الشرق الأوسطتقارير

جيش الاحتلال وحرب الإبادة لقطاع غزة بأسلحة تسبب الدمار الشامل


لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.


تمهيد:

“غزة تحولت إلى مقبرة أطفال”، تعبير صادم أطلقه أنطونيو غوتيريتش، الأمين العام للأمم المتحدة،[1]؛ بعد اتساع دائرة جريمة حرب الإبادة الجماعية الممنهجة، والتطهير العرقي التي يمارسها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة لأكثر من شهر ونصف؛ مع التركيز الواضح على استهداف الأطفال، حيث أصبح سقوط الضحايا والمصابين بعشرات الآلاف، يبلغ الأطفال نسبة 40 بالمائة منهم، بسبب القصف المباشر وهدم المنازل على رؤوس ساكنيها، وصولاً إلى مرحلتها شبه النهائية بعد حصار وقصف المستشفيات والتي توقف أغلبها عن تقديم خدمات الرعاية الصحية، وأصبح المتواجدون بداخلها من أفراد الأطقم الطبية ومرضى العناية المركزة  والغسيل الكلوي والأورام والأطفال الخدج في الحضانات، وعشرات الآلاف من النازحين طلباً للأمن والأمان؛ أصبح جميعهم معرضين لخطر الموت المحقق بسبب نقص الماء والطعام والدواء وانعدام سبل الحياة والصحة للبشر.

يُشكّل قطاع غزة ما مساحته 1.33% من مساحة فلسطين التاريخية، وهو مكون من مساحة ضيقة من الأرض، حيث تبلغ مساحته حوالي 365 كيلومتراً مربعاً. ويعيش في القطاع نحو 2.23 مليون نسمة، ولا يتجاوز طوله 41 كيلو متراً، ويتقلص العرض في بعض المناطق لخمسة كيلو مترات فقط، ولا يتسع في أحسن الأحوال إلا إلى 15 كيلو متراً.

وينتمي سكان غزة إلى فئة صغار السن إلى حد غير عادي، حيث تشير تقديرات “يونيسيف” إلى أن هناك ما يقرب من مليون طفل يعيشون في قطاع غزة، ما يعني أن نصف سكان غزة تقريباً من الأطفال. كما تبلغ نسبة السكان دون 15 عاماً 40%، وفقاً لبيانات وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.”CIA”  وتشير بيانات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (أونروا) إلى أن أكثر من 1.4 مليون من سكان قطاع غزة من اللاجئين الفلسطينيين. وتُظهر إحصائيات البنك الدولي أن قطاع غزة يعاني أحد أعلى معدلات البطالة في العالم، فيما تشير تقديرات  الأمم المتحدة إلى أن حوالي 80% من سكان القطاع يعتمدون على المساعدات الدولية للبقاء على قيد الحياة والحصول على الخدمات الأساسية. 

وأشار موقع “أونروا” إلى أنه “على مدى العقد ونصف العقد الماضيين على الأقل، كابد الوضع الاجتماعي والاقتصادي في غزة حالة تدهور مطرد”. وأضاف الموقع أنه “لم يتبق الآن سوى خيارات محدودة للغاية أمام سكان غزة الذين يعيشون تحت وطأة عقاب جماعي نتيجة الحصار الذي لا يزال يؤثر بشكل مدمر على حركة السكان من وإلى غزة، كما لا تزال عملية الوصول إلى الأسواق مقيدة بشدة”.

وتفوق الكثافة السكانية في مدينة غزة نظيرتها في المدن الكبرى الأخرى في جميع أنحاء العالم، وتصطبغ الظروف المعيشية في غزة بالقسوة المفرطة، إذ إن 95% من سكان القطاع لا يستطيعون الوصول إلى المياه النظيفة، وفقاً لـ “أونروا”، كما يؤدي نقص الكهرباء إلى توقف الحياة بشكل دوري. ويعتمد قطاع غزة بدرجة كبيرة على إسرائيل في الحصول على المياه والكهرباء والغذاء. حيث تحصل غزة على معظم ما تستهلكه من كهرباء من إسرائيل نظراً لأن القطاع لا يمتلك سوى محطة كهرباء قديمة واحدة.  ورغم توافر مصادر المياه الجوفية في القطاع، إلا أن كثيراً من الآبار تم تدميرها بسبب التلوث وملوحة المياه. ولم تعد أكثر من 90% من المياه في الطبقة الجوفية في غزة صالحة للشرب[2]. وتوجد في غزة ثلاث محطات صغيرات الحجم لتحلية مياه البحر المتوسط، تم البدء في تأسيسها بمحافظات مختلفة من قطاع غزة مع بداية عام 2014. المحطة الأولى تقع وسط القطاع وتخدم المحافظات الجنوبية، تم تأسيسها بتمويل من الاتحاد الأوروبي وتنفيذ منظّمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”. والثانية تقع في المحافظة الوسطى وهي بتمويل من الحكومتين النمساوية والأمريكية، وأما الثالثة فتقع شمالي القطاع وتم تأسيسها بتمويل من بنك التنمية الإسلامي بجدة. وتزوّد هذه المحطات نحو 35 بالمائة من سكان القطاع بالمياه الآمنة الصالحة للشرب. وفي أكتوبر/ تشرين الأول لعام 2021، قال المرصد الأورو متوسطي، والمعهد العالمي للمياه والبيئة والصحة (GIWEH) في بيان مشترك أمام مجلس حقوق الإنسان الدولي، إن 97 بالمائة من المياه في قطاع غزة غير صالحة للشرب. وأرجع البيان، التدهور الخطير للأمن المائي في قطاع غزة للحصار الإسرائيلي طويل الأمد[3].

