fbpx
سياسةترجمات

المونيتور: بروز الصين كممول رئيسي للعاصمة الإدارية الجديدة بمصر

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

نشر موقع المونيتور الأمريكي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في 20 ديسمبر 2022 مقالاً هاماً للصحفي جرادي مكجريجور بعنوان: “بروز الصين كممول رئيسي لعاصمة مصر الإدارية الجديدة”، حيث يتناول المقال بالتحليل مدى إمكانية استمرار دعم الصين لبناء العاصمة الإدارية الجديدة أو توقفه، خوفا من عدم قدرة مصر على تحمل الديون. ويقول مكجريجور إن الرئيس الصيني شي قد أعاد التأكيد على التزام الصين بدعم مشروع العاصمة الإدارية الجديدة في مصر، وذلك في اجتماع عقده مع نظيره المصري على هامش القمة السعودية التي عُقدت مؤخراً في الرياض. لكن الصحفي الأمريكي يستطرد بالقول بأن هذا الالتزام سيكون موضع اختبار خلال الأشهر القليلة المقبلة تزامناً مع استحقاقات السداد للقروض التي كانت قد حصلت عليها مصر. ويمضي المقال على النحو التالي:

تعتبر ناطحة السحاب البُرجية الأيقونية المُصمَّمة على شكل مسلة والتي ترتفع شاهقة فوق الصحراء المصرية على بعد 45 كيلومتراً (27 ميلاً) شرق العاصمة القاهرة، مَعْلماً رئيسياً متلألئاً للعاصمة الإدارية الجديدة التي أمر ببنائها عبد الفتاح السيسي، والتي تبلغ تكلفتها 59 مليار دولار، حيث ستستضيف تلك العاصمة الإدارية الجديدة مكاتب الحكومة المصرية وتهدف في النهاية إلى استيعاب حوالي 5 ملايين من السكان.

ويُعدّ هذا المبنى غير المكتمل بالفعل أطول مبنى في إفريقيا، وهو واحد فقط من مكونات المدينة المليئة بعلامات الزهو والتي تنطوي على طموحات كبيرة. وتضم العاصمة الإدارية الجديدة، التي من المقرر افتتاحها في منتصف عام 2023، أيضاً الأوكتاجون – المبنى المثمَّن الجاري إنشاؤه كمقر للقوات المسلحة المصرية – وهو عبارة عن مجمّع من المباني من المقرر أن يتجاوز حجمه حجم البنتاجون في الولايات المتحدة الأمريكية،  ليكون أكبر مقر عسكري على مستوى العالم. وستحتوي المدينة أيضاً على حديقة مركزية تبلغ مساحتها ضعف حجم مدينة نيويورك؛ وستضم ثاني أكبر مسجد في العالم (بعد المسجد الحرام بمكة) وثاني أكبر ملعب رياضي في إفريقيا.

وحالياً تُعتبر العاصمة الإدارية الجديدة، التي لم يتم تسميتها بعد، قاحلة إلى حد كبير، مثلما تبدو عليه الصحراء التي تحيط بها، باستثناء عشرات العمال فقط الذين يطوفون حول الموقع وطنين ثابت من مركبات البناء التي تمر داخل وخارج بواباتها. كما أن مردود بناء المدينة لم يتضح تماماً حتى الآن. وعلى الرغم من مظاهر الفخامة واستطاعة المدينة تخفيف بعض الازدحام في القاهرة، فإن منتقدي المشروع يقولون إن المدينة هي إلى حد كبير مشروع يمثل زهو وغرور السيسي ولن تصل فوائده أبداً إلى الجماهير الأكثر احتياجاً.

ويقول تيموثي كلداس، الزميل المتخصص في السياسات بمعهد التحرير للشرق الأوسط: “الفقر آخذ في التصاعد، ومعدلات التضخم عالية، وبدلاً من التركيز حقاً على هذه القضايا الأكثر أهمية، نجد أن مصر تنفق مبالغ هائلة من المال على المدن الجديدة،” مضيفاً، “لا أفهم لماذا تمثل أولوية – اللهم إلا من أجل الزهو والغرور، بالطبع.”

لقد أصبح بناء البرج الأيقوني، والكثير من المنطقة التجارية المركزية الجديدة في العاصمة الإدارية، ممكناً من خلال التمويل الصيني والعمالة الصينية. وخلال هذا الشهر، أكد الرئيس الصيني شي جين بينج مجدداً التزام الصين بالمشروع أثناء اجتماع له مع السيسي، وفقاً للبيان الذي أصدره الحكومة الصينية حول الاجتماع الذي عُقد على هامش القمة الصينية-العربية في الرياض بالمملكة العربية السعودية. لكن هذا الالتزام قد يكون موضع اختبار في الأشهر القليلة المقبلة، حين يأتي موعد استحقاقات سداد القروض التي حصلت عليها مصر من أجل بناء المشروع، حيث يبدو أن الاقتصاد المصري يتجه نحو أزمة وشيكة.

عصر مختلف

وكان السيسي قد كشف لأول مرة عن خططه للعاصمة الإدارية الجديدة في مارس 2015، وكانت الصين من أوائل الدول الأجنبية التي دعمت المشروع. وفي سبتمبر من العام نفسه، وقعت “تشاينا ستيت كونستراكشن إنجنيرنج كوربوريشن”، وهي شركة مملوكة للحكومة الصينية، صفقة بقيمة 15 مليار دولار لتمويل تشييد البرج الأيقوني ومبانٍ أخرى في منطقة الأعمال المركزية بالمدينة.

وفي ذلك الوقت، كان الرئيس الصيني شي قد شرع في لحديث عن إطلاق إجراءاته الخاصة بالسياسة الخارجية والبنى التحتية التي تبلغ قيمتها تريليون دولار، والتي يُطلق عليها “مبادرة الحزام والطريق”، وكان يبذل عشرات المليارات من الدولارات في مشاريع البنى التحتية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وآسيا وأماكن أخرى.

ولكن بحلول عام 2017، كانت الصين قد بدأت بالفعل في كبح جماح إنفاقها الباهظ على مبادرة الحزام والطريق. وفي عام 2020، كانت تظهر علامات الإجهاد حول مدى التزام الصين بالمشروع (العاصمة الإدارية الجديدة)، حيث بدا أنها أصبحت تتشكك في قدرة مصر على سداد القروض.

حيث أصبحت الظروف الاقتصادية لكل من مصر والصين أكثر صعوبة منذ ذلك الحين.

وقد تعرض الاقتصاد الصيني في السنوات الأخيرة لضربة قوية بسبب سياسة “زيرو كوفيد” لضمان عدم انتشار الفيروس، والحملات الحكومية على قطاعي التكنولوجيا والعقارات، والحرب التجارية مع الولايات المتحدة. وفي غضون ذلك، يبدو أن الاقتصاد المصري قد أصبح في حالة يرثى لها. فقد وصل الدين الخارجي على مصر إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، بينما تعتمد الحكومة على حزمة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي للمساعدة في دعم اقتصادها. وتراجعت قيمة الجنيه المصري، حيث فقدت العملة المحلية في مصر قرابة 50% من قيمتها مقابل الدولار الأمريكي منذ بداية العام الجاري، الأمر الذي أثار موجة من تدافع المواطنين المهتمين على شراء الذهب.

يقول جون كالابريس، مدير مشروع الشرق الأوسط وآسيا بمعهد دراسات الشرق الأوسط، “من المحتمل أن تكون الصين حذرة حول أي شيء جديد وكبير، حتى في السياق المصري حيث يبدو أنهم قد غرسوا بالفعل أسنانهم وأُغرقوا في التكاليف،” مضيفاًً، “أعتقد أنه قد تكون هناك بعض المشاكل في المستقبل (في العلاقات بين الصين ومصر). ولا أعتقد أن هذا سيكون بسبب اضطراب العلاقة نفسها بطبيعتها. لكني أعتقد أن السبب في ذلك هو أن مصر في وضع مضطرب أو، كما قد يقول البعض، في حالة اقتصادية يُرثى لها.”

مستقبل مضطرب؟

وتُعتبر الصين هي رابع أكبر دولة دائنة لمصر، حيث كانت مصر تدين للصين بقيمة 7.8 مليار دولار في يونيو من هذا العام. لكن عبء الديون الكبير هذا لم يمنع مصر من السعي للحصول على مزيد من التمويل من الصين. إذ تستعد مصر حالياً للحصول على 500 مليون دولار من سندات باندا الصينية التي يهيمن عليها اليوان، للمساعدة في سد الثغرة في مواردها المالية.

ويقول بروفيسور صيني درس المشروع، ولكنه طلب عدم الإفصاح عن هويته حتى يتمكن من التحدث بصراحة، “على الرغم من أن جزءاً من تمويل العاصمة الإدارية الجديدة في مصر يأتي من الاستثمار الصيني والسندات ذات الفائدة المرتفعة، إلا أن الصين أصبحت هذا العام حذرة في تمويل مصر.” وأوضح أيضاً أن الصين قد حدّت من حجم سندات باندا التي كانت تصدرها بسبب مشاكل مصر الاقتصادية. وأضاف بأنه إذا استمرت أزمة الديون المصرية في التفاقم، فستكون الصين أكثر حذرا في ذلك.

ولكن حتى لو شددت الصين قيودها المالية تجاه مصر، فإن لدى بكين أسباب لدفع استكمال العاصمة الإدارية الجديدة ومشاريع أخرى.

وفي الحقيقة، تركز الصين في الوقت الحالي على علاقاتها مع دول الخليج، ولكن بقاء مصر اقتصادياً أمر مهم أيضاً بالنسبة لدول لخليج. ويقول جيمس دورسي، وهو مساعد كبير الباحثين في كلية إس راجاراتنام للدراسات الدولية بجامعة نانيانج التكنولوجية، إن هذا يمكن أن يكون عاملاً جيداً في تفكير الصين.

وأشار كلداس إلى أن الصين ليست وحدها في تقديم قروض بمليارات الدولارات لمصر، وربما كان منطق الدول الدائنة لمصر، ومنهم ألمانيا وفرنسا والسعودية، أن خسارة استثماراتهم ستكون في نهاية الأمر أفضل من رؤية الاقتصاد المصري ينهار.

ويضيف: “ونظراً لأن كل هذه الدول قدمت الكثير من القروض  لمصر، فإن لديها أيضاً دوافع لمحاولة إبقاء الدولة واقفة على قدميها”.

قد تكون هناك أيضاً أسباب سياسية أخرى تجعل الرئيس الصيني شي، الذي يبني الآن عاصمته الإدارية المميزة في ضواحي بكين، عازماً أيضاً على رؤية نجاح مدينة السيسي الجديدة.

ويقول دورسي: “هناك أيضاً عنصر آخر هنا، وهو منح كل منهما غطاء سياسياً للآخر،” مشيراً إلى أن البلدين يستبعدان تناول قضايا حقوق الإنسان الخاصة بهما أثناء المحادثات الثنائية بينهما؛ حيث يمكن القول إن “المستبدين حول العالم يتحدون”.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close