المرصد

تحليل اتجاهات الإعلام السعودي 21 فبراير 2016

ملخص عام:

يتناول هذا التقرير الفترة بين (14 و20 فبراير 2016) وخلالها استمر تفاعل الإعلام السعودي مع قضية الإعلان عن “الحرب البرية السعودية” في سوريا، واتصالها بالعلاقات السعودية التركية، ولكن يبدو وكأن الأمور لم تسير كما يتمني السعوديون؛ حيث رفضت تركيا هذه الخطوة، مفضلةً إما إقناع التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة بتبني العملية البرية المطلوبة في سوريا، أو وقف الأمر على القصف المدفعي في شمال سوريا، ضد مواقع الأكراد؛ حيث لا يبدو أن الأتراك متحمسين لخطوة محاربة “داعش” في سوريا لبواعث أمنية تتعلق بالداخل التركي.

ولذلك يُلاحظ وجود انخفاض في السقف الذي بدأت به الدعوات للحملة البرية؛ حيث إن التنسيق في خصوصها تراجع في الوقت الراهن، إلى مستوى الحديث عن طائرات سعودية الجنسية، “سوف” تذهب إلى قاعدة “أنجرليك” التركية في جنوب البلاد، بعد أن كان الحديث عن تشكيل “قيادة عمليات مشتركة” تركية سعودية لشنِّ الحرب على “داعش” في سوريا.

يتصل بذلك، نفي الخارجية السعودية تحديد موعد لزيارة الملك سلمان إلى روسيا، والاتصال الهاتفي الذي تلقاه سلمان من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكان محتواه يتعلق بالأوضاع في سوريا بالأساس.

تفجيرات أنقرة والأزمة بين تركيا والأكراد في شمال سوريا، بدورها حظيت باهتمام كبير من جانب الإعلام السعودي، ولكن على المستوى الرسمي كان التعاطف واضحًا، وبرز الاهتمام بعزاء الملك سلمان في تفجيرات أنقرة، لكن استمر النقد للمواقف التركية في الإعلامي السعودي.

الملف الثاني في اهتمام الإعلام السعودي، كان ملف الحرب الراهنة في اليمن؛ حيث أكد العميد أحمد عسيري، المتحدث باسم قوات التحالف العربي التي تقودها السعودية هناك، أن الحرب التي كلفت اليمن حوالي 6500 قتيل منذ اندلاعها قبل أقل من عام، لن تنتهي قبل عودة “الشرعية، وميدانيًّا ركز الإعلام السعودي على بعض المكاسب المتحققة لقوات الرئيس هادي منصور، فيما لم تفلح محاولات اقتحام تعز بعد، ولم يتم الإعلان عن معركة “تحرير” صنعاء.

فيما يخص العلاقات المصرية – السعودية؛ وكما توقع التقرير السابق؛ فإن الموضوع السوري كان محكًّا مهمًّا لها في الفترة المقبلة؛ حيث صدر تصريح عن وزير خارجية الانقلاب، سامح شكري، أشار فيه إلى أن الموقف السعودي بالدخول إلى سوريا بريًّا، هو موقف سيادي، ولكنه منفردًا، ولم يتم في إطار “التحالف الإسلامي العسكري” الذي أعلنته الرياض سلفًا، لمكافحة “الإرهاب”.

في المقابل، كان هناك اهتمام واضح بمناورات “رعد الشمال” التي تشارك فيها مصر و18 دولة أخرى عربية وإسلامية، مع السعودية، بإجمالي 20 دولة، على أراضي المملكة.

كما كان هناك حدث لافت له أبعاده الداخلية والخارجية، واهتمت به وسائل الإعلام السعودية، وهو اجتماع الدوحة الرباعي النفطي، الذي ضم الرياض والدوحة بالإضافة إلى فنزويلا، وثلاثتهم من “أوبك”، مع روسيا، وتم فيه الاتفاق على تخفيض الإنتاج إلى مستويات يناير 2016، وبعد إعلان بعض دول “أوبك” العربية، عن تأييدها لهذا الموقف، مثل الكويت؛ عادت الرياض، بعد إعلان طهران أنها سوف تزيد من إنتاجها النفطي، وقالت، على لسان وزير الخارجية عادل الجبير، أنها لن تخفض إنتاجها.

