تطورات المشهد السعودي 27 مارس 2016
يتناول هذا التقرير تطورات المشهد السعودي، خلال الفترة من 18 إلى 24 مارس 2016م، من خلال ما نشرته وسائل الإعلام السعودية، حول الأوضاع الداخلية والخارجية في المملكة، والقضايا المصرية السعودية.
أولاً: حدث الأسبوع:
جاءت التطورات اليمنية، وتفجيرات بروكسيل، لكي تكون هي حدث الأسبوع.
1-اليمن:
بالرغم من أن زخم التطورات اليمنية كان في النصف الثاني من الأسبوع، إلا أنها سواء على المستوى الإحصائي المحض، أو الاهتمام الموضوعي، كانت على رأس اهتمامات الإعلام السعودي. مرد ذلك حدثان رئيسيان، ويبدوان متناقضَيْن، ولكنهما بالفعل وقعا، الحدث الأول، ما قيل إنه إعلان الحوثيين عن قبولهم لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، والذي ينص على انسحاب الحوثيين من المدن اليمنية، وتسليم الأسلحة وإطلاق الأسرى وتفعيل مؤسسات الدولة. كما تضمن ذلك “الإعلان” وقفًا لإطلاق النار، يبدأ يوم العاشر من أبريل المقبل، وبدء مباحثات سلام بين الحكومة اليمنية وبين الحوثيين وحلفائهم، في الكويت في موعدٍ تالٍ من الشهر المقبل.
لكن الحوثيين لم يعلنوا أي شيء من ذلك، وإنما الأمر يعود إلى “إبلاغ” قدمه المبعوث الدولي في الأزمة اليمنية، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ولم تعلن الرياض أي موقف رسمي منه. يؤكد ذلك الحدث الثاني، وهو عودة الحوثيين إلى الحرب مرة أخرى في مدينة تعز ومحيطها، ونجاحهم في تحقيق مكاسب على الأرض مجددًا.
الإعلام السعودي حاول استحضار المكاسب الأخيرة التي حققتها قوات هادي المدعومة من الرياض والتحالف العربي، في مناطق أخرى من اليمن، مثل مأرب، وفي محيط تعز قبلاً، مع التأكيد على أن معركة صنعاء “على الأبواب”، ولكن من دون تحديد توقيت لبدئها.
لكن هذا لم يمنع أن تخرج بعض الصحف السعودية، مثل “الشرق الأوسط”، لكي “تحتفي” بهذا “الإنجاز” السياسي والعسكري، وتتحدث عن “استسلام المتمردين” وأن “اليمن يتنفس”، وأن ما سوف يحدث بعد أبريل المقبل “سوف يكون له تبعاته على أزمات المنطقة الأخرى، كنموذج يحتذى”، بحسب تقارير قناة “العربية الحدث”، مثل ليبيا وسوريا.
– تفجيرات بروكسيل:
على مستوى تفجيرات بروكسيل، يبدو أنها جاءت كطوق نجاة للإعلام السعودي المحسوب على الحكومة السعودية، بعد أن وجدت فيه ضالة مهمة كانت ضائعة للرد على تصريحات الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، لمجلة “أتلانتس”، قبل نحو أسبوعين، والتي اتهم فيها السعودية بدعم الإرهاب.
لذلك كان المقياس الإحصائي مرتفعًا فيما يتعلق بالمواد التي تناولت تفجيرات بروكسيل، والتي تنوعت اتجاهاتها في أكثر من زاوية، ومن بينها، وأهمها، التأكيد على “رشادة” القيادة السياسية السعودية في تحذيرها من تنظيم “داعش”، و”بُعد نظر” الرياض، في التعامل مع الملف منذ البداية. لكن ثمَّة زاويتَيْن على أكبر قدر من الأهمية في هذا الأمر:
الأولى: تتعلق بتصاعد مستوى الانتقادات الموجهة إلى واشنطن والغرب، في تجاهله لخطر “داعش”، وعدم فاعلية الحرب الراهنة ضده في كل من سوريا والعراق(1).
الثانية: تتعلق بأن ما يجري في أوروبا من هجمات متواترة، بما فيها تلك التي وقعت في تركيا مؤخرًا، يأتي بسبب تباطؤ معالجة الأزمة السورية، وهو ما يجعل –وفق الإعلام السعودي – هناك أهمية كبرى لمفاوضات جنيف الحالية بين النظام السوري وبين المعارضة السورية المسلحة.
وكان هناك ضغط كبير في موضوع التأكيد على مسؤولية السياسات الغربية غير المتوازنة إزاء الشرق الأوسط، فيما يجري، لدرجة أن صحيفة “الوطن”، وضعت عنوانًا رئيسيًّا، الخميس، 24 مارس، وهو: “عاصمة الاتحاد الأوروبي تحتضن الإرهاب”.
ارتبط بذلك تناول تصريحات المرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية الأمريكية، المعادية للمسلمين والمهاجرين، وخصوصًا الجمهوري، دونالد ترامب؛ حيث أكدت أقلام سعودية عدة، عامة وصحوية، على دور هذا المستوى من العنصرية في تأجيج نيران التطرف والعنف، وبالتالي، شيوع الإرهاب في العالم على النحو الذي يحدث في الوقت الراهن.
ثانياً: تطورات السياسة الداخلية:
– كان هناك اهتمام بالترويج لعدد من “الإنجازات” الحكومية، والتي كان من بينها، توقيع وزارة الإسكان على عقد لتطوير 100 ألف وحدة سكنية.
– توزيع جوائز الملك فيصل العالمية، وكان من بينها هذا العام، فوز الدكتور محمد عبد المطلب، من مصر، مناصفة مع الدكتور محمد مفتاح، من المغرب، بجائزة “اللغة العربية والأدب”.
– نشرت صحيفة “سبق” الإلكترونية، حوارًا مع الأمين العام للندوة العالمية للشباب الإسلامي، الدكتور صالح بن سليمان الوهيبي، تكلم فيه عن قرار إغلاق مقار الندوة في الرياض، وكان اللافت أنه نفى في الحوار أية علاقة له مع الإخوان المسلمين.
وقال في ذلك: “أما ما يشاع عن قرب الندوة لجماعة الإخوان فقد يعود إلى أسباب موضوعية تتعلق بتاريخ إنشاء الندوة حيث من المعلوم أنها أنشئت في عهد الملك فيصل يرحمه الله وفي ظل سياسة المملكة الداعية إلى التضامن الإسلامي بهدف أساسي هو حماية الشباب المسلم من التيارات الفكرية المنحرفة السائدة آنذاك وخاصة المد القومي الناصري”.
وأضاف أن ذلك تزامن مع “استضافة حكومة المملكة للكثير من قيادات الإخوان المسلمين الفارين من بطش الأنظمة القومية والبعثية في كل من مصر والعراق والشام، وربما عمل بعض المنتسبين لجماعة الإخوان في وظائف إدارية في الندوة ضمن عشرات الموظفين الآخرين ولم يكن لهم أي دور في رسم سياسات الندوة أو توجهاتها”.
ثالثاً: تطورات السياسة الخارجية:
1-إيران و”حزب الله” اللبناني:
كان هناك اهتمام هذا الأسبوع بقرار كويتي متعلق بترحيل ثلاثة لبنانيين، استجابة لقرار مجلس التعاون الخليجي، باعتبار “حزب الله” اللبناني، تنظيمًا إرهابيًّا. كما كان هناك مقالات رأي عدة، وخصوصًا تناولت بالتقييم العلاقات الإيرانية الروسية، بعد القرار الروسي بالانسحاب من سوريا، وتبدل السياسات الروسية من الأزمة السورية فيما يتعلق بقضية مستقبل شكل الدولة.
2-الأزمة السورية ومفاوضات جنيف:
تنوعت اتجاهات التناول في هذا الملف من جانب الإعلام السعودي؛ حيث كان الاهتمام الرئيسي بمفاوضات جنيف الحالية، وخصوصًا التصريحات المتواترة لرئيس الوفد الحكومي الروسي في جنيف، بشار الجعفري، والتي أكد فيها على موضوع أن مصير قائد النظام، بشار الأسد، خط أحمر يقرره السوريون. كما اهتم كُتَّاب الرأي والمقال، بإبراز مخاطر الفيدرالية الكردية في شمال سوريا، على المنطقة بالكامل، والتباين الحاصل في مواقف المعارضة السورية، بين وفد الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن مؤتمر الرياض، وبين وفد الائتلاف الوطني السوري المعارض، المحسوب على تركيا، خصوصًا فيما يتعلق بموضوع مصير الأسد، والانتخابات المزمعة هناك.
التطورات الميدانية الحاصلة على الأرض، كان لها مجالاً رحبًا في التناول الإخباري، بالذات ما يتعلق بدخول قوات الأسد إلى مدينة تدمر، بمعاونة الطائرات الحربية الروسية، التي نفذت 900 طلعة منذ أن أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن سحب “معظم” قواته من سوريا.
كما اهتمت المصادر الإخبارية السعودية بخبر مهم أعلنته وزارة الدفاع الروسية، من أن لها قوات تعمل على الأرض بالفعل في سوريا، وهو الاعتراف الأول من نوعه منذ بدء الحرب الروسية في سوريا، في الخريف الماضي.
ولقد أثارت هذه التطورات التي تتناقض مع فكرة الانسحاب، تساؤلات عدة في الصحافة السعودية، حول حقيقة الدور الروسي في سوريا، وقال محمد محفوظ، في صحيفة “الرياض، يوم 23 مارس: “ثمة احتمالات عديدة للدور الروسي في المنطقة، ولكن جميع هذه الأدوار المأمولة تتعلق بشكل مباشر على مدى نجاح روسيا في بناء تسوية مقبولة من جميع الأطراف في الملف السوري”.
في الملف السوري كذلك، وفي الساعات الأخيرة لآخر أيام تغطية التقرير، الخميس، 24 مارس، اهتمت المصادر الإخبارية السعودية باللقاء الذي جرى بين وزيرَيْ الخارجية الأمريكي جون كيري، والروسي، سيرجي لافروف، في موسكو، بشأن مستقبل العملية السياسية الانتقالية في سوريا، وإعلان الوزيرَيْن أنه قد تم الاتفاق على دستور جديد لسوريا قبل أغسطس المقبل، وكذلك الخطة التي قدمها المبعوث الدولي، ستيفان دي ميستورا، والتي تؤكد على وحدة سوريا، ومرجعية القرار الدولي 2254 الصادر في العام الماضي.
– الحرب على “داعش”:
في إطار ذي صلة، كان هناك اهتمام كبير بموضوع الحرب على تنظيم “داعش” في العراق وليبيا، ومناطق أخرى من المنطقة والعالم، وكان الاهتمام منصبًّا على العمليات التي بدأها الجيش العراقي في المناطق المحيطة بمحافظة الموصل، وفي نينوى، والنجاحات التي حققها في هذا الصدد، ونجاحه في استعادة بعض القرى في تلك المناطق الواقعة إلى الجنوب من الموصل بحوالي ستين كيلومترًا.
– الموضوع التركي:
كان لتصريح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بشأن ترحيل عنصر ممن ارتكبوا تفجيرات بروكسيل الأخيرة، إلى بلجيكا، وأن السلطات هناك قد أفرجت عنه، صدىً كبير في الإعلام السعودي؛ حيث دعم ذلك من الحملة على الغرب.
ولكن في المقابل شهد الإعلام اللندني أكثر من مقال انتقد أداء الحكومة التركية في الإقليم، تبعًا للموقف من الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء التركي، أحمد داوود أوغلو، إلى إيران قبل حوالي ثلاثة أسابيع.
كما كان هناك اهتمام بالأوضاع الأمنية والسياسية التي تمر بها تركيا في الوقت الراهن، بعد التصعيد من جانب تنظيمات السلفية الجهادية والأكراد، في داخل تركيا، وأزمة الاتفاق الأخير بين تركيا والاتحاد الأوروبي، بشأن ترحيل اللاجئين الذين تعيدهم دول الاتحاد إلى تركيا، إلى بلدانهم، والانتقادات الحقوقية التي تم توجيهها إلى تركيا في هذا الشأن، بما في ذلك منظمات دولية كبرى، مثل العفو الدولية.
كذلك ناقش الإعلام السعودي المحاولات التركية لإحياء مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وأثر إعلان أكراد سوريا عن فيدرالية في شمال البلاد، على الأمن القومي التركي.
– الإخوان المسلمون والربيع العربي:
– حملت الكثير من الصحف ومواد الرأي السعودية، على الإخوان المسلمين، ضمن الحديث عن أمرَيْن أساسيَّيْن، الأول، تصريحات الرئيس الأمريكي باراك أوباما، لمجلة “أتلانتس”، ورد الأمير تركي الفيصل عليه، في مقاله الأسبوع الماضي الذي تم تعميمه على وسائل الإعلام السعودية، وفيه اتهامات للإخوان المسلمين في مصر بتلقي الدعم من الولايات المتحدة.
الأمر الثاني، كان يتعلق بملف مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، وكانت الحملة ممتدة لكي تشمل عددًا من قضايا الإقليم؛ حيث دأب المعلقون السعوديون، سواء على قناة “العربية الحدث”، أو القنوات الدولية، مثل الـ “بي. بي. سي”، والـ “فرانس 24″، على ضم الإخوان المسلمين في تعليقاتهم على التنظيمات المصنفة إرهابية، حتى عند الحديث عن الفوضى في اليمن، والتحذير منها، وأنه من الضروري القضاء على التمرد الحوثي في اليمن، وإعادة الحكومة “الشرعية”، لأن “البديل سيكون إما القاعدة أو الإخوان أو الحوثيين”، بحسب عبارة يرددونها تقريبًا بنفس الكلمات!
في هذا الصدد، نشرت صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية، تقريرًا زعمت فيه أن “حماس” أزالت شعارات الإخوان المسلمين وصور قادتهم، بما في ذلك صور مؤسس الجماعة الإمام حسن البنا، والرئيس محمد مرسي(2).
وقالت إن مراقبين ربطوا بين هذه الخطوة “المفاجئة”، وبين اتفاق زعموا أن وفد “حماس” القيادي أبرمه الأسبوع الماضي مع قادة المخابرات العامة المصرية، بفك الارتباط بين الحركة وجماعة الإخوان. وشمل ذلك “جميع ما يخص الجماعة الأم داخل المساجد بما في ذلك وصايا حسن البنا التي تربي حماس أبناءها عليها”.
المصادر الصحوية تناولت الزيارة بشكل آخر؛ حيث رأتها في إطار إيجابي يحقق مصالح الفلسطينيين في القطاع المحاصر. وفي هذا الإطار، اهتم موقع “الإسلام اليوم“، بتصريحات لهنية، قال فيها إن زيارة حماس للقاهرة “بداية واعدة” لعلاقة حقيقية تتجاوز “السنوات الصعبة”.
– قريبًا من ذلك الملف نسبيًّا، كان هناك اهتمام من مصادر إخبارية سعودية، بإعلان الإعلامي السعودي، جمال خاشقجي، عن حصوله على ترخيص بالعمل لقناته الجديدة التي يديرها، “العرب”، التي يمولها رجال الأعمال السعودي، الأمير الوليد بن طلال بن عبد العزيز آل سعود، من قطر، بعد وقف البحرين للعمل في القناة منذ أكثر من عامَيْن.
– اهتمت مواقع صحوية، ومن بينها “الإسلام اليوم“، بما ذكرته يومية “المساء” المغربية، الأربعاء، 23 مارس، من أن حزب العدالة والتنمية الذي يقود الائتلاف الحكومي في المغرب، يدرس تمديد سنة إضافية للأمين العام للحزب عبد الإله بنكيران، الذي يتولى رئاسة الحكومة، حتى يتمكن من ترؤس الحكومة لمرة ثانية في حالة تصدر الحزب الانتخابات التشريعية التي ستجري في 7 أكتوبر المقبل.
رابعاً: القضايا المصرية في الإعلام السعودي:
1-ترسيم الحدود البحرية المصرية السعودية:
اهتمت وسائل الإعلام السعودية، بالجلسة الخامسة لمجلس التنسيق السعودي المصري، التي عقدت في العاصمة السعودية الرياض، بالتزامن مع زيارة قام بها وفد قانوني وفني سعودي، برئاسة اللواء دكتور، عبد العزيز بن إبراهيم الصعب، رئيس الهيئة العامة للمساحة السعودية، بشأن مسألة ترسيم الحدود البحرية بين الدولتَيْن في البحر الأحمر، شمال خط عرض 22 شمال خط الاستواء؛ حيث خط الحدود الدولية الجنوبية لمصر مع السودان.
الصحف السعودية أشارت إلى أن الجلسة انتهت بالتوقيع على اتفاقية تمويل توريد مشتقات بترولية بين كل من الصندوق السعودي للتنمية، وشركة “أرامكو”، وبين الهيئة المصرية العامة للبترول، واتفاق آخر بشأن برنامج الملك سلمان بن عبد العزيز لتنمية شبه جزيرة سيناء، بقيمة حوالي 1.5 مليار دولار، بالإضافة إلى مذكرة تفاهم في مجال تشجيع الاستثمار بين صندوق الاستثمارات العامة في المملكة، ووزارة الاستثمار في مصر(3).
أما زيارة إبراهيم الصعب إلى القاهرة، والت كانت الثانية له، بعد زيارة أولى له في ديسمبر 2015، من أجل تعيين الحدود البحرية بين البلدين، على كامل المنطقة الممتدة بطول البحر الأحمر، حتى خليج العقبة.
ونشرت مصادر سعودية مجلس التنسيق السعودي المصري، أصدر في نهاية جلسته الخامسة بيانًا حرص على أن يذكر فيه ضرورة أن يتم إنجاز بقية المهام الواردة في الملحق التنفيذي لمحضر إنشاء المجلس، في نوفمبر 2015م 2015، الموكولة إلى فرق العمل المشكلة بموجب محضر الاجتماع الأول.
و”كذلك إنجاز مهمات اللجنة المشتركة المشكلة لتعيين الحدود البحرية بين البلدين، وأن تكون المشروعات المتعلقة بالمجالات التنموية والتعليمية والإسكانية والثقافية والإعلامية وتعيين الحدود البحرية بين البلدَيْن، وغيرها من المجالات الأخرى الواردة في الملحق التنفيذي لمحضر إنشاء المجلس جاهزة لتوقيعها خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين لجمهورية مصر العربية الشقيقة المقررة في بداية شهر أبريل 2016م”. هذا التأكيد أو الربط من الجانب السعودي بين الاتفاقيات المتعلقة بالجوانب التنموية والاقتصادية، وما تفرضه من التزامات مالية على الجانب السعودي، رهين بالتوقيع على اتفاق ترسيم الحدود بين البلدين.
كان اللافت، تأكيد بعض الأقلام السعودية على متانة العلاقات بين البلدين، مع انتقاد الإخوان المسلمين، باعتبار أن الجماعة لعبت دورًا كبيرًا في صدد محاولة توتير العلاقات بين مصر والرياض.
وقال حمود أبو طالب في مقال له في “عكاظ”(4): “. فجأة انتفض إعلامي معروف بهواه الإخواني ليؤكد أن مثل هذه الزيارة لن تتم أبدا، وأننا -أي حضور المجلس -جاهلون بطبيعة العلاقة المضطربة بين المملكة ومصر، وأن كل ما يشاع عن الزيارة مجرد أوهام وأحلام لجهلة مثلنا لن تتحقق”، في إشارة -ربما -إلى الإعلامي السعودي جمال خاشقجي.
وأضاف في ذلك: “الحقيقة أنه ليس ذلك الإخواني وحده من يتمنى ويحلم أن تسوء العلاقة بين مصر والسعودية، فهناك عدد كبير من أشباهه في البلدين يحاولون بكل الوسائل إثبات هذه الكذبة لدى العامة والمأزومين والأتباع، كما يجب التذكير بأن أمريكا سعيدة بهذا اللغط لأنها محتقنه كثيراً من المملكة التي أفشلت مشروعها الإخواني في مصر وتحاول تكريس فكرة انهيار العلاقة بين البلدين لأنها تعرف جيدا أنهما باتفاقهما وتضامنهما كقوتين كبيرتين سيقطعان الطريق على محاولات استكمال مخطط الفوضى وتفتيت الدول العربية”.
– في المقابل، بدا من الواضح تحفظ المصادر الصحوية السعودية إزاء أية انتقادات للقاهرة بسبب زيارة الملك سلمان؛ حيث خلت مواقع مثل “المسلم” و”الإسلام اليوم”، من الانتقادات المعتادة للنظام الانقلابي في مصر.
– لم يمنع ذلك من وجود تقارير عدة في صحف ومصادر سعودية عامة وصحوية، حول أزمة الدولار في مصر، ومشكلات المعتقلين والانتهاكات التي تمارسها السلطات المصرية في حق النشطاء والسجناء السياسيين، بالإضافة إلى التعديل الوزاري الأخير في مصر، وكان هناك تشكيك في قدرة الحكومة المصرية الجديدة على التصدي للتحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر في الوقت الراهن.
2- يوم 23 مارس، نشرت “الحياة” اللندنية، مقالاً للكاتب جهاد الخازن، “ميديا ليكود أميركا تستهدف مصر“، دافع فيه عن مواقف النظام المصري في الصراع السياسي الحالي في البلاد، في وجه منتقدي النظام في الصحافة الأمريكية، وكرر في ذلك كلمات تركي الفيصل بشأن “إنقاذ مصر من حكم الإخوان”، إلا أنه دعا عبد الفتاح السيسي، إلى إطلاق الحريات في البلاد.
– من ضمن التطورات التي ركز عليها الإعلام السعودي، اللقاء الذي عقده السيسي مع “المثقفين” في مصر، وما رشح عنه من تصريحات قالها السيسي خلال اللقاء، والتي من بينها تأكيده على الأزمة الحالية التي تواجهها الدولة، وما كشفه الصحفي اليساري، عبد الله السناوي في صدد شروط وضعتها الدولة لعودة المعارضين المصريين المقيمين في الخارج، واستثناء الإخوان المسلمين من ذلك.
الجداول والأشكال التالية توضح الأوزان النسبية لهذه القضايا في الإعلام السعودي:
الجدول رقم (1) القضايا الخارجية السعودية
الشكل رقم (1) القضايا الخارجية السعودية
الجدول رقم (2) القضايا الداخلية السعودية
الشكل رقم (2) القضايا الداخلية السعودية
الجدول رقم (3) القضايا المصرية في الإعلام السعودي
الشكل رقم (3) القضايا المصرية في الإعلام السعودي
خامساً: الاستنتاجات والتوصيات:
– الاستنتاجات:
1. طغت زيارة الملك سلمان المرتقبة إلى مصر، على كل ما عداها من قضايا تتعلق بمصر في الإعلام السعودي، وهو ما سبق أن تنبأ به التقرير في أعداد سابقة؛ حيث أشار إلى أن الزيارة مفصلية بالفعل، وأنها سوف تحكم الكثير من الأمور المتعلقة بالعلاقات بين البلدين في الفترة المقبلة.
2. تلعب قضية ترسيم الحدود بين البلدَيْن دورها الكبير في شان تحولات العلاقات بين البلدين، ويبدو أن النظام المصري في سبيله إلى تقديم تنازلات جديدة في هذا الملف، لحسابات ضيقة، كما فعل مع مصادر الغاز الطبيعي في البحر المتوسط من قبل.
3. في مقابل التقارب المصري السعودي، والمصري مع حركة “حماس”، هناك تباعد كبير في المواقف بين الرياض وأنقرة، في ظل تمسك أنقرة بحالة من الاستقلالية في القرار الخارجي، ورفضها الاستجابة لمطالب الرياض في القضايا والأزمات الإقليمية، ودخول أنقرة في سلسلة من الأزمات التي أثرت على قدرتها على الحركة الإقليمية.
4. تبدو الانتخابات الأمريكية المقبلة ذات أهمية كبرى فيما يتعلق بمستقبل الإسلام السياسي في الشرق الأوسط، وفي الغرب، وهو ما يدركه مؤيدو وخصوم الحركة الإسلامية، على حد سواء، في الإعلام السعودي، ولذلك؛ فإن نسبة معتبرة، ربما تصل إلى 70 بالمائة من المواد على مواقع مثل “المسلم” و”الإسلام اليوم”، تهتم بالانتخابات ومواقف المرشحين.
– التوصيات:
1. يوصى باستغلال موضوع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، بشكل إعلامي، أمام الرأي العام المصري، مع مساسه بحقوق مصر السيادية في المصايد ومصادر نفطية مهمة في البحر الأحمر، وكذلك ترتيبات مصر الدفاعية في جزر صنافير وتيران.
2. إعداد تقدير موقف عن الاتفاق المزمع بين القاهرة والرياض بشأن ترسيم الحدود البحرية وتبعاته على الأمن القومي المصري.
3-تقدير موقف عن تبعات العمليات الإرهابية الأخيرة على واقع الحركة الإسلامية في أوروبا، وآفاقها في حال فوز الجمهوريين المتطرفين بالرئاسة الأمريكية.
—————————————-
الهامش
(1) راشد صالح العريمي: عقيدة أوباما: الرابحون والخاسرون، “الحياة” اللندنية، 21 مارس 2016م، الرابط (2) حماس تزيل صور مرسي وشعارات «الإخوان».. بعد اتفاقها مع القاهرة، “الشرق الأوسط” اللندنية، 21 مارس 2016م، الرابط
(3). الرياض والقاهرة تترقبان توقيع 14 اتفاقًا بحضور زعيمي البلدين الشهر المقبل، “الشرق الأوسط” اللندنية، 21 مارس 2016م، الرابط
(4). أبو طالب، حمود: السعودية ومصر.. ٤ أبريل نهاية اللغط، “عكاظ”، 21 مارس 2016م، الرابط