هذه القاعدة: كثير من الدول التي طمحت لبناء قدرات ردعية دون أن تؤمّن مظلتها الدفاعية، وجدت نفسها ضحية لضربات استباقية أو هجمات مركزة دمّرت تلك القدرات قبل أن تكتمل أو تخرج للعلن.

لذلك، يجب أن يكون أول بند في عقيدة أي دولة تسعى إلى تعزيز سيادتها أو الارتقاء إلى مصاف اللاعبين الكبار هو: الاستثمار أولاً في الدفاعات الجوية والتقنيات السيبرانية ومظلات الحماية المتكاملة، قبل المضي في تطوير أدوات الردع الهجومية (التقليدية أو النووية). فلا قيمة للصاروخ إن لم تكن هناك قدرة على حمايته، ولا جدوى من مفاعل نووي إذا كان مكشوفاً أمام الطائرات الشبحية المتطورة والمسيّرة أو الاختراقات السيبرانية.

الخلاصة:

القوة ليست في امتلاك سلاح متطور فقط، بل في امتلاك القدرة على الحفاظ عليه. ومن أراد أن يُحسب بين الكبار، عليه أن يتقن فن الحماية أولاً، قبل امتلاك أدوات الردع. فالهجوم يبدأ من الدفاع، ومن لا يُحصّن نفسه، قد يُجبر على التراجع مهما بلغت قوة أحلامه.

ج-التداعيات على غزة بعد توقف الحرب بين إيران وإسرائيل:

بعد توقف الحرب بين إيران وإسرائيل، والتي أستمرت لمدة 12 يوما، عاد الإسرائيلي ليركز فقط على جبهة غزة ، الإسرائيلي رأى أن ما فعله بإيران في المواجهة الأخيرة انتصار يجب استثماره لتحقيق نصر مواز في غزة يفرض من خلاله أمر  واقع ويحقق أهدافه بالسيطرة المطلقة على غزة  او عن طريق وكلاءه وحلفائه في المنطقة، والقضاء على حركة حماس والمقاومة الفلسطينية، وقد يستطيع تهجير الفلسطينيين إلى مصر أو عبر مصر. الدعم المطلق الأمريكي للحكومة الإسرائيلية سيشجعها على أخذ خطوات أكثر صرامة في الجانب العسكري لكي تحقق أهدافها.

السيناريوهات المحتملة

السيناريو الأول: عملية عسكرية شاملة في غزة

تستثمر إسرائيل “انتصارها” على إيران لتبرير عملية تطهير واسعة في غزة ، وبقرءاة الداخل الإسرائيلي فرئيس حكومة الكيان وداعميه الرئيسيين (بن غفير وبتسلئيل سموتريتش) يريدون المضي قدماً في ذلك السيناريو.

الهدف: القضاء على البنية التحتية للمقاومة، وإخضاع القطاع لحكم مركزي بديل.

السيناريو الثاني: تهجير منظم عبر الضغط المعيشي والعمليات

استمرار التدمير البطيء للقدرة الحياتية داخل غزة.

تسويق “الخروج إلى سيناء” كمخرج إنساني، عبر قنوات دولية.

السيناريو الثالث: حل سياسي شكلي عبر أطراف إقليمية

يروج كـ “حل انتقال سلمي” في غزة، لكنه يمهد فعلياً لإقصاء المقاومة وتقويض البيئة الحاضنة لها. بعد قوى المعارضة الإسرائيلية تدعو للسير قدماً في ذلك السيناريو الذي يقول البعض أنه مدعوم أمريكياً (راجع خطة درع إبراهيم)

د-أثر التصعيد الإسرائيلي المتوقع على جبهة غزة بعد انتهاء الحرب مع إيران سيكون بالغ الحساسية على مصر، من النواحي الأمنية والسياسية والديموغرافية. ومن أثار  تلك التداعيات المحتملة على مصر :

أولاً: أثر أمني مباشر

1-تهديد الاستقرار في شمال سيناء

2-أي محاولة إسرائيلية لدفع الفلسطينيين نحو معبر رفح أو الأراضي المصرية، حتى ضمنياً، سيعيد إشعال سيناريوهات عدم الاستقرار في المنطقة الحدودية.

3-قد تستغل الجماعات المسلحة أو المهربين هذه الفوضى لتوسيع نشاطها.

4-زيادة الضغط على المعابر والحدود.

5-احتمالية حدوث نزوح جماعي مؤقت أو دائم ستضع الأجهزة الأمنية المصرية أمام معضلة إدارة الحدود بين البُعد الإنساني والسيادي.

ثانياً: أثر سياسي ودبلوماسي

1-ضغط إسرائيلي – دولي على مصر: قد تُمارَس ضغوط من واشنطن أو أطراف أوروبية لفتح الحدود أو لعب دور في “إدارة غزة ما بعد حماس”، وهو ما يمثل فخاً استراتيجياً يضع مصر بين نار التورط المباشر واتهامات التخلي.

2-تشويه الدور المصري التاريخي في الملف الفلسطيني: في حال صمتت القاهرة أو بدت مسايرة، قد يُفهم ذلك بأنها تقبل بتفريغ غزة أو المشاركة في مخطط تغيير الوضع القائم.

ثالثاً: أثر استراتيجي طويل الأمد

1-تهديد الأمن القومي المصري: وجود كيان منزوع المقاومة على حدود مصر أو تحت سيطرة وكلاء إقليميين قد يُفقد مصر ورقة تأثيرها في الملف الفلسطيني، ويُضعف موقعها في التوازنات الإقليمية.

2-تغيير ديموغرافي خطر: أي تهجير للفلسطينيين إلى سيناء، حتى لو مؤقت، سيكون سابقة خطيرة لا يمكن التراجع عنها بسهولة، ويهدد الهوية الوطنية والسيادة وضياع القضية الفلسطينية بمشاركة مصرية

رابعاً: الخيارات المصرية الممكنة

1-رفض مطلق لأي مشروع تهجير أو إعادة تموضع للفلسطينيين.

2-التمسك بأن الحل الوحيد هو إنهاء الاحتلال وليس تغيير الواقع في غزة.

3-تصعيد دبلوماسي حاد إذا استغلت إسرائيل وقف إطلاق النار مع إيران للتمدد في غزة لإجبار أهل غزة على النزوح لمصر.

4-رفع الجاهزية الأمنية في رفح والعريش وانتشار أوسع للجيش المصري وبشكل مكثف في كامل مناطق سيناء (أ،ب،ج)، فبعد أن نزح الفلسطينيون لجنوب غزة المتاخم للحدود المصرية نظراً لوجود نقاط توزيع المساعدات هناك وإذا قرر الإسرائيلي أن يقوم بحملة أوسع نطاقاً في تلك المناطق فقد يندفع أهل غزة المعطّشون والمجوّعون إلى الأراضي المصرية.

الخلاصة: من وجهة نظرنا فإن التوصل إلى اتفاق سياسي بين حماس وإسرائيل يُعد أمراً مستبعداً في المرحلة الحالية، إسرائيل تريد القضاء التام على حماس وسلاح المقاومة، وحماس لن تسمح بالاقتراب إلى سلاح المقاومة في أي عملية تفاوضيه، نتنياهو  يريد استمرار الحرب لتحقيق أهدافه المعلنة كاملة، ومن زاوية أخرى لكي يحافظ على منصبه ومستقبله وتاريخه السياسي الذي سيفقده عند خروجه من السلطة،  وعليه قد تستمر الحرب بل وربما نشهد موجات أعنف من المواجهات المسلحة خلال المرحلة القريبة القادمة، الأمر الذي سيزيد من معاناة أهل غزة المعطّشين والمجوّعين بشكل أكبر.

