المرصد

تقرير تحليل الإتجاهات الأسبوعي للإعلام السعودي – 8/8/2015

موجز تمهيدي:

شهدت العلاقات السعودية – المصرية، في الفترة الأخيرة، ومن بينها الأسبوع الذي يغطيه التقرير، أزمةً مكتومة في العلاقات المصرية السعودية، خرجت إلى العلن في الكثير من المظاهر، كان أبلغها، تأكيد البلدَيْن في أكثر من مناسبة – كما في المؤتمرَيْن الصحفيَّيْن اللذَيْن عُقِدَا في جدة ثم القاهرة، في الأسبوع الأخير من يوليو الماضي – على “متانة” العلاقات. وهو في عُرف التحليل السياسي والدبلوماسية، يؤكد أن العلاقات قد شابتها بعض المشكلات والخلافات التي استدعت التأكيد على متانتها.

انصبت هذه الخلافات بالأساس على ملفَّيْن أساسيَّيْن، كلاهما يتعارض مع سياسات النظام الحاكم في كلا البلدَيْن، وهما، بالنسبة للقاهرة، علاقات المملكة العربية السعودية، وما يمكن أن نطلق عليه التحولات في مواقفها من ملف الإخوان المسلمين، أما بالنسبة للرياض؛ فقد كانت المشكلة الرئيسية، تتعلق بوجود تباينات في المواقف المصرية – السعودية، ظهرت إلى السطح فيما يخص الموقف المصري من الأزمة في كلٍّ من اليمن وسوريا، والعلاقات المصرية – الإيرانية.

في تحليلات بعينها؛ يرى البعض أن الموقف المصري من ملفات اليمن وسوريا والعلاقات مع إيران، سابقة على الموقف السعودي المتحوِّل نسبيًّا من ملف الإخوان المسلمين؛ حيث تملك القاهرة رؤية مختلفة حول الملف السوري على وجه الخصوص، تختلف جذريًّا عن رؤية الرياض، تعتمد على الحفاظ على جسم الدولة السورية، بما في ذلك النظام الحالي، بقيادة بشار الأسد.

إلا أن تحليلات أخرى ذهبت إلى أن هذا الموقف كان لدى النظام الحالي في مصر، منذ الانقلاب الذي تم في الثالث من يوليو من العام 2013م، ولكنه لم يمنع من قيام الشراكة الاستراتيجية بين البلدَيْن منذ الانقلاب، وأطَّره العاهل السعودي الراحل، الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، مع تنحي مصر عن الصدارة فيما يخص الملف السوري.

وترى هذه التقييمات أن المواقف المصرية الأخيرة إزاء اليمن، وتصريحات الكاتب محمد حسنين هيكل، المحسوب على النظام الحالي في مصر، حول إيران والمملكة العربية السعودية، والتي أثارت غضب الكثيرين داخل أوساط السياسة والحكم في المملكة العربية السعودية؛ كلها تعود إلى بعض المواقف التي أخذها خادم الحرمَيْن الشريفَيْن، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – على وجه الخصوص – فيما يخص الإخوان المسلمين، ولاسيما إخوان اليمن وحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، التي تتهمها بعض الدوائر داخل الحكومة المصرية، بدعم العنف في شمال شبه جزيرة سيناء.

وكان الباعث الأساسي لهذه التحولات لدى الرياض؛ هو الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب، والتطورات في اليمن، والمرتبطة كذلك بملف الصراع الإقليمي القائم منذ عقود بين المملكة العربية السعودية وإيران؛ حيث تريد الرياض تكوين تحالفًا سُنِّيًّا لمواجهة التمدد الإيراني.

وهو كان السبب الرئيسي وراء العملية العسكرية التي دعت إليها المملكة، في اليمن، والمستمرة منذ مارس الماضي، والتي استهدفت إقصاء الحوثيين المدعومين من إيران عن ساحة السلطة التي اغتصبوها في اليمن، في أغسطس 2014م.

وعلى حساسية وأهمية العلاقات المصرية – السعودية بالنسبة للطرفَيْن، في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة، ومواجهة الرياض لأكثر من تهديد لأمنها القومي، سواء ما يخص التحولات الراهنة في العلاقات الغربية – الإيرانية، وملف الإرهاب الذي يمثله تنظيم الدولة؛ تدخل الحرس القديم داخل منظومة الحكم في المملكة، وقام بسلسلة من الاتصالات تمخضت عما يُعرف بـ”إعلان القاهرة”، الذي تم خلال زيارة وزير الدفاع وولي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، إلى القاهرة، يوم 30 يوليو الماضي.

أحمد التَّلاوي

باحث سياسي ومحرر إعلامي، بكالوريوس العلوم السياسية، جامعة القاهرة، 1996، من مؤلفاته: إيران وصراع الأصوليات في الشرق الأوسط، دولة على المنحدر، أمتنا بين مرحلتين، الدولة والعمران في الإسلام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى