fbpx
اقتصادترجمات

بلومبيرج: لا تزال مرونة العملة المصرية موضع شك رغم عمليات البيع الضخمة

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

نشرت وكالة بلومبيرج الأمريكية في 28 نوفمبر 2022 تقريراً  لنيتي إديو إسماعيل وميريت مجدي، حيث يؤكد نموذج نومورا[1] أن مصر معرضة لخطر أزمة عملة، بالرغم من أم مصر قامت في أكتوبر بخفض قيمة الجنيه، مما كان ينبغي أن يكون مؤشراً على التحول إلى المرونة النقدية،  لكن تلك المرونة المنشودة في العملة المصرية لا تزال ضعيفة للغاية بالنسبة للأسواق التي تتجه لمزيد من الاضطراب في المستقبل.

وعلى الرغم من أن مصر كانت قد سمحت بهبوط الجنيه بشكل أكبر من جميع العملات الأخرى تقريباً في العالم هذا الربع من العام، فلا يزال المستثمرون يتساءلون عما إذا كانت السلطات المصرية ستخفف قبضتها تماماً عن الجنيه إذا تعرضت لمزيد من الضغوط. وفي الواقع قد لا يحتاج المستثمرون إلى الانتظار طويلاً للحصول على إجابات لتساؤلاتهم.

فالاقتصاد المصري يُعد الأكثر عرضة، من بين نظرائه في الدول النامية الأخرى، لأزمة في العملة خلال الاثني عشر شهراً القادمة، وفقاً لمقياس نومورا هولدنجز الذي توقع عمليات البيع السابقة. وكان بنك إتش إس بي سي[2] البريطاني قد توقع سابقاً أن يستقر سعر الصرف  في مصر حول 24 جنيهاً مصرياً مقابل الدولار، بيد أنه يتوقع الآن أن يتحرك سعر الصرف مبدئياً نحو 26 جنيهاً مصرياً مقابل الدولار، مما يعني انخفاضاً بنسبة 5.5% تقريباً عن مستويات أسعار الصرف الحالية.

تبدو إرادة المستثمرين الأجانب على المحك في إعادة استثمار الأموال إلى الأسواق الناشئة التي كانت يوماً ما أثيرة لديهم. وقد ساهم إحجام المستثمرين حتى الآن في ارتفاع حاد في عوائد أذون الخزانة المصرية، والتي وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ أوائل عام 2019 في المزادات الأخيرة.

وقال فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي في مجموعة جولدمان ساكس في لندن: “هناك الكثير من الالتباس وعدم الوضوح حالياً حول ما إذا كنا نتمتع بنظام مرن حقاً،” مضيفاً، “لم يتم اختبار ما إذا كان الجنيه سيكون أكثر مرونة في مواجهة الصدمات الخارجية في المستقبل وأنه سيكون بمثابة عامل استقرار تلقائي للحسابات الخارجية.”

اتساع تكلفة المخاطر لديون مصر مقارنة بمثيلاتها في الأسواق الناشئة

فجوة العائد بين أذون الخزانة المصرية وديون الأسواق الناشئة

مزاد أذون الخزانة المصرية على مدى 12 شهراً – بلومبيرج: عائد العملة المحلية بالأسواق الناشئة يتجه إلى الأسوأ

المصدر: وكالة بلومبيرج

خفّضت مصر، الدولة الواقعة في شمال إفريقيا، قيمة الجنيه بنسبة 18% في أواخر أكتوبر الماضي، وأعلنت أنها تتحول إلى نظام صرف للعملات الأجنبية أكثر مرونة في الوقت الذي يصارع فيه الاقتصاد المصري تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا. حيث تراجعت العملة المحلية المصرية بنحو 20% مقابل الدولار لتسجل أدنى مستوياتها هذا الربع من العام، وهو ثاني أسوأ أداء للعملة في العالم بعد أداء العملة المحلية لدولة غانا، السيدي.

لكن الموجة الأخيرة من تراجع الدولار على مستوى العالم ساعدت في التخفيف من حدة انخفاض الجنيه المصري إلى حوالي 2% هذا الشهر. وجدير بالذكر أن عملات الأسواق الناشئة قد قفزت بنسبة 3% تقريباً في شهر نوفمبر مع تراجع الدولار الأخير.

وتراجعت التقلبات التاريخية في سعر صرف الجنيه المصري خلال أسبوع  والتي تقيس مدى ابتعاد الأسعار المتداولة عن متوسط معدلاتها – إلى المستويات التي كانت موجودة قبل آخر تخفيض حاد لقيمة العملة المحلية المصرية.

وقال سايمون ويليامز، كبير الاقتصاديين في إتش إس بي سي هولدنجز لوسط وشرق أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في تقرير له، “بعد تحرك مبدئي حاد إبّان إبرام مصر صفقة صندوق النقد الدولي، لم يتغير سعر صرف الجنيه المصري كثيراً مقابل الدولار، في الوقت الذي كانت فيه عملات أخرى في الأسواق الناشئة أكثر تقلباً.”

تحول مصر إلى سعر الصرف المرن لا يزال موضع شك

تقلبات الدولار مقابل الجنيه المصري  خلال أسبوع واحد

المصدر: بلومبيرج

وقال ويليامز: “إذا استمر الوضع الراهن وكافحت سوق العملات الأجنبية لمواجهته، فإن احتمالية حدوث تحول هبوطي أكثر عمقاً في قيمة الجنيه المصري سترتفع”.

وفي غضون ذلك، تظل التداعيات الاقتصادية  لذلك صعبة بالنسبة لمصر.

وقد سجلت العملة المحلية المصرية أدنى مستوى بين نظرائها في الدول الناشئة الأخرى، بحسب مؤشر نومورا للإنذار المبكر في أزمات سعر الصرف. وتُعَدّ مصر واحدة من أربع دول نامية “لم تخرج بعد من حيز الخطر” حتى بعد أن شهدت بيعاً كثيفاً للعملة، وفقاً لبنك نومورا ومقره طوكيو.

‘استهلاك متزايد’

ومن المقرر في الوقت الحالي أن تسمح مصر بـ “بعض الانخفاض السريع في قيمة عملتها المحلية” الشهر المقبل قبل الموافقة المنتظرة على قرض قيمته 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، والذي يشترط أن يكون سعر الصرف أكثر مرونة كشرط هام لتقديم الدعم المالي، بحسب ما ذكره جوردون باورز، المحلل الاقتصادي  في شركة كولومبيا ثريدنيدل للاستثمارات[3]، والذي يقيم في لندن.

ويضيف باورز أنه بالنظر إلى المستقبل، فإن مصر تواجه عدة نقاط ضغط، من بينها:

– أن البنك المركزي المصري يعتزم إلغاء شرط حصول المستوردين على خطابات اعتماد لشراء بعض السلع في الخارج، بحلول نهاية ديسمبر.

– وتحتاج البلاد أيضاً إلى تصفية الطلبات المتراكمة – التي تُقدر بأكثر من خمسة مليارات دولار – والمقدمة من المستوردين والشركات من أجل الوصول إلى العملة الصعبة، وهي خطوة أخرى يمكن أن تزيد من تصاعد الضغوط على الجنيه المصري.

وقال باورز: “يبدو أن السلطات تريد بالفعل إدارة عملية المقاصة هذه، وبمجرد وصول الأعمال المتراكمة إلى مستويات يمكن إدارتها، يمكننا أن نرى المزيد من المرونة في سعر العملة. ولكن حتى ذلك الحين، أعتقد أنه من السابق لأوانه التعرف على مدى مرونة نظام سعر الصرف الجديد في حقيقة الأمر.”

وقد تؤدي المخاوف بشأن التضخم والاستقرار الاجتماعي إلى وضع قيود على السياسة في بلد تكون فيه أغلبية الشعب عرضة لصدمات الأسعار. وبينما تُضيف مصر أدوات وآليات للمستثمرين والشركات من أجل التحوط من مخاطر أسعار صرف العملات الأجنبية، فلا يزال التداول في سوق السندات المحلية ضعيفاً.

أما في السوق الخارجية، صعّد المستثمرون في السندات المحلية رهاناتهم على أن قيمة الجنيه المصري سوف تنخفض ​​بأكثر من 13% في خلال الاثني عشر شهراً المقبلة.

وتقول كارلا سليم، الخبيرة الاقتصادية في ستاندرد تشارترد[4] أن “سيظل الجنيه المصري تحت الضغط إلى أن يأتي المزيد من التدفقات الدولارية من الحلفاء الخليجيين الذين سارعوا إلى مساعدة مصر من خلال تعهدات الودائع والاستثمارات”.


الهامش

[1] المعروف أن بنك نومورا الياباني يتبنى نموذج داموكليس، وهو نموذج إنذار مبكر لأزمات أسعار الصرف في الأسواق الناشئة، حيث هناك ثمانية مؤشرات رئيسية للمؤشر، من بينها احتياطيات العملات الأجنبية، والديون الخارجية قصيرة الأجل، ومعدل الفائدة الحقيقي قصير الأجل، والرصيد المالي، وغيرها. فبحسب مؤشر بنك نومورا، إذا تجاوز المؤشر مستوى 100 درجة، فإن عملة دولة ما معرّضة بنسبة 64% للصدمة في الأشهر الـ 12 التالية؛ ولكن مصر تجاوزت مستوى الأمان بكثير، حيث حصلت على 165 في نموذج داموكليس، لتأتي في صدارة الدول الأكثر عرضة لحدوث أزمة عملة.

[2] “إتش إس بي سي” هو بنك استثماري بريطاني متعدد الجنسيّات وشركة قابضة للخدمات المالية، والذي يُعدّ أكبر بنك في أوروبا، متقدماً على  “بي إن بي باريبا”، وهي مجموعة بنكية عالمية فرنسية مقرها الرئيس في باريس، ولديها مقر عالمي آخر في لندن، بقيمة 2.953 تريليون دولار أمريكي اعتباراً من ديسمبر 2021.

[3] شركة كولومبيا ثريدنيدل للاستثمارات هي شركة أمريكية لإدارة الأصول؛ وهي شركة تابعة لشركة أمبربرايس فاينانشيال وتعمل كذراع لها في إدارة الأصول.

[4] ستاندرد تشارترد بي إل سي هي شركة بريطانية متعددة الجنسيات للخدمات المصرفية والمالية مقرها لندن، وتقوم بتشغيل أكثر من 1,700 فرع في أكثر من 70 دولة حول العالم.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close