
خريطة المصريين في الخارج: الانتشار والتأثير
مقدمة :
يلعب المصريون في الخارج دوراً كبيراً في مواجهة الانقلاب المصري، سواء بصوتهم الانتخابي أو بفعالياتهم التي تؤثر على الحكومات الغربية، أو بحضورهم الرافض للانقلاب والذي يعد أحد أهم وسائل الضغط على الحكومة الانقلابية في مصر. وتحاول الورقة رصد خريطة انتشار المصريين في الخارج ودورهم في معارضة الانقلاب، وذلك من خلال المحاور التالية:
المحور الأول: خريطة المصريين في الخارج المعارضين للانقلاب
المحور الثاني: كيانات ومبادرات المصريين في الخارج
المحور الثالث: كيفية تفعيل دور المصريين في الخارج
أولاً: خريطة المصريين في الخارج:
لا توجد أرقام دقيقة وحديثة تحصر عدد المصريين في الخارج بصورة منهجية، فتشير التقديرات الرسمية إلى أن عدد المصريين في الخارج يبلغ 2.7 مليون نسمة1 ، والتقديرات تتم بناء على عدد تصاريح العمل التي تم إصدارها من وزارة الداخلية (الهجرة المؤقتة)، وكذلك بناء على طلبات الهجرة (الهجرة الدائمة)، ولذلك فإن هذه الأرقام لا تشتمل على الأعداد الكبيرة من المصريين الذين يخرجون بتأشيرات سياحة أو دراسة ثم يستكملون حياتهم في الخارج ويعملون هناك. في حين تشير التقديرات غير الرسمية إلى وجود ما يقرب من 8 ملايين مصري في الخارج، تتركز غالبيتهم العظمى- ما يقرب من 69.9%- في الدول العربية2 ، لاسيما الخليجية منها، مقابل 30.1% موزعة بين أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية3 .
1- المصريون في الدول العربية:
يتركز غالبية المصريين في الخارج في الدول العربية، وتشير الأرقام الرسمية إلى وجود ما يقرب من 1.9 مصري في الدول العربية، أي ما يعادل 69.9% من إجمالي عدد المصريين في الخارج. ويتوزع هؤلاء المصريون على الدول العربية كالآتي:
– السعودية تحظى بنصيب الأسد من المصريين في الخارج، ما يقرب من 923.6 ألف مصري، أي ما يعادل 48.3% من إجمال عدد المصريين في الخارج في الدول العربية (هذا في الوقت الذي ترتفع فيه بعض التقديرات الي ضعف هذا الرقم للمصريين في المملكة، أي ما بين 1.5 إلى 1.8 مليون مصري يقيمون في السعودية)
– ليبيا، ويقيم بها نحو 332.6 ألف مصري، فيما يوجد في الأردن نحو 226.8 ألف مصري، بينما يصل العدد في الكويت نحو 190.5 ألف مصري.
– باقي الدول العربية: (الإمارات- العراق- قطر- اليمن- سلطنة عمان- لبنان- البحرين)، ويقيم بها ما يقرب من 239 ألف مصري.
2- المصريون في الدول الغربية:
يتركز ما يقرب من 824 ألف مصري (أي ما يعادل 30.1% من إجمالي عدد المصريين في الخارج) في الدول الغربية، ويتوزعون كالتالي:
– الولايات المتحدة الأمريكية: وتستضيف ما يقرب من 318 ألف مصري، فيما يصل العدد في كندا 110 آلاف مصري.
– إيطاليا: وتستضيف 90 ألف مصري، فيما يبلغ العدد في استراليا نحو 70 ألف مصري، أما اليونان فيقيم بها ما يقرب من 60 ألف مصري.
– يتوزع باقي المصريين (ما يقرب من 176 ألف) على دول: هولندا، وفرنسا، والمملكة المتحدة، وألمانيا، وسويسرا، والنمسا، وإسبانيا4 .
وتشير الأرقام التي كشفتها الانتخابات الرئاسية الأخيرة في عهد الانقلاب إلى أن نسبة المقاطعة من المصريين في الخارج كانت عالية للغاية، بالرغم من التسهيلات التي وفرتها سلطة الانقلاب عن طريق التصويت بالبطاقة الشخصية أو جواز السفر مع عدم التقيد بشرط التسجيل المسبق والذي كان متبعًا في الانتخابات بعد الثورة؛ حيث وصل عدد التصويت إلى 8% فقط من إجمالي عدد الناخبين المسجلين، بإجمالي أصوات 318033 صوتًا 5، وهذا مؤشر على استجابة المصريين في الخارج لدعوات المقاطعة التي أطلقها تحالف دعم الشرعية6 ، كما اعترف بذلك مندوب المرشح الرئاسي حمدين صباحي 7، وهو ما يعني وجود كتلة كبيرة معارضة للانقلاب و/أو داعمة للشرعية و/أو داعمة للديمقراطية بين المصريين في الخارج، وذلك طبقًا لمحددين اثنين، الأول هو مستوى التعليم المرتفع لدى الجالية في الدول غير العربية، وكذلك عدد الإسلاميين المرتفع لدى الدول العربية8 ، وكلاهما لا يصب في مصلحة الانقلاب.
ثانيًا: الكيانات والمبادرات التي تجمع المصريين في الخارج حاليا:
حتى الآن لا يوجد كيان واحد يتمتع بالصلابة والهيكلية المطلوبة يجمع المصريين في الخارج تحت مظلة واحدة لتوحيد الجهود، ولكن هناك بعض المبادرات الفردية والجماعية من مؤيدي الديمقراطية ورافضي الانقلاب (سواء تجمع المصريين من عدة دول، أو في دولة معينة)، وبعض الجهود التنظيمية من قبل الإخوان المسلمين في الخارج، ونستطيع رصد بعض الكيانات مثل:
1ـ الائتلاف العالمي للمصريين في الخارج:
تأسس في نوفمبر 20139 ، ويدعو إلى التظاهر أمام السفارات المصرية في عدة مناسبات 10، وتنبثق منه عدة ائتلافات، منها (الائتلاف المصري الألماني لدعم الديمقراطية) والذي نظم أمام مبني السفارة الأمريكية وأمام المفوضية الأوربية بالعاصمة الألمانية برلين معرضا لفضح جرائم الانقلاب العسكري في 6 أكتوبر 2014، في ذكرى مذبحة السادس من أكتوبر والتي راح ضحيتها أكثر من مائة متظاهر. وقد احتوى المعرض على لوحات مصورة ولافتات تحكي قصة الثورة المصرية وكيف انقلب عليها العسكر وما ارتكبوه من مجازر بشعة في حق المتظاهرين السلميين11 .
ويصفه منسقه العام الدكتور مصطفى إبراهيم بأنه “يضم الجاليات المصرية في 16 دولة حتى الآن، وأن العضوية عضوية مؤسسات وليست عضوية أفراد، وذلك بهدف المشاركة في بناء الوطن والدفاع عن مواطنيه، والائتلاف موجود بقوة في الدول الأوروبية وأستراليا والولايات المتحدة ودول البلقان واليابان”12 .
2ـ تحالف “مصريون في الخارج لدعم الديمقراطية”13 :
كان تدشينه في حفل تم تنظيمه في يوليو 2013، من عدد من الأعضاء من أوربا والولايات المتحدة، وخلال التدشين أعلن أعضاء التحالف فيما يتعلق بالموقف الغربي من الانقلاب الدموي أجمع المشاركون أنه يجب أن نفرق بين الحكومات والشعوب؛ مشيرين إلى أن الحكومات الغربية كانت دبلوماسية، وأوضحوا أن الإدارة الأمريكية تمسك العصا من المنتصف، فهي لا تستطيع دعم الانقلاب لأن ذلك ضد الشارع الأمريكي، والإدارة تنتظر حتى تهدأ الأمور، وتأمل أن يعود المحتجين إلى بيوتهم ويفضوا الاعتصام.
وعن السبيل أمام المصريين للوصول لهدفهم قال أعضاء التحالف إن الضغط في الشارع هو الآلية لإعادة المسار الديمقراطي، وأن يتم الإسراع بانتخابات مجلس الشعب، مع وجوب ان يعود الدكتور مرسي حتى يظلل ما يحدث بمظلة شرعية، والشعب هو من يقر. وطالب المشاركون أمريكا والاتحاد الأوربي ان يحترموا الديمقراطية في مصر والشرعية، وفوق ذلك العدالة. وأن يقفوا بجانب المبدأ الأصلي وجوهر الديمقراطية.
وعن آليات عمل التحالف، قال المشاركون “نخاطب الجميع ان يلتحق بصفحتنا مما يؤدي لجهد أكبر يحقق الهدف. ونحن الآن نقوم بعصف ذهني، ونخطط لعمل وقفات أمام وزارات الخارجية والسفارات والاتحاد الأوربي وإرسال خطابات للسفارات”. وأكد الحضور أن “المجتمع الدولي لا يمكن أن يعطينا ديمقراطيتنا أو حريتنا بل من أنفسنا. ولا تتوقع أن تتمنى تلك الدول لك التقدم. لا يصح الاعتماد على الغير أو حتى على الجيش المصري” 14.
نظم أنصاره وقفة احتجاجية أمام مبنى السفارة المصرية بروما فى ذكرى الانقلاب في 3 يوليو 2014، وكذلك تظاهرة في باريس في 21 يونيو 2014، وفي نيويورك وكندا وغيرها15 .
3ـ مصريون في الخارج من أجل الديمقراطية والعدالة:
نصت في تعريفها على أنها مؤسسة وطنية مصرية لا تقبل بالتدخل الأجنبي في الشئون المصرية، تعمل كجماعة ضغط تهدف لاستعادة مسار الشرعية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان في مصر من خلال الوسائل السياسية والقانونية، في ظل احترام القوانين المرعية في البلاد التي نقيم فيها”16 .
وقد نص البيان التأسيسي للمؤسسة، الصادر 2 ديسمبر 2013، على عدة مبادئ يلتزم بها أنصارها، وهي:
- نرفض الانقلاب العسكري ونرفض كل ما ترتب ويترتب عليه من تعليق دستور2012 وحل مجلس الشورى واختطاف الرئيس.
- نرفض كل أشكال التدخل للجيش في العملية السياسة، أيان كانت الأسباب والحجج.
- نرفض إعلان الأحكام العرفية وحظر التجوال بما لا يتفق مع أحكام الدستور، ونؤكد على الحق المبدئي للتظاهر والاعتصام السلمي للجميع.
- نرفض حظر أي حزب سياسي أو جماعة كانت قائمة في 30 يونيو 2013، ونرفض أيضا أي شيطنة للإخوان المسلمون أو أي جماعة سياسية أخرى.
- نطالب بالإفراج عن جميع المعتقلين وإلغاء كل التهم المسيسة الملفقة لهم.
- نحترم كل من خرج معارضا للرئيس المنتخب د. محمد مرسي، ولا نؤمن بقداسة أي رئيس أو أنه فوق النقد والمعارضة. ونؤكد أنه لا شرعيه إلا عبر صناديق الاقتراع، كطريق متحضر وحيد للوصول للحكم، والطريق الوحيد الذي يجنب مصر الانزلاق للفوضى التي تشهدها حاليا.
- نزهوا فخرا بالتنوع السياسي والثقافي والديني في مصر كدلالة حقيقية للحضارة والتراث الغني، والتأكيد على أن مصر تحتاج إلى كل هذه الجماعات لتحقيق النمو والازدهار. ونرفض إقصاء أو تهميش أي مواطن أو مجموعة بدون الاستناد إلى وقائع قانونية واضحة عادلة.
- نطالب السلطة الشرعية –بعد سقوط الانقلاب-بتشكيل لجان وطنية مستقلة غير قضائية للحقيقة على أن تتمتع بولاية كاملة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم والمذابح التي ارتكبت منذ 25 يناير 2011، وجبر الضرر الذي وقع على المضرورين، تطبيقا لمبادئ العدالة الانتقالية وتحقيقا للمصالحة الوطنية17 .
4ـ المبادرات الفردية:
والتي ينظمها المصريون في الخارج كأفراد أو كتجمعات لجاليات، دونما غطاء أو تنظيم، ولكن بعمل فعاليات في مناسبات مختلفة، لا سيما في ذكرى الأحداث الجسيمة مثل ذكرى الثورة وذكرى الانقلاب وذكرى فض رابعة وغيرها 18.
5ـ التحالفات الثورية:
بالإضافة إلى التحالفات التي تمثل أساسا الجاليات المصرية التي تقيم في الخارج، برزت عدة تحالفات سياسية رافضة للانقلاب العسكري في الخارج، هدفها الأساسي هو تنسيق العمل المشترك ضد الانقلاب في الخارج، وتضم مصريين من المقيمين منذ فترة طويلة في الخارج، بالإضافة إلى بعض الشخصيات المقيمة أصلا في مصر واضطرت للخروج منها في أعقاب الانقلاب، ومن بين هذه التحالفات:
(أ) وثيقة المبادئ العشرة (بروكسل):
التي تم توقيعها في العاصمة البلجيكية لتنسيق العمل الثوري في الخارج وتوحيد الصفوف، و”استرداد ثورة 25 يناير والمسار الديمقراطي”، وتتضمن الوثيقة عشرة مبادئ تؤسس للمشروع السياسي التشاركي في أعقاب سقوط الانقلاب،و من أهم هذه المبادئ، “إدارة التعددية والتشاركية ضمن حالة توافقية بالاتفاق بين التيارات السياسية، وعودة الجيش إلى ثكناته”19 .
(ب) المجلس الثوري المصري:
الذي تم الإعلان عنه في تركيا في 8 أغسطس 2014، وضم عدداً من كبار الشخصيات المعارضة للانقلاب في الخارج، وجاء في بيانه التأسيسي “إن المجلس الثوري المصري هو كيان للقوي والأفراد المصريين في الخارج علي اختلاف اتجاهاتهم السياسية وانتماءاتهم الفكرية، المتمسكين بمبادئ ثورة يناير والعاملين علي تحقيق أهدافها، والمناهضين لكل صور الفساد والاستبداد والانقلاب العسكري وما ترتب عليه من آثار، والرافضين لتدخل المؤسسة العسكرية في السياسة والمؤمنين بالشرعية الدستورية، والمتطلعين لتأسيس دولة مدنية تعبيرًا عن إرادة الشعب وحريته في اختيار من يحكمه” 20.
ومن أبرز إنجازاته اللقاءات الرسمية التي عقدها مع الحكومة التركية ورئيس جمهوريتها رجب طيب أردوجان، وهو ما يمثل اعترافًا ضمنيًا بالمجلس ككيان يعبر عن قوى المعارضة المصرية للانقلاب العسكري واستعادة المسار الديمقراطي، بالإضافة الى بعض اللقاءات الأوروبية ولقاء عدد من البعثات الدبلوماسية في مقر الأمم المتحدة في جينيف، وذلك على هامش المراجعة الدولية الشاملة لملف حقوق الإنسان في مصر. وقد أقام المجلس عدة فعاليات في داخل تركيا وخارجها للتعريف به وبأنشطته، ودعا كذلك إلى لقاءاته عدد من الشخصيات الموالية للديمقراطية من داخل مصر وخارجها، ويتميز بكونه يحتوي على عدد من الشخصيات البارزة المعارضة للانقلاب من مختلف الاتجاهات السياسية والفكرية والدينية المصرية.
ثالثًا: المصريون في الخارج والتأثير لصالح استعادة الديمقراطية:
هناك الكثير من عناصر القوة الذاتية للمصريين في الخارج يمكن استغلالها لإحداث التأثير المرجو لاستعادة الديمقراطية، وهنا سنفرق بين مغتربي الدول الأجنبية، ومغتربي الدول العربية؛ حيث إن معظم الدول العربية تعاني من أنظمة سطلوية لا تقل قمعًا عن النظام الانقلابي الحالي في مصر، بل إن تلك الأنظمة ربما أكثر تقدمًا فيما يتعلق بالرصد والتجسس وكذلك قدرتها على ترحيل الناشطين وتهديد مصادر رزقهم ومكتسباتهم التراكمية التي خرجوا من أجلها، والتهديد بخطر الاعتقال كذلك فور الوصول إلى أرض الوطن، إلا أن كلا الفصيلين يستطيع أن يقدم ما يستطيع من أجل الضغط على الانقلاب بوسائل مختلفة، وذلك استنادًا على أهمية وجود قنوات رابطة بين الجميع في الخارج، كما سيأتي بيانه لاحقًا في التحديات، ولذلك سنبدأ برصد عوامل القوة لدى مغتربي الدول الأجنبية.
المستوى الأول: عوامل القوة:
(أ) بالنسبة للمصريين في الدول الأوربية والأمريكية:
- مناخ الحرية الذي يحررهم من أية ضغوط سلطوية تهدد بترحيلهم وقطع أرزاقهم مما يوسع نطاق القدرة على التحرك في الفعاليات والمؤتمرات والورش وغيرها.
- مستوى تعليمهم وثقافتهم يسمح لهم بالنشاط في الفعاليات الرافضة للانقلاب وابتكار الوسائل الجاذبة لمقاومة الانقلاب.
- قدرتهم المالية المرتفعة نسبيًا والتي تمكنهم من الإنفاق المشترك على بعض الفعاليات.
- وجود طلبة في مستويات التعليم المرتفعة مثل دارسي الماجيستير والدكتوراه، والذين يستطيعون أن يصلوا إلى المراكز الفكرية والبحثية ووسائل الإعلام المختلفة لعرض رؤاهم المعارضة للسلطوية والرافضة للانقلاب وقدرتهم على المنافحة عن وجهة نظرهم.
- قدرتهم على إنشاء قنوات فضائية إذا توفر التمويل اللازم، والتي تبث على أقمار يلتقطها القمر الصناعي المصري نايلسات.
(ب) بالنسبة للمصريين في الدول العربية:
يستطيع مغتربو الدول العربية أن يفعلوا الكثير من أجل الضغط على الانقلاب من خلال النقاط التالية:
- قدرتهم على بث الرؤى المعارضة للاستبداد وسفك الدماء بين مواطني تلك الدول، واستغلال المناخ العام المؤيد للإسلاميين في مصر في معظم تلك الدول العربية ذات البيئة المحافظة، وهو ما يمثل ضغطًا شعبيًا ناعمًا يتزايد على الأنظمة الداعمة للانقلاب.
- تحويلاتهم المالية التي تعد مصدر قوة كبرى في أيديهم، ولذلك يمكن منع ضخ تلك التحويلات في الجهاز المصرفي الحكومي، وفي المقابل تحويلها في صور أخرى كأصول ثابتة أو ذهب، لعدم ضخ العملة الأمريكية في الاقتصاد المصري ومن ثم الضغط على الانقلاب اقتصاديًا.
- التصويت العقابي أو المقاطعة للانتخابات التي يجريها الانقلاب في الخارج من أجل فضحه وتعريته إعلاميًا وشعبيًا.
المستوى الثاني: عوامل الضعف:
عوامل مشتركة بين مغتربي الدول العربية والأجنبية:
- خوف المغتربين من تجسس الخارجية المصرية عليهم، أو الجالية الانقلابية وإبلاغهم عن النشطاء منهم، ومن ثم تعقبهم أو توقيفهم في المطارات المصرية فور الوصول، لاسيما في حالة وسم أي معارضة للانقلاب بأنها معارضة إسلامية.
- عدم وضوح ما يمكن وصفه بـ (أدبيات كسر الانقلاب)؛ وهي المشكلة الفكرية المتمثلة في عدم وضوح الرؤية لدى كثيرين من المصريين بشأن مسار ما بعد الانقلاب: هل هو إسلامي أم اشتراكي أم ليبرالي أم تشاركي، لذلك فإن هذا العامل قد يدفعهم إلى اختيار الاستقرار السلطوي على حساب الديمقراطية المجهولة النتائج، وذلك في قطاع كبير من المصريين غير المؤدلجين فكريًا لأي من الفصائل السياسية، أو غير المؤمنين سياسيًا بالقيم الديمقراطية وأهميتها للحفاظ على الدول، وذلك ناتج عن ضعف الثقافة الديمقراطية بين المصريين عمومًا.
- الخوف من عودة الإسلاميين وما يعتبره البعض فشل لهم وعدم وضوح استراتيجيهم في القضايا المتعلقة بالأمن القومي ومستقبل مصر في ظل حكمهم إذا انكسر الانقلاب، وتوجهات مصر فيما يتعلق بعلاقتها مع الغرب وإسرائيل، لاسيما في ظل إخفاق الإسلاميين في تحجيم الدولة العميقة في مصر، وبالتالي قد يرى بعضهم أن الإسلاميين سيفوزون بأي انتخابات ديمقراطية نظرًا لقواعدهم الشعبية في الريف والمناطق البعيدة عن المدن (مطروح وسيناء والصعيد) إذا عادت الديمقراطية، ومن ثم تكرار الإخفاق في تفكيك الفساد والاستبداد، وتفوق قوى النظام السابق على أي نظام من جديد والعودة إلى المربع الأول بكل كوارثه.
- الضعف الشديد لآليات العمل المؤسسي ذو النتائج المتراكمة وثقافته بين المصريين (سواء في الخارج أو الداخل).
المستوى الثالث: الفرص:
تتمثل الفرص في الآتي:
- التقارير التي تبثها المنظمات الحقوقية الدولية، وانحيازها إلى حقوق الإنسان في مصر، والتي يمكن استغلالها إعلاميًا وشعبيًا.
- الأحكام القضائية الجائرة التي تصدر في حق الأجانب مثل قضية صحفي الجزيرة والصحفي آلان جريش رئيس تحرير لوموند دبلوماتيك الذي تم توقيفه في القاهرة نتيجة محادثة على مقهى، واستغلال كتاباته لترويجها بين المصريين وصناع القرار في الدول المختلفة، وكذلك استغلال مثل تلك الحوادث لتجسيد عاقبة الاستبداد على الجميع.
- استخدام نتائج الاستبداد السلطوي الانقلابي وتأثيرها في إفراز الإرهاب والعنف المسلح، كأداة وفزاعة لحكومات وشعوب الدول الغربية للضغط على الانقلاب، واحتمالية انتقاله إلى الدول الأخرى بناء على مواقفها من الانقلاب.
- استغلال مواقف بعض الدول المعارضة للانقلاب وتصريحاتها من أجل الضغط على الحكومات الموالية للانقلاب وتسييس تلك القضية في الانتخابات الداخلية لتلك الدول كأداة للضغط الانتخابي واستخدام “السقوط الأخلاقي” للأحزاب/الحكومات المؤيدة للانقلاب في تلك المعارك الانتخابية.
المستوى الرابع: التحديات:
تتمثل التحديات في الآتي:
- عدم وجود غطاء ومظلة جامعة للمصريين في الخارج لتنسيق الجهود وتناغمها من أجل الضغط المكثف على المناطق الأكثر ضعفًا في البيئة/البيئات الخارجية الداعمة/المؤمل ضغطها على الانقلاب.
- التحديات الأمنية المتمثلة في وسم كل معارضي الانقلاب بأنهم (إسلاميون/ إخوان/ إرهابيون)، لا سيما الموجودون/العائدون من بعض الدول الداعمة بوضوح للإسلاميين مثل تركيا وبصورة أقل قطر.
- غلبة الإسلاميين على واجهة معارضي الانقلاب، وعدم القدرة على استقطاب وجوه من الفنانين/ المفكرين / الباحثين من ذوي التوجهات الأخرى.
- ضعف الآلة الإعلامية التي تستطيع تفكيك أدبيات الإعلام العسكري للانقلاب والذي يبث الشائعات والتخوين للشعب المصري، ووسم جميع القنوات المعارضة بأنها “إخوانية”، بعدم وجود قنوات ثورية أخرى يمكن من خلالها مخاطبة الشعب المصري بدون بروباجاندا التخوين والأخونة.
خاتمة: توصيات ومقترحات اضافية للفاعليات والأنشطة:
- تنظيم فعاليات إعلامية للمصريين في الخارج (على غرار فعاليات عصر الليمون إبان انتخابات الرئاسة بين مرسي وشفيق).
- الدعوة لوقف التحويل من المصريين في الخارج، وحينئذ سيتم تصويرها بأنها فاعلية وطنية للضغط على السلطوية العسكرية بعدم استخدام نقود المصريين في تسليح الأجهزة القمعية لقتل المصريين.
- تنظيم فعاليات لمقاطعة انتخابات العسكر بوسائل رمزية أيضًا مثل تقطيع بطاقات انتخابات رمزية في فيديوهات وصور وخلافه.
- زيادة عدد معارضي الانقلاب في الخارج ونشاطهم داخل السفارات المصرية وحصارهم لها سلميا بالهتافات والملصقات سيمثل ضغطًا إضافيًا على النظام وبعثاته الدبلوماسية، وستعود حينئذ روح الثورة، وهو ما يمكن أن يساهم في تعظيم مصادر قوة المصريين في الخارج بقدراتهم المالية وثقافتهم وأدواتهم وبيئة الحرية في الدول الأجنبية للضغط على النظام الانقلابي.
- استغلال أفضل للفرص المتمثلة في التقارير الحقوقية وشهادات الصحفيين الذين تعرضوا للقمع وكذلك المحاكمات الجائرة في استخدامها كأدوات لمبارزة النظام السلطوي، وكذلك الضغط على الحكومات الأجنبية لوقف المعونات المالية والعسكرية والاقتصادية للنظام الانقلابي كقضية أخلاقية في حالة النجاح في إبرازها كقضية رأي عام سياسية لدى الأحزاب المؤيدة لحقوق الإنسان ولقيم الديموقراطية.
- توحيد جهود المصريين في الخارج تحت مظلة واحدة، أو على الأقل التقريب والتنسيق بينهم، بوجود هيكلية تنسيقية تستطيع من خلالها الضغط المتناغم على نقاط ضعف الانقلاب بتكثيف متزامن وبتعظيم الموارد الموالية لعمل فعاليات ضخمة ومؤثرة بدل فعاليات ضعيفة ومتناثرة، وذلك من أجل استغلال تلك الفعاليات إعلاميًا وسياسيًا.
- إنتاج مواد مرئية احترافية لتجسيد تكلفة القمع على المواطن بأفلام قصيرة مبدعة ومؤثرة ونشرها في الخارج لاستقطاب المزيد من معارضي الانقلاب.
- الاستمرار في التواصل مع المسئولين والبرلمانات ومؤسسات المجتمع المدني ضمن أطر الضغط على الحكومات الغربية والعربية.
- الاستفادة بالبرلمانيين والمسئولين السابقين الموجودين في الخارج، في خلق وتعزيز التواصل مع نظرائهم من الدول الغربية والعربية، للتأكيد على ثوابت رفض الانقلاب وحماية وترسيخ قيم الديمقراطية وإبعاد الجيش عن العملية السياسية21
- الاستفادة من فرصة وجود عدد من السياسيين المصريين الذين خرجوا من مصر، لعقد حوارات والوصول الى تفاهمات سياسية تصب في صالح الثورة .
————————————
الهامش
1 العمالة المصرية بالخارج الهجرة المؤقتة، الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، http://www.capmas.gov.eg/pages_ar.aspx?pageid=232
2 هذا لا يتوافق مع أن الفرق بين التقدير الرسمي (2.7 مليون) و التقدير غير الرسمي (8 مليون) يرجع الي السبب المذكور أعلاه، حيث أن الموجودين بالدول العربية لا ينطبق عليهم هذا الكلام، فمعظمهم لا يذهب بغرض السياحة أو الدراسة. و بالتالي فان رقم ال 8 مليون يبدو مبالغا فيه
3 الأصوات العابرة للحدود: الخريطة الجغرافية والسياسية للمصريين في الخارج، محمود عبده علي، السياسة الدولية، بدون تاريخ نشر، على الرابط.
4 المصدر السابق.
5 ننشر النتائج النهائية الصحيحة لأصوات المصريين بالخارج، اليوم السابع، 21 مايو 2014، على الرابط .
وإذا كانت هذه النسبة (8%) تعادل 318033 صوتًا فإن هذا يعني أن إجمالي عدد من لهم حق التصويت يبلغ نحو 3.9 مليون مصري في الخارج تقريباً.
6 تحالف الشرعية يصدر بيانا يحيي المصريين على مقاطعة الانتخابات، الجزيرة مباشر مصر، 19 مايو 2014، الرابط.
7 عضو بحملة حمدين يعترف بحدوث مقاطعة كبيرة من المصريين بالخارج للانتخابات استجابة لدعوة تحالف الشرعية، موقع “كلمتي”، على الرابط التالي: http://klmty.net/videos_24871.html
8 محمود عبده علي، مصدر سابق.
9 تأسيس “الائتلاف العالمي للمصريين في الخارج” لتوحيد الجهود ضد الانقلاب، نافذة مصر، 25 نوفمبر 2013، الرابط.
10 الائتلاف العالمي للمصريين في الخارج يدعو للتظاهر أمام السفارات، مصر العربية، 15 مايو 2014، الرابط.
11 موقع “مراسلون”، 7 أكتوبر 2014، على الرابط.
12 ائتلاف المصريين بالخارج: نواجه الانقلاب لاستعادة الديمقراطية، الجزيرة مباشر مصر، 22 فبراير 2014، الرابط.
13 دشن موقعه الرسمي http://eafdworld.com / وينقل فعاليات المصريين بالخارج بصورة دورية.
14 أعلن المشاركون عن تدشين صفحة للتجمع بعنوان Egyptians Abroad For Democracy للتعبير عنهم داعين جميع المصريين بالخارج للاشتراك في الصفحة لدعم الشرعية ورفض الانقلاب، نص الخبر منشور على الرابط التالي.
http://rassd.com/1-67198.htm#sthash.E1D6PcIC.dpuf
15 نشاطات الفعاليات يمكن متابعتها على الرابط التالي: http://eafdworld.com/?cat=3 .
16 مصريون بالخارج من أجل الديمقراطية والعدالة، من نحن، (الرابط) موقع الفيسبوك، الرابط.
17 تضم الهيئة التنسيقية للمؤسسة كل من: إيهاب لُطيّف، صفي الدين حامد، محمد شريف كامل، أسامة رشدي.
18 المصريون بالخارج ينتفضون ضد الانقلاب في ذكرى “25 ناير”، بوابة الحرية والعدالة، 25 يناير 2014، الرابط.
19 “وثيقة بروكسل”، طوق نجاة للإخوان أم تحصيل حاصل؟، موقع “دويتش فيلله” الألماني، 15 مايو 2014، على الرابط.
20 ) البيان التأسيسي لـ”المجلس الثوري المصري”، صحيفة المصريون، 8 أغسطس 2014، على الرابط.
21 هذا الأمر قد تم فعلياً بالإعلان عن استئناف انعقاد البرلمان الشرعي المصري”، لجلساته، في فندق “تيتانك بيرم باشا”، بمدينة اسطنبول التركية، يوم 20 ديسمبر 2014م , وقد تم تناول هذه الموضوع باستفاضة في ورقة قدمها المعهد المصري بعنوان انعقاد البرلمان الشرعي.
22 تجدر الإشارة إلى أن المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، قد قام بإعداد تقدير موقف حول المجلس الثورى المصري بعد مرور ثلاثة أشهر على تأسيسه، تضمن العديد من الإجراءات والفعاليات التي من شأنها تفعيل حركة المصريين في الخارج، والكيانات السياسية والحقوقية الرافضة للانقلاب.