fbpx
الشرق الأوسطترجماتحقوقي

بعد تجديد حبس باتريك زكي، الإعلام الإيطالي يتهم القاهرة بالابتزاز

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

في تقرير سابق نشره المعهد المصري للدراسات بمناسبة مرور عام على احتجاز باتريك زكي (التقرير رقم 12 من تقارير متابعة قضية ريجيني في الإعلام الإيطالي) ذكرنا أن بعض المراقبين يرى أن احتجاز طالب جامعة بولونيا باتريك زكي من جانب القاهرة كان مقصوداً من البداية لاستخدامه كورقة للمساومة من خلالها مع الجانب الإيطالي في إطار قضية ريجيني. ومن ناحية أخرى، يرى آخرون أن وزارة الشؤون الخارجية الإيطالية تسعى أيضاً إلى تحقيق نجاح ما على الأرض لتخفيف الضغوط التي يمارسها الرأي العام الإيطالي عليها بخصوص قضية ريجيني، وأنه قد يمثل إطلاق سراح باتريك، إن حدث، حالة النجاح المنشودة لشغل الرأي العام في إيطاليا وتبريد قضية ريجيني التي يعلمون أنهم قد لا يحصلوا على العدالة لريجيني فيها. ويبدو أن هذا ما كان يهدف إليه السيسي أيضاً عندما أمر باعتقال طالب جامعة بولونيا المصري.

وكان باتريك زكي قد أكمل يوم الأحد الموافق السابع من فبراير 2021 عامه الأول في أحد السجون المصرية بعد أن تم اعتقاله منذ أكثر من عام لدى وصوله إلى مصر عائداً من إيطاليا.  وباتريك جورج زكي هو طالب دراسات عليا مصري بجامعة بولونيا بإيطاليا، ألقي القبض عليه لدى وصوله مطار القاهرة الدولي أثناء عودته إلى وطنه قادماً من بولونيا في زيارة عائلية قصيرة يوم 7 فبراير 2020. وتم احتجاز باتريك زكي في المطار بشكل غير قانوني والتحقيق معه من قبل جهاز الأمن الوطني في مطار القاهرة ولم يُسمح له بالتواصل مع أهله أو محاميه لمدة تجاوزت ٢٤ ساعة.

وبعد التحقيق معه في المطار تم نقل باتريك إلى إحدى مقرات الأمن الوطني بالقاهرة ثم لاحقا إلى مقر آخر للأمن الوطني بمدينة المنصورة، محل ميلاده وسكنه الأصلي. وحسب بيان أصدرته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فقد تعرّض زكي في فترة اختفائه للتهديد والتعذيب والصعق بالكهرباء، على غرار ما حدث من قبل مع الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، وذلك أثناء سؤاله عن عمله ونشاطه، طبقا لمحاميه، قبل أن يظهر لأول مرة صباح السبت ٨ فبراير في إحدى نيابات المنصورة حيث بدأ التحقيق معه في ساعة متأخرة من النهار، ثم قررت النيابة حبسه 15 يوم على ذمة التحقيق.

ويقوم زكي أيضاً بإجراء أبحاث حول قضايا حقوق الإنسان من خلال المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومقرها مصر، وذلك بالإضافة إلى دراسته للحصول على درجة الماجستير من جامعة بولونيا. وجاءت تغطية الإعلام الإيطالي لقضية باتريك جورج زكي بمناسبة مرور عام على احتجازه، في إطار الحملة الإعلامية لنُصرة قضية الباحث الإيطالي جوليو ريجيني.

وفي نفس السياق الذي ذكرناه في التقرير السابق، جاء مقال الصحفي جوليانو فوشيني في صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية، بتاريخ 3 مارس، تحت عنوان: “مصر تواصل حبس زكي في زنزانة.. في إطار الابتزاز في قضية ريجيني”، وذلك على النحو التالي:

مصر تواصل حبس زكي في زنزانة، في إطار الابتزاز في قضية ريجيني – تجديد الحبس الاحتياطي للطالب باتريك زكي لمدة 45 يوماً أخرى.. أي حتى بداية محاكمة عملاء الأمن الوطني المصريين المتهمين بقتل جوليو ريجيني، في إيطاليا.

خمسة وأربعون يوماً إضافية على اعتقال باتريك زكي، على الأقل حتى 15 أبريل، عشية المحاكمة الإيطالية التي تُقام ضد عملاء الأمن الوطني المصري المتهمين بقتل جوليو ريجيني. هناك تداخل مزعج في التواريخ بين حقيقتين تربطان بشكل كبير بين مصر السيسي وبلادنا: الإفراج عن باتريك زكي ومحاكمة قتلة ريجيني. فهناك ابتزاز غير مقبول وإن كان بشكل مبطَّن، يزعج العالم الدبلوماسي في القاهرة.

الوقائع:

بالأمس، جدّد القضاء المصري حبس باتريك زكي لمدة شهر ونصف أخرى، الطالب المصري بجامعة بولونيا الذي اعتقل قبل أكثر من عام في القاهرة تحت ذرائع مختلفة. فهو محتجز في سجن طرة بتهمة القيام بدعاية تخريبية ضد البلاد: وهي في الأساس بعض المنشورات على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”؛ وبالمناسبة، طالما أكّد زكي بشكل مستمر أنه لم يكتبها أبداً. لقد كان اعتقاله – الذي شجبته المنظمات غير الحكومية والمجتمع الدولي على الفور – وسيلة من أجل توجيه ضربة للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وهي إحدى المنظمات غير الحكومية المصرية الأكثر موثوقية والتي تعاملت دائماً مع حقوق الإنسان، والتي كان طالب جامعة بولونيا يتعاون معها.

لكن الحقائق أظهرت للعيان كيف أصبحت قضية باتريك زكي على الفور أداة للابتزاز والضغط من مصر على أوروبا بوجه عام وإيطاليا على وجه الخصوص. ففي حين تم الإفراج عن كبار المسؤولين التنفيذيين في المنظمة الحقوقية المصرية، الذين كان قد تم اعتقالهم في الأشهر الأخيرة، إلا أن القاهرة شددت قبضتها بشكل كبير على طالب جامعة بولونيا باتريك زكي، رغم عدم وجود سبب لسجنه. وعلى الرغم من حقيقة أن حالة الشاب المصري الجسدية والعقلية كارثية: فإن المحاولة الأخيرة التي قام بها محاموه للإفراج عنه كانت بسبب دخول والده المستشفى وإمكانية الإفراج عن ابنه حتى يقوم بزيارته. كان يبدو أن هذا هو الوقت المناسب للإفراج عن زكي، حيث كان الكثيرون مقتنعين بأن وقت الإفراج عنه قد حان.

وبدلا من ذلك، جاء تمديد جديد لحبسه الاحتياطي المستمر منذ أكثر من عام. الأمر الذي دق أجراس الخطر وأزعج المجتمع الدولي. وفي الواقع، أوضحت مصادر دبلوماسية من القاهرة أن وراء قرار القضاء المصري بتجديد حبس باتريك هو محاولة النظام هناك لربط قضية باتريك زكي بمحاكمة المتهمين بقتلة ريجيني من عملاء الأمن الوطني المصري في إيطاليا. وهي محاولة عمل المصريون عليها منذ البداية. وكان الجميع في إيطاليا حريصين دائماً على إبقاء الأمرين منفصلين: لأنه لا يمكن للسياسة أبداً أن تُملي أو تحدد الوقت والكيفية لتحقيق العدالة، ولأن قضية زكي وقضية ريجيني مختلفتان، وحتى لا تحدث مشاكل أخرى لطالب جامعة بولونيا.

وسيتعين تجديد حبس زكي مرة أخرى قرب التاسع والعشرين من إبريل، وهو يوم جلسة الاستماع الأولية ضد عناصر الأمن الوطني الأربعة وهم: اللواء صابر طارق؛ والعقيد آسر كامل محمد إبراهيم؛ والعقيد حسام حلمي؛ والرائد إبراهيم مجدي شريف – المتهمين من قبل المدعي العام في روما لمشاركتهم في اختطاف وقتل ريجيني، الذي وُجد مقتولاً في القاهرة في يناير 2016. وبعد مرور خمس سنوات من التحقيقات، أغلق مكتب المدعي العام في روما التحقيق في القضية.

وعلى الرغم من عدم تعاون القاهرة، وضع عناصر الأمن القومي على قائمة الاتهام. وحيال ذلك، جاء الرد المصري عنيفاً، حيث قال النائب العام: “لا توجد أدلة تدعم هذا الاتهام”. لكن حكومة السيسي تعرف جيداً أن المحاكمة التي على وشك البدء في روما ليست مجرد محاكمة تتهم أربعة عملاء فقط، لكنها محاكمة لنظام الحكم كله؛ وهي عملية تخاطر بفضح أساليب الدولة التي تختطف وتعذب وتقتل مواطناً أجنبياً أمام أعين أوروبا كلها.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close