fbpx
دراسات

تطورات الأوضاع في ليبيا وأبعاد الدور المصري

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقدمة

كان الثالث من يوليو 2013، وبيان الانقلاب العسكري في مصر، بداية لأهم تحول نوعي في دول العامل الدولي والإقليمي في تحولات الأوضاع السياسية في المنطقة العربية وخاصة في بلدان الثورات العربية، حيث كان مقدمة لدعم عدد من الحركات الانقلابية والقوى الداعمة للثورة المضادة في هذه الدول وفي مقدمتها ليبيا، وهو ما تمثل في استخدام قادة الانقلاب العسكري في مصر كأداة من أدوات دعم الانقلاب العسكري في ليبيا والذي يقوده اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بدعم سياسي ومالي وإعلامي شبه كامل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

قاد حفتر ما أطلق عليه “عملية الكرامة” وفي مواجهتها برزت عدة قوى ثورية تحت العديد من المسميات منها “فجر ليبيا”، و”ثوار بنغازي”، ومع كل تعثر لعملية الكرامة يأتي الإماراتي السعودي المباشر أو غير المباشر عبر عسكر مصر وقادة انقلابها.

وللوقوف على هذه التطورات وخريطة الصراعات، وطبيعة دور سلطة الانقلاب العسكري في مصر فيها، تأتي هذه الورقة، والتي تم تقسيمها إلى المحاور التالية:

المحور الأول: تطورات الأوضاع في الداخل الليبي

المحور الثاني: أبعاد دور الانقلاب العسكري المصري في ليبيا

المحور الثالث: العوامل الحاكمة لمستقبل الانقلاب الليبي

خلاصة تنفيذية

المحور الأول

تطورات الأوضاع في الداخل الليبي

أولاً: انقلاب حفتر وتطوراته:

كان انقلاب 14 فبراير 2014، الذي أعلن عنه اللواء خليفة حفتر محط استهزاء وسخرية على نطاق واسع في جميع أنحاء ليبيا نظراً لضعفه. لكنه توجّه إلى شرق ليبيا للتعافي من النكسة التي ألمّت به. وتحرك ملقياً الخطابات السياسية لدعم قضيته المناهضة للإسلاميين ومجنّداً الجنود ورجال القبائل الساخطين. واتهم الأحزاب الإسلامية في “المؤتمر الوطني العام” بإحباط عملية إعادة تأهيل الجيش وعدم القيام بأي شيء للتصدي لحملة الاغتيالات التي تستهدف الأعضاء الحاليين والسابقين في المؤسسة الأمنية. وتحدث عن إنشاء معسكرات تدريب لمكافحة الإرهاب، وكسِب ولاء القوات التي تحرس القواعد الجوية في الأبرق، وبنينا، وطبرق.

وتشمل قوات حفتر القوة الجوية وما يقرب من 6000 جندي وموالين من القبائل، وقد أنشأ هؤلاء حواجز تفتيش خارج بنغازي. ورداً على ذلك، فرض “المؤتمر الوطني العام” الذي يسيطر عليه الإسلاميون منطقة حظر جوي فوق بنغازي ضد طائراته المقاتلة الخاصة، ولكن لم يكون لذلك تأثير يذكر؛ فالتهديد الفعلي لسلاح حفتر الجوي هو الوجود الواسع الانتشار للأسلحة المضادة للطائرات، بما في ذلك منظومات الدفاع الجوي المحمولة التي تملكها “كتائب 17 فبراير”.

وجاءت عملية حفتر في أعقاب الاشتباكات المتصاعدة بين القوات الخاصة المعروفة بـ “الصاعقة” وتنظيم “أنصار الشريعة في ليبيا”، ومن ضمنها تفجيرٌ انتحاري، واغتيال مدير المخابرات العامة في بنغازي إبراهيم السنوسي بعد يوم من ظهوره على شاشة التلفزيون للتحذير من مؤامرة إسلامية. وأدى الاقتتال بين “الصاعقة” و”أنصار الشريعة في ليبيا” إلى تعاون عسكري مع ميليشيا القائد الاتحادي الجثران.

ودعم تعاون حفتر مع الجثران وآمر قوات “الصاعقة” ونيس بوخمادة رسمياً عملية حفتر في 19 مايو 2014. ومنذ بدء الحملة، اتخذت وحدات “الصاعقة” موقع الهجوم ضد “أنصار الشريعة في ليبيا” في سيدي فرج والهواري والقوارشة ومناطق تيكا في بنغازي، ودعت جميع الليبيين إلى التظاهر دعماً لهذه ” الحركة القومية للدفاع عن الوطن” ( ).

وقد تم الربط بين الحملة العسكرية التي شنّها رئيس هيئة الأركان السابق في ليبيا الجنرال خليفة حفتر في 16 مايو 2014، للإطاحة بالقوى الإسلامية التي تهيمن على المؤتمر العام الوطني وقيام وزير الدفاع المصري عبدالفتاح السيسي بعزل الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين الحاكمة في مصر في يوليو 2013. وعلى المنوال نفسه اتَّهم حفتر حزب العدالة والبناء التابع لجماعة الإخوان الليبية وكتلة “الوفاء للشهداء” البرلمانية الإسلامية الأكثر تحفّظاً بـ “تعزيز الإرهاب”، ودعا السلطة القضائية لتشكيل حكومة طوارئ والإشراف على انتخابات برلمانية جديدة. كما ردّد رئيس الشرطة العسكرية العقيد مختار فرنانة، أحد الحلفاء الرئيسيين لحفتر، ما قاله السيسي في مصر حيث أكّد على أن تحركهم جاء استجابة لـ “اختيار الشعب ” وليس انقلاباً.

إن حفتر والعديد من كبار مؤيديه هم من بنغازي أو من مدن شرقية أخرى، وهو ما يفسر دعم القوات الخاصة وسلاح الجو العلني له، بينما يزعم فرنانة تمثيل “المجلس العسكري للمنطقة الغربية” المستند إلى ميليشيات نفوسة-زنتان القوية. وقد نظّم الاثنان سلسلة “المؤتمرات الاستثنائية للجيش الليبي” التي أسفرت عن تشكيل “تجمع الضباط الليبيين الأحرار” في أبريل 2013، ثم أعلنا عن تشكيل المجلس العسكري الأعلى لمضاهاة الأركان العامة التي مقرها طرابلس الغرب ( ).

ثانياً: أهداف عملية حفتر:

وفقًا لما صرح به حفتر، فإن عمليته في شرق ليبيا تستهدف تطهير الدولة من الجماعات الإسلامية المسلحة التي تصاعد خطرها في الشرق الليبي، بسبب عدم قدرة الدولة على نزع سلاحها، وبالتالي، امتدت تأثيراتها إلى الجوار الإقليمي لليبيا عبر نسج علائق عابرة للحدود مع تنظيمات جهادية في مصر وتونس والجزائر، كما أن تلك الجماعات، من جانب آخر، باتت تشكل خطرًا على المصالح الغربية التي تعرضت للاستهداف المتكرر، وكان من أبرزها قتل السفير الأمريكي في بنغازي في 2012، إثر هجوم أُلقي فيه باللائمة على جماعة “أنصار الشريعة” ذات الامتدادات الإقليمية.

ومن هنا، تستهدف “حملة الكرامة” أطرافًا محددة في شرق ليبيا، وهي جماعات إسلامية مسلحة تشكل في مضمونها استنساخًا لأفكار “القاعدة”، كـ”أنصار الشريعة” و”كتيبة شهداء بوسليم” و”ألوية الشهيد عمر عبد الرحمن”، و”جماعة التوحيد والجهاد”، و”قوات 17 فبراير”. وبالتالي، فقد تشكل حال نجاحها نقطة لجذب تأييد إقليمي ودولي. كما أن عملية حفتر اتسعت لتشمل أهدافًا منها: تعليق عمل السلطات الانتقالية، وبرامج المصالحة، ونقل صلاحيات المؤتمر الوطني إلى الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، بل والإعلان صراحة عن مواجهة جماعة الإخوان؛ إذ قال حفتر (مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط، في 20 مايو 2014) إن هدف عمليته ليس فقط تطهير ليبيا من المتطرفين، ولكن أيضًا من جماعة الإخوان، متوعدًا بتقديمهم للمحاكمة( ).

أما خصوم حفتر فيتّهمونه ورفاقَه بالسعي لاستعادة النظام القديم، خاصة أن تحالفه حظي بدعم متزايد في أوساط الجنود وضباط الصف من عهد القذافي. غير أن مشاعر الاستياء إزاء التهميش الكامل تتجاوز المعسكرين الموالي والمناهض للقذافي، لأنهما مستهدفان بقانون العزل السياسي الصادر في نوفمبر 2013، الذي يحظر على أعضاء النظام السابق تولّي الوظائف العامة لمدة عشر سنوات. بالإضافة إلى ذلك لدى المعسكرين قضية مشتركة تتمثّل في رغبتهما بوضع حدّ لعمليات الاغتيال المتواصلة لكبار ضباط الجيش والمخابرات، ومسؤولين حكوميين كبار آخرين. كما دفع ذلك بنائب رئيس هيئة الأركان السابق سالم جنيدي، الذي استقال من منصبه في نوفمبر 2013 احتجاجا على استمرار سلطة الميليشيات الثورية، وبوزير الدفاع عبدالله الثنّي، الذي يشغل حالياً منصب رئيس الوزراء المكلف، بالانضمام إلى صفوف المعسكر نفسه. وكون جنيدي والثنّي ينتميان إلى منطقة الحدود الغربية في ليبيا فإن هذا يؤكّد على الطبيعة الإقليمية المتقاطعة لتحالف الضباط.

وهناك معسكر ثانٍ يستند إلى مؤسّسات الدولة الرسمية، لكنه اعتمد هياكل أمنية “هجينة” منذ العام 2011. من بين رموزه اللواء يوسف منقوش، الذي شغل منصب نائب وزير الدفاع المؤقّت إلى أن تم تعيينه رئيساً للأركان في يناير 2012، وخليفته اللواء عبدالسلام جادالله العبيدي، الذي تولّى المنصب في أغسطس 2013. وإذ افتقرا إلى قاعدة مؤسسية قوية داخل الجيش، فقد اضطرا إلى التعامل مع قوات درع ليبيا، وهي الإطار الجديد الذي دفعت به مليشيات مصراته القوية في غرب ليبيا لدمج العديد من المليشيات الثورية التي ظهرت خلال وبعد ثورة 17 فبراير 2011.

ويرى أحد الباحثين أن ثمة عوامل عدة قد تشكل محفزات للتحالفات البازغة المؤيدة لحملة “الكرامة”، لعل أبرزها، رفض تصاعد هيمنة تحالف (الإسلاميين – مصراتة) على مؤسسات الدولة الانتقالية، حيث نجحت جماعة الإخوان المسلمين، عبر حزبها العدالة والبناء، وقوى جهادية سابقة منخرطة في العمل السياسي (الجماعة الليبية المقاتلة السابقة) في بناء تحالفات قبلية وميليشياوية مع مصراتة والقوى الأمنية في طرابلس، لضمان هيمنتها على السلطة السياسية، مدعومةً بقوى إقليمية ودولية.

واستطاع التحالف تقليص المساحة السياسية التي حازها تحالف القوى الوطنية ذو التوجه الليبرالي بزعامة محمود جبريل ومن خلفه الزنتان وتيارات مدنية أخرى في انتخابات يوليو 2012، عبر الضغط بالقوة المسلحة لتطبيق قانون العزل السياسي الذي أحدث خللا في موازين القوى السياسية لصالح الإسلاميين في المؤتمر الوطني. وفي الوقت ذاته، تغلغل التحالف في المؤسسات الوليدة للدولة الليبية، إذ بدا أن هناك جهاديين سابقين يتولون مناصب محورية، وخاصة في وزارة الدفاع، كما تم تمديد ولاية المؤتمر الوطني العام حتى ديسمبر 2014، علمًا بأنها انتهت في فبراير 2014، لكن سرعان ما تراجع المؤتمر عن قراره، وأعلن إجراء انتخابات مبكرة دون أن يحدد موعدها ( ).

ثالثاً: صراع الشرعيات:

شهد المشهد السياسي الليبي عدة تحولات منذ انتخابات 25 يونيو 2014 التي أفرزت مجلسًا للنواب، أثار جدلاً دستوريًّا يُنظر فيه أمام الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا الليبية، بسبب مخالفات دستورية متعلقة بانعقاده خارج مدينة بنغازي، المقر المنصوص عليه بموجب التعديل السابع للإعلان الدستوري. وقد أفرزت هذه الأزمة السياسية مطالبات من مؤيدي فجر ليبيا بعودة المؤتمر الوطني العام السابق باعتباره صاحب الولاية التشريعية، لحين تصحيح الوضع الدستوري لمجلس النواب الليبي المنعقد بطبرق شرقي ليبيا( )؛ حيث شكَّل المؤتمر الوطني حكومة إنقاذ وطني برئاسة “عمر الحاسي” في 25 أغسطس 2014، سلَّمتها قوات فجر ليبيا مقار الوزارات بالعاصمة طرابلس.

في حين وافق مجلس النواب بطبرق على التشكيلة الوزارية التي قدمها له عبد الله الثني في 22 سبتمبر 2014( )، والتي بدأت تمارس مهامها من مدينة البيضاء غربي طبرق 275 كلم.

وبذلك تعزز الانقسام السياسي:

• بين برلمانين: الأول يحظى بدعم واعتراف دولي وهو مجلس النواب بطبرق في شرق ليبيا، والثاني في العاصمة الليبية طرابلس غير معترف به، ولكنه يطعن في دستورية مجلس طبرق وهناك دعوى مرفوعة بهذا الشأن أمام الممحكمة الدستورية العليا في ليبيا.

• بين حكومتين، تسيطر إحداهما من خلال مؤيديها على مساحات شاسعة بليبيا، وتهيمن على مراكز القرار السيادي والمالي بالدولة كمصرف ليبيا المركزي، وأغلب منابع النفط ويقودها عمر الحاسي، وأخرى تتحرك في الشرق وبعيدة جغرافيًّا عن الإدارات المهمة بالدولة الليبية، وقرارتها لا تلقى قوة على الأرض لتنفذها( ).

وممن هنا شهد الصراع في ليبيا شكلاً جديداً، تحت مسمى “صراع الشرعيات المنقوصة”، إذ إن “مجموعة الست”، وهي دول جوار ليبيا، (مصر والسودان وتشاد والنيجر والجزائر وتونس)، لها مواقف متباينة من الكيانات السياسية والعسكرية الليبية. فالجزائر والسودان وتونس تعارض بشكل قاطع أي تدخل عسكري أجنبي، بسبب ما تعتقد أنه سينعكس عليها أمنياً، واحتمال تدفق جماعات إسلامية متشددة على ليبيا التي تملك حدوداً برية تصل إلى خمسة آلاف كيلومتر من الصعب السيطرة عليها عسكرياً. أما مصر والسعودية والإمارات، فتبدو، منحازة للطرف السياسي والعسكري المتحالف مع مجلس النواب الليبي وحكومة الثني المستقيلة، وضد تيارات الإسلام السياسي، وفي مقدمتها الأحزاب المنبثقة عن جماعة الإخوان المسلمين.

وخلص البعض إلى القول بأن الحالة الليبية قد تصل إلى “اتفاق طائف جديد”، كالذي قُسِّمت السلطة في لبنان بموجبه على أساس طائفي، لكن قد يكون المعيار مناطقياً في الحالة الليبية. وقد يصل المشهد الليبي إلى حالة الشرعيات المنقوصة التي يحوزها كل فريق، بما أن معظم دول العالم تعترف بمجلس النواب المنتخب، وما قد ينبثق عنه من حكومات. كذلك، ثمة واقع لا يمكن تجاهله في طرابلس وبنغازي، وهو سيطرة قوات مسلحة على الأرض، هي “فجر ليبيا” التي تمكنت من خلق واجهة سياسية لها متمثلة في “المؤتمر الوطني العام”، وقد تنبثق عنه “حكومة إنقاذ وطني”.

ويمكن أن يصل الأمر بالأطراف المتصارعة إلى تساوي أوزانها السياسية والعسكرية، مما سيجعل دول جوار ليبيا والدول الكبرى في سعي إلى تقسيم السلطة بين هذه الأطراف على أساسات أيديولوجية وجهوية وسياسية، وهو ما سيؤدي إلى تراجع دور الدولة. وتواجه ليبيا خطر التقسيم السياسي ومراكز النفوذ، بعد أن اجتازت خطر التقسيم الجغرافي على أسس فيدرالية، بين عدة مجموعات وكيانات يحظى كل منها بدعم خارجي( ).

رابعاً: التطورات الميدانية:

منذ إعلام اللواء السابق في الجيش الليبي عن محاولته الانقلابية الثانية في 16 مايو 2014 (كانت الأولي في فبراير 2014) والتي أطلق عليها “عملية كرامة ليبيا”، شهدت البلاد العديد من التطورات والتحولات الميدانية، يبرز منها:

• في 16 مايو 2014، أطلق اللواء السابق في الجيش الليبي خليفة حفتر “عملية كرامة ليبيا” في منطقة بنغازي شرق ليبيا بهدف ما أسماه “تطهير المدينة من الإرهابيين”. وجاءت هذه الخطوة بعد ثلاثة أشهر من إعلان حفتر عن الإطاحة بالحكومة، لكنه فشل في اتخاذ أي خطوات في أعقاب إعلانه ذلك. ومع هذا، تتحدى وحدات الجيش الموالية لحفتر، رئيس أركان القوات المسلحة اللواء سالم العبيدي، الذي وصف هذه العملية بـ”الانقلاب”. وقامت قوات مؤيدة لحفتر مقرها في الزنتان بتوسيع العملية إلى طرابلس.

• في 18 مايو 2014، هاجمت قوات الزنتان “المؤتمر الوطني العام” في محاولة لاعتقال ممثليه وحلّ المجلس بالقوة. وقال المتحدث باسم حفتر: “أن هذا البرلمان يدعم الكيانات المتطرفة، لذا كان الهدف من ذلك هو القبض على أولئك الإسلاميين الذين يتخفون تحت عباءة السياسة.”

• في 18 مايو، قامت بعثة تدعو نفسها “قيادة الجيش الليبي”- بقيادة قائد الشرطة العسكرية العقيد مختار فرنانة، من الزنتان – بالإدلاء ببيانٍ على قناة “ليبيا لكل الأحرار” دعت فيه إلى تعليق عمل “المؤتمر الوطني العام” وتكليف لجنة الستين في مدينة البيضاء، المنوط بها صياغة الدستور، بالسيطرة على “المؤتمر” لفترة مؤقتة، وتفعيل القوات المسلحة والشرطة، وإحياء عملية الحوار الوطني، وعودة النازحين الليبيين. وتعهّد البيان أيضاً بألا تكون ليبيا مهداً للإرهاب.

وادعى فرنانة أن عملية حفتر “ليست انقلاباً إنما هي تعبير عن إرادة الشعب بوضع حد لـ «المؤتمر الوطني العام»”. والتأكيد على أنها ليست قبلية ولا هي محاولة للاستحواذ على السلطة، بل معركة ضد هيئة تشريعية “فقدت شرعيتها وهمّشت الجيش ودعمت الميليشيات الإرهابية.”

• وصفت “غرفة عمليات ثوار ليبيا” في بيانها الرسمي العملية برمتها بمثابة انقلاب.

• في حين يشارك القادة في الزنتان الأهداف نفسها مع حفتر، إلا أنه من غير الواضح مدى التنسيق بين الجبهتين أو مدى تشاركهما رؤية سياسية محددة؛ فمن الممكن أن يعارض الزنتانيون أي محاولة يقوم بها حفتر لوضع نفسه في مكانة القائد السياسي لهذه المعركة.

• امتدت رقعة القتال من “طريق المطار” الخاضع لسيطرة الزنتانيين إلى مناطق أبو سليم وباب بن غشير. وشنت القوات الزنتانية هجوماً على “غرفة عمليات ثوار ليبيا”، فيما زعمت “قوة الردع الخاصة” الإسلامية المتمركزة في قاعدة معيتيقة الجوية في سوق الجمعة أنها صدّت هجوماً هي أيضاً. وتم إطلاق صواريخ غراد على “طريق المطار” من جهة الشرق، بالقرب من وادي الربيع في المنطقة الخاضعة للجماعات الإسلامية، وزُعم أن أحدها أصاب السفارة الأمريكية. ولا تزال خطوط المعارك تتكاثر في طرابلس ومن حولها، فيما تهدد الفصائل المركزية والغربية لقوات “درع ليبيا” بدخول العاصمة وتكشف القوات الزنتانية عن حركة للدبابات والمدافع الثقيلة( ).

• ظهر تحالف كتائب مسلحة بمدن الغرب الليبي من اثنتي عشرة مدينة تتزعمه مدينة مصراته ذات الوزن العسكري من حيث عدد المقاتلين ونوعية التسليح، تحت اسم “فجر ليبيا” ليواجه كتائب القعقاع والصواعق والمدني بالعاصمة طرابلس الذراع العسكرية لحزب “تحالف القوى الوطنية” بقيادة محمود جبريل، والمؤيدة لعميلة الكرامة. ولمواجهة ما اصطُلح على تسميته “جيش القبائل” من مناطق ورشفانة بضواحي العاصمة طرابلس، والذي رفع مقاتلوه الأعلام الخضراء وتحالفوا مع حفتر.

• انتهت المواجهات المسلحة بين قوات فجر ليبيا وكتائب القعقاع والصواعق والمدني بسيطرة قوات فجر ليبيا على مطار طرابلس الدولي، وطرد الكتائب المؤيدة للواء حفتر من كل المرافق والمعسكرات بالعاصمة، كما سيطر تحالف كتائب فجر ليبيا على مناطق ورشفانة بالكامل.

• الوضع في بنغازي: انتهى يوم 15 أكتوبر دون أن يحقق حفتر (الذي أعلن أنه سيكون يوماً حاسماً) وصحوات بنغازي أي هدف تجاه استعادة بنغازي أو دخولها وقاموا بتفجير مطعم يملكه أحد الداعمين للثوار. نجح الثوار في الدخول لآخر معسكرين تؤيدان حفتر وهما معسكر 204 دبابات ومعسكر 21 صاعقة، وواصل الطيران التابع لحفتر قصف بنغازي ومعلومات عن قصف مخازن الكتب الدراسية وخزان المياه في منطقة قاريونس، وتحدثت وسائل إعلام عربية ودولية عن مشاركة الطيران الحربي المصري في قصف بنغازي، وقد حافظ الثوار على مواقعهم في محيط منطقة بنينا ولم تستطع قوات القبائل وحفتر من التقدم نحو بنغازي، مع وجود أنباء عن توافد ثوار من مناطق ليبية لدعم ثوار بنغازي.

• الوضع في الجبل الغربي

• استمرت المواجهات في ككلة بعد محاولة كتائب الزنتان اختراق مواقع حماسة الثوار وتمكن الثوار من صدها وسقط قتلى مدنيين من ككلة جراء قصف كتائب الزنتان

• استطاع ثوار فجر ليبيا استعادة مواقعهم في منطقة بوشيبة والوادي الحي بعد تراجعهم منها بسبب عملية التفاف قامت بها قوات الزنتان والقبائل

• انتهت اشتباكات في منطقة بئر الغنم بين قوات فجر ليبيا وقوات ورشفانة أسفرت عن سقوط قتلى من الطرفين وتمكن ثوار فجر ليبيا من السيطرة على المنطقة.

• أعلنت حكومة الثني حملة للتحرك عسكريا نحو طرابلس بعد تقدمها في بنغازي وتحقيق عدد من النجاحات على الأرض بين 22 و27 أكتوبر 2014، واستيلائها على معسكر 17 فبراير أحد المعسكرات الرئيسية للإسلاميين في بنغازي.

خامساً: التطورات السياسية:

1ـ دشنت هيئة الستين لكتابة الدستور موقعاً إلكترونياً جديداً على شبكة الإنترنت، وأعلنت الهيئة عبر الموقع أنها ستجري استفتاء حول نظام الحكم في ليبيا الذي تنّوع ما بين رئاسي وبرلماني وملكي. لكن مصدراً من هيئة الستين، قال إن “إعلانات قرب نشر مسودة الدستور غير صحيحة، فلجان الهيئة الثماني لم تنجز عملها حتى الآن، عدا لجنة الجيش والشرطة التي قدمت تصوّرات لا ترقى إلى مستوى مشروع مسودة دستور”. وأضاف أن “هيئة الستين ستطلب تمديداً حتى نهاية العام الحالي لإنجاز مسودة الدستور، والتي انتهت مدة عملها في العشرين من أغسطس 2014، إذ من المقرر أن تنتهي الهيئة من تقديم مشروع الدستور للاستفتاء الشعبي خلال أربعة أشهر”.

2ـ شكل مجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق لجنة برلمانية تتولى إدارة مصرف ليبيا المركزي، في خطوة تهدف إلى إقالة محافظ المصرف “الصدّيق الكبير” المقيم في دولة مالطا بعد تلقيه تهديدا بالقتل. وأشار البعض إلى أن “مجلس النواب عاجز عن إقالة الكبير، كون قانون المصارف ينصّ أن ولاية مدير مصرف ليبيا المركزي تمتدّ لخمس سنوات، والكبير لم ينهِ ولايته، إلا إذا أُقيل بسبب جريمة جنائية تفضي إلى فساد مالي”. واعتبروا أن “من هنا يسعى مجلس النواب السيطرة على المصرف المركزي والذي يعني الهيمنة على القرار المالي”.

3ـ بدء فعاليات حوار “غدامس” على حدود الجزائر برعاية البعثة الخاصة للأمم المتحدة بليبيا ورئيسها برناردينو ليون، 29 سبتمبر 2014، وانطلق من قاعدتين أساسيتين، الأولى: أن مجلس النواب الليبي المنعقد بطبرق صاحب الشرعية الكاملة، باعتباره نتاج انتخابات 25 يونيو 2014. والثانية: احترام الإعلان الدستوري الليبي وتعديلاته، واعتباره مرجعية عليا لحل جميع الخلافات الدستورية والقانونية العالقة( ).

ويبدو من المنطلق الذي خطَّه برناردينو ليون لسير الحوار، أنه من الطبيعي أن يكون مقتصرًا على نواب مؤيدين لانعقاد البرلمان بطبرق، مستبعدًا في ذات الوقت أطراف الأزمة السياسية والأمنية الليبية المؤثرين، والمكونين بالأساس من تنظيمات مسلحة مسيطرة على الأرض كقوات فجر ليبيا بغرب ليبيا، ومجلس شورى ثوار بنغازي بشرقها.

ينتقد البعض إعلان بعثة الأمم المتحدة اعتباره أن مجلس النواب الليبي يمثل الشرعية الكاملة، وأنها انتقلت من طور ومرحلة الدعم حسب مهمتها المعلنة، إلى مرحلة وطور الفصل في قضايا دستورية وقانونية ما زالت عالقة أمام المحكمة العليا الليبية؛ حيث إن أعضاءً بالمؤتمر الوطني وأحزابًا سياسية وشخصيات عامة رفعت دعاوى قضائية دستورية تطعن في شرعية مجلس النواب، وفي دستورية قانون انتخابات مجلس النواب الليبي، وبالتعديل الدستوري السابع الذي دشن مرحلة انتقالية ثالثة، جاءت نتيجة انسداد المسار السياسي بالمؤتمر الوطني بسبب الخلافات الحادة بين الإسلاميين الذين تزعمهم وقتها تحت قبة المؤتمر الوطني العام حزب العدالة والبناء، والليبراليين الذين يمثلهم حزب تحالف القوى الوطنية برئاسة محمود جبريل.

4ـ زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لطرابلس في 11 أكتوبر 2014، لتأكيد مساندته لمبادرة حوار غدامس برعاية مبعوثه الخاص برناردينو ليون، وقيام رئيس حكومة مجلس نواب طبرق عبد الله الثني، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، واللواء المتقاعد حفتر بزيارات مكوكية قبل موعد جلسة الفصل في شرعية مجلس نواب طبرق، ومحاولة جمع التأييد السياسي والدعم اللوجستي والعسكري، وبات الحديث عن الدعم العسكري علنًا بلا مواربة ولا انتقاد دولي أو إقليمي.

5ـ الاهتمام الدولي والإقليمي والإعلامي بأنباء مبايعة وشيكة لتنظيم الدولة في درنة قبل 20 أكتوبر 2014؛ مما يعني الارتكاز على واقع سياسي يقوم على محاربة الإرهاب في شرق ليبيا باعتباره لغة عالمية غير قابلة للنقاش أو الجدل ( ).

6ـ تحركات حكومة الثني: أعلنت حكومة الثني دعمها عمليات حفتر والزنتان وقوات ورشفانة، وتقوم بجولات خارجية لمصر والإمارات ومالطة، مع وجود صمت دولي بخصوص سقوط عشرات القتلى المدنيين في ككلة ويفرن بسبب قصف كتائب الزنتان للمدينتين، واستخدام حكومة الثني ونواب طبرق للأصول الليبية في مصر للإنفاق على عملياتهم وتحركاتهم ودعم حفتر( ).

7ـ اتساع دائرة القبول لمبادرة الحوار الجزائرية، وقيام ولي عهد أبوظبي بزيارة للجزائر لتغيير مواقفها.( )

المحور الثاني

أبعاد دور الانقلاب العسكري المصري في ليبيا

تأسس الموقف المصري تجاه ليبيا على بناء علاقات وثيقة مع مكوّنات “عملية الكرامة”، باعتبارها عملية عسكرية تهدف إلى بناء نظام سياسي يقوم على محورية دور “الجيش الوطني الليبي”، في إنجاز مهام المرحلة الانتقالية. واعتمد على أن التدخل العسكري الخارجي يمثّل خطوة لبناء الجيش الليبي ومكافحة الإرهاب. لكن، على الرغم من طرح هذه السياسة، يرى البعض أن فرص التدخل العسكري صارت محدودة، خصوصاً بعد تأكيد قرار مجلس الأمن 2174 على منع التدخل العسكري بشكل يفرض قيوداً وتحدياتٍ على السياسة المصرية، يمكن أن تدفع باتجاه تعديل سياستها الخارجية تجاه ليبيا( ).

وقد تعددت محاولات مصر لتفضيل خيار التدخل العسكري، ودعمت ذلك في اجتماعات دول الجوار في تونس، في 25 يوليو 2014، والعمل على وضع خطة مشتركة لوقف مسار عملية “فجر ليبيا” باعتبارها تهديداً للأمن الإقليمي، وهنا، تبدو ضرورة الاقتراب من العوامل والمحددات التي تؤثر في السياسة المصرية تجاه التدخل، أو المعالجة السياسية السلمية للأزمة.

وقد ظلت الفكرة المحورية في السياسة المصرية تكمن في تكوين نظام سياسي في ليبيا، يتماثل في خصائصه مع النظام المصري، بعد يوليو 2013. وشكل هذا الجانب محوراً استراتيجياً في السياسة الخارجية للانقلاب، وانعكس، بوضوح، في التصريحات الرسمية والحملات الإعلامية، وقد عبّرت سلطة الانقلاب عن سياستها في مواقف كثيرة وعبر العديد من المؤشرات والممارسات منها:

• الإمارات تدعم مقاتلين في ليبيا بالمال والسلاح وبن زايد يؤيد اقتراح السيسي: مع استمرار التحالف المصري الخليجي الذي أطاح بنظام الإخوان المسلمين في مصر، استمرت السعودية والإمارات في حربهما ضد الجماعات الإسلامية السياسية منها والجهادية، خاصة مع تنامي نفوذ هذه الجماعات في ليبيا مع سيطرة الإسلاميين على أغلبية المؤتمر الوطني وتنامى نفوذ الجماعات الجهادية وبخاصة أنصار الشريعة وجيش الإسلام في الشرق الليبي.

• في ديسمبر 2013 نشرت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية خبرًا عن قيام ولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد، بتوريد أسلحة إلى ميليشيات علمانية ليبية لمواجهة تمدد النفوذ الإسلامي هناك، وذكرت بالاسم كتيبة القعقاع التي تم اتهامها فيما بعد بخطف سائقين مصريين والقيام بأنشطة تهريب عبر الحدود.

• في يناير 2014 نشر نشطاء ليبيون خبر وصول طائرة عسكرية من نوع (C130) أمريكية الصنع، تابعة لشركة الطيران الإماراتية إلى قاعدة “تمنهنت” العسكرية بمحافظة سبها جنوبي البلاد، بدعوى توصيل مساعدات إنسانية، لكنها وضعت أسلحة وعتادًا لصالح ميليشيات تمكنت بعد ذلك من السيطرة على القاعدة العسكرية ذاتها.

• أعلن محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، عن تأييده لما طرحه عبد الفتاح السيسي أكثر من مرة حول خطورة الوضع في ليبيا وحتمية وجود تدخل ما لتقليص نفوذ الجماعات التي وصفها بالإرهابية والتي تقوم بتهريب السلاح على الحدود المصرية.

• عرض السيسي الدعم على حفتر: في أواخر مارس 2014 وفي أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة الأولى التى قام بها اللواء خليفة حفتر، في فبراير 2014، أعلن حفتر أن الجيش المصري عرض عليه إرسال قوات عسكرية مصرية في منطقتي “الوادي الأحمر ودالك” للسيطرة على جميع الحقول النفطية في منطقة الهلال وهي من أهم حقول النفط في ليبيا. وتأتي تصريحات حفتر مناقضة لتصريحات المشير عبدالفتاح السيسي الذي أكد وقتها على دعمه للشرعية في ليبيا( ).

• هجوم الإعلام المصري على ليبيا وشائعة الجيش المصري الحر: حيث جاء في تصريحات اللواء حمدي بخيت، المقرب من السلطات العسكرية: “إن ليبيا لا يوجد بها حكومة مركزية تسيطر على الأمور هناك، وأن الجماعات الإرهابية الموجودة بليبيا هي عبارة عن إعادة تمركز لكثير من العناصر الإرهابية من أفغانستان، والجهاز السلفي الجهادي، والإخوان”، منوهًا بأن “هذه الجماعات تتحرك وتراقب من قبل أجهزة استخبارات لدول عظمى ضد مصر، ونحن في أقصى درجات الانتباه، ولدينا قوات مدربة جيدًا لمواجهة هذه الأمور إذا كان الأمر يتعلق بالأمن القومي المصري، وسندخل إلى العمق الليبي إذ استشعرت القوات المسلحة الخطر”.

• في مقال له بعنوان “الخطر الآتي من ليبيا” قال الإعلامي عماد أديب (المقرب من السلطات في مصر): “يبدو أن قوات التدخل السريع، وهي آخر أعمال المشير عبد الفتاح السيسي في الجيش المصري، سوف توسع من مهامها لمواجهة الإرهاب المحتمل، إلى ضرورة القيام بعمليات استباقية خارج الحدود لمواجهة أخطار تأتي من ليبيا والسودان وغزة”.

• الإعلاميون المؤيدون للانقلاب لم يكفوا عن ترديد الأنباء حول ما يسمى بالجيش المصري الحر على الحدود الليبية وطالبوا الجيش المصري بسرعة التدخل في ليبيا لضرب الجماعات المسلحة كما فعل الإعلاميون أحمد موسى ومصطفى بكري وتوفيق عكاشة، المعروفون بالقرب من الأجهزة السيادية. ووفقًا لصحف الانقلاب فإن هناك ما يسمى بـ”الجيش المصري الحر” على الحدود الليبية والذي تأسس بمشاركة تنظيمي “الإخوان” و”القاعدة”، وتحت رعاية إيرانية – قطرية – تركية، وأن هناك مخططات لاستهداف منشآت حيوية في مصر، منها مطار القاهرة الدولي، واقتحام السجون لتهريب قيادات الإخوان، ونشر الفوضى، ويذكر أن المشير السيسي نفى في أحد تصريحاته وجود الجيش المصري الحر( ).

• التغطية المتحيزة لوسائل الإعلام الخليجية لانقلاب حفتر الأول:حيث وفرت وسائل الإعلام السعودية والإماراتية الدعم للانقلاب الإعلامي الذي قام به اللواء حفتر في فبراير 2014( ).

• زيارة رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب إلى تشاد: كانت أول زيارة خارجية لرئيس الوزراء المصري، إبراهيم محلب، عقب توليه مهام منصبه، في منتصف أبريل 2014 وهدفت في المقام الأول إلى تخفيف العزلة الإفريقية عن نظام الانقلاب في مصر، لكن السفير محمود سعد، سفير مصر بتشاد قال إن الزيارة لها شق سياسي مهم وهو أن مصر تسعى لأن يكون لها دور مهم في حفظ السلم والأمن الإفريقي بمنطقة وسط إفريقيا لكي تكون قوة إقليمية مهمة خاصة بعد الأحداث التي شهدتها ليبيا، مضيفًا أن تشاد من الدول القريبة من حدود مصر، بالإضافة إلى وجودها في محيط عدة دول بها خريطة لجماعات للفكر المتشدد الأمر الذي يحتم ضرورة ملء الفراغ بهذه المنطقة من قبل دولة بحجم مصر، وهو الأمر الذي يشير إلى كون الزيارة متعلقة بالوضع الليبي خاصة مع الاتهامات التي يوجهها الرئيس التشادي، إدريس ديبي، لليبيا بأنها معقل للحركات المسلحة التي تسهم في زعزعة الاستقرار في بلاده ، وهو ما ينبئ بوضوح أن الملف الليبي صار أحد أهم أولويات النظام المصري.

• في مايو 2014 نشر موقع ديبكا الاستخباراتي الإسرائيلي تقريرًا جاء فيه أن المشير عبد الفتاح السيسي يخطط لحل المشكلة الاقتصادية في مصر على حساب النفط الليبي؛ حيث سيتذرع بالإرهاب على الحدود المصرية الليبية من أجل تبرير عملية عسكرية ضد الليبييين تنتهي بسرقة كميات من النفط الموجود في الشرق. وذكر التقرير الإسرائيلي أن رئيس الاستخبارات في مصر، محمد فريد التهامي، زار واشنطن مؤخرًا وقدم للإدارة الأمريكية شرحًا مفصلاً عن “مخاطر تنظيم القاعدة في منطقة السويس والمناطق الحدودية مع ليبيا”، وأن مقاتلين من دولة العراق والشام يأتون إلى مصر عبر الأردن، وأن النظام في مصر يقوم بمحاربتهم، كما نقل التقرير تردد الإدارة الأمريكية بشأن مشاركة الطائرات المصرية في قصف محتمل للشرق الليبي وعلى الحدود المصرية الليبية.

• تصريحات هيكل حول نفط ليبيا من حق مصر: قال محمد حسنين هيكل: “في ليبيا هناك مشكلة كبيرة جدًا أتمنى أن يتنبه لها الجيش في مصر وأنا في حقيقة الأمر اتُهمت قديمًا أننا كنا نريد وحدة مع ليبيا وأنا كنت أريد دولة كاملة في هذه المنطقة من شرق البحر الأبيض”، وقال إن منطقة برقة الليبية الغنية بالنفط تابعة للأراضي المصرية وعليها المطالبة به، وأن نفط ليبيا يتركز في الشرق الليبي وبوجود جماعة متطرفة في الجبل الأخضر أي بالقرب من مصر فإن ذلك يُعد خطرًا على الأمن القومي المصري”. وزعم هيكل أن “القلق الحقيقي على مصر يأتي من الحدود الغربية مع ليبيا التي صارت مسرحًا للميليشيات كالجيش المصري الحر”، أكثر مما يأتي من مسلحي الشرق وسيناء الذين وصفهم هيكل بأنهم محاصرون بين مصر وإسرائيل( ).

• إسقاط طائرة مصرية في ليبيا: جاء إعلان جبهة ثوار 17 فبراير عن مشاركة طائرات مصرية في القصف الجوي الذي استهدف مقارها (الجمعة 16 مايو 2014) ليثير موجة واسعة من الجدل حول مشاركة الطيران المصري فعليًا في دعم محاولة حفتر الانقلابية، كما نشرت صحف مصرية وعربية صورًا لما قيل إنه حطام طائرة مصرية شاركت في الهجوم بينما لم تصدر تصريحات رسمية من الجانب المصري أو الليبي حول الواقعة.

• تحرك المارينز الأمريكي: كشفت تقارير صحفية عن انتقال وحدات عسكرية أمريكية مكونة من 200 من عناصر المارينز من إسبانيا إلى إيطاليا، وهي جزء من قوة “الاستجابة للأزمات”، التي شُكلت عقب الهجوم على البعثة الدبلوماسية الأمريكية في مدينة بنغازي في 2012، وهي الخطوة التي فسرتها واشنطن بمخاوفها بشأن تزايد العنف في ليبيا، لكن هناك تقارير غربية أشارت إلى قرب تدخل عسكري غربي في ليبيا وأن آخر اللمسات قد وُضعت على الخطة وتنتظر فقط إشارة الضوء الأخضر لتنفيذها( ).

• خلال معارك طرابلس بين قوات عملية “فجر ليبيا” ولواء حرس الحدود (القعقاع) وكتائب أخرى، انحازت المواقف المصرية، بوضوح، للخيارات المؤيدة لعملية “الكرامة”، حيث اعتبرتها آلية عسكرية لمواجهة الحركات الإرهابية. وقد زاد التضامن المصري مع خليفة حفتر، بعد الإعلان عن تشكيل مجلس النواب في طبرق، باعتباره يمثّل إطاراً شرعياً. كما دشّنت مصر حملة إعلامية وسياسية ضد “غرفة ثوار ليبيا” والحركات الثورية في شرق ليبيا.

• في ملتقياتٍ دوليةٍ كثيرة، عبّرت مصر عن رؤيتها بأن حل الأزمة في ليبيا يكون بالتدخل العسكري، وليس بالحوار السياسي، وأعلنت استعدادها للتدخل في حالة توفر غطاء دولي، أو بتفعيل العلاقات الثنائية من خلال “مجلس النواب (طبرق)” والحكومة القريبة منه، حيث بدأ التعاون الوثيق بينهما، بداية من التعزيز المتبادل لطلب التدخل الدولي، والشروع في عقد اتفاقية للدفاع المشترك، تمنح مصر صلاحيات واسعة على الأراضي الليبية.

• إن السياسة المصرية سعت، في مسارات موازية، إلى وضع إطار دستوري للعلاقة مع ليبيا، باتفاقات عسكرية تتيح لها التدخل لحماية المؤسسات الليبية. وفي هذا السياق، ثار جدل حول توقيع اتفاقية عسكرية للدفاع المشترك، ولكن لم تتضح كيفية دخولها حيّز التنفيذ في ظل النزاعات الدستورية والسياسية في ليبيا، وهناك تفسير يذهب إلى أن الاتفاقية هي للتغلّب على معوّقات التدخل الدولي، لكنه، من الوجهة القانونية، يعدّ قرار مجلس الأمن 2174 السقف القانوني للتصرفات الدولية تجاه ليبيا، وبالتالي، فإن وجود اتفاقات أخرى (بفرض التصديق عليها) لا يمكنها تجاوز “الشرعية الدولية”.

• حاولت مصر توظيف التعاون مع فرنسا والإمارات في تكوين إطار دولي، يعزز مسار التدخل العسكري في ليبيا، وكانت ذروة هذا التوجه في دعوة وزير الدفاع الفرنسي إلى مواجهة خطر الإرهاب في الجنوب الليبي، ومنعه من الانتشار في شمال البلاد، لكن الوزير الفرنسي لم يلقَ إسناداً من الرئيس فرانسوا هولاند. وتحت تأثير رفع المتظاهرين صوره، وتوجيه انتقادات مباشرة لسياسة فرنسا، حاول تفسير موقفه بأنه لم يَدعُ إلى التدخل، لكنه حذّر من وجود الإرهاب في شمال ليبيا.

• استمر الموقف المصري في التبلور على مستويين: الأول: تقديم مساعدات غير مباشرة لفريق عملية الكرامة، وتسهيل اجتماعاته في القاهرة، وتوفير الإسناد السياسي لمجلس النواب (طبرق). وفي هذه الفترة، أثيرت اتهامات بضلوع مصر في شن غارات جوية على طرابلس. وعلى الرغم من نفي مصر، هناك قناعات لدى الليبيين بوجود محور مشترك، يضم مصر والإمارات وفرنسا، يهدف إلى تقويض ثورة فبراير. والثاني: مساعدة حكومة (عبد الله الثني) في الملتقيات الدولية، وهناك مسارات عديدة للدعم السياسي دولياً، كان أكثرها بروزاً في بلورة المبادرة الإقليمية وطرحها وثيقة أمام مجلس الأمن (27 أغسطس 2014). حرصت القاهرة على وضع تصورها لملامح الحوار الوطني في ليبيا( ).

• في أواخر أغسطس 2014، واجهت مصر اتهامات باختراق سيادة ليبيا، ومهاجمة مناطق في طرابلس. وجاءت الاتهامات من “قوات فجر ليبيا” والولايات المتحدة، كما أصدر الاتحاد الأوروبي تحذيراً من التدخل الإقليمي في ليبيا. وتضع هذه المواقف تعقيدات أمام السياسة المصرية في ليبيا.

• كشف مصدر عسكري ليبي أنه “خلال الأسبوعين الأخيرن من شهر أغسطس 2014 دخلت نحو عشرين سيارة مصرية محملة بذخائر أسلحة ثقيلة متنوعة، كان قد طلبها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، من مسؤولين أمنيين مصريين رفعوا الطلب للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووافق عليه”. وأضاف المصدر أن “الشاحنات المصرية أفرغت حمولتها في مدينة طبرق شرقي ليبيا، أحد أهم معاقل مؤيدي عملية الكرامة التي يتزعمها حفتر، تحت إشراف رجال مخابرات مصريين وليبيين، على أن يتم نقلها على دفعات إلى القوات الموالية لحفتر في مطار بنينا والقاعدة الجوية بها، ومعسكر الرجمة آخر المناطق التي تسيطر عليها تلك القوات”.

• طالب عبد الفتاح السيسي، خلال لقائه وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان، في القاهرة، (16/9/2014) المجتمع الدولي برسالة ضد من “يساندون قوى التطرف والإرهاب الساعية لفرض الأمر الواقع بقوة السلاح في ليبيا، وقال إيهاب بدوي، المُتحدث الرسمي باِسم الرئاسة المصرية إن السيسي أشار خلاله إلى “أهمية مساندة الحكومة الجديدة برئاسة عبد الله الثني والبرلمان الليبي المنتخب المعبر عن إرادة الشعب الليبي”. كما دعا إلى العمل الجدي نحو بناء مؤسسات دستورية تساعد البلاد على النهوض من كبوتها، والتي تسببت في استنزاف قدرات البلاد، في إطار سعيها لفرض واقع جديد بالقوة على الأرض يخالف إرادة وطموحات الشعب الليبي الشقيق”. كما شدد السيسي، على “أهمية أن يصدر عن المجتمع الدولي رسالة تأييد واضحة لإرادة الشعب الليبي وأخرى لا تقل وضوحاً إزاء من يساندون قوى التطرف والإرهاب الساعية لفرض الأمر الواقع بقوة السلاح في ليبيا”. وأشار بدوي إلى أن السيسي، نوه إلى “ضرورة عدم اقتصار المواجهة على تنظيم بعينه أو القضاء على بؤرة إرهابية بذاتها، ولكن من الأهمية بمكان أن يمتد ليشمل كافة البؤر الإرهابية سواء في منطقة الشرق الأوسط أو في أفريقيا، في إطار إستراتيجية شاملة”( ).

• شدّد عبد الفتاح السيسي (8 أكتوبر 2014) خلال استقباله ما يسمي برئيس الحكومة الليبية، عبد الله الثني، على مساندة بلاده “خيارات الشعب الليبي، ودعم مؤسسات الدولة الليبية، وعلى رأسها البرلمان المُنتخب وحكومة عبد الله الثني، لتحقيق الاستقرار في البلاد”. وأكد السيسي على دعم جهود إعادة بناء الجيش الليبي في إطار دعم القيادة الشرعية لليبيا، حسب وصفه، كما جدد دعوته لـ”نزع وجمع السلاح من جميع التيارات والقبائل والطوائف، ووضعها تحت تصرف الجيش الوطني البعيد عن القبلية والطائفية”. وأمر السيسي عدداً من الوزراء بـ”العمل على تلبية بعض المطالبات التي حملها الثني، أبرزها تولي وزارة الصحة المصرية علاج الجرحى والمصابين الذين لا تتمكن المستشفيات الليبية من استيعابهم”، فضلاً عن معادلة شهادات الطلاب الليبيين الدارسين في مصر وتيسير إجراءات دخولهم وإقامتهم في مصر. واتفق السيسي مع الثني، على ضرورة محاربة التيارات المتطرفة، ـ”التي تتخذ من الدين ستاراً لتبرير أعمالها الإجرامية، والتي تستهدف النيل من مقدرات دول وشعوب المنطقة”. وكرر السيسي دعوته لتبني استراتيجية شاملة لمحاربة هذه التيارات، لا تقتصر فقط على المواجهة الأمنية والعسكرية، بل تقوم على تجديد وتصويب الخطاب الديني، ودعم دور الأزهر باِعتباره “منارة للقيم الإسلامية الصحيحة باعتدالها وسماحتها”( ).

المحور الثالث

العوامل الحاكمة لمستقبل الانقلاب الليبي

من خلال الرصد السابق لمؤشرات دعم انقلابيي مصر لانقلابيي ليبيا، تبرز مجموعة من العوامل الحاكمة لمستقبل الأوضاع في الداخل الليبي، لابد من الوقوف عليها قبل بيان عدد من التوصيات التي يمكن أن تساهم في نجاح الثورة الليبية والقضاء على الانقلاب العسكري فيها، وهو ما يمكن أن ينعكس إيجاباً على الثورة المصرية، وكسر الانقلاب العسكري في مصر:

أولاً: البيئة الدولية والتحولات الليبية:

أشار تقرير بعثة الأمم المتحدة إلى وجود إمكانيةٍ لمخرج سلمي للأزمة السياسية، عبر إطار الحوار الوطني الذي تشارك فيه كل الأطراف من دون استثناء. وقد اعتمدت جلسة مجلس الأمن (15 سبتمبر 2014)، على تقرير مبعوث الأمين العام أساساً للتواصل مع أطراف الأزمة السياسية، وأيضاً، للمناقشات الدولية بشأن ليبيا، بحيث يتكوّن إطار متماثل لتخفيف حدة الأزمة الليبية.

وتعدّ سياسة عدم التدخل استمراراً للمواقف الأميركية والأوروبية من الأزمة السياسية في ليبيا، حيث تشير البيانات الصادرة عن دول شركاء ليبيا إلى دعم المسار السياسي، من دون توجيه اتهامات مسبقة لأي طرف. ولعلّ الجوانب المشتركة لهذه المواقف تمثلت في استيعاب كل الكيانات الليبية في مسار الحوار السياسي، من دون التركيز على المسار العسكري حلاً وحيداً للأزمة، طريقاً لتوسيع الخيارات السياسية، نظراً لتعقّد أبعاد الصراع.

وتبلورت فكرة عدم التدخل، وخصوصاً لدى الولايات المتحدة، من أن دخول قوات دولية في ظل غياب المؤسسات والحد الأدنى من السلطة، سوف يفاقم الأزمة، ويعزز الصراع الاجتماعي. وأنه على الرغم من وجود مجلس النواب كسلطة تشريعية، إلا أنه يعاني من الانقسامات، ويصعب الاعتماد عليه لإدارة الشؤون السياسية، والتصدي لمسألة الحوار السياسي.

ثانياً: تعدد المعوقات التي تواجه سلطة الانقلاب المصرية في الأزمة اللييبة:

تواجه سياسة قادة الانقلاب في مصر تجاه ليبيا العديد من المعوّقات التي يمكن أن تدفع باتجاه تغييرها أو حدوث تعديلات عليها؛ ومن ذلك:

1ـ العائق الدولي:

على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقّعت مصر، إلى جانب إحدى عشرة دولة أخرى، على بيان مشترك، في 23 سبتمبر 2014، برعاية الاتحاد الأوروبي، يدعو إلى التعامل مع الأزمة في ليبيا، وفق مبدأ الحل السياسي بالحوار الوطني، ووقف إطلاق النار. وتشكل هذه الصيغة الإطار الواسع للتناول الدولي للأوضاع في ليبيا، حيث يشمل عدة دول تتخذ مواقف متناقضة ومتعارضة، كالإمارات ومصر وفرنسا من جهة، والجزائر وإيطاليا وتركيا وألمانيا وقطر من جهة أخرى، وهو، بذلك، يشكل الإطار الدولي الذي يشمل كل وجهات النظر والمصالح المتعددة تجاه منطقة البحر المتوسط، ويتضافر مقترح بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مع البيان المشترك، حيث وضع جدولاً للحوار الوطني، يتضمن تصحيح الوضع الدستوري لمجلس النواب، باعتباره المشكلة المحورية في الخلاف بين الأطراف الليبية.

ويشكل البيان مرحلة متقدمة من تنفيذ قرار مجلس الأمن (2174)، فإلى جانب تأكيده على عدم التدخل العسكري، فإن توقيع مصر والإمارات والسعودية يعتبر تأكيداً لالتزامهم بالقرارات الدولية التي تقضي بمنع دخول السلاح عبر الحدود الليبية. ولعلّ الصيغة الدولية التي صدر بها البيان المشترك، تكشف عن الانتقال من الإطار الإقليمي وصيغة دول الجوار إلى شكل آخر من المناقشات والمفاوضات حول ليبيا، يمكن أن يكون من شأنها كبح التصرفات الفردية تجاه المسائل والأوضاع المعقدة في ليبيا، والتي تعني، بالأساس، فرض قيود واسعة على الدعم العسكري لأي من الأطراف الليبية. ويتضافر هذا التوجه الدولي مع رؤية بعض دول الجوار، وخصوصاً الجزائر والسودان وتونس، التي رفضت بوضوح التدخل العسكري في ليبيا.

2ـ العائق الإقليمي:

منذ انعقاد لجنة دول جوار ليبيا في 25 يوليو 2014 في تونس، لم تكن هناك اتجاهات حاسمة في تأييد التدخل الدولي، وفي بيان في 25 أغسطس 2014، صارت اللجنة تميل إلى أهمية مراعاة الجوانب السياسية في حل الأزمة الليبية، من دون التدخل العسكري الخارجي، ولكن صدور بيان مشترك بين وزارتي خارجية مصر وليبيا والذي يركز على النزع السريع لسلاح “الميليشيات المسلحة”، يعكس اختلاف الموقف المصري عن مواقف دول الجوار الأخرى، حيث التضامن المصري مع حكومة عبد الله الثني وتعدّد الاجتماعات المشتركة، والإعلان عن خطط لتكوين الجيش الليبي وتدريبه. في مقابل أن معظم مواقف دول الجوار تشير إلى رفض التدخل الدولي، والعمل على مساعدة الليبيين في الوصول إلى حل سياسي. وكانت الجزائر صريحة في رفض التدخل الإقليمي أو الدولي، باعتباره تهديداً لأمن دول الجوار.

3ـ العائق الداخلي:

فقد حققت عملية فجر ليبيا إنجازات سياسية، ليس فقط عبر حسم الصراع العسكري في المنطقة الغربية وسيطرة الثوار على مناطق عديدة أخرى، ولكن، في قدرتها على تطوير الإطار السياسي بتشكيل حكومة الإنقاذ وتضامن البنك المركزي معها ووجود اعتراف ضمني من بعض الدول، مقارنة باندلاع الصراعات في مجلس النواب، وتأخره في تشكيل الحكومة، وانحسار سيطرته على الأراضي الليبية. وبهذا المعنى، يفقد حلفاء مصر في الداخل الليبي الأرضية السياسية والعسكرية التي تساعد في ثبات مطالبهم.

ومع تعدد التصريحات المصرية بدعم مجلس النواب (طبرق) وقراراته، اتجهت مواقف الرأي العام وأنصار “عملية فجر ليبيا” لاعتبار هذه المواقف عدائية وتدخلية. وبرزت تصريحات بضرورة إجراء تحقيق في الهجمات الجوية على طرابلس. وعلى الرغم من تجنب حكومة عمر الحاسي التعليق على السياسة المصرية، فإن ثمة اتجاهاً لدى شرائح اجتماعية للمطالبة بإعادة النظر في العلاقات الثنائية( ).

ثالثاً: موقف الأطراف الليبية من حوار غدامس:

1- تحديات وأزمات قوات فجر ليبيا: ثمة خلافات حقيقية بين قادة قوات فجر ليبيا لا على مستوى جدوى مخرجات حوار غدامس السياسية، بل أيضًا على مستوى الثقة المتبادلة بين هؤلاء القادة أنفسهم، ومع الأحزاب السياسية المؤيدة لهم:

• أعلنت الصفحة الرسمية لعملية فجر ليبيا رفضها لوقف العملية العسكرية قبل نزع سلاح ما أسمتها بـ”الثورة المضادة” كأحد أهم بنود اتفاق حوار غدامس. في حين نفى المتحدث باسم قوات درع ليبيا الوسطى أحمد هدية، إصدار عملية فجر ليبيا بيانًا يرفض جلسات الحوار بمدينة غدامس، مؤكدًا أنهم مع مبدأ الحوار الوطني لكن مع تلبية عدة شروط( ).

• تتجلى أزمة ثقة أخرى بين قادة فجر ليبيا تتمثل في عدم قدرتهم على إنشاء جسم سياسي يعبِّر أولاً عن الرؤية السياسية والأهداف الحقيقية من وراء استمرار العمليات العسكرية، ويفصل ثانيًا بين القادة الميدانيين والجسم السياسي حتى لا تختلط أوراق المدني السياسي بالعسكري الميداني. ولم تستطع الأحزاب السياسية المؤيدة لفجر ليبيا هي الأخرى اتخاذ موقف واضح وجلي من حوار غدامس، خشية أن تُتهم بدعمها للحرب ورفضها لأي حل سياسي يُنهي الأزمة برمتها. وحتى في حالة دعمها لحوار غدامس ليست ثمة ضمانات تحميها من الاتهام بالخيانة والتفريط في مكتسبات الموجة الثانية لثورة فبراير 2011 كما يسميها بعض القادة العسكريين من فجر ليبيا؛ فمثلاً أمسك حزب العدالة والبناء العصا من المنتصف بتأييده لموقف دار الإفتاء الليبية الداعي إلى تأجيل الحوار لحين الفصل في شرعية مجلس النواب أمام المحكمة العليا( ).

• انقسمت المؤسسة الدينية بليبيا حول توقيت حوار غدامس؛ ففي الوقت الذي عبَّرت فيه دار الإفتاء عن رؤيتها حول حوار غدامس بضرورة تعليقه إلى حين فصل الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا الليبية في شرعية مجلس النواب في بيان لها( )؛ فقد أصدرت رابطة علماء ليبيا بيانًا رحَّبت فيه بالحوار الوطني المنعقد بمدينة غدامس، ومبارِكة ما صدر عنه من توافق وحسن نوايا( )، وهي رابطة أغلب منتسبيها من التيار الصوفي بليبيا ومدعومة من سفير ليبيا بدولة الإمارات العربية المتحدة عارف النايض المؤيد لانعقاد مجلس النواب بطبرق.

• النواب الرافضون لانعقاد مجلس النواب بطبرق تباينت مواقفهم من دعوة برناردينو ليون لمفاوضات غدامس؛ فمثلاً رفض النائب عن طرابلس عبد الرؤوف المناعي حضور جلسة حوار غدامس، معتبرًا أن ليون مارس سياسة العصا لفرض إرادته لإنجاح حوار غدامس؛ وذلك بتهديده بالعقوبات الدولية المنصوص عليها بقرار مجلس الأمن رقم 2174، في حين اعتبر عضو مجلس النواب عن مصراته محمد إبراهيم الضراط أن نسب نجاح حوار غدامس ضئيلة، كون جدول أعمال الحوار لم يتم التشاور فيه، بل فرضه المبعوث الأممي على طرفي الحوار.

• الموقف الوحيد الواضح دون انشقاقات داخلية بصفوفه من حوار غدامس هو رفض مجلس شورى ثوار بنغازي والذي يضم بين صفوفه كتائب إسلامية بعضها مصنَّف كمنظمة إرهابية حسب القوانين الأميركية ككتيبة أنصار الشريعة؛ حيث اعتبر أن حوار غدامس “محاولة لإقصاء الثوار من المشهد على الرغم من أنهم أصل فيه”، معتبرًا أن “الثوار من يقاتلون على الأرض لحماية البلاد وصونها من التدخلات الأجنبية السياسية والعسكرية”، وذلك حسب نص البيان الذي أصدره مجلس شورى الثوار( ).

• وافق مجلس النواب الليبي ورئاسة الأركان العامة المنبثقة منه على نتائج حوار غدامس، وأعلنت رئاسة الأركان وقفها إطلاق النار مشترطة أن توقف قيادة فجر ليبيا بطرابلس ومجلس شورى الثوار ببنغازي عملياته العسكرية.

• ثمة عامل آخر لا يمكن لأطراف الحوار ولا لبعثة الأمم المتحدة بليبيا تجاهله، وهو الضغط الشعبي المتمثل في مظاهرات شعبية تخرج كل جمعة ترفض إجراء هذا الحوار من الأساس مع من تعتبرهم باركوا الضربات الإماراتية ـ المصرية الجوية لعدة مواقع بالعاصمة الليبية طرابلس، ولعملية الكرامة التي تقصف المدنيين ببنغازي ودرنة شرقي ليبيا( ).

رابعاً: خريطة المليشيات الليبية:

من العوامل المؤثرة والمحددة لمستقبل الصراع في ليبيا خريطة الكتائب والقوى المسلحة، حيث تنتشر في ليبيا كتائب مسلّحة عدة، قبلية وجهوية ومدينية، تنتسب من الناحية الشكلية، إما الى رئاسة الأركان العامة الليبية، بفروعها المختلفة، أو وزارة الدفاع، لكنها لا تتبع أوامر رئاسة الأركان العامة أو وزارة الدفاع، بل يستند ولاؤها بشكل رئيسي، الى اتباع تعليمات قادتها المباشرين، الذين تتوزع انتماءاتهم السياسية، ما بين تيار حزب “تحالف القوى الوطنية” برئاسة، محمود جبريل، أو إسلاميين معتدلين أو متشددين، أو “التيار الوطني”، الذي تصفه بعض الدوائر الغربية بـ”التيار الوطني المتشدد”. وتتصدر هذا التيار كتائب مصراتة، ومليشيات مسلّحة يقودها اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، في بنغازي، وهي خليط من القبليين والفيدراليين وضباط جيش سابقين أو حاليين.

1ـ الشرق الليبي:

• توجد في طبرق، في الشرق الليبي، كتيبتان: كتيبة “عمر المختار”، التابعة لرئاسة الأركان، في المنطقة العسكرية في طبرق، والثانية كتيبة “71 مشاة” التابعة لرئاسة ركن الحدود.

• أما في درنة، فجميع الكتائب “عقائدية” إسلامية وعدد كبير منها متشدد: كتيبة “شهداء أبو سليم”، الأقرب إلى “جبهة النصرة”، وكتيبة “مجلس شورى شباب الإسلام”، الأقرب الى تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش).

• في البيضاء، تنتشر كتائب الدروع القريبة من التيار الإسلامي، وكتيبة “حسين الجويفي”، وهي كتيبة أمن نظامية، ينتسب إليها مجموعة من الضباط والأفراد، الذين يدينون بالولاء لحفتر.

• في المرج، تتمركز كتيبة “عيسى الوكواك”، وهي كتيبة أمنية نظامية، تابعة لرئاسة الأركان، بالإضافة الى كتيبة “قوات الردع”، التابعة بدورها الى الأركان، وكتيبة “الصقور” التابعة لـ”جيش برقة”. على أن جميع تلك الكتائب، تدين بالولاء وتقاتل الى جانب حفتر، في ما يُسمّى “عملية الكرامة”.

• في بنغازي، كتائبها تتكوّن بالأساس، من ثوار جبهات، وقريبين من التيار الإسلامي، ومنضوين تحت رئاسة الأركان، ككتيبة “17 فبراير”، وكتيبة “شهداء ليبيا الحرة”، وكتيبة “راف لله السحاتي”، وكتائب “أنصار الشريعة”، المنتشرة في سرت أيضاً. وتتجمّع جميع تلك التشكيلات، تحت لواء ما يُسمّى بـ”مجلس شورى الثوار”، الذي يخوض حرباً شرسة ضد مليشيات حفتر.

كما توجد في المدينة، كتيبة اللواء أول مشاة، المكون أساساً من كتيبة “الفضيل بو عمر” الأمنية، التي قمعت ثوار بنغازي، وتنسّق مع حفتر. ولـ”الصاعقة”، ثلاث كتائب: 21، و36، و319، تأتمر ظاهرياً بآمر القوات الخاصة بليبيا، العقيد ونيس بوخماده، أما فعليّاً فالحاكم الفعلي للكتيبتين، 36، و21، هو سالم النايلي، وتنتشر في أجدابيا، غرب بنغازي، كتائب تابعة لقبيلتي “المغاربة” و”الزوي”، وهما في صراع دائم على الحقول النفطية.

2ـ ميليشيات الجنوب:

• تُسيطر القبائلية على المشهد العسكري في الجنوب، فتتوزع كتائبه على شقّ عربي بقيادة قبيلة أولاد سليمان وأولاد بوسيف من جهة، وشقّ تاباوي من جهة أخرى. ففي مدينة سبها، ينتشر اللواء السادس مشاة، التابع لرئاسة الأركان، لكنه يدين بالولاء لقبيلة أولاد سليمان، ولكتيبة “شهد المهدية” التي تتبع قبيلة أولاد بوسيف.

• توجد كتيبة حرس الحدود التابعة لـ”لواء القعقاع” الزنتاني، و”كتيبة 22″، المكونة في الأساس من عسكريين نظاميين تابعة لرئاسة الأركان، وكتيبة “أحمد عبد الجليل الحسناوي”، التابعة لـ”أنصار الشريعة”، في مدينة الشاطئ.

• قبائل “التبو” ولها كتيبتان: “شهداء أم الأرانب”، بقيادة، بركه ولد ورادكو، و”شهداء القطرون”، بزعامة، اللاشي، متمركزتان في مدينة مرزق. وقبائل “الطوارق” لها كتيبة “تنيري”، المكوّنة من عسكريين سابقين، قاتلوا إلى جانب نظام القذافي في مصراتة والبريقة وسرت، وكتيبة “412”، وهي مجموعة صغيرة من الطوارق، في مدينة أوباري.

3ـ مليشيات الغرب:

• مصراتة: يُقدّر عدد المقاتلين الفعليين فيها حوالي 25 ألف مقاتل، وتنتشر فيها قرابة 230 كتيبة، شكّلت ما يُعرف بقوة “درع ليبيا الوسطى”. وتمتلك هذه الكتائب مجتمعة ما يزيد عن 3500 سيارة مجهزة بمضادات للطائرات، وراجمات الصواريخ، وما يزيد عن 200 دبابة، ويتمركز معظمها في معسكرات تابعة للنظام السابق، كما تتمركز باقي الكتائب في ضواحي المدينة( ).

• تتمركز كتائب تابعة لمدينة الزنتان في طرابلس، رغم إعلانها تسليم مقراتها للجيش، إلا أن هذا التسليم كان شكلياً، وما زالت القوات متمركزة في العاصمة، وتتألف من كتيبة “الشهيد محمد المدني”، التابعة لـ”لواء القعقاع”، وقوة الردع الخاصة بقاعدة أمعيتيقة الجوية، والتي سلّمت مقرها إلى سلاح الجو، و”لواء القعقاع”، أو ما يُعرف بكتيبة “اللواء الأول لحرس الحدود، والأهداف والمنشآت الحيوية والاستراتيجية”، والتي على الرغم من أن مهمتها تتلخّص في حفظ أمن الحدود، إلا أنها تتخذ من العاصمة مقراً لها، كما كتيبة “الصواعق”، التي تتخذ من مجمع “الدعوة الإسلامية” مقراً لها( ).

• تنتشر في الغرب قوة “درع الغربية”، في غريان وصبراتة والزاوية، وقوات عسكرية، تحت إمرة غرفة عمليات “ثوار ليبيا”، وهي قوات غير صلبة، سبق لرئيس “المؤتمر”، نوري أبو سهمين، تكليفها حماية طرابلس.

وقد دخلت جميع كتائب مصراتة، سواء تلك التي تتبع “لواء درع الوسطى”، أو غير المنضوية تحتها كـ”كتيبة الحلبوص”، و”المرسي”، وقوات “درع الغربية”، في حرب مع “القعقاع” و”الصواعق”، التي يُسيطر عليها قادة من الزنتان، للسيطرة على مطار طرابلس الدولي، ومعسكر “النقلية”، وجمعية “الدعوة الإسلامية”، ورئاسة الأركان العامة. وهي جميعها مقارّ رسمية حكومية، تسيطر عليها تلك المليشيات، وتفرض من خلالها نفوذها على جميع أعمال الحكومة، وساهمت في اقتحام مقرّ “المؤتمر”، مرات عدة، واعتدت على أعضاء البرلمان الليبي( ).

خامساً: طبيعة الدور الذي يمكن أن تقوم به بعثة الأمم المتحدة في ليبيا

تعتبر بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (يونسميل) بعثة سياسية خاصة أسست في 2011 بقرار من مجلس الأمن الدولي رقم 2009 (سبتمبر 2011) بناء على طلب من السلطات الليبية، في أعقاب ستة أشهر من النزاع المسلح، وذلك لدعم جهود السلطات الانتقالية الجديدة للبلاد في مرحلة ما بعد الصراع. ويقود مبدأ الملكية الوطنية جميع أنشطة الأمم المتحدة من اجل الشعب الليبي.

وقد تم تكليف بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، تحت قيادة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ومدعوماً بنائب ينوبه، بفترة أولية لمدة ثلاث أشهر وتم تمديدها بعد ذلك الى ثلاث أشهر أخرى. ومن ثم مدد مجلس الأمن الدولي ولاية البعثة في قراره رقم 2022 (ديسمبر 2011)( ). وتم إجراء المزيد من التعديلات في الولاية عندما قام مجلس الأمن الدولي بتمديد البعثة الى 12 أشهر إضافية في القرار رقم 2040 (12 مارس 2012). وفي 14 مارس 2014، مدد قرار مجلس الأمن رقم 2144 ولاية البعثة لاثني عشر شهرا إضافية ( ).

وقد كلف مجلس الأمن الدولي في قراره رقم 2040 (12 مارس 2012) المادة 6، البعثة بمساعدة السلطات الليبية بما يتفق تماما مع مبادئ الملكية الوطنية، في تحديد الاحتياجات والأولويات الوطنية في جميع أنحاء ليبيا ومواءمة هذه الاحتياجات والأولويات مع العروض الخاصة بتقديم المشورة الاستراتيجية والفنية حسب الحاجة، ودعم الجهود الليبية في خمسة مجالات:

1ـ إدارة عملية التحول الديمقراطي، بما في ذلك من خلال تقديم المشورة والمساعدة التقنية لعملية الانتخابات الليبية وعملية إعداد وإقرار دستور ليبي جديد، على النحو الوارد في خريطة الطريق الدستورية للمجلس الوطني الانتقالي، وتقديم المساعدة لتحسين القدرة المؤسسية والشفافية والمساءلة، وتعزيز تمكين المرأة والأقليات ومشاركتها السياسية ودعم زيادة تطوير المجتمع المدني الليبي.

2ـ تعزيز سيادة القانون ورصد وحماية حقوق الإنسان، وفقا للالتزامات القانونية الدولية لليبيا، ولا سيما الالتزامات المتعلقة بالمرأة والأفراد المنتمين للفئات الضعيفة، مثل الأطفال والأقليات والمهاجرين، بما في ذلك مساعدة السلطات الليبية على الإصلاح وبناء أنظمة قضائية وأنظمة للسجون شفافة وخاضعة للمساءلة، ودعم وضع وتنفيذ استراتيجية قضائية انتقالية شاملة، وتقديم المساعدة من أجل المصالحة الوطنية، وتوفير الدعم لضمان المعاملة الملائمة للمحتجزين، وتسريح أية أطفال مرتبطين بكتائب الثوار.

3ـ استعادة الأمن العام، من خلال تقديم مشورة ومساعدة استراتيجية وفنية ملائمة للحكومة الليبية من أجل إنشاء مؤسسات قادرة وتنفيذ نهج متماسك على الصعيد الوطني لإدماج المقاتلين السابقين في قوات الأمن الوطنية الليبية أو تسريحهم وإعادة إدماجهم في الحياة المدنية، من خلال التعليم وإتاحة فرص العمل، وتطوير مؤسسات الشرطة والمؤسسات الأمنية لكي تكون قادرة وخاضعة للمساءلة وملتزمة باحترام حقوق الإنسان، ويمكن الوصول إليها، وتستجيب لقضايا المرأة والفئات الضعيفة.

4ـ التصدي للانتشار غير المشروع لجميع الأسلحة والمعدات ذات الصلة بجميع أنواعها، ولا سيما القذائف المحمولة أرض – جو، وإزالة بقايا المتفجرات الحربية، والاضطلاع ببرامج لإزالة الألغام، وتأمين وإدارة الحدود الليبية، وتنفيذ الاتفاقيات الدولية بشأن الأسلحة والمعدات الكيميائية والبيولوجية والنووية، بالتنسيق مع وكالات الأمم المتحدة المختصة، ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، والشركاء الدوليين والإقليميين.

5ـ تنسيق المساعدة الدولية وبناء القدرات الحكومية في جميع القطاعات ذات الصلة وفقا للفقرات (أ) إلى (د) المذكورة أعلاه، عن طريق دعم آلية التنسيق داخل الحكومة الليبية التي أُعلن عن تشكيلها في ٣١ يناير ٢٠١٢، وتقديم المشورة إلى الحكومة الليبية لمساعدتها على تحديد الاحتياجات ذات الأولوية للدعم الدولي، وإشراك الشركاء الدوليين في العملية حسب الاقتضاء، وتيسير المساعدة الدولية للحكومة الليبية، وإقرار تقسيم واضح للعمل وكفالة التواصل المنتظم المتواتر بين جميع مقدمي المساعدة إلى ليبيا.

سادساً: فجر ليبيا وغياب القيادة السياسية

إن غياب قيادة سياسية فاعلة لعملية فجر ليبيا ومجلس شورى ثوار بنغازي، اللذين يقودان المواجهة ضد محاولة الانقلاب العسكري التي يتزعمها حفتر، بسبب بعض الحساسيات بين القيادات العسكرية والأحزاب السياسية المؤيدة لها، واعتقاد القادة العسكريين قدرتهم على إدارة ملفي الميدان والسياسة، وغياب الثقة بين جميع الأطراف، سيكون عامل هدم لأية مفاوضات تجري حاليًا أو مستقبلاً، سواء أكانت ليبية-ليبية، أم برعاية أممية دولية؛ وذلك عكس ما تتمتع به القوى الأخرى المضادة لفجر ليبيا والمؤيدة لعملية الكرامة؛ حيث يغلب على أدائها السياسي التناغم والتنسيق فيما بينها وبين الدول الإقليمية الراعية لها داخل وخارج ليبيا( ).

وبرزت فاعلية حكومة الثني مؤخراً في العديد من المؤشرات لعل أبرزها:

• الزيارات المتعددة التي قامت بها إلى مصر والإمارات ومالطة ثم مؤخراً السودان، والحصول على الدعم السياسي الكبير وترسيخ المزيد من الاعترافات الدولية بها.

• الزيارات التي قام بها وزير الخارجية المصري وولي عهد أبو ظبي إلى الجزائر لتوفير مزيد من الدعم السياسي لحكومة الثني، وممارسة عدد من الضغوط السياسية على الحكومة الجزائرية، لدفعها باتجاه تأييد حكومة الثني، ويبرز في هذا السياق الزيارة التي قام بها أحمد قذاف الدم (المقيم في القاهرة، والمحسوب على نظام القذافي والداعم لخليفة حفتر وحكومة الثني) إلى الجزائر لدعم نفس التوجهات والتحركات).

وفي المقابل لم تقدم حكومة الحاسي والمؤتمر الوطني من المهامات والممارسات والأدوار ما يمكن القول استناداً إليه أن تشكل القيادة السياسية لعمليات فجر ليبيا، ولو افترضنا أنها تمارس العديد من المهام والأدوار، فإن إبرازها إعلامياً وتأثيرها خارجياً غير واضح.

خلاصة تنفيذية

ترتبط الأوضاع في مصر واستقرار الانقلاب العسكري فيها بالأوضاع في المنطقة العربية وفي مقدمتها الأوضاع في ليبيا، نظراً لأن هدف الانقلابين (في مصر وليبيا) واحد (الجماعات الإسلامية وخاصة الإخوان المسلمين)، والقضية واحدة (القضاء على الثورة الشعبية) والداعم واحد (الولايات المتحدة الأمريكية وأذرعها الإقليمية، السعودية والإمارات)، وبالتالي أمام هذا الارتباط يمكن القول إن استقرار الأوضاع للانقلاب العسكري في ليبيا سينعكس إيجاباً على استقرار الأوضاع للانقلاب العسكري في مصر.

ومع تحولات الوضع الميداني وبروز نوع من الإصرار من جانب قوات حفتر وحكومة الثني مدعومة (سياسياً وعسكرياً وإعلامياً من مصر والامارات والسعودية)، وتزايد الضغوط العسكرية على قوات فجر ليبيا، والقوى الثورية الرافضة للانقلاب العسكري الذي يقوده خليفة حفتر، يمكن القول أنه هناك توزيع أدوار فيما يتعلق بالقوى الإقليمية والدولية في مواجهة التيارات السياسية ذات المرجعية الإسلامية، بصفة خاصة والقوى الداعمة للثورات الشعبية بصفة عامة، حيث تم إعطاء دور أكبر للجيش المصري وحكومة الانقلاب العسكري لتحقيق الحسم في ليبيا وتقديم كل صور الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري والأمني لحكومة الثني، لفرض واقع جديد وتحقيق انتصارات ميدانية، والتقدم باتجاه طرابلس حتى لو لم يتم الحسم في بنغازي، مع حملات إعلامية مكثفة للترويج لهذه الانتصارات وهذا التقدم.

وهذه التطورات تفرض على مختلف القوى الثورية الليبية والأطراف الداعمة لها تبني عدد من الخطوات الإجرائية، لأن التحدي الفعلي أصبح قوياً والمواجهة لم تعد قاصرة على قوات حفتر وحكومة الثني ولكنها مواجهة دولية تقف خلفها الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من القوى الغربية بشكل غير مباشر وتشارك فيها مصر والإمارت والسعودية بشكل مباشر:

أولاً: توصيات للحراك الثوري وحكومة الحاسي:

• وحدة الصف وترك الحديث عن المغانم في هذه المرحلة حتى يتم القضاء على الانقلاب العسكري، والحفاظ على وحدة الدولة في مواجهة المخططات التي يتم العمل على تنفيذها.

• وحدة القيادة ووضوح مهامها وترتيب الأدوار بين مختلف الفصائل وفق خطة إستراتيجية واضحة.

• وحدة الرؤية وبناء المشروع السياسي الجامع لمختلف التيارات، وعدم الاكتفاء بسياسة رد الفعل في مواجهة الانقلاب العسكري ومن خلفه.

• الأوضاع العسكرية تتحرك باتجاه حفتر في بنغازي (على الأقل خلال الأسبوع الأخير من أكتوبر 2014) وأى نجاح يمكن أن تحققه قوات حفتر سيتم تضخيمه إعلامياً، وهو ما يتطلب تفعيل الأدوات الإعلامية لقوات فجر ليبيا وحكومة الحاسي والمؤتمر الوطني، سواء عبر شبكات التواصل الاجتماعي، أو عبر القنوات الفضائية الداعمة، أو عبر وسائل الإعلام الأخرى التي تقوم على تغطية الأحداث.

• استقطاب عدد من الباحثين والأكاديميين الليبين والمؤيدين للحراك الثوري وتقديمهم كرأس حربة إعلامية وسياسية في التعاطي مع وسائل الإعلام العربية والدولية، لتقديم صورة أكثر موضوعية ومنطقية عن الأوضاع في ليبيا.

• توزيع الأدوار بين قيادة السياسية التي يمكن أن تتحرك في الداخل والخارج، وقيادة العسكرية التي تقوم بالعمل الميداني، والاستفادة في هذا الإطار من تجربة حركة المقاومة الفلسطينية حماس، على أن تتصدر القيادة السياسية المشهد، في مواجهة محاولات التشويه المتعمد التي تُمارس بحق الثوار.

• البناء على الزيارة التي قام بها المبعوث الشخصي للرئيس التركي إلى طرابلس ولقائه بالحاسي رئيس حكومة الإنقاذ الوطني، في توثيق العلاقات والروابط مع الحكومة التركية، وحلفائها الإقليميين، وما يمكن أن تقوم به من دعم سياسي، وكذلك التنسيق معها سياسياً فيما يتعلق بمواجهة تحركات حكومة الثني والأطراف الإقليمية التي تقف خلفها. وكذلك الاستفادة من الخبرة التركية في مواجهة الانقلابات العسكرية وتدريب الكوارد السياسية والإعلامية والعسكرية القادرة على إدارة المشهد في مختلف مراحل الصراع مع الانقلاب الذي يقوده حفتر ومن يدعمه.

• الاستفادة من دعم القوى الثورية والإسلامية في تونس، وخاصة مع وجود توجه تونسي رافض لانقلاب حفتر ومن يقف خلفه، وكذلك الاستفادة من المؤسسات التونسية في تدريب وتأهيل الكوادر الليبية، وخاصة على المستويات السياسية والإعلامية والبحثية والحقوقية.

• تنظيم عدد من الفعاليات في العواصم الكبرى وأمام سفارات وقنصليات الدول الداعمة لانقلاب حفتر في مختلف دول العالم، وأمام مقرات المنظمات الدولية

• توثيق الانتهاكات والممارسات التي تقوم بها قوات حفتر وتحريك دعاوي دولية حقوقية في مواجهتها.

ثانياً: توصيات للحلفاء الإقليميين للثورة الليبية:

• كشف الأطراف الداعمة للانقلاب وحجمهم الحقيقي وتدخلاتهم غير المشروعة في الداخل الليبي.

• شن حملات إعلامية وسياسية مضادة للأطراف الداعمة للانقلاب في ليبيا وآلتها الإعلامية و الضغوط السياسية والاقتصادية التي تمارسها على دول الجوار الليبي (السودان، تشاد، مالي، النيجر، الجزائر، تونس) لتشديد الخناق على الثوار الليبيين عبر مختلف الحدود الليبية.

• استمرار التواصل والتنسيق مع المنظمات الدولية والإقليمية المعنية بالأزمة الليبية للتأكيد على وحدة الأراضي الليبية، وفرض الحوار كآلية لتسوية الأزمة، وإقرار نظام للعدالة الانتقالية في ليبيا.

• التصدي لسياسة شد الأطراف التي تُمارس ضد السودان من جانب الانقلاب العسكرى في مصر ومن خلفه، لضمان استمرار الدعم السوداني للقوى الثورية وخاصة الإسلامية في ليبيا، والحد من تأثيرات الزيارة التي قام بها الرئيس السوداني إلى مصر، وتبني حملة إعلامية داعمة للسودان، لمواجهة هذه الضغوط، وكذلك الاتفاق على تقديم بعض الفرص الاقتصادية للسودان، لتجاوز الأضرار التي فرضتها عليه كل من السعودية والإمارات.

ثالثاً: توصيات للقوى الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا:

1. التأكيد على الربط بين الوضع في ليبيا والوضع في مصر وتونس واليمن، وأن المواجهة شاملة للجماعة عبر كل دول الإقليم، إن لم يكن عبر كل دول العالم.

2. ضرورة التنسيق والتعاون بين مختلف القوى الثورية في الداخل الليبي وفي مقدمتها القوى الإسلامية، وفق رؤية واضحة تقوم على توزيع الأدوار والمحاصصة لما بعد إسقاط الانقلاب.

3. إعادة بناء الثقة بين الجماعة وكل التيارات السياسية وخاصة الثورية، لما لتراجع عامل الثقة من تأثير سلبي على فرص نجاح الثورة، وخاصة مع قوة الخصم ومن يقف خلفه.

4. تنسيق الحركة الخارجية بين كل المنتمين للجماعة عبر دول العالم، والتحرك ككيان واحد يواجه صراعاً وجودياً، تقف خلفه قوى دولية.

5. إصدار عدد من البيانات الدورية المؤكدة على استمرار الثورة مهما كانت التضحيات واستمرار التنسيق والتعاون مع كل القوى الثورية، مهما كانت التضحيات.

6. تبني إستراتيجية شد الأطراف في مواجهة الانقلابيين في مصر وليبيا عبر دول الجوار، وفق رؤية واضحة ومحددة، وهذه الإستراتيجية يمكن أن تتم عبر عدة مستويات:

1) الضغوط عبر العمالة المصرية في ليبيا سواء الداعمة للثورة في ليبيا، أو إصدار بيانات تهدد باستهداف هذه العمالة من جانب الثوار، أو ترحيلهم إلى مصر، حتى لا يكونوا عرضة للاستهداف، وحتى يكون أداة لنقد انقلاب مصر والضغط عليه.

2)التحرك عبر أراضي مالي والنيجر وتشاد، وهي دول لا تملك من القدرات العسكرية والأمنية ما يكفل لها ضبط الحدود مع ليبيا، لتشتيت جهود حكومة الثني وقوات حفتر وكذلك جهود الدول الداعمة لانقلاب حفتر.

3)التنسيق غير المعلن مع حكومة السودان للتدريب العسكري والعملياتي، انطلاقاً من أن نجاح حفتر سيكون خطوة نحو استهداف السودان، وأن انقلاب مصر ومن خلفه مارسوا ضغوطاً كبيرة على السودان، وأنهم لن يتوقفوا عن استهدافها وتمزيقها وإضعاف قدرات البشير، وأن نجاح الثورة في ليبيا يمكن أن يوفر ورقة ضغط قوية وحليف إستراتيجي للبشير.

4) نشر صور وبيانات ممن يتم القبض عليه أو قتله من جنود مصريين أو غير مصريين في العمليات في ليبيا، لفضح الدور المصري وجيش الانقلاب في هذه العمليات.

5) توتير الأوضاع في محافظات مطروح والوادي الجديد المصريتين عبر عمليات نوعية تستهدف المناطق الأمنية والعسكرية والمصالح الاستراتيجية، للتأكيد لقادة الانقلاب في مصر أن تورطهم في ليبيا ستكون تكلفته شديدة.

6) البحث عن آليات للتنسيق والدعم بين الجماعات العاملة في شبه جزيرة سيناء في مواجهة ممارسات العسكر والأمن في حق الأهالي والمواطنين.

7) استهداف المصالح والمنشآت الإماراتية والسعودية في ليبيا وتشاد ومالي والنيجر ومالطة وقبرص وإيطاليا وتونس والجزائر، لإجبارها على تغيير سياساتها.

8) التنسيق مع الجماعات والقوى الجزائرية المعارضة للنظام الجزائري، وخاصة في الجنوب، والتأكيد على ترابط المصالح في مواجهة النظم العسكرية في مصر وليبيا والجزائر.

9) التفكير في بعض العمليات النوعية في الداخل المصري والإماراتي والسعودي، وهي أمور ممكنة في ظل الاختلالات الأمنية الكبيرة في الدول الثلاث، وخاصة مع تركيزها جهودها على قضايا وملفات خارجية وعدم تفرغها بنفس الدرجة للأوضاع الداخلية.

—————————————————-

الهوامش:

الأراء الواردة في هذه الدراسة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المعهد المصري للدراسات السياسية والإستراتيجية، ولكن تعبر عن وجهة نظر كاتبها.
( ) أندرو اينجل، ليبيا وخطر الحرب الأهلية المتنامي، معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني، 20 مايو 2014، الرابط
( ) حفتر أعلن أن عمليته ليست انقلابا، وتندرج في إطار الحرب على الإرهاب، وأنه تأتي في إطار ما تضمنه “بيان جات” بشأن تطورات الموقف الأمني في مدن بنغازي ودرنة وسرت، وهي المدن التي أضحت معاقل رئيسية للجماعات المتشددة في ليبيا، وتشهد ارتفاعا ملحوظا في وتيرة أعمال العنف والارهاب والاغتيالات منذ الثورة وحتى الآن. فقد اعتبر “بيان غات” لأول مرة أن مدن بنغازي ودرنة وسرت تتعرض لحرب إرهابية تقوم بها عناصر إرهابية ليبية وأجنبية، وأكد على أن الحكومة الليبية ستضع إمكانياتها العسكرية والأمنية لمكافحة هذه الآفة وأنها ستستعين “بالقوة العسكرية الوطنية المختلفة أيا كانت في هذه المواجهات بهدف إعادة الأمن والأمان إلى مدن وطننا الحبيب”.
ومن هذا المنطق وهذا النص، يرى البعض أن العملية العسكرية التي قام بها اللواء خليفة حفتر تأتي متسقة مع ما نص عليه “بيان جات” الحكومي، الذي أكد على أن الحكومة الليبية ستستعين بالقوى العسكرية والوطنية المختلفة لمكافحة الإرهاب وكذلك استنجدت بالقوى الدولية والإقليمية لمساعدتها على اجتثاث هذه الآفة. لقد أعطى “بيان غات” لتحرك حفتر العسكري تجاه المتشددين مسوغا قانونيا يمكن أن يعفيه وينفي عنه من أي اتهام سواء بالانقلاب أو الخروج على القانون، مثلما إدعى عليه رئيس الحكومة الذي منح تحركه قبل أن يبدأ ما يمكن تسميته بالغطاء الشرعي. أنظر: كامل عبد الله، معركة كرامة ليبيا ـ الصراع وأطرافه، مركز العربية للدراسات، الإثنين هـ – 19 مايو 2014م. الرابط: http://ara.tv/5sa7m
( ) د. خالد حنفي علي، تأثيرات مشروطة: هل تستطيع عملية حفتر تغيير موازين الصراع في ليبيا؟، مجلة السياسة الدولية، الموقع الالكتروني، 21 مايو 2014
( ) د. خالد حنفي علي، تأثيرات مشروطة: هل تستطيع عملية حفتر تغيير موازين الصراع في ليبيا؟، مجلة السياسة الدولية، الموقع الالكتروني، 21 مايو 2014
( ) فجر ليبيا تدعو لانعقاد عاجل للمؤتمر الوطني العام بتاريخ 23 أغسطس 2014، الرابط
( ) البرلمان يمنح الثقة لحكومة عبد الله الثني بتاريخ 22 سبتمبر 2014، الرابط
( ) هشام الشلوي، حوار غدامس وغياب القوى الليبية الفاعلة، مركز الجزيرة للدراسات، الثلاثاء 14 أكتوبر 2014.
( ) هشام الشلوي، ليبيا نحو انقسامات جديدة، العربي الجديد، لندن، 2 سبتمبر 2014
( ) أندرو اينجل، ليبيا وخطر الحرب الأهلية المتنامي، معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني، 20 مايو 2014، الرابط
( ) موقع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بتاريخ 21 سبتمبر/أيلول 2014، الرابط
( ) منشور محمود سلامة الغرياني عضو المؤتمر الوطني على صفحته الشخصية، 1 أكتوبر 2014، الرابط
( ) يقوم عبد الله الثني بزيارة للسودان الاثنين 27 أكتوبر لمدة يومين، وتأتي في أعقاب الزيارة التي قام بها الرئيس السوداني عمر البشير إلى مصر، مما يؤشر لمرحلة جديدة من العلاقات بين حكومة الانقلاب في مصر وحكومة البشير وحكومة الثني.
( ) أعدّ مجموعة من الخبراء الجزائريين عدد من المقترحات والتصورات التي ستشكل خارطة الطريق لمبادرة المصالحة الجزائرية التي تلقى دعمًا غربيًّا، بهدف إيجاد تسوية للأزمة الليبية بين الفرقاء الليبيين. وتتضمن هذه الخارطة جملة من التدابير، قبل إطلاقها في الحوار المنتظر نهاية أكتوبر بالجزائر العاصمة. وتقوم المبادرة الجزائرية على إشراك كافة الأطراف دون إقصاء، باستثناء المجموعات التي صنفت ضمن (التنظيمات المسلحة المتطرفة)، ومن بين هذه الخطوات التي جاءت على شكل توصيات أعدتها مجموعة من الخبراء:
1- الترخيص لمجموعة عمل تابعة لمنظمة الأمم المتحدة، بتحديد قوائم قادة الميليشيات التي تشكل عائقًا أمام استتباب الأمن والاستقرار في ليبيا، وهذه الخطوة ستكون لها آثار ردعية، اعتبارًا إلى أنها ستدفع قادة آخرين إلى مراجعة مقارباتهم ومواقفهم وإيقاف مسلسل العنف وسقوط الضحايا . وهذه تتطلب تحييد بعض القوى الرافضة للحوار أو تلك المصنفة ضمن المنظمات المتطرفة، فضلًا عن تحديد طبيعة العلاقات القائمة لتواجد العديد من اللاعبين الفاعلين في الأزمة الليبية، سواء الخليجيين ومصر وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة.
2- تحديد آليات لتقديم الدعم والمساعدة الدولية لليبيا، في مجال نزع السلاح وإلغاء حالة التجنيد لدى الميليشيات وإعادة الإدماج، وإحداث إصلاحات لمصالح الأمن الليبية. وهذان العاملان ضروريان لترسيخ السلم وإعادة بناء هياكل الدولة الليبية.
3ـ تقديم دعم دولي واستشارات ومصاحبة ليبيا لإعداد دستور، كما يمكن لبعض الدول أيضًا وفقًا لاستعداداتها أن توفر التكوين السياسي في مجال الحوكمة الديمقراطية، لضمان تمثيل كافة الشرائح ومكونات الشعب الليبي في البنية السياسية الليبية الجديدة.
4ـ منح القبائل دورًا استشاريًّا في المرحلة الانتقالية المؤقتة التي ستمر عليها ليبيا للسماح بتقديم المشورة في عدد من المسائل، لوزنها وثقلها على المستوى الاجتماعي والسياسي وتشجيع الحوار فيما بينها مع تشجيعها على الابتعاد عن سياسات المليشيات، والابتعاد عن أيّ مسعى للإقصاء والتهميش، من خلال الدعوة إلى “مبادرة مصالحة وطنية دون استثناء” بدعم من المؤتمر الوطني العام، وهو السلطة التشريعية في ليبيا، وإعادة الدمج والقبول بأعضاء قبيلة القذاذفة وغيرهم من القوى التي كانت قريبة من الرئيس معمر القذافي.
5ـ تأطير وتنمية المجتمع المدني الليبي كشريك استراتيجي في طريق ترقية الديمقراطية ومراعاة دور الشباب في الحياة السياسية. أنظر: خارطة طريق جزائرية لحلّ الأزمة الليبية، موقع التقرير، الاثنين 13/10/2014
( ) د. خيري عمر، السياسة المصرية ومستقبل العلاقة مع ليبيا، العربي الجديد، لندن، 4 أكتوبر 2014
( ) أكد ديفيد هيرست (في مقال بصحيفة هافنجتون بوست) في تعليق له على حوار المشير السيسي مع “فوكس نيوز” أن السيسي قد ألقى خطبة جديدة في وجه الإدارة الأمريكية مفادها أن شرق ليبيا بات يؤوي “معسكرات تدريب للجهاديين” الذين يعملون بالتنسيق مع الإخوان المسلمين وأبرزها جماعة أنصار الشريعة التي تحملها واشنطن المسؤولية عن الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي، وجماعة أخرى تسمي نفسها “جيش الإسلام”، وأكد هيرست أنه لا يوجد أي دليل على تجمع الجهاديين في كتائب وألوية على الحدود تمهيدًا للهجوم على مصر، وبحسب ما صرح به نعمان بن عثمان، رئيس مؤسسة قويلم لمكافحة التطرف فى بريطانيايا، فإن أعدادهم تعد على أصابع اليد الواحدة.
( ) وفقًا لمركز كارنيجي فإن الانقلاب العسكري في مصر قد أثار مناقشات حول العلاقات بين السلطتين المدنية والعسكرية في ليبيا، وأشاد خصوم الإسلام السياسي، بمن فيهم القبائل المؤيدة للفيدرالية والتي لها روابط عائلية مع قبائل في مصر، بالحملة التي شنّها السيسي على جماعة الإخوان المسلمين، ودعوا إلى حضور أقوى للجيش الليبي لتقليص نفوذ القوى الإسلامية، وهو الأمر الذي تفسره القوى الإسلامية بأنه محاولة لاستنساخ تجربة انقلاب مصر في ليبيا وهو ما يبرر سعيها للإطاحة بحكومة علي زيدان. ومن جانبه يشير ديفيد هيرست إلى أن التوغل في شرق ليبيا ربما يكون هدفَا إستراتيجيًا للتحالف الخليجي المصري؛ فمن ناحية فإنه سيكون أحد خطوات الحرب على الإسلاميين التي يشنها التحالف، ومن ناحية أخرى فإنه سيخفف من فاتورة انقلاب مصر التي يدفعها الخليج عبر حصول مصر على حصة من النفط الليبي.
( ) أذاعت قناة العربية السعودية بيان حفتر الذي قال فيه إن هذا ليس بالانقلاب العسكري، لأن زمن الانقلابات قد ولى، كما شدد أن تحركه ليس تمهيدًا للحكم العسكري، بل وقوفًا إلى جانب الشعب الليبي، وأعلن خارطة طريق مؤلفة من 5 بنود، كما أشاعت قناة العربية انقطاع الاتصالات والإنترنت عن العاصمة الليبية، وأن قوات تابعة لحفتر، سيطرت على مرافئ حيوية في العاصمة طرابلس، وركزت قناة العربية كثيرًا على دور حفتر في الحرب الليبية التشادية فيما وصف بأنه تلميع لدوره؛ حيث وصفته أنه ذو خبرة كبيرة في المجال العسكري، وقاد الحرب ضد تشاد التي خذله فيها القذافي خوفًا من زيادة نفوذه. كما جاءت تغطية جريدة الشرق الأوسط السعودية لمحاولة حفتر الثانية الاستيلاء على بني غازى (16 مايو 2014) جاءت متحيزة إلى حد كبير؛ حيث وصفتها بأنها عملية تطهير للشرق الليبي من الجماعات الإسلامية.
( ) أفكار هيكل حول ليبيا ليست جديدة لكن طرحها في هذا التوقيت لا يخلو من إثارة للجدل خاصة مع توفر المسببات الداعية للتوتر بين مصر وليبيا، وأيضا مع الصراحة الفجة التي انتهجها هيكل في حواره مع الإعلامية لميس الحديدي الذي قال فيه إن دبلوماسيًا غربيًا سأله مندهشًا: “لم لا يتحرك الجيش المصري للعدوان على ليبيا للإجهاز على “تنظيم القاعدة” الموجود في درنة الليبية؟”.
( ) ساسة بوست، 10 شواهد حول دعم مصري خليجي لتدخل عسكري في ليبيا، الإثنين 19 مايو 2014
( ) أشارت تصريحات وزارة خارجية الانقلاب في ملتقى أسبانيا بشأن ليبيا (16 ـ 17 سبتمبر 2014)، إلى أن الحوار لا يشمل الجماعات المسلحة الإرهابية. وتكشف هذه الصياغات عن الرغبة في توسيع خيارات مصر بين التدخل المباشر ووضع إطار للحوار السياسي، يضمن استبعاد القوى التي تعارض الدور المصري في ليبيا.
( ) الأناضول، السيسي خلال لقائه وزير الدفاع الفرنسي يطالب برسالة ضد من يساندون قوى التطرف في ليبيا، 16/9/2014.
( ) السيسي بعد استقباله الثني: ندعم بناء جيش ليبي، العربي الجديد، لندن، 8 أكتوبر 2014.
( ) د. خيري عمر، السياسة المصرية ومستقبل العلاقة مع ليبيا، العربي الجديد، لندن، 4 أكتوبر 2014
( ) تتمثل هذه الشروط في “تقديم الاعتذار عن البيان الصادر بوصفهم جماعة إرهابية، وأن يكون هناك موقف واضح بشأن الغارات الجوية التي شنَّها الطيران الإماراتي والمصري على طرابلس، بالإضافة إلى عمليات القصف الجوي التي يشنُّها حفتر على بعض المدن الليبية”.
وهي شروط في مجملها لم تتعرض لمسألة وقف إطلاق النار بطريقة توحي بعمق الخلاف داخل أجنحة فجر ليبيا؛ حيث يرى عضو المؤتمر الوطني السابق وأحد أهم قادة العملية صلاح بادي أن الحوار في هذه الفترة ما هو إلا محاولة لإنقاذ الطرف العسكري الخاسر بطرابلس وبنغازي، ومنحه جرعة إحياء عن طريق الدول الكبرى وهيئة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
( ) تدوينة لرئيس حزب العدالة والبناء محمد صوان على الصفحة الرسمية للحزب بتاريخ 27 سبتمبر/أيلول 2014، الرابط
( ) دار الإفتاء الليبية تطالب بتعليق حوار غدامس بتاريخ 30 سبتمبر/أيلول 2014، الرابط
( ) رابطة علماء ليبيا ترحب بحوار غدامس بتاريخ 1 أكتوبر/تشرين الأول 2014، الرابط
( ) مجلس ثوار بنغازي ينضم لرافضي الحوار بين “برلمان طبرق” ومقاطعيه، 1 أكتوبر 2014، الرابط
( ) هشام الشلوي، حوار غدامس وغياب القوى الليبية الفاعلة، مركز الجزيرة للدراسات، الثلاثاء 14 أكتوبر 2014.
( ) كانت كتائب مصراتة خرجت من طرابلس، بعد سقوط ضحايا في أحداث غرغور في 15 نوفمبر 2013، عندما خرجت تظاهرات من مسجد القدس في طرابلس، مطالبة بتطبيق قراري “المؤتمر الوطني العام” (البرلمان)، رقمي 27 و53، الخاصين بإخلاء العاصمة من مظاهر التسلح. وحذت كتائب جادو، وغريان، ونالوت، حذو كتائب مصراتة، وخرجت من العاصمة.
( ) يُقدّر عدد هذه القوات بحوالي 15 ألف مقاتل، أغلبهم كانوا تابعين في السابق لـ”لواء 23 معزز”، الذي شارك في قمع ثورة فبراير 2011 بقيادة خميس معمر القذافي. وكتيبة “الصواعق” هي: مليشيات تابعة للبرنامج السياسي لتحالف “القوى الوطنية” التابع لجبريل، وقد حاولت في 15 فبراير 2014، إجبار “المؤتمر الوطني” (البرلمان) على الاستقالة، بعد منحه خمس ساعات لتسليم السلطة.
( ) هشام الشلوي، خريطة المليشيات الليبية محاولة فكّ الطلاسم، العربي الجديد، لندن، 29 يوليو 2014
( ) رابط القرار: الرابط
( ) يشرف على إدارة البعثة قسم الشؤون السياسية بالأمم المتحدة، الذي يقدم المساعدة المتعلقة بالتوجيه والعمليات. ولدى بعثة الأمم المتحدة مقر رئيسي في العاصمة الليبية طرابلس، ومكاتب في كل من بنغازي وسبها. كما أن لدى البعثة موظفين دائمين في الشؤون السياسية وحقوق الإنسان والعدالة الانتقالية والأعمال المتعلقة بالألغام والتسريح والتنمية وتمكين المرأة بالإضافة الى الاتصالات والإعلام، فضلاً عن موظفين لخدمات الدعم. وتضم البعثة 205 موظفا بين وطني ودولي (يناير 2012).

( ) هشام الشلوي، حوار غدامس وغياب القوى الليبية الفاعلة، مركز الجزيرة للدراسات، الثلاثاء 14 أكتوبر 2014.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close