سؤال البحث هو: هل قام جيش الاحتلال الإسرائيلي باستخدام أسلحة تسبب الدمار الشامل في حربه ضد قطاع غزة والتي بدأت يوم 7 أكتوبر من العام الحالي 2023؟  

وسوف تشمل الإجابة ثلاثة مباحث تدور حول نوعية الأسلحة وكيفية استخدامها وما نتج عنها من دائرة واسعة من التأثير، وآثار عميقة سوف يطول مداها.

المبحث الأول: ما هي أسلحة الدمار الشامل وما هو مدى خطورتها؟

يطلق مصطلح أسلحة الدمار الشامل Weapons of mass destruction (WMDs)  على أنواع من الأسلحة التي يؤدي استخدامها إلى تدمير مباشر لكل ما يقع داخل نطاق مجالها التدميري. ولا يقتصر تأثير تلك الأسلحة على ما تحدثه من دمار مباشر بل يمتد إلى آثار غير مباشرة بعضها يؤدي إلى تشوهات وأمراض تبقى مع أصحابها لسنوات.

وتشمل أسلحة الدمار الشامل ثلاثة أنواع شملتها معاهدات واتفاقيات منع الاستخدام الدولية وهي:

  • معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) The Treaty on the Non-Proliferation of Nuclear Weapons
  • اتفاقية الأسلحة الكيميائية The Chemical Weapons Convention (CWC).
  • اتفاقية الأسلحة البيولوجية The Biological Weapons Convention (BWC).

ذكر ذلك تقرير لمكتب الأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح، أشار إلى جهود المنظمة الدولية في الحد من انتشار هذه الأسلحة بالتعاون مع الحكومات والمنظمات الدولية المعنية. [4]

وبصورة عامة، فإن أسلحة الدمار الشامل قد يتم تناولها من ناحية أخرى حيث أن الأسلحة النووية قد أصبحت مخصصة حالياً للردع، والأسلحة البيولوجية تعتبر خطيرة جداً وأرخص تكلفة وأكثر فتكاً ومن الصعب اكتشاف المصدر، والأسلحة الكيماوية وهي مؤثرة ومن السهل اكتشاف المصدر.

أسلحة الدمار الشامل

المبحث الثاني: ما هو حجم ونوعيات الأسلحة التي كانت متاحة للجيش الإسرائيلي في الحرب ضد غزة 2023:

حصل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ سنوات على ” 750 قنبلة خارقة للحصون والأنفاق و3000 صاروخ من نوع “هالبر” المخصصة للمروحيات الهجومية، وآلاف القنابل الموجهة بنظام GPS بهدف تدمير البنية التحتية للقطاع، بالإضافة إلى 50 قنبلة خارقة للحصون من نوع BLU-113 و 700 أخرى من نوع BLU-109. وقد أكد الخبير الاستراتيجي اللواء صفوت الزيات على امتلاك إسرائيل على العديد من الأسلحة المحرمة دولياً مثل الفوسفور الأبيض واليورانيوم المنضّب”، وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن الإدارة الأمريكية أعطت الضوء الأخضر لبيع أسلحة دقيقة التوجيه لإسرائيل بقيمة 735 مليون دولار. واختار الجيش الإسرائيلي زيادة ترسانته من قنابل GBU-28 الأمريكية، والمصممة لاختراق أهداف محصنة في أعماق الأرض، على الرغم من أن القنابل تترك حفراً هائلة ويمكن أن تلحق خسائر فادحة في صفوف المدنيين. إضافة إلى القنابل الذكية التي تسمى “جدام” JDAM والتي لها القدرة على إحداث دمار كبير، وهي من قنابل الهجوم المباشر المشترك عالية التدمير التي تقدمها الولايات المتحدة دعماً لإسرائيل. إذ تستخدمها لضرب الأهداف من الجو، ويصل مداها إلى 28 كيلومترا، ويتراوح وزنها بين 558 رطلا و2000 رطل، ويمكن إطلاقها من ارتفاع 13.5 كيلومتر، أما توجيهها فيتم بالقمر الصناعي ويمكنها خرق التحصينات[5]. وعن العملية البرية وأسلحتها، قال اللواء الزيات إن “الجيش الإسرائيلي يمتلك معدات الاستشعار والرادارات البشرية وأجهزة التصوير الحراري، وطائرات مسيرة دقيقة الحجم، وأسلحة تساعدها في القتال داخل المنازل. ومن الأسلحة الرئيسية التي تعتمد عليها إسرائيل في عمليات الاقتحام، دبابات “ميركافا”، وهي دبابة القتال الرئيسية التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي، خاصة نموذج الجيل الرابع Mark 4، وفقا لصحيفة تايمز أوف إسرائيل، لأنه الأفضل من حيث التكنولوجيا والتسليح والتدريع ويمكنه التصدي لهجمات الاقتحام الأرضي. هذا بالإضافة إلى ناقلات الجنود المدرعة، أو APCs، وهي أخف بشكل عام من الدبابات القتالية الرئيسية، وكذلك ناقلة الجنود المدرعة إيتان الجديدة، ذات عجلات 8 × 8 متعددة الأغراض، وتهدف إلى استبدال ناقلات الجنود المدرعة M113 الأقدم التي استخدمها الجيش الإسرائيلي سابقاً، بحسب مدونة Army Technology على موقع إكس. وتتمتع “إيتان” بقدرات عالية من القوة النارية والقدرة على الحركة، بما في ذلك في أنواع مختلفة من التضاريس. وتتلقى إسرائيل أيضاً مساعدات عسكرية من دول غربية أخرى. وفي ألمانيا، وافق المسؤولون على استخدام طائرتين بدون طيار من طراز Heron TP في غزة من أصل خمس طائرات مؤجرة للبلاد، حسبما ذكرت رويترز. وقد كثفت وزارة الدفاع الأميركية من شحن مساعداتها العسكرية لإسرائيل فور بدء عملية “طوفان الأقصى” وما تبعها من عدوان مستمر على  قطاع غزة أدى إلى استشهاد أكثر من 11 ألف شخص، وإصابة قرابة 30 ألفا آخرين. وتعهّدت إدارة الرئيس الأميركي بتقديم أسلحة ومساعدات لإسرائيل قيمتها 14.3 مليار دولار، إلى جانب المساعدات السنوية التقليدية بقيمة 3.4 مليارات دولار. ويعد دعم إسرائيل من القضايا النادرة التي تجمع الديمقراطيين والجمهوريين في الولايات المتحدة، إذ يلقى دعمها العسكري موافقة أغلبية كلا الحزبين داخل مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين.[6].

المبحث الثالث: دراسة حول نوعيات الأسلحة التي استخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي لإحداث التدمير الشامل لقطاع غزة، ومدى بشاعة التأثير الذى تم رصده خلال فترة الهدنة التي بدأت صباح يوم الجمعة 25 نوفمبر 2023 :

 وبمتابعة سير الأحداث خلال الحرب منذ بدايتها حتى بدء تنفيذ الهدنة؛ يتبين أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قد مارس الاعتداءات بهدف معلن وهو عودة غزة 50 عاماً إلى الوراء؛ وذلك على النحو التالى:

أولا: التهديد باستخدام السلاح النووي، و استخدام متفجرات توازى قدرتها التدميرية أكثر من ضعفي قنبلة هيروشيما :

1- التهديد الإسرائيلي باستخدام السلاح النووي ضد الشعب الفلسطيني في غزة :

حيث أعلن وزير التراث الإسرائيلي أميخاى إلياهو في مقابلة إذاعية يوم 5 نوفمبر، (أى بعد حوالى الشهر من بدء العدوان الإسرائيلي على غزة )، نقلتها صحيفة «يديعوت أحرونوت»، رداً على سؤال صحافي: «هل ينبغي إسقاط قنبلة ذرية على غزة؟»، فأجاب الوزير: «هذا أحد الاحتمالات، كما أنني أتمنى عودة الأسرى، لكنّ هناك أثماناً في الحرب، هذه طريقة لفحص ما يخيفهم وما الذي سيخلق الردع”،فيما رد رئيس الحكومة الإسرائيلية على تلك التصريحات باستبعاده من اجتماعات الحكومة لأجل غير مسمى7]. وليس واضحاً ما إذا كان تصريح وزر التراث الإسرائيلي عن تأييده إلقاء قنبلة ذرية على القطاع على غرار ما فعلت الولايات المتحدة حين ألقت قنابل ذرية على مدينتي هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين في أغسطس 1945، خياراً كان مطروحاً على طاولة حكومة الحرب الإسرائيلية أم أنه موقف شخصي. لكن مجرد الخوض في مثل هذا العمل يعزز الاتهامات القائمة للحكومة الإسرائيلية بالرغبة الشديدة في إبادة أهل غزة وتغيير الواقع الجغرافي والديموغرافي للقطاع المحاصر منذ سنوات. وقد أدانت السعودية هذه التصريحات.[8]، وتوالت ردود الفعل المستنكرة لـتصريحات الوزير الإسرائيلي من جميع أنحاء العالم العربي والعالمي، وأثارت فضيحة لمحطات البث الإسرائيلية الرئيسية، وعدّها مسؤول أميركي “مرفوضة” كما أدانتها وزيرة الخارجية الألمانية. في حين ندّد المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية بتلك التصريحات واعتبر ذلك دليلاً على مدى «الانحراف والتطرف» الذي لحق بعدد من صناع القرار في الحكومة الإسرائيلية، ودعا المتحدث المصري، المجتمع الدولي، إلى التصدي بحسم لخطاب العنف والكراهية والعنصرية، وقال: «العالم يتحدث عن نزع السلاح النووي ومخاطره، والبعض متعطش لمزيد من الدمار والقتل”. وأدان التصريحات كذلك البرلمان العربي ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية،  التي اعتبرت أن “ذلك يعكس خطاب التطرف والكراهية والتحريض على العنف والإرهاب المنظم وجريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي يومياً ضد الشعب الفلسطيني”. وقالت وزارة الخارجية الروسية إن تصريح وزير التراث ‎الإسرائيلي  الذي بدا وكأنه منفتح على فكرة شن إسرائيل ضربة نووية على غزة يثير العديد من التساؤلات منها أسئلة عن وجودها في البلاد.[9]، وفى نفس السياق قال عمرو موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، إن ما صرَّح به أحد وزراء الحكومة الإسرائيلية من الدعوة إلى استخدام السلاح النووي لإخضاع غزة وحماس، هو أول اعتراف لأحد كبار المسؤولين بإسرائيل بامتلاك إسرائيل للسلاح النووي.[10].

2- استخدام جيش الاحتلال المفرط للمتفجرات ذات القدرة التدميرية العنيفة:

ومن ناحية أخرى، فقد ورد في توثيق حقوقي نشر يوم 2 نوفمبر / تشرين ثاني 2023، أن حصة الفرد الواحد بفعل الهجمات الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول تتجاوز 10 كيلوغرامات من المتفجرات. وبحسب المرصد الأورو-متوسطي لحقوق الإنسان، فإن جيش الاحتلال يستخدم قنابل ذات قوة تدميرية ضخمة بعضها يبدأ من 150 كيلوغراما إلى ألف كيلوغرام، خاصة بعد التطور الذي طرأ على زيادة وفاعلية القنابل مع ثبات كمية المتفجرات، فضلاً عن تعمد إسرائيل استخدام خليط يعرف بـ “آر دي إكس” الذي يطلق عليه اسم “علم المتفجرات الكامل”، وتعادل قوته 1.34 قوة “تي إن تي”، وأن  إسرائيل أسقطت أكثر من 25 ألف طن من المتفجرات على قطاع غزة بما يعادل قنبلتين نوويتين مثل قنبلة هيروشيما[11].

هذا ما أكده المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، يوم الأحد 26 نوفمبر 2023، بأن جيش الاحتلال  الإسرائيلي ألقى 40 ألف طن من المتفجرات أثناء الحرب الإسرائيلية على القطاع، وهي قوة تدميرية تقارب أكثر من قنبلتين ذريتين كتلك التي ضربت هيروشيما في الحرب العالمية الثانية[12].

ثانيا: استخدام الأسلحة الكيماوية والحارقة المحرمة دولياً:

عن سبب الإصابات غير المعهودة التي يتحدث عنها الأطباء بغزة، قال الخبير العسكري اللواء فايز الدويري إن سببها يعود لاستخدام نوعيات مختلفة من القنابل، منها مثلاً الفوسفور الأبيض المحرم دولياً حتى ضد الجنود والمواقع العسكرية خلال الحروب وفق  اتفاقية لاهاي. ووفقا للخبير العسكري، فإن قنابل الفسفور الأبيض تشتعل في الهواء وتتسبب في حروق تصل حتى العظم وتلف في أجهزة الجسم وتهتكات بالجهاز التنفسي لأنها تطلق حرارة تصل إلى 1300 درجة مئوية[13].

ومن جانبها فقد أكدت منظمة العفو الدولية، استخدام إسرائيل قنابل الفوسفور الأبيض في قصفها قطاع غزة المكتظ بالسكان المدنيين[14]. وأظهرت تقارير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية أن القوات العسكرية الإسرائيلية استخدمت قنابل الفسفور الأبيض، على الرغم من التحذيرات الدولية. ومعروف أن القنابل الفسفورية محرمة دولياً بموجب اتفاقية جنيف لعام 1980، التي نصّت على تحريم استخدام الفسفور الأبيض كسلاح حارق ضد البشر والبيئة، إلا أن لإسرائيل تجارب عديدة مع استخدام هذا السلاح[15].

الفوسفور الأبيض (ويُسمَى أحياناً بالأصفر) هو مادة صلبة شمعية تتراوح ما بين اللونين الأبيض والأصفر، ولها رائحة تشبه رائحة الثوم. ويشتعل الفوسفور الأبيض تلقائياً في الهواء عند درجات حرارة أعلى من 30 درجة مئوية، ويستمر في الاحتراق حتى يتأكسد بالكامل أو حتى يُمنَع عنه الأكسجين. وينتج عن حرق الفوسفور دخان كثيف ابيض اللون ومهيِّج يحتوي على خليط من أكاسيد الفوسفور. ويستخدم الفوسفور الأبيض لأغراض عسكرية في القنابل اليدوية وقذائف المدفعية بغرض الإضاءة وتوليد ستار من الدخان وكمادة حارقة. والاستخدامات الصناعية الرئيسية له هي الدخول في إنتاج حامض الفوسفوريك والفوسفات وغيرها من المركبات. ويُستخدَم الفوسفات لتصنيع مجموعة من المنتجات، ومنها الأسمدة والمنظفات. كما يُستخدم الفوسفور في صنع مبيدات القوارض والألعاب النارية. الفوسفور الأبيض مضرٌ أياً كانت طرق التعرض له. ويمكن امتصاصه بكميات سامّة بفعل الابتلاع أو انكشاف الجلد. والدخان الناتج عن حرق الفوسفور ضار أيضاً بالعينين والجهاز التنفسي، إذ تتحلل أكاسيد الفوسفور في الرطوبة إلى أحماض الفوسفوريك. وقد يتأخر ظهور التأثيرات الجهازية لمدة تصل إلى 24 ساعة بعد التعرُّض. وفي حالات التعرَّض الشديدة، يمكن أن تشمل التأثيرات المتأخرة اضطرابات القلب والأوعية والانهيار القلبي الوعائي، بالإضافة إلى تلف الكُلَى والكبد وانخفاض مستوى الوعي والغيبوبة. وقد تحدث الوفاة بسبب الصدمة أو الفشل الكبدي أو الكُلَوي أو تلف الجهاز العصبي المركزي أو عضلة القلب. لفوسفور الأبيض ليس سلاحاً كيميائياً بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية، لأنه يعمل بوصفه عاملاً حارقاً وليس من خلال “مفعوله الكيميائي في العمليات الحيوية” (المادة 2-2 من اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية).

واستخدام الفوسفور الأبيض قد ينتهك البروتوكول الثالث (بشأن استخدام الأسلحة الحارقة) من الاتفاقية المتعلقة بأسلحة تقليدية معينة في حالة واحدة محددة، وهي: إذا استُخدِم، عن قصد، باعتباره سلاحاً حارقاً مباشرة ضد البشر في بيئة مدنية. ولا تُحظَر الاستخدامات الأخرى للفوسفور الأبيض، مثل إضاءة ساحة المعركة. ولإثبات حالة استخدام غير قانوني بموجب الاتفاقية المتعلقة بأسلحة تقليدية معينة، يكون من الضروري إجراء تحقيق في القصد من وراء استخدام الفوسفور الأبيض، وهو ما يتجاوز ولاية منظمة الصحة العالمية. [16].

قنابل الفوسفور الأبيض

ثالثا: استخدام الأسلحة البيولوجية بطريقة غير مباشرة بتخليق وتهيئة بيئة ملوثة تنشر الأوبئة والأمراض المعدية؛

 وقد قام جيش الاحتلال بإحداث تلوثا بيئيا خطيراً يؤدى إلى مخاطر بيولوجية وذلك تم من خلال عدة محاور شملت:

  • قطع المياه والكهرباء وحظر الوقود، وقصف أغلب الآبار الجوفية الرئيسية ومحطات التحلية، وأصبح ماء البحر المصدر الوحيد المتاح، وبعد أسبوع واحد من اندلاع الحرب في غزة، صرحت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” بأن المياه النظيفة تنفد من القطاع بعد توقف عمل محطة المياه وشبكات الماء العامة”. وذكرت الوكالة الأممية أن الناس يضطرون إلى استخدام مياه غير نظيفة من الآبار، ما يزيد مخاطر انتشار الأمراض المنقولة عبر الماء. وحيث أن نسبة الأملاح المذابة في الماء العذب تكون “أقل من 1,000 جزء للمليون، ونسبتها في المياه المالحة تزيد لأكثر من عشرة أضعاف تلك النسبة، أما ماء البحر فتزيد بنسبة 220 مرة”. إضافة إلى أنه بالنسبة للحالة في قطاع غزة وشرب ماء البحر مباشر، ففي ذلك مخاطر أكبر، حيث إن ماء البحر يحتوي على العديد من الأملاح الضارة، مما يؤدي إلى زيادة ضغط الدم وأمراض الكلى وزيادة احتمال الإصابة بالسكتة الدماغية، و”يؤدي هذا في النهاية إلى الجفاف المفرط لأنسجة الجسم، خاصة المخ، والذي قد يزيد، متسببا بموت الإنسان بسبب العطش”. وزاد من خطورة الكارثة أن ماء البحر أصبح ملوثاً بمخلفات الصرف الصحي، وهذا يعنى الكثير من المخاطر البيولوجية وانتشار الأمراض المعدية، خاصة بين كبار السن والأطفال[17].
  • أدى القصف الممنهج للمنازل والطرق وتدمير البنية التحتية إلى وجود آلاف الجثث تحت الأنقاض في كارثة بيولوجية تعنى وجود الفرصة لوجود التلوث البيئي والمؤدي بدوره لانتشار الكثير من الأمراض المعدية، حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية بتاريخ 8تشرين الثاني/نوفمبر 2023 – أنه مع استمرار ارتفاع عدد الوفيات والإصابات في غزة بسبب تصاعد الأعمال العدائية ( يقصدون حرب جيش الاحتلال ضد غزة)، فإن الزحام الشديد في الملاجئ وتعطل النظام الصحي وشبكات المياه والصرف الصحي يضيف خطراً آخر هو الانتشار السريع للأمراض المعدية. وقد بدأت بعض الاتجاهات المقلقة في الظهور فعلاً. فقد أدى نقص الوقود إلى إغلاق محطات تحلية المياه، ما زاد من خطر انتشار العدوى البكتيرية، مثل الإسهال، زيادة كبيرة مع شرب الناس للمياه الملوثة. كما أدى نقص الوقود أيضاً إلى تعطيل جميع أعمال جمع النفايات الصلبة، ما هيأ بيئة مواتية للانتشار السريع واسع النطاق للحشرات والقوارض التي يمكن أن تنقل الأمراض أو تكون وسيطاً لها. وهذا الوضع مقلق، وخاصةً لما يقرب من مليون ونصف مليون نازح في شتى أنحاء غزة، ولاسيَّما مَن يعيشون في ملاجئ شديدة الزحام لا تتوافر فيها فرص استخدام مرافق النظافة الشخصية والمياه المأمونة، ما يزيد من خطر انتقال الأمراض المعدية. وتعمل الأونروا ومنظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة على توسيع نطاق نظام مرن لترصد الأمراض في العديد من هذه الملاجئ والمرافق الصحية، وقد رصد هذا النظام اتجاهات حالية للمرض تبعث على القلق البالغ. فمنذ منتصف تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أُبلغ عن أكثر من 33,551 حالة إسهال أكثر من نصفها بين الأطفال الأصغر من خمس سنوات، وهو ما يمثل زيادة كبيرة بالنظر إلى أن المتوسط لم يكن يتجاوز ألفي حالة إصابة شهرية للأطفال الأصغر من خمس سنوات خلال عامي 2021 و2022. كما أُبلغ عن 8,944 حالة إصابة بالجرب والقمل، و1,005 حالات إصابة بجدري الماء، و12,635 حالة طفح جلدي، و54,866 حالة إصابة بعدوى في الجهاز التنفسي العلوي.

ومع توقف أعمال التطعيم الروتيني ونقص الأدوية اللازمة لعلاج الأمراض السارية يزداد خطر انتشار الأمراض بسرعة، وذلك الخطر يتفاقم لأن نظام ترصد الأمراض، بما في ذلك قدرات الكشف المبكر عن الأمراض ومواجهتها، تغطيته غير كاملة. كما أن محدودية الاتصال بالإنترنت وعمل شبكة الهاتف يزيدان من القيود على قدرتنا على الكشف المبكر عن الفاشيات المحتملة ومواجهتها بفعالية.

وداخل المرافق الصحية، أدت الأضرار التي لحقت بشبكات المياه والصرف الصحي وتناقص مستلزمات التنظيف إلى استحالة الالتزام بالتدابير الأساسية للوقاية من العدوى ومكافحتها. وهذه التطورات تزيد كثيراً من خطر العدوى الناجمة عن الإصابات الشديدة والجراحة ورعاية الجروح والولادة. ويُعد المصابون بضعف المناعة، مثل مرضى السرطان، أكثر عرضة لخطر مضاعفات العدوى. ومع عدم كفاية معدات الحماية الشخصية، من بين ما يقرب من مليون ونصف مليون نازح، يوجد ما يقرب من 725 ألف إنسان في 149 مرفقاً تابعاً للأونروا، و122 ألفاً آخرين في المستشفيات والكنائس وغيرها من المباني العامة، ونحو 131,134 في 94 مدرسة غير تابعة للأونروا، والباقون في ضيافة أسر أخرى. واُضطر آلاف البشر إلى البحث عن الأمان والمأوى في الشوارع القريبة من المستشفيات ومكاتب الأمم المتحدة والملاجئ العامة، ما يزيد من الضغط على تلك المرافق التي تئن تحت الأعباء الملقاة على كاهلها. ومع معاناة الناس من نقص الغذاء وسوء التغذية وقرب حلول الطقس البارد، فإنهم سيصبحون أكثر عرضة للإصابة بالأمراض.

 وهذا الوضع يثير القلق خاصة بشأن أكثر من 50 ألف امرأة حامل وما يقرب من 337 ألف طفل دون سن الخامسة في غزة حالياً. وكذلك فإن العاملين في مجال الرعاية الصحية أنفسهم يمكن أن يُصابوا بالعدوى وينقلوها لمرضاهم أثناء تقديم الرعاية لهم. وقد تعطلت إدارة النفايات الطبية في المستشفيات تعطلاً شديداً، ما يزيد من التعرض للمواد الخطرة والعدوى.[18].

  • كارثة بيولوجية خطيرة ظهرت مع عملية القصف الممنهج للمستشفيات بداية من المستشفى المعمداني، ثم تطورت الجريمة لتشمل حصار مستشفى مجمع الشفاء الطبي والمستشفى الإندونيسي وغيرها، وقصف جميع المستشفيات ومنع المياه والغذاء والوقود والكهرباء، وبالتالي تم خروج جميع المستشفيات من الخدمة، للتحول إلى مناطق للموت الحتمي وهو ما حدث بالفعل للأطفال الخدج، ومرضى العناية المركزة، إضافة إلى البيئة المواتية لتلوث الجروح والحروق للمصابين، خاصة وأن الحروق تسبب تهتكاً كاملاً في الجلد وبنسبة تصل إلى 80 بالمائة من الجسم، وتضميد الجروح يتم بدون تعقيم للآلات ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية، إضافة إلى غلق أقسام النساء والتوليد في وجه قرابة الخمسين ألف من السيدات الحوامل، وانعدام فرص الولادة الآمنة، وجميعها من مسببات نقل العدوى البيولوجية المؤدية إلى الوفاة.

وأخيراً، فإن الموافقة على الهدنة الإنسانية يعنى توفير مقومات الحياة والرعاية الصحية في قطاع غزة بصورة كافية وشاملة وبكفاءة عالية بصورة عاجلة بعد حالة التدمير الشاملة التي سببتها الحرب على غزة طوال الخمسين يوماً التي سبقت تطبيق الهدنة الإنسانية:

إن بدء تنفيذ الهدنة الإنسانية  يعنى إتاحة الفرصة للأهالي للتنفس وبدء مداواة الجراح، وذلك يستلزم فتح معبر رفح بصورة كاملة لتلبية كافة الاحتياجات المعيشية والصحية والحياتية من حيث الكمية وجودة النوعية، وسرعة إنشاء مستشفيات ميدانية داخل قطاع غزة وبسعة استيعابية كافية لاستقبال عشرات الآلاف من الجرحى والمصابين وأصحاب الأمراض المزمنة الذين تم إخلاؤهم من مستشفيات شمال غزة، خاصة وأن نقابة أطباء مصر قد أعلنت عن وجود قرابة اللف طبيب متطوع تم تدريبهم بالتعاون مع الهلال الأحمر المصري، وذلك بالإضافة إلى أهمية توفير الرعاية النفسية للمصابين باضطرابات نفسية وما بعد الصدمة جراء القصف والمشاهد المرعبة  على مدى الأسابيع الماضية.

الواضح أن الاحتلال الإسرائيلي يستخدم أسلحة تسبب الدمار الشامل ضد أهالي قطاع غزة من أجل تحقيق هدف واضح ومعلن وهو تهجير أكثر من 2 مليون فلسطيني من قطاع غزة الى الأراضي المصرية، وهو المخطط الذي تم الإعلان عنه من قبل مسؤولين رسميين إسرائيليين كان آخرهم جيلا جيملائيل، وزيرة الاستخبارات الإسرائيلية، في مقالها الأخير في صحيفة جيروزاليم بوست العبرية؛ والذى طالبت فيه بالعمل على : “تشجيع إعادة التوطين الطوعي للفلسطينيين من غزة خارج قطاع غزة لأسباب إنسانية”. كما انتقدت الوزيرة الإسرائيلية وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) “بدلا من إرسال الأموال لإعادة إعمار غزة أو للأونروا الفاشلة، يمكن للمجتمع الدولي أن يساعد في تمويل إعادة التوطين ومساعدة الغزيين على بناء حياتهم الجديدة في بلدانهم المضيفة الجديدة”.[19]،

وهنا تجب الإشارة إلى أنه على جميع الأنظمة العربية والمنظمات الدولية المعنية أن تسعى بالعمل الدؤوب لوقف استخدام الاحتلال الإسرائيلي لأسلحة تسبب الدمار الشامل وإفشال مخطط تهجير الفلسطينيين من أرضهم في إعادة لسيناريو النكبة الفلسطينية عام 1948.


الهامش

[1]  الأمين العام للأمم المتحدة : غزة تحولت إلى مقبرة للأطفال (الأخبار D W  ) 7/11/2023

[2]  غزة : نصف سكانه من الأطفال، كل ما تريد معرفته عم قطاع غزة ( الشرق ) 10/10/2023

[3]  غزة: تحلية مياه البحر طوق النجاة للفلسطينيين ( الأناضول ) 23/1/2023

[4]  أسلحة الدمار الشامل ( مكتب الأمم المتحدة ) دورات تدريبية.

[5]  ما هي الأسلحة التي تستخدمها حماس وإسرائيل والتي قد تؤثر على الصراع مستقبلا (عربي  BBC News  ) 16 أكتوبر 2023

[6]  تصل يوميا، قائمة الأسلحة الأمريكية منذ طوفان الأقصى ( الجزيرة نت ) 18/11/2023

[7]  وزير إسرائيلي: إلقاء قنبلة ذرية على غزة أحد الاحتمالات ( الشرق الأوسط ) 5/11/2023

[8]  السعودية تدين تصريحات وزير إسرائيلي بقذف غزة بالنووي ( العرب ) 5/11/2023

[9]  روسيا : تلويح إسرائيل بالنووي يثير تساؤلات( الجزيرة نت ) 7/11/2023

[10]  أول اعتراف إسرائيلي بامتلاك السلاح النووي ( المصرى اليوم) 5/11/2023

[11]  توثيق حقوقي : 10 كيلوجرامات من المتفجرات حصة الفرد في غزة ( الجزيرة نت ) 2/11/2023

[12]  إسرائيل ألقت 40 ألف طن متفجرات على غزة ( الخليج ) 27/11/2023

[13]  خبير عسكري : إسرائيل أسقطت على غزة متفجرات نفوق قوتها قنبلة هيروشيما ( الجزيرة نت ) 25 أكتوبر 2023

[14]  كيان العدو يستخدم الفوسفور الأبيض على غزة ولبنان وسوريا ( 26 سبتمبر ) 14نوفمبر 2023

[15]  الفوسفور الأبيض سلاح محرم دوليا تستخدمه إسرائيل في غزة( العربي الجديد ) 20  أكتوبر  2023

[16] الفوسفور الأبيض (منظمة الصحة العالمية ) 20أكتوبر 2023

[17]  أهل غزة يشربون ماء البحر (عربي  BBC  ) 6/11/2023

[18]  ارتفاع خطر انتشار الأمراض في غزة ( منظمة الصحة العالمية ) 8/11/2023

[19]  مساعي التهجير لا تتوقف ( الجزيرة نت ) 19/11/2023


لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.


مصطفي جاويش

خبير واستشاري مصري، متخصص في التخطيط الاستراتيجي وتنمية المهارات القيادية، وإدارة الموارد البشرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى