fbpx
تقاريرترجمات

تقرير للبرلمان الإيطالي يوصي بإحالة مصر للجنائية الدولية

تقارير متابعة قضية ريجيني في الإعلام الإيطالي -15

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

في أحدث تطورات شهدتها  قضية ريجيني، حَمَّل تقرير لجنة برلمانية إيطالية نُشر الأربعاء أجهزة الأمن المصرية مسؤولية خطف وتعذيب وقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني عام 2016 في القاهرة؛ وطالب “بإحالة مصر للجنائية الدولية لخرقها اتفاقية مناهضة التعذيب”. وفي نفس الوقت تحدث تقرير آخر بشكل مباشر عن تورط محمود نجل السيسي في هذه القضية الشائكة.

مقدمة:

بعد عدة أسابيع من تعليق المحاكمة الغيابية لأربعة ضباط متهمين في جريمة خطف وتعذيب وقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني عام 2016 في القاهرة، كشف تقرير أصدرته لجنة برلمانية إيطالية نشر الأربعاء (1 ديسمبر 2021) أن أجهزة الأمن المصرية مسؤولة عن خطف وتعذيب وقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني عام 2016 في القاهرة. وطالب التقرير أيضاً بإحالة مصر للجنائية الدولية في لاهاي لخرقها اتفاقية مناهضة التعذيب. وقد صدر هذا التقرير النهائي للجنة المخولة من البرلمان الإيطالي بالتحقيق غي ملابسات مقتل جوليو ريجيني، وذلك بعد ثلاث سنوات من التحقيقات.

وكانت أولى جلسات المحاكمة الغيابية لأربعة ضباط شرطة مصريين متهمين بقتل الطالب الإيطالي قد عُقدت في 14 أكتوبر الماضي بروما، لكنها عُلّقت لأجل غير مسمى بعد أكثر من سبع ساعات من المداولات؛ وأرجعت المحكمة قراراها إلى “خوفها من احتمالية عدم معرفة المشتبه بهم بأنهم متهمون، ما يجعل الإجراءات باطلة”.  

والمتهمون الأربعة بحسب المدعي العام الإيطالي هم: اللواء صابر طارق من مواليد 1963 وهو ضابط في جهاز الأمن الوطني؛ والعقيد آسر كامل محمد إبراهيم، من مواليد 1968، وهو مدير التفتيش بمديرية امن الوادي الجديد وعمل أيضاً بجهاز الأمن الوطني؛ والعقيد حسام حلمي، من مواليد 1968، وهو أيضاً عضو سابق بجهاز الأمن الوطني؛ والرائد إبراهيم مجدي شريف،  من مواليد 1984، وهو ضابط في جهاز الأمن الوطني كذلك.

وكان القاضي بييرلويجي باليستريري، الذي ترأس جلسة الاستماع الأولية في 25 مايو 2021 قد أمر بمحاكمة أربعة من كبار أعضاء جهاز الأمن الوطني المصري، للاشتباه بدورهم في اختطاف وقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة عام 2016.

وكان ريجيني، طالب الدراسات العليا في جامعة كامبريدج البريطانية، متواجداُ في العاصمة المصرية في يناير 2016، في إطار إجراء بحث له عن النقابات المستقلة في مصر من أجل أطروحة الدكتوراه الخاصة به؛ ولكنه عُثر على جثته بعد أسبوع تقريباً من اختفائه يوم 25 يناير، حيث أظهر تشريح الجثة أنه تعرض للتعذيب قبل وفاته. وكان قرار القاضي الإيطالي قد جاء بعد عقد جلسة استماع أولية للنظر فيما قال الادعاء الإيطالي حينها إنها أدلة ضد الضباط الأربعة. وكان القاضي باليستريري قد قال حينها إن هناك أدلة كافية لتوجيه الاتهام إلى الضباط الأربعة، وأمر ببدء محاكمتهم في 14 أكتوبر.

ودأب المسؤولون في مصر على نفي تورط المتهمين الأربعة في اختفاء وقتل ريجيني. وبحسب مصادر قضائية إيطالية لم تقدم السلطات المصرية عناوين المسؤولين الأربعة لتقوم المحكمة الإيطالية بإخطارهم بموعد المحاكمة.

وكان المعهد المصري للدراسات قد نشر من قبل أربعة عشر تقريراً، تحت عنوان “تقارير متابعة قضية ريجيني في الإعلام الإيطالي“، وذلك في إطار متابعة تطورات قضية الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، بالإضافة إلى عدد من المقالات والتقارير الأخرى المتفرقة ذات الصلة، حيث شملت هذه التقارير والمقالات ترجمات حصرية لمواد صحفية مختلفة قام بنشرها كوكبة من كبار الكتاب والصحفيين الإيطاليين في الإعلام الإيطالي، تناولوا فيها بالتحليل قضية جوليو ريجيني وملابساتها وتطوراتها على مدار الفترة الماضية.

وتبرز أهمية هذه التقارير التي ينشرها المعهد المصري عن قضية ريجيني في أنها تتيح للقارئ العربي، وبالأخص المصري، قدراً كبيراً من التفاصيل والمعلومات التي يتم الكشف عنها تباعاً في ثنايا التقارير والمقالات التي تنشرها أهم الصحف الإيطالية عن القضية، مما قد لا يكون متوفراً بهذه التركيز في الإعلام العربي.

ملخص:

يتضمن هذا المحتوى مقالين نُشرا بصحيفة لاريبوبليكا الإيطالية بتاريخ 1 ديسمبر 2021؛ المقال الأول كتبه جوليانو فوشيني تحت عنوان: “اللجنة البرلمانية حول مقتل ريجيني: مصر مسؤولة عن مقتل ريجيني.. ويجب أن يُحاكم الجناة في لاهاي”. ويتحدث فوشيني في مقاله عن ثلاث تغييرات مهمة في التقرير الذي وافقت عليه الأربعاء لجنة التحقيق البرلمانية في وفاة جوليو ريجيني في عام 2016 بالإجماع، بعد ثلاث سنوات من التحقيقات. وبحسب فوشيني، فإن التقرير يقترح إجراءين اثنين بخصوص مقتل ريجيني: أولهما، إحالة مصر إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لخرقها اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب. وثانيهما، إعداد تشريع إيطالي جديد يمنع الدول الأجنبية من التهرب من المحاكمات بحجة عدم الإخطار بحضور الجلسة، وذلك للتغلب على المأزق الذي وضع عملية محاكمة الجناة في طريق مسدود. والمقال الثاني كتبه كلاوديو تيتو وجاء تحت عنوان: “الصراع على السلطة بين السيسي ونجله وراء جدار الصمت في القاهرة”. يتحدث تيتو في المقال بشكل مباشر عن دور ما لمحمود السيسي في قضية ريجيني، والغريب في الأمر أن ذلك تم دون إبلاغ أبيه عبدالفتاح السيسي. ويورد المقال استنتاجات بأنه قد يكون السيسي الابن قد أدار هذه العملية بالتعاون مع أحد أجهزة المخابرات الغربية الأخرى، في إطار صراع خفي بينه وبين والده على السلطة.

المقالات المنشورة:

1- نشرت صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية بتاريخ 1 ديسمبر 2021 مقالا لجوليانو فوشيني تحت عنوان: “اللجنة البرلمانية حول مقتل ريجيني: مصر مسؤولة عن مقتل ريجيني.. ويجب أن يُحاكم الجناة في لاهاي”، وجاء على النحو التالي:

بعد مرور ثلاث سنوات على بدء التحقيقات، تمت الموافقة بالإجماع على التقرير المتعلق بالتحقيق في مقتل جوليو ريجيني. وبحسب التقرير، فإن مسؤولية خطف وتعذيب وقتل ريجيني تقع على عاتق عناصر جهاز الأمن الوطني المصري. وعلاوة على ذلك، فقد كذب عناصر الجهاز على دبلوماسيينا عندما كان جوليو في حوزتهم بالفعل. حيث يناشد التقرير الحكومة بإصدار قانون يمنع عملاء الأمن الوطني في القاهرة من التهرب من العدالة.

في الحقيقة، هناك ثلاث تغييرات مهمة في هذا التقرير الذي وافقت عليه الأربعاء لجنة التحقيق البرلمانية في وفاة جوليو ريجيني في عام 2016 بالإجماع، بعد ثلاث سنوات من العمل الدؤوب.

الأمر الأول: هو أن مكتب المدعي العام في روما ليس وحده؛ فحتى البرلمان الإيطالي ليس لديه أدنى شك في التأكيد على أن “مسؤولية اختطاف وتعذيب وقتل جوليو ريجيني تقع مباشرة على عاتق الأجهزة الأمنية في جمهورية مصر العربية، وعلى وجه الخصوص، على ضباط جهاز الأمن الوطني”.

الأمر الثاني: هو أنه بالإضافة إلى المسؤولية عن قتل ريجيني، فإن الأجهزة المصرية لم ترغب أبداً في إنقاذه: وفي خلال تسعة أيام من سجن وتعذيب الطالب الإيطالي، كذبت هذه الأجهزة على أجهزتنا الدبلوماسية والاستخباراتية، بل حتى على الأجهزة الدبلوماسية والاستخباراتية لدول أجنبية أخرى. حيث كانت الجامعة الأمريكية في القاهرة قد اتصلت على الفور بجهاز الأمن الوطني المصري من خلال قنواتها الأمنية، ولكن الجهاز نفى أن يكون له معرفة بهذا الأمر تماماً أو أنه قام بإلقاء القبض على الباحث الإيطالي.

الأمر الثالث: هو أن البرلمان يتهم الحكومة، أو بالأحرى جميع الحكومات المتعاقبة في السنوات الأخيرة، بشكل ما بالتقصير في القيام بمسؤوليتها في هذه القضية: بل إنه في الواقع يؤكد أنه على الرغم من أنه خلال أول عامين أعقبا مقتل ريجيني، كانت هناك جهود مضنية حققت بعض النتائج الجزئية في القضية بفضل صمود الجانب الإيطالي، فإنه خلال السنوات التي تلت ذلك، لم يأتِ شيء من القاهرة، على المستوى السياسي، غير مجرد الكلام”.

ويقترح التقرير إجراءين:

الإجراء الأول: هو إحالة مصر إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لخرقها اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.

الإجراء الثاني: هو إعداد تشريع إيطالي جديد للتغلب على المأزق الذي وضع عملية محاكمة الجناة في طريق مسدود. ويمكن أن يكون هذا التشريع في صورة قانون يمنع الدول الأجنبية من التهرب من المحاكمات بحجة عدم الإخطار بحضور الجلسة.

 المسؤوليات المصرية

وذُكر في تقرير اللجنة البرلمانية أيضاً أنه لا يساور اللجنة أدنى شك في أن المسؤولين عن اختطاف وتعذيب وقتل جوليو ريجيني هم في الحقيقة ممن يحيطون بعبدالفتاح السيسي. حيث جاء في التقرير أن “المسؤولين عن اغتيال جوليو ريجيني موجودون في القاهرة، وهم داخل الأجهزة الأمنية، وربما أيضاً داخل المؤسسات”.

وبحسب إعادة ترتيب الأحداث التي قام بها المدعي العام في روما، فإن مراقبة الأجهزة المصرية للباحث الإيطالي بدأت منذ أن شرع في العمل على البحث الأكاديمي الخاص به عن النقابات العمالية بمصر، بما في ذلك دراسة أوضاع الباعة الجائلين بالبلاد، حيث طلب جوليو المساعدة في طرح أفكار حول ذلك من نقيب الباعة الجائلين محمد عبدالله، ولكن الأخير خانه وأبلغ الأجهزة الأمنية الحكومية المصابة بجنون الريبة المتمثل في “التمويل الأجنبي للمنظمات غير الحكومية المحلية”.

  وبعد ذلك، قامت تلك الأجهزة بخطف وتعذيب وقتل ريجيني، وممارسة تضليل العدالة. ولم يكن اكتشاف جثة ريجيني بعد قتله مصادفة، بل كان على مرأى ومسمع من وزيرة الصناعة الإيطالية آنذاك فيديريكا جويدي والتي كانت في زيارة للقاهرة على رأس وفد إيطالي رفيع المستوى.

وأخيراً، فبحسب التقرير، يبدو أن هناك صراعاً خفياً بين مختلف الأجهزة المخابراتية في مصر، ومن الممكن أن جهاز الأمن الوطني قام بقتل جوليو سعياً لاستعادة هيبته، وخصوصاً في ظل موقف وزير الداخلية آنذاك مجدي عبدالغفار(بنفي أي علم عن جوليو ريجيني والتصريح بأن هذه ليست أساليب الأجهزة الأمنية المصرية)، على الرغم من أنه اتضح بعد ذلك أن الوزير المصري كان متواجداً في مقر جهاز الأمن الوطني، وبالتحديد خلال الساعات الأولى التي تلت مقتل الطالب الإيطالي. (المترجم: راجع “تقارير متابعة قضية ريجيني في الإعلام الإيطالي- 2” على موقع المعهد المصري للدراسات لمزيد من التفاصيل في ذلك)

لم يريدوا إنقاذه

لكن في الحقيقة يوجد في الوثائق المرفقة بالتقرير ما هو أكثر من ذلك. في الواقع، هناك تقارير تشير إلى كيف أنه في الساعات التي أعقبت اختطاف ريجيني، توجه اهتمام الدبلوماسية إلى الأمن الوطني، لكن للأسف دون طائل. فأول من تواصل مع الأمن الوطني المصري كانت الجامعة الأمريكية في القاهرة، والتي كان لجوليو ارتباطاً بها بطريقة ما (بخصوص بحثه)، وأن من قام بالتواصل مع الأمن الوطني والسؤال عن ريجيني كان ضابط أمن الجامعة الأمريكية اللواء محمد عبيد.

وبعد ساعات قليلة من اختفاء ريجيني، أخبر اللواء محمد عبيد أصدقاء جوليو “أنه اتصل لتوه هاتفياً بجهاز الأمن الوطني لمعرفة مكان ريجيني”. واستنتج في رسالة أرسلها بالبريد الإلكتروني، قائلاً: “ربما تم القبض عليه في مكان ما. سأبقيكم على اطلاع دائم بالأمر.”

وبعد عدة ساعات، أورد اللواء عبيد هذا التحديث لما وصل إليه من معلومات بخصوص اختفاء ريجيني: “تؤكد وزارة الداخلية أن جوليو ريجيني لم يُقبض عليه وأنه ليس محتجزاً في أي مركز شرطة”.

إنهم يكذبون، لأنه في تلك اللحظة كان جوليو ريجيني في حقيقة الأمر بين أيديهم.

هذا ما أكده أيضاً السفير الإيطالي ماوريتسيو مساري حين قال: “خلال تلك الساعات الثماني والأربعين الأولى، استبعدت مختلف الدوائر الأمنية المصرية توقيف جوليو ريجيني أو القبض عليه. ففي 28 يناير، عُقدت جلسة استماع حول قضية اختفاء ريجيني أمام المدعي العام المصري.

وفي الأيام التالية، تواصلت أيضاً مع مستشارة الأمن القومي المصري السفيرة فايزة أبو النجا، المقربة من عبدالفتاح السيسي.

وفي الوقت الذي تأكد كيف أن السلطات المصرية، وبالدرجة الأولى وزير الداخلية، كانوا على علم بالقضية، إلا أن الجميع أنكر معرفته بأي أنباء عن اختفاء مواطننا، وأكدوا أنه لم يتم توقيفه رسمياً من قبل السلطات المصرية”.

أستاذة كامبريدج

كما أدركت الأستاذة بجامعة كامبريدج مها عبد الرحمن، التي تابعت جوليو في بحثه الأكاديمي، خطورة الموقف. حيث كانت الأستاذة المذكورة دائماً متحفظة تجاه التعامل مع القضاء الإيطالي، بينما عرضت تعاونها على اللجنة البرلمانية.

في الحقيقة، كانت رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بها مثيرة للاهتمام. فبمجرد تلقيها نبأ اختفاء جوليو ريجيني بالقاهرة، كتبت إلى زملائها تقول: “جوليو ريجيني يعمل على النقابات العمالية المستقلة في مصر وهذا يجعلني أشعر بالقلق من احتمال تعرضه للاستجواب من قبل الشرطة”.

ويزداد الوضع سوءاً في الساعات التالية لذلك. وفي الحقيقة، كتبت الأستاذة بجامعة كامبريدج لبعض الزملاء، تقول: “أنا قلقة للغاية وأشعر بمسؤولية كبيرة تجاهه، خاصة أنه ليس حالة رفيعة المستوى وأخشى أن يتوقف التحقيق وتُغلق القضية”. وهذا، على الأقل، ما لم يحدث.

2- ونشرت صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية أيضاً بتاريخ 1 ديسمبر 2021 مقالا لكلاوديو تيتو تحت عنوان: “الصراع على السلطة بين السيسي ونجله وراء جدار الصمت في القاهرة”، وجاء على النحو التالي:

لقد كان لمحمود، الابن الأكبر لرأس النظام المصري، دور ما في النهاية التي وصل إليها الباحث الإيطالي

في إطار التقارير التي كانت الأجهزة الإيطالية تعدها باستمرار وتسلمها إلى الحكومات الإيطالية المتعاقبة، هناك شخصية هامة كان يتم تسليط الضوء عليها بين الحين والآخر بشكل مختلف، وهي شخصية محمود، نجل رأس النظام المصري عبد الفتاح السيسي.

لا يعني ذلك أن دوره لم يكن واضحاً. كقائد للعملاء السريين في مصر (من حيث منصبه في المخابرات العامة المصرية)، فمن المؤكد أنه لا يمكن أن يكون غائباً عن الملابسات التي أدت إلى مقتل جوليو ريجيني. لكن النقطة التي لم يتم التطرق إليها البتّة هي العلاقة بين محمود ووالده عبدالفتاح السيسي. فوفقاً لبعض الاستنتاجات التي تم التوصل إليها من الجانب الإيطالي، فإن المعركة، في الواقع، والتي دارت رحاها في قمة هرم السلطة بالقاهرة، كانت في هذه الحالة تحمل سمات الملحمة العائلية: حيث يقف الابن ضد الأب، أي نوع من الصراع الذي قد يصل إلى محاولة قتل الأب أو قتل الملك. وفي الحقيقة، فإن العملية التي نفذها الابن الأكبر للسيسي، قد تكون جرى التخطيط لها بالتعاون مع مخابرات غربية أخرى. والأخطر من ذلك بالطبع أن كل ذلك جرى دون إبلاغ الأب بذلك.

إن حقيقة أن السيسي الأب ظل في الظلام (من حيث عدم إحاطته بما جرى) قد خلقت توتراً كبيراً داخل قصر العروبة، أحد القصور الرئاسية المصرية. وكان من الممكن أن يكون سبب التباطؤ والألعاب المزدوجة التي قامت بها القاهرة أمام الحكومات الإيطالية المتعاقبة بمرور الوقت. وباختصار، كان السيسي الأب حريصاً قبل كل شيء على عدم إظهار ذلك أمام الرأي العام، وخاصة بين أركان نظامه، من أنه قد تم إبعاده عن مثل هذه المناورة الدقيقة. كان عليه أن يُخفي أنه قد تم تجاهله لفترة طويلة من قِبل سلطته، وفي هذه الحالة من قِبل ابنه محمود، وإلا تم قراءة ذلك على أنه ضَعف من جانبه، وهو ما لا يريده.

وليس من قبيل الصدفة أن محمود السيسي نفسه قد تم تقليص دوره في ذلك الوقت فيما يتعلق بقيادة جهاز المخابرات العامة. وكان الدافع الرسمي للقرار الذي تم اتخاذه في عام 2019، هو احتجاجات سبتمبر من ذلك العام، والتي لم تتم السيطرة عليها بشكل جيد. ووفقا لتقرير صادر عن أجهزة المخابرات الإيطالية، فإن هناك في الواقع صراع قوى داخل أسرة السيسي. إنها محاولة مفترضة من الابن الأكبر محمود للصعود على سلم السلطة في القاهرة. وللأسف، كان ريجيني المسكين هو الضحية، وكذلك المطالبات الإيطالية بالحصول على تفسيرات، حيث كان الجانب المصري غير راغب في تقديمها، وعلى وجه التحديد حتى لا يخرج هذا الصراع الداخلي للعلن، لدرجة مقاطعة كل خطوة من خطوات التحقيق، حتى فيما يخص مجرد إعادة المتعلقات الشخصية لجوليو ريجيني.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close