fbpx
ترجمات

بلومبيرج: من وراء قتل رئيس مصر المنتخب الوحيد؟

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

نشرت مؤسسة بلومبيرج الأمريكية بتاريخ 24 يونيو مقالة كتبها ايلي ليك، وهو كاتب أميركي متخصص في الشؤون الأمنية، تحت عنوان: “غولاغ” مصر ساهم في قتل رئيسها المنتخب الوحيد، وجاء فيه:

للأسف، المعاملة السيئة التي تلقاها محمد مرسي في السجن هي المعاملة المعتادة في السجون المصرية

عندما توفي محمد مرسي، الرئيس المنتخب الأول والوحيد في مصر، في قاعة المحكمة الأسبوع الماضي، لم تُبد واشنطن الاهتمام المطلوب بالأمر. فقد كان الرئيس دونالد ترامب يركز على الأزمة مع إيران. وبسبب السياسة التي تتبناها الإدارة الأمريكية الحالية فأن حلفاء الولايات المتحدة من المستبدين مثل عبد الفتاح السيسي في مصر لن يخجلوا من الطريقة التي يعاملون بها المعارضين أو يخشوا أي عواقب لذلك. وإلى جانب ذلك، فقد كان مرسي عضواً في جماعة الإخوان المسلمين، التي تفكر إدارة ترامب في تصنيفها كمنظمة إرهابية.

ومع ذلك، ينبغي أن تؤدي وفاة مرسي إلى يقظة الإدارة الأمريكية، خاصة وزير الخارجية مايك بومبو. في رسالة إلى بومبيو، تقول مجموعة من الخبراء من الحزبين المصريين إن موت مرسي كان على الأرجح نتيجة لظروف السجن الرديئة. “لم يقتصر الأمر على إبقاء مرسي في عزلة تامة طويلة، حيث لم يُسمح له سوى بثلاث زيارات عائلية على مدار ست سنوات”، حسبما جاء في رسالة لمجموعة العمل الأمريكية حول مصر. “لقد حرمه مسؤولو السجن من العلاج الطبي لمرض السكري وكذلك أمراض الكلى والكبد”. وفي الواقع، فقد حذر تحقيق برلماني بريطاني قبل أكثر من عام من أن مرسي قد يتعرض لوفاة مبكرة نتيجة الطريقة التي يتم التعامل معه بها في السجن.

وعلى الرغم من أنه قد يكون من السهل على إدارة ترامب تجاهل هذا النوع من النداءات من جماعات حقوق الإنسان، إلا أن الأمر فيما يخص مجموعة العمل المعنية بمصر مختلف. فحتى هذا العام، كان إليوت أبرامز، الذي يشغل حاليا منصب الممثل الخاص لترامب إلى فنزويلا، عضواً في المجموعة.

– وللأسف، لا يكاد يكون مرسي هو السجين المصري الوحيد الذي يعاني من ظروف تشبه ما كان يحدث أيام جهاز “غولاغ” إبان الاتحاد السوفيتي. وكما يقول خطاب مجموعة العمل عن مصر، فإنه “بينما كانت معاملة مرسي قاسية بشكل ملحوظ، لم تكن هذه الظاهرة غير معتادة في السجون المصرية”. فحوالي 60 ألف سجين سياسي في السجون المصرية المكتظة يفتقرون إلى عوامل الصرف الصحي الأساسية، كما يقول الخطاب. وغالباً ما يخضع السجناء من السياسيين البارزين شهوراً وأحيانًا سنوات من الحبس الانفرادي.

سيكون أمراً سيئاً إذا امتلأت سجون السيسي بأعضاء جماعة الإخوان المسلمين فقط. لكن هذه المعاملة تنطبق على كثير من المصريين الذين لديهم آراء سياسية متنوعة. فقد تعرض سامي عنان، رئيس أركان الجيش المصري السابق الذي تم اعتقاله أثناء محاولته الترشح ضد السيسي في انتخابات 2018، لمرض عُضال منذ سجنه. وتم حرمان هشام جنينة – الرئيس السابق لجهاز المركزي للمحاسبات والذي كان له دور في كشف الفساد بما في ذلك الجيش المصري – من العلاج الطبي بسبب إصابات لحقت به خلال هجوم عليه من البلطجية (الذين تديرهم أجهزة الدولة الأمنية). وهناك الآلاف من الحالات المماثلة، كما يقول الخطاب.

وهناك في سجون السيسي يقبع مواطنون أمريكيون. فقد تم إلقاء القبض على مصطفى قاسم، وهو رجل أعمال أمريكي، ضمن مصريين اُعتقلوا خلال انقلاب عام 2013 الذي قام به السيسي وأوصله إلى السلطة. كانت جريمة قاسم الكبرى، حسب صهره، هي أنه سلّم جواز سفره الأمريكي إلى جندي مصري، معتقداً أنه سيحميه. وبدلا من ذلك، تم اتهامه بأنه جاسوس. وباعتباره مصاباً بمرض السكري ومرض في القلب، فإن عائلته تخشى أن يكون موته وشيكاً إذا ظل في السجن المصري.

