ذا ناشيونال: توم باراك يتحدث عن إسرائيل والشرق الأوسط وما سيحدث بعد

أجرت “هادلي جامبل”، وهي كبيرة المذيعين الدوليين في مجموعة إنترناشيونال ميديا أيدياز (IMI) الإعلامية الإماراتية، في 22 سبتمبر 2025، حلقة هامة من برنامجها “أون ذا ريكورد” الذي تذيعه على قناة “ذا ناشيونال” على يوتيوب، حيث استضافت جامبل المبعوث الأمريكي الخاص “توم باراك” وأجرت معه حديثاً معمّقاً حول دعم واشنطن لإسرائيل، والحرب في غزة، والتحولات في المشهد الإقليمي، ورؤيته للمستقبل السياسي للبنان.
يُذكر أن قناة “ذا ناشيونال” على يوتيوب وكذلك صحيفة “ذا ناشيونال” اليومية الناطقة باللغة الإنجليزية، هي منافذ إعلامية إماراتية حكومية تمولها دولة الإمارات العربية المتحدة وتنطلق من أبوظبي. وجدير بالّكر أيضاً أن الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو شقيق رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، هو من يملك صحيفة “ذا ناشيونال” الإماراتية الناطقة بالإنجليزية.
وقد اعتبر المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم باراك، في حديثه مع “هادلي جامبل”، أن السلام في الشرق الأوسط هو “مجرد وهم”، ووصف اعتراف بعض أعضاء مجلس الأمن الدولي بالدولة الفلسطينية بأنه “غير مُجدٍ”. حيث قال السيد باراك: “عندما نقول سلام، فهو مجرد وهم”، مضيفاً، “لم يكن هناك سلام في الشرق الأوسط من قبل. وربما لن يكون هناك سلام أبداً، لافتاً إلى أنه كان هناك 27 محاولة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة ولكن أياً منها لم ينجح…
وقد جاء الحوار على النحو التالي:
هادلي جامبل: سعادة السفير، شكراً جزيلاً لانضمامك إلينا. إنه لمن دواعي سروري. أود أن أطلب منك أن تُطلعنا على ما هي على وجه التحديد عقيدة ترامب في الشرق الأوسط؟
توم باراك: الرئيس ترامب قال بوضوح: “انظروا، لن أفقد المزيد من أرواح الأمريكيين. لقد مررنا بهذه التجربة من قبل. ولن نقوم بغزو أي دول أخرى أو فرض أي أساليب استعمارية عليهم. فهذا الأمر لم ينجح قط. لذا، نحن سنركز على مكافحة الإرهاب. وسنتعاون مع جيراننا في ذلك، وهذا كل شيء. وهذا ما فعله بالأساس. أما إسرائيل فهي قصة مختلفة. إسرائيل هي حليف استراتيجي ذو قيمة عالية بالنسبة لنا. فنحن ندعمها بأربعة أو خمس مليارات دولار سنوياً. ولها مكانة خاصة في قلب أمريكا. ونحن نعيش في حالة من الحيرة حول ما يحدث في هذه المرحلة الانتقالية. لذا، فالأمر معقد. إنه وضع شديد التعقيد.
هادلي جامبل: ما هي النهاية المتوقعة لذلك؟
توم باراك: كنت أتمنى ألا تسأليني هذا السؤال لأنني لا أعرف الإجابة عليه. ولا أعتقد أن أحداً يعرف الإجابة. انظري، السلام الذي نتحدث عنه هو في النهاية مجرد وهم. فلم يكن هناك سلام قط. وربما لن يكون هناك سلام أبداً لأن الجميع يقاتلون من أجل “الشرعية”. لذا يقول بعضهم إنهم يقاتلون من أجل (حماية) الحدود. ولكن ليس هذا ما يقاتلون من أجله. الحدود أو التخوم هي مجرد أداة من أجل التفاوض. والنتيجة النهائية هي أن طرفاً ما يريد الهيمنة، مما يعني أن على الطرف الآخر الخضوع. في ذلك الجزء من العالم، “الخضوع” كلمة ليس لها وجود في اللغة العربية. إنهم لا يمكنهم استيعاب أو تقبل ذلك أبداً. لذا، ففي النهاية، يُعتبر الرفاه الاقتصادي هو الحل الوحيد.
هادلي جامبل: عندما نرجع خطوة إلى الوراء وننظر إلى الدعم الذي طالما أغدقته الولايات المتحدة تقليدياً على إسرائيل، فحتى داخل حزب الرئيس نفسه، نجد أنه يفقد الدعم في هذه القضية. هل تعتقد أن سياسة أمريكا قد تتغير نتيجة لذلك؟
توم باراك: انظري، أعتقد أن الرئيس ترامب لديه شيء في ذهنه. ومن الصعب على العالم قبول الأمر الحاصل الآن. ما أقصده هو أن فقدان الأرواح على أي أساس هو أمر مزعج وغير مقبول. وسواء كان ما يحدث في غزة هو نتيجة لاعتبار أن حماس هي من تأخذ مليوني شخص كرهائن، أو أن إسرائيل عدوانية بشكل مفرط، وبالتالي فالنتيجة هي قتل الأطفال والنساء، إلى جانب المقاتلين، بسبب ذلك، فلا يهم. إنما يجب أن ينتهي هذا الأمر.
هادلي جامبل: لكن الكثيرين سيقولون إن الولايات المتحدة برفضها دعم وقف إطلاق النار في غزة تساعد على تفاقم هذا الوضع.
توم باراك: أعتقد أنه كان هناك 27 محاولة لوقف إطلاق النار هناك؛ ولكن أياً منها لم ينجح. ولن ينجح وقف إطلاق النار.
هادلي جامبل: ما رأيك في تواصل حزب الله مع المملكة العربية السعودية؟ هل تعتقد أن شيئاً سيحدث من ذلك؟
توم باراك: لا، أعتقد أنها مزحة. أعتقد أنهم يحاولون فقط إثارة القلق وزعزعة الاستقرار. إنهم فقط يتلمسون الطريق. وبالمناسبة، فمجموعة مكافحة الإرهاب لدينا، ليست الرئيس ترامب فقط، بل جميع الوزراء، وبينهم الوزير روبيو، لديهم خبرة مذهلة في الأمر. ولدينا كذلك في وزارة الحرب، ومكافحة الإرهاب، ووزارة الخارجية. لدينا الكثير من الموارد. وكل تلك الموارد تشير إلى اتفاقات أبراهام. حسناً، ربما هي ليست حتى اتفاقات أبراهام، بل اتفاقات سليمان. ولكن في النهاية، فالطريق ليس إلى دمشق، ولكنه إلى تل أبيب. والمملكة العربية السعودية تفهم ذلك جيداً. لذا، ذهبت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى هناك (تل أبيب) مبكراً. فلديها عدد سكان أقل. وكما تعلمون، فلدى المملكة العربية السعودية 30 مليون مسلم يأتون سنوياً إلى مكة والمدينة للحج والزيارة. ولديهم قاعدة محافظة للغاية. وعليهم أن يسيروا بوتيرة أبطأ قليلاً في ذلك. لذا، ففي نهاية مسألة “غزة”، أعتقد أننا سنرى السعودية تشير إلى ضرورة الاصطفاف. وأنه على الجميع أن يصطفوا. إذ علينا أن نعيد إسرائيل إلى مركز الأحداث وكذلك نضع السعودية في المركز. لكن في خضم الارتباك السائد في قطر، حيث يتساءل جميع حلفائنا المخلصين: “يا إلهي، لطالما عرفنا مدى عدوانية إسرائيل، ولكن هل يعني هذا أن الولايات المتحدة لم تعد ضامنة لأمننا؟”
هادلي جامبل: أليس الأمر كذلك؟
توم باراك: لا، ليس كذلك. نعم الوضع لم يكن جيداً. فدولة قطر هي حليف عظيم وقيّم بالنسبة لنا منذ البداية. والشيخ تميم، والشيخ محمد، كلما طلبنا منهما فعل شيء… لكن تختلط الأمور في أمريكا، حيث يقول البعض: “حسناً، لقد آووا حماس، وآووا طالبان”، إنما هم فعلوا ذلك بناءً على طلبنا. فلو لم يكن لدينا قناةٌ للتواصل معهم، لما وصلنا إلى هناك أبداً.
هادلي جامبل: إذاً، اتخاذ إسرائيل لهذه الإجراءات دون طلب إذن؟ فهي لم تطلب إذناً من الولايات المتحدة، هل كان ذلك تجاوزاً؟
توم باراك: ليس من وظيفتي أن أعرض وجهة نظري هذه، لكنني سأقدم لكم وجهة نظري الشخصية. وأنا أعلم ذلك لأنني أتعامل معهم يومياً. ولا أتفق مع الكثير مما يفعلونه، لكنني أحترمهم، أقصد الإسرائيليين، لأنهم يخبرونك بالضبط بما سيحدث.
هادلي جامبل: لكنهم لم يخبروا الولايات المتحدة؟
توم باراك: بشكل عام، كل شيء تغير في الشرق الأوسط بعد السابع من أكتوبر (2023). كل شيء. وسيخبرك بيبي، نتنياهو، أنه غير مهتم بالحدود؛ وأنه لا يلقي بالاً للخطوط الحمراء، أو الخطوط الزرقاء، أو حتى الخطوط الخضراء؛ وأنه إذا شعر أن حدوده أو شعبه يتعرضون للتهديد، فسيذهب إلى أي مكان وسيفعل أي شيء. نقطة على السطر. لذا، فالجميع على دراية بأن هذا سيحدث. إن ما يحدث هو أن الوضع الفلسطيني، كما تعلمون، منذ أوائل القرن العشرين، كان محيراً وكأننا في مستنقع يحاول فيه الجميع فهم ما يحدث؟ لماذا لا يأخذهم (يقصد الفلسطينيين) العرب؟ لماذا لا تأخذهم مصر؟ لماذا لا تأخذهم السعودية؟ لماذا لا يقبلهم أحد؟ إنها معضلة حقيقية.
هادلي جامبل: لأنهم يريدون البقاء على أرضهم، لذلك يرفض الناس قبولهم على أراضيهم.
توم باراك: لذا، قد تستمر فكرة بقاء الجميع على أرضهم إلى الأبد، وهو أمر لا علاقة له بالأرض، برأيي المتواضع، بل له علاقة بالشرعية. إنه يتعلق بالارتباط. فأنتم تسلبون هويتهم. وهذه ليست طريقة جيدة للتفاوض مع أي أحد، لأنها تتعلق بأهميتهم وارتباطهم. لا يتعلق الأمر بخطوط حمراء. ولا يتعلق بجولدن هايتس. ولا يتعلق بغزة، التي هي، كما تعلمون، مكانٌ مروعٌ للغاية بالنسبة لهم؛ ولا يتعلق الأمر كذلك بالغرب…
هادلي جامبل: لكن إذا كنت لا توافق على هذه السياسة، فماذا تفعل في وظيفتك؟
توم باراك: أنا أوافق على السياسة. سياسة الرئيس.. سياسة الرئيس..
هادلي جامبل: إذن هل توافق على ما يحدث في غزة؟
توم باراك: أنا شخصياً أكره ما يحدث في غزة من جميع الأطراف: الفلسطينيين، والإسرائيليين، والأردنيين، واللبنانيين، والسوريين، وكذلك الأتراك. وكما تعلمين، وطبقاً لتوصيفي الوظيفي المتواضع، فإني أقول إنها فوضى.
هادلي جامبل: لديك كير ستارمر، رئيس الوزراء البريطاني، يعترف بالدولة الفلسطينية، ولديك إيمانويل ماكرون يهدد بفعل الشيء نفسه، وأستراليا، إلخ. يبدو أن هناك تحولاً يحدث. هل في رأيك هذا أكثر من مجرد عملية تجميلية شكلية؟ هل هذه التصريحات في الأمم المتحدة حول الدولة الفلسطينية أمر مفيد أم ضار؟
توم باراك: في تقديري، هذا أمر جيد. من الجميل رؤية الأمم المتحدة، وأي جهة تابعة لها، تفعل أي شيء. فهذا إنجاز لأنهم عادةً لا يفعلون ذلك. لكنني أعتقد أنه عديم الفائدة ولا يُساعد في شيء.
هادلي جامبل: أخبرني، كيف ترى الوضع في لبنان اليوم؟
توم باراك: الوضع في لبنان صعب للغاية؛ لما مروا به منذ عام 1976، حيث شهدوا حرباً أهلية، وحرباً مع إسرائيل، وحرباً أخرى مع سوريا. كما أنهم مروا بعشرين حالة مختلفة من وقف إطلاق نار بين حزب الله وإسرائيل، وعاصروا خمسة عقود من الفساد الأشد ضراوة في أي كيان حاكم يمكن تخيله. والآن، لديهم مجموعة جيدة في مكانها الصحيح حالياً. أعتقد أن لديهم حسن نية، في رأيي، فهم ليسوا من ذلك النوع. ولكن لديهم بنك مركزي مفلس؛ ولديهم نظام مصرفي يعاني من عجز قدره 70 مليار دولار. وليس لديهم كهرباء؛ وليس لديهم خدمات، حتى لجمع النفايات. كما أن لديهم نظام طائفي قائم على الانتداب الفرنسي والذي لم ينجح أبداً منذ أن تم تطبيقه تحت الانتداب الفرنسي عام 1946. إن الجميع يرفض الاعتراف بأن المارونيين ليسوا في موقع المسؤولية، وأن السنة ليسوا في موقع المسؤولية، وأن الشيعة الذين كانوا أقلية هم المسؤولون عن إدارة الأمور بالفعل. لذلك فحتى حزب الله، الذي يبلغ عدد جنوده 70 ألف جندي، وبالمناسبة نحن لا نعترف بحزب الله، فهو منظمة إرهابية أجنبية بحسب البرلمان الأمريكي. وأواجه مشكلة في كل مرة ندخل فيها في هذا النقاش لأنه في لبنان، هذا يُعتبر غير صحيح. حيث هو في لبنان حزب سياسي لديه 27 مقعداً برلمانياً من أصل 166 مقعداً تقريباً في البرلمان. لكن حزب الله ميليشيا مسلحة منفصلة عن القوات المسلحة اللبنانية، وهي أكبر من القوات المسلحة اللبنانية. وقد كانت القوات المسلحة اللبنانية ذات تأثير ثابت ومستقر..
هادلي جامبل: وما الحافز لدى حزب الله لإلقاء سلاحه؟
توم باراك: صفر. أعني، هذه هي المشكلة، خاصة عندما تهاجم إسرائيل الجميع. إذا كانت إسرائيل تهاجم سوريا، وتهاجم لبنان، وتهاجم تونس، فإن حجتهم تزداد قوةً يوماً بعد يوم، وهي أننا هنا لحماية اللبنانيين من إسرائيل. لدى إسرائيل خمس نقاط ولن تنسحب منها. لكن حزب الله يُعيد بناء نفسه. وعلى الحكومة اللبنانية أن تتحمل المسؤولية. هذا ليس من واجبنا. ما يريدونه هو أن يأتي دوايت أيزنهاور (الرئيس الرابع والثلاثين للولايات المتحدة من عام 1953 حتى 1961) من جديد. يريدون أن يكون الرئيس ترامب هو دوايت أيزنهاور، بأن يُرسل قوات المارينز الرائعين ويحل كل شيء نيابةً عنهم.
هادلي جامبل: وهذا لن يحدث؟
توم باراك: هذا لن يحدث. ولن يحدث في أي مكان. هذا ليس من وظيفتنا. نحن لن نفعل ذلك ولن نتدخل بأنفسنا في مثل هذا الأمر. سنُقدم لهم المشورة والنصيحة والمساعدة. لكن عليهم هم حل المشكلة بأنفسهم. لذا، على الحكومة اللبنانية، إذا أرادت العودة إلى المسار الصحيح، أن تقول: “سننزع سلاح حزب الله”. إنهم خائفون حتى الموت، بأن هذا قد يُسبب حرباً أهلية. حسناً، هذا كلام فارغ.
هادلي جامبل: ونحن نتحدث عن قيام الجيش اللبناني بنزع سلاح حزب الله؟
توم باراك: إنه الوحيدون الموجودون هناك. لذا، يمكنكِ أن تتعجبي إذا علمتِ أن معظمهم من السنة، وهناك شيعة أيضاً في صفوف الجيش اللبناني. فالجيش مؤسسة جيدة، وتتوفر لديها حسن النية، لكنها تفتقر إلى التسليح والإعداد الجيد. ولكن من سيقاتلون؟ لا نريد تسليحهم. هل سنسلحهم ليقاتلوا إسرائيل. لا أعتقد ذلك. إذاً، هل تسلحونهم ليقاتلوا شعبهم، حزب الله؟ حزب الله عدونا. وإيران عدوتنا. وعلينا قطع رؤوس هؤلاء الأفاعي وإيقاف تدفق الأموال. هذه هي الطريقة الوحيدة لوقف حزب الله. لا يمكن أن نذهب هناك ونطرق باب كل منزل شيعي من حزب الله ونقول لصاحبة المنزل: “معذرةً سيدتي، هل يمكنني أن أدخل وأستخرج الصواريخ وبنادق الكلاشينكوف من قبو منزلكم؟ وإن لم تفعلوا، فسأعتقلكم وآخذكم بعيداً تحت تهديد السلاح.
هادلي جامبل: سيقول كثير من اللبنانيين إن الولايات المتحدة تلعب الآن نفس اللعبة القديمة، كما تعلمون، منذ مرحلة ما بعد الاستعمار، وهي أننا ندفعهم في اتجاه معين ثم نتركهم. وهذا يحدث من إدارة لأخرى. هل يمكنكم أن تردوا على ذلك؟
توم باراك: أقول إن كل ما يفعله اللبنانيون، ولا أقصد بذلك إهانةً أو ازدراءً، هو الكلام. لم يكن هناك فعل واحد قط قاموا به. قلنا لهم: “هل تريدون مساعدتنا؟ سنقدم لكم مساعدتنا”. أعطيناهم دليلاً إرشادياً للقيام بالأمر. لكنهم لا يمكنهم القيام بشيء.
هادلي جامبل: لا يمكنهم التنفيذ؟
توم باراك: لا، إطلاقاً لا. لذا، نقول لهم: “حسناً، لن نقوم نحن بتنفيذ ذلك. هل تعلمون من سيقوم بتنفيذ ذلك؟ اعبروا تلك الحدود. هل ترون أين تقع تل أبيب؟ فتل أبيب هي من ستتولى أمر حزب الله نيابةً عنكم.”
هادلي جامبل: وهذا ما يحدث الآن.
توم باراك: بالتأكيد. لأننا نرى المعلومات الاستخباراتية. بينما يعتقد اللبنانيون أن حزب الله لا يُعيد بناء نفسه، إلا إنه يفعل ذلك. وكما تحدثنا الآن، فهم يُعيدون بناء قدراتهم. ويقول اللبنانيون: “حسناً، نريد فقط وقف إطلاق النار.” حسناً، بالطبع هم يريدون وقف إطلاق النار لأنه في تلك الفترة، فإن هناك تدفق للأموال التي تأتي لحزب الله، فهناك 60 مليون دولار شهرياً تأتي من مكان ما. علينا أن نكتشف ذلك. دعيني أعطيكِ مثالاً. لنفترض أن لديك 25,000 مقاتل نشط من قوات حزب الله. وهو لديه لديك 70,000 مقاتل إجمالاً، وربما لديه 60,000 مقاتل فعلي. فلديك مقاتلين من حزب الله أكثر من قوات الجيش اللبناني. وقوات حزب الله تستلم رواتب تبلغ في المتوسط من 1,000 إلى 2,000 دولار شهرياً للفرد؛ بينما يتقاضى الجندي اللبناني راتب يتراوح من 2,00 إلى 3,00 دولار شهرياً. لذا إذا كنت جندياً لبنانياً، فعليك أن تعمل كسائق أوبر أو تعمل في مقهى أو تعمل في جمع القمامة في عطلات نهاية الأسبوع بدلاً من الذهاب من أجل القتال. وبالإضافة إلى ذلك، يدير حزب الله أيضاً أفضل البلديات. ولديهم الماء والكهرباء وإدارة النفايات لأن إيران تمولهم وترسل هذه الأموال. لذا إذا كنت تريد التخلص من حزب الله، فعليك أن تخنق إيران. المشكلة هي أن كل شيء في لبنان يُدار بطرق غير رسمية، السوق السوداء، كما تعلمون. لذا، يجني الجميع بعض المال من تدفق الأموال لحزب الله. وعندما يقول اللبنانيون إن أمريكا تقول إننا هنا منذ 47 عاماً نفعل الشيء نفسه معكم ولم ينجح الأمر أبداً.
هادلي جامبل: لذا، توقفنا؟
توم باراك: نعم توقفنا عن فعل ذلك. نحن لن ننشر قوات برية على الأرض. وعندما أقول إننا توقفنا، فإن هذا لا يعني أننا سنوقف دعمنا للجيش اللبناني. فكما تعلمون، مكافحة الإرهاب بالتعاون مع الجيش اللبناني هو أمر بالغ الأهمية بحد ذاته، لكن انخراطنا بشكل أكبر أمر مستحيل لأنهم لا يساعدون أنفسهم. لذا، لن نذهب لمواجهة حزب الله والإجهاز عليه عن طريق قواتنا من القيادة المركزية الأمريكية. ستستمر إسرائيل في قصفها لبنان بشكل يومي لأن حزب الله ينقل الصواريخ والقذائف والأسلحة الإيرانية. إنه أمر جنوني.
هادلي جامبل: عن أحمد الشرع، اشرح لي هذا الأمر، لأن الكثيرين سينظرون إلى هذا ويقولون، كما تعلمون، قبل 10 أشهر، كان هذا الرجل في الخطوط الأمامية (في مواجهة الولايات المتحدة). الآن هو الرئيس. إنه يرتدي بدلة وربطة عنق. هل يمكننا الوثوق به؟
توم باراك: لا يوجد خيار آخر. وهو أفضل من ذلك، بالمناسبة. لذا، إذا تحدثنا عن الثقة، بصراحة تامة، في هذا العمل، فأنا لا أثق بأي منهم. فمصالحنا غير متوافقة. وكلمة “حليف” هي كلمة خاطئة. حيث مصالحنا غير متوافقة.
هادلي جامبل: مع النظام السوري؟
توم باراك: لا، مع أي منهم. مع أي أحد في الشرق الأوسط.
هادلي جامبل: بما في ذلك إسرائيل؟
توم باراك: بالتأكيد. مصالحنا تسير في اتجاهات محددة، وهناك معايير لذلك. فهناك أشياء نتوافق معها وهناك أشياء لا نتوافق معها. لذا، لا يوجد هناك اتفاق كامل مع أي أحد. إنها ليست الولايات المتحدة الإسرائيلية أو الولايات المتحدة الخليجية؛ كما أنها ليست الولايات المتحدة التركية أيضاً. قد نجد توافقاً تقتضيه ضرورة المصلحة ونترابط معاً طبقاً لذلك. لكن ليست هناك ثقة عمياء في أي منهم، لا أعتقد أن أحداً حاز هذه الثقة في أي وقت مضى. إنها بالكاد موجودة حتى بين ولاياتنا نحن.
هادلي جامبل: هل يشمل ذلك دول الخليج؟
توم باراك: أجل، بالتأكيد. بالطبع. فدول الخليج هي مَلَكيّات. ونحن ننشر الديمقراطية في جميع أنحاء العالم. بالمناسبة، ما الذي ينجح؟
هادلي جامبل: هل ما زلنا ننشر الديمقراطية؟ هل ما زال هذا موجوداً؟
توم باراك: لا أعرف. لكن يمكنك البحث عنها في جوجل. ولكن إذا نظرت إلى ما نجح، ستجدي أن الملكيات الخيرية ناجحة، أليس كذلك؟ لقد نجحت: قطر، المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة. نعم واجهنا صعوبات في كل تلك الأماكن، في فهم بعض الفروق الثقافية الدقيقة هناك. وكان معظم هذا التوجه للتوافق هو الدفع نحو اتفاقية أمنية، أليس كذلك؟ ماذا يريدون منا؟ لم نعد بحاجة إلى النفط. ماذا كانوا يحتاجون منا؟ الأمن. الآن، هناك خلل بسيط في الأمن. لذا، الجميع يسارعون إلى توقيع اتفاقية أمنية.
هادلي جامبل: هل تعتقد أن هذا ضرر طويل المدى قد حدث بالفعل؟
توم باراك: لا، لا أعتقد.
هادلي جامبل: هل لن نراهم يتجهون أكثر نحو حلفاء آخرين، وخاصةً الصينيين.
توم باراك: نعم، أعتقد أن هذا سؤال جيد جداً. أعتقد أننا سنراهم يقولون ذلك ولكن لا يفعلونه.
هادلي جامبل: هل هذا بسبب رقائق الذكاء الاصطناعي؟
توم باراك: رقائق الذكاء الاصطناعي أمر بالغ الأهمية. وفي دول عظيمة مثل دولة الإمارات العربية المتحدة، فالأمر أشبه بالانتقال من لعبة بوني إكسبريس إلى جهاز كمبيوتر، كما تعلمون، يتجاوزون الهاتف العمومي. لذا، تتطلع الإمارات العربية المتحدة إلى أن تقول إنها ستتجه نحو الذكاء الاصطناعي كمستقبلها. فما الذي تحتاجه لذلك؟ رقائق. لقد عقدوا صفقة مع الولايات المتحدة بقيمة 1.7 تريليون دولار مع مجموعة الـ 42 بطريقة ذكية ومتوازنة للغاية. إنهم ينأون بأنفسهم عن الصين، أحد متطلباتنا في التجارة، وهوارد (وزير التجارة الأمريكي الحالي هوارد لوتنيك) يقوم بعمل رائع في جميع أنحاء شبكة التجارة. أعني أن هناك وضعٌ مُربك آخر فيما يخص الرسوم الجمركية، لكنني أعتقد أنه سيهدأ، وهو الابتعاد عن الصين وروسيا والانضمام إلينا. لكن ماذا يعني الانضمام إلينا؟
هادلي جامبل: إنه رهان مالي ضخم عليهم.
توم باراك: أمر هائل. لذا، علينا دعمهم. لكن هناك الكثير من القضايا المُربكة حول ذلك، الأمر الذي يجعل التقدم أبطأ مما يريده أي شخص. لكننا مُتحالفون معهم في هذا الصدد. وهم يعيشون في منطقة صعبة للغاية.
هادلي جامبل: إذاً، ماذا يعني ضمانٌ أمنيٌّ أمريكي؟
توم باراك: يعني أشياءٌ مُختلفة، أقصد أن هناك أنواعاً مُختلفة من الضمانات الأمنية. هناك مُعاهدة، وهناك ضمانٌ أمني، وهناك تحالف، وهناك جميع أنواع المشاكل التقنية.
هادلي جامبل: نطلب منهم استضافة حماس، ثم يفعلون ذلك، ثم يُضربون بسبب ذلك.
توم باراك: أجل. هذا يعني لا تُفجّروني، أليس كذلك؟
هادلي جامبل: إنه ليس ضماناً لأي شيء.
توم باراك: بالضبط. كان هناك ضمان أمني ضمني، وأعتقد أنه إذا تحدثت مع قطر، فقد تلقوا نفس الضمانة من نتنياهو، أليس كذلك؟ لم تكن هذه مجموعات لا تتواصل مع بعضها البعض. لذا، لن نفهم هذه القضية أبداً. لكن كما تعلمين، إذا نظرت إلى الدبلوماسية، وستجدي أنهم جميعاً أفضل مني بكثير لأنني لست الشخصية الدبلوماسية النموذجية في الحقيقة، فأنا أشبه بجندي مرتزق مدفوع بالأحداث لإنجاز بعض الأمور لهذا الرئيس. لكن الدبلوماسية تعتمد على اتباع نهج تدريجي وهادئ في التعامل مع الأحداث. لذلك لا ينبغي أن تتفاعل بشكل دراماتيكي ومتسرع مع حدث ما. إذ ينبغي النظر للأمور ببعد نظر، حيث تتحقق الأمور بمرور الوقت مع بذل الجهد. وأعتقد أن هذا ما قام به الجميع بمسؤولية. لكن ما حدث كان بمثابة صدمة لمنطقة الخليج وللعالم الإسلامي. في الحقيقة، كانت صدمة للعالم.
هادلي جامبل: عندما تنظر إلى الطريقة التي يرى بها هذا الرئيس الشرق الأوسط وتنظر إلى المسار الذي تحدثنا عنه والمشاكل التي واجهوها لعقود، فما الذي تتوقع أن تُنجزه هذه الإدارة؟
توم باراك: بصراحة، أعتقد، ولا أقصد هنا سياسياً؛ إنما أعني عملياً، فأنا لي دور محدد، مجرد بستاني في حديقة، فأنا لا أراقب العالم أجمع، بل أحاول فقط أن أجعل كل شيء أفضل قليلاً مما وجدته بتوجيه من رئيسي. أعتقد أنكم سترون أشياء لم تروا مثلها منذ 80 عاماً. وسيدفع هذا المنطقة إلى موضع يمكنهم فيه البدء في تأسيس دعائم الازدهار. ومن الأسفل إلى الأعلى، أعتقد أنكم سترون ليس فقط اتفاقيات سلام، بل تحالفاً بين العديد من هذه الدول لم تروه من قبل. فهذا مسار أوسع نحو اتفاقيات أبراهام. لقد كانت اتفاقيات أبراهام فكرة رائعة. الرئيس ترامب وجاريد كوشنر كان لديهما الفضل في هذه الفكرة وقاما بتنفيذها. في ذلك الوقت، بصراحة، اعتقدت أنه من المستحيل أن تبدأ هذا الفكرة. وبالنسبة لإسرائيل، فهذا هو الحل الوحيد. وعليهم في النهاية أن يذهبوا إلى هناك.
هادلي جامبل: هل تعتقد أيضاً أنه (نتنياهو) سيضطر للتراجع عن هذا الطرح بأنه لن تكون هناك دولة فلسطينية أبداً؟
توم باراك: لا، لا أعتقد أنهم سيتراجعون عن ذلك. أعني، ما قالوه هو أن هذه إسرائيل. إذا أردت أن تكون إسرائيلياً، فكن إسرائيلياً. هذا هو موقفهم.
هادلي جامبل: لكن العالم يقول إنه لن يقبل بأقل من حل الدولتين.
توم باراك: العالم لا يستطيع تنفيذ ذلك أو إقناع أحد بتنفيذه. صحيح؟ فهو ليس له أي تأثير على الإطلاق. لذا عندما نقول “العالم”، لا أحد معني فعلياً بالأمر سوى إسرائيل ونحن. لذا نحن نبني علاقات ودية، وقد فعلنا ذلك مع الإسلام والشرق. وبالمناسبة، عليكِ أن تعرفي، أنكِ إذا نظرتِ إلى التركيبة السكانية فقط، سيكون لديك بحلول عام 2040، 2045، 10 مليارات شخص في العالم، سيكون لديكِ منهم 5 مليارات مسلم. 5 مليارات. إذن، هل ستستمر إسرائيل الصغيرة في مواجهة الـ 5 مليارات مسلم؟
هادلي جامبل: ما هي ردة الفعل على الولايات المتحدة؟ نحن نتحدث عن انفجار عدد السكان المسلمين خلال العقود القادمة. ما هي ردة الفعل من تمويل أفعال إسرائيل في غزة؟ أعني، هل توافق على أنها لن تكون جيدة؟
توم باراك: انظري، أعتقد أن الولايات المتحدة منقسمة بشأن هذه القضية وأنه ستأتي النتائج قريباً. إما أن يكون هناك حل يقول الناس إنه يستحق العناء أو سيكون هناك حل لا يستحق العناء ويمكن للناس التصويت بأقدامهم في المرة القادمة.
هادلي جامبل: أخبرني، متى ستزور لبنان مرة أخرى؟
توم باراك: عندما يفيقون من غفلتهم.
هادلي جامبل: متى تتوقع حدوث ذلك؟
توم باراك: لن أضيع وقت الرئيس بعد الآن بالكلام. لقد رسمنا لهم طريقاً. أوضحنا لهم ماهيته. لكنهم يرفضون باستمرار الالتزام به أو اتباعه. أنا أكنّ لهم جميعاً احتراماً كبيراً. وأعلم أن هذا قرار صعب. وأعلم أيضاً أنهم لا يريدون الدخول في حرب أهلية. ولكن لن تكون هناك حرب أهلية. فحزب الله في أسوأ أحواله في التاريخ. وسنساعدهم، ولكن إذا لم يرغبوا في مساعدة أنفسهم، فلن يُضيع الرئيس وقته وجهده في ذلك. سندعمهم (الجيش اللبناني) كما فعلنا دائماً، ثم هم ينتقلون إلى المرحلة التالية.
هادلي جامبل: عندما نتحدث عن قطع رأس الأفعى، هل ستكون هناك حاجة لضربة حاسمة أخرى على إيران لتحقيق ذلك؟
توم باراك: انظري، الشعب الإيراني رائع كما نعلم جميعاً؛ فهو شعب متعلم، واعي، ومتحضر. لا أريد أن أراهم متضررين بأي شكل من الأشكال. وبالنسبة لهذا النظام، فنحن مقبلون على انتخابات منتصف الولاية، وهذا النظام بارع جداً في تأجيل الأمور والانتظار لأن يعود أوباما، أوباما 2.0، وبايدن 3.0، كما تعلمون، حتى لا يكونوا مضطرين إلى التعامل مع رئيس مدفوع بالفعل ورد الفعل. لذا، كما تعلمون، فما ستفعله إسرائيل هو سؤال آخر. لكن يبدو أنهم يسيرون نحو حل المشكلة برمتها، وهي غزة، أليس كذلك؟ أتصور أن مجرد السيطرة على غزة وحزب الله والحوثيين لن يكون مثمراً إذا لم يتم السيطرة على النظام الإيراني. ليس لدي أي معلومات عما سيفعلونه، لكنني لا أستبعد ذلك.
هادلي جامبل: سيدي السفير، شكراً لانضمامك إلينا على برنامج “أون ذا ريكورد”.
توم باراك: شكراً لك. سررت برؤيتك.