وعلى المستوى الداخلي، كان من الواضح وجود توجه وسائل الإعلام السعودية هذا الأسبوع قد حصلت على تعليمات مشددة بعدم إثارة أية مشكلات أو قضايا خلافية في ظل المشكلات القائمة بالفعل وتواجه الرياض في الداخل والخارج، وإن كان هنا اهتمام بموضوع مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف ودور الرياض “كحائط صد” في ذلك.

داخليًّا كذلك؛ تفاعلت أزمة جديدة في حق هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد واقعة مصادرة رجال الهيئة لزي دمية ارتداها شاب أمام متجر واتهامهم له بالتشبه بالنساء، بالإضافة إلى تدوال فيديو بمواقع التواصل الاجتماعي يظهر تعامل رجال الهيئة بخشونة مع فتاة في أحد المتاجر.

أولا: التدخل البري في سوريا:

استمرت القضية السورية في صدارة اهتمام الإعلام السعودي، الذي تناول عدداً من الأمور التي ترتبط بالأزمة والحرب في سوريا، وعلى رأسها، “فحص” مواقف الدول العربية والإسلامية المختلفة من موضوع “المبادرة” السعودية بخوض حرب برية في سوريا، وكان الموقف التركي، والموقف المصري بدوره، محل انتقاد في هذا الصدد؛ حيث لم تُبدِ البلدَاْن أية بادرة لأخذ خطوة تدعم الموقف السعودية على أرض الواقع.

قناة “العربية” والإعلام السعودي في لندن، كان يتناول تطورات الحدث، وكان أكبر ما تم التعليق عليه هو إعلان العسيري عن وصول طائرات سعودية إلى “أنجرليك”، قبل أن ينفي وزير الدفاع التركي، عصمت يلماظ، ذلك تمامًا، وينفي وجود أية نية للجيش التركي للدخول إلى تركيا، وذلك في شهادة له أمام البرلمان التركي، الإثنين، 14 فبراير 2016.

وكانت تصريحات يلماظ، والتي أكدت أن القيادة السياسية التركية لا تجد دعم القيادة العسكرية في البلاد لخياراتها وخططها للدخول في حرب برية في سوريا، حتى ولو كان الأمر ضد “داعش”، وكانت تقارير عدة قد تداولت هذا الخلاف، حتى من قبل أن يعلن يلماظ موقف الجيش التركي أمام البرلمان، وهو ما كان نقطة تحول مهمة لدى الإعلام السعودي لانتقاد الأتراك.

لكن ذلك لم يمنع من إبداء الإعلام السعودي اهتمامه بالمناورات الجوية المشتركة التي بدأت بين السعودية وبين تركيا، يوم الإثنين 15 فبراير، لمدة خمسة أيام، مع تأكيد البلدَيْن استعدادهما تكثيف عملياتهما ضد تنظيم داعش”.

وضمن رصد المواقف، اهتم الإعلام السعودي بتصريحات وزير الدولة لشؤون الدفاع في قطر، خالد العطية، استعداد بلاده للتدخل البري في سوريا “جنبا إلى جنب” “مع السعودية والإمارات” – كما قالت “الشرق الأوسط” وليس كما قال الوزير القطري -” إذا طلبت منها الرياض ذلك”.

وقال العطية كذلك في تصريحات لـ “الشرق الأوسط”، إن موقف قطر “مفروغ منه، فهي منذ أكتوبر 2015، قالت: إنه في حال تطلبت حماية الشعب السوري تدخلا بريًا، فإنها ستلبي الطلب”.

التراجع الكبير الملحوظ في المواقف السعودية إزاء موضوع التدخل البري في سوريا، جاء بضغوط أمريكية، وهو ما لم يذكره الإعلام السعودي بالطبع، ولكن ذكره الإعلام البريطاني والأمريكي؛ حيث تمارس واشنطن جهودًا ناجحة للآن مع الرياض بحكم الأمر الواقع – لا تستطيع الرياض التدخل البري منفردة في سوريا بسبب غياب الحدود المشتركة – وفاشلة مع تركيا؛ التي تقوم بقصف يومي على مواقع الأكراد في شمال سوريا.

ولكن هذا لم يمنع الصحف السعودية من أن تدافع عن مسألة الدخول بقوات برية إلى سوريا، يقول خالد المالك في صحيفة “الجزيرة”، يوم 19 فبراير: “أدركنا بأن المملكة هي من تتبنى الكثير من مبادرات التحالفات العسكرية الاستراتيجية، وهي من يُصغي لها العالم، ويتجاوب مع طروحاتها، ويُلبي ما تراه من أفكار تصب في الاتجاه الصحيح للقضاء على داعش، فهي باختصار دولة يُعتمد عليها، وشريك لا غنى للعالم عنه، وقوة ضاربة يُحسب حِسابها في أي إجراءات لإنجاح ما هو متداول من مشروعات هدفها حماية العالم من الإرهاب المتنامي”.

أيمن الحماد استغل الفرصة للتسويق للأمير محمد بن سلمان، ودوره “الإقليمي والدولي”؛ فقال في افتتاحية “الرياض”، يوم 19 فبراير كذلك: “لقد شكلت اللقاءات التي عقدها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع مع نظرائه في التحالف الدولي في بروكسل فرصة لاستجلاء وجهات النظر، والوقوف عن قرب على مدى استعداد التحالف لعملية برية”.

ويبدو من خلال تغطيات الصحف السعودية للأزمات المرتبطة بهذا الملف؛ مشكلة عدم اتساق أو مشكلة فهم؛ فهم يتناولون بالتأييد دعوات الحكومة السعودية للتدخل البري في سوريا، ولكنهم يحذرون في الوقت ذاته من مخاطر عسكرة الأزمة في سوريا، وبأنها تهدد باندلاع حرب عالمية جديدة!!.

وبالرغم من المعارضة المبدئية والقيمية للدور الروسي في سوريا؛ يبقى أن السعودية طرف في هذه الأزمة، كما روسيا بالضبط؛ حيث كلاهما يعمل على تصعيد عسكرة الأزمة السورية بشكل قد يقود بالفعل إلى المزيد من الحروب الإقليمية.

ثانياً: هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

شهد الأسبوع الماضي أزمة جديدة فيما يتعلق بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بعد قيام بعض منتسبي الهيئة بمصادرة “دمية” ارتداها شاب سعودي أمام أحد المتاجر؛ حيث جرى اتهامه بـ “التشبه بالنساء”. كما تم تداول مقطع مصوَّر على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر تعامُل رجال الهيئة بخشونة مع فتاة في متجر، وتناولت الصحف السعودية هذا الأمر، في صورة حفلت بالانتقادات العنيفة، وشملت دعوات لتغييرات واسعة داخل الهيئة، مع توصيف الموضوع بأنه عداء مبدئي ضد المرأة.

ومن بين ذلك، مقال بقلم حسناء عبد العزيز القنيعير، في صحيفة “الرياض”، يوم 15 فبراير، طالبت فيه بأن “يُجْبَر بعض رجال الهيئة على تغيير أفكارهم المتشددة خصوصًا فيما يتعلق بالمرأة؛ حيث بات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكأنه خاص بها دون غيرها”. وأن رجال الهيئة “لا بد أن يُجبروا على استيعاب المتغيرات العصرية، وأن ما يفعله بعضهم هو ما يجعل المواطنين يرتحلون في الإجازات القصيرة والطويلة خارج الوطن، ومعهم مليارات الريالات التي هو أحق بها من الآخرين”.

أما محمد آل الشيخ، الذي دأب على انتقاد الإسلاميين وأي مظهر إسلامي في بلده؛ فيقول في صحيفة “الجزيرة”، إنه رغم تعاقب الكثير على رئاسة الهيئة وتفاوتهم في الحزم والحسم، إلا أن هذا الجهاز “استعصى تقويمه” على كل من عملوا في المناصب القيادية فيه، وطالب بضرورة ضم الهيئة إلى وزارة الداخلية، واصفا ذلك بأنه “القرار الوسطي الصائب”، ولكنه لم يحدد مفهوم الوسطية في ذلك بالضبط!

وكانت قضية الشفافية والوضوح في نشاط الهيئة، وتهديد مثل هذه الممارسات بأن تفقد ثقة المواطن فيها، محور مقال “علي سعد الموسى”، في صحيفة “الوطن”، حيث قال: إن الهيئة “إما أن تختار ثقة المجتمع بالانحياز إليه وإما أن تختار دور التغطية على تجاوزات بعض الأفراد، وهي بهذا تفقد المجتمع وتهدم الجسر الذي تعبر منه إليه”.

ثالثاً: قضايا السياسة الخارجية السعودية:

1-سورياً: برز الاهتمام بعدد من الملفات المرتبطة بالأزمة السورية، مثل توقعات بفشل ما تم التوصل إليه في مؤتمر ميونيخ في نهاية الأسبوع الماضي في شأن وقف العمليات العسكرية في سوريا، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى مضايا وأخواتها من القرى والمدن المحاصرة في سوريا. كما تم العمل على إبراز “جرائم” الطيران الروسي في سوريا، من خلال تقارير المرصد السوري لحقوق الإنسان، حول عمليات القصف التي تتم في الأجواء السورية، وتصريحات عادل الجبير بشأن تزويد المعارضة السورية بصواريخ “أرض – جو” لهذا السبب.

2-اليمن: كان هناك تركيز على نقطة استمرار الحرب في اليمن حتى استعادة الشرعية، والرد على الانتقادات الموجهة إلى الرياض بسبب طول أمد الحرب وعدم حسمها، وما أدى إليه ذلك من سقوط نحو 6500 قتيل يمني منذ بدء الحرب، بجانب تدمير البنية التحتية في العديد من المدن اليمنية، وفشل الإجراءات السعودية في ضمان الأمن واستعادة العملية السياسية في المناطق التي تم “تحريرها” من الحوثيين، كما يبرز الوضع في عدن. وتصدى الإعلام السعودي لذلك، وعمل على التأكيد على أن الدور السعودي في اليمن يهدف لمحاربة الإرهاب، وأن الرياض تتحرك وفق قواعد الشرعية الدولية. كما تم الرد على الانتقادات الموجهة للرياض في الجانب الإنساني، من خلال الحديث عن إجرام الحوثيين وإرهابهم، وأن الإجراءات السعودية في اليمن تعمل على كشف دور إيران وحلفائها في زعزعة الاستقرار في المنطقة.

3-الولايات المتحدة: تصاعدت الانتقادات الموجهة في الإعلام السعودي للولايات المتحدة بسبب ما يجري في المنطقة، وعدم استجابة واشنطن للدعوات السعودية بالدخول في حرب برية في سوريا، هدفها الحقيقي هو الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد، وسط مخاوف أمريكية من صدام أوسع مع الروس لو تم ذلك.

4-ليبيا: كانت الأوضاع في ليبيا، وخصوصًا بعد تنفيذ بعض العمليات الجوية من جانب بعض الطائرات مجهولة الهوية، على مواقع تابعة لتنظيم “داعش” في شمال غرب ليبيا، ومن بينها عملية نوعية قُتِل فيها أكثر من أربعين من عناصر التنظيم في “صبراتة”، من بين الملفات ذات الاهتمام كذلك.

5-العراق: الحرب على “داعش”، كانت وراء تغطيات إخبارية عدة في الصحف والمصادر الوطنية، بتطورات الأوضاع في العراق؛ حيث الاستعدادات الراهنة لمعركة تحرير الموصل من تنظيم “داعش”. وتناوُل هذا الأمر، ترافق مع تقارير عدة لقناة “العربية” خصوصًا عن الحالة الأمنية في المناطق التي يسكنها العرب السنة في المدن التي تشهد عمليات، مثل الفلوجة والرمادي، وغيرها، والانتهاكات التي تقوم بها ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية في هذا الإطار.

