fbpx
الشرق الأوسطترجمات

تقارير متابعة قضية ريجيني في الإعلام الإيطالي 4

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

أعلن ممثلو الادعاء العام في إيطاليا الخميس الموافق 10 ديسمبر إنهاء تحقيقاتهم في قضية اختفاء ومقتل الطالب جوليو ريجيني في القاهرة عام 2016. وسمّى ممثلو الادعاء الإيطاليون أربعة من عناصر الأمن المصري كمتهمين مشتبه بهم، وفقاً لما أعلنته وكالة رويترز للأنباء. وفي بيان صدر من مكتب المدعي العام في روما الخميس، قال ممثلو الادعاء الإيطالي إن المصريين الأربعة مشتبه بهم في الضلوع بدور في عملية “اختطاف في ظروف مشددة” لريجيني، وأن أحد هؤلاء الأربعة -وهو رُتبة في الأمن الوطني المصري- قد يواجه أيضا اتهامات بـ”التآمر لارتكاب عملية قتل في ظروف مشددة”. وأمهل ممثلو الادعاء المتهمين الأربعة 20 يوماً لتقديم إفادات أو طلب الاستماع إليهم في القضية. على أنْ يقرر المحققون بعد انقضاء هذه المهلة ما إذا كانوا سيطالبون بمحاكمة المتهمين من عدمه.

وما أن صدر هذا البيان من مكتب المدعي العام الإيطالي حتى سارعت كبريات الصحف الإيطالية وأكثرها انتشاراً في نشر تقارير لا تخلو من تسريبات جديدة حول خطف وتعذيب وقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني بمصر على يد ضباط في جهاز الأمن الوطني المصري والذين قام الادعاء العام في روما باتهام أربعة منهم رسمياً بارتكاب الجريمة، وهم: اللواء صابر طارق؛ والعقيد آسر كامل محمد إبراهيم؛ والعقيد حسام حلمي؛ والرائد إبراهيم مجدي شريف. وبالإضافة إلى ذلك، تم تسريب فيديوهات تكشف عن مراقبة العقيد آسر كامل لريجيني عن طريق أحد المخبرين الذي أظهر الفيديو مكالمة أجراها المدعو محمد عبدالله، وهو أحد الباعة الجائلين كان العقيد آسر كامل قد كلفه بمراقبة الباحث الإيطالي جوليو ريجيني.

وكنا قد نشرنا الجزء الأول: “تقارير متابعة: قضية ريجيني في الإعلام الإيطالي (1)” بتاريخ 15 ديسمبر، والجزء الثاني: “تقارير متابعة: قضية ريجيني في الإعلام الإيطالي (2)” بتاريخ 16 ديسمبر، والجزء الثالث: “تقارير متابعة: قضية ريجيني في الإعلام الإيطالي (3)” بتاريخ 17 ديسمبر؛ من هذه التقارير والمقالات التي قام المعهد المصري بترجمتها من الصحافة الإيطالية. وفيما يلي الجزء الرابع منها:

ملخص:

يتضمن هذا المحتوى مقدمة هامة تتناول التطورات الجديدة في قضية ريجيني، ثم أربعة تقارير؛ تقريران منهما من الصحافة الإيطالية، ثم تقرير من موقع البرلمان الأوروبي عن مشروع قرار للبرلمان ضد انتهاكات مصر لحقوق الإنسان، وما يتعلق منها بقضية ريجيني، ثم التقرير الأخير من صحيفة الاستقلال عن شركة “هاكنغ تيم” الإيطالية. التقرير الأول جاء من صحيفة لاريبوبليكا بتاريخ 16 ديسمبر ويتناول تطور جديد في قضية ريجيني من خلال تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الإيطالي دي مايو بعد اجتماع عُقد في مقر رئاسة الوزراء، بناء على طلب من دي مايو وحضره رئيس الوزراء جوزيبي كونتي ووزيرة الداخلية لوسيانا لامورجيزي ووزير الدفاع لورينزو جويريني. والتقرير الثاني نشرته صحيفة كوريرا ديلا سيرا بتاريخ 16 ديسمبر تحت عنوان: “قضية ريجيني، الحكومة تتفاعل”، ويتناول أيضاً تحركات وزير الخارجية الأخيرة في قضية ريجيني. والتقرير الثالث نشره موقع البرلمان الأوروبي على الشبكة العنكبوتية بتاريخ 16 ديسمبر يتضمن مشروع قرار بخصوص مصر – وذلك فيما يتعلق بتدهور مستوى حقوق الإنسان في البلاد، وخاصة ما يتعلق منها بقضية ريجيني، وقضايا أخرى. وأما التقرير الرابع والأخير فقد جاء من صحيفة الاستقلال بتاريخ 03 ديسمبر، وهو تقرير مجمع من العديد من الصحف الإيطالية قام بإعداده الصحفي أحمد يحي، وجاء تحت عنوان: “كيف عرفت إيطاليا أسماء قاتلي ريجيني بمصر؟”، حيث قال فيه يحي إن الجانب الإيطالي كان على علم اليقين بأن الباحث جوليو ريجيني راح ضحية عنف السلطة المصرية بعد مراقبة وتتبع، ثم اختطاف وتعذيب فقتل، بفضل برامج تجسس إيطالية عالية الدقة كان النظام المصري قد اشتراها عقب ثورة 25 يناير 2011، للتجسس على المعارضين، ولكنها كانت الفخ الذي وقع فيه النظام المصري بعد ذلك وفضح جريمته النكراء.

مقدمة:

بناء على اقتراح من وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، فإن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الإيطالية ستطلق المبادرات اللازمة من أجل إشراك الاتحاد الأوروبي في التحرك لحل قضية الباحث الإيطالي جوليو ريجيني الذي قُتل عام 2016 في مصر. وقد عُقد صباح الأربعاء 16 ديسمبر لقاء في شيغي بالاس، مقر رئاسة الوزراء، بناء على طلب من دي مايو. وحضر الاجتماع رئيس الوزراء جوزيبي كونتي ووزيرة الداخلية لوسيانا لامورجيزي ووزير الدفاع لورينزو جويريني؛ حيث وصف دي مايو الصورة التي نقلها القضاة الإيطاليون عما تعرض له الباحث الإيطالي جوليو ريجيني بأنها “تقشعر لها الأبدان”، وطلب أن تتحرك الحكومة بشكل موحد من أجل تفعيل جميع القنوات الدولية الممكنة لحل هذه القضية. فما الذي تغير خلال الأيام القليلة الماضية -تحديداً منذ التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء الإيطالي في المؤتمر الصحفي الذي عُقد في ختام أعمال المجلس الأوروبي في بروكسيل في الحادي عشر من ديسمبر 2020 الذي لم يجد صدى حينها من الخارجية الإيطالية والحكومة برمتها- وأدى إلى هذا التحرك من دي مايو والحكومة الإيطالية بشكل عام؟

لقد بدأ وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو بالفعل يدلي بدلوه في تطورات قضية ريجيني بعد فترة من الصمت. حيث أعلن أنه ستتخذ خطوات لاعتبار هذه القضية قضية أوروبية بامتياز، وحث الاتحاد الأوروبي على ممارسة الضغوط اللازمة على الحكومة المصرية لدفعها للتجاوب مع متطلبات القضاة بخصوص محاكمة أربعة من ضباط الأمن الوطني المصري متهمين بخطف وتعذيب وقتل الباحث الإيطالي.

يأتي ذلك التطور بعد أن ظل دي مايو صامتاً لأيام في أعقاب بيان مكتب المدعي العام في روما في العاشر من ديسمبر وتصريح رئيس الوزراء الذي تبعه بيوم واحد -على الرغم من أن رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي كان قد تحدث عما يقوم به القضاء الإيطالي ولم يذكر شيئاً عما ستفعله حكومته مع مصر بخصوص هذه القضية- وهو ما دفع بعض المحللين إلى التساؤل لماذا لا يُصدر وزير الخارجية لويجي دي مايو -الذي ينتمي إلى نفس الحزب الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء وهو حركة النجوم الخمس- أو وزارة الخارجية كمؤسسة أي تصريح بخصوص هذه القضية المهمة.

والآن نجد لويجي ينشط ويشارك في الحوار ويطلب الدعم من الاتحاد الأوروبي لممارسة الضغط على الحكومة المصرية حتى تضطر مصر بطريقة ما إلى التجاوب مع طلبات الادعاء الإيطالي بدءاً من تسليم عناوين ضباط الأمن الوطني الأربعة إلى روما ليتسنى إرسال إخطارات رسمية إليهم بخصوص المحاكمة. والمعروف أن دي مايو ليست لديه خبرة كبيرة عن الشؤون الخارجية الإيطالية، فهو في رأي بعض المحللين مجرد موظف تنفيذي للسياسة التي تتبناها وزارة الخارجية والتي يصوغها الخبراء من الدبلوماسيين الإيطاليين الذين هم صناع السياسة الخارجية الحقيقيون في البلاد، وهو ما يدفع البعض إلى الاعتقاد بأن هناك من يريد تحريك قضية ريجيني على نحو ما هذه الأيام.

ويرى بعض المراقبين أن الحكومة الإيطالية قد تبدو بالفعل أكثر نشاطاً هذه الآونة أو أنها تحاول فقط كسب شعبية كبيرة من خلال قضية ريجيني، ولكن الوقت مبكر جداً في الحقيقة للحكم على هذه الأمور، فعلينا الانتظار أياماً وربما أسابيع حتى ينجلي كل شيء.

وعلى العكس من ذلك، يرى آخرون أن تَوجُّه الحكومة صوب الاتحاد الأوروبي هو محاولة منها لاستخدام قضية ريجيني كورقة رابحة في التفاوض بشأن الأموال التي من المنتظر أن تحصل عليها كدعم من الاتحاد في إطار أزمة كوفيد-19، وليس من قبيل اهتمامها المفاجئ بحقوق الإنسان. وقد يبدو هذا الطرح من وضع الحكومة الإيطالية قضية ريجيني على أجندة الاتحاد الأوروبي واستخدامها كورقة ضغط في المفاوضات مع الاتحاد بخصوص قدر الدعم الذي يمكن أن تتلقاه روما لمواجهة آثار فيروس كورونا منطقياً إلى حد ما، خصوصاً أن كثيرا من الخبراء يؤكدون أن هذه هي بالفعل الاستراتيجية الجديدة التي بدأت تتبناها حكومة كونتي بهدف الحصول على أقصى استفادة من أموال الاتحاد الأوروبي وفي نفس الوقت الاستفادة من الضغوط التي يمكن أن يمارسها الاتحاد لتحقيق نتائج ملموسة في مفاوضات روما مع القاهرة لتجنب مزيد من الخسارة في هذا الملف الحساس.

المقالات المنشورة في الصحافة الإيطالية:

1- صحيفة لاريبوبليكا: نشرت صحيفة لاريبوبليكا بتاريخ 16 ديسمبر 2020 تقريراً صحفياً بعنوان: “تشيغي بالاس[1]، دي مايو: إشراك الاتحاد الأوروبي.. لا خطوة للوراء في مجال حقوق الإنسان”. وقد جاء تقرير لاريبوبليكا على النحو التالي: 

قمة تشيغي بالاس.. وزير الخارجية الإيطالي يقول إن الصورة التي وصف من خلالها القضاة الإيطاليون ما حدث لريجيني “تقشعر لها الأبدان” وطالب بتوجه موحَّد للحكومة في تفعيل جميع القنوات الدولية الممكنة لحل هذه القضية.

وبناء على اقتراح من وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، فإن بالاتسو ديلا فارنيسينا، أو وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الإيطالية، أو ما يُطلق عليها اختصاراً “فارنيسينا”، ستطلق المبادرات اللازمة في غضون ساعات من أجل إحاطة الاتحاد الأوروبي علماً بقضية ريجيني. وقد عُقد صباح اليوم لقاء في شيغي بالاس، مقر رئاسة الوزراء، بناء على طلب من دي مايو. وحضر الاجتماع رئيس الوزراء جوزيبي كونتي ووزيرة الداخلية لوسيانا لامورجيزي ووزير الدفاع لورينزو جويريني. حيث وصف دي مايو الصورة التي أبرزها القضاة الإيطاليون عما تعرض له الباحث الإيطالي جوليو ريجيني بأنها “تقشعر لها الأبدان”، وطلب أن تتحد الحكومة في تفعيل جميع القنوات الدولية الممكنة لحل هذه القضية. ولذلك، فقد اقترح دي مايو أيضاً إشراك الاتحاد الأوروبي بشكل مباشر للضغط على مصر لإبلاغ مكتب المدعي العام في روما بمحل إقامة المشتبه بهم، حتى يتسنى إرسال الإخطارات القانونية اللازمة بخصوص القضية.

هكذا قتل العملاء المصريون ريجيني

وقال وزير الخارجية: “إن إيطاليا بلد مؤسس للاتحاد الأوروبي، وفي ما يتعلق بقضية حقوق الإنسان، لا مجال للرجوع أي خطوة للوراء. ومن المناسب أن يعبر شركاؤنا الأوروبيون عن أنفسهم بوضوح بشأن هذه القضية من خلال الإجراءات المستهدفة”. جاء ذلك خلال الاجتماع الذي عُقد في تشيغي بالاس والذي تم بدعوة من دي مايو وحضره رئيس الوزراء جوزيبي كونتي ووزيرة الداخلية لوسيانا لامورجيزي ووزير الدفاع لورينزو جويريني.

كما تحدث رئيس البرلمان الإيطالي روبرتو فيكو عن مقتل جوليو ريجيني خلال تبادل التهاني المعتادة مع الصحافة البرلمانية في مونتيكيتوريو، قائلاً: بعد ما ظهر من تحقيقات السلطة القضائية في القضية “يجب أن تعبر بلادنا عن غضبها بشكل أكبرً” ويجب أن “نتأمل فيما يحدث فيما وراء البحر المتوسط”، ولكن علينا أيضاً أن نفكر في “نوع الإجراء الحقيقي الذي يمكن لبلادنا اتخاذه فيما يخص حقوق الإنسان”. وحول حقوق الإنسان، قال فيكو: “لقد توجهت إلى أوروبا. فالعمل شديد الدقة من أجل الحوار والدبلوماسية طويل ومرهق”، لكنه من الضروري “التحرك مع أوروبا بأكملها من حيث مراعاة حقوق الإنسان بهدف تحقيق نتائج مهمة واستعادة حقوق بلادنا”. وأضاف فيكو “في الواقع، يمكننا، وفي رأيي، أنه يجب علينا، اتخاذ وتنفيذ قرارات صارمة ضد مصر، لكن بعد ذلك، ستتحرك دول أخرى لمحاولة الاستفادة من الموقف بغرض التفوق علينا في هذا المنعطف. وهذا هو السبب في أن الحوار ضروري لتحقيق اختراق في قضية حقوق الإنسان”.

2- صحيفة كوريرا ديلا سيرا: نشرت صحيفة كوريرا ديلا سيرا بتاريخ 16 ديسمبر 2020 تقريراً إخبارياً تحت عنوان: “قضية ريجيني، الحكومة تتفاعل”، والذي جاء فيه: 

حالة ريجيني، الحكومة تتفاعل

دي مايو يدعو الاتحاد الأوروبي: “لا خطوة إلى الوراء بشأن حقوق الإنسان”

قضية ريجيني أصبحت في بؤرة الأحداث السياسية على المستوى الدولي. تجتمع الحكومة أولاً، ثم تُسمع صوتها للاتحاد الأوروبي. وبحسب صحيفة كوريرا ديلا سيرا، انعقدت قمة صباح الأربعاء في شيغي بالاس، مقر الحكومة، بناءً على طلب من وزير الخارجية لويجي دي مايو، لتحديد كيفية التصرف تجاه مصر فيما يتعلق بقضية ريجيني. وبالإضافة إلى وزير الخارجية، شارك في الاجتماع رئيس الوزراء جوزيبي كونتي والوزيران لوسيانا لامورجيس و لورنزو جويريني. وبحسب التسريبات، فإن دي مايو يعتبر الصورة التي رسمها القضاء الإيطالي لمقتل ريجيني كانت “مروعة”، وذلك في ضوء ما ظهر بعد إغلاق التحقيقات في القضية من قبل مكتب المدعي العام في روما.

ومن هنا تأتي الحاجة إلى خطوة “تتحد فيها الحكومة من أجل تفعيل جميع القنوات الدولية”. وعلى ما يبدو، فقد اقترح دي مايو إشراك الاتحاد الأوروبي بشكل مباشر في القضية: وذلك من أجل ممارسة ضغط مشترك على مصر في المقام الأول من أجل تحديد محل إقامة المشتبه بهم المطلوبين من قبل مكتب المدعي العام في روما. “إيطاليا بلد مؤسس للاتحاد الأوروبي وفي ما يتعلق بقضية حقوق الإنسان لا يجوز التراجع خطوة واحدة إلى الوراء.” وقال دي مايو إنه من المناسب أن يعبر شركاؤنا الأوروبيون عن أنفسهم بوضوح بشأن هذه القضية من خلال الإجراءات المستهدفة”. وقد حصل رئيس فارنيسينا (وزارة الشؤون الخارجية) على موافقة زملائه في الحكومة، وفي غضون الساعات القليلة المقبلة من المتوقع أن يتخذ وزير الخارجية الإيطالي “المبادرات اللازمة” لإحاطة الاتحاد الأوروبي علماً بتفاصيل وتطورات قضية الباحث الإيطالي الذي قُتل في القاهرة.

تقرير البرلمان الأوروبي

3- نشر موقع البرلمان الأوروبي على الإنترنت بتاريخ 16 ديسمبر 2020 مشروع قرار بخصوص مصر – وذلك فيما يتعلق بتدهور مستوى حقوق الإنسان في البلاد، وخاصة ما يتعلق منها بقضية ريجيني، وقضايا أخرى. وبخصوص قضية ريجيني، قال مشروع قرار البرلمان الأوروبي:

وحيث إنه في يوم العاشر من ديسمبر 2020، وبعد تحقيق قضائي دام أربع سنوات، أعلن المدعون الإيطاليون في روما أن لديهم دليلاً لا لبس فيه على تورط أربعة من ضباط أمن الدولة المصريين في اختطاف وإصابة وقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني بشكل شديد الخطورة؛ في الوقت الذي يواصل فيه محامو المفوضية المصرية للحقوق والحريات (ECRF) تقديم دعمهم لفريق ريجيني القانوني في إيطاليا، باعتبارهم الممثلين القانونيون لهم في مصر؛ في حين تعرقل السلطات المصرية باستمرار سير التحقيق وكشف الحقيقة بشأن خطف وتعذيب وقتل جوليو ريجيني وكذلك وفاة مدرس اللغة الفرنسية إريك لانج، الذي كان قد اعتقل في القاهرة عام 2013، والحيلولة دون إمكانية محاسبة المسؤولين عن ذلك.

فإن البرلمان الأوروبي يستنكر محاولة السلطات المصرية تضليل وتعطيل سير التحقيق في اختطاف وتعذيب وقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني في عام 2016؛

ويأسف الاتحاد الأوروبي لرفض السلطات المصرية المستمر تزويد السلطات الإيطالية بجميع الوثائق والمعلومات اللازمة لتمكينها من الوصول إلى تحقيق سريع وشفاف وحيادي في مقتل السيد ريجيني وفقاً لالتزامات مصر الدولية؛

ويدعو البرلمان الأوروبي الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء إلى حث السلطات المصرية على التعاون الكامل مع السلطات القضائية الإيطالية، ووضع حد لرفضها إرسال عناوين ومحل إقامة للمشتبه بهم الأربعة الذين حددهم الادعاء الإيطالي في روما عند إغلاق التحقيق، وفقاً لما يقتضيه القانون الإيطالي، من أجل إتاحة الفرصة لتوجيه اتهامات رسمية لهم في إطار محاكمة عادلة في إيطاليا؛

ويحذر البرلمان الأوروبي السلطات المصرية من الانتقام من الشهود أو من المفوضية المصرية للحقوق والحريات والمحامين التابعين لها.

تقرير هاكينغ تيم وكشف قاتلي ريجيني

وأخيراً، نشرت صحيفة الاستقلال بتاريخ 03 ديسمبر 2020 تقريراً صحفياً بعنوان: “كيف عرفت إيطاليا أسماء قاتلي ريجيني بمصر؟” والذي قام على إعداده: قام بإعداده الصحفي أحمد يحي، وجاء على النحو التالي:

“هاكينغ تيم” كشفت السر.. كيف عرفت إيطاليا أسماء قاتلي ريجيني بمصر؟

الجانب الإيطالي كان على علم اليقين بأن الباحث جوليو ريجيني راح ضحية عنف السلطة المصرية بعد مراقبة وتتبع، ثم اختطاف وتعذيب فقتل.

اليقين الإيطالي لم يكن ظنيا، بل استند إلى معلومات مؤكدة بأسماء ورتب كبار الضباط المشاركين في عملية القتل، وبقي السؤال الذي يطرح نفسه، كيف عرفت الحكومة الإيطالية بأسماء هؤلاء الضباط وطبيعة عملهم؟ ومن أين لهم الجزم بتلك الرواية وعدم تصديق جميع أطروحات الجانب المصري؟

ربما بدأ ذلك اللغز يتكشف مع الحديث عن برامج تجسس إيطالية عالية الدقة استعان بها النظام المصري عقب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، للتجسس على المعارضين، وهذه البرامج الصادرة عن شركة “هاكينج تيم” الإيطالية، كانت الفخ الذي أسقط النظام المصري بعد ذلك، وفضح جريمته النكراء بحسب وسائل إعلام عالمية.

لغز الجريمة

الباحث الإيطالي جوليو ريجيني الذي قتل بمصر في ظروف غامضة يوم 25 يناير/ كانون الثاني 2016، وعثر على جثته صباح يوم 3 فبراير/ شباط 2016، مسجّاة في صحراء مدينة 6 أكتوبر غربي القاهرة، لا يزال لغزا محيرا، وقضية تأبى أن تموت بموت صاحبها، ووصمة عار تطارد نظام الجنرال الانقلابي عبد الفتاح السيسي.

في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، أعلنت “نيابة الجمهورية بروما” نيتها إنهاء التحقيقات في واقعة مقتل ريجيني، بالاشتباه في 5 أفراد ينتمون لأجهزة أمنية مصرية، وعرض هذا الاشتباه وفق الإجراءات القضائية الإيطالية على قاضي التحقيقات الأولية في روما لتقييمه واتخاذ الإجراءات القضائية بشأنه.

النيابة العامة المصرية أعلنت تحفظها على حديث روما، قائلة: إنها “رغم إحاطتها بالإجراءات القانونية الإيطالية وتقديرها، فإنها تتحفظ تماما على هذا الاشتباه ولا تؤيده، إذ ترى أنه لا يستند إلى أدلة ثابتة، وأن تشكيلا عصابيا يقف وراء مقتل ريجيني”.

المثير في ملف تلك القضية أن معلومات الجانب الإيطالي كانت دقيقة ومحددة، وراصدة لأسماء ورتب الضباط المصريين المتهمين، وهم اللواء طارق صابر، والعقيد آسر كمال، والعقيد هشام حلمي، والمقدم مجدي عبد العال شريف، وأمين الشرطة محمود نجم.

نيابة روما ذكرت أن اللواء طارق صابر، أثناء الواقعة كان يعمل مديرا لقطاع في جهاز الأمن الوطني، وهو الذي أصدر تعليماته بمتابعة ريجيني بناء على تقرير رفع إليه من أحد مساعديه عن أنشطته البحثية وتواصله مع نقيب الباعة الجائلين، بمناسبة بحثه عن النقابات المستقلة في مصر.

حديث نيابة روما عضدته صحيفة ”إيل بوست” الإيطالية في تقرير لها أكدت خلاله أن التحقيقات التي أجرتها السلطات المصرية أسفرت عما وصفه مكتب المدعي العام الإيطالي بأنها “سلسلة طويلة من محاولات التضليل، في البداية، زعم مكتب المدعي العام المصري أن ريجيني توفي في حادث سيارة، لكن تشريح الجثة في إيطاليا كذب ذلك، وأكد أن سبب الوفاة كان نتيجة تلقيه ضربة على الرقبة، بعد تعرضه للتعذيب الشديد”.

كما تحدثت الصحيفة الإيطالية عن “تعرض المحققين الإيطاليين الذين وصلوا إلى مصر للعراقيل بكل الطرق، ولم يسمح لهم باستجواب الشهود إلا بحضور الشرطة المصرية ولبضع دقائق، كما طلبت النيابة المصرية بعد فوات الأوان تسجيلات الكاميرات التي كانت قرب مكان الاختفاء بعد أن حذفت منها مقاطع الفيديو الخاصة بتلك الليلة”.

واستنكرت الصحيفة الإيطالية “نشر وزير الداخلية المصري (اللواء مجدي عبد الغفار) عبر صفحته على موقع فيسبوك، خبرا مفاده أنه تم الكشف عن ملابسات جريمة مقتل الطالب الإيطالي وأن الجناة 4 أعضاء في عصابة إجرامية”.

لكن صحيفة “إيل بوست” قالت: “لقد اتضح فيما بعد أن زعيم العصابة الإجرامية كان في وقت اختفاء ريجيني، على بعد أكثر من 100 كيلومتر من مكان الاختطاف”.

تلك التفاصيل والمعلومات المؤكدة احتاجت إلى تفسير عن مدى قوة حجة النيابة الإيطالية، وحكومة روما، وظل ذلك إلى أن ظهر التفسير الأقرب مع حديث عن أن شركة “هاكينج تيم” الإيطالية المتخصصة في برامج التجسس، كانت سببا مباشرا في كشف خيوط تلك الجريمة بشكل أو بآخر.

هاكينغ تيم

هذه الشركة التي تعاملت معها الحكومة المصرية بعد ثورة 25 يناير، صنفتها منظمة “مراسلون بلا حدود” أنها “أشد أعدائنا على الإنترنت”، ووصمتهم بـ “المرتزقة الرقميين”، وهي شركة إيطالية مقرها مدينة “ميلانو” تأسست عام 2003، بغرض تقنية وبيع إمكانات المراقبة والاختراق الهجومي للحكومات والأنظمة ووكالات إنفاذ القانون والشركات الكبرى.

كما تعمل “هاكينج تيم” على تصميم برامج ذكية توفرها لدوائر الاستخبارات حول العالم وقطاعات الأمن بالدول، ومن أشهر النظم التي طورتها الشركة نظام Remote Control System، ويعرف بنظام التحكم عن بعد، ويصدر عنه إصداران معروفان، الأول يعرف باسم “دافينشي” والثاني باسم “جاليليو”.

أما “دافينشي” هو أخطر تلك الإصدارات، إذ يمكن المستخدم من الدخول إلى الرسائل النصية القصيرة ورسائل البريد الإلكتروني لأي مستهدف تريد الحكومات التجسس عليه، ولديه القدرة على اختراق حتى تلك المشفرة عبر PGP وسكايب وغيرها من الاتصالات الصوتية عبر الإنترنت، ويمكن أيضا تشغيل الميكروفونات والكاميرات عن بعد.

وفي 10 فبراير/ شباط 2016، نشرت صحيفة “كورييرا ديلا سيرا” الإيطالية تقريرا حول تورط وزارة الدفاع المصرية في شراء برمجيات للتجسس من شركة إيطالية سيئة السمعة، من أجل مراقبة المعارضين واختراق مراسلاتهم، وعززت إلى أن يكون الطالب الإيطالي جوليو ريجيني الذي تعرض للاختطاف والتعذيب، أحد ضحايا هذه الممارسات.

وقالت الصحيفة: “الحكومة المصرية كانت أحد عملاء الشركة الإيطالية (هاكينغ تيم)، التي تبيع تقنيات الاختراق والتجسس على الحواسيب، والتي تعرضت لفضيحة كبرى لأنها تبيع هذه البرمجيات لأنظمة دكتاتورية”.

وشددت الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان ورابطة حقوق الإنسان الفرنسية، على أن “المخاوف سببها طريقة استخدام الحكومة المصرية لهذه الأجهزة وأهدافها المفترضة، فمنذ وصول الجنرال السيسي إلى السلطة، ومصر متهمة من قبل جمعيات حقوقية على غرار منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش، بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان”.

فخ السحر

لم يكن يعلم المجلس العسكري المصري، الذي حكم مصر إبان ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، أنه عندما يتعاقد مع شركة “هاكينج تيم” في نفس عام الثورة 2011، للتجسس على المعارضين، أنه ينصب فخا بعد سنوات لحكومته ولنظام عبد الفتاح السيسي.

بعد اشتعال قضية مقتل ريجيني على يد أجهزة الأمن المصرية بعد تعرضه لتعذيب شديد، تم تداول معلومات تشير أن برامج التجسس الإيطالية التي تعاقد عليها المجلس العسكري، هي من كشفت جريمة النظام وكبار قادة الأجهزة الأمنية المتورطين فيها.

وفي أبريل/ نيسان 2016، قيدت إيطاليا صفقات التصدير التي تجريها “هاكينج تيم”، بالحصول على إذن خاص من حكومة روما، لكل عقد تصدير على حدة، إلى جانب تقديم العقود النهائية المبرمة مع الشركات والحكومات قبل الحصول على إذن التصدير.

وأوضحت صحيفة “إل فاتو كواتيدانو” الإيطالية أن سبب الموقف السياسي يعود إلى تصدير الشركة لبرامج التجسس إلى دول تستخدم تلك البرمجيات في مطاردة وقمع الأفراد من بينها مصر، التي تتهمها روما بعدم التعاون في الكشف عن لغز تعذيب ومقتل ريجيني.

وفي 5 يوليو/ تموز 2015، كشف اختراق “ويكيليكس” للبريد الإلكتروني لـ “هاكينج تيم” عن الكثير من التعاقدات والاتفاقيات المبرمة بين الشركة والعديد من حكومات العالم لشراء برمجيات التجسس.

ووصل حجم الوثائق المسربة قرابة 400 جيجا، وكشفت عن تفاصيل عقودها لبيع برمجيات التجسس على الأفراد في 24 دولة منها مصر، في صفقات لشراء برامج “جاليليو” القادرة على التجسس على الهواتف الذكية وأجهزة الحاسب الآلي.

تلك البرامج ذات قدرات فائقة، خاصة برنامج “RCS” الذي تسبب في تتبع المعارضين، وهو ما شكل تهديدا مباشرا على حياتهم، وهي أيضا من كشفت تورط الضباط الخمسة الذي يصر الجانب الإيطالي على محاسبتهم.

برنامج (RCS)

برنامج (RCS) الإيطالي الذي تستخدمه السلطات المصرية منذ عام 2011 وهو اختصار لـ (Remote Control System)، يعد من أقوى البرامج في الاختراقات وأكثرها خطورة، وتقوم فكرته الأساسية على تجميع وتعديل واستخراج البيانات من أي جهاز يتم استهدافه ببرمجية خبيثة يتم زرعها من خلال الجهاز القائم بالاختراق.

هذا البرنامج لديه قدرة على التعامل مع الحواسيب العاملة بنظام التشغيل ميكروسوفت ويندوز، حيث يستطيع التعامل مع الأجهزة العاملة بنظام مايكروسوفت ويندوز الإصدارات 10 – 8.1 – 8 – 7 – Vista – XP SP3

وبإمكانه التجسس باستخدام الكاميرا، والتجسس على الملفات المخزنة على (CD)، وخدمة التخزين السحابية Google Drive، ورسائل البريد الإلكتروني والدردشة وجهات الاتصال في جيميل وياهو (في المتصفحات كروم وإنترنت إكسبلورر وفايرفوكس).

كما يمكنه التجسس على تويتر، ودردشة وجهات الاتصال والصور والموقع الجغرافي من فيسبوك، وكلمات المرور (في المتصفحات كروم وإنترنت إكسبلورر وفايرفوكس). أيضا لديه القدرة على تحديد الموقع الجغرافي، والتقاط صورة لشاشة الحاسوب، والتجسس على الصور، والبحث في الملفات الموجودة على الحاسوب، والتجسس على الصور الموجودة بالحاسوب.

ولدى برنامج التجسس (RCS) القدرة على التعامل مع الهواتف العاملة بنظام التشغيل ويندوز فون حيث يمكنه التجسس باستخدام مايكروفون الهاتف على كافة جهات الاتصال الموجودة بالهاتف، وقائمة الاتصال، والدردشة (BBM)، والملفات المُخزنة بالهاتف، والرسائل القصيرة (SMS) و (MMS) ورسائل البريد الإلكتروني.

وتشير سجلات شركة “هاكينج تيم” الإيطالية إلى قيام وزارة الدفاع في مصر بالبدء في استخدام برنامج (RCS) منذ 2011. وتتناول السجلات المالية الدفعات المالية المختلفة عبر النطاق الزمني للصفقة، شراء الرخص والتجديد والصيانة منذ 2011 إلى 2017.

وفي عام 2012، بدأ معمل (Citizen Lab) التقني تابع لجامعة “تورنتو” الكندية في مشروع بحثي لرصد استخدام برنامج (RCS) وتحديد الدول التي تقوم باستخدامه، وانتهى البحث، الذي نشر في فبراير/ شباط 2014، إلى تحديد 21 دولة لديها البرنامج وقامت باستخدامه في فترات مختلفة، وتضمنت قائمة الدول: مصر، المغرب، سلطنة عمان، المملكة العربية السعودية، والسودان.


[1] تشيغي بالاس هو قصر ومقر إقامة أحد النبلاء السابقين في روما، وهو الآن يُستخدم كمقر لمجلس الوزراء الإيطالي وكذلك المقر الرسمي لإقامة رئيس الوزراء.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close