fbpx
الشرق الأوسطترجماتحقوقي

تقارير متابعة: قضية ريجيني في الإعلام الإيطالي (13)

تطورات قضية جوليو ريجيني بعد قرار إيطاليا ببدء محاكمة 4 ضباط أمن وطني مصريين بروما منتصف أكتوبر القادم

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقدمة:

في يوم الثلاثاء 25 مايو، أمر قاض إيطالي بمحاكمة أربعة من كبار أعضاء جهاز الأمن الوطني المصري، للاشتباه بدورهم في اختطاف وقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة عام 2016، حسب تقرير نشرته وكالة رويترز للأنباء الثلاثاء. وكان ريجيني، طالب الدراسات العليا في جامعة كامبريدج البريطانية، متواجداُ في العاصمة المصرية في يناير 2016، في إطار إجراء بحث له عن النقابات المستقلة في مصر من أجل أطروحة الدكتوراه الخاصة به؛ ولكنه عُثر على جثته بعد أسبوع تقريباً من اختفائه يوم 25 يناير، حيث أظهر تشريح الجثة أنه تعرض للتعذيب قبل وفاته. جاء قرار القاضي الإيطالي بعد عقد جلسة استماع أولية للنظر فيما يقول الادعاء الإيطالي إنها أدلة ضد أربعة من مسؤولي أجهزة الأمن المصرية متهمين باختطاف وقتل الطالب الإيطالي في القاهرة عام 2016. وكان ممثلو الادعاء العام الإيطالي قد أعلنوا قبل نحو أسبوعين إضافة ثلاثة شهود جدد ضمن الوثائق المقدمة للمحكمة.

ويقول ممثلو الادعاء الإيطاليون إن تحقيقهم أظهر أن أربعة ضباط أمن مصريين متورطون في اختطاف ريجيني، وأن أحد الأربعة متورط في مؤامرة لقتله. وقال القاضي بييرلويجي باليستريري، الذي ترأس جلسة الاستماع الأولية الثلاثاء، إن هناك أدلة كافية لتوجيه الاتهام إلى الضباط الأربعة، وأمر ببدء محاكمتهم في 14 أكتوبر القادم. ولم يصدر أي تعليق من السلطات في مصر حتى الآن بخصوص الأمر. ودأب المسؤولون في مصر على نفي تورط المتهمين الأربعة في اختفاء وقتل ريجيني، وهم:  الرائد مجدي شريف، اللواء طارق صابر، العقيد حسام حلمي، والعقيد آسر كمال. وقالت مصادر قضائية إيطالية إن نظراءهم المصريين لم يقدموا عناوين المسؤولين الأربعة ولا يتوقع حضور أي منهم المحاكمة. وقالت اليساندرا باليريني، محامية الأسرة، إن والدي ريجيني كانا في قاعة المحكمة يوم الثلاثاء وأنهما رحّبا بقرار القاضي. وقالت باليريني للصحفيين “نأمل ألا يُحرم جوليو على الأقل من حقه في معرفة الحقيقة، بعد أن حُرم بالفعل من كل حقوقه الأخرى.”

وكان المعهد المصري للدراسات قد نشر اثني عشر تقريرا، تحت عنوان “تقارير متابعة قضية ريجيني في الإعلام الإيطالي“، وذلك في إطار متابعة تطورات قضية الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، بالإضافة إلى عدد من المقالات والتقارير الأخرى المتفرقة وذات الصلة، حيث شملت هذه التقارير والمقالات ترجمات حصرية لمواد صحفية مختلفة قام بنشرها كوكبة من كبار الكتاب والصحفيين الإيطاليين في الإعلام الإيطالي، تناولوا فيها بالتحليل قضية جوليو ريجيني وملابساتها وتطوراتها على مدار الفترة الماضية.

وتبرز أهمية هذه التقارير التي ينشرها المعهد المصري عن قضية ريجيني في أنها تتيح للقارئ العربي، وبالأخص المصري، قدراً كبيراً من التفاصيل والمعلومات التي يتم الكشف عنها تباعاً في ثنايا التقارير والمقالات التي تنشرها أهم الصحف الإيطالية عن القضية، مما قد لا يكون متوفراً بهذه التركيز في الإعلام العربي.

ملخص:

يتضمن هذا المحتوى أربع مقالات/تقارير؛ المقال الأول جاء من صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية بتاريخ 25 مايو 2021 لأندريا أوسينو تحت عنوان: “جوليو ريجيني: اللواء طارق صابر وباقي الضباط المصريين قيد المحاكمة”، حيث نقل عن قاضي التحقيق أن المتهمين الأربعة “راقبوا وسيطروا بشكل مباشر وغير مباشر على الطالب الإيطالي خلال الفترة من خريف 2015 إلى مساء 25 يناير 2016″، ثم عذّبوه وقتلوه “لأسباب دنيئة وعقيمة، وأساؤوا استخدام سلطاتهم من خلال التعامل معه بهذه القسوة”؛ والتقرير الثاني جاء من صحيفة كورييري ديلا سيرا الإيطالية بتاريخ 26 مايو 2021 وأعده جيوفاني بيانكوني وإيلاريا ساشيتوني، تحت عنوان: “سيحاكم أربعة من عملاء الأمن الوطني المصري في اغتيال ريجيني”، حيث ينقل التقرير في مستهله عن فريق الدفاع عن ريجيني قوله إنه للوصول إلى هذه النقطة، “استغرق الأمر 64 شهراً، لكنها نقطة انطلاق جيدة”؛ وجاء المقال الثالث من صحيفة إيل فاتو كوتيديانو الإيطالية بتاريخ 25 مايو 2021 للصحفي فينسينزو بيسبيجليا تحت عنوان: “ريجيني، أربعة ضباط أمن مصريين قيد المحاكمة – المدعي العام: ’التحدي هو إحضار الشهود إلى المحكمة‘”، استهله بتعليق لمحامية ريجيني أليساندرا باليريني حيث تقول: “هدف واضح ونقطة انطلاق جيدة”، حيث تتحدث باليريني نيابة عن كلاوديو وباولا ريجيني اللذان اختارا التزام الصمت في هذه اللحظة؛ والمقال الرابع نشرته صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية بتاريخ 26 مايو 2021 للصحفي جوليانو فوشيني تحت عنوان: “بداية الحقيقة: محاكمة 4 ضباط أمن مصريين في وفاة ريجيني”، حيث استهله بالإقرار بأن والدي ريجيني يشعران بالرضا عن توجيه الاتهام إلى ضباط الأمن الأربعة في القاهرة، لكن محامية جوليو ريجيني أليساندرا باليريني تؤكد قائلة: “إنها بداية الطريق للوصول إلى الحقيقة”.

1- لاريبوبليكا (25 مايو 2021):

نشرت صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية بتاريخ 25 مايو 2021 مقالا لأندريا أوسينو تحت عنوان: “جوليو ريجيني: اللواء طارق صابر وباقي الضباط المصريين قيد المحاكمة”، وجاء على النحو التالي:

جوليو ريجيني: اللواء طارق صابر وباقي الضباط المصريين قيد المحاكمة:

فبحسب قاضي التحقيق، فإن المتهمين الأربعة “راقبوا وسيطروا بشكل مباشر وغير مباشر على الطالب الإيطالي خلال الفترة من خريف 2015 إلى مساء 25 يناير 2016″، ثم عذّبوه وقتلوه “لأسباب دنيئة وعقيمة، وأساؤوا استخدام سلطاتهم من خلال التعامل معه بهذه القسوة”.

هذه خطوة أخرى نحو الحقيقة بشأن وفاة الطالب الإيطالي جوليو ريجيني. سنوات طويلة من التضليل الذي قام به النظام المصري لم تحُل دون إعادة ترتيب الأحداث والحقائق من جديد رغم العقبات والعوائق التي وُضعت في طريق ذلك؛ الحقائق التي قدمها نائب المدعي العام في روما سيرجيو كولايوكو اليوم، 25 مايو 2021، إلى القاضي بييرلويجي باليستريري خلال جلسة الاستماع الأولية التي عقدت بالمحكمة. واستقر ضمير القاضي إلى أدلة الاتهام المقدمة بإدانة الضباط المصريين الأربعة: اللواء صابر طارق والعقيد حسام حلمي والعقيد آسر كامل محمد إبراهيم ومجدي إبراهيم عبد الشريف. ويتهم الأربعة المنتمون للأجهزة الأمنية المصرية باختطاف وتعذيب وقتل الباحث الإيطالي الذي عثر على جثته في 3 فبراير 2016 على حافة طريق مصر/إسكندرية الصحراوي بالقاهرة.

ولم يكن عدم تعاون المحققين في القاهرة كافياً لوقف الدعوى التي تأكدت أيضاً بعد إدانة النقابي محمد عبد الله. وبحسب الاتهامات، فإن المشتبه بهم الأربعة، مع أشخاص آخرين لم يتم التعرف عليهم مطلقاً حتى الآن، “راقبوا وسيطروا، بشكل مباشر وغير مباشر، على جوليو ريجيني من خريف 2015 إلى مساء 25 يناير 2016″، بحسب الوثائق. تم توقيف الباحث الإيطالي “داخل مترو الأنفاق بالقاهرة”، حيث “تم إجراء ذلك رغماً عنه وخارج أي نشاط قانوني مؤسسي، ثم تم احتجازه أولاً في قسم شرطة الدقي، ثم في مبنى الأمن الوطني بلاظوغلي”، وهذا ما تمكن من توثيقه المحققون الإيطاليون.

وهكذا، فإن مجدي إبراهيم شريف “لأسباب مذلّة وعبثية وإساءة استغلال للسلطة باستخدام القسوة التي تسببت في إصابة جوليو ريجيني بجروح من شأنها أن تمنعه ​​من ممارسة المهام العادية لأكثر من 40 يوماً بالإضافة إلى الضعف الدائم وفقدان العديد من الأعضاء الناتج عن التعذيب. حيث ظل ريجيني يعاني معاناة جسدية حادة لتعرضه للتعذيب في عدة جلسات وعلى فترات متباعدة على مدى عدة أيام”.

كما اتهم شريف بارتكاب جريمة القتل لريجيني: “من خلال آثار عنف واضحة على أجزاء مختلفة من الجسم … تسبب في إصابة جوليو ريجيني بإصابات جسيمة، نتج عنها فشل حاد في التنفس من النوع المركزي أدى إلى وفاته “. ثم تعمد الغموض، وإصدار التوجيهات الخاطئة في محاولة لإخفاء تلك الجريمة الفظيعة، وإعادة صياغة الحادثة بروايات “مشبوهة”. وحسب لائحة الاتهام هذه، سيتم في أكتوبر القادم البدء في محاكمة الـضباط المصريين الأربعة المتهمين في مقتل جوليو ريجيني.

2- كورييري ديلا سيرا (26 مايو 2021):

نشرت صحيفة كورييري ديلا سيرا الإيطالية بتاريخ 26 مايو 2021 تقريراً لجيوفاني بيانكوني وإيلاريا ساشيتوني تحت عنوان: “سيحاكم أربعة من عملاء الأمن الوطني المصري في اغتيال ريجيني”، وجاء على النحو التالي:

سيحاكم أربعة من عملاء الأمن الوطني المصري في اغتيال ريجيني:

بعد جلسة استماع أولية أمس تم تحديد موعد بدء محاكمة المتهمين بتعذيب وقتل جوليو ريجيني، والذي وُجدت جثته ملقاة على قارعة الطريق في القاهرة وعليها آثار تعذيب في يناير 2016. وفي ذلك يقول الدفاع عن ريجيني: إنه للوصول إلى ذلك، “استغرق الأمر 64 شهراً، لكنها نقطة انطلاق جيدة”.

وستكون هناك محاكمة للمتهمين الأربعة بتهمة اختطاف وقتل جوليو ريجيني، الذي اختفى في القاهرة مساء يوم 25 يناير 2016، وعثر عليه ميتاً في 3 فبراير، وعلى جثته آثار تعذيب. انعقدت جلسة استماع أولية لمحاكمة أربعة من ضباط الأمن الوطني وشرطة القاهرة، والذين لن يمثلوا أمام محكمة الجنايات بروما، وتم تحديد أول جلسة لمحاكمة المتهمين في 14 أكتوبر 2021، ولكن مع ذلك ستستمر محاكمتهم غيابياً. هذه النتيجة التي توصل إليها مكتب المدعي العام في روما في نهاية تحقيق استمر خمس سنوات لم يُتوقع الوصول إليها بأي حال من الأحوال، ولكن مع ذلك “أصبح المستحيل ممكناً” الآن، كما قال المدعي العام الإيطالي سيرجيو كولايوكو أمام قاضي جلسة الاستماع التمهيدية. واستمع والدا ريجيني إليه، وحازت هذه الجهود رضاهم بحسب المحامية أليساندرا باليريني، التي كانت دائماً إلى جانبهم في هذه المعركة الطويلة، والتي قالت: “غالباً ما تقول باولا وكلاوديو ريجيني أن جميع حقوق الإنسان قد انتهكت مع جوليو. من اليوم لدينا أمل راسخ في أنه على الأقل لن يتم انتهاك الحق في معرفة الحقيقة. استغرق الأمر منا 64 شهراً، لكن عندنا اليوم هدف واضح ونقطة انطلاق جيدة ».

الحكم الأول

في الحكم الأول لهذه المسألة القانونية المعقدة وغير المسبوقة، يحدد القاضي بيير لويجي باليستريري مجموعة من الأدلة “المتسقة والمنظمة” التي وضعها مكتب المدعي العام مع الشرطة الإيطالية، والتي ينبثق منها “هدف” يربط “بين مقتل الباحث الإيطالي وأجهزة الأمن المصرية والمتهمين الحاليين”: اللواء طارق صابر، العقيد آسر كامل، العقيد حسام حلمي، الرائد مجدي إبراهيم شريف. وقد تم إعداد “خلاصة استقصائية” ضدهم تتكون من شهادات ووثائق وأدلة أخرى سيتم التحقق منها في المحاكمة.

المحاكمة الغيابية

كادت حقيقة مثول أربعة أسماء أمام القاضي بدلاً من أربعة أشخاص تكون حجة لإثارة قضايا بطلان المحاكمة من قِبل فريق الدفاع عن ضباط الأمن المصريين المتهمين في القضية، حيث تم انتداب أربعة محامين إيطاليين لتمثيل وضمان حقوق المتهمين. ومع ذلك، فقد رفض القاضي جميع هذه الاعتراضات. حيث تم التعرف على الضباط الأربعة وتحديد هوياتهم بشكل مؤكد من قبل الادعاء المصري نفسه، عندما تم نقل بياناتهم الشخصية أثناء الاستجوابات التي أُجريت معهم. وحيث أن اختصاص القضاء الإيطالي (وولاية روما) في ذلك منصوص عليه في القوانين والاتفاقيات الموقعة بين كل من إيطاليا ومصر؛ وأن المدَّعَى عليهم على علم بالإجراءات، التي “تهربوا منها طواعية”، والذي يُعتبر “يقين مطلق” مستمد من “التغطية الإعلامية المكثفة وغير العادية” للأحداث.

التعذيب وتضليل العدالة

لهذه الأسباب، فإن الإحالة إلى المحاكمة ليست فقط أمراً مشروعاً على المستوى الشكلي، ولكن أيضاً على المستوى الموضوعي. وفي الصفحات الإحدى عشرة من المرسوم الذي يأمر بمحاكمة المتهمين، ذُكر أن الاختطاف الذي اتهم به الجنود الأربعة كان يستهدف بالتحديد التعذيب الذي تعرض له ريجيني والذي أفضى إلى إزهاق روحه. الرائد شريف وحده هو المسؤول عن الإصابة والقتل، لكن الخطة التي تم تنفيذها فريدة من نوعها: “ترهيب الضحية والضغط عليها”، للحصول على المعلومات التي أراد المصريون ابتزازها منه قسراً. وقد تجمعت الشكوك (التي ثبت أنها لا أساس لها من الصحة) حول جوليو بعد إدانة النقابي محمد عبد الله. لاحقاً، حيث ثبت أن ريجيني “كان محل اهتمام الأجهزة الأمنية المصرية على الأقل منذ ديسمبر 2015″، بحسب الشهادات التفصيلية التي أدلى بها المخبرون المشار إليها بأسماء رمزية دلتا وإبسيلون وإيتا وتيتا، والذين رأوا ريجيني في قسم الشرطة ومقر الأمن الوطني “مكبل اليدين ومعصوب العينين ومنهك من التعذيب”.

دور الشهود

وسيكون “التحدي الجديد”، الذي طرحه المدعي العام كولايوكو نفسه، هو تحويل هؤلاء “المخبرين” إلى “شهود” فعليين، وجعلهم يأتون إلى قاعة المحكمة للإدلاء بشهاداتهم، كما يتم استجوابهم من قبل الدفاع عن المتهمين. وهذا هدف شاق، بالنظر إلى الافتقار إلى جميع أشكال التعاون القضائي في هذا الشأن مع مصر في الوقت الحالي. وبدلاً من ذلك (التعاون)، تم القيام بـ “عدة محاولات للتضليل” والتي تمثل بالنسبة للقاضي دليلاً إضافياً ضد المتهمين.

وبالنظر إلى الصعوبات الإضافية التي يجب مواجهتها في المحاكمة، طلب رئيس لجنة التحقيق البرلمانية في قضية ريجيني، إيراسمو بالازوتو، من الحكومة الإيطالية “التزاماً ملموساً من النظام الحاكم في مصر باحترام الحقيقة والعدالة.” بينما قال رئيس البرلمان روبرتو فيكو: “تبدأ الآن مرحلة جديدة، وهي عملية قد تنشأ عنها أجزاء أخرى من الحقيقة .”

3- إيل فاتو كوتيديانو (25 مايو 2021):

نشرت صحيفة إيل فاتو كوتيديانو الإيطالية بتاريخ 25 مايو 2021 مقالاً للصحفي فينسينزو بيسبيجليا تحت عنوان: “ريجيني، أربعة ضباط أمن مصريين قيد المحاكمة – المدعي العام: ’التحدي هو إحضار الشهود إلى المحكمة‘”، وجاء على النحو التالي:

ريجيني، أربعة ضباط أمن مصريين قيد المحاكمة – المدعي العام: “التحدي هو إحضار الشهود إلى المحكمة”

في تعليقها على ما وصلت إليه الإجراءات في قضية ريجيني، قالت المحامية أليساندرا باليريني متحدثة نيابة عن كلاوديو وباولا ريجيني، حيث اختارا التزام الصمت في خضم هذه اللحظة: “هدف واضح ونقطة انطلاق جيدة”.. كلمات قليلة، لا أسئلة. الكلمة الأساسية هنا ليست “الرضا” بما يحدث في الوقت الحالي، بل “الأمل” فيما يمكن الوصول إليه، حيث قالت المحامية باليريني: “بعد 64 شهراً على الأقل، نأمل ألا يُنتهك حق جوليو في الوصول للحقيقة”. عند الساعة الخامسة مساءً، وجه قاضي التحقيق في روما بيير لويجي باليستريري لائحة اتهام إلى عملاء الأمن الوطني (المصريين) الأربعة، المتهمين بأشكال مختلفة باختطاف وتعذيب وقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني في فبراير 2016. وهكذا ستبدأ محاكمة اللواء طارق صابر والعقيد حسام حلمي والعقيد آسر كامل محمد إبراهيم والرائد مجدي إبراهيم شريف (والأخير متهم بالتآمر للقتل العمد) في 14 أكتوبر أمام محكمة الجنايات الثالثة في روما.

وقد قبل القاضي بالكامل جميع الطلبات التي قدمها المدعي العام سيرجيو كولايوكو. في التقرير الطويل والمفصل، انتقلت مراحل التحقيق الذي استمر خمس سنوات، من التضليل المصري إلى عدم التعاون، مروراً بإفادات الشهود الثمانية المسجلين بفضل تحقيقات الادعاء الإيطالي والشرطة الإيطالية. طالب محامو الضباط الأربعة – المصنفون حالياً على أنهم “لا يمكن تعقبهم” – بتأجيل الجلسة، بحجة أن المتهمين لم يكونوا في وضع يسمح لهم بمعرفة التهم الموجهة إليهم، لكن قاضي التحقيق باليستريري اعتبر الطلب غير مقبول. وأوضح القاضي أن “التغطية الإعلامية الواسعة حولت أنباء المحاكمة التي تم تأجيلها من قبل إلى حقيقة معروفة”، حيث يعتبر التغيب عن الجلسة “غياباً طوعياً عن المحاكمة”. وبالنظر إلى المحاكمة، فإن “التحدي الجديد” الآن، كما قال المدعي كولايوكو، سيكون “حمْل” الشهود على القدوم إلى إيطاليا لإبلاغ المحكمة بما قيل خلال التحقيق. وقد تم تسجيل الإفادات في أثناء الإجراءات، لكن حقيقة أنه يمكن التأكيد عليها (وتعميقها) في قاعة المحكمة ستمنحها القوة الحاسمة في القضية. وقال القاضي إن الأمر “ليس واضحا”، في إشارة إلى العلاقات مع المدعي العام المصري، والتي تدهورت بعد اتهامات القاهرة لروما بـ “إخفاء أدلة مفيدة للتحقيقات المصرية”.

4 – لاريبوبليكا (26 مايو 2021):

نشرت صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية بتاريخ 26 مايو 2021 مقالا للصحفي جوليانو فوشيني تحت عنوان: “بداية الحقيقة: محاكمة 4 ضباط أمن مصريين في وفاة ريجيني”، وجاء على النحو التالي:

بداية الحقيقة: محاكمة 4 ضباط أمن مصريين في وفاة ريجيني

والدا جوليو ريجيني يشعران بالرضا عن توجيه الاتهام إلى ضباط الأمن الأربعة في القاهرة .. “إنها بداية الطريق للوصول إلى الحقيقة”.

 وصل باولا وكلاوديو ريجيني، ومحاميهما أليساندرا باليريني، إلى نقطة محددة في القضية؛ وربما قبل 64 شهراً، كانت إمكانية الوصول إلى هذه النقطة ضرباً من ضروب الخيال. هناك أربعة أشخاص، أربعة أسماء وأربعة ألقاب لعملاء جهاز الأمن الوطني المصري، متهمين بخطف وتعذيب وقتل جوليو ريجيني، الباحث الإيطالي في جامعة كامبريدج. ولهذا، كما كان منطوق قرار المحكمة أمس… ستتم محاكمتهم من قبل محكمة إيطالية.

جاء هذا رغم “محاولات التضليل التي قامت بها الحكومة المصرية؛ وهذا على الرغم من حقيقة أن القاهرة لم تتعاون أبداً في التحقيقات، لكنها نجحت بالفعل في السعي لـ “طمس” الحقيقة حتى النهاية: لم يتم حتى إخطار المتهمين بجلسة أمس لأن مصر لم تنقل لا العناوين ولا البيانات التفصيلية الخاصة بهم. “لكن المتهمين – حسبما رأى القاضي – يجب اعتبارهم، بيقين مطلق، أنهم على دراية بانعقاد الجلسة المؤجلة” بالنظر إلى التغطية الإعلامية غير العادية للإجراءات.

واستقر ضمير المحكمة إلى أدلة الاتهام المقدمة من نائب المدعي العام سيرجيو كولايوكو بإدانة الضباط المصريين الأربعة: اللواء صابر طارق والعقيد حسام حلمي والعقيد آسر كامل محمد إبراهيم ومجدي إبراهيم عبد الشريف. ويتهم الأربعة المنتمون للأجهزة الأمنية المصرية باختطاف وتعذيب وقتل الباحث الإيطالي

“جوليو ريجيني الذي وصل إلى مصر في 9 سبتمبر 2015 ليقوم بتكليف من جامعة كامبريدج بإعداد الجزء الثاني من الدكتوراه – وذلك حسب منطوق الحكم – ولكنه “تمت مراقبته من قبل أجهزة الأمن المصرية منذ ديسمبر 2015، وكان ذلك عندما كان النقابي العمالي المصري محمد عبد الله – الذي أجرى معه طالب الدكتوراه العديد من الحوارات حتى يتمكن من مساعدته في البحث الذي يشمل ​​النقابات العمالية المستقلة – وبدلاً من ذلك، كان هو نفسه الذي أبلغ الأجهزة الأمنية عنه”. حيث اتهمه عبد الله بأنه “جاسوس”، وهو ما أثبتت التحقيقات عدم صحة ذلك حيث إن جوليو لم يكن كذلك على الإطلاق. “في مساء يوم 25 يناير كانت هي المرة الأولى التي يُختطف فيها جوليو بالقرب من محطة مترو الأنفاق بالدقي. ثم اقتيد بعد ذلك إلى قسم شرطة الدقي، ومن هناك نُقل بعد ذلك إلى ثكنة الأمن الوطني بلاظوغلي، حيث تعرض هناك للتعذيب. حسب وشهادات عديدة تؤكد ذلك”.

كانت تصريحات الشهود الذين رأوا جوليو ريجيني “مكبل اليدين، معصوب العينين، منهكة من التعذيب” في مكاتب الأمن الوطني حاسمة. الآن سيتعين عليهم تكرار نفس الشهادات في قاعة المحكمة: يمكنهم الوصول إلى أنظمة حماية شهود العدالة، وقد فعل أحدهم ذلك بالفعل. تم تحديد موعد بدء المحاكمة للمتهمين في 14 أكتوبر 2021. وعلق رئيس مجلس النواب، روبرتو فيكو على ذلك قائلاً: “أي شخص اعتقد أن إيطاليا ستستسلم كان مخطئاً بشكل فادح”. وقال إنريكو ليتا، الأمين العام للحزب الديموقراطي الإيطالي: “إنها خطوة نحو الحقيقة”.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close