
رسائل كلينتون: إيهود باراك كان يخشى عواقب اجتياح غزة في 2012
هذه الوثيقة من إيميلات وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون والتي أرسلها سيدني بلومنتال، المسؤول السابق في مكتب الرئيس بيل كلينتون. وأحد المقربين من هيلاري كلينتون لفترة طويلة، إلى هيلاري رودهام كلينتون، وزيرة الخارجية، والتي أرسلتها بدورها إلى سوليفان جاكوب، نائب كبير موظفي الخارجية الأمريكية آنذاك، وذلك بتاريخ 18 نوفمبر 2012، جاءت بعنوان: ” تقارير مخابراتية مصرية عن مداولات ونقاشات إسرائيلية على المستوى العسكري والداخلي”.
ونسبت الوثيقة المعلومات التي وردت بها إلى مصادر خاصة قالت إنها على اتصال رفيع المستوى مع المجلس العسكري المصري والإخوان المسلمين بمصر، بالإضافة إلى أجهزة مخابرات غربية، وأجهزة أمنية محلية.
وقد جاءت الوثيقة على النحو التالي:
1- في 18 نوفمبر 2012، أخبر الجنرال عبد الفتاح السيسي الرئيس محمد مرسي في حديث خاص بينهما أن المخابرات الحربية المصرية ذكرت أن مصادر اتصالاتها في الجيش الإسرائيلي تواصل التأكيد على أن قيادة المؤسسة العسكرية والسياسية الإسرائيلية منهمكة في جدال محتدم حول كيفية المضي قدما في (حرب) غزة. ووفقاً لمصادر حساسة، فإن ضباط المخابرات المصريين يقومون بالتحقق من المعلومات التي كانت قد وردت من خلال اتصالات دبلوماسية إسرائيلية في جلسات غير معلنة، وتم نقلها إلى الرئيس مرسي ومستشاريه. ويبقى الأمر غير مبتوت فيه، حيث إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يتخذ قراراً بعد بشأن أفضل السبل للمضي قدماً في هذا الأمر.
2- ويرى هذا المصدر أن السيسي يعتقد أنه في حين أن كبار قادة الجيش الإسرائيلي عازمون على شن هجوم بري على غزة، فإن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك وبعض مستشاري بنيامين نتنياهو يعتقدون أنه يمكن تجنب هذا المسار في الوقت الحالي. مما يُشعر الجنرالات الإسرائيليين بالإحباط من إيهود باراك، حيث كان في البداية قد دعم خططهم لتصعيد الهجمات على غزة في مسعى لكي يبرهنوا لحماس أن إسرائيل لديها القدرة العسكرية لتدمير أعدائها. وكان الوزير الإسرائيلي يشعر في هذا الوقت بالقلق من أن دخول قوات الجيش الإسرائيلي إلى غزة سيؤدي إلى خسائر فادحة في صفوف المدنيين، فضلاً عن تكبد القوات الإسرائيلية خسائر فادحة بينما تتحرك في الشوارع الضيقة لمدينة غزة. ويعتقد المصريون أن إيهود باراك بات مقتنعا بأن استخدام أسلحة متطورة من قبل الجيش الإسرائيلي يُظهر التفوق الاستراتيجي لإسرائيل على حماس وأعدائها الآخرين. ويرى الوزير الإسرائيلي أن هذا التطور سيسمح للحكومة الإسرائيلية بقبول وقف لإطلاق النار يضمن إيقاف هجمات حماس الصاروخية على جنوب “إسرائيل”. ووفقاً لهذا المصدر، فعلى الرغم من خطابه نتنياهو العدواني، فإن المخابرات الحربية المصرية مقتنعة بأنه لم يكن يُظهر تبني وجهة نظر أيٍ من الطرفين في هذا النقاش.
3- ووفقاً لهذا المصدر، فسوف يُصرّ إيهود باراك أيضاً على أن أي انتهاك لوقف إطلاق النار الذي يتم التوصل إليه سيؤدي إلى توغل كبير وشرس للجيش الإسرائيلي في غزة، باستخدام جميع الأصول العسكرية التقنية للجيش من أجل تدمير الذراع العسكرية لحماس. ويُبلغ ضباط مخابرات الجيش الإسرائيلي نظراءهم في المخابرات الحربية المصرية خلال اجتماعات التواصل السرية بينهم أن كبار قادة الجيش الإسرائيلي يرون أن هذه الاستراتيجية عبارة عن مضيعة للوقت، حيث ستسمح للجهاز العسكري والأمني التابع لحماس بالاستعداد لما يرون أنه سيتم حتماً استخدامه من قبل الجيش الإسرائيلي. ومن الواضح أن إيهود باراك كان يشعر بالقلق إزاء عدة عوامل إزاء هذا الوضع، ولا سيما رد فعل الشعوب والحكومات في الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية على ما يرجح أن يكون قتالاً دامياً من دار إلى دار في مدينة غزة، وذلك في الوقت الذي كانت الإدارة الأمريكية تدعم فيه حق إسرائيل في الدفاع عن النفس بعبارات قوية. وفي نفس الوقت، فإن إيهود باراك كان يشعر بالقلق إزاء الإنفاق والدعم اللوجستي المرتبط بمثل هذه العملية إذا استمرت لفترة أطول من ستة أسابيع كما خطط لها قادة الجيش الإسرائيلي. ويعتقد المصريون أن إيهود باراك سعيد للغاية بأداء نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي “القبة الحديدية”، والجيل الجديد من الطائرات بدون طيار، وسلاح الجو الإسرائيلي بأكمله. وبناءً على ذلك، فإن الوزير الإسرائيلي يشعر بأن نجاح هذه الأسلحة المتطورة في حماية المدن الإسرائيلية، مع تدمير مدينة غزة، سيكون عامل تذكير لحماس بقوة جيش الدفاع الإسرائيلي.
4- ووفقاً لهذا المصدر، فإن السيسي كان قد نبّه أثناء حديثه الخاص مع الرئيس مرسي أن المعلومات الواردة من جهات الاتصال الخاصة بجيش الدفاع الإسرائيلي يجب النظر إليها بحذر شديد حيث يمكن توقع أن يحاول الإسرائيليون استخدام هذه القناة للتأثير على السياسة المصرية. ومع ذلك، فقد قال إنه يعتقد أن هؤلاء الضباط من الرتب المتوسطة في الجيش الإسرائيلي، والذين سيتعين عليهم القيام بالقتال الفعلي في غزة، يتطلعون إلى التوصل إلى حل دبلوماسي. ومن جانبه، كان مرسي على قناعة بأن الإسرائيليين بشكل عام ونتنياهو على وجه الخصوص لا يمكن التنبؤ بما قد يفعلونه، لكن الرئيس المصري كان أيضاً يرغب في إبقاء خطوط الاتصالات مفتوحة، لا سيما الاتصالات التي يمكن أن تبقى سرية أو غير معلنة.
5- وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذا المصدر الحساس يشير إلى أن مرسي قال للسيسي إنه يشعر بالقلق من أن استمرار العنف في غزة، لا سيما إذا شن الجيش الإسرائيلي هجوماً برياً على حماس، سيهدد استقرار حكومته، وكذلك استقرار الحكومة الانتقالية المنتخبة حديثا في ليبيا. ويعتبر مرسي أن نظامه هو إدارة إسلامية معتدلة، ملتزمة بالعمل مع قيادات الأعمال والحكومات الغربية، وهو الموقف الذي يجعله على خلاف مع أعضاء أكثر تشدداً من بين النخبة الفكرية الإسلامية. وفي نفس الوقت، فإن موقع مرسي في التسلسل الهرمي لجماعة الإخوان المسلمين المصرية يسمح له بدرجة من النفوذ على حماس. وبنفس الطريقة، فإن الرئيس المصري كان يعتقد أن الحكومة الليبية بقيادة الرئيس يوسف المقريف ورئيس الوزراء علي زيدان قد تكون في وضع أشد خطراً؛ حيث يُنظر إليهما (المقريف وعلي زيدان) على أنهما مواليان للغرب ومرتبطَين ارتباطاً وثيقاً بالحكومة الأمريكية ومجتمعات الأعمال. ووفقاً لذلك، ففي حين أن ليبيا ليس لديها نفس المستوى من الصراع في الأمور الدينية كما هو الحال في مصر، فقد أبلغ الرئيس مرسي السيسي أن معاونيه في جماعة الإخوان المسلمين أفادوا بأن الفصائل الإسلامية المحافظة والصغيرة نسبياً في كل من طرابلس وبنغازي تنظر إلى الوضع في غزة على أنه وسيلة لتقويض حكومة المقريف بدعوى عدم دعمها لحماس بمواقف قوية بالقدر الكافي.
6- ويرى هذا المصدر أن السيسي ومرسي سيعملان على استمرارية الاتصالات السرية مع المسؤولين الإسرائيليين وضباط الجيش الإسرائيلي، مع الحفاظ على اتصال قوي مع حماس. ويرى مرسي أيضاً أنه في حين أن الوضع خطير للغاية وأنه لا يمكن التنبؤ بما قد يفعله الإسرائيليون أو حماس على الإطلاق، فإن هذه فرصة لترسيخ دوره كأحد القادة الحقيقيين في المنطقة. وسيكون ذلك صحيحاً بشكل خاص إذا تم النظر إليه على أنه قام بمنع توغل الجيش الإسرائيلي في غزة، مع تقليل مستوى تبادل إطلاق النار الدائر هناك في ذلك الوقت. وفي هذا الخصوص، فإن مرسي يستخدم موقعه في الإخوان للحفاظ على العلاقات مع حماس، بينما يسمح في نفس الوقت بإجراء محادثات غير معلنة أو سرية مع “إسرائيل”. ومن جهته، فقد أضاف السيسي أن نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي “القبة الحديدية” هو أنجع الأسلحة الإسرائيلية في هذه العملية، كما كان يرى مرسي، حيث أدى إلى الحد من حجم الضرر الذي تمكنت حماس من إلحاقه بجنوب “إسرائيل”، وهو ما أعطى نتنياهو مزيداً من الوقت ليقرر أي الطرق سيسلكها بالفعل بخصوص هذه المسألة. وأضاف مرسي أن ما يتعلق بوضع نتنياهو يُشكل مصدر قلق حقيقي له. حيث صرح مرسي أن مصادر اتصالاته في الداخل الإسرائيلي أبلغته أنه يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يتعرض لضغوط شديد؛ ويرى مرسي أنه لذلك يبدو نتنياهو مشتتاً إلى حد ما خلال مناقشات خاصة تتعلق بالخطوات التالية التي يتعين اتخاذها بخصوص غزة.
تنويه: هذا النص العربي هو ترجمة دقيقة للأصل المنشور باللغة الإنجليزية في رسائل هيلاري كلينتون التي تم كشف السرية عنها على أن يتم التعامل مع كامل النصوص، وفق معايير الضبط العلمي والمنهجي عند الدراسة والتحليل.



رسائل هيلاري كلينتون قراءة أولية في وثائق كانت سرية