6-لبنان: كان هناك اهتمام بخبر أن الرياض قد أوقفت تسليح الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي هناك، من خلال تمويل شحنات سلاح فرنسية. والخبر الذي تناقلته بعض وسائل الإعلام السعودية والعربية، كان على لسان مصدر مسؤول لم يتم الكشف عن اسمه بعد، ذكر أن الموقف يعود إلى المواقف المناهضة للرياض من جانب بعض الأطراف في الحكومة اللبنانية، ومن جانب حزب الله. كما ذكرت بعض الصحف السعودية في خدماتها الإلكترونية، أن الأمر يعود إلى تخوفات سعودية من وقوع هذه الأسلحة في أيدي حزب الله، كما أبرزت التأييد البحريني والإماراتي للخطوة.

7-إيران: الملفات السابقة كانت بالكامل مقرونة بإيران ونشاطها في الإقليم، وبطبيعة الحال، ووفق التوجه المعروف في الإعلام السعودي، كان هناك تركيز على الجرائم التي ترتكبها إيران، وعلاقاتها مع الغرب بعد الاتفاق النووي، وسياساتها النفطية، وكيف يتصرف حلفاؤها، خصوصًا الحوثيين في اليمن، و”حزب الله” في لبنان وسوريا.

رابعاً: قضايا السياسة الداخلية السعودية:

1. مشروع نظام التأهب الوطني المقدم من عضو مجلس الشورى، حمد آل فهاد، والذي يتضمن إنشاء قاعدة بيانات للمتقاعدين العسكريين السعوديين ومؤهلاتهم وخبراتهم والوحدات التي كانوا يعملون فيها، والأماكن التي يرغبون العمل فيها، كما يحدد دور المتقاعدين العسكريين ونوعية مشاركتهم، والمزايا والمكافآت لمن يتم الاستفادة منهم، ويهدف لتعزيز التواصل معهم ليكونوا جاهزين للالتحاق بالخدمة عند الحاجة لهم، ويمكن تقديم دورات تدريبية لهم ليحافظوا على لياقتهم البدنية. ونقلت صحف سعودية عن آل فهاد، قوله، إن هذا المقترح يتناسب مع الأحداث والظروف الحالية التي تمر بها المنطقة، في إشارة إلى التدخلات السعودية في اليمن وسوريا.

2. مشروع بشأن جمع التبرعات وصرفها في الوجوه الخيرية داخل المملكة، وهو نظام مُعاد دراسته، وتربط تلك الإعادة بمستجدات الموقف من جماعات الإسلام السياسي وقضية مكافحة الإرهاب في المملكة.

3. قضية إسناد بعض أعمال التفتيش والرقابة وفرض الغرامات لشركات فنية متخصصة، كانت حاضرة كذلك في الإعلام السعودي فيما يخص الشأن الداخلي السعودي.

خامساً: القضايا المصرية في الإعلام السعودي

1. كلمة عبد الفتاح السيسي، أمام مجلس الشعب، يوم السبت 13 فبراير، وما طرحه فيها حول “التحديات” التي تواجه مصر في هذه المرحلة، مع الإشارة إلى رفضه الإجابة عن الأسئلة التي وجهها له بعض النواب عن مشكلة سد النهضة.

2. أحداث الدرب الأحمر، ورملة بولاق؛ كانت محلاً لأخبار عديدة متباينة الاتجاهات، فبينما كانت المصادر الصحوية تركز على جرائم الشرطة، وكيف أنها قد تكون مفتاحًا لتطورات واحتجاجات جديدة في الشارع المصري. ونشرت بعض الصحف والمواقع السعودية، الجمعة 19 فبراير، تقارير وأخبار عن احتجاجات شهدتها القاهرة، و12 محافظة مصرية أخرى، ضد مقتل المواطن محمد عادل إسماعيل (سائق)، والذي قتله أمين الشرطة في الدرب الأحمر مساء أمس الخميس، وكيف أن مشيعي السائق القتيل رددوا خلال جنازته، هتافات مناهضة للشرطة، فيما لم تحتك قوات الأمن بالمحتجين، كما ردّد معارضون هتافات ضد الأداء الحكومي، على خلفية ارتفاع الأسعار.

3. الأداء الاقتصادي وارتفاع أسعار الدولار إلى ما يزيد على التسعة جنيهات في السوق السوداء، ومحاولات البنك المركزي لوقف التدهور الحاصل في سعر الجنيه، والذي يهدد المستوى المعيشي للمواطنين، من خلال تراجع القيمة الشرائية للجنيه المصري. وبخلاف هذا الملف، كانت هناك ملفات اقتصادية أخرى حاضرة في تناول الإعلام السعودي للشأن المصري، مثل تراجع معدلات السياحة، وفشل مشروع “قناة” السويس الجديدة، وغير ذلك مما أعلنه النظام الحالي للبلاد، من إجراءات، في تنشيط الاقتصاد المصري.

في هذا الإطار، أشارت بعض المصادر السعودية إلى أن قضية الغلاء، هي أحد أهم المشاكل التي تواجه الطبقات محدودة الدخل، والمتوسطة، في مصر، مشيرة في الإطار إلى تصريحات رئيس الوزراء، شريف إسماعيل، حول إجراءات مؤلمة سوف تقوم بها الحكومة في هذا الصدد، والتي من بينها – بطبيعة الحال – رفع الدعم، بجانب أحاديث عن خطط لتقليص بمئات الآلاف، إن لم يكن بالملايين كذلك، في عدد العاملين في الجهاز الحكومي للدولة.

4. اهتمت بعض الأوساط الإعلامية كذلك، بتصريحات أدلى بها “الداعية” محمد حسان، لصحيفة “اليوم السابع”، يوم الخميس 18 فبراير، حول ما اعتبره “حربا معلنة بضراوة على الدين (يقصد الإسلام)” في مصر، داعيًا “الدولة إلى عدم ترك من يتطاولون على أركان وأصول وثوابت هذا الدين”، وفق قوله، في أول ظهور صحفي لحسان، بعد مظاهرات 30 يونيو 2013م. وذكر موقع “الإسلام اليوم” في ذلك، أن هذه التصريحات هي الأقوى ضد السلطات المصرية منذ الانقلاب العسكري في يوليو 2013م، مشيرين إلى أن الشيخ حسان متهم من قبل قطاع عريض من الإسلاميين في مصر، باتباع سياسة المهادنة مع قادة الانقلاب ورموزه وتوجهاته، طيلة الفترة الماضية.

5. الاهتمام بقرار فتح مصر لمعبر رفح استثنائيًّا لمدة ثلاثة أيام، بين السبت وحتى الإثنين الماضيَيْن، ولكن المواقع الصحوية تضمنت في تناول ذلك، دور مصر في حصار قطاع غزة، ويرتبط بالملف السابق قضية الأوضاع الأمنية في شبه جزيرة سيناء؛ حيث كان هناك رصد يومي من جانب المواقع الصحوية لأخبار التفجيرات في العريش والشيخ زويد ورفح، بجانب التقارير المتعلقة بدور قوات حفظ السلام في شمال شبه جزيرة سيناء في الإسناد المخابراتي للقوات المصرية هناك، واتصالاً بما سبق، كانت تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، وتقارير الإعلام العبري عن التنسيق السياسي والأمني عالي المستوى بين مصر وإسرائيل، ولقاء السيسي بممثلين عن المنظمات اليهودية الأمريكية، ضمن تغطيات الإعلام السعودي اللندني، وكذلك الصحوي.

6. بجانب ذلك، كانت هناك متابعات إخبارية لبعض الأحداث النوعية، مثل وفاة كل من وزير الخارجية الأسبق، بطرس بطرس غالي، وكاتب السلطة، محمد حسنين هيكل، في يومين متتالَيْن.

7-العلاقات المصرية – السعودية والأزمة في سوريا:

اهتمت المصادر السعودية كثيرًا بتصريحات لوزير الخارجية المصري، سامح شكري، الثلاثاء 16 فبراير، التي قال فيها إن “مصر تعتبر قرار السعودية بالتدخل البري في سوريا أمرًا سياديًّا منفردًا”، وقال خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الكويتي إن “القرار السعودي لا يأتي في إطار القوة الإسلامية المشتركة لمواجهة الإرهاب”.

وذكرت المصادر السعودية أن هذه التصريحات تبرز تباينًا بين الموقفَيْن المصري والسعودي فيما يتعلق بالتدخل العسكري في الأزمة السورية، في ظل التدافع السعودي الحالي المحموم لمساعدة المعارضة السورية بالصواريخ، وإرسال قوات برية إلى سوريا. ونقلت بعض هذه المصادر، تصريحات الدكتور سرحان العتيبي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك سعود، لـ “بي. بي. سي”، اتهم فيها مصر بأنها “الآن، ضمن محور يضم روسيا وإيران وسوريا، ولا يمكن للدور المصري الخروج عن هذا المحور”.

وأضاف: “الموقف المصري لم يكن مفاجئًا، فقد عبر مسؤولون مصريون عن آراء مماثلة من قبل، كان آخرها تصريحات وزير الخارجية المصري السابق، نبيل فهمي، والتي قال فيها إن مصر رفضت طلبًا سعوديًّا بإرسال قوات برية إلى اليمن”. ويرى العتيبي أن سبب الموقف المصري يرجع إلى أن “السياسة المصرية الحالية غير مستقلة وترتبط بتوجهات خارجية”، حسب وصفه.

ولكن ثمَّة ملاحظة لافتة في هذا الإطار، هي أن بعض الإعلام السعودي اللندني، باستثناء “الشرق الأوسط”، “التمس العذر لمصر”، وفسر موقفها، وقال إن العلاقات المصرية – السعودية “متشعبة”، ولا يمكن للخلاف على الملف السوري أن يؤثر عليها.

وفي ذلك، أشارت المصادر السعودية إلى أن السيسي قد رفض المشاركة مع السعودية في التدخل العسكري المحتمل في سورية، ونقلت عن مصادر دبلوماسية مصرية، أن السيسي اتخذ هذا القرار الشهر الماضي خلال اجتماعه بمجلس الدفاع الوطني، وفيه أكد على التزام مصر الحياد تجاه الحملات العسكرية في سوريا، باعتبار أن ذلك يضمن لمصر استمرار علاقتها بالأطراف الرئيسية الفاعلة في الملف السوري، كالولايات المتحدة، وروسيا والسعودية، وعدم خسارة مساعدات أي طرف.

خامساً: اتجاهات المواقف تجاه القضايا الأساسية:

1. تركيا: خطاب محايد أو سلبي في الغالب، باستثناء المواقع الصحوية.

2. إيران: استمرار في تصعيد الخطاب السلبي.

3. الولايات المتحدة: خطاب سلبي.

4. روسيا: التصعيد السلبي، والملف الإنساني هو الأبرز في التشهير بروسيا والنظام السوري.

5. الإخوان المسلمون والإسلام السياسي والربيع العربي: استمرار في المواقف السلبية

6. مصر: محايد أو إيجابي بحسب المصدر

والجداول والأشكال التالية توضح الأوزان النسبية لهذه القضايا في الإعلام السعودي:

الجدول رقم (1)

القضايا الخارجية في الإعلام السعودي

الشكل رقم (1)

الجدول رقم (2)

أبرز القضايا الداخلية في الإعلام السعودي

الشكل رقم (2)

الجدول رقم (3)

القضايا المصرية في الإعلام السعودي

الشكل رقم (3)

أهم الاستنتاجات:

هناك إصرار سعودي على فرض أجندة الرياض على المستوى الإقليمي والدولي، ومن بين ذلك القرارات الخاصة بلبنان، والتي تضمنت وقف كافة أشكال التعامل مع الحكومة اللبنانية، وهنا يمكن ربط هذه القرارات مع عودة سعد الحريري، زعيم تيار المستقبل ورئيس الوزراء الأسبق، إلى لبنان، في الذكرى الحادية عشرة لاغتيال والده، رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، وما ثار من أزمات بعد ترشيح ميشيل عون، زعيم التيار الوطني الحرب، وحليف “حزب الله”، لمنصب الرئاسة في لبنان.

 

أحمد التَّلاوي

باحث سياسي ومحرر إعلامي، بكالوريوس العلوم السياسية، جامعة القاهرة، 1996، من مؤلفاته: إيران وصراع الأصوليات في الشرق الأوسط، دولة على المنحدر، أمتنا بين مرحلتين، الدولة والعمران في الإسلام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى