fbpx
مختارات

تيران وصنافير مفتاح صفقة القرن

 

مقالات مختارة (1 يونيو 2017)بقلم عبد الرحمن يوسف، موقع المونيتور، 28 مايو 2017

أنهى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جولته في الشرق الأوسط منذ أيام إلا أن أبرز محطتها كانت السعودية التي  ظهر فيها التقارب الشديد بين الرؤى الأمريكية والسعودية، ودعي لذلك قادة دول أغب الدول العربية والإسلامية بشكل لافت الأمر الذي جعل هذه الزيارة تبدوا أكبر من مجرد زيارة ثنائية بين حليفين أو دولتين بينهم أهداف مشتركة في المنطقة. مصادر داخل الديوان الملكي السعودي قالت “للمونيتور” أن…

مصادر داخل الديوان الملكي السعودي قالت أن تلك الزيارة وكواليسها لا تبعد كثيرا عن إستعدادات تجري في المنطقة لإعادة تشكيلها واتخاذ إجرءات جذرية نحو بعض القضايا فيها، لافتا أن السعودية تسعى إلي إعادة تموضع لها بالمنطقة وإعادة صياغة علاقتها، لافتا أن قضية تيران وصنافير هي أحد أبرز الأدلة والشواهد على ذلك بجوار شواهد أخرى.

لماذا طلبت السعودية من مصر التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير؟

من خلال مصادر سعودية داخل الديوان الملكي السعودي يسمح لها موقعها بالإطلاع والتواصل مع القيادات النافذة صاحبة القرار السعودي، حصلنا على شرح ومعلومات يمكن من خلالها فهم جزء كبير من التحولات في الموقف السعودي في المنطقة، وأسباب عودة مسألة تيران وصنافير إلى واجهة العلاقات العام الماضي، رغم كونها قضية مطروحة منذ أمد بعيد.

“طلب حصول على الجزيرتين من مصر لم يكن طلب سعودياً خالصاً، بل هو طلب إسرائيلي نفذته السعودية”، هكذا لخص المصدر إجابته على السؤال الرئيسي حول صفقة الجزيرتين في بدايه حديثه، قبل أن يستطرد في شرح أسباب ذلك وعلاقة الجزيرتين بالقضية بتحولات السعودية والقضية الفلسطينية.

العلاقات السعودية الإسرائيلة كلمة السر

إن “المدخل الرئيس لفهم قضية تيران وصنافير والتغيرات التي ستجري في المنطقة والمباحثات التي تدور حول القضية الفلسطينية في الكواليس حالياً، هو العلاقة بين السعودية وإسرائيل”. فالتنسيق الأمني الإسرئيلي والسعودي سابق على التقارب الدبلوماسي، فقد “وقع الجيش السعودي مذكرة تفاهم بتدريب ضباط سعوديين مع الإسرائيليين، وكانت أول دورة شارك فيها الضباط في عام 2015 في قاعدة بولونيوم في حيفا وكانت دورة تدريبية للقوات الخاصة بالبحرية”، فيما “سعت السعودية عبر أميركا للحصول على تعاون إسرائيلي في إدارة مضيق باب المندب وخليج عدن لقطع إمدادات إيران عن الحوثيين”، وأن هناك عسكريين أمريكيين وإسرائيليين في قاعدة الملك فيصل الجوية في تبوك”.

كما أن السعودية وقعت مذكرة تفاهم لشراء ونصب منظومة القبة الحديدية ومنظومة صورايخ “حيتس” عبر الشريك المصنع “رايثيون” للصناعات الدفاعية وهي شريك مع شركة رفاييل الإسرائيلية، وهو الأمر الذي تم بعد زيارة الرئيس الاميركي السابق باراك أوباما إلى السعودية في نيسان/أبريل عام 2016.

هذه الأمور، وإلى جانب خشية السعودية من التمدد الإيراني في المنطقة ووجود إشارات من مسؤوليين سابقيين سعوديين للإستعداد للتقارب والتطبيع مع إسرائيل، شجعت الجانب الإسرائيلي أن يقدم طلبه للجانب السعودي بأن يطلب تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير، وهو الطلب الذي تم تقديمه عبر مسؤوليين إسرائيليين لمساعدي الملك سلمان خلال عطلة الصيف التي قضاها في مدينة كان الفرنسية عام 2015.

لكن لماذا يسعى الجانب الإسرائيلي في هذا التوقيت لطلب الجزيرتين؟

هناك رغبة إسرائيلية في الهمينة التامة على المياه في المناطق الحدودية لها، لاسيما المطلة على سيناء بعد تدهور الأوضاع فيها وكذلك خليج العقبة”، فضلاً عن “عودة إحياء مشروع البحر الميت الذي من خلاله سيتم إنشاء قناة مائية تغذي البحر الميت في الأردن من مياه البحر الأحمر، وهو ما يتطلب سيطرة وسيادة إسرائيلية على هذا الجزء من المياه الإقليمية”.

وتوجد زاوية أخرى تتعلق بتبعات نقل الجزيرتين، وتحويل المنطقة إلى منطقة مياه دولية تكون اليد العليا رسيماً كاملة فيها لإسرائيل، وهي أن ثمة مشروع يجري دراسته الآن لإنشاء خط سكة حديد بين الأردن والسعودية وإسرائيل، موضحا بأن “الخط سيكون ظاهرياً بين الأردن وإسرائيل لكنه بالباطن سيكون هناك وضع أفضل بين إسرائيل والسعودية من حيث العلاقات التجارية والاقتصادية، لاسيما أن الأردن تدرس الآن عمل منطقة حرة بين البلدين، فيما عادت إسرائيل للتفكير جدياً في إنشاء قناة بن غوريون بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط لتقوية علاقتها مع دول الخليج عبر السعودية، وتهميش دور قناة السويس”.

إن “هناك طلب أميركي-إسرائيلي بالإشتراك في إدارة الجزيرتين بذريعة خشية تدهور الأوضاع في سيناء، الأمر الذي يهدد الأمن القومي الإسرائيلي مباشرة” والاتجاه داخل الاستخبارات السعودية لا يمانع في ذلك.

وفي هذا السياق فإن ترتيبات النقل للجزيرتين ستتضمن ترتيبات إقليمية بين كل من إسرائيل والسعودية ومصر والاردن حول خليج العقبة، وتقسيم المياه في البحر الأحمر، وتحويلها لمياه دولية لكن كل هذا لن يتم قبل  استيفاء الشؤون القانونية بإقرار البرلمان المصري لخطة ترسيم الحدود البحرية، والتي من المرجح أنها لن تتخطى هذا العام، كما أن السعودية بالفعل أعادت في نيسان/أبريل الماضي الجزيرتين لخرائطها الحكومية.

وهناك نقطة أخرى تشرح  إصرار إسرائيل على أن يكون من بين شروط التطبيع والدعم الذي ستقدمه للسعودية هو استعادة المملكة سيادتها على تيران وصنافير؛ هذه النقطة هي أن “مصر في عام 2003 وضعت مراقبة متطورة على الجزيرتين لرصد حركة السفن والقطع البحرية بذريعة حماية الامن القومي المصري، وعندما أبدت إسرائيل إنزعاجها كان الرد المصري أن الغرض منها حماية الامن القومي المصري، لذلك عندما تتنازل مصر عن الجزيرتين سيتم فك المنظومة كونها ليست تابعة لمصر الآن”.

القضية الفلسطينية وتيران وصنافير

مصدر قريب الصلة من دوائر دبلوماسية في واشنطن، على علاقة متينة بالسعودية قال لـ”المونيتور”، إن “ترامب قد طلب من السيسي اقتراحه الشخصي لمبادرة ممكنة لعقد اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين تقوم فيه كل من السعودية ومصر، بصياغة اتفاق جديد يتضمن جزءاً من المستوطنات كقسم من دولة إسرائيل، على أن يكون للقدس صيغة مستقلة متفق عليها بين الطرفين، العربي والإسرائيلي”، في مقابل “أن تقوم مصر بدور فاعل في حل أزمة غزة بالإتفاق إسرائيل”، مبيناً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سعى لضمان موافقة مصر والسعودية بوصفهما الثقل الأكبر في العالم العربي والإسلام.

وعن الأنباء المتواترة عن اجتماع في صيف هذا العام حول القضية الفلسطينة، قال المصدر إنه بالفعل تم تحويل مسودة الاجتماع إلى دول عربية بعينها، من دون أن يسمها، تتضمن قائمة بأسماء الرؤساء المقترح حضورهم لقمة عربية حول القضية الفلسطينية، لبيان من هو على استعداد لعقد قمة مشتركة مع نتنياهو بمشاركة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، والعاهل الأردني عبدالله الثاني. ورجح المصدر أن مسألة القدس ربما ستكون هي العقبة الأكبر التي قد تعقد الأمورن لاسيما أن الأردن قد لا تقبل ترك التنازل عن ولايتها على المدينة في الاتفاق الجديد. وأشار المصدر إلى أن السيسي سيكون عليه مهمة الضغط على أبو مازن “للدفع بعملية السلام” بالإضافة إلى مهمته في الضغط على غزة.

وفي هذا السياق، ذكر مصدر “المونيتور” أن ولي ولي العهد، وزير الدفاع محمد بن سلمان، وخلال زيارته لواشنطن، التقى بأعضاء من منظمة إيباك في أحد فنادق واشنطن الشهيرة، ودار الحديث حول مسألة السلام مع إسرائيل وأن السعودية ليس لديها مشكلة مع الوجود الإسرائيلي في المنطقة.

وأوضح المصدر أن إسرائيل ترغب في أن تكون تسوية منطقة المضايق والتبعات المترتبة عليها، والتقارب الدبلوماسي العربي-الإسرائيلي جزء من تسوية القضية الفلسطينية، في إطار إعادة صياغة العلاقات العربية-الإسرئيلية ككل “لاسيما أن كلا من السعودية ومصر في أفضل مراحل العلاقة مع إسرائيل”.

وأشار المصدر إلى اجتماع العقبة الشهير الذي عقد في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، والذي تحدث فيه نيتنياهو بوضوح عن إعادة فكرة إحياء عملية تبادل الأراضي، كحل للقضية الفلسطينية، مبيناً أنه “جزء من خطة إسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية، وإعادة رسم شكل العلاقات بين بلدان المنطقة وبينها”(1).

—————————-

الهامش

(1) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close