تداعيات انقلاب 2013 على الآثار المصرية
جاء السيسي بانقلابه الدموي في الثالث من يوليو عام 2013، فانهارت الدولة بكل مؤسساتها، وكان لآثار مصر النصيب الأكبر في هذا الانهيار، وتمثل ذلك في العديد من المظاهر السلبية؛ التي كان من أهمها:
أولاً: تنامي معدلات سرقة الآثار:
بعد انقلاب الثالث من يوليو كثرت حوادث سرقة الآثار بشكل ملحوظ، وانتشرت عمليات التنقيب غير المشروع بشكل واضح، وبالرغم من وجود الأدلة الدامغة على ذلك؛ إلا أن المسئولين لا يفتأون يرددون بأن وراء هذه الحوادث ثورة يناير التي كانت سبباً في ازدياد وتيرة السرقات – على حد زعمهم -، ويستشهدون على ذلك بتعرض المتحف المصري بالقاهرة للسرقة خلال أحداث ثورة يناير عندما سُرقت منه 54 قطعة، بينما ذكر مسئولون آخرون أن أكثر من 80 قطعة أثرية تم سرقتها من المتحف خلال الثورة، وفي الوقت الذي ذكر بعضهم أنهم أعادوا 21 قطعة منها، أكد آخرون أنهم أعادوا 29 قطعة، هذا فضلاً عن أن زاهي حواس وزير الآثار الأسبق قال إن المسروق من المتحف 18 قطعة تشمل تمثالًا مصنوعًا من الخشب المذهب للملك توت عنخ آمون، وأجزاء من تمثال آخر للملك توت وهو يصطاد السمك برمح، وكل هذه التناقضات تجعلنا نتساءل، أين الحقيقة في أقوال المسئولين؛ خاصة أنهم لم يخبرونا عن كيفية اعادة ما تم اعادته من القطع الأثرية، كما لم يُفيدونا بمن الذي كان قائم على سرقتها؟!
إلا أن المدقق في الوضع يتضح له بما لا يدع مجالاً للشك أن سرقة الآثار والاعتداء على المناطق الأثرية انتشر بصورة واضحة للعيان بعد انقلاب الثالث من يوليو، فوزير الاثار المصري الأسبق محمد ابراهيم أعلن في 21 سبتمبر 2013 عن أن عدد القطع الأثرية التي سرقت منذ ثورة يناير بلغ نحو 2000 قطعة، بل إن هناك تقريراً نشرته مجلة “سبكتاتور” البريطانية – أشارت اليه جريدة الأهرام في عددها الصادر يوم التاسع من نوفمبر 2013- أظهر أن هناك نمواً ملحوظاً في أعمال النهب في الآثار المصرية، حيث ذكرت أن هؤلاء اللصوص يبيعون ما يعثرون عليه من كنوز أثرية لهواة جمع التحف من الأجانب في لندن والإمارات . وفي 30 مايو 2014، ذكر عدد من “الخبراء المصريين” أنهم يقدرون أن 40% من مخازن الآثار يتم سرقتها بشكل شبه يومي في مصر، كما أن المطلع على الأمر ليتبين له أن ثورة يناير لم يصاحبها أية أعمال تخريبية إلا بعد الانفلات الأمني المُصطنع؛ الذي قامت به الشرطة المصرية بالتعاون مع العسكر، بل إنني – ونظراً لطبيعة عملي بوزارة الآثار – أشهد بأنه وفي خلال تلك الفترة وما تلاها حتي الثلاثين من يونيو 2013 لم تحدث أية تعديات من المواطنين على المواقع والمناطق الأثرية إلا بعد أن رأوا أن الشرطة قد تخلت عن دورها في حماية الآثار، حيث قام الأثريون في معظم المناطق بعمل محاضر لتعديات المواطنين على أراضي الآثار، ورفعها للجهات المختصة ووحدات شرطة السياحة والآثار الموجودة بكل منطقة، إلا أن هذه الوحدات وبشكل جماعي لم تحرك ساكناً تجاه هذه التعديات وكانت حجتهم المتكررة بأن هناك دواعي أمنية تمنعهم من إزالة هذه التعديات وظل هذا الوضع سائدًا حتى وقع الانقلاب، وحينها كشَرت الشرطة عن أنيابها فبدأت في إزالة التعديات الخاصة بالمواطنين الفقراء في الوقت الذي تخاذلت فيه بل وتآزرت مع تعديات أصحاب الجاه والحظوة.
بل إن عمليات النهب والسرقة بعد الانقلاب تعدت المناطق الأثرية ووصلت للمتاحف التي هي من المفترض أكثر أماناً، حيث أن معظم المتاحف تعرضت للسرقة؛ ففي أغسطس 2013، تعرض متحف مدينة ملوي بالمنيا، للسرقة ولم يتبق به سوى 39 قطعة أثرية من أصل 1089، بل ودُمرت المومياوات الأثرية النادرة الموجودة به عن آخرها .
أما المتحف الإسلامي بالجيزة فقد نال نصيبه من السرقات أيضاً وذلك عقب الانفجار الذي تعرض له مبنى مديرية أمن القاهرة المواجه له، في الرابع والعشرين من يناير ٢٠١٤، حيث سُرقت منه عشرات القطع الأثرية؛ من بينها “دينار عبد الملك بن مروان”، كما تعرضت معظم القطع الأثرية بالمتحف والبالغ عددها 110 آلاف قطعة للكسر والتشويه، كما تم سرقة مخزن المتحف اليوناني والروماني بالإسكندرية في الخامس والعشرين من أبريل لعام 2015.
ونتساءل أيضاً لماذا لم تتوقف السرقات بعد الانقلاب الذي ادعى القائمون عليه وأتباعهم بأنه سيحمي مصر ويُعيد إليها أمنها؟! فعلى العكس زادت السرقات وكثرت!
أشهر قضايا السرقة:
من أشهر قضايا سرقة الآثار التي وقعت بمصر، بعد انقلاب الثالث من يوليو، تلك العملية الكبرى التي وقعت بعد الانقلاب بأيام؛ حين قام 6 مصريين و3 ألمان بالدخول للهرم الأكبر وسرقة قطع أثرية من داخله وتهريبها إلى ألمانيا، وأعقب ذلك وبالتحديد في منتصف مارس لعام 2014؛ إعلان وزارة الخارجية المصرية إرسال كتاب يفيد أنه تم ضبط عينات حصل عليها المتهم الثامن في القضية “جورليتز دومنيك” عالم الآثار ألماني، وتم التحفظ عليها بالفعل بمعهد (FRESENIUS – INSTITUT) بدولة ألمانيا، وأنه جارِ العمل على إعادتها لمصر، ومن يومها لم يُخبرنا أحد المسئولين: هل عادت الآثار المسروقة من ألمانيا أم لا؟!
في حين نشر موقع “البديل” في 12 نوفمبر 2014؛ أن محكمة جنايات الجيزة، برئاسة المستشار محمود سامي كامل، قد أمرت بالسجن 5 سنوات مع الشغل لـ 6 متهمين بينهم 3 ألمان، لاستيلائهم على خرطوش الملك خوفو، وقطع أثرية من أهرامات الجيزة وتهريبها للخارج، كما قضت المحكمة بعزل المصريين من وظائفهم، وإحالة الدكتور زاهى حواس، وزير الآثار الأسبق، للنيابة العامة بشأن مخالفته لقانون الآثار، وزاهي حواس كان اسمه ساطعاً في قضايا الآثار بشكل عام قبل ثورة يناير 2011، ففي العام 2010، كشفت صحيفة “المصري اليوم” غياب عدد كبير من الآثار التي كانت موجودة في المتحف المصري بالقاهرة ، وأشارت آنذاك إلى تورط زاهي حواس.
ومن العمليات الشهيرة أيضاً ما تم الاعلان عنه في أبريل 2016، عندما تم احباط عملية تهريب آثار، قيل عنها أنها “عملية التهريب الكبرى منذ عقود”، حيث تم ضبط صاحب محل مجوهرات، من منطقة عين شمس بالقاهرة، وهو يحاول تهريب 9 آلاف قطعة أثرية إلى خارج البلاد!!
وفي السابع عشر من أغسطس 2017، أُلقي القبض على موظف جمارك ومقاول وبحوزتهما 366 قطعة أثرية، قبل الشروع في بيعها، وذلك بعد يوم واحد من إحباط عملية تهريب 52 قطعة أثرية بمحافظة المنيا، بينها تماثيل لثلاثة معبودات، وهو نفس اليوم الذي أعلنت فيه وزارة الآثار المصرية فقدان نحو 33 ألف قطعة أثرية خلال أكثر من نصف قرن، حيث قالت الوزارة، في بيانها الذي نشره موقع “مصراوي” يوم 16 أغسطس 2017، “إنه تبين لها فقدان 32 ألفاً و638 قطعة أثرية على مدى أكثر من خمسين عاماً مضت، بناء على أعمال حصر قامت بها مؤخراً!
في حين نقل موقع “البوابة نيوز” في 21 اغسطس 2017 على لسان شخص من أهالي إحدى قرى مركز أخميم، بسوهاج: “إن البحث عن الآثار لم يعد هواية أو وظيفة مؤقتة يؤديها من يعتقد أن أسفل منزله مقبرة أو قطعا أثرية، بل تجاوز الأمر ذلك ليصبح عملاً منظما أشبه بعصابات المافيا، بعضها متخصص في الكشف عن الأماكن التي من الممكن أن يكون بها آثار، وآخرون، يعملون في ترويج ما يُكتشف من مقابر أو قطع مقابر”.
كما نقل الموقع نفسه عمن أسماه خبير ترميم المواقع الأثرية بكلية الآثار بجامعة القاهرة قوله: “إن جميع المواقع الأثرية في دلتا مصر مهددة بالكامل، سواء من تعد على الأراضي وهي أملاك وحيازات دولة، والتعدي على الأراضي يتبعه تنقيب وحفر خلسة للبحث عن الآثار، وأن وزارة الآثار تسير في الاتجاه الخطأ، حتى يحدث الانهيار الكامل”!!
وآخر تلك السرقات الشهيرة ما أعلنت عنه سلطات الجمارك الكويتية في السابع من مارس 2018 من ضبطها لتابوت أثري مصري طوله متران ضمن أمتعة الشحن الجوي بعد خروجه من مطار القاهرة!!
وحادثة التابوت هذه تدفعني دفعاً نحو التأكيد على رأيي الواضح والدائم؛ بأن آثار مصر لن يستطيع أحد تهريبها خارج حدودنا إلا من خلال مسئول، فالأهالي الذين يتسارعون نحو عمليات الحفر والتنقيب – حتى وإن لم يكن لهم ظهير من أصحاب الحظوة والجاه أثناء عملية التنقيب – فإنهم وبلا أدنى شك لن يستطيعوا التصرف فيما يتحصلون عليه من قطع أثرية أو العمل على تهريبها إلى خارج مصر إلا من خلال مسئول أياً كانت صفة هذا المسئول، فالذي أريد التأكيد عليه هنا هو أن أية قطعة أثرية لن تخرج خارج مصر دون وجود هذا المسئول.
ثانياً: سلطة الانقلاب ونقل الآثار المصرية إلى متحف لوفر أبو ظبي
بالرغم من كل ما أثير حول هذه القضية التي شغلت الرأي العام لفترة من الزمن، إلا أن الصمت المريب من قبل سلطة الانقلاب تجاه ما حدث بمتحف قضية لوفر أبو ظبي في نوفمبر 2017 أثار الشكوك، حين قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بافتتاح هذا المتحف الذي ضم 55 مبنى، وحوى أكثر من 25 ألف قطعة أثرية اشتملت على العديد من قطع الآثار المصرية المتعددة العصور.
بل ومما يثير الشك حول تورط سلطة الانقلاب في هذا الأمر، أنها منعت نشر مقال للكاتب الصحفي عبدالناصر سلامة بعنوان: “بلاغ إلى النائـب العـام”، بصحيفة “المصري اليوم”، فقام بنشره على صفحته على الفيسبوك ونقلها عنه موقع “وطن” بتاريخ 16 سبتمبر 2017 ، وكشف من خلاله عن هذه الفضيحة مبكراً وقبل قيام دولة الإمارات بعرض آثار مصر في متحفها، واتهم الإمارات بسرقة آثار مصر، متسائلاً: متى خرجت هذه القطع الأثرية من مصر، وخاصة أن من بينها توابيت كاملة كبيرة الحجم؟، ومن هو صاحب القرار في هذا الشأن؟، وإذا كان مصدرها ليس مصر مباشرةً، بمعنى أنها جاءت من لوفر باريس، فهل وافق الجانب المصري على ذلك؟
ولم تحرك سلطة الانقلاب ساعتها تجاه هذه المصيبة ساكناً، غير منعها نشر هذا المقال على صفحات الجرائد الموالية لها!!، في حين جاء الرد السلبي من قبل وزارة الآثار المصرية في بيانها الذي نقلته عنها المواقع الإخبارية بتاريخ 18 سبتمبر 2017، حين نفت الوزارة إرسال أي قطع أثرية تعود للعصر الفرعوني، لعرضها بمتحف “اللوفر أبو ظبي”، وقالت إن “مصر لم ترسل أية قطع أثرية مصرية لعرضها بالمتحف، أو بدولة الإمارات عامة منذ أكثر من 20 عاماً”!
ومما يزيد الشكوك أن الدكتور زاهي حواس وزير الآثار الأسبق – والذي لا يكاد يغيب عن الإدلاء برأيه في أية قضية أثرية – التزم الصمت المريب تجاه هذا الأمر، بالرغم من أنه ومنذ عشر سنوات وبالتحديد عام 2008 وحين كان يشغل منصب الأمين العام لوزارة الآثار قام بحملة موسعة استهدفت وقف مشروع متحف أبوظبي، وذلك بعد ورود معلومات أفادت بأن المتحف سوف يعرض آثارًا مصرية، حيث قال حينها: “إن المصالح مع بلدان العالم المختلفة لا تبرر نهب الآثار المصرية وتحويلها إلى بضاعة تباع وتشترى في مشروعات متحفية تقام في دول أخرى، مثلما يحدث الآن بين باريس وأبوظبي”!! .
وأشار حواس يومها إلى أن المجلس الأعلى للآثار لن يتعامل مع الإمارات في هذا الصدد إلا في حدود ضيقة، لأن الكُرة في الملعب الفرنسي، وإنه سوف يرسل خطابا إلى الحكومة الفرنسية، لمنع سفر آثارنا المصرية الموجودة بملكية متحف اللوفر إلى الإمارات، خوفاً عليها من التعرض للتلف وأضرار النقل .
هذا في الوقت الذي نشرت فيه صحيفة “الامارات اليوم” في 8 فبراير من العام نفسه 2008 ردا من نائب رئيس هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث زكي نسيبة على زاهي حواس، قائلاً: “ليس هناك قسم خاص بالآثار الفرعونية في الوقت الحالي بمتحف اللوفر أبو ظبي المزمع انشاؤه في جزيرة السعديات في أبو ظبي .
وأكد نسيبة – ساعتها – أن هناك سوء فهم مباشر لطبيعة مشروع متحف اللوفر أبو ظبي أدى إلى خلق انطباع لدى بعض الأوساط الثقافية والأثرية بأن المتحف سيقوم بعرض آثار فرعونية وهو أمر خاطئ من الأساس ويدل على جهل كبير بالمشروع.
ونفى نسيبة أيضاً وجود توجه لدى لوفر أبو ظبي لجلب قطع أثرية فرعونية من فرنسا لعرضها في المتحف مشيرا الى أنه في حال وجود رغبة لدى أبو ظبي لاستضافة وعرض جانب من الآثار الفرعونية سيتم ذلك من خلال التنسيق الكامل مع المسؤولين في مصر.
وبالرغم من اعتراف نائب رئيس هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث بأحقية مصر بالدخول في أية اتفاقية تخص الآثار المصرية، قالت وزارة الآثار في بيانها في 18 سبتمبر 2017: إنه “وفي حال قيام متحف لوفر أبو ظبي بعرض قطع أثرية مصرية، فإنها سوف تكون من مقتنيات متحف اللوفر بباريس؛ بناءً على الاتفاقية الموقعة بين الطرفين، باعتبار متحف اللوفر أبو ظبي بمثابة معرض دائم لمتحف باريس، وأن مصر ليس من حقها التدخل لوقف عرضها طبقاً للقانون”.
ومن الجدير بالذكر أنن متحف “لوفر أبو ظبي” بدأ العمل في انشائه عام 2007، بتكلفة قدرها 100 مليون يورو، في حين أن الصفقة بين الإمارات وفرنسا على الآثار المصرية وغيرها من الآثار والتي تم توقيعها عام 2007 تبلغ 1.3 مليار دولار، ليس لمصر فيها دولاراً واحداً، بل وقد منعت هذه الاتفاقية استخدام اسم اللوفر في تحقيق مشاريع مماثلة في مصر، والسعودية، والكويت، وعمان، والبحرين، وقطر، والأردن، وسوريا، ولبنان، وإيران، والعراق.
ثالثاً: تأجير آثار مصر لدولة الإمارات:
برزت قضية تأجير آثار مصر حين نشرت صحيفة “المسائية” التابعة لسلطة الانقلاب؛ تقريراً صحفياً بتاريخ 30 ديسمبر 2013 عن تقدم شركة إماراتية بطلب تأجير آثار مناطق قلعتي صلاح الدين وقايتباي ومعابد الأقصر، وأشارت الصحيفة إلى أن مسئولاً بالآثار أكد لها أن المشروع هو حل سريع للأزمة المالية الحالية .
وذكر التقرير حينها أن الصحيفة علمت من مصادر مطلعة بوزارة الدولة للآثار أن هناك دولاً خليجية عرضت على الوزارة تأجير بعض المناطق الأثرية في مصر مثل منطقة آثار قلعة صلاح الدين الأيوبي بالقاهرة ومنطقة قلعة قايتباي بالإسكندرية ومعابد مدينة الأقصر، حيث أرسلت شركة برواكتوورلد Proact World خطابا – حاولت فيه إخفاء كونها شركة إماراتية وذكرت أنها شركة مصرية وإقليمية – وجهته لوزارة الآثار رسميًا وصار محل عرض ودراسة للقطاعات المعنية .
ووفقًا لتقرير الصحيفة فإن هذه المناطق تعد نماذج وبداية للمشروع القابل للتوسع والقائم على تطوير بعض المناطق الأثرية بجمهورية مصر العربية وتنشيط السياحة فيها بالأساس، على أن تقوم الشركة بتوفير التمويل اللازم للمشروع مقابل توزيع نسب الأرباح بما يتم الاتفاق والتعاقد عليه، ولم تحدد الشركة المدة ولا المقابل .
وقد قامت الوزارة بتمرير هذا المشروع من خلال الشركة الإماراتية بمشروع “حق انتفاع للمناطق الأثرية الشهيرة في مصر” لصالح كبرى الشركات العالمية مثل بروكتل وجامبل ونوكيا واتصالات، وأن هذا المشروع بمنزلة حل سريع للأزمة المالية التي تمر بها مصر .
واعترف حينها وزير الآثار الدكتور محمد إبراهيم أن عرض الإمارات لتطوير مواقع أثرية لا يتضمن تأجيرها، وأن الوزارة تلقت خطابا من إحدى الشركات الإماراتية الخاصة ترغب في تطوير بعض المواقع الأثرية الإسلامية والمصرية وتجهيزها بأحدث وسائل التكنولوجيا المتطورة، وأن العرض لا يتضمن تأجير أو حق استغلال المواقع الأثرية، وقال إن المقترح يوفر الموارد المالية اللازمة لتطويرها مع خصم نسبة من الأرباح لصالح الشركة الممولة للمشروع دون أدنى تدخل منها سواء في الإدارة أو لشئونها المالية والإدارية، على حد قوله .
وفي 11 يناير من العام 2008، أعلن رئيس شركة الصوت والضوء للتنمية السياحية، لموقع “مصراوي” أن شركة “بريزم إنترناشيونال” الإماراتية سوف تقوم بإدارة منطقة الأهرامات الأثرية بالجيزة، لمدة 20 عاما، على أن تقوم بعمليات تطوير وضخ مبلغ 50 مليون دولار، في حين قالت ميرفت حطبة رئيس الشركة القابضة للسياحة والفنادق، ، إن صعوبة الوضع المالي لشركة “الصوت والضوء” كان هو السبب في المشاركة مع “بريزم إنترناشيونال”.
رابعاً: آثار مصر تُباع في مزادات علنية
نشرت جريدة الشروق المقربة من سلطة الانقلاب؛ في التاسع من أكتوبر 2013، أن موقع إسرائيلي متخصص في التسويق الإلكتروني يُسمي: (Baidun) نشر اعلاناً لبيع آثار مصرية أصلية وبأسعار متفاوتة، وأن من بين الآثار المعروضة مجموعة من التماثيل البرونزية لأوزوريس ترجع إلى العام 342 قبل الميلاد، وقناع مطرز يعود إلى العام 1650 ق.م، وغيرها من التحف الأثرية الثمينة.
وبالرغم من أن بيانًا لوزارة الآثار المصرية أعلن حينها عن تحرك الوزارة دوليًا فور رصدها لهذا المعرض إلا أنه لم يذكر كيف خرجت هذه الآثار من مصر، بل وفي العشرين من نوفمبر وقف الدكتور خالد عناني وزير الآثار في البرلمان معلناً أنه تمكن هو ووزارته خلال عام 2016 من استعادة آثرين اثنين من إسرائيل وهى المرة الأولى منذ عام 1996، بالرغم من أن مزاداً القدس عرض بيع 126 قطعة أثرية فرعونية !!
ومؤخرا وبالتحديد يوم 25 مارس 2018 ذكرت جريدة الشروق خبراً بعنوان: “بالصور.. 27 قطعة أثرية مصرية نادرة تباع بمزاد علني في نيويورك”، وكشفت فيه أن 27 قطعة آثار فريدة من آثار مصر ستباع في مزاد علني في 18 أبريل 2018، حيث أعلن موقع “كريستيز” الخاص بإحدى شركات المزاد العالمية (المسئولة عن تنظيم المزادات لبيع المقتنيات والتحف النادرة في أماكن مختلفة من العالم) عن بيع 27 قطعة أثرية مصرية ضمن 115 قطعة أثرية فريدة على مستوى العالم .
وأشارت الجريدة إلى أن الموقع المتخصص في المزادات العالمية قد أعلن عن أسعار بعض الآثار المصرية المعروضة للبيع في المزاد المزمع عقده في مدينة نيويورك الأمريكية، حيث وصل سعر بعضها إلى أكثر من مليون و500 ألف دولار أمريكي .
ومن بين القطع المعروضة للبيع في المزاد تمثال نادر لـلوزير الشهير (سخيم عنخ بتاح) الذي يرجع لأكثر من 2200 عام قبل الميلاد، والذي كان يشرف على معظم الأعمال الملكية في حينه، والذي قُدر ثمن بيعه ما بين مليون إلى مليون ونصف دولار . !!
خاتمة:
من العرض السابق تتضح جوانب من تداعيات الانقلاب العسكري 2013 على الآثار المصرية بما تمثله من تاريخ وحضارة وبما تساهم فيه من عائد نقدي أجنبي له بالغ الأثر على اقتصادنا المترنح. من خلال السرقات التي تزداد يوماً بعد يوم، والتغاضي عن آثارنا التي يتم تهريبها خارج البلاد، بل وبيعها علانية في المزادات العالمية، وتأجير مناطقنا الأثرية لداعمي الانقلاب (1 ).
———-
الهامش
(1) الآراء الواردة تعبر عن كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المعهد المصري للدراسات