إذا كان من حق الدولة أن تحبس الناس، فإنها يجب أن تلتزم بتقديم الرعاية الطبية الأساسية لهم. وهذا ينطبق على المجرمين الذين تمت إدانتهم كما هو الحال كذلك بالنسبة للسجناء السياسيين، الذين لا ينبغي أن يتم احتجازهم في الأساس.

 وهناك أيضاً سبب قوي للمصالح الوطنية الأمريكية يتمثل في ضرورة قيام مايك بومبيو ودونالد ترامب بالضغط على السيسي لجعل سجونه أكثر إنسانية. لا يعرف الحكام الديكتاتوريون لمصر في العصر الحديث متى سيوجه أعداؤهم ضرباتهم. لكنهم يوجهون ضرباتهم ضد الجميع بشكل مستمر. فقد جاء جمال عبد الناصر إلى السلطة في انقلاب عسكري. ثم اغتيل خلفه، أنور السادات، على أيدي إسلاميين ساخطين كانوا أفراد في الجيش المصري. لم يكن خليفة السادات، حسني مبارك، يعرف أن جيشه سيتحدى أوامره باستخدام القوة المميتة ضد المواطنين الذين تجمعوا في ميدان التحرير.

وقد أخبرتني إيمي هوثورن، مديرة الأبحاث في مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط وعضو في مجموعة العمل، أن الظروف القاسية لسجون السيسي يمكن أن تؤدي إلى ردة فعل عنيفة: إنها “تدفع الناس إلى العمل تحت الأرض وتوسع قاعدة الأشخاص الذين يعانون من مظالم النظام”. وكان زعيم القاعدة الحالي، أيمن الظواهري، قد تعرض للتعذيب من قبل في أحد السجون المصرية. لقد ساعدت تجربته المريرة هناك في إذكاء ميول التطرف لديه منذ ذلك الحين.

ربما يظن السيسي أنه في حاجة إلى هذه القلاع الحصينة (من السجون) للنيل من أعدائه. لكنه في الحقيقة يحفر بذلك قبره الذي سيُدفن فيه جراء أفعاله في نهاية المطاف. إن لدى بومبيو، في الحقيقة، فرصة لتذكيره بحماقته – واتخاذ موقف من أجل الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان التي يجب أن تكون أساس السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

*جهاز “غولاغ” هو الوكالة الحكومية السوفياتية التي كانت مسؤولة عن نظام معسكر العمل القسري الذي أنشئ تحت قيادة فلاديمير لينين ووصل إلى ذروته خلال حكم جوزيف ستالين من 1930 إلى أوائل 1950.

***

خطاب الفريق العامل المعني بمصر لبومبيو

وكان الفريق العامل (من مراكز الأبحاث الأمريكية) المعني بمصر قد أرسل خطاباً إلى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو جاء فيه أنه يجب أن تكون وفاة الرئيس السابق محمد مرسي في 17 يونيو بمثابة دعوة لتجديد اليقظة والاهتمام الدولي بما يحدث في مصر والحالة المتردية للمعتقلين المصريين الآخرين في السجون المصرية الذين تتعرض حياتهم للخطر على غرار ما حدث للرئيس مرسي، ولكن قد يكون من الممكن إنقاذهم.

واستهلت مجموعة العمل خطابها إلى بومبيو بقولها:

“نكتب إليكم لنطلب منك أن تعرب عن قلقك علناً وسراً بشأن الظروف السيئة للمحتجزين السياسيين في مصر، كما يتضح من وفاة الرئيس السابق محمد مرسي في 17 يونيو. فمرسي، البالغ من العمر 67 عاماً، سقط مغشياً عليه في قاعة المحكمة وتوفي بعد ست سنوات من الاحتجاز في ظل ظروف قاسية للغاية. لم يقتصر الأمر على بقاء مرسي في عزلة تامة عن العالم خلال تلك الفترة، حيث لم يُسمح له سوى بثلاث زيارات عائلية فقط على مدار ست سنوات، لكن مسؤولي السجن حرموه من العلاج الطبي لمرض السكري وكذلك أمراض الكلى والكبد. وقد عبر مرسي هو وعائلته مراراً وتكراراً عن الشكوى مما كان يتعرض له وأدى إلى تدهور حالته الصحية (على سبيل المثال، سقط عدة مرات مغشياً عليه جراء تعرضه لغيبوبة سكر)، وحذر البرلمانيون البريطانيون الذين تحققوا قبل أكثر من عام من أن سوء معاملة مرسي قد يؤدي إلى وفاته المبكرة.”

وجاء في الخطاب أيضاً:

“لم يفعل مرسي ولا السجناء السياسيون الآخرون الذين يقدر عددهم بـ 60.000 – بينهم قادة ونشطاء إسلاميون وعلمانيون على حد سواء – أي شيء، لتبرير المعاملة الوحشية التي واجهوها منذ الانقلاب العسكري عام 2013 … في حين أن معاملة مرسي كانت قاسية بشكل ملحوظ، إلا أنها لم تكن غير اعتيادية. فاليوم هناك الآلاف من السجناء السياسيين المصريين الذين تعرضوا لسوء المعاملة بنفس الطريقة، وكثير منهم عُرضة لخطر الموت المبكر أو الضرر الدائم على صحتهم. حيث يتم احتجاز عموم المعتقلين السياسيين في زنزانات السجن المزدحمة دون توفير الحد الأدنى من متطلبات المساحة الكافية أو المرافق الصحية اللازمة، بينما يعاني المعتقلون السياسيون البارزون، مثل مرسي، تتراوح بين شهور إلى سنوات من الحبس الانفرادي.”

– “وتفشل السلطات المصرية بشكل روتيني في توفير العلاج الطبي للمعتقلين، سواء للظروف الطبية الموجودة مسبقاً مثل السكري أو الأمراض التي تنشأ بسبب سوء أحوال السجون. ووفقاً لتقرير وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2018 عن حقوق الإنسان، فإن ’ الرعاية الصحية في السجون غير كافية، مما أدى إلى وفاة عدد كبير من السجناء بسبب أمراض يمكن علاجها‘. وأفادت منظمات حقوق الإنسان المصرية أن 245 محتجزاً ماتوا في السجن بسبب الإهمال الطبي في عام 2018 وحدها، مع 650 حالة وفاة أخرى منذ عام 2013. ومن بين هذه الحالات المعروفة جمال سرور (ناشط بارز في مجال حقوق النوبة ومواطن مصري / فرنسي، توفي في نوفمبر 2017 بعد حرمانه من الأدوية والتعرض لغيبوبة سكر) وكذلك المرشد العام السابق للإخوان المسلمين محمد مهدي عاكف (الذي توفي في السجن عام 2017 عن عمر يناهز 89).”

– “تزيد ظروف السجن القاسية من الانتهاكات الجماعية الأخرى التي ترتكبها الحكومة المصرية ضد المعتقلين، بما في ذلك الاستخدام المنتظم لجرائم الإخفاء القسري والاحتجاز التعسفي والمحاكمة الجائرة والتعذيب بما في ذلك الاعتداء الجنسي. كما عملت السلطات على سحب المعتقلين من السجن وقتلتهم بدم بارد، بدعوى قتلهم في غارات ضد “خلايا إرهابية” – وهو مصير أكثر من 450 مصرياً منذ عام 2015، وفقًا لتقرير استقصائي أجرته وكالة رويترز مؤخراً.”

 ومن الأمثلة التي ذكرها الخطاب على المعاملة السيئة للمعتقلين السياسيين المصريين:

– المواطن الأمريكي مصطفى قاسم المصاب بمرض السكري ومرض في القلب وقد حُرم من العلاج الطبي المناسب؛ ذكرت عائلته أنه معرض لخطر الموت الوشيك.

– المواطن الأمريكي خالد حسن تعرض للتعذيب والاغتصاب أثناء الاحتجاز، وحُرم من الأدوية اللازمة.

– علا القرضاوي وزوجها حسام خلف، حيث عانوا من آثار تعذيب جسدية ونفسية سيئة لمدة عامين.

– تعرض مؤسس حزب مصر القوية والمرشح الرئاسي لعام 2012، عبد المنعم أبو الفتوح، لنوبة قلبية واحدة على الأقل منذ اعتقاله في فبراير 2018.

– ويعاني نائب رئيس حزب مصر القوية، محمد القصاص، أيضاً من مشاكل مرض السكري وضغط الدم ولا يتلقى علاجاً لذلك.

– يعاني رئيس أركان القوات المسلحة السابق، سامي عنان، الذي حاول الترشح للرئاسة ضد السيسي في عام 2018، من مرض يُهدد حياته ومشاكل في الظهر أثناء احتجازه.

– تعرض محمد البلتاجي، أحد قادة جماعة الإخوان المسلمين، لخطر سكتة دماغية ويعاني من فشل كلوي وأمراض خطيرة أخرى منذ اعتقاله في عام 2013.

– تعرض مستشار الأمن القومي السابق عصام حداد لعدة نوبات قلبية في السجن، بينما لم يعد بإمكان ابنه جهاد حداد، وهو ناشط في جماعة الإخوان المسلمين، المشي بدون مساعدة بسبب سوء المعاملة وفقدان هائل للوزن.

– تم حرمان هشام جنينة، الرئيس السابق لجهاز المركزي للمحاسبات والذي كان له دور في كشف الفساد بما في ذلك الجيش المصري، من العلاج الطبي لإصابات لحقت به خلال هجوم عليه من البلطجية (الذين تُديرهم وتُحرضهم أجهزة الدولة الأمنية).

– مُنعت هدى عبد المنعم، المحامية البارزة في مجال حقوق الإنسان، من العلاج بعد تعرضها لجلطة دموية في الساق.

وقالت مجموعة العمل في خطابها إلى وزير الخارجية الأمريكي إن هذه الأمثلة ليست سوى حالات قليلة تخص بعض المعتقلين من السياسيين المصريين المعروفين؛ بينما هناك آلاف أخرى تعاني من مشاكل مشابهة.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close