بحوث

اليمن بعد سقوط صالح المسارات والسيناريوهات

مقدمة:

بعد أقل من أسبوع على مناورته ومحاولته فك الارتباط مع الحوثي، والميل إلى الجهة الأخرى والالتحام مع التحالف الذي تقوده السعودية، قُتل رئيس اليمن السابق علي عبدالله صالح، برصاص حلفاء الأمس جماعة أنصار الله التي فرضت سيطرتها بالكامل على صنعاء وخسرت بهذا السعودية ورقتها الأخيرة التي حرقتها بيدها.

وبمقتل صالح بات الأمر في اليمن أكثر تعقيداً مما كانت عليه قبل ذلك، فبموت الرجل أصبح الحوثيون أكثر سيطرة من ذي قبل وأكثر سيطرة على مقاليد البلاد أيضا، كما أنهم تخلصوا فيما يبدو بالكامل من كل أجنحة صالح في حزب المؤتمر الذي كان قبل أيام، يعد الداعم الأول لهم في عملياتهم في اليمن، ومن ثم كل أوراق الرئيس المقتول باتت في أيديهم وهذا الأمر بلا شك سيكون له انعكاساته على البلد الفقير الذي مزقته الحرب.

عدة أسئلة تبدو منطقية في ذلك التوقيت والتي تتعلق بمستقبل اليمن بعد رحيل صالح، فكيف ستكون الأمور في هذا البلد، وهل انتهت اليمن وسيطر الحوثيون بالكامل عليها، وهل هناك أوراق أخرى بيد السعودية في اليمن؟

أولاً: في سياق الأحداث وتطوراتها:

1ـ خطوة غير محسوبة:

الحوثيون الذين انقلب صالح على تحالفه معهم بعد رغبة سعودية في التقارب معه وعقد صفقة يصبح فيها الرئيس المخلوع ذو منصب جديد في البلد الذي ثار عليه شعبه قبل عدة سنوات ولم يتبق منه إلا الاسم فقط، يعرفون كل تفاصيل صنعاء ويسيطرون بشكل كامل على كل مفاصل العاصمة، كما أنهم أيضا لديهم المعلومات الوافية عن تاريخ صالح ورغبته في فك الارتباط معهم والتحالف مع الطرف الآخر، هذا الأمر كان وحده كفيلاً بالنسبة للحوثيين بالتخلص منه بعدما أصبح استمرار التحالف مستحيلاً.

ومن ثم جاءت خطوة صالح مجازفة غير محسوبة رغم معرفته بكل ما كان يدور في أذهان الحوثيين، كما أنه على دراية بكل نواياهم مع خصومهم أو حلفائهم المؤقتين، ولذلك كان صالح لا يحسب هذه الأمور جديداً عندما أقدم على توجيه رسائله الإيجابية للتحالف بقيادة السعودية، والإمارات التي يقبع نجله تحت الإقامة الجبرية من أجل استخدمه كورقة رابحة في وقت ما ويبدو أنه قد حانت هذه اللحظة.

2ـ سيطرة الحوثي على صنعاء:

منذ سبتمبر 2014، ذلك الوقت الذي فتح صالح ورجاله المسلحين أبوب العاصمة صنعاء أمام مليشيات الحوثي برضًا سعودي ومباركة ملكها الراحل عبدالله بن عبدالعزيز الكاملة، للتخلص من القوة الضاربة في اليمن، حزب الإصلاح، والحوثيون يفرضون سيطرتهم الكاملة على كل صنعاء، وعلى كل المدن القريبة منها حتى أصبح طردهم منها مجرد وهم تعيشه السعودية وحلفاؤها منذ 3 سنوات.

هذه السيطرة على كل كبيرة وصغيرة في صنعاء بما فيها سلاح الجيش اليمني الذي أهداهم إياه صالح تجعل الكل يفكر ألف مرة قبل أن يُقدم على خطوة مثل محاربة الجماعة التي عاشت في كهوف اليمن لسنوات تمرست فيها على حمل السلاح، والتدريب العسكري الذي يليق بمليشيا تنوي فيما يبدو أن تحكم سيطرتها على كامل الجزيرة العربية، وليس فقط محافظات صغيرة في اليمن، ولذلك كانت محاولة صالح في قلب الطاولة فوق رئيس الحوثيين محاولة فاشلة وخطوة فيما يبدوا غير مدروسة بشكل جيد.

3ـ سياسة الرياض المتخبطة:

عندما قال صالح يجب أن نفتح صفحة جديدة مع السعودية، في نفس الوقت الذي طالب فيه رجالات حزبه المسلحين أن يقضوا على ميليشيات الحوثي التي وصفهم بالطائفيين، كان هذا التصريح إعلان الحرب وكان يتوجب على السعودية وقيادة التحالف أن تقابل هذه الخطوة بمزيد من القصف على في محيط العاصمة أو أنهم يقوموا بعمليات إنزال بري قريب من قوات صالح لدعمه في هذه الخطوة، لكن يبدو أن من يدير العلميات ربما لم يفهم ماذا يريد صالح منهم وظلوا ينتظرون أن يتخلص صالح بل ويخلص على الحوثيين دون أي خطوة عملية غير الاحتفاء في وسائل إعلامهم ومنح صالح لقب الرئيس السابق، بدلاً من المخلوع والتهليل لخطابه الذي اعتبروه عودة موفقة منه في هذه التوقيت ضد “الميليشيات الطائفية”، والتي لم تستطع السعودية وكل حلفائها القضاء عليهم رغم مرور قرابة 3 سنوات على عاصفة الحزم.

التخبط السعودي وتأخره غير المبرر، في فهم رسالة صالح كان كفيلاً بأن يعطي المبرر الكافي للحوثيين بقتل صالح وتصفية حساباتهم القديمة معه، وأهمها الثأر لقتل بدر الدين الحوثي، مؤسس جماعة أنصار الله على يد صالح والسعودية في حرب عام 2004، ولهذا قُتل صالح بهذه الطريقة، وكان يُمكن لهم القبض عليه مثلاً لكنهم اتخذوا القرار وبشكل سريع بقتل الرجل والتمثيل بجثته حتى يُصبح عبره لمن لا يعتبر.

4ـ غياب البديل:

كانت قوة علي صالح تكمن في قدرته على حشد القبائل خلفه بسبب علاقاته المتميزة في هذا الإطار، إضافة إلى فهمه الواسع لمتناقضات المجتمع القبلي في اليمن، حتى عندما قامت ثورة الشباب في فبراير 2011، وأجبر على التنحي، احتفظ بهذه العلاقات مما جعله رقماً صعباً في المعادلة اليمنية، التي تتسم هي الأخرى بالصعوبة والتعقيد، لكن بعد ومقتله إضافة إلى عدد كبير من أعضاء حزبه، باتت العثور على رجل مثله تعتمد عليه السعودية في اليمن، ويكون أيضا في المعسكر المقابل أمراً غاية في الصعوبة، بل قد يصل إلى المستحيل، فحتى ابنه أحمد الذي كان يعد لكي يخلف والده في الرئاسة قبل الثورة، لن يكون قادراً على فعل دور الرئيس الراحل فالابن ليس بدهاء والده او علاقاته.

أيضا مكر ودهاء صالح الذي استمر في واجهة العمل السياسي في اليمن لفترة قرابة الـ 40 عاماً باتت أمراً صعب التكرار في البلاد، التي تقوم بالأساس على التشابك القبلي والعلاقات الاجتماعية بشكل لا يمكن تغافله، فحتى الرجل الذي كاد أن يلعب هذا الدور وهو الجنرال علي محسن الأحمر، لم يحقق أي نتائج تُذكر في معركته ضمن عملية عاصفة الحزم التي مر عليها نحو 3 سنوات، ومن ثم يُعد إيجاد بديل يقوم بدور صالح في معسكر حزب المؤتمر الذي كان يتزعمه الرئيس المقتول بات أمراً غاية في الصعوبة، ومن ثم يعد هذا السبب من الأشياء التي تدفع في اتجاه صعوبة بل استحالة فكرة حسم المعركة لصالح السعودية والتحالف مع معسكر صالح.

5ـ الإمارات والخوف من الإصلاح:

الدور الإماراتي المشبوه في اليمن قد يكون هو السبب في استمرار عاصفة الحزم دون حزم تجاه الحوثيين، بل يعقد الأمر بشكل كبير بسبب الرفض الحاسم منهم تجاه التعامل مع التجمع اليمني للإصلاح الذي يعول عليه بشكل كبير في حسم المعركة او على الأقل في تغيير مسارها، كذلك يرى المختصون في الشأن الخليجي، لكن رغم الحاجة الماسة للتقارب مع إخوان اليمن، ويرفض الإماراتيون هذه الخطوة بسبب حالة العداء التي يرها مسؤولو الإمارات من الإخوان المسلمين خاصة في مصر على الرغم من عدم وجود أي مؤشرات لهذا العداء من قبل الإخوان تجاه الإمارات لكن ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان يرى غير ذلك، رغم اللقاء الذي تم بينه وبين رئيس حزب الإصلاح برعاية سعودية (الأربعاء 13 ديسمبر 2017).

الموقف الإماراتي من حزب الإصلاح من أهم العوامل التي قد تُصعب ممن حسم المعركة مع جماعة الحوثي، لأن المعركة حتى الآن ضد جماعة أنصار الله لم تبدأ بعد، رغم كل العمليات العسكرية التي قاربت على 3 سنوات، بسبب عدم المواجهات المسلحة بين حلفاء السعودية والحوثيين على الأرض، وإنما كل ما تم كان عبارة عن غارات عسكرية بالطيران، دون وجود مسلحين على الأرض في صنعاء مثلاً، لذلك بات الوضع كما هو عليه، بل بالعكس ذات قوة الحوثيين بعد سيطرتهم شبه الكاملة على مخازن السلاح التابعة للجيش اليمني بتواطؤ علي صالح ورغبة سعودية أيضا في هذا الشأن حتى أصبحت نيران صواريخ الحوثيين تصيب العمق السعودي، وكان أكثرها ضراوة الصاروخ الذي أطلق على مطار الملك عبدالعزيز بالرياض، والذي زعمت السعودية أنها تمكنت من إسقاطه عبر بطاريات باتريوت الأميركية قبل دخوله أراضيها، لكن ما كشفته صحيفة أميركية بعد ذلك أثبت عكس ذلك، إذ وصل الصاروخ إلى عمق المطار وكان بينه وبين صالة الوصول مئات الأمتار، ولعل ذلك قد يكون هو السبب في مد يد السعودية لعلي صالح في أيامه الأخيرة.

ومن ثم تصبح معارضة الإمارات لأي تقارب مع بين السعودية والإصلاح من أهم الأسباب التي قد تطيل أمد المعركة بسبب غياب قوة ضاربة على الأرض غير الإصلاح بعد انتقام الحوثيين من صالح وبقايا حزبه.

6ـ هل فات الآوان؟

بموت صالح باتت السعودية في مأزق شديد، فبالرغم من التهم التي كانت تكيلها وسائل الاعلام التابعة للسعودية للرئيس اليمني الراحل، كان ثمة تنسيق بين الرياض ورجال صالح في الخفاء، كونهم يعتبرون أنه في وقت ما سيصبح صالح وحزبه ورقة رابحة في يد السعودية، فكانوا يعرفون مقراته ولا يقصفونها بطائراتهم، كما أنهم في إحدى المرات سمحوا لفريق طبي روسي بالدخول إلى صنعاء لعلاج صالح وإجراء بعض العمليات الجراحية له، تحسباً لعودة الرجل إلى صف السعودية مرة أخرى، وقد فعلها، ولكن الآن بعد مقتله والسيطرة الكاملة على صنعاء من قبل الحوثي ولا يوجد منافس او منازع لأنصار الله في العاصمة اليمينة، فهل انتهي الأمر وأصحبت اليمن كلها بيد الحوثيين، ولا جدوى مما تفعل السعودية؟

إجابة هذا السؤال تكمن في التعويل على القبائل اليمنية والانتفاض ضد الحوثيين، ولكن هل من شخص أو جهة قادرة على لعب هذا الدور، يبدو أن حزب الإصلاح فقط هو القادر على الإجابة على هذا السؤال وفرض معادلة جديدة، في اليمن بعدما أصبحت صنعاء العاصمة العربية الرابعة التي تخضع لحلفاء إيران، بعد بيروت ودمشق وبغداد.

من المتوقع أن تحشد السعودية كامل قوتها، في اليمن من أجل خلع الحوثيين من العاصمة ولكن، دون قوات على الأرض يبدو الأمر بعيد المنال، فالقصف الجوي المتكرر ليل نهار، لا يجني إلا مزيداً من قصف المدنيين الأبرياء دون قضاء خسائر تُذكر في صف الحوثيين، إضافة إلى ذلك، غضب عارم في الأوساط الحقوقية في المنظمات الدولية بسبب الحصار الذي يفرضه التحالف على كل مداخل اليمن، مما تسبب في وفاة المئات بأمراض كالكوليرا والطاعون وانتشار المجاعة في اليمن.

السعودية حتى الآن خسرت كل شيء في اليمن ولم يبق بيدها إلا ورقة الإصلاح، ولكن بعد العمل على احتواء غضب الإمارات، وكذلك ورقة أحمد علي صالح الذي قد لا يصلح أن يملأ الفراغ الذي تركه والده.

ثانياً: السيناريوهات والبدائل:

ثمة 3 سيناريوهات، حول مستقبل الأوضاع في اليمن خلال الفترة المقبلة، هي:

1ـ السيطرة الحوثية الكاملة:

يستند هذا التصور على أن الحوثيين بموت صالح وقتل قرابة 1000 شخص من الأعضاء النافذين في حزبه، قد أحكموا السيطرة الكاملة على صنعاء ومدن يمنية أخرى، في الشمال، ومن ثم لا يمكن أن تتنازل المليشيات عنها وقد يكون هذا بداية فك الارتباط بين الشمال وجنوب اليمن، وتُصبح الدولة مقسمة إلى جزئين وهو ما تسعى إليه الإمارات دون أن تفصح عن ذلك، فأبوظبي لا يعنيها كثيراً ما يحدث في اليمن، إلا أن تجد لها موطئ قدم على البحر الأحمر لتكون بداية لتوغلها في القرن الإفريقي، وهذا ما يحققه لها السيطرة على الجنوب والتي قد بسطتها عليها بالفعل، وفي نفس الوقت، تبقي جماعة الحوثي في الشمال تناكف السعودية، بين الحين والآخر.

وطبقاً لهذا التصور، فإن السعوديين سيجبرون على الجلوس على طاولة المفاوضات في وضع المنهزم في نفس الوقت، تصبح إيران قد وجهت ضربة جديدة للسعودية في صراعهما الإقليمي، عبر السيطرة على شمال اليمن، وأن يخضع الجنوب للسيطرة الإماراتية، وتخرج الرياض خاوية الوفاض من الحرب التي كبدتها نحو 90 مليار دولار وشوهت صورة السعودية أمام المنظمات الدولية، وهذا يعد خسارة مباشرة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

ورغم وجاهة معطيات هذا السيناريو وإمكانية تحققه على أرض الواقع، لكنه قد يصبح صعب الحدوث، لعدة أمور، أهما أن السعودية لازلت تقاتل في اليمن منذ 3 سنوات، وكان علي صالح في المعسكر الآخر، مما يعني أنها لم تكن تعتمد عليه بشكل مباشر في حربها، أيضا الرغبة السعودية القوية هذه المرة في تحقيق أي نصر على حلفاء إيران قد يدفع في اتجاه عدم استسلام محمد بن سلمان بهذه السهولة، والذي يُعتبر أن هذه المعركة تمثل لشخصه أهمية قصوى، كما أن حلفاء السعودية مثل السودان والتي تشارك بقوات برية في المعركة قد تلعب دوراً أكبر في الفترة المقبلة، في حسم الصراع على الأرض، كذلك الطريقة التي قتل بها علي عبدالله صالح، زادت من غضب قبائل يمينة أخرى وأججت نيران الطائفية في البلاد، مما قد يسمح بانضمام قبائل أخرى للمعركة خوفاً من تكرار مشاهد قتل صالح ورجاله في قبائل أخرى.

2ـ سيناريو استمرار القتال:

لا يمكن أن ينتصر الحوثيون علينا هذه المرة، كذلك يفكر القادة السعوديون ومن ثم لابد من تكثيف الضربات ضدهم حتى يتم القضاء عليهم نهائياً أو على الأقل قطع أذرعهم الصاروخية التي وصل مداها إلى عمق الرياض، على هذا الأمر يستند هذا السيناريو، كون السعودية قد حسمت أمرها في قضية اليمن وتعتبر أن هذه الحرب لا يمكن خسارتها، أمام عدوها اللدود إيران، مما قد يؤثر على صورة ولي العهد السعودي المولع بالحكم، ومن ثم لن يترك المعركة بهذه السهولة لإيران، فقد يبحث ولي العهد عن بديل يملأ الفراغ الذي تركه صالح، وقد يكون نجله أحمد هو الورقة القادمة في يد السعودية والإمارات كونه رجل قبلي بالأساس، كما أنه يشارك الإمارات أيضا العداء للإصلاح، مما يعني التوافق بين الرياض وأبوظبي على هذه الخطوة.

هذا التصور قد يكون أقرب إلى التحقق على اعتبار أن المعركة المستمرة منذ 3 سنوات لا يمكن أن تنتهي بهذه السهولة كما ذكرنا أنفاً، كما أنها تُمثل أهمية قصوى لمحمد بن سلمان، الذي يرتبط اسمه بعاصفة الحزم، ومن ثم سيستمر القتال بين الطرفين، دون قدرة أيهما على الحسم، كون الأمر غاية في التعقيد والتشبيك في اليمن، فطبقاً لهذا التصور، قد تزيد السعودية من ضرباتها الجوية مع لعبها دور دبلوماسي في أروقة المنظمات الدولية، بغرض غض الطرف عن الانتهاكات الحقوقية المتكررة في اليمن، في نفس الوقت لن يقف الحوثيون مكتوفي الأيدي أمام هذا التصعيد، فقد يدفع هذا القصف الحوثيين إلى تكرار استهداف العمق السعودي أيضا على اعتبار أن النصر الذي تحقق بقتل صالح، وقيام حزبه بمنح جماعة أنصار الله قوة وزخماً كبيراً في هذه المعركة، ومن ثم يستمر القتال بين الطرفين دون حسم أحدها.

3ـ سيناريو التحالف يحسم القضية:

يقوم هذا السيناريو على قدرة التحالف الذي تقوده السعودية خلال الأسابيع القادمة على حسم المعركة لصالحه، عبر تكثيف عملياته العسكرية، وضرباته الجوية على مقرات حيوية للحوثيين، إضافة إلى حشد عدد كبير من القبائل الداعمة للتحالف والقبائل القريبة أيضا من على صالح، والتي سترفع شعار الثأر من الحوثيين، مما قد يُسرع بحسم المعركة خاصة وأن نقاط التماس مع الحوثيين أصبحت أكثر اشتعالاً بسبب مقتل صالح، كما أن السعودية تعتبر أن الوقت الآن قد يبدو مناسباً للتخلص من الحوثيين بعد 3 سنوات من المعارك الضارية.

هذا السيناريو قد يبدو منطقياً بعض الشي نظراً لحالة الشحن والكراهية التي أصبحت عنوان كثير من اليمنيين، بعد مقتل صالح بهذه الطريقة، كما أن عمليات الانتقام التي قاموا بها من داعمي صالح زادت من حدة السخط، لكن الأمر قد يُصبح مستحيلاً، لكون القبائل اليمنية غير مدربة على حرب العصابات مثل الحوثيين، كما أن صنعاء أصبحت بالكامل في قبضة المليشيات المدعومة من إيران، في نفس الوقت لا تُوجد قوة ضاربة في الداخل اليمني تقلب الموازين لصالح التحالف وحتى ورقة الإصلاح باتت غير كافية في ظل علميات التخاذل المتكررة التي قامت بها السعودية تجاه الإصلاح في بعض المناطق التي كان يقاتل فيها ومن أهما تعز التي خسر في الإصلاح المعركة ضد الحوثيين بسبب رفض السعودية منح الحزب مزيد من الدعم في المعركة، حتى أدرك بعض قيادات الحزب الإسلامي أن هذه المعركة بالأساس للقضاء على الإصلاح وليس الحوثي دون تحقيق مكاسب حقيقية للحزب.

خاتمة:

لقد مثلت عملية مقتل علي عبدالله صالح ضربة قوية للسعودية وحلفائها في اليمن، في الوقت الذي منحت فيه قوة ورغبة جامحة للحوثيين من أجل استمرار السيطرة ليس فقط على صنعاء فقط بل الزحف لمدن يمينة أخرى في يد أنصار الشرعية. كما أن هذه العملية فتحت الباب أمام كل السيناريوهات والتصورات أمام المستقبل القاتم للبلد الذي مزقته الحرب وأصبح منطلقاً للإمارات لتحقيق حلمها في السيطرة الكاملة على البحر الأحمر، وجعل اليمن رأس الحربة لعملياتها في إفريقيا(1 )

—————-

الهامش

( 1 ) الآراء الواردة تعبر عن كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المعهد المصري للدراسات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى