fbpx
الشرق الأوسطترجمات

تقارير متابعة قضية ريجيني في الإعلام الإيطالي 6

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

أعلنت النيابة العامة المصرية، الأربعاء، 30 ديسمبر 2020 عدم إقامة دعوى جنائية في قضية مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني بالقاهرة عام 2016، واستبعاد اتهام 5 عناصر أمنية في الواقعة، متهمة بدلا من ذلك، “أطرافا معادية” بأنها تريد الوقيعة بين البلدين. وفي بيان مطول ألقاه النائب العام المصري، المستشار حمادة الصاوي، قال الصاوي إنه “لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في واقعة قتل واحتجاز المجني عليه جوليو ريجيني وتعذيبه بدنيّاً مؤقتاً لعدم معرفة الفاعل، وتكليف جهات البحث بموالاة التحري لتحديده، واستبعاد ما نُسب إلى أربعة ضباط وفرد شرطة “بقطاع الأمن الوطني” في تلك الواقعة من الأوراق.

ورداً على بيان النيابة العامة المصرية، وصف مسؤولون إيطاليون بيان النيابة العامة المصرية بـ “المستفز”، مع التأكيد بأن التحقيقات ستمضي وفق ما يري فرق التحقيق الإيطالي حتي تظهر الحقيقة في تلك القضية ولن تغلق القضية حتي نصل للحقيقة. حيث أكدت وزارة الخارجية الإيطالية رفضها بيان النيابة المصرية، وقالت إنها ستواصل التحرك في المحافل الدولية للكشف عن ملابسات مقتل ريجيني ومعاقبة الجناة، بحسب بيان الخارجية الإيطالية. ومن جهته، وصف رئيس البرلمان الإيطالي روبرتو فيكو بيان النيابة المصرية بـ “المستفز”، مشيراً إلي أن المبررات التي ساقها غير مقبولة ومخزية.

وكان ممثلو الادعاء العام في إيطاليا قد أعلنوا الخميس الموافق 10 ديسمبر إنهاء تحقيقاتهم في قضية اختفاء ومقتل الطالب جوليو ريجيني في القاهرة عام 2016. وسمّى ممثلو الادعاء الإيطاليون أربعة من عناصر الأمن المصري كمتهمين مشتبه بهم، وفقاً لما أعلنته وكالة رويترز للأنباء. وفي بيان صدر من مكتب المدعي العام في روما الخميس، قال ممثلو الادعاء الإيطالي إن المصريين الأربعة مشتبه بهم في الضلوع بدور في عملية “اختطاف في ظروف مشددة” لريجيني، وأن أحد هؤلاء الأربعة -وهو رُتبة في الأمن الوطني المصري- قد يواجه أيضا اتهامات بـ”التآمر لارتكاب عملية قتل في ظروف مشددة”. وأمهل ممثلو الادعاء المتهمين الأربعة 20 يوماً لتقديم إفادات أو طلب الاستماع إليهم في القضية. على أنْ يقرر المحققون بعد انقضاء هذه المهلة ما إذا كانوا سيطالبون بمحاكمة المتهمين من عدمه.

ومنذ صدور بيان مكتب المدعي العام الإيطالي تنشر كبريات الصحف الإيطالية وأكثرها انتشاراً تقارير ومقالات رأي حول خطف وتعذيب وقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني بمصر على يد ضباط في جهاز الأمن الوطني المصري كان الادعاء العام في روما قد اتهم أربعة منهم رسمياً بارتكاب الجريمة، وهم: اللواء صابر طارق؛ والعقيد آسر كامل محمد إبراهيم؛ والعقيد حسام حلمي؛ والرائد إبراهيم مجدي شريف. ثم توالت التقارير والمقالات في الإعلام الإيطالي مجدداً منذ إعلان النائب العام المصري بيانه الأخير عن عدم إقامة دعوى جنائية في قضية مقتل ريجيني بمصر، واستبعاد اتهام 5 عناصر أمنية في الواقعة.

وما أن هدأت إلى حد ما وتيرة تناول الإعلام الإيطالي لقضية ريجيني والتي كانت قد تصاعدت منذ بيان مكتب المدعي العام الإيطالي، حتى أثار بيان النيابة العامة المصرية حول عدم إقامة الدعوى الجنائية في واقعة قتل واحتجاز المجني عليه جوليو ريجيني وتعذيبه واستبعاد اتهام 5 عناصر أمنية في الواقعة، غضب الرأي العام في إيطاليا من جديد، حيث كثف الإعلام الإيطالي تغطيته للقضية من جديد من خلال العديد من المقالات والتقارير الصحفية الغاضبة، والتي نتناول أبرزها في هذا التقرير.

وكنا قد نشرنا من قبل الجزء الأول: “تقارير متابعة: قضية ريجيني في الإعلام الإيطالي (1)” بتاريخ 15 ديسمبر، والجزء الثاني بتاريخ 16 ديسمبر، و الجزء الثالث بتاريخ 17 ديسمبر؛ والجزء الرابع  بتاريخ 18 ديسمبر، والجزء الخامس بتاريخ 22 ديسمبر، حيث قام المعهد المصري بترجمة هذه التقارير/ المقالات من واقع الصحافة الإيطالية. وفيما يلي الجزء السادس منها:

ملخص:

يتضمن هذا المحتوى أربع مقالات / تقارير، جاء المقال الأول من صحيفة كورييري ديلا سيرا الإيطالية بتاريخ 30 ديسمبر للصحفية مارتا سيرافيني بعنوان: “النائب العام المصري ونظرية المؤامرة: جريمة القتل مختلقة لتشويه العلاقات بين مصر وإيطاليا” حيث قامت بتفنيد بيان النائب العم المصري والتأكيد على رفض السلطات الإيطالية للبيان، وخاصة وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي التي اعتبرته “غير مقبول”. وأما المقال الثاني فنشرته صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية للصحفي جوليانو فوشيني وجاء بعنوان: “لا دليل على قتلة ريجيني”: صفعة من مصر على وجه إيطاليا” والذي تناول فيه أيضاً بيان النائب العام المصري، وجاء فيه أن هجوم النائب العام المصري على قضاة روما ينفي أي تعاون محتمل. حيث قام النائب العام المصري بإثارة الشكوك حول نشاط جوليو في القاهرة ووصفه بأنه “كان مشبوهاً”، مما أثار سخط الخارجية الإيطالية. وأما التقرير الثالث فقد جاد من صحيفة إيل فاتو كوتيديانو الإيطالية، حيث أعد التقرير الصحفي فينسينزو بيسبيغليا والذي جاء تحت عنوان: “صفعة جديدة من مصر: “تحقيق بلا دليل”، حيث تناول بيان النائب العام المصري وقال في مستهله إن مصر تغلق باباً آخر في وجه إيطاليا فيما يخص قضية ريجيني. والمقال الرابع نشرته صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية بتاريخ 31 ديسمبر 2020 وكتبه كارلو بونيني بعنوان: “الشهر الأسود للدبلوماسية الإيطالية” والذي تناول الوضع المذل الذي تعيشه إيطاليا بعد بيان النائب العام المصري في 30 ديسمبر، حيث عرّج أيضاً على زيارة رئيس الوزراء الإيطالي لليبيا ولقائه مع خليفة حفتر بخصوص قضية الصيادين الإيطاليين المختطفين، معتبراً أن الحدثين جعلا الشهر الأخير من 2020 شهراً أسوداً في تاريخ إيطاليا.

المقالات المنشورة في الصحافة الإيطالية:

1- صحيفة كورييري ديلا سيرا: نشرت صحيفة كورييري ديلا سيرا الإيطالية بتاريخ 30 ديسمبر مقالاً للصحفية مارتا سيرافيني بعنوان: “النائب العام المصري ونظرية المؤامرة: جريمة القتل مختلقة لتشويه العلاقات بين مصر وإيطاليا”، وجاء فيه:

– النائب العام المصري ونظرية المؤامرة.. جريمة قتل ريجيني مختلَقة لتشويه العلاقات بين مصر وإيطاليا.

– في مذكرة جديدة، يتهم قضاة القاهرة جوليو بالسلوك المشبوه، ويرفضون أدلة روما ضد الضباط الأربعة ويكررون أنهم لا يريدون التعاون مع السلطات الإيطالية.

– وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي: هذا غير مقبول

تحركات مشبوهة ومؤامرات مع عدم وجود نية للتعاون من أجل إثبات حقيقة وفاة جوليو. مرة أخرى، يبدي مكتب النائب العام المصري انحيازه ويدافع عن أربعة من أفراد الأمن الوطني المتهمين من قبل المدّعين في روما بالمسؤولية عن خطف وتعذيب وقتل ريجيني، ومرة ​​أخرى يغلق الباب في وجه إيطاليا. ولكن ليس هذا فقط. ففي إطار الدفع بأن المحاكمة في إيطاليا ستكون غير مناسبة حيث لا يتوفر لها الدافع، يعتمد النائب العام المصري على فرضية مفادها أن هناك “أطرافاً معادية لمصر وإيطاليا تريد استغلال القضية “للإضرار بالعلاقات” بين البلدين. ويضيف مكتب النائب العام المصري أن ذلك الاستنتاج يدعمه المكان الذي تم العثور فيه على الجثة واختيار يوم الاختطاف ويوم اكتشاف الجثة، والتي تمت خلال مهمة اقتصادية لوفد إيطالي في القاهرة. ولكن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الإيطالية تعتبر جميع هذه المواقف غير مقبولة، وتؤكد من جديد تأكيد ثقتها في عمل القضاء الإيطالي وتعلن رغبتها في الاستمرار في جميع الساحات – بما في ذلك الاتحاد الأوروبي – في بذل كل جهد ممكن “حتى إظهار الحقيقة بشأن مقتل جوليو ريجيني في نهاية الأمر”.

في بداية البيان الذي ألقاه الأربعاء 30 ديسمبر، كرر النائب العام المصري حمادة الصاوي ما قاله بالفعل في نهاية نوفمبر الماضي من أنه “لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في واقعة قتل واحتجاز المجني عليه جوليو ريجيني وتعذيبه بدنيا مؤقتا لعدم معرفة الفاعل”. ليس هذا فقط، ولكن يضيف البيان أنه تم “تكليف جهات البحث بموالاة التحري لتحديده، واستبعاد ما نُسب إلى أربعة ضباط وفرد شرطة بقطاع الأمن الوطني في تلك الواقعة من الأوراق”. حيث لم يتم حتى الآن تقديم مقر إقامة المشتبه بهم للمدّعين الإيطاليين، على الرغم من طلب التوكيلات القضائية من النيابة المصرية بهذا الشأن عام 2019. لذلك نستطيع القول إن السلطات المصرية لم تتعاون مع السلطات الإيطالية حتى الآن.

لكن النائب العام المصري يذهب إلى أبعد من ذلك بتقديم شبهات حول سلوك جوليو ريجيني أثناء إقامته في مصر، بينما كان يجري بحثاً عن أطروحته وأن سلوك المجني عليه وتحركاته غير مألوفة وأنها لا تتناسب مع طبيعة دوره كباحث، ولهذا تم وضعه تحت المراقبة من الأمن المصري “دون المساس بحريته أو حياته الخاصة”. وأضافوا بأنه اتضح في النهاية أن سلوكه لا يعتبر ضاراً بالأمن العام وبالتالي توقفت الرقابة.

“كان سلوك المجني عليه غير المتناسب مع البحث الذي كان يجريه سببا كافيا يوجب على الأجهزة الأمنية ممارسة عملها وواجبها القانوني لمتابعته بإجراءات تحريات إدارية لا تقيد حريته أو تنتهك حرمة حياته الخاصة وقوفا على طبيعة نشاطه بعدما وضع نفسه موضع اتهام، وقد أكدت التحقيقات أنه بالرغم من هذا السلوك المستغرب فقد انتهى التحري عنه إلى أن أفعاله لا تشكل جرائم تمس الأمن العام؛ ولذلك توقف التحري عنه عند هذا الحد، ولم تتخذ أية إجراءات قانونية قِبله،” حسبما جاء في البيان.

ونقطة أخرى هي محاولة إحياء رواية اللصوص، وهي أن عصابة من خمسة مجرمين قتلوا في ظروف مريبة في مارس 2016 هم الذين قاموا باختطاف وقتل ريجيني في ظروف مريبة، وبعد تدخل قوات الأمن المصرية زعمت السلطات العثور على الوثائق والمتعلقات الشخصية للباحث الإيطالي في منزل أحد القتلى. حيث من المفترض أن تكون المخابرات المصرية مسرحاً لتضليل التحقيقات التي بدلاً من ذلك تشير إلى أعلى أجهزة الأمن في القاهرة. لكن حسب بيان النائب العام المصري، “لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في واقعة سرقة منقولات المجني عليه بالإكراه الذي ترك آثار جروح به لانقضائها بوفاة المتهمين”. وهي نظرية تم تفنيدها من قبل مكتب المدعي العام في روما منذ عام 2016.

النيابة المصرية تناقض نفسها مرة أخرى عندما تتحدث عن وجود مؤامرة. ففي معرض الاحتجاج بأنه لا وجه لمحاكمة المتهمين في إيطاليا، يعتمد النائب العام المصري في الواقع على فرضية مفادها أن “أطرافاً معادية لمصر وإيطاليا تريد استغلال قضية جوليو ريجيني “للإضرار بالعلاقات” بين البلدين. وكدليل على هذه “الفرضية”، يشير النائب العام بالقاهرة إلى توقيت اكتشاف الجثة بالعاصمة المصرية بداية عام 2016، تحديداً يوم 25 يناير “… لعلمه بانشغال الأمن المصري يومئذ بتأمين المنشآت الحيوية، فخطف المجني عليه واحتجزه وعذبه بدنيّاً ليُلصق التهمة بعناصر من الأمن المصري.” وإلى يوم اكتشاف الجثة، في 3 فبراير خلال مهمة اقتصادية إيطالية في القاهرة. “… وبالتزامن مع مجيء وفد اقتصادي لزيارة البلاد” حيث قام المجرم بـ “قتل المجني عليه وألقى جثمانه بموقع حيوي بالقرب من منشآت مهمة يتبع بعضها جهات شرطية، كأنما أراد إعلام الكافة بقتله ولفت الانتباه إليه”. “… مما أكد للنيابة العامة وجود أطراف معادية لمصر وإيطاليا تسعى لاستغلال الحادث للوقيعة بينهما في ضوء التطور الإيجابي في علاقاتهما خلال الفترة الأخيرة، ويسايرها في ذلك بعض من وسائل الإعلام المعروفة بإثارة الفتن لإحداث تلك الوقيعة، مما انتهت معه النيابة العامة إلى أن ظروف وملابسات الواقعة على هذا النحو لها صورة أخرى لم تكشف التحقيقات بعدُ عنها، أو عن هوية مرتكبها،” كما قال البيان.

ولكن إذا كانت عصابة بسيطة من اللصوص قد نفذت جريمة القتل، فليس من المفهوم أبداً أنهم قد قاموا بتنظيم مثل تلك العملية “للإضرار بالعلاقات” بين إيطاليا ومصر.

كان حتميا تصاعد ردود الفعل في إيطاليا، إلى جانب ردود أفعال وزارة الخارجية الإيطالية تجاه ذلك. يبرز إيراسمو بالازوتو، رئيس لجنة التحقيق البرلمانية في وفاة جوليو ريجيني، كيف أن المذكرة الواردة من النائب العام المصري تمثل “نصف اعتراف وفي نفس الوقت محاولة مخزية أخرى للتضليل” ويطلب من الحكومة الإيطالية طلب توضيح من مصر بخصوص ذلك. وكذلك بالنسبة إلى عضو البرلمان الأوروبي بيرفرانشيسكو ماجورينو، حيث قال، “تعتبر تصريحات النائب العام المصري بشأن قضية ريجيني، التي تم الإعلان عنها اليوم (30 ديسمبر)، عملاً عدائياً وغير مقبول ضد إيطاليا ومكتب المدعي العام في روما، فضلاً عن أه يمثل إهانة للبرلمان الأوروبي. نحتاج لرد فعل قاس جدا من الجميع على ذلك”. بينما عرّف لويجي مانكوني، رئيس جمعية “القانون الجيد” المذكرة الجديدة الصادرة عن مكتب النائب العام المصري بأنها “لا يوجد إطلاقاً حتى الحد الأدنى من التعاون القضائي من جانب مصر مع المدعي العام الإيطالي”. ويطالب إيطاليا وأوروبا بـ “ممارسة ضغوط” على “النظام الاستبدادي” للجنرال المصري السيسي. ويؤكد السيناتور السابق عن الحزب الديمقراطي، الذي كان يشغل منصب رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشيوخ وتابع عن كثب قضية ريجيني أنه “لا داعي لإعلان الحرب على مصر، أو قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، لكن لا يمكن أن يكون البديل عن ذلك هو الجمود”. كما ردت منظمة العفو الدولية على الفور، حيث وصفت تصريح النائب العام المصري بأنه “غير مقبول”. وأوضح المتحدث باسم منظمة العفو الدولية في إيطاليا، ريكاردو نوري، أن “الحكومة الإيطالية يجب أن تعتبر أيضاً هذا البيان غير مقبول، ونأمل أن نتخذ موقفاً منه”. ويؤكد نوري أن “هناك مرة أخرى محاولة واضحة من قبل السلطات في القاهرة للتخلي عن المسؤولية، ونسب ما حدث إلى أشخاص غامضين كانوا يتصرفون بمفردهم”، “نعود إلى فكرة التضليل مع تبرئة جميع لأشخاص المتهمين من المسئولية عما حدث”. ويشير المتحدث باسم منظمة العفو الدولية أنه “بعد خمس سنوات، اتضح في هذه المذكرة أن ريجيني كان قد حظي بالاهتمام من السلطات في البداية، لكنه أُهمل بعد ذلك، بالرغم من اعتبار سلوكه مريباً”.

تم اختطاف جوليو ريجيني وتعذيبه وقتله في القاهرة بين يناير وفبراير 2016. وفي إيطاليا، تم اتهام أربعة من رجال الأمن المصريين بقتله. وبحسب صياغة المدعي العام في روما، فإن ريجيني تعرض للتعذيب الذي استمر أياماً تسبب في “معاناة جسدية حادة” للشاب نفذت من خلال استخدام أدوات حرارية ساخنة مع الركلات واللكمات والشفرات الحادة والعصي ضد الضحية.

2- صحيفة لاريبوبليكا: نشرت صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية بتاريخ 30 ديسمبر 2020 مقالاً كتبه جوليانو فوشيني بعنوان: “لا دليل على قتلة ريجيني”: صفعة من مصر على وجه إيطاليا” والذي تناول، وجاء فيه:

هجوم النائب العام المصري حماده الصاوي على قضاة روما ينفي أي تعاون محتمل من قبل القاهرة. حيث قام الصاوي أيضاً بإثارة الشكوك حول نشاط جوليو في القاهرة ووصفه بأنه “كان مشبوهاً”، مما أثار سخط الخارجية الإيطالية.

ما أطلقه النائب العام المصري في 30 ديسمبر تجاه إيطاليا هو استفزاز: بيان صحفي من تسع صفحات وقعه النائب العام حمادة الصاوي ليوضح أن مصر لن تتعاون في هذه العملية. فتارة يتهم المدّعين الإيطاليين بأنهم “أداروا التحقيقات بشكل غير صحيح”، وتارة يتهم جوليو ريجيني بأن سلوكه قبل وفاته كان “سلوكاً مشبوهاً”. ثم يدّعي أن من اختطفه وعذبه وقتله هم “مجهولون” أرادوا تحميل الحكومة المصرية المسؤولية. أكثر من صفعة على الوجه، فبيان النائب العام المصري يشير إلى أنه لن يكون هناك أي تعاون من جانب مصر في المحاكمة التي ستبدأ في إيطاليا. فلم ترد ردود حول التوكيلات القضائية المطلوبة منذ قرابة عامين ولم يتم تقديم عناوين المتهمين الخمسة. لكن البيان يقول أكثر من ذلك بكثير: فقد شككت حكومة السيسي، لأول مرة، في مصداقية عمل المدعين في روما. وبالإضافة إلى ذلك، فقد تم بشكل واضح تماماً إثارة شكوك أخرى حقيرة حول نشاط جوليو قبل قتله، بدلا من السعي لإظهار الحقيقة.

قبل أسابيع قليلة، كان رئيس الوزراء الإيطالي يتحدث في مقابلة له مع ريبوبليكا عن “التعاون مع مصر”، وهي كلمات وضعت حكومة كونتي في حرج كبير. وخيم الإحراج الذي سببه بيان الصاوي أيضا على وزارة الخارجية: فقد كان وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو قد أعلن في الأيام الأخيرة أنه سيضع سلوك مصر تجاه قضية ريجيني على طاولة الاتحاد الأوروبي. وبالأمس استخدم كلمات واضحة في مذكرة رسمية: “فارنيسينا (الخارجية الإيطالية) تعتقد أن ما صرح به مكتب النائب العام المصري غير مقبول”. وقال رئيس مجلس النواب روبرتو فيكو “إنهم يكذبون وهم يعلمون أنهم يكذبون. إننا نواجه كلمات مخجلة واستفزاز غير مقبول من الجانب المصري”.

وفي مذكرة النيابة العامة المصرية، “يستبعد” النائب العام المصري مسؤولية الضباط الأربعة من جهاز الأمن الوطني، المتهمين الآن من قِبل روما بارتكاب جريمة قتل ريجيني. وهو يستبعدها لأنه يزعم أن كل ما تثيره السلطات الإيطالية يستند إلى استنتاجات غير منطقية زائفة ويتعارض مع جميع الأسس القانونية الدولية ومبادئ القانون التي تتطلب وجود أدلة معينة ضد المشتبه بهم. حيث يقول الصاوي: “جميع ما طرحته سلطة التحقيق الإيطالية من شبهات قِبل أربع ضباط وفرد شرطة من “قطاع الأمن الوطني” قد جاء نتيجة استنتاجات خاطئة لا يقبلها المنطق ولا توافق القواعد القانونية الجنائية المستقر عليها دوليا ومبادئ القانون الأساسية”.

يزعم المصريون أن القتلة مجهولون. لكنهم يحددون دافعاً ويستخدمون كلمات بغيضة تجاه الباحث الإيطالي. ويقولون إن سلوك جوليو ريجيني كان مشبوهاً، ولا يتفق مع طبيعة البحث الذي كان يجريه، فهو الذي وضع نفسه موضع الشك. ولهذا، كتبوا أنه تم وضعه قيد المراقبة من قبل ضباط الأمن المصريين حيث يدعي البيان أنهم لم يحدوا من حريته أو ينتهكوا قدسية حياته الخاصة. “كان سلوك المجني عليه غير المتناسب مع البحث الذي كان يجريه سببا كافيا يوجب على الأجهزة الأمنية ممارسة عملها وواجبها القانوني لمتابعته بإجراءات تحريات إدارية لا تقيد حريته أو تنتهك حرمة حياته الخاصة وقوفا على طبيعة نشاطه بعدما وضع نفسه موضع اتهام، وقد أكدت التحقيقات أنه بالرغم من هذا السلوك المستغرب فقد انتهى التحري عنه إلى أن أفعاله لا تشكل جرائم تمس الأمن العام؛ ولذلك توقف التحري عنه عند هذا الحد، ولم تتخذ أية إجراءات قانونية قِبله،” حسبما جاء في البيان.

يدعي البيان ألم تكن أجهزة السيسي هي التي عذبته لأيام وقتلته، لكن مجهولاً هو من عرف تحركات ريجيني غير اللائقة وقام بتعذيبه وقتله ونسب الجريمة إلى الأمن المصري. ثم ألقى جثته إلى جانب مبنى تابع للشرطة وتزامناً مع زيارة وفد اقتصادي إيطالي إلى مصر (كانت الوزيرة فيديريكا غيدي في القاهرة آنذاك). ولكن، حسب بيان الصاوي، الأطراف المعادية لمصر وإيطاليا هي التي تريد استغلال هذا الحادث للإضرار بالعلاقات بين البلدين. وبحسب الصاوي، فقد اختار المجهول يوم 25 يناير “لعلمه بانشغال الأمن المصري يومئذ بتأمين المنشآت الحيوية، فخطف المجني عليه واحتجزه وعذبه بدنيّاً ليُلصق التهمة بعناصر من الأمن المصري … مما أكد للنيابة العامة وجود أطراف معادية لمصر وإيطاليا تسعى لاستغلال الحادث للوقيعة بينهما في ضوء التطور الإيجابي في علاقاتهما خلال الفترة الأخيرة، ويسايرها في ذلك بعض من وسائل الإعلام المعروفة بإثارة الفتن لإحداث تلك الوقيعة، مما انتهت معه النيابة العامة إلى أن ظروف وملابسات الواقعة على هذا النحو لها صورة أخرى لم تكشف التحقيقات بعدُ عنها، أو عن هوية مرتكبها”.

في الواقع، ربما كان البيان الصحفي الصادر من النائب العام المصري يوم 30 ديسمبر هو الذي أضر بالعلاقات بين البلدين بشكل نهائي. ورغم صمت الحكومة الإيطالية لطويل، طالبت جميع الأطراف برد فعل فوري تجاه البيان: فقد يكون الأمر يستلزم استبدال السفير جيامباولو كانتيني حيث يبدو هذا احتمالاً حقيقياً الآن. لكن لا تغيب عن العيون أيضاً ما حدث منذ أيام قليلة فقط في التعاون العسكري مع مصر: ففي 23 ديسمبر تم تسليم أول فرقاطة فريم للمصريين عن طريق شركة فينكانتيري. وفي غضون شهر، تم إلغاء رقم التسجيل الإيطالي المطبوع على الجانب واستبداله برقم مصري، على الرغم من أنه لم يتم مشاهدة أي سلطات عسكرية أو إيطالية في حفل التسليم، ولم تتم أي مراسم سوى وضع صورة العلم المصري على الفرقاطة، في بحر لاسبيتسيا، على بعد مائتي كيلومتر فقط من منزل جوليو ريجيني.

3- إيل فاتو كوتيديانو: نشرت صحيفة إيل فاتو كوتيديانو الإيطالية بتاريخ 30 ديسمبر 2020 تقريراُ أعده فينسينزو بيسبيغليا تحت عنوان: “صفعة جديدة من مصر: “تحقيق بلا دليل”، والذي جاء فيه:

مصر تغلق باباً آخر في وجه إيطاليا في قضية ريجيني. بينما اعترف البيان الذي أعلنه النائب العام المصري رسمياً بأن السلطات هناك قامت بمراقبة ومطاردة والتحقيق مع الباحث جوليو ريجيني الذي اختفى في القاهرة في 25 يناير ووجدت جثته يوم 3 فبراير 2016. وفي بيان مطول له، قام النائب العام حمادة الصاوي في 30 ديسمبر بانتقاد سلوك الشاب الإيطالي أثناء إقامته في القاهرة، حيث قال إن “الضحية ناقش نظام الحكم في مصر مع الباعة الجائلين وقال لهم” إن بإمكانهم تغيير الوضع كما حدث في دول أخرى”. وهو سلوك “لا يتناسب مع دوره كباحث”، وهو السبب الذي دفع الأجهزة لوضعه “تحت المراقبة”، ولكن “دون المساس بحريته أو حياته الخاصة”.

“حيث ثبت اتصال المجني عليه في إطار إجراء بحثه العلمي بعدد من أعضاء النقابات المستقلة من ذوي المهن الحرة وبعض الباعة الجائلين والمنتمين إلى تيارات سياسية مختلفة، وتواجده في أماكن تجمعاتهم وتطرقه في أحاديثه معهم إلى انتقاد سلوك بعض التيارات السياسية بالبلاد، وأسلوب تعاملها مع الحراك السياسي، وتصريحه بخشيته من خطورة بعضها على استقرار الأوضاع بمصر. وكانت التحقيقات قد أثبتت تحدث المجني عليه إلى الباعة الجائلين عن نظام الحكم في مصر، مؤكداً لهم أن بيدهم تغيير الأوضاع فيها أسوة بما حدث في دول أخرى.” وجاء في البان أيضاً: “كان سلوك المجني عليه غير المتناسب مع البحث الذي كان يجريه سببا كافيا يوجب على الأجهزة الأمنية ممارسة عملها وواجبها القانوني لمتابعته بإجراءات تحريات إدارية لا تقيد حريته أو تنتهك حرمة حياته الخاصة وقوفا على طبيعة نشاطه بعدما وضع نفسه موضع اتهام، وقد أكدت التحقيقات أنه بالرغم من هذا السلوك المستغرب فقد انتهى التحري عنه إلى أن أفعاله لا تشكل جرائم تمس الأمن العام؛ ولذلك توقف التحري عنه عند هذا الحد، ولم تتخذ أية إجراءات قانونية قِبله”

لكن مذكرة النائب العام المصري الأخيرة كانت أيضاً بمثابة دفاع رسمي من قبل عن ضد ضباط الأمن الوطني الأربعة الذين اتهمهم المدعي العام في روما بالمسؤولية بشتى الطرق عن تعذيب وقتل الشاب البالغ من العمر 28 عاماً. ويرى قضاة التحقيق في القاهرة أنه “لا يوجد سبب لاتخاذ إجراءات جنائية فيما يتعلق بقتل وخطف وتعذيب الضحية”. على العكس من ذلك، يُزعم أن التحقيقات في روما تستند إلى “استنتاجات غير منطقية كاذبة” وأنه تتعارض مع “جميع القواعد القانونية الدولية”. حيث يقول البيان، “تبينت أن جميع ما طرحته سلطة التحقيق الإيطالية من شبهات قبلهم (أربع ضباط وفرد شرطة من “قطاع الأمن الوطني”) قد جاء نتيجة استنتاجات خاطئة لا يقبلها المنطق ولا توافق القواعد القانونية الجنائية المستقر عليها دوليا ومبادئ القانون الأساسية”.

 إذن فمن الذي عذب وقتل ريجيني؟

يوضح النائب العام في بيانه أن “الشخص المسؤول عن ذلك لا يزال مجهولاً”، لكنه رفض ذكر أسماء الأجانب الذين اعتقلتهم الشرطة أو أوقفتهم منذ ليلة الاختفاء حتى العثور على الجثة.

من قتل ريجيني، بحسب الصاوي، اختار يوم 25 يناير 2016 “لعلمه بانشغال الأمن المصري يومئذ بتأمين المنشآت الحيوية، فخطف المجني عليه واحتجزه وعذبه بدنيّاً ليُلصق التهمة بعناصر من الأمن المصري”. مما تبين أنها كانت جريمة ارتكبتها جهات معادية لمصر وإيطاليا للإضرار بالعلاقات بين البلدين، حيث يقول البيان، “مما أكد للنيابة العامة وجود أطراف معادية لمصر وإيطاليا تسعى لاستغلال الحادث للوقيعة بينهما في ضوء التطور الإيجابي في علاقاتهما خلال الفترة الأخيرة، ويسايرها في ذلك بعض من وسائل الإعلام المعروفة بإثارة الفتن لإحداث تلك الوقيعة، مما انتهت معه النيابة العامة إلى أن ظروف وملابسات الواقعة على هذا النحو لها صورة أخرى لم تكشف التحقيقات بعدُ عنها، أو عن هوية مرتكبها”.

 وتعيد وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الإيطالية التأكيد بـ “أنها تثق ثقة كاملة في عمل القضاء الإيطالي” وأن “ما صرح به مكتب النائب العام المصري غير مقبول”، كما جاء في مذكرة أصدرتها الخارجية الإيطالية. وأعاد نيكولا زينغاريتي، السكرتير القومي للحزب الديمقراطي، نشر تغريدة من بييرو فاسينو، السكرتير القومي السابق للحزب، جاء فيها “هناك مسؤوليات تتحملها الأجهزة المصرية لن نتوقف عن مطالبة سلطات القاهرة بها”. أما بالنسبة لرئيس البرلمان الإيطالي روبرتو فيكو، فقال إن هذا البيان يعد بمثابة “استفزاز آخر” من القاهرة. أما إيراسمو بالازوتو، رئيس لجنة التحقيق البرلمانية، فقد قال إن على الحكومة مطالبة القاهرة بتوضيح هذا الأمر.

4- صحيفة لاريبوبليكا: نشرت صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية بتاريخ 31 ديسمبر 2020 مقالاً كتبه كارلو بونيني بعنوان: “الشهر الأسود للدبلوماسية الإيطالية” والذي تناول الوضع المذل الذي تعيشه إيطاليا بعد بيان النائب العام المصري في 30 ديسمبر، ويعرج على الوضع المهين لزيارة رئيس الوزراء الإيطالي لليبيا ولقائه مع خليفة حفتر بخصوص قضية الصيادين الإيطاليين المختطفين.

 في الحقيقة، يتناول الكاتب قضيتين ترتبطان ببعضهما بشكل كبير، وهما زيارة رئيس الوزراء الإيطالي لليبيا ولقائه مع خليفة حفتر وجلوسه هو ووزير خارجيته معه على نفس الطاولة من ناحية، وبيان النائب العام المصري بإغلاق قضية ريجيني من ناحية أخرى. فما حدث في ليبيا هو في الحقيقة شيء غريب لم يسبق له مثيل في أوروبا كلها، حيث ترفض الدول الأوروبية دائما التواصل أو التفاوض مع الخاطفين أو دفع فدية لهم للإفراج عن المختطفين. والتحليل المقبول لمثل هذا الوضع، كما يرى بعض المراقبين، هو أن قضية ريجيني كانت حاضرة بقوة في هذا المشهد، وأن السيسي هو من كان يقف وراء هذا الأمر. كل ما حدث هناك كان مجرد استعراض لكن نجمه الغائب الحاضر هو السيسي وليس خليفة حفتر؛ لم تكن قضية الصيادين الإيطاليين المختطفين إلا مجرد وسيلة للضغط بخصوص قضية جوليو ريجيني. لقد كان المشهد المرسوم هو السعي لفرض الإرادة، وهو ما حدث بالفعل. فالأمر كان على الأقل أقرب للإهانة بالنسبة للحكومة الإيطالية إن لم يكن ذلك إذلالاً لها. فما معنى أن يفرض شخص ما بشكل أو بآخر على رئيس وزراء دولة مثل إيطاليا أن يجلس هو ووزير خارجيته على قدم المساواة مع جنرال مطلوب للعدالة الدولية للاشتباه في ارتكابه جرائم حرب؟

يتناول المقال مدى المهانة التي عاشتها إيطاليا من هذين الحدثين في شهر “ديسمبر الأسود”، كما يصفه كاتب المقال، حيث جاء فيه:

الركوع، في العلاقات بين الدول (وإن كانت ليست فقط الدول)، ليست أبداً فكرة جيدة. فمعظم الوقت تقف دولة ما وهي صاغرة في انتظار المزيد من الإذلال. والأهم من ذلك، إذا كانت إيماءة الخضوع هي مظهر من مظاهر العجز، وكانت مصاحبة لها رواية فارغة مثل تلك التي أطلقها رئيس الوزراء في بداية ديسمبر، أثناء مقابلة له مع محرر هذه الصحيفة التي تكرس جهدها لقضية ريجيني. حيث قال كونتي إن الحكومة لم تتوقف أبدا عن ممارسة الضغط على مصر لتحقيق تقدم ملموس في تحديد المسؤولين عن الجريمة. وقال إنه في المحادثة الأخيرة له مع السيسي، طلب مزيداً من التعاون من القضاء المصري: البيان الأخير الصادر عن المدعين العامين في روما لا يمثل خطوة إلى الوراء، وأنه يحيط مصر علما بالمحاكمة المزمعة، وبالتالي نتوقع أن تكون هناك جميع العناصر التي تضمن الاحتفاء بإجراء محاكمة عادلة وذات مصداقية أمام العالم أجمع.”

 حسناً، مع تصريح النائب العام بالقاهرة الذي أعلنه مؤخراً، لم يبق شيء من كلام رئيس الوزراء. ويمكن القول إنه في هذا الشهر (ديسمبر) شهر فظيع لدبلوماسيتنا، فما حدث في السابع عشر منه في ليبيا، وأمام تصوير الكاميرات، كان بمثابة تقبيل لحذاء الجنرال حفتر، الذي كان يتحدث بصلف نيابة عن القاهرة من برقة، حيث كان ذلك ثمناً لإنهاء عملية الاختطاف التي أمر فيها الجنرال احتجاز صيادي مازارا الإيطاليين. وفي يوم 30 ديسمبر، صدرت شهادة وفاة التعاون القضائي بين إيطاليا ومصر والتي ادّعى رئيس الوزراء فقط بأنها كانت لا تزال تستحق أن توصف على هذا النحو.

والسؤال المطروح الآن هو ما إذا كان كل هذا كافياً في نهاية الأمر لتحفيز موجة من اللياقة السياسية والدبلوماسية. وهذا يعني أنه في ميوعة نهج كونتي تجاه جنرال مصر، هناك حد للألم – أو الكرامة، إذا كنت تفضل ذلك – يُعتقد أنه قد تم تجاوزه. في مواجهة دولة لا يؤكد نظامها القضائي فقط ترهات أجهزتها الأمنية فيما يتعلق بخطف وتعذيب وقتل جوليو ريجيني، فهي لا ترفض فقط الرد على الإنابات القضائية، بل تدعي مشروعية تصرفاتها. وأعتقد أن النشاط الاستخباراتي والمراقبة التي تم تنفيذها على جوليو حتى يوم اختفائه، كان بمثابة إهانة لفكرة أن المتهمين الأربعة من جهاز الأمن الوطني المصري سوف يأتون إلى إيطاليا ليحاكموا من قبل إحدى محاكمنا في مقاطعة أسيسي. فبالنسبة للمخابرات، وحتى قبل الحديث عن ذكرى الجريمة وضرورة تحقيق العدالة لذبح شاب بريء في غرفة أمنية تابعة لوزارة الداخلية المصرية، فإنه من الواضح في حقيقة الأمر أن القاهرة لن “تسلم” ضباطها للمحاكمة ولو غيابياً. ومن الواضح أن القاهرة لن تمنح أي شرعية أو اعتراف قانوني لمحاكمة تتم في إيطاليا تعتبرها “بلا أساس”.

باختصار، وباستخدام كلمات لويجي مانكوني، أكاديمي إيطالي وسيناتور سابق عن الحزب الديمقراطي، التي قالها بالأمس، فإن على رئيس الوزراء كونتي ومعه وزير الخارجية والحكومة بأكملها تقديم بعض الإجابات في ذكرى مقتل جوليو، فالبلاد لا تستحق أن تعيش أياماً مثل أمس (بيان النيابة المصرية).

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close