fbpx
المشهد الإقليمي

تطورات المشهد السعودي 24 أبريل 2016

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

يتناول هذا التقرير تطورات المشهد السعودي، خلال الفترة من 14 إلى 22 أبريل 2016م، من خلال ما نشرته وسائل الإعلام السعودية، حول الأوضاع الداخلية والخارجية في المملكة، وكذلك حول القضايا المصرية السعودية:

أولاً: حدث الأسبوع:

هناك حدثَان أساسيَّان كانا على رأس اهتمامات وسائل الإعلام والمصادر السعودية، الأول: حدث مستمر منذ حوالي أسبوعَيْن، وهو اتفاق ترسيم الحدود البحرية المصرية – السعودية، وتنازل مصر للسعودية عن جزيرتَيْ تيران وصنافير؛ حيث استمرت تداعياته بمختلف مجالات التناول، بما في ذلك موقف الإخوان المسلمين، والثاني القمة الخليجية – الأمريكية الثانية التي استضافتها العاصمة السعودية الرياض، بحضور الرئيس الأمريكي، باراك أوباما.

الحدث الأول: اتفاق الحدود وملف جزيرتَيْ تيران وصنافير:

استمر الحدث الكبير بالفعل في صناعة اتجاهات الإعلام السعودي الرئيسية خلال الأسبوع الماضي، على المستويَيْن الإحصائي والموضوعي؛ حيث كان محط اهتمام الكثير من التقارير وأقلام كُتَّاب الرأي السعوديينـ وكانت أهم مجالات التناول المستمرة خلال الفترة الماضية:

أولاً: الجوانب القانونية والتاريخية لـ “ملكية” السعودية للجزيرتَيْن:

وأهم دلالتَيْن في صدد التناولات الخاصة بالجوانب القانونية والتاريخية، الأولى أن الأمر يعكس حالة نفسية لدى السعوديين، لا يتصورون معها مستوى القرار المصري، الذي لم يكن الرأي العام السعودي متصورًا أن يحدث، في ظل كَوْن الأمر كان ثابتًا مهمًّا في سياسات الحكومات والأنظمة المصرية السابقة، التي كانت تتعامل مع الجزيرتَيْن وفق بديهية تبعيتهما لمصر، حتى لو كانت ملكيتهما سعودية.

الدلالة الثانية تتعلق بردود الفعل في الداخل المصري؛ حيث إن الرأي العام السعودي في الأصل على أدنى قدر من الاهتمام بهذه المسألة، وكتب بعض الكُتَّاب يقول إن غالبية ساحقة من السعوديين لم يكونوا على اطلاع بأمر الجزيرتَيْن من الأصل، وبالتالي، فإن الإعلام السعودي ليس بحاجة إلى دبج كل هذه المقالات والتقارير لأجل التدليل على “سعودية” الجزيرتَيْن، وإنما الأمر في الأساس موجه إلى القوى السياسية والإعلامية المصرية الرافضة للاتفاق. ومن بين المقالات ذات الدلالة في هذَيْن الأمرَيْن، مقال للكاتب خالد أحمد عثمان، في “الحياة” اللندنية (1)، قال فيه إنه عقب الاتفاق الذي تم:

“أثارت بعض وسائل الإعلام خصوصًا تلك التي تُعبِّر عن الكارهين للوفاق الاستراتيجي السعودي – المصري، لغطًا حول هذا الموضوع، مدعية ان الجزيرتين مصريتان وان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي فرط فيهما، وعلى رغم أن عددًا من المؤرخين والخبراء القانونيين والعسكريين أوضحوا بجلاء أسانيد ملكية السعودية لهاتَيْن الجزيرتَيْن وأسباب وضعهما تحت السيطرة المصرية ردحًا من الزمن، إلا أن اللغط ما زال مستمرًا على نحو يدل على رغبة محمومة لدى هؤلاء الكارهين في أثارة الفتنة وتهييج الرأي العام المصري لإفساد العلاقات السعودية – المصرية التي وصفها السفير السعودي لدى القاهرة احمد قطان بأنها وصلت إلى مرحلة (التحالف)”.

أما إبراهيم الصياد، فقد تناول في “الحياة” اللندنية كذلك، قضية التضامن العربي المشار إليها، من خلال حدث آخر ذي صلة بموضوع الجزيرتَيْن والاتفاق، وهو مشروع جسر الملك سلمان المزمع أن يتم البدء في إنشائه في الفترة المقبلة، فنجده يقول (2):

“يُعد الجسر معبرًا لإحياء الفكر القومي العربي الذي توارى نتيجة سيطرة الأفكار الانعزالية على الفكر والعقل العربيين منذ أكثر من 40 عامًا نتيجة عوامل متداخلة، منها تسلل الضعف إلى الجسد العربي وتراجع خطط التكامل الاقتصادي بين دول أمة العرب الواحدة التي يجمعها الدين واللغة والتاريخ والمستقبل والمصير، وسيادة أفكار الفردية ونبذ العمل المشترك، ما أدى إلى انعكاس هذا الضعف على القرار العربي بمستوياته كافة”.

أما أخطر ما تم تداوله في هذا الصدد، فهو ما طرحه طلال بنان في “عكاظ”، عندما أشار إلى تقاسم مصر والسعودية للملاحة في خليج العقبة، بعد أن كان هذا الأخير من صميم صلاحيات والسيادة المصرية في تلك المنطقة. فيقول بعد أن استعرض بعض ما وصفه بحقائق تاريخية وقانونية بشأن “إثبات سعودية” الجزيرتَيْن (3):

“.. هذه الحقيقة التاريخية والجغرافية تجعل من المضيق ممرًّا دوليًّا تتقاسم السيادة عليه المملكة ومصر. يدعم هذا الرأي ما تواتر عن الدبلوماسية المصرية من صدور قرارات سيادية، صادرة من أعلى سلطة بمصر في الأعوام: ١٩٥١، ١٩٥٨ وآخرها القرار الجمهوري في: ١٩٩٠ باعتماد خط الأساس لتحديد الحدود البحرية لمصر بمنتصف مدخل خليج العقبة غرب جزيرة تيران. هذا يتوافق مع ما اعتمدته المملكة بمرسوم ملكي في: ٢٠١٠. القرار والمرسوم كلاهما أبلغت بهما الأمم المتحدة، كوثائق أساس متبادلة لترسيم الحدود البحرية بين البلدين، التي بموجبهما وضعت، أخيراً، اتفاقية الحدود البحرية بين المملكة ومصر، الموقعة يوم الجمعة، قبل الماضي”.

ثانياً: دلالات الاتفاق وقضية “التضامن” العربي:

برز حديث عن الزيارة ومخاضها يدعم الكثير من الرسائل التي أراد الإعلام السعودي نقل وجهة نظر السلطة فيها، وعلى رأسها موضوع “التصدي للنفوذ الإيراني”، و”تعضيد فكرة الوحدة والتضامن العربيَيْن”، ومن بين المقالات المهمة في هذا الصدد للدكتور عيد بن سعود الجهني، في “الجزيرة” السعودية، بعنوان: “الزيارة التاريخية. لا عرب بدون مصر. ولا مصر بدون عرب”(4)، كانت تتضمن العديد من الرسائل في الإطار السابق، ومن بينها قِناة المساعدات السعودية لمصر، وكيف أن القاهرة في الوقت الراهن لابد لها من أن تدور في فلك السياسات السعودية.

ومن بين ما تضمنه المقال -وصنوه من مقالات كُتَّاب الرأي السعوديين -التركيز على زيارة الملك سلمان، إلى الأزهر الشريف، ضمن مساعي إضفاء “القداسة” على الزيارة، والمزيد من “الهيبة” على أهدافها التي هي بطبيعة الحال لا تخرج عن مصالح متبادلة بين طرفَيْها.

أمران كانا حاضران في هذا المقال، وعدد من المقالات الأخرى، وهما التاريخ؛ الذي يدعم أفكار “العلاقات المصرية السعودية والتضامن العربي”، ودور إيران في الإقليم، وأهمية دور محور القاهرة – الرياض في صدده.

ثالثاً: موقف الإخوان المسلمين من قضية الجزيرتَيْن:

بداية، كان هناك إبراز لموقف السفير السعودي في القاهرة، أحمد القطان، من موضوع الساعات الرولكس التي قيل إن هناك وثيقة تسربت من السفارة بالقاهرة، لشرائها ضمن هدايا أخرى للرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وعدد من كبار المسؤولين، ونواب البرلمان المصري. وقال السفير إن “الإخوان وراء الموضوع”، وإن “الوثيقة مُسرَّبة”، وإنه “سيقاضي الإخوان عليها”.

إلا أن الأمر كان أوسع بكثير من هذه الواقعة؛ حيث كان الأمر مجالاً لفتح باب الهجوم على الإخوان، والعودة إلى أجواء الملك الراحل، عبد الله بن عبد العزيز؛ حيث كان الهجوم عليهم في أجلى صوره، وقت أن تم اعتبار الإخوان جماعة إرهابية في المملكة، وفي الإمارات والبحرين، في مارس 2014م.

وبعيدًا عن الاتهامات التقليدية الموجهة بأنهم “يتاجرون” بالقضية وأنهم “أبعد ما يكون عن الوطنية، التي ترفضها أدبياتهم” في إشارة إلى بعض ما كتبه الإمام الشهيد سيد قطب في صدد “صنم الوطنية وحدود الدولة القومية”؛ فقد كان هناك أكثر من ملمحٍ جديد في صدد رد الفعل إزاء الإخوان وموقفهم من موضوع تيران وصنافير.

أهم هذه الملامح، والذي ظهر بسبب مجموعة من المواقف التي أخذتها الحكومة التركية، وبعض الأجنحة والتنظيمات المحسوبة على الإخوان المسلمين، على المستويَيْن القطري والدولي، في صدد التقارب مع إيران؛ حيث إن الإعلام السعودي قد بدأ في اعتبار الإخوان أحد أضلع المحاور الإيرانية في المنطقة، وأنه سيتم البدء في التعامل معهم في هذا الإطار، من جانب الرياض.

وأهم ما تمت كتابته في هذا الصدد بالوضوح الكامل، هو مقال سعود الريس، بعنوان: “«الجزر». بين العمامة والإخوان”، نشرته “الحياة” اللندنية، يوم 18 أبريل 2016م، وأعادت العربية.نت نشره، في ذات اليوم على أهميته بالنسبة لهم، يقول الريس في مستهل مقاله (5):

أكتب اليوم وأمامي تقرير نُشر في وكالة أنباء فارس الإيرانية في 17 نيسان (أبريل) 2016، يتحدث عن الهيمنة السعودية على مصر، مستشهداً بقضية الجزيرتين السعوديتين، طارحاً أن مظاهر الهيمنة تجلت في زيارة الملك سلمان الأخيرة للقاهرة، «وبيع السيسي لجزيرتي صنافير وتيران تحت مزاعم ترسيم الحدود»، وبالتأكيد لا نحتاج إلى كثير من الذكاء لإثبات تناغم ما ذهب إليه التقرير مع الحملة التي تشنها أطراف مصرية وأخرى إقليمية للتشكيك بهوية الجزيرتين.

ويسترسل مع الموضوع الإيراني والموقف السعودي، وأهمية العلاقات المصرية – السعودية في هذا المجال، ثم يصل إلى الموقف من تركيا، وسياساتها الجديدة إزاء إيران على خلفية قمة أردوغان – روحاني، عقب أقل من يوم من اختتام القمة الإسلامية الـ 13 التي استضافتها إسطنبول التركية مؤخرًا، ويصطف معه الإخوان لديه في هذا الإطار. ونجده بعد ذلك يقول:

وعلى الجانب الآخر ستجد أنقرة أنها فرضت على نفسها معادلة صعبة لا حل لها بالسعي للاحتفاظ بعلاقة جيدة مع إيران والسعودية في وقت واحد، وستكتشف ذلك سريعاً، كما أن موضوع الإخوان وسعيهم لضرب أية علاقة إيجابية لمصر لن يزيدهم إلا عزلة وإقصاء، فهم حالياً ليسوا من أولويات المنطقة، وباتوا من الماضي، طالما أنهم غير مستعدين للمراجعة، أما بالنسبة لإيران، فباتت نواياها مكشوفة للجميع، فهي ذراع الخراب الرئيسة في المنطقة، ومن سعى لتفتيتها بمشروع طائفي ارتد عليها بقوة، حتى أسقط عمامتها.

الحدث الثاني: القمة الخليجية الأمريكية الثانية في الرياض:

بدأت القمة بدايةً واضحة عكس واقع الأزمة الراهنة التي تمر بها العلاقات السعودية الأمريكية، البداية كانت في ملمح إعلامي ودبلوماسي بامتياز، ومقصود بالطبع، وهو عدم نقل الإعلام السعودي لمراسم استقبال الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، في مطار الرياض، مع استقباله من جانب أمير الرياض الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز آل سعود، ووزير الخارجية السعودي، عادل الجبير. ويخالف ذلك بروتوكول استقبال باقي القادة الخليجيين الذين حضروا القمة؛ حيث استقبلهم العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، بنفسه في المطار، وتم نقل مراسم استقبالهم على الهواء مباشرة.

وبإحصائية سريعة؛ فإنه من بين كل عشرة مقالات وتقارير كبيرة تناولت الزيارة، كان هناك ستة منها تنتقد الولايات المتحدة وسياساتها، وتُعبِّر عن أزمة حقيقية في العلاقات السعودية – الأمريكية. وثمَّة ملاحظة في هذا الصدد، قبل تناول أسباب هذه الصورة ومحتواها، وهو أن بعض كُتَّاب المقالات، وضعوا زيارة الملك سلمان إلى مصر، ثم إلى تركيا، والنتائج التي تمخضت عنها زيارته إلى مصر على وجه التحديد فيما يخص سياسات المحاور في الإقليم، ضمن “الاستجابة” السعودية لما تطرحه السياسات الأمريكية في الإقليم من تحديات، على رأسها بطبيعة الحال، قضية الفوضى والتقسيم.

وثمَّة ملاحظة ثانية في هذا الصدد، وهي أنه بالرغم من الحديث الصريح عن أزمة في العلاقات؛ إلا أن الإعلام السعودي لم يتوقف عن وصف الرياض وواشنطن بـ “الحليفتَيْن”، ولم يُشِر إلى علاقة عدائية في هذا الصدد.

وهنا ثَمَّة خلفيتَيْن للأزمة، الأولى بعيدة، وتتصل بسياسات الولايات المتحدة إزاء الأزمات الكبرى في المنطقة، وما نتج عنها في صدد إطالة العديد من الأزمات، وعلى رأسها الأزمة في سوريا، بما يحقق المصالح الأمريكية في المنطقة.

الخلفية الثانية قريبة، وتتصل ببدء بعض الدوائر في مجلس النواب الأمريكي، في السعي إلى إدانة المملكة في أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، وحملها على دفع تعويضات.

هذا الحدث الذي قال أوباما إنه لو تم إقراره فسوف يعترض عليه بموجب “فيتو” الأمن القومي الذي خوَّله له الدستور الأمريكي؛ دفع السعودية إلى التهديد علنًا ببيع سندات وأذون دولارية قيمتها 750 مليار دولار، تمتلكها في السوق الأمريكية، مما سوف يتسبب في هزة حقيقية في القطاعَيْن المالي والمصرفي الأمريكي.

في هذا السياق، كتب “نواف عبيد”، في “الحياة” اللندنية، ما يتساءل به صراحةً عن جدوى زيارة أوباما إلى المملكة، في ظل السياسات الأمريكية. ويقول في مستهل مقاله:(6)

“زيارة السيد أوباما المقبلة للملكة هي الزيارة الثانية وعلى الأرجح الأخيرة بصفته رئيس الولايات المتحدة. وتأتي هذه الزيارة في الوقت الذي بلغ فيه اختلاف وجهات النظر بين الرياض وواشنطن ذروته، وتضاربت الأهداف الاستراتيجية بين «عقيدة أوباما» والعقيدة السعودية الجديدة لعهد الملك سلمان على أكثر من جبهة، فازدادت الفجوة بين الحليفتين على أكثر من ملف”.

ثم يعرج لينحو باللائمة على الربيع العربي في صدد الأزمات والحروب الحالية في الإقليم، ويوضح بعض جوانب ما قامت به المملكة العربية السعودية في عهد الملك سلمان، للحفاظ على أمنها القومي، والأمن الإقليمي والدولي. فيشير هنا إلى “حزم” جديد للملك سلمان، للم شمل “حلفائها (السعودية) ومواجهة هذه التحديات، وغالبًا من دون رضا أو حتى مشاورة الولايات المتحدة والغرب”.

محمد الساعد كتب في “عكاظ”، يقول تحت عنوان: “أمريكا ونحن. طلاق بائن أم حلف جديد!”(7):

“اليوم يزور الرئيس أوباما المنطقة بعد ثمانية أعوام من حكمه، وبعد ستة أعوام من انطلاق مشروع الشرق الأوسط الجديد، أو الفوضى الخلاقة، أو الخريف العربي، سمها ما شئت، لكنه منتج أمريكي مئة بالمئة، مثله مثل الكوكاكولا، والهمبرجر بالجبن المفضل في مدن الغرب”.

وبعد أن يستدعي ذكرى “خراب” الربيع العربي كما يصفه، في سوريا وتونس، يقول أثر استغلال قوى الإسلام السياسي لمساعي التغيير التي بدأها اليسار في العام 2008م (لم يحدد لماذا هذا التوقيت ولماذا اليسار، ولكن يبدو أن النموذج المصري كان في ذهنه):

“أصبح اليسار العربي رأس الحربة، والصاعق الذي فجر القنبلة الإسلاموية المتطلعة للحكم بأية وسيلة، في سعيها القديم المتجدد للانفراد بالسطلة، وهدم الدول القائمة، وإنشاء دول جديدة بمواصفات شذاذ الآفاق القادمين من جحور السياسة (..) الأدهى من ذلك كله، أن أمريكا غير قادرة على الانسحاب من الشرق الأوسط كما خططت، ولا تزال تحمل يدا مرتعشة في التعاطي مع هذا المخلوق المكون من 30 دولة ونصف مليار شخص، وتسكنه طوائف وعرقيات وديانات مختلفة”.

ويصل في نهاية المطاف إلى القول:

“على أمريكا أن تكون جادة في رسائلها فإما طلاق بائن لا رجعة فيه مع العرب، وإما تحالف جاد وحقيقي، تخفف فيه أمريكا من أخطائها، وتعالج ما ارتكبته في حق شعوب هذه المنطقة منذ إسقاط بغداد وحتى اليوم، لأن أنصاف الحلول والسياسات الرمادية لن تستطيع الصمود، ولا اختراق حالة الريبة والشك بين الجانبين”.

افتتاحية الرياض الخميس، 21 أبريل (8)، كانت مهمة في التعبير عن كل مكنونات تفكير صناع القرار في الرياض في صدد الرؤية المتعلقة بالولايات المتحدة، والأوضاع في الإقليم، وكذلك تحول الإسلام السياسي إلى خصم تضمه ذات البوتقة التي تضم إيران، فتقول الافتتاحية إنه:

“في المنطقة حقيقة لا يمكن التغاضي عنها هي أن قوى التطرف تنشط بشكل لافت؛ الجماعات المتطرفة وإيران، تلك الحقيقة تتطلب عملاً وتنسيقًا وتجاوبًا مختلفًا ونوعيًّا من الولايات المتحدة من أجل السيطرة عليها”.

ثم تؤكد الصحيفة على ذات ما ذهب إليه مقال الساعد السابق، مما يؤشر إلى وجود توجيه معين للصحف السعودية في هذا الصدد، وهو أنه:

“يُنتظر من الجانب الأميركي تبيانًا أكثر وضوحًا وتفصيلاً مما ظهر عليه الاجتماع السابق في كامب ديفيد، صحيح أن الرئيس أوباما قال قبل شهر في حواره مع “ذي أتلانتيك” بأنه ليس من مصلحة بلاده التقيد بتقديم الدعم التلقائي للسعودية ودول الخليج، إلا أن ذلك قد يكون مبدأً لا يمكن أن يستقيم وحقيقة العلاقات الخليجية الأميركية التي لا يمكن الارتهان لها بقناعات شخصية حتى وإن كان في مقام الرئاسة”.

وتستطرد الافتتاحية عاكسة المخاوف السعودية مما هو قادم:

“صحيح أن تلك القناعات قد أثرت في مشهد العلاقات بين الجانبين، لكنها قد تتحول بشكل دراماتيكي سلباً أو إيجاباً في قادم الأيام مع الإدارة الأميركية المقبلة”.

ثالثًا: أهم تطورات السياسة الداخلية:

1ـ خطة التنمية السعودية:

يمكن القول إن أهم ملمح من ملامح تطورات المشهد الداخلي السعودي، هو الالتفاف حول القيادة؛ حيث حفلت الصحف السعودية بالكثير من الحديث عن تحركات الملك سلمان وابنه، ولي ولي العهد، وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان، في صدد “حماية المصالح السعودية في الداخل والخارج. وكانت هذه الرسالة واضحة شديدة الوضوح في الكثير من الموضوعات التي تناولت نشاط الأمير محمد بن سلمان، وتصريحاته حول المسارات الاقتصادية الجديدة التي تنتوي المملكة تبنيها للخروج من الاعتمادية الراهنة على النفط. ومن أبرز ما ورد في ذلك الصدد، تصريحات الأمير محمد بن سلمان لمجلة “بلومبرج”، والتي وصفتها صحيفة “المدينة” السعودية بأنها “أهم حوار في تاريخ “بلومبرج”(9).

تناول ابن سلمان الكثير من القضايا الداخلية والخارجية، من بينها سياسات المملكة النفطية، بعد فشل اجتماع الدوحة الأخيرة لتجميد الإنتاج، وتصورات المملكة للتعامل مع اقتصاديات مع بعد النفط، واتهاماته للولايات المتحدة بالمسؤولية عن أزمات المنطقة والعالم، وكذلك سياسة بلاده لاحتواء التمدد الإيراني في الإقليم.

ومما كشف عنه الأمير محمد بن سلمان، أن الحكومة السعودية ستخفف من “وطأة” تخفيض الدعم على مواطنيها المستحقين له، وأنها ستطور آلية من شأنها تعويض أصحاب الدخل المنخفض والمتوسط بدفعات نقدية بدل الدعم، وذلك في إطار خطة الرؤية السعودية لمرحلة ما بعد النفط.

وأشار في تصريحات نشرتها مختلف الصحف السعودية، إلى أن 70% من دعم الطاقة سابقًا كان يصب في مصلحة السعوديين ذوي الدخل المرتفع، مضيفًا أن السعودية تنوي تحميل الأثرياء آثار خفض الدعم “بعد أن أفرطوا سابقًا في استهلاك الخدمات المدعومة”.

في ذات الإطار، تأتي مواد عدة تتناول جهود الملك سلمان، من أجل تحديث المملكة، وكيف تنفق على سياساتها الدفاعية وبنيتها التحتية من أجل زيادة مناعتها القومية. وفي هذا الإطار، كتب فضل بن سعد البوعينين، مقالاً مهمًّا في “الجزيرة”، بعنوان: “الرؤية المستقبلية للمملكة”(10)، تناول فيه ما وصفه ببرنامج التحول الوطني للمملكة، أعاد فيه التأكيد على أهمية الإجراءات الأخيرة للدولة في صدد خصخصة “أرامكو”، وتأسيس صندوق سيادي للاستثمار هو الأضخم في العالم. ومما ذكره في مقاله، ويرتبط بالإطار السابق:

“سمو ولي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، أعلن لوكالة «بلومبرج» عن موعد الإعلان عن الخطة الشاملة لإعداد المملكة لعصر ما بعد النفط في 25 أبريل؛ وأكد أن الرؤية المستقبلية للمملكة «ستشمل العديد من البرامج التنموية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها من البرامج»؛ وأن أحد عناصر «الرؤية هو برنامج التحول الوطني، الذي سيتم إطلاقه خلال 45 يوماً”.

وفي لافتة ربما نادرة في الإعلام السعودي، دعا إلى إشراك المواطنين في صناعة الرؤية المستقبلية المطلوبة للمملكة، وقال إن ذلك سوف يكسب هذه الاستراتيجية مناعة، وقدرة على الإنجاز، ويقول في ذلك:

إشراك المواطنين بكافة شرائحهم في خطط التغيير الإستراتيجية تجعلهم جزءاً منها؛ والأكثر حرصاً على إنجاحها؛ والأقل تمنعاً تجاهها. تعمد الدول الغربية إلى تهيئة الرأي العام للمشروعات الإستراتيجية المؤثّرة في معيشتهم، وتدخل معهم في نقاشات موسعة من خلال المؤسسات الرسمية والمجتمعية لضمان إنجاح المشروع. معرفة الحكومة التامة بأهمية البرامج الإستراتيجية لا تعني تخليها عن مواجهة الرأي العام للإجابة عن استفساراتهم وطمأنة مخاوفهم؛ وإنارة الطريق أمامهم ليروا حقيقة المشروع؛ لا ما يتبناه الآخرون.

2-ملف الإسلام السياسي والإخوان المسلمين:

لم يقف النقد في الإعلام السعودي للإخوان على موقفهم من اتفاقية تيران وصنافير، ولكنه امتد لكي يشكل الإخوان وفكرهم بشكل عام. فكان هناك أقلام تناولت فكر الإخوان المسلمين، ومن بين ذلك مقال بقلم محمد آل الشيخ (11)، المعروف بهجومه الدائم على الإخوان المسلمين وقوى الإسلام السياسي، تناول فيه موقف من وصفهم بـ “المتأسلمين”، واتهمهم فيه بالانتقائية في ذلك الصدد، واستغلال الموقف من الغرب بشكل سياسي، يرفضوه إذا ما صب في صالح معارضتهم “لخصومهم” في إشارة إلى الأنظمة، ولكنهم يقبلونه في إطار مبدأ التعايش لو كانوا في الغرب، ويتهمهم بالتسبب في تخلف المجتمعات العربية، ويقول في ذلك:

“وجدت من قراءاتي لأدبيات التأسلم والمتأسلمين، أن من أهم الشعارات التي يطرحونها، ويدافعون عنها، وهي من أهم عقبات التحضر والتنمية في مجتمعاتنا، هي هذه العبارة؛ فهم ضد تطوير التعليم لأن الدعوة إلى المناهج الغربية (تغريب)، وهم ضد الابتعاث للدراسة في الخارج لأنها (تغريب)، وضد عمل المرأة لأنه (تغريب)، وضد تقنين الشريعة لأنها ممارسة تغريبيه، وضد الترفيه لأنه (تغريب). وكل تلك الشؤون، هي من أساسيات (التنمية) بمعناه الواسع، لتصل إلى حقيقة مؤداها أن (التغريب) في قواميسهم هي (التنمية)، وغني عن القول: إن الدول التي لا تنمو ولا تتغير، وتتكلس ولا تتطور تنهار فتموت حتمًا”.

كما تناولت أقلام أخرى بالنقد استضافة العاصمة القطرية الدوحة، لمؤتمر التعليم الشرعي، الذي دعا إليه الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، المحسوب على الإخوان المسلمين.

ووجه النقد، هو النظرة المعتادة للإخوان المسلمين، والتي تتعلق بكونهم “أداة تدعم الفوضى في المنطقة”، وأنهم جماعة “مرتبطة بالإرهاب”، وغير ذلك من مكونات الصورة الذهنية التي دأب عليها الإعلام السعودي في الفترة الماضية. ويقول في ذلك راشد صالح العريمي:(12)

“في ظل هذه الظروف، فإنه يبدو من المستغرب أن تشهد عاصمة خليجية، عقد مؤتمر للتعليم الشرعي تقف وراءه وتتبناه جماعة “الإخوان المسلمين”، التي ثبت خلال العقود والسنوات الماضية أنها يمكن أن تكون أقرب الأدوات إلى الاستخدام من الخارج، والتي يدفعها طموح إلى امتلاك السلطة التي كانت هدفها منذ نشأت، وبأي ثمن، لكنها أخفته مكتفية بالتغلغل الخبيث في المجتمعات العربية والإسلامية، وبث قواعد فكرية وتنظيمية لها حيثما استطاعت، منتظرة اللحظة التي تكشف فيها عن وجهها الحقيقي.

ثالثاً: تطورات السياسة الخارجية:

1-الحرب في اليمن:

تصدرت أخبار المباحثات المتعثرة التي من المفترض أنها بدأت في الكويت، ليل الخميس/ الجمعة، 21/22 أبريل، بين ممثلين عن الحوثيين، وحزب المؤتمر العام، الذي يتزعمه الرئيس اليمني المخلوع، علي عبد الله صالح، وبين ممثلين عن حكومة الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي. وغادر وفد الحوثيين وصالح مطار صنعاء على متن طائرة عُمانية، مساء الخميس، ومكثوا في مطار مسقط لفترة طويلة، قبل أن يصلوا إلى الكويت وتبدأ أولى جلسات التفاوض.

الإعلام السعودي عبر عن تفاؤله بنجاح المفاوضات، أو على الأقل كان الاتجاه العام يتمنى ذلك؛ لأن نجاح المفاوضات، سوف يُحسَب انتصارًا للقيادة السعودية.

في السياق السابق، كان هناك اهتمام بالقرار التركي بتجميد أرصدة الرئيس اليمني المخلوع، علي صالح، والتي تقدر وفق تقارير إعلامية، بحوالي 60 مليار دولار، أي الناتج القومي الإجمالي لليمن، في عام كامل، إلا أن بعض المصادر السعودية ذكرت، أن السلطات التركية لم تعلن الرقم بشكل رسمي أو مؤكد.

2-الحرب في سوريا:

بالرغم من الموقف المبدئي للرياض بضرورة رحيل رأي النظام السوري، بشار الأسد؛ فإن الإعلام السعودي لم يرحب بخطوة انسحاب المعارضة السورية من مؤتمر جنيف؛ حيث ترغب الرياض في أن تمارس الولايات المتحدة وروسيا المزيد من الضغوط على حلفائهما في المعارضة والنظام، من أجل العمل على تنفيذ أجندة لمرحلة انتقالية لا تشمل الأسد، وترحب الرياض – وفق المصادر السعودية – باقتراح الوفد الحكومي السوري، بتشكيل حكومة وحدة وطنية لها صلاحيات تنفيذية كاملة، شريطة ألا تشمل الأسد.

على المستوى الإخباري، كان الاهتمام الأكبر بالتطورات التالية في سوريا: معارك حلب بين النظام والمعارضة، وأزمة القامشلي بين النظام وقوات سوريا الديمقراطية التي يمثل الأكراد، من حلفاء الرئيس السوري، جزءًا مهمًّا منها، وبدء عمليات الإجلاء المتبادل من المناطق التي يحاصرها النظام في الزبداني، والمناطق التي تحاصرها قوات المعارضة، في الفوعة وكفريا، والانتقادات الموجهة للنظام السوري والأمم المتحدة بعدم الجدية فيما يتعلق بإدخال المساعدات إلى المدن السورية المُحَاصَرة.

3-الشأن التركي:

عقب قمة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مع الرئيس الإيراني، حسن روحاني، بدأت الصحف السعودية حملة ضد تركيا، وبدأت في الحديث عن كيفية توظيف تركيا لسياساتها الإقليمية، لتحقيق مصالحها الذاتية، كما كانت هناك “اتهامات” للحكومة التركية بأنها ظهير للإخوان.

ومن القضايا والموضوعات التي كان هناك تركيز عليها، فيما يخص التطورات التركية، الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية في تركيا بتبرئة آخر دفعة من المتهمين في قضايا محاكمة عناصر من الجيش التركي والمنتمين إلى حركة عبد الله جولن، بتهم التخطيط للإطاحة بحكومة حزب “العدالة والتنمية” الحاكم، في آخر وأضخم قضية عُرفت بتنظيم “أرجينيكون”؛ حيث برأت المحكمة 275 متهمًا، بينهم رئيس الأركان السابق، إلكر باشبوج، وجنرالات متقاعدين، وصحفيين ومحامين ورجال أعمال ونواب سابقون،

كما تم الاهتمام بخبر يتعلق بتصريحات للمديرة في إدارة الهجرة في المفوضية الأوروبية، مارتا سيجان، في جلسة للبرلمان الأوروبي أن أنقرة التزمت حتى الآن بالكامل بـ 35 شرطاً من أصل 72 شرطًا لازمًا لمنح مواطنيها حرية دخول دول الاتحاد من دون تأشيرة، وذلك قبل 10 أيام من الموعد المحدد لالتزامها بكل الشروط.

كما تم إبراز تصريح لزعيم حزب “الشعوب الديموقراطي” التركي الموالي للأكراد، صلاح الدين دميرطاش، ذكر فيه أن حزب “العمال الكردستاني” المصنَّف إرهابيًّا في تركيا، كان يرغب في العودة إلى المحادثات مع الحكومة التركية قبل شهور قليلة، لكن أنقرة رفضت، وذلك في مؤتمر صحفي في إسطنبول.

4-الاجتماعات الإقليمية والدولية في المملكة:

شهدت المملكة خلال الفترة التي يغطيها التقرير سلسلة من اللقاءات ذات الطابع الإقليمي والدولي؛ حيث عقد اجتماع لمجلس وزراء الدفاع الخليجيين، بمشاركة نظيرهم الأمريكي، آشتون كارتر، وقمة خليجية مغربية شارك فيها العاهل المغربي، الملك محمد السادس، وركز الإعلام السعودي على إطارَيْن رئيسيَّيْن الأول هو كيف تحولت المملكة إلى إطار إقليمي جامع، والثاني قضية مكافحة محاصرة النفوذ الإيراني في المنطقة. فحتى خلال القمة المغربية – الخليجية، تمت الإشارة إلى تجربة المغرب في مجال تأهيل علماء دين متخصصون في مجال مكافحة الفكر المتطرف، وكذلك ضرورة التصدي إلى المد الشيعي في المغرب العربي وغرب أفريقيا.

4-الأزمة في العراق:

في الموضوع العراقي، كان هناك اهتمام كبير في الإعلام الصحوي على وجه الخصوص، بالانتهاكات التي يتعرض لها أهل السُّنَّة، وكذلك الأزمة الراهنة التي تمر بها حكومة حيدر العبادي، وغياب البرلمان تحت وطأة إضراب نواب التيار الصدري، وعزل رئيس البرلمان سليم الجبوري، وأثر ذلك على جهود الجيش العراقي في التصدي لتنظيم “داعش”، في الموصل والأنبار.

أهم ملامح موضوع الانتهاكات في حق أهل السُّنَّة، كان ما كشفت عنه قناة “الجزيرة”، وطالب النائب عن محافظة الأنبار، أحمد السلماني، رئيس الحكومة العراقية بفتح تحقيق فوري فيه، وهو ما يتعلق وجود سجون سرية لميلشيات شيعية تحتجز المئات من المواطنين السُّنَّة في العراق، في جرف الصخر والرزازة؛ حيث نشر موقع “الإسلام اليوم”، تقريرًا متكاملاً عن هذا الأمر (13).

رابعاً: القضايا المصرية في الإعلام السعودي:

استمرت وسائل الإعلام السعودية بالكامل، عدا الصحوية منها، في تناول العلاقات المصرية السعودية في إطار إيجابي للغاية. إلا أن الإعلام السعودي لم يتوقف أمام الزيارة وموضوع تيران وصنافير ومنظومة العلاقات المصرية – السعودية فحسب؛ حيث كانت هناك بعض الأحداث التي ركز الإعلام السعودي أكثر من غيرها، ومن بينها:

1-زيارة وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، إلى مصر الأربعاء 20 أبريل، والتي التقى فيها السيسي، وإعلان رئاسة الجمهورية عن إلغاء مؤتمر صحفي بين كيري ونظيره المصري، سامح شكري، وتصريحات السيسي على هامش لقائه مع كيري، بشأن ضرورة بذل الولايات المتحدة جهدًا أكبر في صدد مكافحة الإرهاب، وتعزيز التنسيق في مواجهة التحديات الإقليمية.

2-المباحثات التي أجراها مع ولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد، الذي وصل إلى القاهرة الخميس، آتيًا من الرياض، واستقبال السيسي الخميس كذلك، الرئيس التنفيذي لمؤسسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للأعمال الإنسانية، الأمير تركي بن عبد الله بن عبد العزيز، في حضور السفير السعودي في القاهرة أحمد قطان؛ حيث تم بحث المشروعات التي تشرف عليها المؤسسة في مصر، مثل إعادة تأهيل جامع الأزهر الشريف.

3-اهتمت الصحف السعودية في المجال الإخباري كذلك، بمنح البرلمان الثقة لحكومة رئيس الوزراء المصري، شريف إسماعيل، بأغلبية 433 نائبًا من إجمالي 596 عضوًا، وبدء، السبت، 23 أبريل، عمليات انتخاب اللجان النوعية للبرلمان.

4-قضايا حقوق الإنسان، كانت حاضرة كذلك في تغطيات الإعلام السعودي، حتى الصحوي منه، وكان أهم الملفات التي تم الاهتمام بها في هذا الصدد، ما نشرته “رويترز” نقلاً عن مصادر “أمنية ومخابراتية”، أن الشرطة المصرية اعتقلت الطالب الإيطالي، جوليو ريجيني، قبل مقتله، ودعوات واشنطن إلى تحقيق شفاف في هذا الأمر.

أوضاع المعتقلين كذلك، والقضية المعروفة بالتمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني، كانت ضمن اهتمامات الإعلام السعودي، وخصوصًا الصحوي منه.

كما يمكن وضع الجريمة التي ارتكبها أمين شرطة في مدينة الرحاب، في حق عدد من المواطنين، خلال مشاجرة على كوب من الشاي، ضمن الإطار الحقوقي، ولكن الإعلام السعودي العام، غير الصحوي، اهتم في إطار نقل وقائع هذه الجريمة، بالاجتماع الذي عقده السيسي مع وزير الخارجية ومساعديه لكل القطاعات، من أجل ضبط أداء رجال الشرطة، وعدم الدخول في مشكلات مع المواطنين و”المحاسبة الفورية” لأفراد الأمن الذين يرتكبون تجاوزات.

كما تناولت المصادر اللندنية مشروع التعديلات التشريعية المُقترحة على القانون الخاص بهيئة الشرطة “التي تؤكد أهمية مراعاة معايير حقوق الإنسان والالتزام بالنزاهة والشفافية عند استخدام السلطة والقوة في إنفاذ القانون، فضلاً عن مساهمتها في تعزيز مستويات الخدمات الأمنية والمدنية المُقدمة للمواطنين”(14).

5-في المجال الاقتصادي، اهتمت المصادر اللندنية السعودية كذلك، بتصريحات لوزير البترول المصري طارق الملا، بشأن أن اكتشاف حقل “ظهر” شجع الشركات العاملة في القطاع على إعداد دراسات في مناطق امتيازها في البحر المتوسط، وضخ استثمارات جديدة، وأن قبرص بدأت محادثات مع شركات البترول العالمية للتنقيب عن حقول الغاز المجاورة لـ “ظهر” على الحدود البحرية الجديدة بين مصر وقبرص، ومن بين هذه الشركات “بي. بي. البريطانية، و”توتال شل” الفرنسية الهولندية.

6-في الشأن السياسي، كان هناك اهتمام كبير في المواقع الصحوية بحدثَيْن أساسيَّيْن، الأول هو التصريح السابق لرويترز حول موضوع ريجيني، والثاني هو نفي الرئاسة لخبر نشرته صحيفة “الشروق” بشأن اجتماع السيسي مع قيادات أمنية لمنع خروج مظاهرات يوم 25 أبريل، استمرارًا لاحتجاجات المصريين بسبب موضوع تيران وصنافير، وهو أمر غاب بطبيعة الحال عن المصادر السعودية الأخرى.

7-بيان الخارجية السودانية حول حلايب وشلاتين، ودعوتها مصر إلى التحكيم الدولي فيه، أسوة بما تم في موضوع تيران وصنافير، وتراجع الخرطوم بعد ذلك عن التصعيد رسميًّا مع النظام المصري، كان من ضمن اهتمامات المواقع الصحوية.

وتوضح الجداول والأشكال التالية الأوزان النسبية لهذه القضايا في الإعلام السعودي:

الجدول رقم (1) القضايا الخارجية في الإعلام السعودي

الجدول رقم (1) القضايا الخارجية في الإعلام السعودي

الشكل رقم (1) الأوزان النسبية للقضايا الخارجية

الشكل رقم (1) الأوزان النسبية للقضايا الخارجية

الجدول رقم (2) القضايا الداخلية في الإعلام السعودي

الجدول رقم (2) القضايا الداخلية في الإعلام السعودي

الشكل رقم (2) الأوزان النسبية للقضايا الداخلية

الشكل رقم (2) الأوزان النسبية للقضايا الداخلية

الجدول رقم (3) القضايا المصرية في الإعلام السعودي

الجدول رقم (3) القضايا المصرية في الإعلام السعودي

الشكل رقم (3) الأوزان النسبية للقضايا المصرية

الشكل رقم (3) الأوزان النسبية للقضايا المصرية

خامساً: اتجاهات المواقف تجاه القضايا الأساسية:

1. تركيا: خطاب سلبي باستثناء المواقع الصحوية.

2. إيران وحلفاؤها في المنطقة: استمرار في تصعيد الخطاب السلبي.

3. الولايات المتحدة: استمرار في تصعيد الخطاب السلبي، برغم زيارات أوباما ووزيرَيْ دفاعه وخارجيته إلى المنطقة.

4. روسيا والدور في سوريا والشرق الأوسط: استمرار في التصعيد السلبي.

5. الإخوان المسلمون والإسلام السياسي والربيع العربي: تصعيد في المواقف السلبية، باستثناء المواقع الصحوية.

6. مصر: إيجابي للغاية، باستثناء المواقع الصحوية.

سادساً: خلاصات واستنتاجات

1. تستمر تأثيرات الاتفاق البحري المصري السعودي، وزيارة الملك سلمان في لعب أكبر الأثر في توجيه العلاقات المصرية السعودية، في مقابل تراجع كبير في موقف الإخوان المسلمين، في ظل معارضتهم الكبيرة للاتفاق، ودعوات التظاهر ضد تسلم تيران وصنافير إلى السعودية.

2. هناك سياسة محاور وأحلاف تتكون في العالم العربي، ونجحت الرياض في الوقت الراهن، في جذب ثلاثة من دول مجلس التعاون إلى دائرتها، وهي: الإمارات والبحرين والكويت، بالإضافة إلى مصر والأردن والمغرب، وهو تحالف قد يضم مستقبلاً اليمن وليبيا، في حال استقرار حكومة عبد ربه منصور هادي في اليمن، وفايز السراج في ليبيا، ولن يكون فيه أي تواجُد لقوى الإسلام السياسي، بما في ذلك الإخوان المسلمين.

3. هناك جهود سعودية غير منظورة، من أجل تقييد السياسات الأمريكية في المنطقة، والأزمة بين الطرفين حقيقية، وليست مجرَّد خلاف بين حليفَيْن في الوقت الراهن، ومن المنتظر التصعيد في الفترة المقبلة، خصوصًا لو تولى جمهوري متطرف الرئاسة الأمريكية.

——————————————–

الهامش

(1) خالد أحمد عثمان: الوضع القانوني لجزيرتي تيران وصنافير، “الحياة” اللندنية، 21 أبريل 2016م، الرابط

(2) إبراهيم الصياد: «جسر الملك سلمان» وعودة الحلم العربي”، “الحياة” اللندنية، 20 أبريل 2016م، الرابط

(3) طلال صالح بنان: تيران وصنافير. سيادة سعودية متصلة، “عكاظ”، 19 أبريل 2016م، الرابط

(4) 19 أبريل 2016م، الرابط

(5) الرابط

(6) نواف عبيد: زيارة أوباما. هل من جدوى؟، “الحياة” اللندنية، 19 أبريل 2016م، الرابط

(7) 21 أبريل 2016م، الرابط

(8) الرابط

(9) الرابط

(10) 21 أبريل 2016م، الرابط

(11) محمد آل الشيخ: لماذا يرفض المتأسلمون التغريب؟، “الجزيرة”، 19 أبريل 2016م، الرابط

(12) راشد صالح العريمي: خطوة إلى الوراء، “الحياة” اللندنية، 18 أبريل 2016م، الرابط

(13) نائب عراقي: سجون سرية تغيّب المئات من أهل السنة في جرف الصخر (فيديو)، “الإسلام اليوم”، 21 أبريل 2016م، الرابط

(14) “الحياة” اللندنية، 21 أبريل 2016م، الرابط

 

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close