تحليل اتجاهات الإعلام السعودي 29 فبراير 2016
ملخص
كانت الهدنة المزمع إقرارها في سوريا، في 26 فبراير 2016، على رأس اهتمامات الإعلام السعودي، خلال الأسبوع الذي يغطيه هذا العدد من التقرير (20 ـ 27 فبراير 2016)، وفي هذا الإطار، يتناول هذا التقرير، المخاطر التي تواجه هذه الهدنة، وخصوصًا المخاوف من الصدام بين تركيا والأكراد، واستمرار القصف الروسي، والذي يجعل الهدنة غير واقعية بحسب تعقيبات بعض المحللين السعوديين.
لا ينفصل هذا الملف كثيرًا عن تطورات الأزمة السعودية – اللبنانية، والتي شملت قيام دول خليجية بتحذير رعاياها من السفر إلى لبنان، والتضامن مع الرياض في إجراءاتها الأخيرة في هذا الصدد، مع إعلان السعودية تصنيفها أسماء أفراد وكيانات لبنانية باعتبارها “إرهابية” بدعوى ارتباطها بأنشطة تابعة لحزب الله.
كذلك يتضمن التقرير رؤية عن تطورات الحرب في اليمن، والتي استمر التصعيد الإعلامي السعودي فيها، بنبرة المنتصر، وتطورات ملف الأزمة في العراق بين حيدر العبادي ومناوئيه، وتطورات الاستعدادات الخاصة بالعمليات في الفلوجة، والاستعدادات الخاصة بعمليات “تحرير” الموصل من تنظيم “داعش”.
فيما يخص العلاقات المصرية السعودية، تواترت تقارير وتعليقات في صحف ومصادر سعودية، حول وجود أزمة في العلاقات بسبب استقبال القاهرة وفداً من “حزب الله” اللبناني، واختلاف الرؤية المصرية عن المطالب السعودية بشأن الأزمة في سوريا، وقضية التدخل البري، وأن ذلك قد يؤدي إلى وقف بعض الاستثمارات السعودية في مصر.
داخليًّا، كان هناك اهتمام واسع بأداء الاقتصاد السعودي، وقضية أسعار النفط، والرد على بعض الانتقادات الموجهة لأداء المملكة في مجال حقوق الإنسان، وغير ذلك من القضايا مما سوف يتم إلقاء الضوء عليه في التقرير.
حدث الأسبوع: الهدنة السورية والأزمة اللبنانية:
كان التشكيك في إمكانية استمرار الهدنة، وسط تصعيد في الإجراءات ضد “حزب الله” للتأثير على الموقف الميداني للنظام السوري. هو ملخص ما طرحته وسائل الإعلام السعودية، بشأن تطورات الأزمة في سوريا وملحقاتها. ففيما يخص القرارات المتعلقة بلبنان وحزب الله؛ اعتبرت الصحف السعودية أن القرارات السعودية جاءت بعدما أصبحت لبنان “مختطفة” من جانب إيران و”حزب الله”، وأن لبنان أصبح “خارج الإجماع العربي والإسلامي”.
الموقف السعودي الرسمي أعلن أنه يأتي على خلفية امتناع بيروت عن إدانة الهجمات التي تعرضت لها ممثليتي السعودية في طهران ومشهد، خلال اجتماعات لوزراء خارجية جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وعدم استجابة لبنان لطلبات الرياض المتعلقة بـ “التحالف الإسلامي” الذي أعلنته الرياض لمكافحة “الإرهاب”، مغلفةً ذلك كله بالحديث عن خروج لبنان عن قاعدة الإجماع العربي.
وهي أزمة أساسها وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، لأن الحكومة اللبنانية ليست كلها طرف في الأزمة، بسبب مكونها الطائفي. والجانب المصلحي كان حاضرًا في لغة الخطاب الإعلامي السعودي، ففي صحيفة “عكاظ”، كتب خالد السليمان، يوم 22 فبراير، “المساعدات الخارجية في علاقات الدول ترتبط بالمصالح السياسية، وعلى مَن يتلقون مساعداتنا بسخاء أن يدعموا قضايانا بسخاء”.
ويضيف الكاتب: “في الحالة اللبنانية لم يكتف لبنان بالنأي بنفسه عن دعم قضايانا العادلة، بل انتقل إلى دعم العدو، وهي حالة مثيرة للسخرية أن تنتظر دولة أن تمد يدها اليمنى لتقبض مساعداتك في الوقت نفسه الذي تمد فيه يدها اليسرى لتطعنك بخنجر عدوك”.
الأمر كان فرصة للحديث عن دور إيران في ذلك كله، وضرورة إخراج حزب الله من المعادلة السورية، ولكن بعض الكُتَّاب السعوديين حمَّل الحكومة اللبنانية مسؤولية ذلك، من بين هؤلاء هاشم عبده هاشم، في “الوطن”، 23 فبراير؛ حيث كتب تحت عنوان: “الحقوا لبنان قبل الانهيار”، إن الدولة اللبنانية “كانت وما تزال أضعف من أن تقف أمام تلك الممارسات الحمقاء لربط لبنان ومصير لبنان ومستقبل لبنان بطهران، سعيًا إلى طمس شخصيته وإلغاء هويته (العربية) الأصيلة. بدليل تعطيل هذا الحزب لكل الجهود المخلصة لاختيار رئيس للجمهورية حتى الآن”. وأضاف “إن لبنان المختطف من إيران بواسطة حزب الشيطان يحتاج إلى وقفة قوية وصادقة ووطنية من أبنائه قبل غيرهم لإيقاف حالة الانهيار التي يدفعه الحزب إليها دفعاً”.
كما اهتم الإعلام السعودي بإبراز المواقف المعارضة لـ “حزب الله” داخل تحالفاته في لبنان؛ حيث واجه الحزب انتقادات من جانب بعض الأقلام المارونية، وهي الطائفة التي ينتمي إليها حليف “حزب الله”، ميشال عون، زعيم “التيار الوطني الحر”، والذي طُرِحَ اسمه لشغل منصب رئيس الجمهورية اللبنانية، وتناولت كذلك مخاطر ما يجري على المسيحيين في لبنان.
لكن في أوج هذه الأزمة، بثت قناة العربية فيلمًا وثائقيًّا بعنوان “حكاية حسن” عن حياة الأمين العام لـ “حزب الله”، حسن نصر الله، اعتُبر “مادة ترويجية” لنصر الله، وكان لذلك صدىً كبيرٌ؛ حيث تم اتهام القناة بأنها تعمل على تحسين صورة الأمين العام لـ “حزب الله”، وإظهاره في صورة “الرجل القوى فى المنطقة”، و”بطل الحروب”. وبحسب بعض وسائل الإعلام؛ فإن هذا الأمر قد يُكلف مدير عام القناة، تركي الدخيل، مركزه، فيما قالت البعض منها إن المسؤول عن ذلك “اللوبي اللبناني” في القناة، الذي يؤيد ميشال عون، حليف “حزب الله”.
على الجانب الآخر من الأزمة، فيما يتعلق باتفاق الهدنة في سوريا، وبينما دخل اتفاق “وقف الأعمال العدائية” بسوريا حيز التنفيذ، اهتم الإعلام السعودي بجملة من القضايا والتطورات في هذا الإطار، منها:
1-تأكيدات وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتَيْن، ومسؤولين من المخابرات المركزية الأمريكية، أن إيران سحبت عددًا كبيرًا من قوات الحرس الثوري، وخفضت أعدادهم على أرض الواقع في سوريا. مع الاهتمام بما قاله وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي إن “هذا لا ينفي أن الإيرانيين ما زالوا ضالعين في أنشطة تتعلق بتدفق الأسلحة من سوريا عبر دمشق إلى لبنان”.
2-الخلافات الراهنة بين “جبهة النُّصرة” وبين بعض فصائل المعارضة السورية المسلحة، بشأن الهدنة؛ حيث إن جبهة النصرة غير مشمولة بها بناء على توافق روسي – أمريكي، باعتبارها تنظيمًا “إرهابيًّا”، وترى النصرة أن الهدنة هي لمنح النظام السوري فرصة لاستجماع قواته والتقاط الأنفاس على الأرض، وشق صف الثورة السورية المسلحة.
3- الموقف التركي الذي يحذر من انهيار الهدنة بسبب الانتهاكات الروسية، وإمكانية استغلال الأكراد في سوريا لها، من أجل تحسين مواقعهم، أو تهديد الأمن القومي التركي، فرغم من ترحيب أنقرة بالهدنة، والذي اهتمت به المصادر السعودية؛ إلا أن أنقرة عادت وقالت إن الهدنة غير ملزمة لها، ولم تحدد ماذا تقصد بـ”إذا ما هددت أمننا”، ولكن تقاريراً أشارت إلى أن معلومات وردت إلى أنقرة بأنه ثمة مصلحة للنظام السوري ولخصومها الأكراد في شمال سوريا في وقف إطلاق النار، وأنه سوف يتم استغلال الهدنة لتحسين موقف الطرفين كما تقدم، أو ربما ضغوط قد وقعت على أنقرة من بعض الفصائل المسلحة التي تدعمها في سوريا، وترفض الهدنة.
وفي السياق، تبنت وسائل الإعلام السعودية وجهة النظر التركية، فيما يتعلق بالعمليات الجوية الروسية فوق سوريا؛ حيث لا تزال هذه العمليات قائمة وتقدم خدمات ميدانية للنظام السوري؛ حتى ولو لم يكن هناك تحركات عسكرية على الأرض.
ثانياً: قضايا السياسة الخارجية السعودية:
1-كان الموضوع اليمني، حاضرًا، وأهم ما كان فيه هو الرد على الاتهامات الموجهة للرياض بارتكاب جرائم حرب في اليمن، وأنها لم تعد قادرة على حسم المعارك والأزمة بشكل عام في اليمن. وكذلك كان هناك تعليقات على قرار البرلمان الأوروبي، الخميس (25 فبراير 2016)، بدعوة الاتحاد الأوروبي إلى فرض حظر على تصدير الأسلحة إلى السعودية، بسبب استهداف المدنيين في اليمن، حيث صوَّت نواب البرلمان الأوروبي بأغلبية 449 صوتًا لصالح فرض حظر أوروبي على تصدير السلاح إلى السعودية، ومعارضة 39 نائبًا فيما غاب عن جلسة التصويت 76 نائبًا آخر.
2-اهتم الإعلام السعودي بالعملية الأمريكية الأخيرة في ليبيا، والتي أدت إلى مقتل حوالي 50 من عناصر تنظيم “داعش” في صبراتة، وعلقت مصادر سعودية بأن الأمر يأتي لوضع الأمريكيين في صورة النفط الليبي، بعد دخول إيطاليا وفرنسا بالفعل ساحة القتال الدبلوماسي والعسكري في ليبيا من وراء الستار.
ليبيًّا كذلك، كان هناك اهتمام الفشل المستمر لبرلمان طبرق لحسم ملف حكومة التوافق الجديدة، في ظل تصعيد عسكري لما يعرف بالجيش الوطني الليبي، للمعركة في بنغازي، ضد العناصر المسلحة الباقية هناك، في حي الصابري وغيره من أحياء المدينة.
3-الملفات التركية: تناول الإعلام السعودي أكثر من ملف تركي في الأزمة الراهنة في المنطقة، من أكثر من وجهة نظر، وإن مال الإعلام اللندني إلى انتقاد المواقف التركية الأخيرة التي قدمت الموضوع الكردي على قضية النظام السوري ذاته. وكانت مواقع مثل “إيلاف”، وصحيفة “الحياة” اللندنية، وقناة “العربية”، مهتمة للغاية بالموقف على الحدود التركية، وذكرت بعض مجالات الانتهاكات التي تقوم بها تركيا في جنوب شرقي البلاد، من أجل العمل على فصل أي تواصل جغرافي قائم أو محتمل مع أتراك شمال سوريا.
كما كان هناك اتهام للدبلوماسية التركية بأنها أحد أسباب الأزمة في سوريا، مع اختلاف طبيعة أهداف تركيا عن أهداف السعودية، التي سعت إلى تكريس رؤية الهيئة العليا للمعارضة السورية التي أسفرت عنها مفاوضات الرياض الأخيرة.
تركيًّا كذلك، كان هناك اهتمام بالمفاوضات بين تركيا وإسرائيل، لاستئناف العلاقات بين الجانبَيْن، وشروط تركيا فيما يخص رفع الحصار عن قطاع غزة، والخلافات الحاصلة بين المستويَيْن السياسي والأمني في الحكومة الإسرائيلية، بشأن موضوع ميناء قطاع غزة.
4-في العراق، اهتم الإعلام السعودي بالاحتجاجات التي بدأها مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، ضد حكومة حيدر العبادي، ولكن مصادر سعودية فسرتها تفسيرًا عكسيًّا؛ حيث قالت إن مقتدى الصدر أراد دعم “إصلاحات” العبادي، بتقديم ظهير سياسي وشعبي لها، ولكن بشكل غير مباشر؛ بحيث يبدو العبادي “مضطرًا” إلى إقالات واسعة في حكومته، وتعيين وزراء تكنوقراط.
كما “حرص” الإعلام السعودي على بيان بعض المساعدات التي تقدمها الرياض إلى العرب السُّنَّة في المناطق التي تشهد عمليات للجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي، ضد تنظيم “داعش”، مثل الأنبار والفلوجة، وغيرها من المناطق.
5-الولايات المتحدة: كان اللافت أنه بالرغم من الانتقادات الموجهة للموقف الأمريكي الحالي في الأزمة السورية؛ إلا أن الإعلام السعودي أيد بشكل ضمني ما قاله جون كيري حول وجود خطة بديلة في حال فشل وقف إطلاق النار ومفاوضات جنيف المقبلة، خطة تتضمن تقسيمًا لسوريا، فيما كان الموقف الروسي قاطعًا وواضحًا في هذا الصدد. وتناول الإعلام السعودي الصادر في لندن ما أطلق عليه مصطلح “سوريا المفيدة”، والتي تضمن إقامة دولة علوية في الساحل ودمشق وبعض مناطق الجنوب السوري، وهي المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري في الوقت الراهن، وتتضمن أغلبية علوية تؤيد النظام الحالي.
ثالثاً: قضايا السياسة الداخلية السعودية:
1-تفاعلت الأزمة مع لبنان، في ظل العقوبات السعودية الخليجية عليه، على الداخل السعودي؛ حيث تناولت بعض المصادر السعودية غير الداعمة للنظام، إمكانية أن يتم تطبيق الإجراءات التي اتُّخذت في حق اللبنانيين في الداخل، على جنسيات أخرى، خصوصًا في ظل وجود أزمة مالية في الرياض، قد تدفعها إلى تقليص بعض القطاعات الاقتصادية، وخصوصًا الإنشاءات، بما قد يقود إلى تقليص في العمالة الأجنبية في هذا القطاع، في المملكة، وفي الخليج بشكل عام.
2-تداولت صحف ومصادر سعودية تقرير لموقع “بلومبرج” الاقتصادي، كان ذا نظرة إيجابية حول الاقتصاد السعودي، وذكر أن الشركات الاستشارية الدولية تسعى إلى الدخول للمملكة، ضمن سعي الرياض لإعادة تنشيط الاقتصاد، بعد تراجع أسعار النفط. ولفت الموقع إلى انتقال عدد من الشركات الاستشارية الكبرى، مثل “ماكينزي” و”مجموعة بوسطن الاستشارية” التي وضعت آخر لمساتها للانطلاق، من مركز “الخزامي” وسط العاصمة السعودية الرياض. وفي المقابل كان هناك دعوات للتقشف ظهرت في الإعلام السعودي، للسعوديين؛ حيث وجه خبراء اقتصاديون وكُتَّاب رأي دعوات للسعوديين بعدم التبذير بسبب المشكلات التي يوجهها الاقتصاد السعودي، وتراجع أسعار النفط.
2-ملف مكافحة الإرهاب، ودعوات المواطنين للتعاون مع الداخلية وأجهزة الأمن السعودية كان محط اهتمام، وخصوصًا بعد إطلاق وزارة الداخلية السعودية خدمة “كلنا أمن” الجديدة على الهواتف المحمولة.
رابعاً: القضايا المصرية في الإعلام السعودي:
1ـ العلاقات الثنائية:
(أ) مصر والسعودية وحزب الله:
تواترت تقارير تشير إلى نشوب أزمة بين الطرفين بسبب الموضوع السوري، وزيارة وفد “حزب الله” اللبناني، ولقاءاته التي أجراها في القاهرة مع مسؤولين مصريين، من بينهم مسؤولين في جهاز المخابرات العامة، لبحث الملفَّيْن السوري والعراقي. الوفد زار القاهرة تحت ستار العزاء في الكاتب الصحفي المصري، محمد حسنين هيكل، ولكن نشاط الوفد في القاهرة، أشار إلى أن الأمر يقول إن الزيارة مرتبة، ولها أبعادها.
لم يهتم الإعلام السعودي بهذه الزيارة بشكل كبير، في ظل غموضها، مع عدم تعقيب السلطات السعودية عليها رسميًّا، لكن موقع “الإسلام اليوم”، والذي يشرف عليه الدكتور سلمان بن فهد العودة، نشر تقريرًا وصف فيه هذه الخطوة بأنها “ابتزاز مصري للسعودية”، وذلك استنادًا إلى تعليق للأكاديمي السعودي، الدكتور محمود المبارك، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “توتير”: “لا يريد السيسي أكثر من ابتزاز القيادة السعودية”، مضيفًا “أرى أن يكون الرد بدعوة عدد من الإخوان المسلمين إلى الرياض”.
أما جمال خاشقجي فقد قال على “توتير” أيضًا: “في مصر مشاكل لا مشكلة، إنها تبحر بعيدا، تجاهل المشكلة بالسكوت والتمني لن يعالجها”، في إشارة إلى الرياض باعتبار أنها تتغاضى عن مواقف مصر المنسجمة مع مشاريع إيران وحلفائها في المنطقة.
لكن اللافت أن خاشقجي لم يكتب ذلك في مقالاته في صحفية “الحياة” اللندنية، وهو ما يشير إلى أن الأمر إما أنه لا يزال محل مراجعة بين كل من القاهرة والرياض، أو أن الأمر يتم بمعرفة الرياض، ضمن قنوات الدبلوماسية غير المباشرة، والتي تكون مهمة في مثل هذه الأزمات.
موقع “الإسلام اليوم”، قال إن مسؤول العلاقات الإعلامية في “حزب الله”، محمد عفيف، قال إن علاقات الحزب مع مصر مفتوحة، كما نقل الموقع عن وكالة أنباء “فارس”، أن زيارة وفد الحزب إلى القاهرة “تأتي في خطوة مفاجئة رغم فتح ملفات قضائية بحق الحزب من قبل السلطات المصرية”.
كما اهتمت وسائل إعلام ونشطاء صحويون سعوديون بما نقلته كذلك صحيفة الجيروزاليم بوست الصهيونية في هذا الصدد، من أن السبب الحقيقي للزيارة، يتمثل في توطيد المصالح المشتركة بين حزب الله ومصر، ومناقشة الصراع الداخلي في لبنان بين “حزب الله” والأطراف الموالية للسعودية، وكذلك الوضع السوري.
(ب) مصر والسعودية وتركيا:
ملف آخر يتعلق بالعلاقات المصرية – السعودية، وهو الوساطة بين القاهرة وأنقرة؛ حيث تجدد الحديث عن الوساطة السعودية في هذا الإطار، والتصريحات الإيجابية التي صدرت عن وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، بشأن اللقاءات الثنائية التي تتم في بعض المحافل الدولية بين المسؤولين الأتراك والمصريين، ولكنه أشار إلى أن التمثيل المصري في قمة المؤتمر الإسلامي المقبلة في أبريل، لا يعني محادثات ثنائية بين الجانبَيْن.
(ج) القضايا المصرية:
– اهتم الإعلام السعودي بخطاب الفتاح السيسي، في مؤتمر إطلاق استراتيجية التنمية “مصر 2030″، الأربعاء (24-2-2016)، وبينما رأى البعض أنه سوف يكون خطوة مهمة نحو الانطلاق لآفاق مهمة للتنمية في مصر؛ رآه البعض مجرد وسيلة تخدير. وكان موضوع الخطاب همن وأكثر الأمور التي شهدت تباينًا في وجهات النظر بين الإعلام السعودي ومصادره المختلفة، في الشأن المصري؛ حيث إنه حتى من قيموه بشكل إيجابي في الإعلام “الرسمي”؛ رأوا أنه طموح أكثر من اللازم في ظل وجود أمراض مستعصية في الاقتصاد المصري، وفي بنية الجهاز الحكومي وفي التشريعات المصرية، تمنع تنفيذ ما جاء من خطط حكومية في هذا الإطار.
أما الإعلام الصحوي، فقد التزم الموقف السلبي على طول الخط بطبيعة الحال، وكانت الأولوية لمناقشة الفقرات التي قدمها السيسي، والسخرية عليها، وخصوصًا ما تعلق بعرضه لبيع نفسه، ودعوته للتبرع بجنيه كل صباح من جانب المصريين لأجل صندوق تحيا مصر. لكن لم يمنع ذلك مناقشة الأمر على “توتير” و”فيس بوك”، وغيرهما لعدد من الأمور المرتبطة بما طرحه السيسي في المؤتمر، على النحو التالي: الفساد الذي يمتص كل جهود التنمية، وعدم العدالة بمطالبة المواطن الفقير بالتبرع لمصر، بينما فئات مثل الجيش والشرطة والقضاة، يحصلون على المليارات سنويًّا كرواتب، والأزمة الراهنة التي يوجهها السيسي، باعتبار أنه عبر عن مخاوفه من المعارضة القائمة في داخل النظام نفسه له.
– اهتمت بعض المصادر السعودية بحكم صدر الخميس 25 فبراير، بالسجن خمس سنوات على ثلاثة شبان مسيحيين أدينوا بازدراء الإسلام بعد ظهورهم في مقطع فيديو أُعتبر مهينًا للصلاة، وقررت محكمة المنيا وضع متهم رابع عمره 15 عامًا في مصلحة الأحداث.
– اهتمت الصحف اللندنية، والمصادر الفضائية والصحوية بالأزمة الاقتصادية والمعيشية في مصر، ومظهرها الأهم، وهو أزمة الدولار المتواصلة في مصر؛ حيث ارتفع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري، إلى أكثر من 9.15 في السوق السوداء. هذه المصادر حللت المشكلة في مظهر آخر، وهو اتساع الفارق بين سعر الدولار بين الجهات الرسمية والسوق السوداء، باعتباره أحد مظاهر ضعف وفشل الدولة، ويلقي بتأثيراته على الطبقة المتوسطة في مصر، في ظل ارتفاعات كبيرة في الأسعار، ما بين 30 إلى 50 بالمائة، تشمل كذلك الخدمات، مع تخطيط الحكومة لرفع الدعم عن بعض القطاعات.
وفي هذا الإطار، أشارت بعض المصادر اللندنية والصحوية إلى ما نشرته الإندبندنت البريطانية، في صدد الأزمة التي يعاني منها الاقتصاد المصري بعد إسقاط الطائرة الروسية، وانهيار قطاع السياحة؛ حيث قالت إن السياح يتجنبون زيارة مصر بسبب التوترات الاجتماعية والهجمات الإرهابية التي ازدادت بعد الانقلاب.
زاوية أخرى للنظر في الأزمة، وهي المتعلقة برجال الأعمال الذين يرون العزوف الحالي للاستثمارات الأجنبية عن دخول مصر، مما قد يؤدي إلى تعويم الجنيه المصري، وهو أمر يضر بمصالحهم، كما أن غياب السيولة الدولارية عن السوق؛ قد عطل عمليات التبادل مع الخارج، مما أدى إلى وقف مؤقت لبعض المصانع.
– تناولت بعض التقارير انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، ولاسيما في السجون، والإضراب الذي بدأه بعض الصحفيين والرموز الإخوانية، في معتقلي العقرب وطرة؛ واهتم موقع “الإسلام اليوم”، بتقرير لموقع “ميدل إيست آي” البريطاني، عن الإضراب، ومظاهرات عائلات المعتقلين، احتجاجًا على ظروفهم السيئة، وشروط الزيارة القاسية.
– كان هناك اهتمام كبير بأزمة أمناء الشرطة، وخصوصًا بعد واقعة مقتل سائق الدرب الأحمر، وما أفرزه ذلك من تبعات بشأن انتهاكات الشرطة وجهاز الأمن المصري، وتضمن ذلك بعض الأخبار والتقارير حول موضوع مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، وإمكانية أن يؤثر ذلك الملف على العلاقات المصرية -الإيطالية في جانبها الاقتصادي.
– كانت هناك طائفة الاهتمامات المعتادة في الإعلام السعودي بالأوضاع الأمنية والسياسية في مصر، مثل الأوضاع الأمنية في شبه جزيرة سيناء، وتطورات أزمة سد النهضة.
الجداول والأشكال التالية توضح الأوزان النسبية لهذه القضايا الداخلية والخارجية والشأن المصري في الإعلام السعودي:
الجدول رقم (1)
قضايا السياسة الخارجية السعودية
الشكل رقم (1)
الجدول رقم (2)
قضايا السياسة الداخلية السعودية
الشكل رقم (2)
الجدول رقم (3)
القضايا المصرية في الإعلام السعودي
الشكل رقم (3)
خامساً: اتجاهات المواقف تجاه القضايا الأساسية:
1. تركيا: خطاب محايد أو سلبي، باستثناء المواقع الصحوية.
2. إيران: استمرار في تصعيد الخطاب السلبي.
3. الولايات المتحدة: خطاب سلبي.
4. روسيا والدور في سوريا والشرق الأوسط: استمرار في التصعيد السلبي.
5. الإخوان المسلمون والإسلام السياسي والربيع العربي: استمرار في المواقف السلبية،
6. مصر: محايد أو إيجابي بحسب المصدر
سادساً: أهم الاستنتاجات:
1. تعتبر الرياض أن أمنها القومي مهدد في هذه المرحلة، لذا جاءت الأزمة السورية على رأس أولوياتها، فيما تراجعت الحرب في اليمن إلى أولوية تالية، ولكن من المستغرَب هذا الانغماس السعودي في الملف السوري وحده في إطار الصراع مع إيران، بينما اليمن يمثل أهمية أكبر باعتباره يخص بلدًا في الجوار السعودي.
2. تتضمن هذه الأولوية لدى الرياض، في إطار مساعيها لوقف تقدم المشروع الإيراني في الإقليم، التصدي لـ “حزب الله” ودوره في كل من لبنان وسوريا، باعتبار أنه أهم عناصر إسناد النظام السوري في الوقت الراهن.
3. بالرغم من أن الحكومة المصرية قد أخذت أكثر من موقف يتعارض مع السياسات السعودية “الحاسمة” في هذه الملفات؛ إلا أن العلاقات لم تتأثر كثيرًا، كما لم يطرح أي طرف في الرياض مسألة استقطاب الإخوان المسلمين ضمن المحور السني الذي تستميت الرياض لتشكيله.
4. بات واضحًا من تطورات الأسبوع المنصرم أن أزمات المنطقة تتجه نحو المزيد من التصعيد، في ظل توقعات باستمرار الصراع السعودي – الإيراني، في كل من اليمن وسوريا، وهو ما قاد إلى انقسامات حادة في المواقف العربية، ظهر أبلغ ما ظهر في رسالة الخارجية المغربية، التي اعتذرت فيها عن استضافة القمة العربية الدورية المقبلة.
5. هناك مؤشر مهم يمكن تتبعه في صدد مسألة العلاقات المصرية – السعودية، وهو الزيارة المقررة للعاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، إلى مصر في الرابع من أبريل المقبل؛ وتأثيراتها على مسار علاقات النظامين.