بالذكر جدير ان مصر  كانت قد رفعت من جاهزية قواتها المسلحة إلى حالة التأهب القصوى، ونفذت مناورات شاملة لاختبار أنظمة الدفاع الجوي في جميع أنحاء البلاد، مباشرة مع بداية الحرب بين إسرائيل وإيران، بحسب ما أفادت مصادر لصحيفة The National. وأشارت المصادر إلى أن جميع وحدات القتال في الجيش المصري وُضعت في حالة تأهب مرتفعة على مستوى الجمهورية، في حين تلقت القوات المنتشرة في سيناء أوامر برفع حالة التأهب إلى أقصاها.

وجاءت هذه الأوامر بعد بدء الحرب بين إسرائيل وإيران يوم الجمعة 13 يونيو 2025،  ووفق المصادر، فإن اختبار منظومات الدفاع الجوي في مصر شمل تقريباً جميع محافظات البلاد الـ27. وقال أحد المصادر: “التمرين صُمم للكشف عن أي ثغرات في تغطية الدفاعات الجوية على مستوى الجمهورية”، مشيراً إلى أن المناورات تركت “حطاماً” متناثراً في عدد كبير من المناطق، دون تقديم تفاصيل إضافية.

ه- بخصوص المعارك في غزة

1-على الجانب الإسرائيلي : ما زال الجيش الإسرائيلي يستخدم المنطق العسكري بسياسة (الضغط القصوى) في كافة أنحاء القطاع مستخدماً كافة وحداته البرية في العمليات داخل القطاع، وأضاف إي هذا وحداث محلية (مليشيات أبوشباب) لتنفيذ مهام عسكرية وأمنية داخل القطاع. يسعى الإسرائيلي إلى القضاء على المقاومة والسيطرة على القطاع وتهجير الفلسطينيين في قطاع غزة عن طريق هندسة المجاعة ونشر الفوضى في غزة مستخدماً أدوات محلية وأذرع أمنية تابعة له. عصام النباهين، الذي تشير التقارير إلى تورطه في التعاون مع تنظيم “ولاية سيناء” في سيناء، يُعد أحد أبرز عناصر المجموعة التي يقودها ياسر أبو شباب، التي تنفذ خطط الجانب الإسرائيلي، وتشير مؤشرات متعددة إلى أن الإسرائيلي كان له دور مباشر أو غير مباشر في تفاقم الوضع الأمني في سيناء على مدار سنوات.

إلزام الجيش الإسرائيلي بنشر نِقَاط توزيع المساعدات في جَنُوب القطاع على الحدود المصرية يأتي ضمن خُطَّة مدروسة، الإسرائيلي والأمريكي يتحركون بخطط مدروسة، الأمريكي والإسرائيلي بقراءة تكتيكاتهم العملياتية فهي مقروءة من بدايتها لتحقيق هدف التهجير، وضع نِقَاط توزيع المساعدات بجنوب غزة يعني نزوح الفلسطينيين وتجميعهم على حدود مصر كخطوة قبل نهائية لتهجير الفلسطينيين إلى مصر وعبر مصر إلى دول أخرى، الجيش المصري سيكون أمام خيارين (مواجهة أو رضوخ). والصور والفيديوهات التي تخرج في الإعلام توضح مدى معاناة أهل غزة وأن ذلك الشعب المنهك إذا فتح له طريق للنجاة من العطش والجوع قد يفكر بشكل جدي في الخروج هرباً من ذلك الجحيم.

2-على جانب المقاومة: تواصل المقاومة إدارة العمليات القتالية ضد عناصر ومعدات الجيش الصهيوني بكفاءة، معتمدة على تكتيكات القنص والكمائن النوعية المركبة في نقاط مختلفة (شمالاً، وسطاً، جنوباً) وتوقع العديد من القتلى والمصابين في صفوف عناصر الجيش الصهيوني، ما يُعد نموذجاً استثنائياً لحرب العصابات تحت الحصار والضغط الجوي، هذا يُصنَّف إنجاز عسكري فذ. سلاح المقاومة الإستراتيجي هو سلاح الأنفاق الذي عن طريقه تصنع المقاومة أسلحتها وتباغت المقاومة من خلاله جيش العدو، وعجز العدو بل وفشل في حل شفرة تلك الأنفاق المعقدة.

ما زالت جبهة اليمن مستمرة في عملياتها المتقدمة، صاروخ واحد من اليمن حتى وإن لم يصب هدفاً إصابة مباشرة ، يدخل ملايين الصهاينة إلى الملاجئ وتضطرب الملاحة الجوية، وبالرغم من القبة الحديدية والمنظومات الدفاعية الأخرى للعدو بالإضافة إلى بطاريات ثاد الأمريكية التي تحمي الكيان يهرول ملايين الصهاينة إلى الملاجئ مما يشير إلى فقد ثقة شعب الكيان ومؤسساته من أنظمة حمايتهم، جبهة اليمن تحقق العديد من الأهداف.

محاولات التمركز التي زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي أن حزب الله يقوم بها — والتي على إثرها نفّذ الجيش الإسرائيلي عدة غارات داخل الأراضي اللبنانية (إن صحت هذه المزاعم) وتم ربطها بتصريح الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، الذي أكد فيه أن الحرب لم تنتهِ بعد، لأن العدو لم يلتزم بالاتفاق السياسي. هذا الربط قد يشير إلى أن حزب الله قد يستعد لخوض مسارات ميدانية أو سياسية جديدة. ما تفعله إسرائيل في لبنان حالياً  من وجهة نظرنا خطة متكاملة تهدف في نهايتها إلى القضاء على حزب الله، هذا العدو التوسعي الذي يحتل أراضي لبنانية، يسعى إلى رسم خارطة جديدة وفرض أمر واقع على لبنان ومن هنا يتوجب على لبنان  كمقاومة في المقام الأول أن تعيد تقييم مواقفها واستراتيجياتها. 

في الصراع بين “محور المقاومة” وإسرائيل في بداية حرب طوفان الأقصى فتعدد جبهات القتال أحدث لإسرائيل معضلة استراتيجية كبرى، تعدد جبهات القتال أمر  دائماً يشتت غرفة عمليات الجيش الإسرائيلي على مدار حروبه ومواجهاته، تعدد الجبهات قلصت قدرت إسرائيل على الحسم، توقف جبهة لبنان جعلت الجيش الإسرائيلي يركز على جبهة واحدة، فشل مخططات إسرائيل من واقع قراءتنا مرتبط بتعدد جبهات القتال.

و-قراءة لقدرات العنصر المقاتل في الجيش الإسرائيلي:

من رؤية تحليلية للعنصر المقاتل العامل في الجيش الصهيوني، “فإسرائيل” منذ احتلالها للأراضي العربية دخلت في حروب ومواجهات برية مباشرة مع الجيوش العربية ولكن توقفت تلك الحروب النظامية منذ السبعينات بعد إبرامها اتفاقيات سلام ووقف لإطلاق النيران مع مصر  والأردن وسوريا. ومنذ ذلك الحين يدخل الصهيوني في مواجهات مباشرة برية مع حركات مقاومة (حروب عصابات) على جبهتي فلسطين ولبنان. 

من أهم المعايير التي يجب أن تؤخذ في الحسبان عند تقييم المعارك والحروب معيار القوة ومعيار القدرات والإمكانات وطبيعة الأطراف المتحاربة، فالجيش الصهيوني في أواخر مواجهاته  وصولاً لحرب حرب طوفان الأقصى 2023 والمستمرة إلى الان يواجه حركات مقاومة التي تندرج تحت مفهوم حركات التحرر الوطني وليست جيوش نظامية كما كان الوضع في عام 73، حيث للجيوش النظامية إمكانات وقدرات وتخوض الحروب بأشكال معينة، ولدى حركات المقاومة إمكانات وقدرات وتخوض المعارك بإستراتيجيات مختلفة من ضمنها اتباع إستراتيجية حرب العصابات، وتُعد وتُجهز حركات المقاومة نفسها وتُدرب عناصرها طبقاً للمتاح أمامها. 

ومن قراءة المواجهات التي اندلعت بين المقاومة في غزة وعلى جبهة جَنُوب لبنان من ناحية موضوعية، ومن خلال قراءة إمكانات وقدرات الجيش الصهيوني على مستوى الفرد المقاتل فقد حدثت لقواته طفرة وتطور على مستوى التسليح وتجهيز الفرد المقاتل ولكن الذي يبدو واضحاً أن العنصر المقاتل العامل في الجيش الصهيوني يُعاني في المواجهات المباشرة بالرغم من تسليحه المتطور وأجهزة الحماية للأفراد المتطورة.

 والسبب الرئيس في هذا هو طبيعة الجندي الإسرائيلي الذي يخشى من المواجهة المباشرة . ومن خلال قراءة الحرب “التي زالت دائرة  إلى الآن” في قطاع غزة والتي جرت في جنوب لبنان يظهر كم الخسائر الكبيرة في عناصر الجيش الإسرائيلي بالرغم من تسليح عنصره المُقاتل بكافة التجهيزات العسكرية الحديثة. وهناك بعد ديني في تلك المسألة وكما ورد في القرآن الكريم (لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ). 

عمل الجيش الصهيوني على سد ذلك الخلل المستمر بالاهتمام بالفرع الجوي وزرع العملاء على الأرض لكي يكون له التفوق الجوي من ناحية ومن ناحية أخرى لكشف مواقع المقاومة والمقاومون لقصفها قبل تقدم القوات، لكي يمهد الأرض لتقدم قواته على الأرض أثناء الحروب بأقل قدر من المواجهات المباشرة، لكن بالرغم من تفوق الصهاينة الجوي والأحزمة النيرانية التي نفذها الجيش الصهيوني بالقصف الجوي  والمدفعي للتمهيد لتقدم قواته أثبتت جبهة غزة المشتعلة أن تفوق “إسرائيل” الجوي لم يمكنها من تقليل خسائرها البشرية على الأرض وما زال عنصر  جيش العدو الصهيوني المقاتل يعاني في المواجهات المباشرة ويظهر مدى تراجع  إمكاناته القتالية، فجبهة غزة أوقعت العديد من القتلى والمصابين في صفوف الجيش الصهيوني. ما تعرضه المقاومة في غزة باستمرار  من مشاهد لاشتباكات بين عناصرها والعناصر المقاتلة للجيش الصهيوني أوضح تراجع قدرات فرد العدو المقاتل على المستويين العسكري والنفسي، حيث كانت ولا زالت ثغرة العدو  في عناصره أثناء القتال المباشر.

ي-عقيدة المقاتل الفلسطيني: دافع الصمود والفاعلية القتالية

رغم الدمار الهائل وسقوط آلاف الشهداء بفعل آلة الحرب الصهيونية، لا تزال فصائل المقاومة في غزة تواصل القتال بثبات، مدفوعةً بـعقيدة راسخة تعتبر المقاومة واجباً وجودياً لا يمكن التراجع عنه. هذه العقيدة هي المحرك الأساسي لاستمراريتهم، وهي التي تمنحهم القدرة على الصمود والمواجهة في أصعب الظروف الميدانية.

لقد خاضت غزة خلال السنوات السبع عشرة الماضية أربع حروب كبرى، إلى جانب سلسلة من الاعتداءات العسكرية المتكررة، ما وفّر للمقاومة بيئة واقعية للتعلم والتأهيل القتالي. فكل مواجهة كانت بمثابة فرصة لتصحيح الأخطاء، وسد الثغرات، وتطوير الإمكانات البشرية والتقنية.

هذه الخبرات الميدانية المتراكمة ساهمت في:

تعزيز جاهزية المقاتلين للعمل في بيئات عملياتية معقدة.

رفع كفاءة التنظيم والانضباط القتالي داخل الفصائل.

كسر حاجز الرهبة في مواجهة جيش أشيع أنه من أقوى الجيوش تقنياً وتسليحياً في المنطقة.

بذلك، تحوّلت معاناة غزة إلى مدرسة قتالية واقعية خرّجت أجيالاً جديدة من المقاتلين، لا يهابون الموت، بل يملكون من الإيمان والتجربة ما يجعلهم أكثر تصميماً على الاستمرار.

ثالثًا: تطورات أوضاع المثلث الحدود (مصر-ليبيا-السودان)

 نقلت قناة الحدث الإخبارية عبر حسابها على منصة إكس عدة تصريحات منسوبة إلى قائد ميليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ  “حميدتي” وقال حميدتي في تصريحاته أن  الدعم العسكري المصري القوي للجيش السوداني مازال مستمرا. وقال حميدتي أن الحرس الثوري الإيراني أيضاً يدعم قوات الجيش السوداني.

في مقطع فيديو نُشر على منصة إكس زعم حميدتي أن “الدعم العسكري المصري لا يزال مستمراً”، موضحاً أن “ثماني طائرات وصلت من الجانب المصري—هبطت طائرتان في موقع، وواحدة في موقع آخر، وخمس في موقع ثالث.” وأضاف أن قواته على دراية بـ ”جميع التفاصيل، بما في ذلك أوقات وصول الطائرات”، مؤكداً أن “جميعها تم تدميرها خلال دقائق.”، كما أشار حميدتي إلى أن الجيش السوداني تلقى دعماً عبر الطائرات المسيّرة من جهة لم يكشف عنها، دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل.

من جانبه اتهم الجيش السوداني، قوات تابعة لخليفة حفتر الليبية، بالمشاركة مع «قوات الدعم السريع»، في هجوم على منطقة حدودية واقعة قرب الحدود مع ليبيا ومصر، بغرض الاستيلاء عليها، وعد الخطوة «عدواناً سافراً على السودان وأرضه وشعبه» حسب ما جاء في بيان صادر من مكتب الناطق الرسمي للجيش السوداني.

وقال البيان إن «التدخل المباشر لقوات خليفة حفتر (كتيبة السلفية) إلى جانب (قوات الدعم السريع) في هذه الحرب يعتبر تعدياً سافراً على السودان وأرضه وشعبه، وامتداداً للمؤامرة الدولية والإقليمية على بلادنا تحت سمع وبصر العالم ومنظماته الدولية والإقليمية». وأضاف: «نؤكد أن السودان شعباً وجيشاً سيتصدى بقوة لهذا العدوان السافر وسندافع عن بلدنا وسيادتنا الوطنية».

من جانبها، أعلنت «قوات الدعم السريع» السيطرة على منطقة جبلية استراتيجية قرب الحدود السودانية الليبية، كانت تسيطر عليها القوات المشتركة (حركات مسلحة تقاتل إلى جانب الجيش السوداني)، وذلك ضمن عمليات القتال التي تدور في الصحراء قرب الحدود الليبية السودانية المصرية. وبث جنود من «قوات الدعم السريع» مقاطع فيديو تحدثوا فيها عن سيطرتهم على منطقة «جبل كسو»، التي تقع قرب الحدود المشتركة بين السودان وليبيا ومصر، وقالوا إنهم استعادوا المنطقة بعد أن طرد القوات الموالية للجيش، حتى جبل عوينات الشهير، بعد أن فرت من المنطقة.

وفي فيديو  انتشر على منصة أكس أظهر أحد القادة الميدانيين في مليشيا الدعم السريع وهو يعلن وصول قواتهم إلى الحدود المصرية، ويأمر العناصر بالعودة إلى داخل السودان، ويسمع في الفيديو أحد الجنود القاصرين يقول: “خشيتو مصر والله مصر”.

وقالت قوات الدعم السريع إنها سيطرت على منطقة المثلث الحدودي مع مصر وليبيا، ومن جانبه أعلن الجيش السوداني أن قواته أخلت منطقة المثلث الحدودي مع مصر وليبيا. وأوضح في بيان مقتضب، يوم الأربعاء 11 يونيو 2025، أن هذا التحرك أتى “في إطار ترتيبات دفاعية لصد العدوان”، وفق تعبيره.

تعليق:

المثلث الحدودي الذي أعلنت مليشيات الدعم السريع السيطرة عليه أمر شديد الخطورة على الأمن القومي المصري يقع المثلث شمال مدينة الفاشر وهو نقطة التقاء حدودية بين ثلاث دول: السودان، ليبيَا، ومصر استخدم تاريخياً لأغراض تهريب الأسلحة والمسلحين والهجرة غير الشرعية، سيطرة مليشيات الدعم السريع عليه تُضخم المخاطر الأمنية على مصر وخصوصاً في مِلَفّ تدفق المقاتلين والمهربين. ومن العجيب ان ذلك الأمر لم يقابل بأي شكل سياسي أو عسكري من الجانب المصري إلي وقت صدور التقرير. وجدير بالذكر ووفق ما هو معلن فمصر تدعم الجيش السوداني بقيادة البرهان.

بالإشارة جدير  ان دولة الإمارات “حليفة السيسي” التي تدعم مليشيات الدعم السريع  وتدعم مليشيات حفتر المسيطرون على حدود دول جوار مصر (السودان وليبيا العمق الإستراتيجي لمصر ونقاط التماس) أيضاً تدعم عصابات أبو شباب الذي ينفذ خطط الإسرائيلي في غزة، أيضاً أصبحت “تستثمر” في مواقع ومناطق استراتيجية داخل مصر. مما قد يشير ان أهداف دولة الإمارات متعارضًة مع مضمون الأمن القومي المصري.

رابعًا: العلاقات الخارجية للمؤسسة العسكرية:

1- استنفار مصري في مواجهة تحركات إثيوبية مدعومة من روسيا لتأسيس قوة بحرية

 في تطوّر لافت على الساحة الإقليمية، كشفت تقارير استخباراتية حديثة عن تنامي التعاون العسكري بين روسيا وإثيوبيا، وتحديداً في المجال البحري، ما أثار قلقاً في الدوائر الاستراتيجية المصرية وسط مؤشرات على تحركات غير مسبوقة من قبل الجيش المصري لمواجهة أي تهديدات محتملة.

وبحسب معهد “لينسينغ” الأمريكي، فقد تم اعتراض اتصالات استخباراتية بين مسؤولين عسكريين روس وإثيوبيين تؤكد سعي إثيوبيا، بدعم روسي مباشر، لتأسيس قوة بحرية فعلية، على الرغم من كونها دولة حبيسة. ويأتي هذا التطور ضمن رؤية رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لإنشاء أسطول بحري وطني، في إطار طموح استراتيجي يهدف إلى تأمين منفذ بحري دائم لبلاده على البحر الأحمر.

ووفقاً للتقارير، فقد وقع رئيس أركان الجيش الإثيوبي مؤخراً اتفاقية تعاون مع نائب وزير الدفاع الروسي، تقضي بدعم موسكو لإثيوبيا في مجالات التدريب والتجهيز البحري، تشمل تدريب ما بين 50 إلى 500 ضابط إثيوبي في المرحلة الأولى، دون أن يُحسم بعد ما إذا كان التدريب سيتم داخل روسيا أو في إثيوبيا.

وفي سياق متصل وفي تحذير هو الأشد من نوعه، حذّر كبير قادة الجيش الإثيوبي من “تهديد أمني متصاعد” ناتج عن الوجود العسكري المصري في الصومال، في تصريحات فُسّرت على نطاق واسع بأنها رد على تنامي الانخراط العسكري والدبلوماسي للقاهرة في مقديشو.

وفي إفادة للبرلمان الإثيوبي في أديس أبابا خلال عطلة نهاية الأسبوع، قال المشير برهانو جولا، رئيس هيئة أركان قوات الدفاع الوطني الإثيوبية، إن “قوات أجنبية داخل الصومال” تعمل تحت غطاء التعاون، لكنها تحمل “نوايا استراتيجية” قد تزعزع استقرار إثيوبيا.

ونقل موقع “هيران” الصومالي عن برهانو قوله: “التهديد حقيقي. هناك قوات أجنبية داخل الصومال، ونواياها الاستراتيجية تثير قلقاً بالغاً بالنسبة لأمن إثيوبيا.”

ورغم أن برهانو لم يذكر مصر بالاسم، فإن تصريحاته تأتي بعد تقارير مؤكدة أفادت بأن القاهرة وقّعت اتفاقية تعاون عسكري مع الصومال في أغسطس 2024، تتضمن نشر ما يصل إلى 10 آلاف جندي مصري — نصفهم تقريباً تحت مظلة بعثة الاتحاد الإفريقي (AUSSOM)، والبقية ضمن اتفاق ثنائي مباشر، إضافة إلى بنود تتعلق بنقل الأسلحة.

مخاوف من تطويق استراتيجي

وترى أديس أبابا في هذا الترتيب العسكري بوادر تطويق استراتيجي محتمل، خصوصاً في ظل التوترات المزمنة مع مصر بشأن سد النهضة الإثيوبي الكبير، وفي هذا السياق، قال برهانو: “وجودنا في الصومال كان دوماً بهدف دعم السلام ومكافحة الإرهاب، لكن البيئة الإقليمية تتغير، وعلينا إعادة تقييم ما يخدم مصلحتنا الوطنية.”

ويُعد توقيت الاتفاق المصري لافتاً، إذ جاء بعد أشهر فقط من توقيع إثيوبيا مذكرة تفاهم مثيرة للجدل مع إقليم أرض الصومال في يناير 2024، حصلت بموجبها على منفذ بحري على البحر الأحمر مقابل احتمال الاعتراف بالإقليم — وهي خطوة رفضتها الحكومة الفيدرالية الصومالية بشدة ووصفتها بأنها انتهاك لسيادتها.

ورغم جهود الوساطة التي قادتها تركيا لتهدئة التوتر بين مقديشو وأديس أبابا، فإن إثيوبيا لم تتراجع عن الاتفاق، فيما تواصل حكومة أرض الصومال الدفاع عنه باعتباره اتفاقاً مشروعاً.

من جانبها، دافعت الحكومة الصومالية عن شراكتها مع مصر، معتبرة أنها جزء من جهود إعادة بناء الجيش الوطني وتعزيز التعاون الإقليمي. وأكد مسؤولون صوماليون أن مشاركة مصر في بعثة AUSSOM تمت بموافقة الاتحاد الإفريقي، ولا تشكل تهديداً للدول المجاورة.

2-مصر توجه رسالة حول بناء قواعد عسكرية في البحر الأحمر:

أعلن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أن مصر ترفض أي وجود عسكري مستدام لدول غير مطلة على البحر الأحمر. وشدد عبد العاطي على أن ذلك “خط أحمر”، وأكد أن هذا الموقف تم إبلاغه لجميع الأطراف الفاعلة في المنطقة، بما في ذلك تركيا خلال استضافتها للمفاوضات الصومالية-الإثيوبية. وأعرب عن أمله في انعقاد مجلس الدول العربية والإفريقية المطلة على البحر الأحمر في أقرب وقت، مؤكدا أن مسؤولية حوكمة أمن البحر الأحمر تقع على عاتق الدول المشاطئة فقط. واختتم تصريحه بالتأكيد على أن مصر لن تقبل تحت أي ظرف بوجود أي طرف غير مشاطئ بشكل دائم في البحر الأحمر، في إشارة واضحة إلى رفض أي نفوذ عسكري أو سياسي خارجي في المنطقة.

وقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تقريرا يكشف تصاعد النشاط العسكري الأمريكي عبر قاعدة جديدة أقيمت قرب البحر الأحمر، في إطار التحضيرات لمواجهات محتملة جديدة في منطقة الشرق الأوسط، وسط تصعيد متواصل في المنطقة وارتفاع التهديدات ضد القوات الأمريكية.

3-رئيس الأركان المصري يلتقي بخليفة حفتر:

التقى الفريق أحمد فتحي خليفة، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، بالفريق الركن صدام خليفة حفتر، رئيس أركان القوات البرية بالجيش الليبي، والوفد المرافق له الذي زار القاهرة خلال الأسبوع المنصرم، وذلك لبحث سبل تعزيز التعاون العسكري وتأمين الحدود المشتركة بين البلدين، وشهد مقر الأمانة العامة لوزارة الدفاع مراسم استقبال رسمية للوفد الليبي، حيث عُزف السلام الوطني لكل من مصر وليبيا، قبل بدء جلسة المباحثات الثنائية.

وتناول اللقاء مناقشة عدد من الملفات ذات الاهتمام المشترك، وسبل دعم وتطوير التعاون العسكري والأمني بين القوات المسلحة المصرية والليبية، بما يسهم في تعزيز استقرار المنطقة.

وأكد الفريق أحمد خليفة على عمق الروابط التي تجمع بين البلدين، مشدداً على دعم مصر الكامل لليبيا وقواته المسلحة، وضرورة تنسيق الرؤى وتوحيد الجهود لتأمين الحدود المشتركة، والتصدي لظاهرة الهجرة غير النظامية، ووضع آليات فعالة للسيطرة على الأوضاع الأمنية في ليبيا.

من جانبه، أشاد الفريق الركن صدام حفتر بمتانة العلاقات بين مصر وليبيا، مثمناً جهود القاهرة المتواصلة في دعم استقرار ليبيا، ومعرباً عن تطلعه لتعزيز أواصر التعاون العسكري مع القوات المسلحة المصرية.

حضر اللقاء عدد من كبار قادة القوات المسلحة من الجانبين.

خامسًا: التسليح:  

  • تشهد العلاقات العسكرية بين مصر والصين تطوراً نوعياً كبيراً يعكس تحولاً استراتيجياً في سياسة التسلح المصرية، إذ قد تشمل الصفقات العسكرية بين البلدين ليس فقط توريد أسلحة متقدمة، بل أيضاً نقل تكنولوجيا متطورة وتعزيز القدرات التصنيعية المحلية، ومن بين هذه الصفقات، تبرز الطائرات المسيرة القتالية من نوع Wing Loong I وII التي تتميز بمدى عمل يصل إلى 4,000 كم وقدرة حمل تصل إلى 480 كجم، مع تقنيات تخفي شبه متقدمة وأنظمة اتصال مشفرة، مما يعزز قدرة مصر على تنفيذ ضربات دقيقة واستطلاع استراتيجي في مناطق حساسة مثل سيناء وليبيا وشرق المتوسط، مع تقليل الاعتماد على الطائرات المأهولة في المهام الخطرة.

إلى جانب ذلك، قد يتم تزويد مصر بنظام ليزر مضاد للطائرات المسيرة “الصياد الصامت Silent Hunter” الذي يوفر حماية فعالة ضد الطائرات الصغيرة والمسيّرة المفخخة، مع قدرة على التعامل مع أسراب متعددة، مما يعزز أمن المنشآت الحيوية مثل السد العالي والقواعد العسكرية بتكلفة تشغيل منخفضة مقارنة بالصواريخ التقليدية.

على صعيد الدفاع الجوي، أبرمت مصر صفقة أنظمة HQ-9B ومن المحتمل أن تتبعها أنظمة HQ-17AE، حيث يوفر نظام HQ-9B تغطية جوية شاملة بمدى يصل إلى 300 كم وسرعة صواريخ تفوق مثيلاتها، مع قدرة على التعامل مع صواريخ كروز والطائرات الشبحية، مما يسهم في ردع أي تهديدات محتملة وحماية المنشآت النووية مثل محطة الضبعة. أما نظام HQ-17AE فهو مخصص للدفاع قصير المدى بمدى 20 كم، ويتميز بسرعة الانتشار ومعدل إصابة مرتفع، ما يعزز حماية القوات البرية في الميدان، خاصة في سيناء.

في المجال البحري، هنالك أنباء حول مفاوضات بين مصر والصين حول غواصات من فئة Yuan-class مزودة بأنظمة دفع ديزل-كهربائية مع تقنية AIP تسمح بالبقاء تحت الماء لفترات طويلة، مسلحة بطوربيدات وصواريخ مضادة للسفن بمدى يصل إلى 540 كم، مع تقنيات تخفي متقدمة، ما يعزز الردع البحري المصري في مواجهة التهديدات ومراقبة الملاحة في قناة السويس والبحر الأحمر. إضافة إلى ذلك، تم تزويد القوات البحرية بفرقاطات مسلحة بصواريخ C-802 بمدى 180 كم، مما يساهم في السيطرة على منطقة شرق المتوسط، خصوصاً مع النزاعات المتزايدة على موارد الغاز.

على صعيد التصنيع المحلي، يشكل التعاون بين مصر والصين أهمية استراتيجية كبيرة من خلال مشاريع تصنيع مركبات مضادة للألغام (MRAP) وإنتاج ذخائر ومكونات إلكترونية متطورة للحرب الإلكترونية، مما يعزز الاكتفاء الذاتي ويقلل الاعتماد على الاستيراد في إطار رؤية مصر 2030 لتطوير الصناعة العسكرية.

في مجال الطائرات المقاتلة، يشمل التعاون اقتناء مصر للطائرة متعددة المهام J-10C الصينية من الجيل 4.5، التي تتميز بمحرك محلي WS-10B وقوة دفع عالية تبلغ 14,500 كجم مع الحارق الخلفي، وسرعة تصل إلى 2.2 ماخ، ومدى عملياتي يصل إلى 1,850 كم (مع خزانات وقود إضافية)، مع رادار AESA قادر على تتبع 20 هدفاً في وقت واحد، وأنظمة حرب إلكترونية متقدمة ومجموعة تسليح متنوعة تشمل صواريخ جو-جو طويلة المدى من طراز PL-15 (أكثر من 200 كيلومتر) وقصيرة المدى من طراز PL-10، وصواريخ جو-أرض مضادة للإشعاع من طراز YJ-91 بمدى 120 كيلومتر وقنابل موجهة بالليزر طراز LS-6، ما يعزز القدرات القتالية الجوية المصرية بشكل ملحوظ.

بشكل عام، تعكس هذه الصفقات تحولاً استراتيجياً في قوة مصر العسكرية، حيث تسعى إلى تحقيق توازن إقليمي من خلال تحديث ترسانتها، تعزيز قدراتها في ميادين متنوعة، وتقليل الاعتماد على مصادر التسلح التقليدية، مما يؤثر بشكل مباشر على معادلات القوة في المنطقة ويشكل رادعاً أمام التهديدات المحتملة.

وفي سياق متصل قد تكون المقاتلة الصينية الأكثر تطوراً J-35 الثمرة الأهم في تعاون عسكري متنامٍ بين مصر والصين. تتحدث تقارير أميركية عن قلق داخل الإدارة الأميركية من مسعى مصري محتمل لإبرام صفقة لشراء المقاتلة الشبح من الصين.

وفي سياق متصل تشير تقارير أمريكية حديثة إلى تصاعد القلق داخل واشنطن من احتمال توقيع صفقة مقاتلات “جي-35” الشبحية المتطورة بين مصر والصين، في إطار تعاون عسكري آخذ في التوسع بين البلدين. وتؤكد القاهرة من جهتها أنها ماضية في سياسة تنويع مصادر التسليح، بما يخدم مصالحها الوطنية وأمنها القومي.

وبحسب مجلة “نيوزويك” الأمريكية، فإن مصر قد تكون بصدد التفاوض للحصول على مقاتلات “جي-35″، والتي توصف بأنها النسخة الصينية المكافئة لطائرة “إف-35” الأمريكية. وتشير المجلة إلى أن هذه الخطوة تتزامن مع سعي بكين لتوسيع نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، ضمن منافسة متصاعدة مع الولايات المتحدة.

وتأتي هذه الأنباء بعد مناورات جوية مشتركة بين القوات المصرية ونظيرتها الصينية، حملت اسم “نسور الحضارة”، وهي الأولى من نوعها، ما اعتُبر مؤشراً على تطور نوعي في مسار التعاون العسكري بين البلدين.

تعليق على التعاون العسكري المصري مع الصين:

يتنامى بشكل مستمر التعاون العسكري، بشكل معلن، بين مصر والصين. من غير الواضح أثر هذا التعاون المتنامي على العلاقات المصرية – الأمريكية، فقد شهدت هذه العلاقات توترا منذ سنوات عندما رشحت أنباء شراء مصر للطائرة الروسية من الجيل الخامس SU 35، وأدت الضغوط الأمريكية وقتها لإلغاء الصفقة. فماذا سيكون أثر شراء مصر لطائرة صينية مشابهة، من طراز  J-35؟

  • تخوض مصر مفاوضات مكثفة مع عدة شركاء غربيين في مجال الدفاع لاقتناء منصات متطورة للقتال الجوي، في خطوة تعكس طموح القاهرة لتحديث قواتها الجوية وتعزيز قدرتها الردعية في منطقة الشرق الأوسط المضطربة. ومن أبرز هذه التحركات، احتمال شراء ما يصل إلى 24 مقاتلة من طراز “يوروفايتر تايفون” متعددة المهام من إيطاليا، بقيمة تقارب 3 مليارات دولار أمريكي، وهو ما يشكّل نقلة نوعية في استراتيجية سلاح الجو المصري.
  • كشفت تقارير صادرة عن موقع Tactical Report المتخصص في الشؤون الدفاعية، أن مصر تجري محادثات متقدمة مع فرنسا لشراء دفعة إضافية من مقاتلات رافال التي تنتجها شركة داسو للطيران. وتشير المعطيات إلى أن الصفقة المحتملة قد تتضمن بنداً غير مسبوق لنقل التكنولوجيا، بما يسمح للقاهرة بتصنيع أجزاء من المقاتلة على أراضيها، ما قد يشكل تحولاً استراتيجياً في مساعيها نحو تعزيز قدرات سلاح الجو وتقليص الاعتماد على الخارج.
  • تسلّمت القوات البحرية المصرية، يوم الخميس 12 يونيو 2025، أول قاطرة بحرية من طراز Azimuth Stern Drive (ASD) تُنتَج محلياً وتحمل اسم “رأس الحكمة”، وذلك من ترسانة الإسكندرية البحرية، وفقاً لما أعلنه المتحدث العسكري المصري. وتُعد القاطرة “رأس الحكمة” الأولى من بين ثلاث قاطرات يجري بناؤها لصالح البحرية المصرية بموجب عقد مبرم بين البحرية وترسانة الإسكندرية، بالتعاون مع هيئة التصنيف الفرنسية Bureau Veritas (BV).

وتنتمي القاطرة إلى طراز RASTR 3200، وتتميز بسعرها التنافسي وقدرتها العالية على السحب بقوة 85 طناً، إلى جانب قدرتها الاستثنائية على المناورة، كما أنها مزوّدة بأنظمة متطورة من كبرى الشركات العالمية المتخصصة في الصناعة البحرية.

ويمثل هذا الإنجاز المرة الأولى التي تُنتج فيها الصناعة البحرية المصرية هذا النوع من القاطرات، وتسعى ترسانة الإسكندرية من خلاله إلى دخول سوق القاطرات العالمي، وأن تصبح مركزاً إقليمياً لبناء وتصدير هذا النوع من القاطرات في المرحلة المقبلة.

  •  لم تكن مدافع “هاوتزر” ذاتية الدفع K-9، التي بدأت مصر إنتاجها محلياً، وحدها محور الاهتمام المصري في ملف التعاون العسكري مع كوريا الجنوبية. فعلى هامش معرض EDEX 2021، أعلنت القاهرة عن مفاوضات مع سيول للإنتاج المشترك لدبابة القتال الرئيسية K2 “بلاك بانثر”، مع نقل لتكنولوجيا التصنيع، وهو ما اعتُبر مؤشراً واضحاً على الرغبة في تعميق الشراكة الدفاعية بين البلدين.

سادسًا: التدريبات العسكرية:

وذكر الجيش المصري أن التدريب شمل سلسلة من المحاضرات النظرية تناولت موضوعات عسكرية متنوعة بهدف تعزيز الخبرات القتالية، ودعم التكامل والتشغيل البيني، وتوحيد المفاهيم العملياتية، وصقل مهارات العناصر المشاركة. كما تضمّن التدريب تنفيذ أنشطة ميدانية عملية أظهرت مستوى عالٍ من الكفاءة التكتيكية وجاهزية القوات الخاصة من الجانبين، المصرية والقبرصية.

ونفذت العناصر المشاركة تدريبات بالذخيرة الحية، تقليدية وغير تقليدية، عكست المستوى المهني ومعايير الكفاءة التشغيلية لدى الجانبين. وأكدت القوات المسلحة المصرية أن هذا التدريب يأتي في إطار خطة الجيش لتعزيز التعاون العسكري من خلال تدريبات منتظمة مع الدول الصديقة والحليفة، بما يسهم في توثيق العلاقات وتبادل الخبرات في مختلف مجالات الدفاع.

سابعًا: اقتصاد المؤسسة العسكرية :

  • في التقرير التالي، يكشف حساب “متصدقش” كيف أسهمت مجموعة بوسطن، المستشار الاستراتيجي لعملية بيع شركات الجيش المصري، في تأسيس مؤسسة غزة بالتعاون مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، ودورها في تصميم آلية المساعدات التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها “ورقة توت” تهدف إلى تهجير الفلسطينيين إلى جنوبي غزة. أعلن مجلس الوزراء المصري، في 9 أبريل 2025، عن توقيع اتفاقية بين كل من صندوق مصر السيادي وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية من جهة، وعدد من المكاتب الاستشارية المحلية والدولية من جهة أخرى، وذلك بهدف إعادة هيكلة خمس شركات مملوكة للقوات المسلحة. وبموجب هذه الاتفاقية، تتولى مجموعة بوسطن الأمريكية مهام المستشار التجاري والاستراتيجي لصفقة طرح وبيع شركات: الوطنية، وشيل أوت، وصافي، وسيلو فودز، والوطنية للطرق.

وقبلها، في أكتوبر 2024، وبدعم مباشر من الحكومتين الإسرائيلية والأمريكية، أسهمت المجموعة نفسها في تأسيس مؤسسة غزة الإنسانية (GHF)، التي سُجلت رسمياً في فبراير 2025 في كل من ولاية ديلاوير الأمريكية وجنيف السويسرية. جاءت المؤسسة لتصمم إطاراً جديداً لتوزيع المساعدات الإنسانية في #قطاع_غزة، بدلاً من آلية العمل التقليدية التي تقودها الأمم المتحدة. وبعد أن تسببت نقاط توزيع المساعدات التي أنشأتها #مجموعة_بوسطن، وبدأ تشغيلها في 26 مايو، في استشهاد عشرات الفلسطينيين برصاص جنود الجيش الإسرائيلي، ومع تصاعد الإدانة الدولية لهذه الآلية التي تسببت في مجازر، أعلنت المجموعة، يوم الجمعة 30 مايو، انسحابها من خطة المساعدات التي صممتها.

  • شهد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، توقيع عقد إطلاق مدينة “جريان” كأول مدينة على ضفاف الفرع الجديد لنهر النيل عبر تحالف إستراتيجي بين الدولة مُمثلة في “جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة”، التابع لسلاح القوات الجوية بالقوات المسلحة والصاعد بقوة في عالم المال والأعمال والمشروعات، وبين 3 شركات رائدة بمجال التطوير العقاري.

وأكد مدبولي أن “المشروع الكبير نقلة نوعية بمستقبل المدن الذكية”، وذلك في حضور المدير التنفيذي لجهاز مستقبل العميد بهاء الغنام، ونائب رئيس شركة “نيشنز أوف سكاي” التابعة للجهاز تامر نبيل، ورؤساء شركتي “بالم هيلز” ياسين منصور، و”ماونتن فيو” عمرو سليمان، 

ووفق تصريحات رسمية، فإن المشروع تدعمه الدولة، والسيسي، بشكل علني، وهو “ثمرة دعوة وجهها السيسي للقطاع الخاص”، وفق قول مدبولي، الأمر الذي أكد عليه شكر المجتمعين للقيادة السياسية لدعمها المشروع، وأن “جريان” نموذج يحتذى به ببناء المدن المستقبلية.

“تفاصيل المشروع”

وأثار مشروع “جريان”، الذي بدأت فكرته من تدشين مشروع “الدلتا الجديدة” أكبر المشاريع القومية وفق وصف حكومي، الكثير من الجدل حول جدواه وأهميته وتوقيت تنفيذه، كما أثار الجدل حول استخدام مياه النيل في المشروع والمهددة بشكل كبير مع خلاف مصري أثيوبي لأكثر من عقد حول ملف المياه.

وخلال السنوات الثلاثة الماضية، ومنذ العام 2022، يثير تدشين جهاز “مستقبل مصر” التابع للقوات الجوية، الجدل، خاصة مع دعم السيسي، له، ومنحه فرصا استثمارية وتنموية هائلة خصما من رصيد شركات أخرى تابعة للجيش، وقفزا على صلاحيات وزارات عديدة والهيئات التابعة لها، ومنها: الزراعة والتموين والصناعة والري والتجارة وغيرها.

وفي سياق مرتبط  يعتزم جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة التابع للقوات الجوية المصرية  إنشاء مصنع لإنتاج ألبان الأطفال بتكلفة قدرها 500 مليون دولار، بالشراكة مع القطاع الخاص، وفق ما نقله موقع اقتصاد الشرق عن المتحدث باسم الجهاز خالد صلاح. يحتاج المشروع إلى استيراد نحو 40 ألف بقرة مُحسنة، لإنتاج نحو مليون لتر سنويا من الألبان، إلى جانب زراعة 50 ألف فدان بالبرسيم، وتهيئة الظروف المناخية المناسبة لتلك الأبقار، حسبما أضاف صلاح.

الخطة: يهدف المصنع المقرر بدء تشغيله بحلول عام 2027 إلى تلبية 50% من طلب السوق المحلية خلال المرحلة الأولى من تشغيله، عبر إنتاج من 40-45 مليون عبوة، قبل التوسع في الإنتاج لاحقا لتغطية الطلب المحلي بالكامل.

المشروع يهدف إلى تقليل الواردات: الخطوة المزمعة تهدف إلى تقليص واردات البلاد من السلعة الاستراتيجية، التي تبلغ حاليا نحو مليار دولار سنويا، وتأتي بعد أن دعا السيسي مؤخرا لإنشاء مصنع محلي لألبان الأطفال للحد من حجم الواردات “غير المعقول”.

وحول الدور المتصاعد لجهاز مستقبل مصر التابع للقوات الجوية المصرية ، في زمن يُشكل فيه ريفاً جديداً لمصر، يتمدّد «جهاز مستقبل مصر» من الضبعة إلى أسوان، ومن سيناء حتى سيوة، حاملاً معه البذور، والنفوذ. وبينما تتباطأ وزارات وتتعثر مؤسسات، يشق الجهاز طريقه بلا كوابح. يزرع، يستورد، يخطط، وينفذ. لكن مع اتساع صلاحياته، تغيب الشفافية، ولا تُعرف حدود واضحة لمهامه أو سلطاته أو موارده ومصروفاته. كيف تحوّل «مستقبل مصر» من مشروع تابع للقوات الجوية إلى كيان سيادي يطمح للسيطرة على أراض تقارب نحو نصف أراضي مصر الزراعية؟ ولماذا أصبح بعض صغار المستثمرين خارج هذه المعادلة؟ 

تحقيق  من «مدى مصر» يتتبع صعود «مستقبل مصر»، ويكشف المخاطر التي يطرحها تحوّله إلى منظومة موازية خارج قواعد الدولة. (على هذا الرابط)

ثامنًا: التصريحات والبيانات

  •  في كلمة ألقاها بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخامسة والخمسين لتأسيس قوات الدفاع الجوي المصرية، التي توافق الثلاثين من يونيو من كل عام، أكد الفريق ياسر الطودي، قائد قوات الدفاع الجوي، أن القوات تتابع عن كثب كل ما تشهده المنطقة من تطورات وتحولات، مشدداً على جاهزيتها الدائمة لمواجهة التحديات التي تفرضها الأوضاع الراهنة.

وأشار الفريق الطودي إلى أن مقاتلي الدفاع الجوي مزودون بأحدث المنظومات التكنولوجية القادرة على تنفيذ مهام الرصد المبكر، والتعامل الفوري، والتحييد الكامل لأي تهديد محتمل يستهدف المجال الجوي المصري، مؤكداً أن القوات تعمل باستمرار على تطوير قدراتها بما يتواكب مع طبيعة التهديدات المتغيرة.

وفي سياق حديثه عن التحولات التكنولوجية المتسارعة، لفت الفريق الطودي إلى أن العالم اليوم يعيش في “عصر السماوات المفتوحة”، حيث لم تعد هناك أسرار عسكرية محصنة، نظراً لتعدد وسائل الاستطلاع وجمع المعلومات، سواء عبر الأقمار الاصطناعية أو أنظمة الاستطلاع الإلكتروني أو شبكات المعلومات الدولية. وأوضح أن وجود أنظمة حديثة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل المعلومات فورياً جعل الوصول إلى البيانات الاستراتيجية أكثر سهولة لمن يمتلك الأدوات المناسبة.

كما تناول قائد قوات الدفاع الجوي التحديات التي فرضتها العمليات العسكرية الحديثة، مؤكداً أن التطورات المتلاحقة أفرزت مراكز ثقل جديدة في ساحة المعركة، أبرزها التفوق الجوي المدعوم بمقاتلات شبحية مزودة برادارات متقدمة، وقادرة على حمل ذخائر دقيقة التوجيه تطلق من مسافات بعيدة وتخترق التحصينات. وأضاف أن تلك القدرات تتعزز بوجود طائرات قيادة وسيطرة للحرب الإلكترونية، وطائرات تزويد بالوقود تتيح تنفيذ ضربات جوية بعيدة المدى بكامل الحمولة دون الحاجة للعودة إلى القواعد الجوية.

وفي ختام كلمته، شدد الفريق الطودي على أن الاستخدام المكثف للطائرات بدون طيار، بما في ذلك الطائرات الخداعية التي تُطلق بأعداد كبيرة لإرباك أنظمة القيادة والسيطرة واستنزاف الدفاعات الصاروخية، يشكل تحدياً استراتيجياً يتطلب استعداداً دائماً وتطويراً مستمراً لمنظومة الدفاع الجوي، حفاظاً على سيادة الأجواء المصرية.

تاسعًا: القرارات العسكرية

  • صدق الفريق أول عبد المجيد صقر  وزير الدفاع المصري  على الإعلان عن قبول دفعة جديدة من المجندين مرحلة أكتوبر 2025.  جاء ذلك خلال وقائع المؤتمر الصحفي الذى عقده اللواء أحمد مصطفى صادق مدير إدارة التجنيد والتعبئة والذى أشار فيه إلى كافة التفاصيل والتوقيتات الخاصة بالدفعة الجديدة المنتظر انضمامها لتأدية الخدمة العسكرية بصفوف القوات المسلحة والمقرر استقبالهم اعتباراً من يوم الأربعاء الموافق 25/06/2025 ,
  •  صدق الفريق أول عبد المجيد صقر وزير الدفاع ، على قبول دفعة جديدة من الطلبة الراغبين في الالتحاق بالأكاديمية العسكرية المصرية والكليات العسكرية التابعة لها، والتي تشمل الكلية الحربية، والكلية البحرية، والكلية الجوية، وكلية الدفاع الجوي، والكلية الفنية العسكرية، وكلية الطب بالقوات المسلحة، والكلية العسكرية التكنولوجية، من حملة الثانوية العامة، والثانوية الأزهرية، والشهادات المعادلة، بالإضافة إلى خريجي الجامعات الحكومية والخاصة من حملة المؤهلات العليا “الضباط المحاربين” دفعة أكتوبر 2025.
  •  اجتمع السيسي، مع اللواء السيد الغالي رئيس مجلس إدارة صندوق تكريم شهداء وضحايا ومفقودي ومصابي العمليات الحربية والإرهابية والأمنية وأسرهم، واللواء أحمد الأشعل المدير التنفيذي للصندوق.

صدق السيسي على إطلاق مبادرة “مصر معاكم” للأبناء القصر للشهداء والضحايا من القوات المسلحة والشرطة والمدنيين، وتقوم على استثمار المبالغ المخصصة لصالح المبادرة بما يضمن تحقيق أعلى عائد استثماري يعود بالنفع على الابناء القصر عند بلوغهم سن الرشد، وذلك بالتنسيق مع البنك المركزي وصندوق مصر السيادي وشركة مصر لتأمينات الحياة.

وصدق السيسي كذلك على ضم الشهداء والمصابين من الضباط والدرجات الاخرى من القوات المسلحة في العمليات الخاصة، وكذا الشهداء المدنيين في المجهود الحربي اثناء الحروب السابقة، وذلك تحت مظلة الصندوق، مشدداً سيادته في هذا الصدد على أن مصر لا ولن تنسى تضحيات أبنائها المخلصين، وأنه يتم تقديم التكريم اللائق للشهداء والمصابين، الذين قدموا حياتهم فداء للوطن.

عاشرًا: اللقاءات والزيارات:

  • شهد الفريق أحمد فتحي خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة، تخرج دفعات جديدة من دارسي الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، والتي شملت الدورات (48) من كلية الحرب العليا، و(54) من كلية الدفاع الوطني، و(26) للتأهيل العسكري لقيادة التشكيلات، كذلك الدورات (74) أركان حرب عام و(46-47) أركان حرب تخصصية من كلية القادة والأركان والتي شملت دارسين من مصر و(27) دولة شقيقة وصديقة.

جاء ذلك بحضور الفريق الركن صدام خليفة حفتر رئيس أركان القوات البرية بالجيش الليبي وقادة الأفرع الرئيسية وعدد من قادة القوات المسلحة وعدد من السفراء والملحقين العسكريين للدول الشقيقة والصديقة وعدد من الشخصيات العامة والإعلاميين.

  •  نظم جهاز الملحقين الحربيين زيارة لعدد من أعضاء التمثيل العسكري العرب والأجانب المعتمدين لدى سفاراتهم بجمهورية مصر العربية إلى عدد من المنشآت العسكرية .   بدأت الفعاليات بزيارة أحد تشكيلات قوات الدفاع الجوي حيث تم خلالها استعراض الدور الحيوي الذى تقوم به قوات الدفاع الجوي في حماية المجال الجوي للدولة المصرية ، أعقبها عقد لقاء مع الفريق ياسر الطودي قائد قوات الدفاع الجوي تناول دور ومهام الدفاع الجوي في حماية سماء مصر على كافة الاتجاهات الإستراتيجية للدولة.

الحادي عشر: الفاعليات العسكرية:

  • نظمت القوات المسلحة زيارة لوفد من شباب المصريين المقيمين بالخارج وطلبة الجامعات المصرية لقيادتي قوات الصاعقة والمظلات.  وقام الوفد بزيارة لقيادة قوات الصاعقة تابع خلالها عدد من الأنشطة التدريبية التي ينفذها رجال الصاعقة , تلاها المرور على عدد من ميادين التدريب التخصصية ومشاهدة تنفيذ عدد من الرمايات من أوضاع الرمي المختلفة.

كما زار الوفد قيادة قوات المظلات وشاهد تنفيذ بعض الأنشطة التدريبية التي ينفذها رجال المظلات، فضلاً عن تنفيذ أنشطة القفز الحر ومعدات الدلتا.

وفي سياق متصل، التقى اللواء أح أسامة عبد الحميد داود قائد قوات الدفاع الشعبي والعسكري بالوفد بمقر قيادة قوات الدفاع الشعبي والعسكري بالعاصمة الإدارية الجديدة بحضور السفير نبيل الحبشي نائب وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج ، حيث تناول اللقاء التحديات التي تواجه الدولة المصرية في ظل ما تموج به المنطقة من أحداث ومتغيرات.

  • وقعت الكلية الفنية العسكرية، عقدي اتفاق مع شركة الشرق الأوسط لخدمات تكنولوجيا المعلومات (MCS)، وشركة تكنولوجيا تشغيل المنشآت المالية (E- FINANCE)؛ للمشاركة في المسابقة الدولية التاسعة التي تنظمها الكلية (جائزة الفريق إبراهيم سليم).

ووقع اللواء أشرف ضياء الدين البيومي مدير الكلية الفنية العسكرية، العقدين مع المهندس طارق لطفي حامد رئيس مجلس إدارة شركة الشرق الأوسط لخدمات تكنولوجيا المعلومات (MCS)، والمهندس حسام حنفي عضو مجلس إدارة شركة تكنولوجيا تشغيل المنشآت المالية (E- FINANCE).

محمود جمال

باحث متخصص في العلاقات المدنية العسكرية والدراسات الاستراتيجية والأمنية ومدير وحدة الرصد والتوثيق بالمعهد المصري للدراسات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى